المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان أخلاقي ضد الكراهية



المعلم
06-12-2007, 11:18 AM
زكي الميلاد
لماذا يكره الإنسان, الإنسان مثله, الذي هو إما أخ له في الدين, أو نظير له في الخلق, أخ له في الدين فلماذا يكره الإنسان الإنسان مثله بسبب الطائفة والمذهب, أو بسبب القوم والعشيرة, أو بسبب النسب والحسب. ونظير له في الخلق فلماذا يكره الإنسان الإنسان مثله بسبب الدين والعقيدة, أو بسبب العرق واللون, أو بسبب اللغة واللسان.
ولماذا يكره الإنسان الإنسان مثله, والخلق كلهم عيال الله, خلقهم من نفس واحدة ذكراً وأنثى, وجعلهم شعوباً وقبائل, جماعات ومجتمعات, ليتعارفوا, لا ليتنازعوا أو يتكارهوا, وأكرمهم عند الله بالتقوى, لا بالحسب والنسب, ولا بالعرق واللون, ولا باللغة واللسان, ولا بالجاه والرفاه.
ولماذا يكره الإنسان الإنسان مثله, على أساس الدين أو المذهب, والدين المعاملة, والله أمرنا أن نقول للناس كل الناس حسناً, مهما كانت ديانتهم ومذاهبهم, كما أمرنا بالعدل والإحسان, وجعل من الكلمة الطيبة صدقة, ونهانا عن الإساءة لكل الناس, وبأي صورة كانت, وتحت أي ظرف كان.
ولماذا يكره الإنسان الإنسان مثله, على أساس العرق واللون, أو اللغة واللسان, والجميع خلق الله الذي أحسن كل شيء خلقه, وخلق الإنسان في أحسن تقويم, وهو الذي صورنا فأحسن صورنا, وجعل من آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم.
ومن هو الإنسان حتى يكره غيره, فهل ينظر مم خلق, خلق من تراب, ثم من نطفة, ثم من علقة, ثم أخرجه طفلاً ليبلغ أشده, ثم ليكون شيخاً, ومنهم من يتوفى من قبل, وليبلغ أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون, والله الذي خلق الإنسان من صلصال من حمأ مسنون كيف له أن يكره غيره.
ومن هو الإنسان حتى يكره غيره, وهو الذي أوله نطفة, وآخره جيفة, وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به. يذكر في التاريخ أنه وقع بين سلمان الفارسي ورجل كلام وخصومة, فقال له الرجل من أنت يا سلمان؟ فقال له سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة, وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة, فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين, فمن ثقل ميزانه فهو الكريم, ومن خف ميزانه فهو اللئيم.
ومن هو الإنسان حتى يكره غيره, وهو المسكين مكتوم الأجل, مكنون العلل, محفوظ العمل, تؤلمه البقة, وتقتله الشرقة, وتنتنه العرقة, فالإنسان الذي هذا هو حاله كيف له أن يكره الإنسان مثله.
وبدل أن ينظر الإنسان إلى غيره عليه أن ينظر إلى نفسه, فهو أعرف بنفسه من غيره, بل الإنسان على نفسه بصيرة, فالذي يعرف نفسه ومن هو؟ هل يحق له أن يكره غيره.
ومن كره غيره فكأنما كره نفسه وكره الناس جميعاً, لأن من كره نفساً فكأنما كره الناس جميعاً, ومن أحب نفساً فكأنما أحب الناس جميعاً, فالله خلق الناس من نفس واحدة.
ومن يكره غيره البعيد, سوف يكره لاحقاً غيره القريب, ومن ثم الأقرب فالأقرب, لأن الكراهية لا حدود لها ولا حصون, ومن يكره سوف يبتلى بالكراهية, ومن يبتلى بها يمكن أن يكره حتى أقرب الناس إليه.
ومن يكره غيره سوف يكرهه الآخرون القريب منهم والبعيد, لأن الناس بطبعهم لا يحبون الكراهية, وينفرون من الذي تصدر منه مثل هذه الكراهية.
ومن يكره غيره سوف يجلب على نفسه الكراهية, فالذين تكرههم سوف يكرهونك, ولن يبادلوك المحبة قطعاً, إلا الذي يدفع بالتي هي أحسن, وهؤلاء هم قلة نادرة من الناس, ولعل هناك من يبادل الكراهية, بكراهية أشد وأعنف وأقبح وأكثر ما يتصور, فلماذا يوضع الإنسان نفسه في موضع كراهية الآخرين, وما هو مكسبه من هذا الفعل, فلا شك أن مكسبه هو رد فعل الآخرين بكراهية مثلها.
وهل يقبل الإنسان أن يكرهه الآخرون حتى يكره غيره, فالذي لا يريد أن يكرهه الآخرون عليه أن لا يكره غيره