المعلم
04-11-2007, 10:41 AM
سعد بن محمد الموينع
قول أبو القاسم الشابي في قصيدته (إرادة الحياة):
إذا ما طمِحتُ إلى غايةٍ
ركبتُ المُنى ونسيتُ الحذر
ولمْ أتجنّب وعورَ الشِعاب
ولا كُبّة اللَّهَبِ المُستَعِرْ
ومن يتهيّب صُعودَ الجبال
يعشْ أبد الدهر بينَ الحُفر
إن كثيراً من الشباب يأملُ في الحصول على مراتبَ عالية ومنازل مرموقة غير أن بعضهم ليس لديه الاستعداد للتضحية في سبيل تحقيق هدفه.
وأعجبتني أبياتٌ من الشعر العربي وهي لأبي فراس الحمداني ويقولُ فيها:
ونحنُ أناسٌ لا توسُّط عِندنا
لنا الصدرُ دونَ العالمينَ أو القبرُ
تهونُ علينا في المعالي نُفوسُنا
ومن خطبَ الحسناءَ لمْ يُغلِها المهرُ
ولعل أبا فراس يشير إلى أن من أراد المعالي فعليه أن يعمل لها وأن لا يمنعه صعوبة الحصول عليها من الجد والاجتهاد ومن أراد المرأة الحسناء لم يمنعه عنها غلاءُ مهرها. وإذا كان للإنسان طموحٌ في الحصول على أمر عظيم فلا بد من التضحية من أجل هذا الأمر وبذل كل ما يملك ولا بد من تجشم الصعاب حتى يتحقق له مبتغاه ويحصل له هدفه ومراده. يقول أبو الطيب المتنبي:
وإذا كانتِ النفوسُ كباراً
تعِبتْ في مُرادها الأجسامُ
إن الخلود للراحة والاشتغال بما لا ينفع من أهم المعوقات التي تحول دون تحقيق المعالي يقول شوقي -رحمه الله-:
شبابٌ قانعٌ لا خيرَ فيهم
وبوركَ في الشبابِ الطامحينا
ويختلف الشباب في الطموح وعلو الهمم، فمن الشباب فمن تكون له همة عالية وطموحٌ كبير، ومنهم من تكون همته في أمور حقيرة لا تنفعه في الدنيا ولا في الآخرة، ولله در المتنبي يوم قال:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وكذلك أحسن يوم قال:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومٍ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
فطعمُ الموت في أمر حقير
كطعم الموتِ في أمر عظيمِ
إن فرص الحياة ربما لا تكرر لذا ينبغي للشباب أن يستغلوا الفرص المتاحة لهم لأن الفرصة تتوفر اليوم وتذهب في الغد، وما دام للإنسان استطاعة وقدرة على استغلال الفرص فليبادر ولا يعجز، وربما تتوفر الفرص في زمن لا يستطيع استغلالها لعجز أو ضعف لذلك جاء التوجيه النبوي الكريم من معلم الناس الخير محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك"، وأعجبني قول الشاعر بن هندو:
إذا هبتْ رياحُك فاغتنمها
فعُقبى كل خافقةٍ سُكونُ
وكذلك أعجبني ما قاله سعيد بن المبارك بن الدهان:
بادرْ إلى العيش والأيامُ راقدةٌ
ولا تكنْ لصروفِ الدهر تنتظرُ
فالعمرُ كالكأس يبدو في أوائله
صفواً وآخرُهُ في قعرهِ كَدرُ
إن قضية علو الهمة والتضحية في سبيل الحصول على الرتب العالية موجودة منذ زمن بعيد وفي كل العصور وحتى في الجاهلية وأعجبني طموح الشاعر الجاهلي المفاخر بشجاعته الحصين بن الحمام المري حين قال:
فلستُ بمبتاع الحياة بذلةٍ
ولا مُرتقٍ من خشيةِ الموتِ سُلما
تأخرتُ استبقي الحياة فلم أجدْ
لنفسي حياة مثل أن أتقدما
فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
ولكن على أقدامنا يقطرُ الدما
ولا شك أن المقاصد تختلف وأن الأهداف تتباين فمن الناس من تكون غاياته في أمور محمودة من المروءة ومكارم الأخلاق وأنعم بها من أهداف وأكرم بها من غايات ولا شك أن السعي لتحقيقها من أعظم المقاصد وأجل الأعمال، وإن من الناس من تكون له غايات ومقاصد فيها من الدناءة والرذيلة والفساد والإفساد فبئس المقاصد والغايات فصاحبُ الهمة العالية ومقصده حسن يبني المجد له ولأمته وهو عنصر فعال في المجتمع أما صاحب الهمة العالية مع المقاصد السيئة فهو معول هدم ومحور شر في المجتمع يقول الشاعر العربي:
متى يبلغ البنيانُ يوماً تمامُهُ
إذا كنتَ تبنيه وغيرُك يهدمُ
وتوجدُ أسبابٌ تعلو بها الهمم وتسمو بها المقاصد لعل من أبرزها التربية الصالحة من لدن الوالدين قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6)سورة التحريم، إن هذه الآية الكريمة فيها الدلالة على أهمية التربية الصالحة للولد ومن التربية الصالحة تربية الفتى على علو الهمة وحسن المقاصد، وقال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوهُ
ومن الأسباب المعينة على حصول الهمة العالية توجيه المعلمين والمربين للشباب، فكم أَثَّر معلمٌ في طلابه الهمة العالية، وكم زرع المربي المقاصد الحسنة في نفوس التلاميذ، فالواجب على المربين عظيم والمسؤولية كبيرة فيما يتعلق بتربية الطلاب على الهمة العالية والله الموفق.
قول أبو القاسم الشابي في قصيدته (إرادة الحياة):
إذا ما طمِحتُ إلى غايةٍ
ركبتُ المُنى ونسيتُ الحذر
ولمْ أتجنّب وعورَ الشِعاب
ولا كُبّة اللَّهَبِ المُستَعِرْ
ومن يتهيّب صُعودَ الجبال
يعشْ أبد الدهر بينَ الحُفر
إن كثيراً من الشباب يأملُ في الحصول على مراتبَ عالية ومنازل مرموقة غير أن بعضهم ليس لديه الاستعداد للتضحية في سبيل تحقيق هدفه.
وأعجبتني أبياتٌ من الشعر العربي وهي لأبي فراس الحمداني ويقولُ فيها:
ونحنُ أناسٌ لا توسُّط عِندنا
لنا الصدرُ دونَ العالمينَ أو القبرُ
تهونُ علينا في المعالي نُفوسُنا
ومن خطبَ الحسناءَ لمْ يُغلِها المهرُ
ولعل أبا فراس يشير إلى أن من أراد المعالي فعليه أن يعمل لها وأن لا يمنعه صعوبة الحصول عليها من الجد والاجتهاد ومن أراد المرأة الحسناء لم يمنعه عنها غلاءُ مهرها. وإذا كان للإنسان طموحٌ في الحصول على أمر عظيم فلا بد من التضحية من أجل هذا الأمر وبذل كل ما يملك ولا بد من تجشم الصعاب حتى يتحقق له مبتغاه ويحصل له هدفه ومراده. يقول أبو الطيب المتنبي:
وإذا كانتِ النفوسُ كباراً
تعِبتْ في مُرادها الأجسامُ
إن الخلود للراحة والاشتغال بما لا ينفع من أهم المعوقات التي تحول دون تحقيق المعالي يقول شوقي -رحمه الله-:
شبابٌ قانعٌ لا خيرَ فيهم
وبوركَ في الشبابِ الطامحينا
ويختلف الشباب في الطموح وعلو الهمم، فمن الشباب فمن تكون له همة عالية وطموحٌ كبير، ومنهم من تكون همته في أمور حقيرة لا تنفعه في الدنيا ولا في الآخرة، ولله در المتنبي يوم قال:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وكذلك أحسن يوم قال:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومٍ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
فطعمُ الموت في أمر حقير
كطعم الموتِ في أمر عظيمِ
إن فرص الحياة ربما لا تكرر لذا ينبغي للشباب أن يستغلوا الفرص المتاحة لهم لأن الفرصة تتوفر اليوم وتذهب في الغد، وما دام للإنسان استطاعة وقدرة على استغلال الفرص فليبادر ولا يعجز، وربما تتوفر الفرص في زمن لا يستطيع استغلالها لعجز أو ضعف لذلك جاء التوجيه النبوي الكريم من معلم الناس الخير محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك"، وأعجبني قول الشاعر بن هندو:
إذا هبتْ رياحُك فاغتنمها
فعُقبى كل خافقةٍ سُكونُ
وكذلك أعجبني ما قاله سعيد بن المبارك بن الدهان:
بادرْ إلى العيش والأيامُ راقدةٌ
ولا تكنْ لصروفِ الدهر تنتظرُ
فالعمرُ كالكأس يبدو في أوائله
صفواً وآخرُهُ في قعرهِ كَدرُ
إن قضية علو الهمة والتضحية في سبيل الحصول على الرتب العالية موجودة منذ زمن بعيد وفي كل العصور وحتى في الجاهلية وأعجبني طموح الشاعر الجاهلي المفاخر بشجاعته الحصين بن الحمام المري حين قال:
فلستُ بمبتاع الحياة بذلةٍ
ولا مُرتقٍ من خشيةِ الموتِ سُلما
تأخرتُ استبقي الحياة فلم أجدْ
لنفسي حياة مثل أن أتقدما
فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
ولكن على أقدامنا يقطرُ الدما
ولا شك أن المقاصد تختلف وأن الأهداف تتباين فمن الناس من تكون غاياته في أمور محمودة من المروءة ومكارم الأخلاق وأنعم بها من أهداف وأكرم بها من غايات ولا شك أن السعي لتحقيقها من أعظم المقاصد وأجل الأعمال، وإن من الناس من تكون له غايات ومقاصد فيها من الدناءة والرذيلة والفساد والإفساد فبئس المقاصد والغايات فصاحبُ الهمة العالية ومقصده حسن يبني المجد له ولأمته وهو عنصر فعال في المجتمع أما صاحب الهمة العالية مع المقاصد السيئة فهو معول هدم ومحور شر في المجتمع يقول الشاعر العربي:
متى يبلغ البنيانُ يوماً تمامُهُ
إذا كنتَ تبنيه وغيرُك يهدمُ
وتوجدُ أسبابٌ تعلو بها الهمم وتسمو بها المقاصد لعل من أبرزها التربية الصالحة من لدن الوالدين قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6)سورة التحريم، إن هذه الآية الكريمة فيها الدلالة على أهمية التربية الصالحة للولد ومن التربية الصالحة تربية الفتى على علو الهمة وحسن المقاصد، وقال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوهُ
ومن الأسباب المعينة على حصول الهمة العالية توجيه المعلمين والمربين للشباب، فكم أَثَّر معلمٌ في طلابه الهمة العالية، وكم زرع المربي المقاصد الحسنة في نفوس التلاميذ، فالواجب على المربين عظيم والمسؤولية كبيرة فيما يتعلق بتربية الطلاب على الهمة العالية والله الموفق.