المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعطير الصفحتين بشي من تاريخ الينبعين



أبن غنيم المرواني
09-09-2007, 11:20 PM
تعطير الصفحتين بشي من تاريخ الينبعين



بسم الله الذي هدى وألهم , وعلم الإنسان ما لم يعلم , والحمد لله الذي علمنا ما لم نعلم , وهدانا لسير على صراطه الأقوم , وأخرجنا من ظلمات الكفر الأظلم , وهدانا لإتباع نبيه ذو الجبين الميسم , صلى اللهم عليه صلاة دائمة وأنعم , وعلى آله شامة الأنجم , وعلى أصحابة ذوي المجد الأعظم , صلاة دائمة ما تفتح زهر وتبسم ..
وبعد :
امتنانا وإحسانا لهذا الموضع المبارك المسمى الينبع وإكمالا لمسيرة من سبقنا في هذا المضمار من أبناء ينبع البررة ورجالها الأوفياء وخيارها الأدباء من أمثال الابن البار لتلك الديار عبد الكريم الخطيب رحمة الله إن كان ميتا وحفظة المولى إن كان حيا , وكذلك باحث الجزيرة الشيخ حمد الجاسر رحمة الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جنانه وكذلك أخينا الشيخ الفاضل ناجي بن تركي الهزاعي الشريف مؤلف كتاب : الجمان في تاريخ ينبع على مدار الزمان .


وإنه ليسعدني أن أنثر بين يدي القارئ من أهل هذه البلاد المباركة ومحبيها هذه الشذرات المتناثرة البسيطة من تاريخ هذا البلاد العزيزة .. عسى أن يجد أحد أدبائها بغيته فيها فينشط عما كسلت عنه همتي ولم تبلغه أمنيتي ويؤرخ أو يكتب عن تاريخ هذه البلاد فلعله يستفيد ببعض مما في هذه الرسالة.. وإني لأعلم أنني لست بأهل لذلك ولكن قلة الكتابة عن تاريخ هذه البلاد الينبع بلاد جهينة هو ما دفعنا لأن نلج ما ولجنا فيه ونسأل الله أن يوفقنا فيه .. هذا وسوف كما هو موضح بعنوان الرسالة سأقتصر في الكتابة على بعض ما فات أولئك الباحثين والأدباء خلال كتابتهم عن تاريخ هذه البلاد ولا أدعي الحصر ولا الكمال ولست متبحرا بهذا المجال ولكن ما نقصده هو أن تكون المراجع والشذرات التي سنذكرها في هذه الرسالة مرجعا لمن أراد الكتابة عن تاريخ هذه البلاد
وسأذكر بعون الله ما توفر لدي وملكته يدي من مراجع لتكون مرجعا لمن أراد أن يكتب عن تاريخ ينبع فمن تلك المراجع ما يلي :


1.( بلاد ينبع , لمحات تاريخيه جغرافية , وانطباعات خاصة ) :
تأليف : العلامة الباحث حمد الجاسر , رحمة الله , وهو من أفضل ما كتب عن تاريخ هذه البلاد وكل من جاء بعده هم عيال عليه في مؤلفه وتاريخه المشار إليه .
2.( موسوعة تاريخ ينبع ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب , ولم أقف عليها ولكنه ذكر في أحد كتبه أنها جاهزة للطبع فلا أدري هل وفى بما وعد أم لا ؟ .
3.( تاريخ ينبع ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب . وهو يقع في مجلد لطيف وقد أطال المؤلف في التحدث فيه عن حال ينبع في عصره والعصر الذي قبله بقليل .
4.( الجمان في تاريخ ينبع على مدار الزمان ) , تأليف : ناجي بن تركي الهزاعي الشريف , وهو تاريخ لا بأس به من ناحية التراجم وقد ألتزم فيه مؤلفة بالترجمة لمشاهير هذه البلاد ومن نزلها من المتقدمين وقد فاته الكثير , ومما يؤخذ على المؤلف ضعف كتابه من الناحية التاريخية والجغرافية بل نكاد نقول أنه لم يتحدث عن جغرافية ينبع وكذلك مبالغته في الترجمة حتى أننا نكاد نقول أنه كتاب ترجمة وليس كتاب تاريخ , وكذلك كثرة نقلة وقلة تعليقاته على ما يورده من أخبار حتى أنك لو عددت تعليقات وتعقيبات المؤلف على ما ينقله لما تجاوز ذلك خمس ورقات !! .
5.( شعراء ينبع وجهينة ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب , ويقع في مجلد وقد أحسن المؤلف في إخراجه وأجاد وقد جمع فيه بعض شعراء بلاد ينبع وجهينة وفاته البعض منهم .
6.( شعراء ينبع وبنو ضمرة ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب , ويقع في مجلد وهو عبارة عن ترجمة لشاعر الينبعي كثير بن عزة وعن حياته وبعض قصائده لعشيقته عزه !! ولم يلتزم بالعنوان الذي وضعه وهو شعراء ينبع ولا أدري ما السبب !!
7.( أدب من رضوى ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب . وهو عبارة عن ترجمه لأحد شعرائها , ليس فيه كثير فائدة . 11
.( رجال واسر من ينبع ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب , ويقع في مجلد وهو عبارة عن ترجمة لرجال ومشاهير بلاد ينبع المتأخرين وفيه تراجم لعلماء ومشايخ وأمراء قبائل أنفرد بالترجمة لهم حتى أنك تكاد ألا تجد لهم ترجم إلا في مؤلفه هذا ! , ومن ذلك ترجمته لشيخ قبائل جهينة الشيخ : سعد بن غنيم - رحمة الله – فقد أنفرد بشي من أخبار هذا الرجل الذي أرى أنه لا تزال ترجمته مغمورة , وبخاصة إذا نظرنا إلى مكانته المعروفة !! ومؤلفه هذا هو زيادة على الباب الذي أفرده بتاريخه تاريخ ينبع .
8.( تاريخ جهينة ) , تأليف عبد الكريم الخطيب , ويقع في مجلد لطيف ذكر فيه نسب قبيلة جهينة وأفخاذها ومواطنها في جزيرة العرب ومصر والسودان وسبب هجرتها من نجد في الجاهلية واستقرارها في الحجاز وغيرها من الأبواب وقد فاته الشيء الكثير عن فضائل هذه القبيلة العظيمة , ومما يؤسف أنه إلى اليوم لم تقر أعيننا بمؤلف يتناسب مع حجم ومكانة هذه القبيلة العظيمة !! .
9.( ينبع ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب , ويقع في مجلد متوسط الحجم وقد قسمه إلى عدة أبواب , وقد أنفرد بمعلومات وأخبار لم يذكرها في مؤلفاته السابقة وبخاصة في باب : جغرافيتها وموقعها وأوديتها وتضاريسها وجبالها , وكذلك في باب : ينبع في العصور التاريخية .
10.( ملامح من تاريخ ينبع ) تأليف : الأستاذ الأديب صالح بن عبد اللطيف السيد , حفظه الله , ويقع في مجلدين كما سمعنا وللأسف الشديد أنني لم أقف عليه – في الوقت الحاضر على الأقل – فنظرة إلى ميسره إن شاء الله , لنتمكن من الحصول عليه , وقد صدر حديثا لعلة بتاريخ 1427 هـ .
12.( العيص ) , تأليف : الدكتور معتاد بن عبيد السناني الجهني , ويقع في مجلد متوسط الحجم ولا بأس به من الناحية الجغرافية , وقد فاته الكثير خلال حديثة عن الناحية التاريخية للعيص .
13.( ينبع النخل في الماضي والحاضر.) , تأليف : أحمد بن سعيد , ولا أعلم في كم مجلد يقع ولم أقف عليه .
14.( شاعر من ينبع ) , تأليف : عبد الكريم الخطيب , ويقع في مجلد وهو ترجمة لشاعر الينبعي حسن عبد الرحيم القفطي مع ذكر لبعض من أشعاره .
16.( المؤلفات عن الرحلات ) حيث أن ينبع تقع على طريق قوافل ورحلات الحج ولذلك أفرد لها كثير من الرحالة باب في مؤلفاتهم ورسائلهم ويكاد لا يخلو كتاب يفرد في الرحلات إلا ويذكر فيه ما يتعلق بهذه البلاد .
هذا ما يحضرنا في هذه الأسطر وإلا فالمراجع أكثر من هذه وحسبنا أننا قد ذكرنا ما وقع بين أيدينا منها .. وأود أن أنوه إلى أنه قد نقل العلامة الباحث حمد الجاسر في مقدمة كتابه : ( بلاد ينبع ) قول القطبي حيث قال : ( وقد ألف السيوطي رسالة عن ينبع ) ثم نقل الجاسر نص قوله في ص 38 من مخطوطة كتاب القبطي وهو : ( الفوائد السنية في الرحلة المدنية والرومية ) حيث قال القطبي بالنص : ( وللجلال السيوطي تأليف مستقل في الينبع ) , وقال الجاسر عقب ذلك : إلا أنها غير معروفة الآن لدي , ونقل ذلك عبد الكريم الخطيب في كتابه ينبع ولم يعلق على ذلك .
( قلت ) : وكذلك نحن لم نقف على ذكر لهذه الرسالة التي ذكرها القطبي ولا علم لدينا عن مؤلف للسيوطي بهذا الاسم ولا نعلم هل هو كتاب أم رسالة صغيره ؟؟ وإن كان قول القطبي يشير إلى أنه كتاب وقد بحثت بحسب ما توفر لدي من مصادر عن أثر لهذا الكتاب فلم أظفر بذلك .. وبحثت كذلك في كتاب : ( دليل مؤلفات السيوطي المطبوعة والمخطوطة ) ولم أجد أي ذكر لذلك !! , وما وجدته من مؤلفاته هو : ( الينبوع فيما زاد على الروضة من الفروع ) وهذا المؤلف لا يزال مخطوط إلى الآن حسب علمنا وأغلب الظن أنه في باب الفقه وفروعه , وقد وجدت بعض من نقل عنه ذلك حيث ذكر منه باب أوقاف المسجد النبوي .. وغالب الظن أن هذا الكتاب الذي ذكرناه ليس هو المراد وبخاصة أن القبطي هذا وهو قطب الدين المكي المؤرخ الحنفي المتوفى سنة 988 هـ مؤلف كتاب : ( إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام) .. – وهو مطبوع - والمؤلف يبدوا أنه قد عاصر السيوطي حيث أن السيوطي توفي سنة 911 هـ , فهو إذا قريب عهد منه إن لم يعاصره , فلا يعقل أن يهم أو يغلط في النقل عنه ! .. وكذلك العلامة الجاسر رحمة الله لا يعقل أن يغلط في قرأه المخطوط أو أن يصحف حيث أنه متمرس على ذلك .. إلا أن يكون التصحيف من الناسخ للمخطوط فالله أعلم بالحال ,



ولعل أحد باحثي هذه البلاد المباركة الينبع تنشط همته للبحث عن هذا المؤلف فهو إن وجد وصح خبره فهو تاريخ حافل لهذه البلاد لم يؤلف مثله.. تنبيه أخير نود أن نشير لكل باحث ومهتم ممن يرد البحث عن هذه البلاد وتاريخها في أمهات الكتب فسوف يجد في مؤلفات المتقدمين مصطلحات خاصة عن هذه البلاد ( ينبع ) حيث يذكرون لها عدة أسماء فمنها قولهم : ( ينبع , الينبع , بالينبع , ينبوع , الينبوع , بالينبوع ) وفي تراجم أهلها تجد قولهم : ( الينبعي , الينبوعي ) ومن مارس النظر في كتب المتقدمين يجد ذلك حيث أنهم يكثرون من هذه الأسماء فلا تغتر وتظن أنها لا تخص ما تبحث عنه فأنتبه لذلك بارك الله فيك .. وقد نبه على هذه المصطلحات الشيخ حمد الجاسر رحمة الله في مقدمة كتابه ( بلاد ينبع ) وذكر مصطلحين فقط ونحن بدورنا أكملنا بقية المصطلحات .. وأود كذلك أن أنوه إلى أنني في هذه الشذرات التاريخية سوف ألتزم بإيراد بعض ما فات من كتبوا في هذا الباب وذلك لكي لا نعيد ما كتبوا فمن أراد الإستزاده فعليه بتلك المراجع التي ذكرناها ومما يؤسف أن جل تلك المؤلفات التي ذكرناها تكاد أن تكون نادرة جدا وذلك لأنها طبعات قديمة طبعة في زمن مؤلفيها والمستغرب هو عدم إعادة طباعتها !! وذلك لكي يقتنيها من أراد البحث والتنقيب وقرأه تاريخ هذه البلاد .. هذا ونسأله سبحانه أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهة وأن ينفع بما كتبنا وأن يغفر لكاتب هذه الرسالة وقارئها .
...

أبن غنيم المرواني
09-09-2007, 11:26 PM
["]
قبل أن نبدأ بعون الله هذه السلسلة من الرسائل التاريخية عن بلاد الينبعين :

أود أن أشير إلى أن هذه السلسلة إنما هي في أساسها موجهة إلى الباحثين والمهتمين بتراث ( بلاد الينبعين ) لكي يستدرك من كتب عن تاريخ هذه البلاد ما فاته ولن أزعم أنني سأذكر جميع ما فاتهم فهذا القول صعب تطبيقه ولسنا بأهل لذلك ولكن حسبنا أننا نستدرك بما علمناه وعرفناه وفوق كل ذي علم عليم , وأود أن أشير إلى أنني سأسعى جاهدا بأسرع وقت ممكن للحصول على كتاب أستاذنا القدير والفاضل الأديب / صالح عبد اللطيف السيد ( حفظة الله ) , المسمى : ( ملامح من تاريخ ينبع ) والحقيقة أنني ذكرت في مقدمة هذه الرسالة أنه يقع في مجلدين وحقيقة الأمر أن ذلك خطأ ووهم مني أستغفر الله منه حيث أنه قد صحح لي أحد الإخوة جزاه الله خيرا هذه المعلومة فذكر لي أنه يقع في أربعة مجلدات وأن المجلدين الأخيرين قد ألحقهما بالجزئين الأولين وأنه في الوقت الحاضر ليس متوفرا إلا في بلاد ينبع والجزئين الأولين يقعان في تاريخ ينبع والجزئين الأخيرين في ملامح الشعر والأدب في بلاد ينبع الأول في أدب الفصحى والثاني في الأدب الشعبي وخلال اليومين القادمين بإذن الله سيصلنا كاملا بحكم أننا لسنا من سكان بلاد الينبع ..

( غزوة العشيرة وموضعها والمسجد الذي صلى فيه النبي في بلاد ينبع هل صح خبرهما وأين موقعهما ؟؟ ) :

خلال بحثي بين صفحات الكتب للبحث عن تاريخ وأثار بلاد ينبع أرض جهينة من أهم المعالم والآثار وأشرفها التي لفتت انتباهي هي ذلك الأثر الشريف الذي شرف الله به هذه البقعة دون غيرها من سائر البقاع وهو أنها كانت ممرا ومصلى لخير البشر محمد صلى الله عليه وسلم , خير من نطق بالضاد , ووطئت قدمه المهاد , وبحكم أنه قد ذكر وروي بالإجماع أن له في هذه البقعة مصلى قد صلى فيه هو وأصحابه ليس ليوم أو يومين أو أسبوع أو أسبوعين إنما لشهر كاملا على الصحيح من الأخبار شهرا كاملا وبلاد الينبع تتطيب من آثار أقدمه الشريفة وأرضها ترتوي مسكا من قطرات عرق جبينه الشريفة من مواضع سجداته الكريمة إنه في بلاد الينبع وتحديدا في العشيرة وإليها قد نسبت الغزوة فسميت بها وقد حاولت أن أجد وصفا دقيقا يحدد لنا موضع ومكان رسم مسجد العشيرة وهو المسجد الذي صلى فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه خلال غزوة العشيرة فلم أجد له أي ذكر أو أثر في الوقت الحاضر وجل أثاره وأخباره هي نقول أقول المؤرخين الذين ذكروه ووصفوه في الزمن الغابر لمن أتى بعدهم , وأغلب المعاصرين قد اختلفوا في موضع تحديده اختلافا كثيرا يصعب معه الجزم بموضع تحديده , أما سبب تسمية الغزوة التي غزاها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسجد الذي صلى فيه باسم ( العشيرة ) فذلك بسبب أنه تلك الغزوة قد وقعت في بلاد ينبع وتحديدا في ينبع النخل في موضع العشيرة , ورسم العشيرة ليس خاصا ببلاد ينبع فهناك مواقع ورسوم أخرى في جزيرة العرب توجد فيها مواضع تسمى بالعشيرة , ولكن ليس هناك خلاف في أن عشيرة التي سميت باسمها تلك الغزوة تقع بجوار سيف البحر في أرض جهينة من بلاد ينبع وسيأتي معنا رسم تلك المواقع بمشيئة الله ..

وأود أن أشير إلى أنه ليس المقصد من وضع هذه الرسالة هو الجزم بموضع ورسم مسجد العشيرة وموقع الغزوة وذلك لسببين أولهما : أنني لست خبيرا بهذا الشأن فنترك ذلك لأهل الاختصاص فهم أولى وأعلم منا .. والثاني : هو أننا لا نسكن قريبا من تلك الديار ولم نشاهد المواضع التي أشار إليها بعض المعاصرين وصورها ونقل القول بأنها آثار المسجد ورسم وموقع الغزوة إلا من خلال الصور فيصعب مع ذلك نفي أو إثبات ذلك , ولكن جل ما نصبوا إليه من وضع هذه الرسالة هو جمع الروايات والأخبار التي أشارت إلى موضع المسجد أو الغزوة علها تعطي فكرة عن موضع المسجد وتحديده ,,

( العشيرة ورسم مواضعها واستخراج معانيها في اللغة العربية ) :

روي أنها العشيرة أول غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ..

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
وأما العشيرة فلم يختلف على أهل المغازي أنها بالمعجمة والتصغير وآخرها هاء قال بن إسحاق هي ببطن ينبع وخرج إليها في جمادى الأولى يريد قريشا أيضا فوادع فيها بني مدلج من كنانة .

وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب في كتابه " ينبع " :
ومسجد ينبع معروف ببطن ينبع وهو مسجد القرية التي ينزلها الحاج المصري بينبع في ذهابه وإيابه والعين اليوم الجارية عنده لكنه لا يعرف بهذا الاسم .

" قلت " هذا القول نقله الخطيب من كلام السمهودي المتوفى سنة 911 هـ في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " حيث يقول : ( ومسجد العشيرة معروف ببطن ينبع وهو مسجد القرية التي ينزلها الحاج المصري بينبع في وروده وصدوره ) وقال أيضا : ( ومسجد العشيرة معروف ببطن ينبع وهو مسجد ينبع بعين بولا , قلت وعنده عين جارية لكنها لا تعرف بهذا الاسم ) وقد نقل هذا القول كذلك الجزيري المتوفى سنة 977هـ في كتابه " درر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة "
.
وفي هذا الخبر عدة أمور مهمة قد يستنتج منها حال ومآل مسجد العشيرة وتحديد موقعة وموقع غزوة العشيرة :
ولكنها تحتاج إلى وقفة ونظر وتحليل من الباحثين وأهل التاريخ والآثار حيث أكد السمهودي وهو المتوفى في بداية القرن التاسع سنة 911 هـ أن مسجد العشيرة لا يزال قائم إلى ذلك الوقت بل ومعروف موقعة ومحله في بلاد الينبع ونقل هذا القول أيضا الجزيري المتوفى على مشارف القرن العاشر سنة 977هـ ولم يعلق على كلام السمهودي بل ارتضاه ولم يعقب عليه ولو كان مسجد العشيرة غير معروف حاله ولا موضعه لعلق الجزيري على قول السمهودي الذي نقله .. ويستنتج من ذلك أن مسجد العشيرة كان إلى القرن العاشر أي إلى عام ألف من الهجرة وهو معروف موضعه ورسمه فما ذا حدث بعد ذلك ؟ ومتى اختفت معالم ذلك المسجد ؟ قد سبقنا إلى الإجابة عن هذا التساؤل شيخنا وأستاذنا الفاضل - أطال الله بعمرة –الدكتور الأديب / عبد الكريم الخطيب في تاريخه " تاريخ ينبع " حيث يقول : ( ومن الآثار في ينبع النخل ( مسجد العشيرة ) وكان معروفا إلى القرن العاشر ) وهذا يقوي ما سنجزم به من أن مسجد العشيرة قد اختفى في ما بين القرنين العاشر والحادي عشر أي من بداية عام 1000 هـ إلى نهاية 1100 هـ في هذه الفترة تحديدا اختفت معالم مسجد العشيرة لسبب من الأسباب لا يعلمها إلا الله . وكل القرائن والشواهد والأخبار تدل على ذلك لأنه من في القرن الثاني عشر وهو عام 1200 هـ وصلتنا أخبار عن أجدادنا الذين عاشوا في ذلك القرن وقد نقل أستاذنا عبد الكريم الخطيب في تاريخه أنه التقى رجل من أهل الينبعين من المعمرين وقد خنق المائة سنة ويذكر أحداث قد تصل إلى ذلك القرن , بل وزيادة على صحة هذا الاستنتاج أنه قد وصلتنا قصص وأشعار عن من عاشوا في ذلك القرن فلو فرضنا وجود مسجد العشيرة في القرن الثاني عشر ألا يصلنا شي من أخباره ؟؟ ولكن الحقيقة لم يصلنا شي من أخباره لأنه قد اختفى قبل القرن الثاني عشر بقرنين كما ذكرنا ,
ويستنتج من قول السمهودي شي ثان وهو قوله ( وهو مسجد القرية ) وفي هذا القول إشارة إلى أنه مسجد أو جامع كبير ولذلك قالوا : ( مسجد ينبع ) يرتاده أهل القرية للصلاة فيه وكان ينزل للصلاة فيه كذلك قوافل الحجيج ومن أوصافه أنه كان بجوره مجرى لأحدى العيون , وقد روي كثير من الأخبار أنه يقع بجوار أحدى العيون المعروفة قديما وهي ( عين بولا ) ولم يتسنى لي معرفة موقع هذه العين وما وجدته أن هناك اختلاف في مكان تحديدها فبعضهم يجعلها قريبة من ساحل البحر ولأخر يجعلها غير ذلك عموما مسجد العشيرة يستنتج من تلك الأخبار أن موقعه كان بطرف ينبع النخل من جهة ينبع البحر ولذلك قالوا في تحديد غزوة العشيرة ومكان المسجد ( ببطن ينبع ) ومعلوم أن البطن هي الوسط أي أن الموقع في المنتصف ما بين ينبع الساحل وينبع النخل ولا نعني بذلك أن في المنتصف المحدد اليوم فقديما إذا قالوا ( ينبع ) إنما يعنون بقولهم ذلك ينبع النخل وكانوا يجعلون رسم حدودها إلى منتصف المسافة الواقعة اليوم بينهما لأنهم كانوا يطلقون على ينبع البحر مسمى الساحل هي ينبع البحر اليوم أو يقولون ميناء الجار هذه بعض النظرات والتحليلات من هذا القول قد تكون صائبة وقد تكون غير ذلك ولا أستطيع الجزم بذلك الموضع وتحديده لأنني لست من سكانها فكما يقال : ( أهل مكة أدرى بشعابها ) ( وعند جهينة الخبر اليقين ) !! .

وقال أيضا في كتابه " ينبع " خلال حديثه عن غزوة العشيرة :
( العشيرة ) : هي عدة قرى , ومن قراها البركة بينبع النخل .
( قرية البركة ) : وقرية البركة هي القرية الباقية في الوقت الحاضر من منطقة العشيرة التاريخية .

وقال العلامة الباحث حمد الجاسر - رحمة الله – في كتابه " بلاد ينبع ":
( البركة ) : من عيون ينبع ذكرها الفيروز أبادي ولا تزال معروفة .
( بولا ) : اسم عين العشيرة .
( عين البركة ) : عين البركة هذه من أقدم عيون ينبع , وهي إحدى عيون العشيرة التي لها ذكر كثير في كتب السيرة , وقد درست العشيرة وموقعها فيما بين البركة وبين البحر .
ومن أموال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( العشيرة ) من ينبع وهي التي سميت الغزوة باسمها , وكان موقعها بقرب عين البركة , بل كانت عين البركة من بقية عيونها , كما يفهم من كلام الفيروز أبادي في كتاب المغانم .

وقال الأستاذ الفاضل عبد الكريم الخطيب في مقدمة تاريخه " تاريخ ينبع " :والعشيرة معروفة اليوم بينبع النخل ولم يبق إلى اليوم من منطقة العشيرة سوى قرية البركة .

وقال في الأستاذ عبد الكريم الخطيب في باب : خيوف ينبع المندثرة :
خيف بولا .
خيف البركة : من قرى سويقة عند قرية البركة المعروفة اليوم من قرى العشيرة , وكان لهذا الخيف مسجدا يسمى باسمه وغير معروف موضعه في الوقت الحاضر .

وقال عبد الكريم الخطيب في تاريخه " تاريخ ينبع " :
ومن الآثار في ينبع النخل ( مسجد العشيرة ) وكان معروفا إلى القرن العاشر ولم يبق اليوم من منطقة العشيرة سوى قرية البركة ولكن من المؤسف جدا أن أجدادنا أهالي الينبعين لم يحافظوا على هذه الآثار , وقد حدثني من أثق به من أهالي الينبعين في الوقت الحاضر أن موضع المسجد لا يزال معروفا .

" قلت " لعله يقصد بهذا الرجل ما قاله في كتابه : " رجال وأسر من ينبع " خلال ترجمة للعلم دخيل الله بن طلال الجهني – رحمة الله - حيث قال :
وقد حدثني عن موضع مسجد العشيرة الذي أسسه سيد البشرية صلى الله عليه وسلم في منطقة ينبع النخل والباقي اليوم من قرى العشيرة عين البركة والمبارك وإن كانت جفت عيونها حتى أصب لها أثر في نخيلها اليابس ومساكنها المتهاوية ووعدني رحمه الله بالوقوف عليه ولكن الأجل عجل به قبل أن نقف سوياً على هذا الأثر المجيد .

وقال الخطيب في تاريخه " تاريخ ينبع " في باب : ( مواضع الأودية والجبال التاريخية حول ينبع ) :
( العشيرة ) : في أسفل وادي ينبع النخل عن يمين الداخل إليه , وكانت معروفة إلى القرن العاشر الهجري ومن آثارها اليوم عين البركة , وقرية البركة بها دور بساتين لأل جبر وآل الخطيب وآل عاتق وآل جريد والكبيدات في وقتنا الحاضر , غير أن عيونها الجارية قد جفت .

وقال العلامة الباحث حمد الجاسر - رحمة الله – في كتابه " بلاد ينبع " نقلا عن السمهودي في الوفاء بأخبار دار المصطفى :
( العشيرة ) : موضع في ينبع , غزاه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولم يلق كيدا , وقد أقطع عليه الصلاة والسلام عليا رضي الله عنه بذي العشيرة , واشتهر هذا الموضع بجودة التمر بحيث يفضل تمره على سائر تمور الحجاز , إلا الصيحاني بخيبر , والبرني والعجوة بالمدينة , وقد سلك الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة العشيرة ثنية بواط , التي بين الجبلين , بواط الجلسي , وبواط الغوري , ولرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي العشيرة مسجد كان معروفا إلى عهد قريب .

وقال عقب ذلك : ويفهم من كلام السيد السمهودي ومن تقدمه أن عين العشيرة تعرف بعين بولا , وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجدها , وهو المعروف بمسجد ينبع , ومسجد العشيرة , ثم أصبحت عين بولا من أملاك علي رضي الله عنه , ووصف البشاري العشيرة بأنها قرية صغيرة على الساحل قبال ينبع عندها نخيلات ليس لخانها نظير ..

" قلت " القسم الأخير من الكلام هو نقل من قول السمهودي في الوفاء والسمهودي نقله من الحموي في معجم البلدان والحموي قال : وقال أبو زيد : العشيرة حصن صغير بين ينبع وذي المروة يفضل تمره على سائر تمور الحجاز إلا الصيحاني بخيبر والبرني والعجوز بالمدينة . " قلت " وفيه نظر حيث أن البرني ليس بالمدينة إنما هو في ببلاد ينبع بالعيص وكذلك قوله يفضل على سائر تمور الحجاز محل نظر أيضا حيث أن أجود تمور الحجاز هو البرني وأفضلها ما وجد في موضعه الأصلي الكائن في منطقة العيص القديمة وهو يفضل على برني الفرع المجاور له .

" قلت " ( العشيرة ) : هي الموضع التي سميت باسمها الغزوة تقع اليوم في بلاد ينبع النخل وتحديدا ما بين بلاد الينبعين ينبع النخل وينبع البحر وهي قريبة جدا من ينبع النخل وقد مررت بها مرات قليلة وتقع على يسار الطريق العام للقادم من ينبع البحر وهو متجه إلى ينبع النخل وطريقها العام مزدوج يعمل فيه حاليا ليكون طريقا عاما ذا مسارين وكما أنها معلمة باللوحات الإرشادية إن أسعفتني الذاكرة تحت مسمى العشيرة وصفتها أنها أرض براح سهلة مستوية المعالم عدا الجبال المحيطة بها ويوجد فيها أثار من بيوت الطين والحجارة وأغلب تلك البيوت لا تزال بحالة جيدة حتى إنك في بعض الأحيان قد تشاهد فيها الأبواب والشبابيك وهي في مكانها وحالتها جيده وبها أيضا بساتين نخل خاوية لم يبق منها إلا الرسوم والأطلال ويلاحظ فيها أيضا وجود بقايا لبعض من القصور والأطام ويقال أنه كان يحيط بهذه البلدة سور لحمايتها ولم يتسنى لنا الوقوف على ذلك والله أعلم .

وعلى موقع وزارة النقل السعودية على الشبكة في فصل الموانئ المطلة على البحر الأحمر :
ميناء ينبع : عرف ميناء ينبع زمن الرسول صلى الله عليه و سلم بساحل بولا نسبة إلى عين بولا إحدى عيون قرية العشيرة و أقرب عيون ينبع إلى المرسى ، و بساحل بولا رست السفينتان اللتان أقلتا أصحاب الرسول العائدين من الحبشة , و لم يكن ميناء ينبع مشهورا في القرون الهجرية الأولى بسبب قربه من ميناء الجار , ميناء المدنية المنورة الأول في تلك الفترة , و لكنه اكتسب شهرة كبيرة ابتداء من القرن السابع الهجري بعد أن اندثر ميناء الجار ، و زاد نفوذ الأشراف الحسينيين في ينبع .

" قلت " نقل القول بأنها كانت مرسى السفينتان اللتان أقلتا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عودتهم من هجرة الحبشة ابن سعد في الطبقات الكبرى في باب : ذكر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة .

وقال السمهودي في خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى :
( وعين بولا ) التي يقال إن عليا رضي الله عنه عمل فيها بيده وفيها المسجد النبوي مسجد ذي العشيرة .
. ...

أبن غنيم المرواني
09-09-2007, 11:51 PM
قال مرتضى الزبيدي في تاج العروس :
وعين بولا بالينبع .

وقال ابن زباله في أخبار المدينة :
( مسجد العشيرة ) : عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله علية وسلم صلى في مسجد ينبع بعين بولا .

"قلت "ونقل ذلك السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " وكذلك الورثلاني في " نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار المسمى " الرحلة الورثيلانية " وكذلك الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " .

وقال الفيروز أبادي في المغانم المطابة في معالم طابة :
( مسجد العشيرة ) : مسجد كبير ببطن ينبع معروف ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد ينبع بعين بولا .
وهذا المسجد اليوم من المساجد المقصودة المشهورة والمعاهد المشهودة المذكورة تحمل إليه النذور، ويتقرب إلى الله تعالى بالزيارة له والحضور , يذكر التجار أنهم جربوا النذر له في تلاطم الأمواج ، وأنه ترياق مجرب من سم العواصف ذوات الاعوجاج ، فقل ما أرسيت سفينة بساحل ينبع إلا وهي مصحوبة بنذره محمولة بما استخرج من بركاته وبحره ولا يخفى على النفس المؤمنة روح ظاهر .

"قلت " هذه القول هو بدعة وشر مستطير ولا يجوز القصد وتحمل المشقة من أجل الصلاة في مواضع صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عدا المساجد الثلاثة , أما إن كان من أهل البلد ويريد أن يصلي في ذلك الموضع فلا بأس بذلك إن شاء الله والله أعلم .

وقال المراغي المتوفى سنة 816 هـ في " تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة " :
( ومسجد بالعشيرة ) من بطن ينبع وهو كبير معروف هناك .

وقال ابن الضياء المكي المتوفى سنة.٤٥٨ هـ في تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة المشرفة في باب : ذكر المساجد المشهورة التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات :فقال : ومسجد بالعشيرة في بطن ينبع معروف اليوم .

وقال الحافظ ابن حجر المتوفى سنة 852 هـ في فتح الباري :
( وأما العشيرة ) : فلم يختلف على أهل المغازي أنها بالمعجمة والتصغير وآخرها هاء قال بن إسحاق هي ببطن ينبع .

وقال أيضا الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
( غزوة العشيرة ) : أو العسيرة بالشك هل هي بالإهمال أو بالإعجام مكانها عند منزل الحج بينبع ليس بينها وبين البلد إلا الطريق .

وقال عبد الحميد العباسي في " عمدة الأخبار في مدينة المختار " :
قال محمد بن هشام : حمل معاوية إلى الحسين بن علي لعين أبي نيزر مائتي ألف دينار فأبى أن يبيع عين أبي نيزر , وقال : إنما تصدق بها أبي ليقي الله وجهه حر النار فلا أبيعها ، وكان له عين يقال لها بولا وهي التي عمل فيها بيده وفيها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم متوجهة إلى العشيرة.

" قلت " ( عين أبي نيزر ) سميت بذلك نسبة إلى مولى علي بن أبي طالب " أبي نيزر " وذلك عندما أعتقهم على أن يعملون في تلك العيون التي تصدق بها مقدار خمس حجج .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " :
( ومسجد العشيرة ) : معروف ببطن ينبع وهو مسجد ينبع بعين بولا , قلت : وعنده عين جارية لكنها لا تعرف بهذا الاسم .

وقال الباحث عاتق البلادي في " المعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية " :
( وذو العشيرة ) الوارد هنا كان قرية عامرة بأسفل ينبع ينبع النخل ثم صارت محطة للحاج المصري هناك , وهي أول قرى ينبع النخل مما يلي الساحل ، وبها مسجد يقول بعض أهل ينبع : أنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن شبة المتوفى سنة 262 هـ في " أخبار المدينة " :
( عين نولا ) : وهي اليوم تدعى ( العدر ) وهي التي يقال لها أن عليا رضي الله عنه عمل فيها بيده , وفيها مسجد النبي متوجهة إلى ذي العشيرة يتلقى عير قريش

" قلت " انفرد ابن شبة بهذا الخبر وهو أن عين بولا سميت العدر .
وكلمة ( العدر ) بمعنى المطر , فيقال اعتدر الماء أي كثر , قال الأزهري في تهذيب اللغة : وقال الليث : ( العدر ) المطر الكثير وأرض معدورة ممطورة , وقال ابن فارس في مقاييس اللغة : العدر المطر الكثير , وقال إبراهيم الحربي في غريب الحديث : العدر المطر الكثير .

وقال القاضي عياض في " مشارق الأنوار " :
( ذات العشيرة ) بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة , وجاء في كتاب البخاري العشيرة أو العسير بفتح العين وكسر السين المهملة بعدها كذا للأصيلي وعند القابسي في الأول العشير مثل الأول إلا انه بغير هاء أو العسير كما للأصيلي في الثاني , وكذا لأبي ذر إلا أنه قدم أحدهما على الآخر عند عبدوس العشير أو العشيرة مصغرين بشين معجمه فيهما وذكر عن شعبة عن قتادة العشير كالأول إلا أنه بغير هاء وكذا ذكره مسلم ذات العشير أو العسير مصغرين بغير هاء والشين مقدمة والمعروف فيها العشيرة مصغرة بالشين المعجمة والهاء وكذا ذكرها ابن إسحاق وهي من أرض بني مدلج كذا ذكرها مسلم ذات العشير وأما البخاري وابن إسحاق فلم يذكر أذات وذات العشيرة إنما هي الغزوة وأما الموضع فالعشيرة .

وقال الجزري في النهاية في غريب الأثر " :
( غزوة العشيرة ) : ويقال العشير وذات العشيرة والعشير هو موضع من بطن يينبع .

وقال الفيروز أبادي في القاموس المحيط :
( وذو العشيرة ) : موضع بالصمان فيه عشرة نابتة , وموضع بناحية ينبع غزوتها معروفة , والعشيرة باليمامة .

" قلت " ( العشيرة ) : جمعها العشائر وهي كلمة تطلق على بطون القبائل المتعددة وكذلك تطلق على النوق اللواتي لم يلقحن تسمى إحداهن عشره وهي التي تعدت مرحلة مسمى الخلفة ويسمى بعد ذلك أبنها مفرود أي أنه أنفرد عن أمه فترك الرضاعة ومسمى الخلفة جمعه خلفات فيقال نوق خلفات .. والعشراء سميت بذلك لتعدي أبنها مرحلة العشرة أشهر أما قبل ذلك فتسمى خلفه سميت الخلفة بذلك لأنها قريبة العهد من الخلفة والإنجاب .. والعشراء جمعها عشار ومن ذلك قوله تعالى : ( وإذا العشار عطلت ) أي إذا تركت الإبل وأهملت من أهلها وذلك يوم يفر المرء من أبيه وصاحبته وبنيه ذلك يوم القيامة نسأل الله السلامة .

قال ابن منظور في لسان العرب " :
( والعشر ) : شجر له صمغ وفيه حراق مثل القطن يقتدح به قال أبو حنيفة العشر من العضاة وهو من كبار الشجر وله صمغ حلو وهو عريض الورق ينبت صعدا في السماء وله سكر يخرج من شعبه ومواضع زهره يقال له سكر العشر وفي سكره شيء من مرارة ويخرج له نفاخ كأنها شقاشق الجمال التي تهدر فيها وله نور مثل نور الدفلى .

" قلت " ( والعشرة ) : أيضا هي شجرة كبيرة الحجم لها أوراقها تشبه أكف اليد وإذا قطعت ورقها يسيل منها ماء أبيض اللون , ولها ثمر كروي الشكل إذا فتحته يخرج من داخله سائل لزج لونه أبيض كالحليب وطعمه مر جدا وعندما يصيبها الجفاف وييبس ثمرها يخرج من داخله قطن خفيف الوزن جدا بداخلة نواة سودا كحجم النملة وتذروه الرياح معها وهو أيضا يخرج من ثمر شجر الحرمل إذا يبس وأما القول بأن له سكر فهذا القول ليس بصحيح فثمر العشر طعمه شديد المرارة بل ويقال أنه مميت إذا شرب , وليس من جرب كمن نقل .. وشجرة العشر تنبت في الأراضي الطينية وبخاصة في الأودية ومجاري السيول ويكثر وجودها في وادي الحمض بالحجاز وهو واد فحل عظيم من أودية قبيلة جهينة مصبه في البحر الأحمر وتحديدا بين منطقتي الوجه وأملج .

" قلت " ( والعشيرة ) : هم عزوة الرجل وأقربائه وهم أخص من القبيلة وعشيرة الرجل هم بنو أبيه وأهله القريبون منه كالعصبة مثلا ومنها قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) , وفي ذلك يقول الشاعر حميد بن ثور الهلالي :
أنا سيف العشيرة فاعرفوني=حميداً قد تذريت السناما والعشير هو الصديق والرفيق ومنه قوله تعالى : ( لبئس المولى ولبئس العشير ) ومن قوله صلى الله عليه وسلم لنساء في الحث على طاعة الأزواج : ( إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير ) أي زوجك ورفيقك .

وقال الأزهري في تهذيب اللغة :
( ذو العشيرة ) : هو موضع بالصمان معروف نسب إلى عشرة نابتة فيه .

" قلت " ما أعلمه أن العشيرة تقع بناحية نجد قبل الأفلاج للقادم من منطقة القصيم وهو متجه إلى الرياض وتبعد عن منطقة الرياض تحديدا مائة وثلاثين كيلوا مترا وتسمى اليوم ( عشيرة ) وقد مررت بها سابقا وهي قرية صغيرة يوجد فيها خدمات الماء والكهرباء والهاتف وغالب الظن أنه يسكنها بعض من قبيلة سدير ..

وقال الفيروز أبادي في المغانم المطابة في معالم طابة " :قال ابن الفقيه : ذو العشيرة من أودية العقيق .
قال عروه بن أذينة:

يا ذا العشيرة قد هيجت الغداة لنا شوقا=وذكرتنا أيامنا الأولا
ما كان أحسن فيك العيش مؤتنقا غضا=وأطيب في أصالك الأصلا
قال الشيخ جمال الدين المطري : ذو العشيرة نقب بالحفيا والحفيا بالغابة شامي المدينة .

" قلت " العشيرة العلم المراد هنا والتي تحدث عنها الفيروز أبادي في المغانم هي تقع جنوب المدينة وتبعد عن طيبة الطيبة حوالي خمس وخمسين كيلوا متر تقريبا وتقع على طريق العام مباشرة مكة جدة السريع وذلك لمن جعل المدينة خلفه وموقعها تحديدا بين أبيار الماشي واليتمة قبل موضع وادي ريم وهي أرض بركانيه وخصبة صالحة لزراعة يوجد فيها العديد من البساتين الزراعية والآبار الحلوة وأغلب أصحاب ويت المياه يردون أشياب المياه التي فيها وذلك لعذوبة وزلال مياهها ويسكنها في الوقت الحاضر فروع من قبيلة حرب

وقال الحازمي في " الأماكن " :
( عشيرة ) : أما الأول : بضم العين وفتح الشين المعجمة , بين مكة والمدينة ، وذو العشيرة من ناحية ينبع إحدى غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت إليها .
وقال كثير :

ولم يعتلج في حاضر متجاوز=قفا الغصن من وادي العشيرة سامر
وأما الثاني : بفتح العين وكسر الشين موضع في الشعر .

وفيها يقول أحدهم :

أيا صاح سر بي إلى مكة=ولذ بالمنازل والأربع
وحث المطايا وخذ يمنة=إلى ذي العشيرة من ينبع

ويقول حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه في قصيدة طويلة يمدح بها قومه الأنصار القحطانيين :

قوم هم شهدوا بدرا بأجمعهم=مع الرسول فما ألوا وما خذلوا
وبايعوه فلم ينكث به أحد=منهم ولم يك في إيمانهم دخل
ويوم صبحهم في الشعب من أحد=ضرب رصين كحر النار مشتعل
ويوم ذي قرد يوم استثار بهم=على الجياد فما خاموا وما نكلوا
وذا العشيرة جاسوها بخيلهم=مع الرسول عليها البيض والأسل
ويوم ودان أجلوا أهله رقصا=بالخيل حتى نهانا الحزن والجبل

ويقول جعفر بن الزبير يرثي ابناً له ومنها :

مررن على ماء العشيرة والهوى=على ملل يالهف نفسي على ملل

وفي المثل يقال : كيوم العشيرة .

وقال جواد علي في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام :
وتقع ديار بني مدلج بناحية ينبع ومن أرضهم ذو العشيرة وهو لبني مدلج وقد غزاهم الرسول غزوته المعروفة بذي العشيرة على رأس ستة عشر شهرا من مهاجرة فوادعهم ووادع حلفاءهم من بني سمرة ويظهر إن هذا الموضع إنما سمي بذي العشيرة نسبة إلى الصنم ( ذو العشيرة ) كان له معبد في هذا المكان فعرف به .

" قلت " القول بأنها سميت بذلك نسبة لذي العشيرة الصنم أو المعبد هو قول خاطئ !! وليس بصائب ألبته عدا أننا لم نسمع ولم نقرأ عن هذا القول المزعوم وقول المؤلف إنما هو ظن وتخمين ليس لدية دليل يستند عليه ولو فتحنا باب التخمين والظنون لقلنا إنما سميت بذلك نسبة إلى الجد القديم ( ذي العشيرة الحميري ) القحطاني !! بل هذا القول هو أولى من الأول .

هذا والله أعلم وأحكم .
وكتبه : أبن غنيم المرواني الجهني
طيبة الطيبة .

,,, والرسالة القادمة عن : ( أخبار وتاريخ ذي المروة ) ,,,

المعلم
10-09-2007, 01:18 AM
شكرا أخي بن غنيم المرواني
جهد مشكور
جزاك الله خيرا
كل عام و أنت بخير

بشير
10-09-2007, 04:06 AM
شكرا بن غنيم
معلومات ومجهود رائع بارك الله فيك نتمنى المزيد

الشاهين
10-09-2007, 04:19 AM
أخي العزيز أبن غنيم المرواني
اولا اقول اهلا وسهلا ومرحبا بين اخوانك ومحبيك في مجالسنا الينبعاوية ولاشك ان الدار دارك اخي .
تصفحت رسالتك للمرة الثانية بحكم انك طرحتها في أكثر من موقع وخرجت بالتالي :
1- مابين ايدينا رسالة في كل ماتعنية الكلمة من رجل علم الى كل مهتم بالعلم ومنشغل به بمعنى انها توجيه وتنبيه لكل باحث يفكر في التأليف عن تاريخ ينبع النخل على وجهة الخصوص والينبعين على وجهه العموم حيث اجتهدت في الايضاح والارشاد بضرورة التزودبالزاد الصحيح والذي يعين كل باحث ويسهل عليه مهمته .
2- لم تكتفي بذكر المراجع بل احسنت التركيز على نقاط الارتكاز في اختيارك للنصوص الهامة في هذه المراجع والتي ترى انها مهمة في بداية الكتابه عن هذه البلاد .
3- ومن مقدمة الرسالة يتضح ان صاحبها حوى الكثير من العلم وسعة الاطلاع والاكبر من هذا اخلاص صاحبها لعلمه ولبلده.
4- بحق الفائدة كبيرة من هذه الرسالة لكل مهتم بالتاريخ وبحكم اهتمامنا بهذا العلم سوف يكون لنا بعض من النقاط التي تحتاج للنقاش معك اخي لكي نستفيد مما رزق الله به من علم واطلاع وايضا لتعم الفائدة بشكل اكبر .
مرة اخرى اشكرك اخي ونطالب في توالي رسائلك التي تنزل كالغيث على ارض هي في حاجته .واصدقك انني بحاجة لمن هو بمثل علمك واهتمامك .

دايم السعد
10-09-2007, 05:29 PM
أخي العزيز /إبن غنيم المروا ني ا لجهني

اهلا وسهلا ومرحبا بين اخوانك ومحبيك في مجالسنا الينبعاوية
معلومات ومجهود رائعين
بارك الله فيك نتمنى منكم المزيد .
تقبلوا خالص تحيتي

عين السيح
10-09-2007, 08:24 PM
أخي العزيز /إبن غنيم المروا ني ا لجهني


معلومات ومجهود رائعين


بارك الله فيك ومبروك عليك الشهر الكريم

أبن غنيم المرواني
10-09-2007, 09:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم :
الأستاذ المعلم قد أزددت شرفنا والله بمرورك علينا وعليكم جميعا مبارك - شهر الرحمة والغفران - .
أخي الفاضل بشير نسعد بمرورك وتعليقك وزدت شرفا بمرورك .
أستاذ شاهين رحمك الله - لا تكسر ظهري - أنا أخي الكريم لست سوى ( طويلب ) علم لا أكثر من ذلك .
وأنا لم أضعها في منتداكم الكريم إلا لعلمي بأن في هذا المنتدى خصوصا رجال لها أثر وإهتمام بالتاريخ والأثار فلا تحرمونا من تعقيباتكم إن حصل خطأ في ما سنوردة من تاريخ عن ( بلاد الينبعين ) فأنتم هل الدار وأهل مكة أدرى بشعابها .
أستاذ دايم السعد نسعد بمروركم وتعليقكم .
أخي الكريم عين السيح سعدت بمرورك وتعليقك الجميل .

أبن غنيم المرواني
10-09-2007, 09:41 PM
( باب : أخبار موضع مسجد ذي المروة )

قال ابن حجر في " الإصابة في تمييز الصحابة " :
وروى عن أحمد بن محمد بن عروة الجهني سمعت جدي عروة بن الوليد يحدث بن أبيه عن جده عن عوسجة بن حرملة الجهني أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ينزل بالمروة وكان يقعد في أصلها الشرقي ويرجع نصف النهار إلى الدومة التي بني عليها المسجد فكان يدور بين هذين الموضعين وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين رآه أعجب به ورأى من قيامه ما لم ير من أحد غيره من بطون العرب يا عوسجة سلني أعطك وقال بن الكلبي عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألف يوم الفتح وأقطعه ذا مر .

" قلت " الصحيح أن ذلك تصحيف وقد ورد ذكر تلك المواضع الشيخ الباحث حمد الجاسر في كتابه " بلاد ينبع " في قسم - بلاد جهينة ومنازلها القديمة – وذكر عدة مواضع هي : ( أمر – ذو أمر ــ ذا أمر – مر ) ونقل الأقوال أنه يقع في بطن إضم ( وادي الحمض ) وقد أكثر في تفصيل البحث في اختلاف تلك الأسماء , والحقيقة أن تلك الأسماء إنما هي جميعها – تصحيف – أو خطأ في النقل وسوف نؤجل البحث في هذا الموضع إلى موضع سنفرده للبحث في تاريخ وأخبار - إضم - المسمى اليوم ( واد الحمض ) بعون الله .

وروى الطبراني في " المعجم الكبير " فقال :
حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر، وحدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي، قال: حدثنا أبي، قالا: حدثنا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، قال: حدثني عبد الحكم بن يوسف، وغيره من أهل ذي المروة وقدمائهم، عن ابن لعبد الله بن سلام، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر بالحليحة في سفره إلى تبوك، قال له أصحابه: المنزل يا رسول الله، الظل والماء، وكان فيها دوم وماء، فقال:"إنها أرض زرع وبقر، دعوها فإنها مأمورة". يعني: ناقته، فأقبلت حتى نزلت تحت الدومة التي كانت في مسجد ذي المروة .

وروى أبو نعيم الأصبهاني في " معرفة الصحابة : فقال :
عوسجة بن حرملة الجهني سكن فلسطين ، ذكره البخاري في الصحابة .
أخبرناه أحمد بن عبد الله بن صفوان ، كتابة ، ثنا إبراهيم بن دحيم ، ثنا إسحاق بن سويد الرملي ، عن أحمد بن محمد بن عروة الجهني ، قال : سمعت جدي عروة بن الوليد يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن عوسجة بن حرملة الجهني ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ينزل بالمروة ، وكان يقعد في أصل المروة الشرقي ، ويرجع نصف النهار إلى الدومة التي بني عليها المسجد ، وكان يدور بين هذين الموضعين ، فسمعت جدي عروة بن الوليد يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن عوسجة بن حرملة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي حين رآه وأعجب به ، ورأى من قيامه ما لم ير من غيره من بطون العرب : « يا عوسجة ، سلني أعطك » حدثنا محمد عنه

وقال ابن زبالة في " أخبار المدينة " :
مسجد بذي خشب :
ولفظ رواية ابن زبالة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى تحت الدومة التي على حائط عبيد الله بن مروان بذي خشب، فهنالك يجتمعون .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " :
( خشب ) : على مرحلة من المدينة تحت الدومة التي في حائط عبد الله بن مروان ولأبن زبالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بنخل تحت أثلة بمزرعة لرجل من أشجع وسط نخيل وصلى تحتها ثم أصعد في بطن نخل حتى جاوز الكديد بميل فنزل تحت سرحه وصلى فموضع مسجده اليوم معروف .

وقال المراغي في " تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة " :
وذكر ابن زبالة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل حين وصل إلى خيبر بين أهل الشق وأهل النطاة وصلى إلى عوسجة هنالك ، وجعل حول مصلاه أحجارا يعرف بها ، وانه عليه الصلاة والسلام صلى على رأس جبل بخيبر يقال له شمران فهنالك مسجده من ناحية سهم بني النزار ، ويعرف هذا الجبل اليوم ( بمسمران ) بالسين المهملة , وروي انه صلى الله عليه وسلم قال : (ميلان في ميلين من خيبر مقدس ) ، وانه صلى الله عليه وسلم قال : ( نعم القرية في سنيات المسيح خيبر ) يعني الدجال , وروي أيضاً عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خيبر مقدسة والسوارقية مؤتفكة ) .

وقال الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " :
وروى الزبير عن إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ودليله رجل من أشجع ، فسلك بهم طريق صدور الأودية فأدركته الصلاة بالقرقرة فلم يصل حتى خرج منها ، فنزل بين أهل الشق وأهل النطاة وصلى إلى عوسجةٍ هنالك وجعل حوله أحجار .

وروى البيهقي في " السنن الصغرى " ( نسخة الأعظمي ) :
وفي حديث سبرة بن عبد العزيز بن الربيع عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بني رفاعة ذا المروة فمنهم من باع ومنهم من أمسك .

" قلت " في الروايات والأخبار السابقة ذكر أنه صلى ( بذي المروة ) تحت دومة هناك عند دار عوسجة بن حرملة , وذكروا كذلك فقالوا صلى ( بذي خشب ) تحت دومة هناك عند حائط لعوسجة بن حرملة , وقالوا صلى بين الشق والنطاة القريبة من خيبر عند عوسجة بن حرملة وجعل حول مصلاه أحجار !! , فمن يقرأ تلك الأخبار قد يظن للوهلة الأولى أن ذلك إنما هو تضارب في الروايات وأخطاء في الأخبار ولكن الحقيقة غير ذلك فإن عوسجة بن حرملة الذي سوف نذكر شي من ترجمته بعون الله كانت جميع تلك المواضع والديار من منازله هو وقومه من جهينة ويظهر أنه كان كبير قومة وزعيمهم ولذلك عندما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعجب به ) وذلك مما رأى فيه مما لم يره برجل أخر من العرب فراء من قيامة وهيبته وكرمة وعظمته الشيء الكثير ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يوقره ويعظمه في نفسه فقال له عند ذلك : ( يا عوسجة سلني أعطك ) وهذا إن دل على شي إنما يدل على أنه كان رجل كبير في قومة معظما عندهم محترما من صغار القوم وأكابرهم ويبدوا أنه كان لدية عدد من المنازل في تلك المواضع والديار ولذلك عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم حول مواضع دياره هو وقومه عندما كان في طريقة لغزوة تبوك كان ملازما لنبي صلى الله عليه وسلم مكرما له ولأصحابه ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله لرجل أخر من العرب

وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " :
رواه الطبراني وفيه راو لم يسم .

وقال ابن حبان في " الثقات " في باب المساجد التي صلى فيها من تبوك إلى المدينة فقال ومنها : ومسجد بذي مروة .

وقال ابن هشام في " السيرة النبوية " في باب مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة إلى تبوك فقال ومنها :
ومسجد بذي المروة .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " في باب مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة إلى تبوك فقال ومنها :
ومسجد بذي المروة .

وقال المراغي في " تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة "
وذكر محمد بن إسحاق وابن زبالة والحافظ عبد الغني المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المدينة وتبوك فمنها :
( ومسجد بذي المروة) : على ثمانية برد من المدينة ، كان بها عيون ومزارع وبساتين ، وأثرها باق إلى اليوم وكانت من أعمال المدينة .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " في باب مساجد غزوة تبوك :
الثامن عشر ( بذي المروة ) على ثمانية برد من المدينة .

وروى ابن زباله المتوفى سنة 199 هـ في " أخبار المدينة " :
( مسجد بذي خشب ) : أن النبي صلى الله علية وسلم صلى تحت الدومة التي على حائط عبيد الله بن مروان بذي خشب فهناك يجتمعون .

" قلت " ونقل هذا القول السمهودي في الوفاء .

وروى ابن زباله في " أخبار المدينة " :
( ذو المروة ) : قرية بوادي القرى على ثمان برد من المدينة وقيل بين ذي خشب ووادي القرى وروى الزبير بن خارجة بن مصعب عن أبي وقاص عن أبي أوفى قال نزل النبي صلى الله علية وسلم ذا المروة ونحن معه فلما صلى الفجر مكث لا يكلمنا حتى تعالى النهار ثم كلمنا ثم تنفس صعدا فقلنا : يا رسول الله أخبرنا ؟ قال : نزل علي ( لإيلاف قريش ) إلى أخرها .

" قلت " روى هذا الحديث ذكره السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " والعباسي في " عمدة الأخبار في مدينة المصطفى المختار " .

وروى ابن زباله في " أخبار المدينة " فقال :
( ذو المروة ) : أن النبي صلى الله علية وسلم نزل بذي المروة وصلى الفجر , ومكث لا يكلمهم حتى تعالى النهار , ثم خرج حتى أتى المروة فأسند إليها ظهره ملصقا , ثم دعا حتى ذر قرن الشمس شرقا يدعو , ويقول في أخر دعائه : ( اللهم بارك فيها من بلاد وأصرف عنهم الوباء , وأطعمهم من الجنى , اللهم اسقهم الغيث , واللهم سلمهم من الحاج , وسلم الحاج منهم )

" قلت " وروى ذلك أيضا السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " .

وقال الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " :
( ذو المروة ) : قرية بوادي القرى , وقيل : هي بين خشب ووادي القرى , وكان بذي المروة عين قد أجراها الحسين بن زيد وقد ذكرتها في ترجمة العيون .
وروى الزبير عن خارجه بن مصعب عن ابن أبي أوفى قال : نزل النبي صلى الله عليه وسلم ( ذا المروة ) ونحن معه، فلما صلى الفجر مكث لا يكلمنا حتى تعالى النهار، ثم كلمنا , ثم تنفس صُعداً , فقلنا : يا رسول الله أخبرنا ؟؟ , قال صلى الله عليه وسلم : ( نزل علي " لإيلاف قريش " إلى آخرها ) .

وإن رجلا من الأنصار يقال له : عمرو بن سويد سرق درعاً لأسيد بن حضير فدفعها الأنصاري إلى سراقة اليهودي فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أعطاك الدرع ؟؟ , فقال : ما أدري !! فقال للأنصاري : أسرقتها ؟؟ , قال : لا! ! فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى ( ذا المروة ) فأسند إليها ظهره ملصقاً , ثم دعا حتى ذر قَرن الشمس شرقاً ، يدعو ويقول في أخر دعائه : ( اللهم بارك فيها من بلاد ، واصرف عنهم الوباء , وأطعمهم من الجنان ، اللهم أسقهـم الغيث، اللهم سلمهم من الحاج وسلم الحاج منهم ) , ثم قال : ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( .

وعن نفيع بن إبراهيم قال : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بذي المروة ) , فاجتمعت إليه ( جهينة ) من السهل والجبل , فشكوا إليه نزول الناس بهم , وقهر الناس لهم عند المياه , فدعا أقواماً فأقطعهم , وأشهد بعضهم على بعض : ( بأني أقطعتهم , وأمرت أن لا يضاموا ودعوت لكم وأمرني حبيبي جبريل عليه السلام أن ( أعدكم حلفاء ) .

" قلت " وقد زعم أقوام فضائل ليس لهم وعدوها أنها قد قيلت بأرضهم ومن ذلك بعض ( المثقفين والكتاب !! ) الذين ألفوا مؤلفات عن ( تاريخ مدينة العلا ) حيث أن بعضهم حرف بعض النصوص ووضعها في غير مواضعها ومن ذلك تلك الدعوات المباركة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقبيلة جهينة ) وبخاصة لأهل ( ذي المروة ) وهي المساه اليوم ( المارامية ) فقد دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم لتلك الأرض وأهلها بالبركة , فلم يجد بعضهم إلا أن استخدام الخيانة العلمية فقام ببتر النصوص وتحريف الكلم عن مواضعه وذلك لخداع القارئ وإيهامه بأن تلك الدعوات إنما قيلت بتلك الأرض !! , وهي مدينة العلا والحقيقة هي عكس ذلك تماما !!

حيث أنه في غزوة تبوك عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم على العلا وتحديدا بجوار ( مدائن قوم صالح ) فقال لا تدخلوها إلا وانتم باكين , فلا أدري أين الأمانة العلمية لذلك ( المؤلف أو المثقف ) الذي كتب هذا الحديث أين علمه بهذا ؟؟ , والحجر هي المسماة اليوم ( مدائن صالح ) الواقعة بالعلا وهي مساكن قوم ثمود الذي قال الله عنهم في كتابه الكريم : ( وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين ) , ومن العجيب أنهم يستدلون بالحديث الذي رواه سبرة بن معبد الجهني أو عوسجة وكلاهما واحد في أن الحديث الذي قيل في فضل ( ذي المروة ) أنه إنما قيل بمدينة العلا !! ونسوا أو تناسوا هذا الحديث الذي رواة البخاري في صحيحة والراوي هو عينة سبرة بن معبد الذي روى دعاء النبي بالبركة والغيث ( لذي المروة ) وأهلها !!

أين أنتم يا جهابذة الكتابة !! يا من كتبتم عن تاريخ مدينة العلا من الأحاديث الصحيحة مثل ما رواه البخاري في صحيحة عن ابن عمر – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين , أن يصيبكم مثل ما أصابهم ) وفي رواية أخرى كما عند البخاري : ( ثم تقنع بردائه وهو على الرحل !! ) , وروى البخاري أيضا في صحيحة أيضا عن ابن عمر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( لأصحاب الحجر لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين , أن يصيبكم مثل ما أصابهم ) والأحاديث في ذلك كثيرة وفي هذا القدر كفاية ونحن إنما نبهنا على غلط من جعل هذا الحديث هو في مدينة العلا وإنما هو قيل ( بذي المروة ) ولذلك وجب التنويه على ذلك هذا والله أعلم وأحكم .

أبن غنيم المرواني
10-09-2007, 11:04 PM
( باب : ذي المروة موقعها وتحديد رسمها من مواضع الحجاز )

قال المراغي في " تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة "
وذكر محمد بن إسحاق وابن زبالة والحافظ عبد الغني المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المدينة وتبوك فمنها : ( ومسجد بذي المروة) : على ثمانية برد من المدينة ، كان بها عيون ومزارع وبساتين ، وأثرها باق إلى اليوم وكانت من أعمال المدينة .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " في باب مساجد غزوة تبوك :
الثامن عشر ( بذي المروة ) على ثمانية برد من المدينة .

وروى ابن زباله في " أخبار المدينة " :
( ذو المروة ) : قرية بوادي القرى على ثمان برد من المدينة وقيل بين ذي خشب ووادي القرى وروى الزبير بن خارجة بن مصعب عن أبي وقاص عن أبي أوفى قال نزل النبي صلى الله علية وسلم ذا المروة ونحن معه فلما صلى الفجر مكث لا يكلمنا حتى تعالى النهار ثم كلمنا ثم تنفس صعدا فقلنا : يا رسول الله أخبرنا ؟ قال : نزل علي ( لإيلاف قريش ) إلى أخرها .

وقال الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " :
( ذو المروة ) : قرية بوادي القرى , وقيل : هي بين خشب ووادي القرى , وكان بذي المروة عين قد أجراها الحسين بن زيد وقد ذكرتها في ترجمة العيون .

وقال الزبيدي في " تاج العروس " :
( مروة ) : مدينة بالحجاز نحو وادي القرى , منها أبو غسان محمد بن عبد الله المروي , قاله ابن الأثير ,
( وذو المروة ) : من أعراض المدينة كان سكن أبي بصير عتبة بن أسيد الصحابي
وقرية أخرى من أعمال مكة منها حرملة بن عبد العزيز الجهني .

" قلت " يبدوا أن الزبيدي قد فرق بينهما ولم يصب في ذلك حيث أنه لا اختلاف بين الأسمين إلا زيادة حرف ( ذو ) ومعلوم أن حروف ( ذو , ذا , ذي ) وأمثالها زيادات ليست من أصل الاسم إنما زيدت عليه , ولا نعلم في الحجاز منطقة تسمى المروة ( قديما ) غير هذه المذكورة التي نؤرخ لشيء من تاريخها .

وقال الفيروز أبادي في " المغانم المطابة " :
( وذي المروة ) : ببطن إضم .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
( وذو المروة ) : من أعمال المدينة قرى واسعة وهي لجهينة كان بها سبرة بن معبد الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولده إلى اليوم فيها بينها وبين المدينة ثمانية برد .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
( وذو المروة ) : بين ذو خشب ووادي القرى .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
( وذو المرو ) : قرية بوادي القرى وقيل بين خشب ووادي القرى نسبوا إليها أبا غسان محمد بن عبد الله بن محمد المروي .

وقال ياقوت في " معجم البلدان " في رسم ذا العشيرة :
قال أبو زيد : العشيرة حصن صغير بين ينبع ( وذي المروة ) .

وقال ياقوت في " معجم البلدان " في رسم ذا العشيرة :
( طيخ ) : بالفتح موضع بأسفل ( ذي المروة ) وذو المروة بين خشب ووادي القرى .

وقال الأصمعي في " جزيرة العرب " :
الحجاز اثنتا عشرة دارا : ( المدينة , وخيبر , وفدك , ( وذو المروة ) , ودار بلي , ودار أشجع , ودار مزينة , ودار جهينة , ونفر من هوازن , وجل سليم , وجل هلال , وظهر حرة ليلى , ومما يلي الشام شغب وبدا ) .

" قلت " وفي قوله هذا جعلها من الديار الكبيرة في الحجاز التي لها موضع ومكانه وهي كذلك .

وقال العظيم أبادي في " عون المعبود شرح سنن أبي داود " :
( في موضع المسجد ) : أي من بلاد جهينة .
( تحت دومة ) : قال في القاموس ( الدوم ) شجر المقل والنبق وضخام الشجر .
( بالرحبة ) : أي الأرض الواسعة .
والحديث سكت عنه المنذري .

وقال المقدسي في " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم " :
( بئر عثمان ) : على طريق الشام ,عند العرج جبل قالوا : أن جبريل شق فيه للنبي صلى الله عليه وسلم وقت هجرته طريقا إلى المدينة , ( وقعت نار بين المروة والحوراء فكان يقد كما يقد الفحم ) .

" قلت " لم أجد هذا الخبر إلا عند المقدسي في هذا الموضع وما شاهدناه وعرفناه أن في منطقة العيص وهي الواقعة بين ذي المروة والحوراء هناك موضع يسمى الفرع ورسم موضعه تحديدا بعد السد المقام في منطقة العيص والمسمى سد الفرع وجدنا هناك أرض بركانية يبلغ مداها حوالي عشرة إلى خمسة عشر كيلوا مترا ويستغرب وجودها في تلك المنطقة حيث أنه لا توجد في تلك النواحي والديار مواضع للبراكين إلا في تلك البقعة المذكورة ,
وقد تحدث عنها الدكتور معتاد السناني في كتابه " العيص " نقلا عن أحد أعداد مجلة أطلال : أن ذلك بسبب تعرض المنطقة لنشاطات بركانية خلال الزمن الثالث الجيولوجي وخاصة في الفترة ما بين الأوليجوسين والميوسين حوالي 10 – 35 مليون سنة خلت !! , حيث انبثقت على سطح الأرض سيول من الحمم , من البازلت والأنديسيت والربوليت , تاركة وراءها سهولا مرتفعة من الجلاميد الحممية في تلك الجبال !! ... وقد يبلغ طولها من الحصين إلى ريع ايعبري المطل على أملج حوالي 40 كم , أما طولها من الجنوب إلى الشمال فقد يصل إلى 7 – 12 كم .

" قلت " تلك الأقوال التي تتحدث أن هذه البراكين إنما حدث قبل ملايين السنين !! إنما هي كذب وهرطقة , وتلك النظريات إنما جاءتنا من الكتاب والعلماء الغربيين وما أدراهم بما قبل ملايين السنين ؟؟ , هذه النظرية ليست ببعيدة عن نظرية داروين الإلحادية التي تتحدث عن تطور الكائن البشري !! .

وقال اليعقوبي في " البلدان " :
ومن أراد أن يسلك على طريق مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ من مدين إلى منزل يقال له أغراء ، ثم إلى قالس ، ثم إلى شغب ، ثم إلى بدا ، ثم إلى السقيا ، ثم إلى ( ذي المروة ) ، ثم إلى ذي خشب ، ثم إلى المدينة , فهذه المنازل من مصر إلى مكة والمدينة .

وقال ابن خرداذبه في " المسالك والممالك " :
الطريق من مصر إلى مكة :
من الفسطاط إلى الجب ، ثم إلى البويب ، ثم إلى منزل ابن بندقة ، ثم إلى عجرود ، ثم إلى الذنبة ، ثم إلى الكرسي ، ثم إلى الحفر ، ثم إلى منزل ، ثم إلى أيلة ، ثم إلى حقل ، ثم إلى مدين ، ثم إلى الإغراء ، ثم إلى منزل ، ثم إلى الكلابة ، ثم إلى شغب ، ثم إلى بدا ، ثم إلى السرحتين ، ثم إلى البيضاء ، ثم إلى وادي القرى ، ثم إلى الرحيبة ، ثم إلى ( ذي المروة ) ، ثم إلى المر ، ثم إلى السويداء ، ثم إلى ذي خشب ، ثم إلى المدينة .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " :
( ووادي الجزل ) : الذي به السقيا والرحبة في نخل ذي المروة .

" قلت " ذكر ذلك في التعقيب على ما ذكره ابن شبة في أخبار المدينة عن اجتماع الأودية ومصابها في المدينة .

وقال السمهودي في " الوفا بأخبار دار المصطفى " :
( أضم ) : كعنب تقدم آخر الفصل الثاني إنه الوادي المعروف اليوم بالضيقة وأن أعلاه مجتمع الأسيال وكان به أموال زعاب على عيون والجبل الذي بالوادي يسمى باضم أيضا وروى البيهقي إن مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لركانة أشد أهل زمانه كانت بوادي أضم وبطن أضم كما في طبقات أبن سعد ما بين ذي خشب ( وذي المروة ) على ثلاثة برد من المدينة .

" قلت " وادي أضم هو وادي فحل عظيم من أكبر أودية الحجاز سمي بـ ( إضم ) لانضمام سيول الأودية إليه من كل حدب وصوب , وهو المسمى اليوم بـ ( وادي الحمض ) سمي بذلك لكثرة ما ينبت فيه من أشجار الحمض , وهو من أودية قبيلة جهينة سمي بذلك لأنه على طول مجراه يمر بديار قبيلة جهينة وسنفرد له بحثا خاصا بعون الله إن أتسع لنا الوقت .

وقال الهمداني في " صفة جزيرة العرب " :
ومن المروة إلى المدينة مرحلتان .

وقال العباسي في " عمدة الأخبار في مدينة المختار " :
عيون الحسين بن يزيد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه وكان للحسين بن زيد ثلاثة عيون من أعمال المدينة أجراها من خالص ماله , إحداها كانت بالمضيق , والأخرى ( بذي المروة ) والثالثة بالسقيا .

" قلت " وذكرها كذلك الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة "

وقال الحميري في " الروض المعطار في خبر الأقطار" :
( وذو المروة ) : من أعمال المدينة قرى واسعة لجهينة .

وقال الزمخشري في " الجبال و الأمكنة و المياه " :
( ذو المروة ) : في ديار الحجاز .

وقال الأستاذ معتاد بن عبيد السناني في كتابه " العيص " :
ومدينة ذو المروة ( أم زرب ) لها ذكر في مسير النبي صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى .

وقال الأستاذ معتاد السناني الجهني في كتابه " العيص " باب : الآثار في منطقة العيص :كما أن هناك آثار منجم في أم لهب , على حافة وادي الحمض , جهة الزبائر بين الضليعة والسليلة , بها رحى كبيرة لطحن ( المرو ) وحسب تحديد موقع ( ذي المروة ) هو تابع لها لأن تحديدها قرب الضليعة تطل على وادي الحمض , وقد ذكر أستاذنا الجاسر أن ( ذا المروة ) هي ( أم زرب ) , كما توجد آثار كتابات قديمة في أودية العقوقفي قرب الفشغات وخذوه وعلى الأصح بينهما وهذا المنجم عبارة عن قرية صناعات .
( وفي الهامش يقول عن القسم الأخير من الموضوع ) : أخذت هذه المعلومات من الأستاذ : / محمد بن نايف العرفي , المشرف على الآثار في منطقة العيص .

" قلت " القول إن ( ذي المروة ) هي أم زرب هو إتباع لقول الباحث حمد الجاسر في كتابة بلاد ينبع وسنبين أن هذا القول وهم وخطأ في السطور القادمة .

وقال الباحث حمد الجارسر – رحمة الله – في كتابه " بلاد ينبع " :
( المروة ) : ويقال : ( ذو المروة ) , مدينة لها شهرة تاريخية , نقل السمهودي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بها حينما ذهب إلى غزوة تبوك فقال فيما نقل عن ابن زبالة , خرج صلى الله عليه وسلم : حتى أتى المروة فأسند ظهره إليها ملصقا ثم دعا قائلا : ( اللهم أسقهم الغيث , اللهم سلمهم من الحاج , وسلم الحاج منهم , ثم اجتمعت إليه جهينة من السهل والجبل , يشكون إليه نزول الناس بهم , وقهر الناس لهم عند المياه , فدعا أقواما فأقطعهم , وأشهد بعضهم على بعض " بأني قد أقطعتهم وأمرت ألا يضاموا , ودعوت لكم . وأمرني حبيبي جبريل أن أعدكم حلفاء )
ولحقته جهينة في الرحبة , فقال لهم : ( من أهل ذي المروة ؟؟ ) , قالوا : بنو رفاعة من جهينة , فقال : ( قد قطعتها لبني رفاعة ) , فاقتسموها فمنهم من باع , ومنهم من أمسك فعمل .
وازدادت شهرة تلك المدينة بعدما أصبحت محطة للحجاج يقدمون من الشام , وللقوافل التي تتجه من المدينة , ومن ينبع إلى بلاد الشام , وإلى سواحل البحر الأحمر الشمالية .
ثم ضعفت في العصور المتأخرة بضعف الحكم في البلاد وانتشار الفوضى , وانقطاع الحجاج من ذلك الطريق , وهي معدودة من وادي القرى .

وقد وصفها البشاري في القرن الرابع الهجري فقال : ( والمروة بلد حصين , كثيرة النخل , جيدة التمور , سقياهم من قناة غزيرة , عليها خندق وأبواب حديد , وهي معدن المقل والبردي , حارة في الصيف , الغالب عليها بنو جعفر ,
وعدها هي والحوراء من مدن خيبر , وحدد المسافة بينها وبين ينبع فقال : من ينبع إلى رأس العين مرحلة , ثم إلى المعدن مرحلة , ثم إلى المروة مرحلتين , وذكر أن بينها وبين ينبع معادن ذهب .
وقال ياقوت : ( ذو المروة ) : قرية بوادي القرى , وقيل بين خشب ووادي القرى , نسبوا غليها أبا غسان محمد بن عبد الله المروي .
وذكرها عرضا فقال في تحديد المواضع الأتي ذكرها :
( طيخ ) : موضع بأسفل ذي المروة , وذو المروة بين خشب ووادي القرى .
( بلاكث ) : قارة من ذى المروة بينة وبين ذي خشب ببطن أضم .
( ذهبان ) : جبل أسفل ذي المروة .
( ظبية ) : أورد حديث أقطاع حرملة بن عوسجة المروة ,
وقال البكري : ( ذو المروة ) : من أعمال المدينة , قرى واسعة , وهي لجهينة , كان بها سبرة بن معبد الجهني , صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولده إلى اليوم فيها , بينها وبين المدينة ثمانية برد : ( البرد = 4 فراسخ , الفرسخ = 3 أميال = 8x 4 = 32 x 3 = 96 ميلا ) , والحوراء من وراء ذي المروة على ليلتين .
وذكر البكري : أن مدينة ( ذي المروة ) بين ذي خشب ووادي القرى , وكان ذو المروة يقع في طريق حجاج الشام , ولهذا حدد المتقدمون المراحل بينه وبين المدينة بأربع هي :
المدينة , ذو خشب , السويداء , المر , ذو المروة .

وقال البشاري ( في أحسن التقاسيم ) :
تأخذ الطريق من يثرب إلى السويدية أو إلى بطن نخل مرحلتين مرحلتين , ومن السويدية إلى ذي المروة مثلها فإن أردت جادة مصر , فخذ من المروة إلى السقيا ( سقيا زيد ) , هي أحسن مدن هذه الناحية والبساتين والنخيل متصلة من قرح إليها , ثم إلى بدا يعقوب ثلاثا , ثم إلى العونيد مرحلة , وإن أردت الشام , فخذ من السقيا إلى وادي القرى مرحلة , ثم إلى الحجر مرحلة , ثم إلى تيماء ثلاث مراحل .
ويفهم من كلام السمهودي ( في الوفاء ) : ( كان بها عيون ومزارع وبساتين , أثرها باق إلى اليوم ) , ويبدوا أنها درست قبل القرن العاشر .

كما يفهم من القول الذي نقله عن الزبير في وصف وادي إضم أن ( ذي المروة ) تقع في مجتمع وادي إضم بوادي الجزل من الغرب , ووادي العيص من القبلة , يفهم من هذا أن الأطلال التي تعرف الآن في متسع التقاء تلك الأودية , والتي أطلق عليها في الخارطة أسم : ( أم ذرب ) وتقع ... شمال خط الأستواء تلك الأطلال هي أطلال بلدة ( ذي المروة ) , لا نطباق أكثر ما ذكره المتقدمون على ذلك الموضع .
ولشهرة ( المروة ) أو ( ذي المروة ) وهو الأكثر عند متقدمي العلماء , كانوا يحددون كثيرا من المواضع بالنسبة إليها فيقولون مثلا :
( عشمان ) : جبل بين المدينة , وبين ذي المروة , في طريق الشام من المدينة .
( العشيرة ) : حصن بين ينبع وبين ( ذي المروة ) في كتب السيرة النبوية .
( العيص ) : من ناحية ذي المروة .
وقد أقطع النبي صلى الله عليه وسلم عوسجة بن حرملة الجهني من ( ذي المروة ) فقد روى ابن سعد في الطبقات كتب ..... الخ .

" قلت " في كتاب الباحث حمد الجاسر ( بلاد ينبع ) - الطبعة الأولى - كثير من التصحيف والأخطاء الإملائية فلينتبه الباحث لها وسوف ننبه على ما ورد من تلك الأخطاء في ما نقلناه منه هنا في رسم ( ذي المروة ) .

1- فمنها قوله في النقل عن البشري في كتابه " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم " فقال : ( من يثرب إلى السويدية أو إلى بطن نخل مرحلتين مرحلتين ) ,
( قلت ) : في النسخة التي لدي : ( إلى بطن النخل مرحلتين مرحلتين ) النخل بالألف واللام .
2- قوله : ( ظبية ) : أورد حديث أقطاع حرملة بن عوسجة المروة ,
( قلت ) : هنا حدث إقلاب في الاسم فالصحيح هو - عوسجة بن حرملة - وليس العكس حرملة بن عوسجة .
3- قوله : ( عشمان ) : جبل بين المدينة , وبين ذي المروة , في طريق الشام من المدينة .
( قلت ) : الصحيح هو ( عثمان ) بالثاء وليست بالشين فليعلم .

" قلت " هذا القول إن ( ذي المروة ) هي أم زرب حقيقة لم يوفق فيه باحثنا الكبير حمد الجاسر – رحمة الله تعالى – فإن أم زرب لا زالت تعرف بهذا الإسم إلى اليوم وإنما حدث بعض التحريف البسيط لأسمها القديم المعروف فكانت قديما تسمى بـ ( الزراب ) والتحريف هو بزيادة الألف التي في المنتصف , وهي موضع صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم خلال طريقة إلى غزوة تبوك وقد قد نشرت بحثا في هذا الموضوع قبل عدة أشهر وذكرت فيه أن ( ذي المروة ) هي المسماة في الوقت الحاضر ( المارامية ) وحينها لم أكن أعلم أن الأستاذ الباحث عاتق البلادي - رحمة الله – قد وافقنا على هذا القول فعندما وقع نظري على موافقة البلادي لقولنا في هذا الموضع لم نزدد بذلك إلا تمسكا بهذا بصحة هذا القول والحمد لله على ذلك وإليكم ما قاله الباحث عاتق البلادي فهو مؤلف كتاب " معالم الحجاز " وهو بمنطقة الحجاز أعلم من الشيخ الباحث حمد الجاسر بمراحل فليعلم ذلك .

قال الأستاذ الباحث عاتق البلادي في " المعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية " :
( المروة ) : باسم الحصاة البيضاء المورية نارا , جاءت في النص كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وكان والي المدينة منازعة في مال كان بينهما بذي المروة , ( وذو المروة ) : له ذكر كثير في كتب التاريخ والجغرافيا ، وهو منسوب إلى حصاة بيضاء بارزة من نوع المرو ، يقع عند مفيض وادي الجزل إذا دفع في إضم ، شمال المدينة على قرابة ثلاث مائة كيل ، ( وما زالت معروفة بهذا الاسم ) .

وقال الأستاذ الباحث عاتق البلادي في " المعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية " :
( ذو المروة ) : مكان ما زال معروفا قرب مصب وادي الجزل في وادي الحمض .

" قلت " وعلى هذا تبين أن عاتق البلادي يقول في رسم موضع ( ذي المروة ) وما زالت معروفة بهذا الاسم , فأي مروة أخرى في الحجاز غير هذه المروة التي نبحث في تاريخها في هذا الموضع ؟؟ , أما ( ذي المروة ) فهي الأخرى قد حافظت على أسمها ولم يتغير منه إلا الشي البسيط فبدل ( المروة ) سميت اليوم ( المارامية ) وعلها سميت بذلك لكثرة حجر المرو الموجود فيها فهي أرض بيضاء اللون , أما صفة ( ذي المروة ) أو ( المارامية ) اليوم فهي كالتالي :
( المارمية ) : هي من الهجر التابعة لمنطقة العيص , أنظر معتاد السناني في " العيص " وحمد الجاسر في " بلاد ينبع " , والطريق اليوم من المرامية إلى طيبة الطيبة طريق معبد يبلغ مداه تحديدا 285 كيلوا متر , وللمتجه من المدينة إليها يسلك الطريق المسمى طريق " واد الحمض " فيبدأ بـ , المندسة , والمليليح , وشجوى , والسليلة , والبوير , والمربع , وأميره , فالمارمية , ويقع في شمالها الشرقي عدد من المزارع والبساتين وهي مقسمة إلى ثلاث مناطق الرئيسية في الوسط وتقع بين جبلين كبيرين يحدانها من الشرق والغرب والمنطقتين الأخيرتين تقعان في الجنوب الأولى من الشرق والأخرى من الغرب ويحدها من الشمال ممر وادي الحمض وفي ويقطع الوادي سد ترابي ويمر في منتصف هجرة المرمية طريق من جنوبها إلى شمالها وهو طريق صحراوي يعمل على تعبيده ويمر بهجرة العنبجة إلى أن يتصل بالطريق المعبد الواقع في هجرة البديعات التي تبعد عنها حوالي 40 كيلوا متر , ويوجد فيها اليوم خدمات عامة من ماء وكهرباء ومركز صحي وشرطة وأمارة وهي تابعة لمحافظة ينبع وأميرها هو الشيخ : / عايد بن صياح بن سعد بن غنيم المرواني الجهني , وهو أبن الشيخ صياح بن غنيم شيخ قبائل جهينة .

وفي الساحل الغربي من متسع البرية الواقعة بين أملج والمنجور يقع ( أبو زريبات ) وهي من الديار الجهنية وموقعه تحديدا بجوار هجرتي البديعات والمدقة وهي تتبع لمحافظة تبوك تبعا لمنطقة أملج أو ( أمج ) يسكنها بعض من قبائل بلي وجهينة وغيرهما , وهناك ( أبو زريبة ) يقع في حوطة بني تميم , وفي شرق المدينة تقع جبال تسمى جبال أبو زريبة , وفي المدينة طيبة الطيبة مواضع وأماكن كانت تسمى قديما " زرب " " ذكرها الباحثين حمد الجاسر وعاتق البلادي .

أما ( أم زراب ) التي كانت تسمى به قديما والمسماة اليوم ( أم زرب ) فسنذكر ما قالها أهل السير والتاريخ موقعها ومسجدها الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم خلال ذهابة إلى غزوة تبوك :

قال البكري في " معجم ما استعجم " باب مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة وتبوك :
( ومسجد بذات الزراب ) : بكسر الزاي المعجمة بعدها راء مهملة .

قال البكري في " معجم ما استعجم " :
( ذات الزراب ) : بكسر أوله وفتح ثانيه موضع على مرحلتين من تبوك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه مسجد .

وقال الفيروز أبادي في " القاموس المحيط " :
( وذات الزراب ) : بالكسر من مساجد النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن سيدة في " المحكم والمحيط الأعظم " :
( وذات الزراب ) : من مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المدينة وتبوك .

وقال ابن منظور في " لسان العرب " :
( وذات الزراب ) : من مساجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة .

وقال ياقوت في " معجم البلدان " :
( الزراب ) : موضع فيه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بناه في مسيره إلى تبوك من المدينة .

وقال الزبيدي في " تاج العروس " :
( وذات الزراب ) : بالكسر من مساجد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بين مكة والمدينة شرفهما الله تعالى .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " :
( الزراب ) : ككتاب ويقال ذات الزراب في مساجد تبوك .

وقال ابن حبان في " السيرة النبوية " :
و مسجد بذات الزراب .

وقال ابن حبان في " الثقات " :
ومسجد بذات الزراب .

وقال الواقدي في " المغازي " :
و مسجد بذات الزراب .

وقال السمهودي في مساجد غزوة تبوك في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " :الثالث ( بذات الزراب ) على مرحلتين من تبوك .

" قلت " وبعد كل تلك النقول تبين بما لا يدع مجالا لشك أن قول الشيخ الباحث حمد الجاسر أن ( ذي المروة ) هي : ( أم زرب ) قول ليس بصائب البتة والصحيح هو ما أثبتناه ووافقنا عليه الباحث عاتق البلادي والله أعلم وأحكم .

,,, ولأخبار وتاريخ ذي المروة بقيه ,,,

أبن غنيم المرواني
12-09-2007, 10:51 PM
( استدراك على ما فات أستاذنا صالح في تاريخه : ( ملامح من تاريخ ينبع ) :

قال : أستاذنا صالح بن عبد اللطيف عليان .
في كتابه : ( ملامح من تاريخ ينبع ) , ج3 , قسم : أضواء على الشعر والأدب في ينبع
( أدب الفصحى ) :

أحمد بن محمد الحجازي الينبعي :

أصل هذا الشاعر من ينبع , إلا أنه ولد ومات في صنعاء باليمن , لم نقف على ما يدل على متى ارتحلت أسرة الشاعر من ينبع , إلا أنه احتفظ بنسبته إلى موطنه حتى أصبح لا يعرف إلا به .
يقول عنه الشوكاني ( في البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ) : الشاعر المشهور وهو من مشاهير الشعراء وله قصائد طنانة ومعاني رائقة , لو لم يكن له منها إلا ما وقع من تشبيه الهلال , الذي فاق من قبله ولم يلحق به من بعده وهو قوله :

ننظر في الغرب الهلال كأنه=من العاج مشط غاص في أخر الفرع

وهو ابن أخت الشاعر إبراهيم اليافعي الصنعاني , وقد سررت أيما سرور عندما وقفت على ترجمة خاله الشاعر إبراهيم المذكور حين قال ابن زبارة : وفد المترجم له وابن أخته الأديب ( أحمد بن محمد الحجازي الينبعي ) الآتية ترجمته على سيف الإسلام جمال الهدى علي بن المتوكل على الله إسماعيل بن قاسم الحسيني إلى اليمن الأسفل فامتدحاه بقصيدتين فأكرمهما واستحسن شعرهما وأبطأ عليهما بالجائزة فكتب إليه اليافعي :

جمال الهدى إنا نظمنا قصائدا=حكمت لنا فيها وأنت المقلد
وعندك للنقدين ذهن وراحة=فذا ناقد شعرا وهاتيك تنقد
وهل نحن إلا عصبة أدبية=نقيم الثناء فيمن نشاء ونعقد
ولو هجت البدر المنير لأوضحت=به وضحا وهو الرفيع المسود
فإياك والشح المطاع فإنه= لشر أب منه الهجا يتولد

وبدأت أتصفح الكتاب مبتهجا بهذه المعلومة التي قضيت في طلبها الأوقات من خلال البحث في كتب التراجم والرجال علي أجد ما أقدمه للقارئ , وأتيت على الثلاثة مجلدات من نشر العرف , ( إلا أني لم أعثر على ما وعد به المؤلف من ترجمة لشاعرنا ) , وأعدت الكرة مرات ومرات دون فائدة , وبدوري أبدي أسفي للقارئ لعدم تقديم إضافة جديدة لذا الينبعي .

ولم أعثر على أي ترجمة إلا ما أورده الشوكاني , وهكذا اختفت ثروة أدبية لا ندري ما كنهها إلا تمجيد الشوكاني لما وقف عليه منها , وهذا يدل على تمكن الشاعر حيث أنه نعته بالمشهور , إلا أني وحسب المراجع المتاحة لي لم أقف على شعره .
وقد يكون لا يزال مخطوطا في مكان ما , وعسى أن يرى النور على يد أحد الباحثين لنرى نتاج ( شاعر يرجع أصله من هذا البلد ) .
توفي بصنعاء سنة 1095 هـ تقريبا .


" يقول ابن غنيم المرواني "
أولا أرجوا أن تصل هذه الأسطر لأستاذنا القدير وكاتبنا المفضال صالح عبد اللطيف , عله يستدركها في طبعاته القادمة فجزاه الله خيرا على ما قدم حقا قد سررنا والله بصدور هذا التاريخ الكبير المسمى : ( ملامح من تاريخ ينبع ) الواقع في أربعة مجلدات , فهذا مجهود ضخم وعمل مقدر نشكر عليه أستاذنا صالح من أعماق قلوبنا , ونرجوا من أستاذنا القدير أن يتقبل منا هذا الاستدراك البسيط على ما فاته من ترجمة هذا العلم وإن كان استدراكنا هو الأخر لا يشبع الرغبة ولم يفي بالمطلوب ولكن حسبك أنه يعطيك شيئا بسيط من أبياته الشعرية التي قالها .

فقد ذكره المؤرخ المحبي الحموي المتوفى سنة 1111 هـ في : ( نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ) بقسم : لطائف لطفا اليمن . تحقيق : عبد الفتاح محمد الحلو ، طبعة : - دار إحياء الكتب العربية – القاهرة , ط 1 , سنة النشر : 1969م .
يقول :

أحمد الينبعي :

شهاب في سماء الفضل قد وقد ، تنفث أقلامه في عقود لا عقد , وضح في طريق المعارف وضوح النور الساطع ، ومضى في تحصيل شواردها مضاء السيف القاطع , وله بديهة لم تتعب في ميدان سبق بتخلف ، وأشعار سلمت من وصمة تعقيد وتكلف .

فمنها قوله :

سبى فؤادي ومن حاز الجمال سبى=ظبي من الترك ألهى حسنه العربا

منها :

والليل مشتمل بالغيم متشح=بالبرق قد وضعوا تاجاً له الشهبا
والبرق مستعر الإيماض متصل=كأنه قلب صب للنوى وجبا
أو أنه ضوء مصباح يمثله=ضحضاح ماء ولكن عندما إضطربا

وله من أخرى مطلعها :

سلوا عن فؤادي إن مررتم على سلع=فعهدي به لما التقى الركب بالجزع

" قلت " هذا المطلع من القصيدة وجدت أن الإمام العلامة إمام اليمن الصنعاني قد أقتبسه في قصيدة له تبلغ ثلاث وثلاثين بيتا ومطلعها والدليل على أنه قد أقتبسها منه أن أحمد الينبعي هذا متقدم عن الصنعاني وذلك أن الصنعاني متوفى سنة 1182 هـ :

سلا إن مررتم عن فؤادي على سلع=وقولا له طال الوقوف بذا الربع

منها :

كأن حروف العيس في فاحم الدجى=أحاديث سر أودعت جيد السمع
كأن سهيلا غرة فوق أدهم=يجاذبه رب العنان عن الرفع
وتنظر في الغرب الهلال كأنه=من العاج مشط غاص في آخر الفرع

هذا التشبيه محل نظر .

إلى أن تجلى عن دجى الليل صبحه=تجلى أمير المؤمنين عن النفع

" قلت " هذا قول باطل وغلو في المدح والنفع والضر بيد المولى سبحانه عز وجل ولا يشاركه فيه أحد من الخلق ولا يستغرب هذا من المترجم له فإنه زيدي من الزيديه وهي إحدى فرق الروافض .

وله :

شكئ إلى آسيه من رأسه=من قده يهزأ بالأس
قلت كلانا والهوى قد رسا=في القلب نشكو ألم الرأس

" قلت " وبحثت عن ترجمة له في تاريخ المحبي المسمى : (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر) , فلم أظفر بأي ترجمة له مع أنه قد ترجم له في كتابه هذا : ( نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ) , وبما أن العلم المراد البحث عنه من أعيان القرن العاشر فلينظر في كتب التراجم التي عنيت بترجمة أهل ذلك القرن والله أعلم .

أبن غنيم المرواني
12-09-2007, 11:17 PM
( باب : من نزل أو توفي ( بذي المروة ) من الصحابة ومشاهير العلماء )

عوسجة بن حرملة الجهني أو سبرة بن معبد الجهني النازل ( بذي المروة ) :

" يقول ابن غنيم المرواني "
قبل البدء يجب توضيح خطأ وقع فيه الشيخ الدكتور : / فهد بن سعد الزايدي الجهني المحاضر بجامعة أم القرى في كتابة : ( جهينة في عهد النبوة الفضيلة والصحبة ) فذكر من أسماء الصحابة من قبيلة جهينة , الربيع بن سبرة , وحقيقة أن هذا القول خطأ ووهم من الكاتب حيث أن الربيع بن سبرة تابعي من كبار التابعين وليس صحابيا وللاستزادة ينظر ترجمته في كتب الرجال والجرح والتعديل وقد ترجم له السخاوي في التحفة اللطيفة بإسهاب فليراجع هناك , والثابت بالإجماع أنه تابعي وإنما الصحابي هو والده سبرة بن معبد أو عوسجة بن حرملة على خلاف في ذلك .. هذا ما نود أن ننبه عليه وقد أشرنا إليه فليعلم .

نسبه :
ينتسب إلى قبيلة جهينة وهي قضاعية حميرية قحطانية على الصحيح من النسب .
( وهو ) : سبرة بن معبد ويقال سبرة بن عوسجة ويقال سبرة بن معبد بن عوسجة بن حرملة بن سبرة بن خديج بن مالك بن عمرو بن ذهل بن ثعلبة بن رفاعة بن نصر بن سعد بن ذبيان بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهني .

كنيته :
قيل : أبو ثرية ، وقيل : أبو بلجة ، وقيل : أبو الربيع , وقيل : أبو سبره .

له من الأبناء :
عبد الملك . الربيع . عبد العزيز . عبد الرحمن . وأما عبد الرحمن ففيه نظر فليعلم .

ترجمته :
قال ابن حجر في " الإصابة في تمييز الصحابة " في ترجمة عوسجة بن حرملة الجهني :
وروى عن أحمد بن محمد بن عروة الجهني , سمعت جدي عروة بن الوليد , يحدث عن أبيه , عن جده , عن عوسجة بن حرملة الجهني , أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم , وكان ينزل بالمروة وكان يقعد في أصلها الشرقي ويرجع نصف النهار إلى الدومة التي بني عليها المسجد , فكان يدور بين هذين الموضعين وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين رآه أعجب به ورأى من قيامه ما لم ير من أحد غيره من بطون العرب : ( يا عوسجة : سلني أعطك ؟؟ ) ,
وقال بن الكلبي عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألف يوم الفتح وأقطعه ( ذا مر ) .

" قلت " هذا الخبر أخرجه كذلك ابن الأثير الجزري بطوله وتمامه في " أسد الغابة بمعرفة الصحابة " وقال عقب ذلك أخرجه : ( ابن منده , وأبو نعيم ) .

وقال ابن عبد البر القرطبي في " الاستيعاب بمعرفة الأصحاب " :
سبرة بن معبد الجهني , ويقال ابن عوسجة بن حرملة .. سكن المدينة وله بها دار ثم أنتقل في آخر أيامه إلى المروة , وهو والد الربيع بن سبرة الجهني روى عنه أبنه الربيع , وروى عن الربيع جماعة , وأجلهم ابن شهاب حديثه في نكاح المتعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها بعد أن أذن فيها .

وقال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " :
سبرة بن معبد بن عوسجة , ويقال : سبرة بن عوسجة الجهني , أبو ثرية , ويقال أبو بلجة , ويقال أبو الربيع المدني له صحبة , وقع ذكره في حديث علقه البخاري في أحاديث الأنبياء , فقال : ويروي عن سبرة بن معبد وأبي الشموس أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أمر بالقاء الطعام يعني من أجل مياه ثمود ) , وقد ذكرت من وصله في حفيده عبد العزيز بن الربيع بن سبرة , وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم , وعن عمرو بن مرة الجهني على أختلاف فيه , وعنه أبنه الربيع كان ينزل ( ذا المروة ) مات في خلافة معاوية ,
قلت : فرق بن حبان بين سبرة بن معبد الجهني والد الربيع وبين سبرة بن عوسجة النازل في ( ذي المروة ) وذكره بن سعد فيمن شهد الخندق فما بعدها .

" قلت " لم يصب الإمام ابن حبان في التفريق بينهما حيث أنهما متلازمين لأنهما إسمين لرجل واحد وهو الجهني , فلا تفريق بينهما وسيتبين لنا ذلك في ترجمتنا له في هذا الموضع إنشاء الله .

قال المباركفوري في " تحفة الأحوذي " :
قال في التقريب : سبرة بن معبد الجهني والد الربيع له صحبة وأول مشاهده الخندق وكان ينزل المروة ومات بها في خلافة معاوية .

وقال الإمام البخاري في " التاريخ الكبير " :
سبرة بن معبد الجهني , قال مروان بن معاوية : سبرة بن عوسج له صحبة , نا الحميدي , نا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني , حدثني عمي عبد الملك بن الربيع , عن أبيه , عن جده , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم ) , وقال لي علي بن إبراهيم : حدثنا يعقوب بن محمد , نا سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة , عن أبيه , عن الربيع , عن سبرة , وكان يكنى أبا ثرية وهو حجازي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

وقال الحافظ ابن حجر في " الإصابة في تمييز الصحابة " :
سبرة بن عوسجة ذكره بن حبان في الصحابة , وقال : مات في ولاية معاوية وفرق بينه وبين سبرة بن معبد !! , وقال غيره : هما واحد , وهو سبرة بن معبد بن عوسجة نسب لجده .

وقال السخاوي في " التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة " :
سبرة بن معبد أو ابن عوسجة بن حرملة الجهني المدني , صحابي خرج له مسلم وغيره , وكان رسول علي إلى معاوية من المدينة بعد مقتل عثمان , وذكره ابن سعد فيمن شهد الخندق فما بعدها ,
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم , وعن عمرو بن مرة الجهني على اختلاف فيه , وعنه أبنه الربيع , وكان ينزل المروة مات في خلافة معاوية , وهو في التهذيب وأول الإصابة , ولكن قال ابن حجر في التهذيب : فرق ابن حبان بين سبرة معبد والد الربيع وبين سبرة بن عوسجة النازل في ( ذي المروة ) .

" قلت " قد فرق كذلك النووي بين سبرة بن معبد , وبين سبرة بن عوسجة في " تهذيب الأسماء " ولم يصب في ذلك لأنهما لرجل واحد كما بينا وسيأتي معنا مزيد توضيح .

وقال ابن عبد البر القرطبي في " الاستيعاب بمعرفة الأصحاب " :
سبرة بن معبد الجهني , ويقال ابن عوسجة بن حرملة .. سكن المدينة وله بها دار , ثم أنتقل في آخر أيامه إلى ( المروة ) وهو والد الربيع بن سبرة الجهني , روى عنه أبنه الربيع , وروى عن الربيع جماعة وأجلهم ابن شهاب , حديثه في نكاح المتعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها بعد أن أذن فيها .

قال ابن عساكر في " تاريخ مدينة دمشق " :
وكانت لسبره دار بالمدينة في جهينة , وكان نزل في آخر عمره ( ذا المروة ) فعقبه بها إلى اليوم , وتوفي سبرة في خلافة معاوية بن أبي سفيان .

" قلت " ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق متوفى سنة 571 هـ , فقوله عن عوسجة بن حرملة الجهني وعقبة بها ( إلى اليوم ) أي ( ذي المروة ) يدل ذلك على أن عقب ذلك الصحابي - رضي الله عنه - لم ينقطع وأنه قد تفرع من نسله بطون كثيرة , وإلا لما بقي عقبة إلى ذلك الزمن المتأخر , لأنه في مصطلح أهل الحديث يعتبر هذا القرن متأخر أي ما بعد القرن الخامس , ومن يدري لعل عقبة لا يزالون إلى اليوم في تلك المناطق , وما هو معلوم للكثير منا اليوم أنه لا تزال قبائل جهينة الحاضرة منها متمسكة بأرضها وجلهم يسكنون تلك الديار إلى اليوم وهم منتشرون في تلك المناطق ( ذي المروة ) وما جاورها فلله الحمد على ذلك .

وقال ابن عساكر في " تاريخ مدينة دمشق " :
سبرة بن معبد , ويقال ابن عوسجة بن حرملة بن سبرة ابن خديج بن مالك بن عمرو بن ذهل بن ثعلبة بن رفاعة بن نصر ابن سعد بن ذبيان بن رشدان بن قيس ابن جهينة أبو ثرية الجهني , له صحبة , سكن المدينة , وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث , وروى عنه أبنه الربيع بن سبرة , وكان رسول علي إلى معاوية بعد قتل عثمان يطلب بيعته من المدينة .

وقال السخاوي في " التحفة اللطيفة " في ترجمة الربيع ابن الصحابي سبرة بن معبد نزيل ( ذي المروة ) :
الربيع بن سبرة بن معبد الجهني المدني , يروي عن أبيه وله صحبة , وعن أنس , وعن عمر بن عبد العزيز , وعنه أبناه عبد العزيز , وعبد الملك , وعمارة بن غزية , وعمر بن عبد العزيز , ومات قبله وعبد العزيز بن عبد العزيز , وعمرو بن الحر , والليث , وابن لهيعة , وخلق منهم من أقرانه , الزهري , ويزيد بن أبي حبيب , وكان من علماء التابعين ,
وثقه العجلي , والنسائي , وابن حبان , وخرج له مسلم وغيره وهو في التهذيب .

" قلت " الربيع هذا ابن الصحابي سبرة بن معبد الجهني أو عوسجة بن حرملة على خلاف في ذلك وكنيته أبو عبد العزيز .

وروى أبي داود في " سننه " فقال :
حدثنا سليمان بن داود المهري , أخبرنا بن وهب , حدثني سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني , عن أبيه , عن جده , أن النبي صلى الله عليه وسلم : نزل في موضع المسجد تحت دومة , فأقام ثلاثا , ثم خرج إلى تبوك , وإن جهينة لحقوه بالرحبة , فقال لهم : ( من أهل ذي المروة ؟؟ , فقالوا : بنو رفاعة من جهينة , فقال : قد أقطعتها لبني رفاعة فاقتسموها فمنهم من باع , ومنهم من أمسك فعمل ) , ثم سألت أباه عبد العزيز عن هذا الحديث فحدثني ببعضه ولم يحدثني به كله .

" قلت " قال الألباني : إسناده حسن .
وقد روى هذا الحديث البيهقي في السنن الكبرى من طريق أبو داود ,
ورواه أيضا الأصبهاني في " تاريخ أصبهان " وفي " أخبار أصبهان " من طريق أخر , خلال ترجمته لعلي بن محمد بن عمر وفي نسخته تصحيف لأسماء المواضع سنبين خطأها , وقوله : ( بالرحبة ) فالرحبة هي الأرض الممتدة الواسعة ومنها قوله تعالى : ( وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ) .

روى أبو نعيم الأصبهاني في " تاريخ أصبهان " فقال :
حدثنا أبي ثنا علي بن محمد بن أبان ثنا محمد بن أيوب ثنا إبراهيم بن يحيى الشجري حدثني أبي عن محمد بن إسحاق عن أبي إسحاق عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل تحت دومة ذي شجب ونزل تحتها مبكرا فصلى تحتها وراح ممسيا .

" قلت " التصحيف هنا في قوله ( ذي شجب ) والصحيح هو ( ذي خشب ) وسيأتي معنا تحديد رسم موضعه وسنفرد له باب خاص بعون الله إن وجدنا سعة وقت .

وقال الواقدي في " المغازي " :
وكانت مساجده في سفره إلى تبوك معروفة , صلى تحت دومة بذي خشب ، ومسجد الفيفاء ، ومسجد بالمروة ، ومسجد بالسقيا ، ومسجد بوادي القرى ...

" قلت " سبق أن مر معنا قبل أسطر أنه في ( ذي المروة ) نزل تحت دومة هناك وهنا في ( مسجد ذي خشب ) روي أنه صلى تحت دومة فكيف هذا ؟؟ , نقول ليس في هذا غرابة ولا تضارب في الروايات , حيث أن من يعرف تلك المناطق والديار لا يستغرب ذلك حيث إن صح التعبير تعتبر مستودعا لشجر الدوم ووجوده في تلك المناطق كثير جدا , وبخاصة في الأراضي المستوية وعلى ضفاف الأودية , ونحن قد أكلنا بعض منه في سنين قد خلت بتلك الديار , وبخاصة في هذه الهجر الزباير والأبرق وأميره , وما أكثره في الأبرق !! , فلله الحمد على فضائل تترى , ونعم لا تحصى .

وقال الصفدي في " الوافي بالوفيات " :
أبو الربيع الجهني : سبرة بن معبد , ويقال ابن عوسجة , أبو ثرية الجهني له صحبة سكن المدينة , وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث , وروى عنه أبنه الربيع وكان رسول علي إلى معاوية بعد قتل عثمان فطلب بيعته من المدينة فلم يجبه ورده , وكان له دار في المدينة في جهينة , وتوفي في حدود الستين من الهجرة , وروى له مسلم .

وقال السمعاني في " الأنساب " :
( المروتي ) :
بفتح الميم والواو بينهما الراء الساكنة وفي أخرها التاء ثالث الحروف , هذه النسبة إلى ( ذي المروة ) وهي قرية فيما أظن بالمدينة , منها حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة الجهني , قال ابن أبي حاتم من أهل ( ذي المروة ) روى عن عمه عبد الملك بن الربيع , والحكم بن موسى , ودحيم , وأحمد بن عمرو بن السرح , والحميدي , ويعقوب بن حميد , يروي عن أبية عن جده عن عثمان وعمر أبني مضرس بن عثمان الجهنيين عن أبيهما عن عمرو بن مرة الجهني , وهما أبنا عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم , قال يروي عن عبد الحكيم بن شعيب هو ( المروتي ) من أهل ( ذي المروة ) عن ابن لعبد الله بن سلام عن أبية عن النبي صلى الله عليه وسلم , روى عنه أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقي الفراديسي .

" قلت " ( ذي المروة ) ليست من المدينة إنما يقال من أعراض المدينة , كما بينا ذلك ولله الحمد والمنة , وينظر أيضا الجزري في " اللباب في تهذيب الأنساب " :

وقال الجزري في " اللباب في تهذيب الأنساب " :
( المروي ) :
بفتح الميم والراء وفي آخرها واو , هذه النسبة إلى ( مروة ) وهي مدينة بالحجاز نحو وادي القرى , منها أبو غسان محمد بن عبد الله بن محمد المروي , سمع بالبصرة أبا خليفة الجمحي , روى عنه أبو بكر أحمد ابن محمد بن عبدوس النسوي سمع منه بالمروة .

وقال السمعاني في " الأنساب " :
( المروي ) :
بفتح الميم والراء وفي أخرها الواو , هذه النسبة إلى ( مروة ) وهي مدينة بالحجاز بناحية وادي القرى , منها أبو غسان محمد بن عبد الله بن محمد المروي سمع بالبصرة أبا خليفة الفضل بن الحباب الجمحي البصري , روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي , وذكر أنه سمع ( بالمروة ) وهي مدينة بالحجاز .

وقال الحافظ ابن حجر في " تبصير المنتبه بتحرير المشتبه " :
( المروى ) :
بسكون الراء أبو غسان محمد بن عبد الله ، روى عن أبي خليفة , وبفتح الواو ثم مثناه قبل ياء النسب , حرملة بن عبد العزيز الجهني المروتي ، من ( ذي المروة ) وأل بيته .

وقال السيوطي في " لب اللباب في تحرير الأنساب " :
( المروتي ‏) :‏ بفتح أوله والواو ثم فوقية إلى ( ذي المروة ) قرية بمكة أو المدينة‏ . ( المروي‏ ) :‏ بفتحتين إلى ( مروة ) قرية بالمكة أو المدينة .
( المروي‏ ) :‏ بفتحتين إلى ( مروه ‏) مدينة بالحجاز نحو وادي القرى‏ .‏

وقال ياقوت في " معجم البلدان " :
( وذو المرو ) : قرية بوادي القرى , وقيل بين خشب ووادي القرى , نسبوا إليها أبا غسان محمد بن عبد الله بن محمد المروي , سمع بالبصرة أبا خليفة الفضل بن الحباب , روى عنه أبو بكر محمد بن عبدوس النسوي سمع منه ( بذي المروة ) .

وقال الزبيدي في " تاج العروس " :
( مروة ) : مدينة بالحجاز نحو وادي القرى , منها أبو غسان محمد بن عبد الله المروي , قاله ابن الأثير ,
( وذو المروة ) : من أعراض المدينة كان سكن أبي بصير عتبة بن أسيد الصحابي
, وقرية أخرى من أعمال مكة منها حرملة بن عبد العزيز الجهني .

" قلت " لم يوفق مرتضى الزبيدي في التفريق بين الـ ( مروة , وذو المروة ) حيث أن كلمة ( ذو ) زيادة وليست من أصل الاسم ولا مروة في الحجاز إلا ما نترجم لها في هذا الموضع فليعلم .

" قلت " وعندما كان أبو جندل وأبو بصير رضي الله عنهما ( بذي المروة ) مرابطين يتعرضون لقوافل قريش القادمة من الشام , فاختاروا ( ذي المروة ) لأنها تقع على طريق الشام ومصر , وكان كل من ينفلت من قريش ينظم إليهم مع من أنضم إليهم من القبائل المجاورة كجهينة ومزينة حتى بلغ عددهم السبعين رجلا فكانوا يتنقلون في ديار قبيلة جهينة ما بين بلاد الينبعين فالعيص فوادي القرى فالمروة ( المارمية ) فلما بلغهم أن قريشا تهددهم , قال أبو جندل : وكان حينها في ( ذي المروة ) :


أبلغ قريشا عن أبي جندل=أنا بذي المروة بالساحل
في معشر تخفق أيمانهم=بالبيض فيها والقنا الذابل
يأبون أن يبقى لهم رفقة=من بعد إسلامهم الواصل
أو يجعل الله لهم مخرجا=والحق لا يغلب بالباطـل
فيسلم المـرء بإسلامـه=أو يقتل المرء ولم يأتـل

" قلت " نعم إنها عزة المؤمن إنها الأنفة والكبرياء , التي لا تخضع إلا لرب الأرض والسماء .

,,, ولاخبار تاريخ ذي المروة بقيه ,,,

أبن غنيم المرواني
14-09-2007, 12:13 AM
كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعوسجة بن سبرة وإقطاعة له ( ذي المروة ) :

روى ابن سعد في " الطبقات الكبرى " فقال :
قالوا وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعوسجة بن حرملة الجهني :
( بسم الله الرحمن الرحيم , هذا ما أعطى الرسول عوسجة بن حرملة الجهني من ( ذي المروة ) أعطاه ما بين بلكشة , إلى المصنعة , إلى الجفلات , إلى الجد جبل القبلة , لا يحاقة أحد ومن حاقة فلا حق له وحقه حق وكتب عقبة وشهد ) .

ونقل ذلك ابن كثير في " البداية والنهاية " فقال :
( قال بسم الله الرحمن الرحيم , هذا ما أعطى محمد رسول الله عوسجة بن حرملة الجهني من ( ذي المروة ) وما بين بلكثه , إلى الظبية , إلى الجعلات , إلى جبل القبيلة , فمن خافه فلا حق له وحقه حق وكتبه العلاء بن عقبة ) .

ونقل ذلك ياقوت في " معجم البلدان " فقال :
وفي حديث عمرو بن حزم قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( هذا ما أعطى محمد النبي عوسجة بن حرملة الجهني من ( ذي المروة ) إلى ظبية , إلى الجعلات , إلى جبل القبلية , لا يحاقه فيه أحد فمن حاقة فلا حق له ولا حقه حق وكتب العلاء بن عقبة ) .

وروى ابن عساكر في " تاريخ مدينة دمشق " :
( بسم الله الرحمن الرحيم , هذا ما أعطى محمد رسول الله عوسجة بن حرملة الجهني من ( ذي المروة ) وما بين بلنكثة , إلى الطينة , إلى الجعلاب , إلى جبل الفيلة , لا يخاف فيه أحد فمن خافه فلا حق له وحقه حق وكتب العلاء بن عقبة بذلك

" قلت " ظهر أن هناك عدة اختلافات وتصحيفات في ذكر رسوم المواضع فمثلا قالوا :
( الظبية ) : عند ابن كثير في البداية والنهاية ( الظبية ) , وعند ابن عساكر في تاريخ دمشق ( الطينة ) , وفي مختصر تاريخه لابن منظور ( الطيبة ) .
والصحيح من الأقوال هو : ( الظبية أو ظبية ) وأيد ذلك كل من ابن منظور في " لسان العرب " , والجزري في " النهاية في غريب الحديث والأثر " , والحازمي في " الأماكن " , والسمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " وهو الصحيح وقد أثبتناه .

( بلكثة ) : عند ابن سعد في الطبقات ( بلكشة ) , وهو تصحيف واضح والصحيح ما أثبتناه وهو : ( بلكثة ) بالكاف والثاء , وأيد ذلك ابن كثير في " البداية والنهاية "

قال الباحث حمد الجاسر في " بلاد ينبع " في ملحق بلاد جهينة ومنازلها القديمة :
( بلكثة ) : ورد ذكرها في إقطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم عوسجة بن حرملة الجهني , وهي واحدة من بلاكث , ( وبلاكث ) : على ما جاء في معجم البلدان , نقلا عن يعقوب بن السكيت : قارة عظيمة فوق ذي المروة بينه وبين ذي خشب , ببطن إضم .

" قلت " ويقول عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة لما بلغ بلكثة :

بينما نحن في ( بلاكث ) بالقاع=سراعا والعيش تهوي هويا
ويبدوا أنه يقصد في ( بلكثة ) التي في هذه الأبيات بلكثة التي تقع في الحجاز لا بلكثة الشام ولا يمنع ذلك بأن هناك موضع آخر بالشام يسمى بلاكث وهذه الأبيات إنما قالها عندما بلغ بلكثة التي هي من أعراض الحجاز وكان في طريقة إلى الحجاز ومعلوم أن ( ذي المروة ) هي ممر لطريق الشام ومصر وأيد هذا القول ابن منظور في لسان العرب فليراجع هناك .

وقال الفيروز أبادي في " المغانم المطابة " :
( بلاكث ) : بالفتح وكسر الكاف بعدها مثلثة , بجنب برمة وبرمة هو عرض عظيم من أعراض المدينة , وقال يعقوب : بلكثة قارة عظيمة بين ذي خشب ( وذي المروة ) ببطن إضم .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
( بلا كث ) : بفتح أوله وكسر الكاف بعدها ثاء مثلثة على بناء فعالل , وهما موضعان ( فبلاكث ) الواحدة بين المروة وشبكة الدوم قريب من برمة المتقدمة الذكر فوق خيبر من طريق مصر وشبكة الدوم هذه عرض من أعراض المدينة ..
( وبلاكث ) الأخرى بين غزة ومدين وكلاهما على طريق مصر ..
( الجزلاء ) : واد هناك أيضا وشعر كثير هذا يدلك أن بلاكث هذه بين ديار قضاعة .

ويقول دريد بن الصمة في تحديد موضع ( بلاكث ) وأنها من ديار قضاعة :

ويموم شباك الدوم دانت لديننا=قضاعة لو ينجي الذليل التحوب
أقيم لهم بالقاع قاع بلاكث=إلى ذنب الجزلاء يوم عصبصب

" قلت " قوله الجزلاء يعني به ( الجزل ) وهو وادي الجزل القريب من بلاكث .

ويقول كثير عزة الينبعي في موضعها :

فلم تقرض بلاكث عن يمين=ولم تمرر على سهل العناب

ويقول فيها أيضا كثير عزة ويقرنها بموضع برمة وهو موضع قريب من بلكثة :

نظرت وقد حالت بلاكث دونهم=وبطنان وادي برمة وظهورها

وقال الهمداني في " صفة جزيرة العرب " :
( بلاكث ) : بين المروة وشبكة الدوم قريب من برمة‏ .‏

" قلت " وبعد كل تلك النقول تبين الخطأ الواقع في نسخة ابن سعد في الطبقات الكبرى وهو قوله ( بلكشة ) والصحيح ما أثبتناه بالثاء وليست بالشين .
( القبلية ) : عند ابن سعد في الطبقات الكبرى ( القبلة ) , وعند ابن كثير في السيرة النبوية والبداية والنهاية ( القبيلة ) , وعند ياقوت في معجم البلدان ( القبلية ) مضبوطة وصحيحة , وعند حمد الجاسر في " بلاد ينبع " .

قال الزمخشري في " الجبال و الأمكنة و المياه " :
القبلية : قال الشريف علي : سراة فيما بين المدينة و ينبع , فما سال منها إلى ينبع يسمى بالغور ، و ما سال في أودية المدينة يسمى بالقبيلة ، و حدها من الشام ما بين الحث وهو جبل من جبال بني عرك من جهينة , وما بين شرف السيالة ، والسيالة أرض تطؤها طريق الحاج .
فأودية القبيلة : ( التاجة , وحزرة , ومشغر , والرس , وحوزة , وحراضان , وظلم , وملحتان , وبواط , ومنكثة , ورسوس , ( والعشيرة ) , والبلياء , وتيتد وهو المعروف بأذينة ، وفيه عرض فيه المنخل من صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم , نحلها فاطمة صلوات الله عليها ، وشميسي , و الناصيفة ) .

وجبل القبيلة : ( الزغباء , والأجرد , والحث , والقلادة , والكوبرة , والمقشعر , وصرار , وسكتاب , وقاعس ، وفية نقب أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة ناهض من ينبع إلى مدينة ، والمحيلة ، وذو القصة ، و بين ذي القص وبين المدينة أربعة و عشرون ميلا .

" قلت " نقل هذا الأسطر كاملة الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " , وكذلك نقلها ياقوت الحموي في " معجم البلدان " , وحمد الجاسر في " بلاد ينبع " ولكن في - الطبعة الأولى – لكتابه خطأ مطبعي حيث الرسم فيه هو ( القلية ) .

وفي في ما نقله الزمخشري في الأسطر السابقة قال في أودية القبلية : ( منكثة ) ,
( بلكثة ) : وجمعها ( بلاكث ) وقد ذكرناها سابقا .
( منكثة ) : وسنذكرها إن شاء الله .
( مبكثة ) : وسنذكرها بعون الله .

أما الثانية وهي : ( منكثة ) فكل من ذكرها نقلها من قول الزمخشري السابق نقلا عن علي بن هواس , وهم ياقوت في " معجم البلدان " وعزاه للزمخشري , والفيروز أبادي في " المغانم المطابة " وعزا النقل للزمخشري , والسمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " ولم يعز قوله لأحد .

قال ياقوت في " معجم البلدان " :
( منكثة ) : بالفتح اسم المكان من نكث ينكث .. وهو واد من أودية القبلية عن الزمخشري عن علي .

وقال السمهودي في " الوفاء " :
( منكثة ) : من أودية القبلية يسيل من الأجرد .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
( مبكثة ) : بفتح أوله وإسكان ثانيه بعده الكاف المفتوحة والثاء المثلثة والهاء , ويقال : ( مبكث ) بلا هاء موضع مذكور في رسم الأجرد المتقدم في حرف الهمزة .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " في رسم موضع ( الأجرد ) :
( مبكثة ) : وهي تلقاء وادي بواط , ويلي مبكثة رشاد .

" قلت " ولم يتحدث أو يتعرض لكل هذه الرسوم والمواضع الشيخ الباحث : حمد الجاسر في كتابه : " بلاد ينبع " , وإن كنت أرى أنه بغض النظر عن الاختلاف الحاصل في رسم الاسم فالثابت أنه واد من أودية الأجرد .

أما قوله الشريف علي فيقصد بة المسمى : السيد علي بن وهاس العلوي الحسيني الزيدي المتوفى بمكة حوالي سنة 555 هـ وقد رافقه الزمخشري وسمع منه ذلك عندما جاور مكة لحوالي خمس سنين فألف حينها في مكة شرفها الله تعالى تفسيره المسمى : ( الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ) وقد ذكر علي هذا في مقدمة كتابه الكشاف , وهو كتاب مهم جدا لا يستغني عنه أهل اللغة العربية , ولكن يجب الحذر مما فيه من عقيدة الاعتزال فالزمخشري من المعتزلة وقد توفي الزمخشري سنة 538 هـ وقد جعل ياقوت في " معجم البلدان " هذه أسماء المواضع التي ذكرها الزمخشري نقلا عن علي هذا عمدة له خلال ذكره رسوم ومواضع قبيلة جهينة قديما .

( الجعلات ) : قال ابن سعد في الطبقات ( الجفلات ) وقال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ( الجعلاب ) ولابن منظور في مختصر تاريخ مدينة دمشق ( الجعلاب )
والصحيح أن كل هذه الرسوم تصحيف وتحريف والصحيح ما أثبتناه من أنها الجعلات , نقل ذلك الحازمي في " البلدان " , وابن كثير في " البداية والنهاية " , وياقوت في " معجم البلدان " , والسمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " , وحمد الجاسر في " بلاد ينبع " وقال : ولم أجد فيما بين يدي من الكتب ضبطا أو تحديدا لهذا الموضع ,
وعلى هذا تبين أن ما أثبتناه هو الصحيح والله أعلم .

أبن غنيم المرواني
14-09-2007, 01:02 AM
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المولود في ( ذي المروة ) المسماة ( المارمية ) :

ما لا يعرفه الكثير من الناس اليوم بل ويجهله كثير من طلبة العلم اليوم هو أن إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي المدني الحميري – رحمة الله تعالى – أنه مولود في ( ذي المروة ) وهذه البلدة هي التي نكتب شي من تاريخها في هذه الرسالة الصغيرة , إنه مالك بن أنس إمام الدنيا وأعلم أهل زمانه ومن أكابر التابعين وماذا عسى أن أقول في مالك فإن أردنا وصفة كنا كمن يريد أن يصف الشمس في رابعة النهار !! , ولعل هذه البلدة المباركة ( ذي المروة ) التي أنجبت هذا العلم الكبير من أعلام الإسلام إنما أنجبته بفضل دعوات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأهل تلك البلدة حينما دعاء لها ولأهلها بالبركة والرحمة حينما مر بها وهو في طريقة لغزوة تبوك , فهاهي ( ذي المروة ) المسماة في وقتنا الحاضر ( المارمية ) تخرج لنا علم من أعلام التابعين مالك بن أنس الحميري بفضل الله ثم بفضل بركة دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى مالك بقوله : ( ينقطع العلم فلا يبقى عالم أعلم من عالم المدينة ) ,
وقال صلى الله عليه وسلم : ( يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل لا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة )
وقال صلى الله عليه وسلم :
( يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون أعلم من عالم المدينة ) ,
قال سفيان بن عيينة : كانوا يرونه مالكا , وقال عبد الرزاق : كنا نرى أنه مالك ,

فأي عالم عرف وأشتهر أمره بالمدينة النبوية غير مالك ؟؟ إن أردنا تفسير تلك الأحاديث النبوية فلا تفسير لها سوء مالك بن أنس رضي الله عنه , والله أعلم .

" يقول ابن غنيم " ولد الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة ( بذي المروة ) سنة 93 هـ أنظر إلى ما نقله السخاوي في " فتح المغيث " نقلا عن يحيى بن بكير وأيضا قول الخطاب في " مواهب الجليل شرح مختصر خليل " وغيرهم .

قال القاضي عياض في " مشارق الأنوار " :
الموطأ للإمام أبي عبد الله مالك بن أنس الحميري ثم الأصبحي النسب القرشي ثم التيمي بالحلف الحجازي ثم المدني الدار والمولد والنشأة .

ويقول الخطاب في " مواهب الجليل شرح مختصر خليل " :
ولد رحمه الله : ( بذي المروة ) موضع من مساجد تبوك على ثمانية برد من المدينة هكذا ذكر بعضهم وقال القاضي عياض في أول المشارق : إنه مدني الدار والمولد والنشأة ولا منافاة بينه وبين ما قبله لأن ذا المروة من أعمال المدينة .

وقال السخاوي في " فتح المغيث " عن موضع مولد الإمام مالك :
موضع مولده ( بذي المروة ) فيما قاله يحيى بن بكير .

أسمه :مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن عثمان بن جثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح الأصبحي الحميري .

كنيته :
أبي عبد الله .

نسبه :
من ذي أصبح المسماة الأصبحي ثم الحميري ثم القحطاني , وذي أصبح الذي صارت تنسب إليه هذه القبيلة المشهورة الذي أحد أبنائها هو الإمام مالك هو من أقيال اليمن ( قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ) أسمه : الحرث ابن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة وهو من يعرب بن قحطان .

" قلت " ما نسبه الحافظ ابن حجر من أسمه ناقص , فالأقرب كما عند ابن عبد البر في التمهيد : الحرث بن مالك بن زيد بن قيس بن صيفي بن زرعة بن حمير الأصغر ابن سبأ الأصغر بن كعب كهف الظلم ابن بديل بن زيد الجمهور بن عمر بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن معن بن عريب بن زهير بن أيمن ابن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يغوث بن قحطان , وأهل النسب على خلاف كبير في نسب حمير وقحطان قديما وحديثا وكل منهم يزيد على الأخر ولو تعمقنا في هذا المبحث لتشعبت بنا المسالك فخرجنا عن مرادنا من كتابة هذا الرسالة .

مصنفاته : 1-
1- صنف الموطأ في الحديث , وقال عنه الإمام الشافعي : ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك ,
2- وكذلك جمع أثارة وفتاواه الإمام سحنون عن ابن القاسم في مجلدات وسماها : ( المدونة الكبرى ) وتبلغ ستة عشرا جزاء .

" قلت " قول الإمام الشافعي هذا قبل أن يدون الإمام البخاري ومسلم صححيهما , أما وقد دونا الصحيح فلا حجة فيه اليوم فلا أصح بما تحت أديم السماء بعد كتاب الله من صحيح البخاري لأبي عبد الله الجعفي البخاري , ومن ثم بعده صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري .

ترجمته :
قال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " :
أبو عبد الله المدني الفقيه أحد أعلام الإسلام , إمام دار الهجرة ,.. قال محمد بن إسحاق الثقفي : سئل محمد بن إسماعيل البخاري عن أصح الأسانيد ؟؟ , فقال : مالك , عن نافع , عن بن عمر , وقال علي بن المديني : عن بن عيينة : ما كان أشد انتقاد مالك للرجال وأعلمه بشأنهم !! , قال : وقيل : سفيان أيما كان أحفظ سمي أو سالم أبو النضر ؟؟ قال : قد روى مالك عنهما .
وقال علي عن بشر بن عمر الزهراني : سألت مالكا عن رجل ؟؟ , فقال : رأيته في كتبي ؟؟ , قلت : لا , قال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي , قال علي : لا أعلم مالكا ترك إنسانا إلا إنسانا في حديثه شيء , وقال الدوري : عن بن معين : كل من روى عنه مالك فهو ثقة , إلا عبد الكريم .

وقال بن لهيعة : قدم علينا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن سنة ست وثلاثين , فقلنا له : من بالمدينة يفتي ؟؟ , قال : ما ثم مثل فتى من ذي أصبح يقال له مالك ,

وقال حسين بن عروة عن مالك : قدم علينا الزهري فحدثنا نيفا وأربعين حديثا فقال له ربيعة ها هنا من يرد عليك ما حدثت به أمس قال ومن هو قال بن أبي عامر قال هات فحدثته منها بأربعين فقال ما كنت أقول أنه بقي أحد يحفظ هذا غيري وقال عمرو بن علي عن بن مهدي حدثنا مالك وهو أثبت من عبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة وإسماعيل بن أمية وقال الحارث بن مسكين سمعت بعض المحدثين يقول قد قرأ علينا وكيع فجعل يقول حدثني الثبت حدثني الثبت فقلنا من هو قال مالك .

وقال حرب : قلت لأحمد : مالك أحسن حديثا عن الزهري أو بن عيينة ؟؟ , قال : مالك , قلت : فمعمر ؟؟ , فقدم مالكا , إلا أن معمرا أكبر , وقال عبد الله بن أحمد : قلت لأبي : من أثبت أصحاب الزهري ؟؟ , قال : مالك أثبت في كل شيء .. وقال يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي : إذا جاء الأثر فمالك النجم , ومالك وابن عيينة القرينان .. وقال أبو مصعب عن مالك : ما أفتيت حق شهد لي سبعون إني أهل لذلك , وقال الفضيل بن زياد : سألت أحمد بن حنبل عن ضرب مالك ؟؟ , فقال : ضربه بعض الولاة في طلاق المكره وكان لا يجيزه .

وقال النسائي : ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك ولا أجل منه ولا أوثق ولا آمن على الحديث منه ولا أقل رواية عن الضعفاء ما علمناه حدث عن متروك إلا عبد الكريم .
وقال بن حبان في الثقات : كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث ولم يكن يروي إلا ما صح ولا يحدث إلا عن ثقة مع الفقه والدين والفضل والنسك وبه تخرج الشافعي .
وروى بن خزيمة في صحيحة عن بن عيينة قال : إنما كنا نتبع آثار مالك وننظر إلى الشيخ أن كتب عنه وإلا تركناه .. قال أبو جعفر الطبري إني سمعت بن مهدي يقول ما رأيت رجلا أعقل من مالك .

" يقول ابن غنيم المرواني "
والإمام مالك فضائله كثيرة لا تسعها هذه الأسطر ولو أسهبنا في ترجمته لطال بنا المقام , إنما ذكرنا شي من سيرته لكونه أحد أبناء ( بلاد الينبعين ) وتحديدا ( ذي المروة ) فقد ولد على أرضها ثم بعد ذلك توجه نحو طيبة الطيبة المجاورة لذي المروة , ومن أراد الانبساط في سيرته فقد دون لسيرته عدد من المؤلفات نذكر منها على سبيل المثال : ( تزيين الممالك بمناقب الإمام مالك ) , للسيوطي , ( ومناقب مالك ) : لا بن حبان , ( ومناقب مالك ) للجعابي , ( ومناقب مالك ) للدينوري , ( ومناقب مالك ) للنيسابوري , وغيرها .

ويقول أبو البركات شرف الدين الموصلي الأربلي في قصيدة طويلة يمدح بها الأئمة الأربعة ومنهم مالك بن أنس :

وقائل عبد الكريم مالكا=لا تمدح الحبر الإمام مالكا
وتمدح المطلبي بعده=وابن هلال أحمد المباركا
قلت له فاسمع مديحي فيهم=فإنني لست لذاك تاركا
وكيف لا أمدح أشياخ الهدى=وكلهم للحق كان سالكا
أما الإمام الأصبحي مالك=فحبه للقلب أمسى مالكا
فقيه دار الهجرة المفتي بها=ناهيك من فخر له بذلكا
نجم الرواة ذو الوقار لا يرى=في مجلس العلم لديه ضاحكا
طوبى له من رجل مؤيد=بالحق قوال به طوبى لكا
والشافعي لست أنسى ذكره=ألق لمدحيه خليلي بالكا

" قلت " قوله : " لا يري في مجلس العلم لديه ضاحكا " نعم كان الإمام مالك رحمه الله من طلاب العلم في حلقته لا يضحك أحدهم أبدا هيبة ووقار له – رحمه الله – وكانت له عادة حسنة ملازما لها لم يتركها - طوال حياته - وهي أنه كان لا يجلس في حلقة العلم للتحديث ويحدث إلا وهو طاهر وعلى وضوء وذلك احتراما وإجلالا منه رحمة الله لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومعلوم أن ذلك ليس بواجب ولكن تلك مراتب عليا لا ينالها إلا من أراد الله به خيرا , ومن يرد الله بها خيرا يفقه بالدين .

وفاته :توفي الإمام مالك سنة 179 هـ بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع وقد عاش 84 سنة – رحمة الله تعالى - .

,,, ولأخبار وتاريخ ذي المروة بقية ,,,

أبن غنيم المرواني
14-09-2007, 01:05 AM
عبد الحكيم بن شعيب المروتي من أهل ذي المروة ( المارمية ) :

قال أبي حاتم في " الجرح والتعديل " :
عبد الحكيم بن شعيب من ذي المروة روى عن عون بن عبد الله بن سلام روى عنه حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة سمعت أبى يقول ذلك .

وقال البخاري في " التاريخ الكبير " :
عبد الحكيم بن شعيب عن بن عبد الله بن سلام روى عنه حرملة بن عبد العزيز

وقال ابن حبان في " الثقات " :
عبد الحكيم بن شعيب يروى عن يوسف بن عبد الله بن سلام روى عنه حرملة بن عبد العزيز .

" قلت " عبد الحكيم بن شعيب يعتبر مجهول الحال لا مجهول العين , لأن مجهول العين من وجد له أسم في سند من أسانيد الحديث النبوية ولم يوجد له ترجمة في كتب التراجم والرجال , أما مجهول الحال فهو من ذكر أسمه وسكت عنه أهل الجرح والتعديل فلم يجرحوه ولم يعدلوه , وعبد الحكيم بن شعيب قد سكت عنة أئمة الجرح والتعديل كالإمام البخاري في التاريخ الكبير ذكره وسكت عنه , وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ذكره وسكت عنه , ولم ينفرد بتوثيقه سوى ابن حبان في الثقات , وهذا يعتبر تعديل له ولحاله ولكن العلماء من أهل هذه الصنعة لا يقبلون توثيق ابن حبان إذا أنفرد بالتوثيق لراوي من الرواة لأنه يعتبر متساهل في التوثيق – رحمة الله - وقد انفرد هنا بتوثيق عبد الحكيم بن شعيب فلا يقبل توثيقه , وإنما الصحيح أنه مجهول الحال والله أعلم .

.

أبن غنيم المرواني
14-09-2007, 01:07 AM
حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبره بن معبد المروتي الجهني من أهل ( ذي المروة )

نسبه :
الجهني الأصل والنسب , المروتي الموطن والسكن سمي بذلك نسبة إلى ( ذي المروة ) المسماة ( المارمية ) الواقعة بالقرب من العيص بجوار بلاد ينبع .

كنيته :
أبو سعيد كناه بذلك البخاري , ومسلم في الكنئ والأسماء , والدولابي في الكنئ والأسماء , وابن منده في الكنئ والألقاب , وقال المزي : أبو سعيد الحجازي .

سكنه :
سكن مصر ولم يستقر بها , وذي المروة وهي موطنه الأصلي ومستقره .

روى عن جماعة منهم :
أبية الربيع بن سبرة الجهني , عمة عبد الملك بن الربيع الجهني , صاحبة مالك بن أنس من أهل بلده ذي المروة , عبد الحكم بن شعيب المروتي من أهل بلده ذي المروة , عمر بن مضرس بن عثمان الجهني , عثمان بن مضرس بن عثمان الجهني , عون بن عبد الله بن سلام , أشعث بن سعيد ,

وروى عنه جماعة منهم :
حدث عنه جماعة وطائفة كبيرة من أهل العلم لا يتسع المقام لذكرهم .

حالة من حيث الجرح والتعديل :
روى له البخاري ومسلم في صححيهما , وقال يحيى بن معين : ليس به بأس , وقال الإمام الذهبي : صدوق , وقال الحافظ ابن حجر : لا بأس به صدوق من الثامنة , وقال ابن حبان : ثقة من شيوخنا .

ترجمته :
قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " :
حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة الجهني , ( من أهل ذي المروة ) روى عن عمه عبد الملك بن الربيع , روى عنه الحكم بن موسى , ودحيم , والحميدي , ويعقوب بن حميد , وأحمد بن عمرو بن السرح , سمعت أبي يقول ذلك , قال أبو محمد وروى عن أبيه عن جدة وعن عثمان وعمر ابنا مضرس بن عثمان الجهنيان عن أبيهما عن عمرو بن مرة الجهني , وهما ابنا عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم , وروى عن عبد الحكيم بن شعيب ( من أهل ذي المروة ) عن بن لعبد الله بن سلام , عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم , وروى عنه إسحاق بن إبراهيم أبو النضر الدمشقي الفراديسي حدثنا عبد الرحمن انا يعقوب بن إسحاق الهروي فيما كتب الي قال انا عثمان بن سعيد الدارمي قال قلت ليحيى بن معين حرملة بن عبد العزيز قال ليس به بأس قلت فيروي حرملة عن عثمان وعمر ابني مضرس حديث عمرو بن مرة الجهني من هما قال ما اعرفهما .

وقال ابن حبان في " الثقات " :
حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني كنيته أبو سعيد من أهل مصر يروى عن أشعث بن سعد وكان راويا لابن وهب حدثنا عنه بن مسلم وغيره من شيوخنا مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين .

وقال ابن حبان أيضا في " الثقات " :
حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة يروى عن أبيه روى عنه أبو عتبة أحمد بن الفرح وهم إخوة ثلاثة حرملة وعبد الملك وسبرة بنو عبد العزيز .

وقال الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " :
عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني حجازي روى عن أبيه , وعنه أبناء سبرة , وحرملة , وابن وهب , ويحيى بن حسان , ويحيى بن صالح , ويحيى النيسابوري , وغيرهم ذكره بن حبان في الثقات .

وقال الحافظ ابن حجر أيضا في " تهذيب التهذيب " :
حرملة بن عبد العزيز بن سبرة بن معبد الجهني أبو سعيد الحجازي روى عن أبيه وعمه عبد الملك وعثمان بن مضرس وأخيه عمرو ويقال عمر بن مضرس وعبد الحكيم بن شعيب وعنه عبد الله بن الزبير الحميدي وإبراهيم بن المنذر وأبو الطاهر بن السرح , ودحيم قال بن معين ليس به بأس , وذكره بن حبان في الثقات له عند الترمذي حديث واحد في أمر الصبي بالصلاة .

وقال الإمام الذهبي في " تذكرة الحفاظ " :
قال حرملة بن عبد العزيز نزل على الوليد بن مسلم قافلا من الحج فمات عندي بذي المروة قال محمد بن مصفى وغيره مات في المحرم سنة خمس وتسعين ومائة رحمه الله تعالى .

قال الحافظ المزي في " تهذيب الكمال " :
حرملة بن عبد العزيز بن سبرة بن معبد الجهني أبو سعيد الحجازي أخو سبرة بن عبد العزيز من أهل ذي المروة روى عن عبد الحكيم بن شعيب من أهل ذي المروة

" قلت " وحرملة بن عبد العزيز هو من أصحاب الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة وقد حدث عنه وروى وذلك لأنهم أهل بلدة واحدة وهي ( ذي المروة ) كما حررنا ذلك ولله الحمد .

وقال الإمام البخاري في " التاريخ الكبير " :
حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني أبو سعيد سمع أباه وعمه عبد الملك سمع منه الحميدي قال بن حجر رأيته بذي المروة عند وادي القرى .

" قلت " ابن حجر هذا ليس هو الحافظ ابن حجر العسقلاني فبين هذا وذاك مراحل وقرون تتقطع بينها الأعناق , إنما هو الحافظ الكبير الرحالة الجوال علي بن حجر بن إياس أبو الحسن السعدي المروزي , المتوفى سنة 244 هـ . وهو من تلاميذ حرملة بن عبد العزيز الجهني سمع منه ( بذي المروة ) المسماة ( المارمية ) .

سنة وفاته :
توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين من الهجرة 243 هـ - عليه رحمة الله -

,,, ولأخبار وتاريخ ذي المروة بقيه ,,,

أبو سفيان
14-09-2007, 02:34 AM
عزيزي / ابن غنيم المرواني

أسأل الله أن يوفقك ويزيدك من فضله علما وعزما وقوة

وما هذه الأطروحات التاريخية التي تقدمها إلا تعريفا

بأمكنة عزيزة علينا ، وبأشخاص تهمنا تراجمهم وسيرهم العطرة

عساك دائما على القوة ..
وبالنسبة لموضوع / العشيرة فقد أوردتَ عنها كلاما كثيرا
ومما قاله السمهودي :
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي العشيرة مسجد كان
معروفا إلى عهد قريب .
والحقيقة أن ذي العشيرة ليست موقعا صغيرا أو قرية بل هي
واد أو كما نسميه ( مسيل) بلغتنا ؛؛ يضم قرية المبارك والبركة
وقرية الأشراف ، وأنا ممن شخصوا لهذا الموقع ؛؛ أقصد المسجد
ضمن فريق لحصر بعض المواقع الأثرية ووقفنا على المسجد
بمعرفة الشريف حمزة مسعود أطال الله عمره وهو الآن
قد تعدى التسعين ، وقد اصطحبناه معنا وأوقفنا على
أساسات مسجد العشيرة وما تبقى منها ..
الشاهد أن مسجد العشيرة ليس مجهولا أو فيه شك
كما يتخيل بعض الباحثين استنادا للأقوال المتضاربة
في تحديد الموقع بالتمام ..
وغدا إن شاء الله سأبحث عن الصورة التي التقطتها لأساسات مسجد العشيرة
ا يوم أن وقفنا على المكان قبل 3 سنوات وأنشرها هنا .

وبخصوص كتاب الأستاذ/ صالح عبد اللطيف السيد / ملامح من تاريخ ينبع
أنصحك باقتنائه فهو مفيد ويحوي معلومات تاريخية قيمة ولا يستغني
عنه أمثالك من الباحثين والمهتمين بشؤون التاريخ والتحقيقات..
ختاما تقبل تحياتي وتقديري على ما تبذله من جهد وما تقدمه من
معلومات تهم منطقتنا على وجه الخصوص .

أبو سفيان
14-09-2007, 02:51 PM
هذه صورة لمسجد ( العشيرة ) أو على الأصح لأساسات المسجد

الذي يقع على ربوة مرتفعة إلى الغرب قليلا من قرية الأشراف

http://www.alhejaz.net/aw2/ashira.jpg


وقد التقطـْـتُ الصورة بنفسي قبل ثلاث سنوات عندما وقفنا على

الموقع بصحبة الشيخ / حمزة مسعود الشريف ويـُرى من خلف

الصورة جزء من وادي العشيرة أو ذي العشيرة كما يسميه

بعض المؤرخين وكما أسلفت الموقع قريب جدا من قرية الأشراف .

دايم السعد
14-09-2007, 05:36 PM
عزيزي / ابن غنيم المرواني

أسأل الله أن يوفقك ويزيدك من فضله علما وعزما وقوة
و يعطيك العافية على هذه المعلومات المفيدة
الله لا يحرمنا من هذا النبع الصافي والصادق
دمت في خير
----------------------------------------
مشرفنا العزيز / أبو سفيان
بارك الله فيك
لك مني أجمل معاني التقدير والإحترام

أبن غنيم المرواني
20-09-2007, 12:40 AM
أستاذنا أبا سفيان : شرفتنا والله بمرورك وتعليقك الجميل وحقيقة لم أكن أعلم بموقع المسجد إلا من خلال تعقيبكم على ما أوردناه من موضع ( ذي العشيرة ) وبعد ذلك من تاريخ أستاذنا صالح عبد اللطيف المسمى : ( ملامح من تاريخ ينبع ) الواقع في أربعة مجلدات من الحجم الكبير , فهو قد وضع بعض الصور عن ما تبقى من آثار مسجد العشيرة .
فلله الحمد على ذلك
ونحن عندما نورد تلك الأبحاث أستاذنا أبا سفيان وندونها إنما ندونها حفاظا على تاريخ هذه البلاد من الضياع والإندثار , وكم نتمنى من بلدية ينبع أن تولي مواقع ينبع الأثرية كموقع عزوة العشيرة ومسجدها بعض العناية , فلا يعقل أن موضع أثري كهذا يترك هكذا بدون عناية !! فعلى أقل تقدير يجب أن يسور بسور أو شباك لحمايتة .

أبن غنيم المرواني
20-09-2007, 12:46 AM
أخي الفاضل دايم السعد
بارك الله فيك ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن , وأسعدنا الله وإياك في هذا الشهر الكريم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن .


( اللهم أغفر لكاتب هذه الأسطر ووالدية ومن له فضل عليه آمين آمين يارب العالمين )

أبن غنيم المرواني
20-09-2007, 01:03 AM
باب : ( المروة ) استخراج معانيها ومشقاتها من اللغة العربية :

قال البكري في " معجم ما استعجم " :
( مرو ) : بفتح أوله وإسكان ثانيه بعده واو مدينة بفارس معروفة .
( ومرو الروذ ) : بضم الراء المهملة وبالذال المعجمة ( ومرو الشاهجان ) بفتح الشين المعجمة وكسر الهاء بعدها جيم من بلاد فارس .

" قلت "
( مرو ) : هي مدينة تقع في خرسان افتتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنة تحت قيادة حاتم بن النعمان الباهلي في العام 31 هـ , وسكنها بعض من الصحابة وأكابر العلماء والمنتسب إليها يلقب بـ ( المروزي ) أو بـ ( المروي ) وجمعهم يسمى بـ ( المراوزة ) وقد ألف السمعاني المتوفى سنة 562 هـ وهو صاحب الأنساب فيها تاريخا وسماه بـ ( تاريخ مرو ) ويقع في عشرين مجلد ( وهو مفقود ) وكذلك ألف ابن سيار المروزي المتوفى سنة 268 هـ تاريخ وسماه بـ ( تاريخ مرو ) وقد ذكر فيه جملة من الصحابة ممن نزل مرو وقد نقل منه الحافظ ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة ( وهو اليوم مفقود ) أما موقعها فيقال أنها تقع في العصر الحاضر فيما يعرف بجمهورية أوزباكستان الشرقية , ونقول أن أردنا تحديدها فهي تقع في ما كان يعرف بجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق والله أعلم .

وقال الزبيدي في " تاج العروس " :
( والمرو ) : شجر طيب الريح وفي الصحاح هو ضرب من الرياحين .

" قلت "
هو المقصود هو ما يسمى اليوم بـ ( المرامية ) : وهو نبات عشبي صغير الحجم يكثر وجوده في الجبال ويعتبر من الأعشاب الطبية التي تستخدم في علاج كثير من الأمراض وله فوائد طبية عديدة ويمكن شربة مع الشاي أو أن يعمل بنفس طريقة الشاي وهو نبات معروف لا يحتاج إلى مزيد توضيح .

وقال المطرزي في " المغرب في ترتيب المعرب " :
( المروة ) : حجر أبيض رقيق يجعل فيه المظار وهي كالسكاكين يذبح بها وقد سمي بها الجبل المعروف .

" قلت " ورد من في عدد من الأحاديث الصحيحة جواز تذكية الحيوان بحجر المرو إن كان مسنونا وعدم معه وجود سكين .

وقال البعلي في " المطلع على أبواب المقنع " :
( المروة ) : الحجارة البيض البراقة تقدح منها النار وبها سميت المروة بمكة .

وقال الزبيدي في " تاج العروس " :
( والمرو ) : حجارة بيض براقة توري النار , الواحدة مروة .

" قلت "
وحجر المروة كان قديما أحد الطرق المستخدمة لإشعال النار , ويستخدمه الأقدمون لأنه يتميز عن غيرة من الأحجار بكثرة الشرر المتطاير منه إذا ضرب , وأما كيفية إشعالهم لنار قديما فهي كالتالي أولا : حجر من المرو ويسمى مفردها ( المروة ) وثانيا : أداة من حديد على أن يكون رأسها محدب الشكل ليسهل مع ذلك إنتاج شرر أكثر خلال الضرب والاحتكاك , ويجب أن يكون الحجر والضرب بشكل مائل , وثالثا : قطعة من القماش مجموع فيها بعض من هشيم الأعشاب اليابسة على أن يكون معها بعض من لحاء ( شجر العشر ) لأنه يحتوي على كثير من الأملاح , فإن عدم ( لحاء العشر ) أستخدم بدلا منه نبات ( الأذخر ) وهو نبات سريع الاشتعال جدا فعاليته تشبه فعالية المحروقات البترولية كالبنزين والديزل , وكذلك يفضل أن يكون القماش ناشفا وفيه شي من عرق الحيوانات الماشية لأن العرق فيه أملاح كبيرة ثم يضرب المرو بقطعة الحديد تلك فينتج عن ذلك تطاير الشرر الذي يسبب اشتعال النار , وهذه الطريقة يحتاج استعمالها إلى خبرة وطول صبر , وأغلبنا اليوم قد فقد تلك الصفتان , وهذه الطريقة ليس لها اليوم استعمال ولا فائدة من ذكرها إنما نذكرناها من باب العلم بالشي والإنسان لا يدري لعلها يوما ما قد يحتاجها , - والأيام دول - والله المستعان .

وفي المثل يقال : المروءة غنى .

" قلت "
( والمروة ) : وقد يطلق عرب البادية اليوم كلمة المروة بدون الهمزة فيطلقونها على الشدة أو الضعف فيقال لشخص الضعيف مثلا : ( يا ضعيف المروة ) أو ( يا قليل المروة ) ويمكن أن تستعمل في وصف الشخص الضعيف في بدنه أو في عزمه ونفسيته .
( والمروءة ) : قد أختلف في تعريفها اختلافا كبير وكل يأتي بحسب ما أداه إليه اجتهاده فمنهم من يقول : ( المروءة هي كمال الرجولة ) , وقال أخر : ( هي الخلق السجيح , والكف عن القبيح ) , وقيل : ( سخاوة النفس وحسن الخلق ) , وقيل : ( مراعاة العهود , والوفاء بالعقود ) , وقال عبد الله بن عباس : ( المروءة أن تحقق التوحيد , وتركب المنهج السديد , وتستدعي من الله المزيد ) , وقال عمرو بن العاص : ( هي العفة عما حرم الله ) , وقد أفرد لهذا الموضوع الإمام أبي منصور الثعالبي بمؤلف وسماه : ( مرآة المروءات ) وكذلك المرزباني كتب كتاب : ( المروءة ) وغيرهم .

ولله در من قال , وأجاد بضرب المثال :

إن المروءة ليس يدركها امرؤ=ورث المروءة عن أب فأضاعها
أمرته نفس بالدناءة والخنا=ونهته عن طلب العلى فأطاعها
فإذا أصاب من الأمور عظيمة=يبني الكريم بها المروءة باعها

وقال عبد العزيز بن سليمان الأبرش :

فإن قلت لي أباء صدق ومنصب=كريم وإخوان مضت وجدود
صدقت ولكن أنت هدمت ما بنوا=بكفك عمدا والبناء جديد

ولله در إسحاق بن إبراهيم الموصلي التميمي حين قال :

أشرب هديت علانية=أم المروءة زانية ؟؟
أشرب فديتك واسقني=حتى أنام مكانية
ودع التستر والرياء=فما هما من شانية

وقال ابن منظور في " لسان العرب " :
( والمروة ) : جبل مكة شرفها الله تعالى , وفي التنزيل العزيز ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) .

وقال ياقوت في " معجم البلدان " :
( المروة ) : واحدة المرو الذي قبله جبل بمكة يعطف على الصفا , قال عرام : ومن جبال مكة المروة جبل مائل إلى الحمرة , أخبرني أبو الربيع سليمان بن عبد الله المكي المحدث : أن منزله في رأس المروة , وأنها أكمة لطيفة في وسط مكة تحيط بها , وعليها دور أهل مكة ومنازلهم , قال : وهي في جانب مكة الذي يلي قعيقعان .

" يقول ابن غنيم "
وقد تجاهلنا بعض ما روي من أحداث ذي المروة ومن ذلك ما رواه ابن عساكر وغيره في " تاريخ مدينة دمشق " :
أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن , أنا أبو القاسم المهرواني , أنا أبو عمر بن مهدي , أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب , نا جدي , نا أحمد بن عبد الله بن يونس , نا أبو بكر بن عياش , عن حبيب عن سلمة , قال : قال علي : ( لقد علمت عائشة أن جيش ( ذي المروة ) وأهل النهر ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ) قال أبو بكر : جيش ذي المروة قتلة عثمان .

" قلت " تلك فتن قد تحاشى الخوض فيها أكابر العلماء فما بالك ( بطويلب ) علم أمثالنا !! والمنهج الحق أنه يجب الإمساك عما شجر بين أولئك القوم والاستغفار لهم امتثالا لقوله تعالى : ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون ) ورحم الله من قال : ( تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلنطهر منها ألسنتنا ) , وعلى ذكر أحداث ( ذي المروة وذي خشب ) فقد أفراد الإمام الطبري وجمع من أهل السير والتاريخ لذلك باب في تواريخهم فقال الطبري في تاريخه : باب : ذكر مسير من سار إلى ذي خشب من أهل مصر وسبب مسير من سار إلى ذي المروة من أهل العراق .

,,, الرسالة القادمة عن أخبار وتاريخ بواط ,,,

أبن غنيم المرواني
20-09-2007, 01:22 AM
( من أخبار وتاريخ بواط ) :

بواط :
هو موضع يبعد عن المدينة 80 كيلوا مترا وهو من مواضع وديار قبيلة جهينة القضاعية , ويقع غرب المدينة النبوية على طريق تبوك , ومفرق طريقة قبل أن تصل إلى المليليح بجوار القلاع الأثرية وهي القلاع التي شيدها الأتراك العثمانيون خلال بنائهم لسكة حديد الحجاز وهي السكة التي بناها عبد الحميد الثاني وشارك في دفع تكاليف بنائها جميع المسلمين , وهذه القلعة تقع اليوم على الطريق العام عند مفرق تبوك المليليح المسمى طريق ( وادي الحمض ) , وقد كان سابقا طريقا صحراويا أما اليوم فهو طريق معبد مسفلت فأول ما تبدأ بـ ( ملل , ضبوعة , بواط , الجفر , الأشعر ) وهو الطريق الذي سلكه النبي صلى الله عليه وسلم عند ذهابه لغزوة العشيرة بينبع , وفرش ( بواط ) هي بيضاء اللون سهلة مستوية فيها بعض من كثبان الرمال .

" يقول ابن غنيم "
يروي المؤرخون وأهل المعاجم والبلدان خطأ بقولهم أن بواط هو ( جبل بواط ) فبواط : لدي هو عبارة عن سلسلة جبال تتخللها أودية وشعاب ومن فضل الله علي أنني زرت ( بواط ) – بحمد الله - ووقفت عليه مرات عديدة وقد صعدت جباله قبل سنوات برفقة بعض الإخوة إلى قمم تلك الجبال وقد شاهدنا أن هذه الجبال يكاد يتساوى حجمها وارتفاعها مع جبال رضوى وهي ذات ارتفاعات عاليه وشاهقة تعدى ارتفاعها الألفين متر عن سطح الأرض ويسكنها في الوقت الحاضر فروع من قبائل جهينة القضاعية , كذبيان وسنان وبني كلب وقبائل أخرى جميعها جهنية النسب , ويمر بين تلك الجبال طريق صحراوي شديد الإلتوى والوعورة لا تسلكه إلا سيارات الدفع الرباعي وهو طريق صغير الحجم طويل جدا عانينا في صعوده كربا شديدا يبلغ طوله حوالي خمسة عشر كيلوا مترا وأكثر وهو طريق عملت به وزارة المواصلات والطرق قبل عشرة سنوات تقريبا لسكان تلك المنطقة وخلال الطريق تشاهد بعض الآبار وقد توقفنا عند إحدى تلك الآبار وكان بجوار البئر شجرة سياله عظيمة الحجم شديدة الخضرة يروى أن عمرها أربعمائة عام حدثنا بذلك أحد أبناء البادية من قبيلة بني ذبيان الجهنية من أهل تلك المنطقة , وهذا المسلك الوعر ينتهي بك بقمم ( جبال بواط ) فعندما تصل إلى القمة تشاهد أمامك من جهة الشمال الغربي جبل الأشعر المسمى اليوم ( الفقرة ) وتجد أن قمم جبال بواط متساوية له في الارتفاع وتكاد تلتصق به من جهة الشمال حتى أن المباني المشيدة على جبل الأشعر المسمى اليوم بـ ( الفقرة ) تراها بعينيك والمسافة الفاصلة بينهما لا تتجاوز بضع كيلومترات تقريبا ومن جهة الغرب تطل عليك منطقة ينبع النخل والعيص , ومما يؤسف أن الاهتمام بذلك الجبل ضعيف جدا حيث أنه هذا الموقع يصلح لأن يكون منتزها سياحيا لو وجد له اهتمام وتنمية حيث أن ( جبال بواط ) من حيث الحجم هي أكبر من الأشعر المسمى بـ ( الفقرة ) وإن كان الطقس والجو في كلا الجبلين متساويا لأنهما بنفس الارتفاع ومتجاورين وتختلف ( جبال بواط ) عن جبل الأشعر ( الفقرة ) بأن الأخير صغير الحجم وكذلك شديد الوعورة جدا ولا توجد به شعاب وأودية إلا في قمته أما ( جبال بواط ) فهي كبيرة جدا حجمها يتعدى حجم الأشعر بأضعاف أضعاف المرات وفيها متسع وشعاب وأودية وقيعان وأبار وبساتين ومنازل فهذه ميزة أخرى فضلت بها ( جبال بواط ) جبل الأشعر , فهو منتزه سياحي لا مثيل له في المنطقة لو وجد له عناية واهتمام من أهل الشأن !! .

ويقول شاعر الرسول حسان بن ثابت الأنصاري القحطاني – رضي الله عنه – يصف موضع ( بواط ) : .

لمن الدار أقفرت ببواط=غير سفع رواكد كالغطاط
تلك دار الألوف أضحت خلاء=بعدما قد تحلها في نشاط
دارها إذ تقول ما لابن عمرو=لج من بعد قرية في شطاط
بلغاها بأنني خير راع=للذي حملت بغير أفتراط
رب لهو شهدته أم عمرو=بين بيض نواعم في الرياط
إلى أخر الأبيات وهي طويلة .

" يقول ابن غنيم المرواني الجهني "
يفتتح هنا حسان - رضي الله عنه - قصيدة بمطلع يتساءل فيه عن حال ( بواط ) قائلا : لمن الدار أقفرت ببواط , ومطلع هذه القصيدة يذكرني بقصيدة الأخرى التي قد شابهتها بالمطلع والتي يقول فيها : لمن الدار أوحشت بمعان , فحسان رضي الله عنه يصف ما ألت إليه ( بواط ) وأمورها من الخراب وقد عاث بها الزمن حتى غدت خلاء , ثم يجيب نفسه مسليا ومجيبا قائلا : غير سفع رواكد كالغطاط , والسفع هو الحجارة السود ومفردها سفعة أي حجرة سودا وتسمى واحدة الأثافي سفعة , وذلك بسبب سوادها الذي سببه لهيب النار , رواكد : أي سواكن بلا حراك , وقد وهم البكري وهما فاحشا بقوله في " معجم ما استعجم " ( نواط ) : بفتح أوله وبالطاء المهملة في آخره على وزن فعال موضع في ديار بكر من كنانة قال حسان : لمن الدار أوحشت بنواط , فأقول : لا يعرف أبدا موضع يقال له نواط , ولو وجد فهذه الأبيات إنما هي ( ببواط ) الواقع بين ينبع والمدينة , وهذه القصيدة هي من القصائد التي قالها حسان رضي الله عنه في الجاهلية ولذلك يذكر فيها معشوقتة وهي أم عمرو , ويقول عن بواط ديار محبوبتة " تلك دار الألوف أضحت خلاء , فقد ذكر حسان أن موضع بواط كان معمورا في ذلك الزمن ثم بعده أصبح خلاء وقفار ولعل ذلك بسبب رحيل ( أم عمرو ) وأهلها من تلك الديار , ولذلك وصفها بشي من المبالغة بقوله دار الألوف أضحت خلاء , والله أعلم .

" قلت "
وقوله : ( الغطاط ) : هو نوع من الطيور البرية من فصيلة القطأ ويكثر وجوده في منطقة الحجاز سمي بالغطاط نسبة لصوته غطا غطا وهو يشبه الحجل بلونه وشكله الخارجي ولكن طعم لحمه يختلف كثيرا فالحجل لون لحمة أبيض كلحم الدجاج , أما الغطاط فهو يميل إلى الحمرة القاتمة ولحمة فيه شي من القسوة ويختلف الغطاط عن الحجل أيضا بالجناحين فالغطاط أقوى من الحجل بالجناحين كثيرا لأن الحجل ضعيف الجناحين جدا في طيرانه وهو لا يطير إلا لمسافات قصيرة جدا بل ولا يتعدى ثلاث إلى أربع مرات من الطيران ثم بعدها ينهكه التعب فلا يستطيع الطيران ويمكنك بعدها الإمساك به إن لم يختفي بداخل الحجارة والصخور , وأما الغطاط فيمكنه الطيران إلى مسافات بعيده جدا , وكذلك يختلف الغطاط عن الحجل في أماكن وجودهما فالغطاط يتواجد تحت الأشجار والقيعان وقلما تجده في الجبال ويتواجد قريب من الآبار والمياه ووقت خروجه هو في آخر النهار عند مغيب الشمس حيث يتوجه لأماكن وجود المياه كالآبار والعيون والبرك وذلك لشرب فيتواجد حتى إذا أغلس الظلام رجع إلى أماكنه .

" قلت "
والقطا في موضعه يعمل مفاحص له يلبد بداخلها حتى أنك لا ترى منه إلا الرأس , أما عن عمله مفاحص في الأرض فذلك لأنه نوع من أنواع القطا والقطا وقد ورد في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة ) , ومعلوم أن مفحص القطاة صغير جدا لا يتسع إلا لحجمها ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لترغيب في بناء المساجد بيوت الله وبيان عظم أجر من فعل ذلك وأهميته , قال ابن سلام في غريب الحديث : مفحص القطاة يعني موضعها الذي تجثم فيه وإنما سمي مفحصا لأنها لا تجثم حتى تفحص عنه التراب وتصير إلى موضع مطمئن مستو ولهذا قيل فحصت عن الأمور إذا أكثرت المسألة عنها والنظر فيها حتى تصير منها إلى أن تنكشف لك .

" قلت "
والقطا الطائر المعروف سمي بذلك نسبتا لصوته قطا قطا وجمعه قطوات وقطيات , وفي المثل يقال : أصدق من قطاة .
قال العرب : هذا المثل وضربت به القطاة مثلا للصدق وقرنتها بالصدق وذلك لأن صوتها حكاية لاسمها فهي عندما تصوت تقول قطا قطا , وهو صوت واحد لا تغيره ولا تبدله وصوتها مطابقا لاسمها فتطابق الاثنان الصوت والاسم فصار صوتها حكاية لأسمها ولذلك ذهبت مثلا للصدق .

قال النابغة الذبياني :

تدعو القطا وبه تدعى إذا نسبت=يا صدقها حين تلقاها فتنتسب

وقال الكميت الأسدي :

لا تكذب القول إن قالت قطا صدقت= إذ كل ذي نسبة لا بد ينتحل

وروى البخاري في " صحيح البخاري " فقال :
قال بن إسحاق : أول ما غزا النبي صلى الله عليه وسلم : الأبواء , ثم ( بواط ) , ثم العشيرة .

وقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " :
( وأما بواط ) : فبفتح الموحدة وقد تضم وتخفيف الواو وأخره مهملة , جبل من جبال جهينة بقرب ينبع , قال بن إسحاق : ثم غزا في شهر ربيع الأول يريد قريشا أيضا حتى بلغ ( بواط ) من ناحية رضوي ورجع ولم يلق أحدا .

قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " :
( وغزاة بواط ) : كانت في السنة الثانية من الهجرة قبل وقعة بدر , وكان النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مائتين من أصحابه يعترض عيرا لقريش فيها أمية بن خلف فبلغ ( بواطا ) وهي : بضم الموحدة جبال لجهينة مما يلي الشام بينها وبين المدينة أربعة برد فلم يلق أحدا فرجع .

وقال النووي في " شرحه على صحيح مسلم " :
( بواط ) : هو بضم الباء الموحدة وفتحها والواو مخففة والطاء مهملة , قال القاضي رحمه الله تعالى : قال أهل اللغة : هو بالضم وهى رواية أكثر المحدثين , وكذا قيده البكري وهو جبل من جبال جهينة , قال : ورواه العذري رحمه الله تعالى بفتح الباء وصححه بن سراج .

وقال العيني في " عمدة القاري " :
( بواط ) : وهو بضم الباء الموحدة وتخفيف الواو بعد الألف طاء مهملة , قال الصغاني : بواط جبل من جبال جهينة من ناحية ذي خشب وبين بواط والمدينة ثلاثة برد أو أكثر .

وقال السيوطي في " الديباج على مسلم " :
( بواط ) : بضم الموحدة , وقيل : بفتحها واو مخففة وطاء مهملة , جبل من جبال جهينة .

وقال الصاغاني في " العباب الزاخر واللباب الفاخر " :
( وبواط ) : بالضم , جبال جهينة من ناحية ذي خشب , وبين ( بواط ) والمدينة على ساكنيها السلام ثلاثة برد أو أكثر , وغزوة من غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم يعترض عير قريش , قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :

أمن الدار أقفرت ببواط=غير سفع رواكد كالغطاط
الغطاط : القطا .

باب غزوة بواط :
هي الغزوة الثانية بعد غزوة ودان أو الأبواء خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الشريفة يوم الثلاثاء في الثالث من شهر ربيع الأول من السنة الثانية للهجرة 2 هـ ومعه مائتين من الصحابة رضي الله عنهم وكان حامل لواء المسلمين في تلك الغزوة سعد بن أبي وقاص رضي الله وكان الهدف من تلك الغزوة هو اعتراض قافلة لقريش فيها مائة رجل مشرك وألف وخمسمائة بعير وقيل ألفان وكانت القافلة بقيادة أمية بن الخلف الجمحي فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بواط وهي من منازل وديار قبيلة جهينة وجلس بها منتظر مرور القافلة ربيع الأول وربيع الأخر وقيل حتى جمادي الأول ولم يلق حربا فرجع في أحسن حال إلى خير مآل , وكان مسلكه إلى بواط من المدينة مرورا بضبوعة إلى فرش ملل وهناك صلى تحت شجرة وشرب وتوضأ من بئر يقال له بئر المشيرب , وبواط هو إلى ينبع النخل أقرب منه إلى المدينة بينه وبين المدينة ثمانين كيلوا متر أما بين بواط وينبع النخل فمن خلال وقوفي عليه أتوقع أن المسافة بينهما لا تتعدى الثلاثين كيلوا متر , وبواط أو جبال بواط شقان يسيل منهما وادي يصب في وادي إضم ( وادي الحمض ) ويطلق على بواط بواطان بواط الغوري وبواط الجلسي , فالغور : هو أسم يطلق على كل ما أنخفض موضعه من الأرض فمثلا غور تهامة ويقال غار الماء أي انخفض وقل , الجلسي ما خود من الجلس وهو أسم يطلق على كل ما ارتفع من الأرض فيقولون جلس نجد وتسمى نجد بالجلس لارتفاعها , وقال الماوردي وفي الجلسي والغوري تأويلان :
أحدهما : أنه أعلاها وأسفلها وهو قول عبد الله ابن وهب .
والثاني : أن الجلسي بلاد نجد والغوري بلاد تهامة وهذا قول أبي عبيدة ومنه قول الشماخ :

فمرت على ماء العذيب وعينها=كوقب الحصى جليسها قد تغورا
" قلت "
وفي حديث طويل عند الطبراني في الكبير قال كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف : الجلس القرى والجبال , والغور ما بين الجبال والبحار , واختار النبي صلى الله عليه وسلم سلك هذا الطريق لسهولته فمن المندسة إلى ضبوعة وفرش ملل وفرش بواط جميعها أرض سهله مستوية أكثرها رمال وفيها كثير من المياه والآبار والبساتين وهي لا تزال عامرة إلى اليوم ويسكن ملل وما جاورها بعض من قبائل جهينة وحرب .

وقال المؤرخ ابن حبيب في تاريخه خلال حديثة عن غزوة بواط :

أيها السائر المجد تلفت=نحو رضوى وانزل بأرض بواط
فيها حل أشرف الرسل طرا=خير هاد إلى سواء الصراط

وللحافظ ابن عساكر قصيدة طويلة سماها : ( بواعث الفكرة في حوادث الهجرة ) وفيها :

وثان صيام فطرة أم كعبة=وغزوة ودان بواط لمغنم
عسير وبدر عرس عائش مثله=البتول وموت لابن مظعون أكرم

,,, والباب القادم دلائل النبوة التي حدثت بأرض بواط ,,,

أبن غنيم المرواني
21-09-2007, 11:41 PM
باب: من دلائل النبوة التي حدثت في بأرض بواط :

إن الدلائل والآيات التي أيد بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا لا تعد ولا تحصى وقد أفرد لها العلماء مؤلفات خاصة لذلك و ما يهمنا في هاتين الدلالتين التي سوف نتحدث عنهما في هذا الموضع أنها حدث بأرض بواط خلال غزوة بواط كما سيأتي معنا وهناك فرق بين دلائل النبوة ومعجزات النبوة فالمعجزات هي ما يؤيد بها المولى سبحانه أنبيائه ليتحدى بها قومه المكذبين لأولئك الأنبياء ولكل نبي معجزة ظاهرة أما الدلائل فهي وإن كانت معجزات أيضا خارقة عن العادة ولكن الفرق بينهما أن تلك لتحدي المكذبين والأخرى غير ذلك ومعجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التي تحدى بها قومه من قريش بل وتحدى بها الثقلين الإنس والجن هي القرآن الكريم كلام المولى جل وعلا سبحانه وهذا باب يحتاج لكثير من البحث قد أفرد له مؤلفات خاصة اعتنت في بيانه وإظهار أدلته , أما الأدلة التي حدثت بأرض بواط فهي دلالتين الأولى : تحرك الشجرتين لنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقضي حاجته كما سيأتي معنا من حديث جابر بن عبد الله , والأخرى هي نبع الماء من بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم عندما عدم الماء بأرض بواط حتى كاد الجيش أن يهلك من شدة العطش فنبع الماء من بين يدية صلى الله عليه وسلم حتى ارتوى جميع القوم ومليت قرابهم وارتوت دوابهم ,


متن الحديث كما هو عند مسلم في صحيحة :
أخرج مسلم في صحيحة , وابن حبان , وغيرهم , من حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال :
سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به فإذا شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها , فقال : إنقادي علي بإذن الله فانقادت معه كذلك . حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم بينهما يعني جمعها , فقال : التئما علي بإذن الله فالتأمتا , قال جابر فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد , وقال محمد بن عباد فيتبعد فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفته فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفه فقال برأسه هكذا وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا , ثم أقبل فما انتهى إلي قال جابر هل رأيت مقامي ؟؟ , قلت : نعم يا رسول الله , قال فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا !! , فأقبل بهما حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك , قال جابر فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته فاندلق لي فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري ثم لحقته , فقلت : قد فعلت يا رسول الله , فعم ذاك ؟؟ , قال : إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين

قال فأتينا العسكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جابر ناد بوضوء فقلت ألا وضوء ؟ , ألا وضوء ؟ , ألا وضوء ؟ , قال : قلت : يا رسول الله ما وجدت في الركب من قطرة , وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في أشجاب له على حمارة من جريد , قال : فقال : انطلق إلى فلان بن فلان الأنصاري فانظر هل في أشجابه من شيء ؟؟ , قال : فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد إلا قطرة في عزلاء شجب منها لو أني أفرغه لشربه يابسه , فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت : يا رسول الله لم أجد فيها إلا قطرةً في عزلاء شجب لو أني أفرغه لشربه يابسه , قال : اذهب فأتني به فأتيته به فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيءٍ لا أدري ما هو ويغمزه بيده ثم أعطانيه , ثم قال : يا جابر ناد بجفنة فقلت يا جفنة الركب فأتيت بها تحمل فوضعتها بين يديه , فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في الجفنة هكذا فبسطها وفرق بين أصابعه ثم وضعها في قعر الجفنة , وقال خذ يا جابر فصب علي وقل باسم الله , فصببت عليه وقلت باسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت , فقال : يا جابر ناد من كان له حاجة بماءٍ , قال : فأتى الناس فاستقوا حتى رووا , قال : فقلت هل بقي أحد له حاجة فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في الجفنة وهي ملأى , وشكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع , فقال : عسى الله أن يطعمكم فأتينا سيف البحر فزخر البحر زخرة فألقى دابةً فأورينا على شقها النار فاطبخنا واشتوينا وأكلنا حتى شبعنا , قال جابر : فدخلت أنا وفلان وفلان حتى عد خمسة في حجاج عينها ما يرانا أحد حتى خرجنا فأخذنا ضلعاً من أضلاعها فقوسناه ثم دعونا بأعظم رجل في الركب وأعظم جمل في الركب وأعظم كفل في الركب فدخل تحته ما يطأطئ رأسه .

" قلت " القصة أخرجها مسلم في بطولها في صحيحة , وابن حبان وغيرهم .


باب ما جاء في تحديد موضع أرض بواط وذكر سكانها :

قال الفيروز أبادي في " القاموس المحيط " :
( وبواط ) : كغراب جبال جهينة على أبراد من المدينة , منه غزوة بواط أعترض فيها رسول الله لعير قريش .

وقال ياقوت الحموي في " معجم البلدان " :
( بواط ) : بالضم وأخره طاء مهملة , واد من أودية القبلية عن الزمخشري عن علي العلوي , ورواه الأصيلي والعذري والمستملي من شيوخ المغاربة ( بواط ) : بفتح أوله , والأول أشهر , وقالوا : هو جبل من جبال جهينة بناحية رضوى غزاه النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول في السنة الثانية من الهجرة يريد قريشا ورجع ولم يلق كيدا . قال بعضهم : لمن الدار أقفرت ببواط .

" قلت " ياقوت في هذا الموضع ذكر مطلع قصيدة حسان بن ثابت وفي الموضع السابق قال : ( نواط ) فهو قد وقع في وهم وتناقض !! .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
والأجرد مما يلي بواط الجلسي , وهما بواطان : فمن أودية الأجرد التي تسيل في الجلس مبكثة وهي تلقاء وادي بواط .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
وبحذاء الأشعر من شقه اليماني وادي الروحاء , ومن شقه الشامي بواطان الغوري والجلسي , وهما جبلان متفرقا الرأسين أصلهما واحد وبينهما ثنية سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي العشيرة من ينبع فأهل بواط الجلسي بنو دينار موالي بن كليب بن كثير وكان دينار طبيبا لعبد الملك بن مروان وهم إخوة الربعة من بني جهينة .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
ويلي مبكثة رشاد وهو يصب في إضم , وكان أسمه غوى فيما تزعم جهينة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم رشادا وهو لبني دينار إخوة الربعة .

وقال السهيلي في " الروض الانف " :
وفي الجلسي بنو دينار موالي بني بن كثير ينسبون إلى دينار مولى عبد الملك بن مروان .

قال أستاذنا صالح عبد اللطيف في تاريخه " ملامح من تاريخ ينبع " في الجزء الثاني , باب : ( معجم معالم ينبع ) :
قال الجاسر : بنو دينار وبنو الربعة من جهينة , ولعل ذبيان في معجم البكري ( دينار ) مصحفه , إذ عشيرة بني ذبيان من جهينة ولا تزال معروفة .

" يقول ابن غنيم المرواني الجهني "
نقل المؤرخ صالح ذلك من كتاب الجاسر " أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع " وظهر في تاريخ أستاذنا صالح كلمة ( مصفحة ) بتقديم الفاء على الحاء , هكذا ظهر لي في هامش تاريخه , لا أدري ممن التصحيف لأن كتاب الهجري ليس بين يدي , وهو خطأ ولعله تصحيف أيضا والصحيح أنها ( مصحفة ) بتقديم الحاء على الفاء , وهو مأخوذ من التصحيف وهو الخطأ في رسم الكتابة ,
ثم إنه لم يصب الباحث حمد الجاسر رحمة الله في تعقبه على البكري في " معجم ما استعجم " والصحيح ما أثبته البكري وهم : ( بنو دينار ) وليس ما أثبته وعقب عليه الجاسر من أنه تصحيف وأن الصواب لديه هم : ( بنو ذبيان ) , فالبكري لم يقل أنهم من جهينة هذا أولا ! , ثانيا : ما قاله أنهم موالي لجهينة ولم يقل أنهم من جهينة ! , ثالثا : كان الأولى التعقيب على خطا البكري عندما قال :
( موالي بني كليب بن كثير وكان دينار طبيبا لعبد الملك بن مروان وهم إخوة الربعة من بني جهينة ) , فالصحيح أن البكري قد قلب الاسم وصحفه , فقال : كليب بن كثير , والصحيح أنه : ( كثير بن كليب ) .
وبني الربعة من جهينة هو بطن عظيم فيه عدد من أكابر الصحابة من جهينة وفيهم العلماء والمشاهير , ومن كبار الصحابة من بني الربعة : عقبة بن عامر الجهني , وقد كتبت عنه ترجمة مطولة في وقت سابق , ورافع بن مكيث الجهني أحد حملة أولوية جهينة يوم حنين , وجندب بن مكيث الجهني أخو رافع , ومنهم كليب الجهني وهو صحابي وأبنه كثير بن كليب وهو تابعي وحفيده عثيم ويقال غنيم ويقال عثم بن كثير بن كليب الجهني من أتباع التابعين , وكثير بن كليب حجازي كان ينزل بواط وأبنه عثم أو عثيم بن كثير هو حجازي أيضا كان ينزل بواط والأشعر والأجرد . وقد قلب أسمه البكري في " معجم ما استعجم " فقال كليب بن كثير , أنظر ترجمة كليب في كتب تراجم الصحابة , كالإصابة , والاستيعاب , وأسد الغابة , وقد ينسب المتقدمون الرجل إلى جده لا إلى أبية فيقولون مثلا عثيم بن كليب , فيضن ويوهم أنه صحابي وهو ليس كذلك إنما نسب لجده , والنسبة للجد تقع كثيرا في أسانيد الحديث ولذلك أسباب متعددة منها التدليس , وقد غفل عنهم جميعا السخاوي في تاريخه " التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة " وهذا مما يستدرك عليه ,

( والكلبي ) : نسبه إلى : كلب بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة , منهم مشاهير الصحابة كدحية الكلبي , وأسامة بن زيد الكلبي حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم . وبني كلب وهم الكلبي وأخيه برك بن وبره دخل في الجاهلية قبل الإسلام في جهينة وبرك بن وبرة النسبة إليه ( البركي ) وقد دخلت هذه القبيلة القضاعية جميعها في جهينة على ما نرجحه وإن كان اليوم بعض القبائل تدعي أن بني كلب القضاعية وهم قبيلة الشرارات وقد أورد بعض كتابهم الأدلة على ذلك ومنهم الباحث الأجنبي روكس بن زائد العزيزي في كتابه " الشرارات من هم ؟ تصحيح لأوهام التاريخ ! " , في ط1 طبعة خاصة , وحاول أن يسوق عدد من الأدلة التي توضح أنهم قبيلة كلب القضاعية , ومن ذلك سكناهم منازل بني كلب القديمة وهي تبوك وما جاورها , ولم يتوسع في سوق الأدلة وكتابه هو ترجمة لمشاهير وفرسان وشعراء ومنازل قبيلة الشرارات , ونرى أن الباحث لم يصب في ربطة بين الشرارات وبني كلب القضاعية فبني كلب هم اليوم في عداد قبيلة جهينة وهم الكلبي القبيلة المعروفة اليوم , ولو أتسع لنا المجال لا تينا بقواطع الأدلة على ذلك , وأخي كلب هو برك والنسبة إليه البركي منهم عدد من مشاهير الصحابة والتابعين منهم الصحابي عبد الله بن أنيس البركي الجهني رضي الله عنة , ذكر نسبه السمعاني في الأنساب نقلا عن ابن الكلبي وغيره .

ونعود إلى ما قاله البكري في " معجم ما استعجم " حيث قال :
( وفي الجلسي بنو دينار موالي بني بن كثير ينسبون إلى دينار مولى عبد الملك بن مروان ) .

" فأقول " بنو دينار هؤلاء هم موالي لبني كثير وهو كثير بن كليب الجهني وبنو دينار منسوبون إلى دينار مولى عبد الملك بن مروان , ودينار هذا مجهول عندي لم أجد له ترجمته عد ما نقله الجاحظ في " رسائله " حين قال :

وقال دينار بن نعيم الكلبي :

أبلغ أمير المؤمنين ودونه=فراسخ تطوى الطرف وهو حديد
بأني لدى عبد العزيز مدقع=يقدم قبلي راسب وسعيد
وإني لأدنى في القرابة منهما=واشرف إن كنت الشريف تريد

" قلت " وهو شاعر من قبيلة كلب بن وبرة القضاعية كان مرافقا للخليفة عبد الملك بن مروان . ومولى له كما قال البكري في معجمه , ومرافق لأخيه عبد العزيز بن مروان .

وقال الزبيدي في " تاج العروس " :
( وبواط ) : كغراب , قال شيخنا : وضبطها أهل السير وشراح البخاري بالفتح كسحاب أيضا , جبال جهينة من ناحية ذي خشب , وفي المعجم من ناحية رضوى على ثلاثة أبراد من المدينة المشرفة أو أكثر ومنه ( غزوة بواط ) من غزواته صلى الله عليه وسلم أعترض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعير قريش فأنتهى إليه ولم يلق أذى وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه :

لمن الدار أقفرت ببواط=غير سفع رواكد كالغطاط

وقال الباحث حمد الجاسر في " بلاد ينبع " قسم : بلاد جهينة ومنازلها القديمة :
( بواط ) : هما بواطان : بواط الجلسي , وبواط الغوري , جبلان من أشهر جبال جهينة , ومنهما يجري وادي يسمى بهذا الأسم , وهو من أودية القبلية على ما نقل يا قوت عن السيد علي .

وقال عاتق البلادي في " المعالم " :
( بواط ) : بضم الموحدة وبعد الواو ألف ثم طاء مهملة , جاء في النص : ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول يريد قريشا ، حتى بلغ بواط ، من ناحية رضوى ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا .
قلت : بواط : بواطان واديان , أحدهما يصب في إضم غرب المدينة على قرابة 55 كيلا ، والأخر يقاسمه الماء من رأسه ويصب في فرعة ينبع غربا ، ورأساهما ينحدران من ريع يسمى ريع بواط ، يأخذه طريق بين المدينة وينبع ، مختصر وأقرب كثيرا من طريق المدينة إلى ينبع مرورا بوادي الصفراء ، وهو غير صالح لسير الثقال ، لذا نراه صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي العشيرة ترك هذا الطريق وأخذ على وادي الصفراء ، على طول تلك الطريق ، وقوله : حتى بلغ بواط ، كذا في الأصل ، وهو واجب النصب لأنه واد معروف ، وكان يمكن أن يقال : حتى بلغ بواطا الغوري ، أو بواطا الجلسي .

" يقول ابن غنيم "
بل الصحيح والثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ببواط مرتين الأولى في غزوة بواط والمرة الثانية في غزوة العشيرة , أما في المرة الأولى فقد أستقر بها لحوالي الشهر وسميت غزوة بواط نسبة لهذا الموقع وهو بواط وفيه جبال تسمى جبال بواط , وكذلك مر النبي صلى الله عليه وسلم ببواط وهو في طريقة إلى غزوة العشيرة كان مسلكه عبر بواط وملل وضبوعة روى ذلك ابن هشام في السيرة النبوية وغيره ويؤيد ذلك ما ذكره البكري في معجمه حيث قال عن بواطان الجلسي والغوري : وبينهما ثنية سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي العشيرة ( انتهى ) . وهو الصحيح من الأقوال .

وقال الزمخشري في " الجبال و الأمكنة و المياه " :
( بواط ) : جبل جهينة من ناحية ذي خشب , وبين بواط والمدينة ثلاثة برد أو أكثر .
وقال الحميري في " النسبة إلى المواضع والبلدان " :
( بواط ) : بالضم وأخره طاء مهملة , كغراب ، جبال حصينة على أبراد من المدينة كانت به غزوة بواط إحدى غزواته صلى الله عليه وآله وسلم أعترض فيها لعير قريش .

وقال الهمداني في " صفة جزيرة العرب " في تحديد أرض جهينة ومنها :
والصفراء , وساية , وذو خشب , والحاضر , وثقباء , ونعف , ( وبواط ) , والمصلى , وبدر .

وقال الهمداني في " صفة جزيرة العرب " :

رويت بالسيول سقيا وعلت=مع تلك المغيثة الروحاء
سقيت ينبع فساحتها تلك=فتلك الضياع فالشعثاء
واتلأبت تصب من فوق رضوى=فبواط دلوية وطفاء

" قلت "
وهي قصيدة طويلة وفيها قصة وهي أنه كان هناك سنة جمود وقحط فقاموا يستسقون ويستغيثون ويذكرون آلاء الله عز وجل فيهم ورحمته التي كانت تشملهم وتشمل أرضهم بلدا بلدا وواديا واديا وجبل جبلا لعل الله يرحمهم بالغيث والسقيا , وقد ذكرها كاملة الأستاذ صالح بن عبد اللطيف في تاريخه : ( ملامح من تاريخ ينبع ) , الجزء الثالث , قسم أدب الفصحى , وقال معلقا على رسم ( بواط ) : بواط واديان أحدهما يدفع في أضم ( وادي الحمض ) والأخر يدفع سيله في سد الفرعة بينبع , أنظره في الجزء الثاني من باب المعالم .

وقال المسعودي في " التنبية والإشراف " :
( وبواط ) : جبل من جبال جهينة ، من ناحية ذي خشب من طريق الشام ، وبين بواط والمدينة ثمانية برد ، وقيل أقل من ذلك .

وقال أستاذنا الباحث المؤرخ الأديب : صالح عبد اللطيف عليان في تاريخه : " ملامح من تاريخ ينبع " الجزء الأول : ( الحواضر – طريق الحج – الآثار – المعالم ) :
( بواط ) : ذكره البكري في رسم الأشعر , وقال ياقوت : بالضم , وأخره مهملة : واد من أودية القبلية , عن الزمخشري عن علي العلوي , ورواه الأصلي والعذري والمستملي من شيوخ المغاربة بواط بفتح أوله , والأول أشهر , وقالوا : هو جبل من جبال جهينة بناحية رضوى , غزاه النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من السنة الثانية من الهجرة يريد قريشا ورجع ولم يلق كيدا قال بعضهم : لمن الدار أقفرت ببواط .
قال البلادي : ( بواط ) : واديان أحدهما يدفع في أضم والأخر في ينبع وريع بواط يفصل بين سلسلتي الأشعر والأجرد , ورأس بواط قرة كبيرة مستطيلة متسعة لها مسيرة يومين للماشي وعرضها يبلغ إلى 25 كم في بعض الأماكن .
( أقول ) : هو الوادي الذي يدفع في ينبع يصب سيله في سد الفرعة بعد أن يقطع الطريق المعبد المؤدي إلى العيص , وبواط الجبل بعيد عن رضوى وليس بناحيته , كما يقول ياقوت , ولكن كما سبق أن أسلفنا فإن الأقدمين ينسبون المكان لأشهر موضع ناحيته .


,,, والباب القادم نفرده للكشف عن حقيقة السعلاة أو ( السعلية ) التي رويت عنها الحكايات ونسجت حولها الخيالات ومن ذلك ما جاء في سعلاة بواط وبيان خبرها ؟؟ ,,,

أبن غنيم المرواني
23-09-2007, 12:43 AM
قال المؤرخ صالح عبد اللطيف في : " ملامح من تاريخ ينبع " الجزء الأول : باب : ( الآثار بمنطقة ينبع ) :
( نقوش وادي بواط ) :
تظهر على جبال وصخور وادي بواط بعض الكتابات والنقوش والرسومات , وقد سلك الرسول صلى الله عليه وسلم وادي بواط في الغزوة التي تعرف باسمه , وكان وادي بواط تسلكه القوافل من وإلى المدينة المنورة , وبه غار مشهور تروى عنه قصص خرافية عن قيام السعلاة الساكنة فيه بأكل البشر .

" قلت "
وفي الكتاب تظهر صورتان عن تلك النقوش ومن خلال الصور يظهر أنها نقوش إسلامية , وللأمانة أنني لم أكن أعرف خبر تلك النقوش إلا من خلال تاريخ أستاذنا صالح , وكم تمنيت من أستاذنا أن يضيف تعليقاته مما ظهر له من كتابات تلك النقوش بحكم أنه قد وقف عليها وصورها , فعله يستدرك ذلك في الطبعات القادمة لتاريخه أعاننا الله وإياه .

باب : الغول والسعالي هل هي حقيقة أم أوهام ؟؟
نقل أستاذنا صالح في تاريخه الكلام السابق الذي أوردناه فقال عن جبال بواط : ( وبه غار مشهور تروى عنه قصص خرافية عن قيام السعلاة الساكنة فيه بأكل البشر ) .

" يقول ابن غنيم الجهني "
قد صدق أستاذنا صالح بذلك فالقول بأن السعلاة تأكل البشر إنما هو خرافة وكذب لا دليل عليه , وتالله إن مثل هذا القول لن يصمد أمام الوقائع والحقائق العلمية إن وضع بميزانها , وسنذكر بعض الأدلة على ذلك , أما أخبار السعلاة أو ( السعلية ) بصفة عامة فإني أرى صحة شي من أخبارها لا جلها , فكل خبر أو أثر لا بد أن يزاد فيه وينقص , ولكن تبقى الحقيقة حقيقة مهما اعترتها زيادة أو نقصان , وأما ما يتناقله أهل البادية اليوم وفي السابق من أخبار وقصص السعلاة ووصفهم لها فهو كذب صريح , ولتصديق ذلك لا بد أولا من معرفة ماهية ذلك المخلوق ؟؟ , فإذا عرفت ما هيته وفصيلته حينها تكون قد عرفت الحقيقة !! .
وقول أهل البادية والحاضرة اليوم عن صفة السعلاة جميعه ليس له مصداقية ولا حقيقة , بل هو أوهام لا وجود له إلا في عقولهم !! ولا صلة لها بالحقيقة , وصفتها عندهم التي يروونها عن السعلاة قولهم أن السعلاة أو كما يقول أهل البادية اليوم : ( السعلية ) أنها امرأة إنسية أي أنها من الإنس فأكلت لحوم البشر فتحولت إلى سعلاة أو ( سعلية ) !! , كذا يروون بأخبارهم عن صفتها , وهو المشهور من الأخبار عندهم , ولله العجب فهذا كذب لا يصدقه لا العقل ولا العلم فلحوم البشر لو أكلت والعياذ بالله لا تفعل ذلك أبدا !! هذا أولا .
ثانيا : من أخطاء أهل البادية حين يذكرون أخبار السعلاة , وقد رووا في ذلك العديد من الحكايات والأساطير الكاذبة التي نرى أنها من نسج الخيال الذي عشعش في عقولهم , وبين يدي قصة لما يسمى : ( السعلية ) وإن كنت أرى أنها رواية فيها كثير من الحكم والطرائف والنكت والتشويق وهي طويلة جدا وهي من القصص القديمة جدا التي كانت تقص للأطفال لا نعلم تحديدا زمن تأليفها ؟ , ولا من هو مؤلفها ؟ , ولكن الصحيح أن السعلاة ليست كذلك فالسعلاة ليست من البشر أو الإنس إنما هي نوع من ( الجن ) وقد تسمى بـ ( السعلاة أو الغول ) , والغول هو الأصح والأشهر , وقيل : أن الغول هو الذكر , والسعلاة هي الأنثى , وهناك من فرق بين الغول والسعلاة , والصحيح ما أثبتناه من أنه لا فرق بينهما والله أعلم .

قال الحافظ ابن عبد البر القرطبي في " التمهيد " :
( الغول ) : وجمعها أغوال , والسعلاة وجمعها السعالى , ضربان من الجن ونوع من شياطينهن , قالوا : إنها تتصور صورا كثيرة في القفار أمام الرفاق وغيرها , فتطول مرة وتصغر أخرى وتقبح مرة وتحسن أخرى , مرة في صورة بنات آدم وبني آدم ومرة في صورة الدواب وغير ذلك كيف شاءت , قال كعب بن زهير :

فما تدوم على حال تكون بها=كما تغول في أثوابها الغول

وقال العيني في " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " :
ومنهم السعلاة : وهي مغايرة للغول وأكثر ما يوجد في الفيافي إذا ظفرت بإنسان ترقصه وتلعب به كما تلعب السنور بالفأر .

وقال الشنقيطي في " تفسير أضواء البيان " :
والسعلاة عجوز الجن .

وقال الخطابي في " غريب الحديث " :
وقال أبو سليمان : في حديث النبي أنه قال : ( لا صفر ولا غول ولكن السعالي ) أخبرناه محمد بن المكي , نا الصائغ , نا سعيد بن منصور , نا سفيان عن عمرو , عن الحسن بن محمد رفعه : ( السعالي سحرة الجن ) , جمع سعلاة , والمعنى : أن الغول لا تستطيع أن تغول أحدا أو تضله ولكن في الجن سحرة كسحرة الإنس لهم تلبيس وتخييل , ومثله حديث عمر بن الخطاب حين قال : ( إن أحدا لا يستطيع أن يتغير عن خلق الله ولكن لهم سحرة كسحرتكم فإذا رأيتموهم فأذنوا بالصلاة )

وقال الفراهيدي في " العين " :
( والسعلاة ) : من أخبث الغيلان ويجمع على سعالي , ويقال للمرأة الصخابة استسعلت أي صارت كالسعلاة .

وقال الأبشيهي في " المستطرف في كل فن مستظرف " :
( سعلاة ) : نوع من المتشيطنة , قال السهيلي : هو حيوان يتراءى للناس بالنهار ويغول بالليل , وأكثر ما يوجد بالغياض وإذا انفردت السعلاة بإنسان وأمسكته صارت ترقصه وتلعب به كما يلعب القط بالفأر , قال : وربما صادها الذئب وأكلها وهي حينئذ ترفع صوتها وتقول : أدركوني فقد أخذني الذئب وربما قالت : من ينقذني منه وله ألف دينار وأهل تلك الناحية يعرفون ذلك فلا يلتفتون إلى كلامها .

وقال النووي في " شرحه على صحيح مسلم " :
( ولا غول ) : قال جمهور العلماء : كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات وهي جنس من الشياطين فتتراءى للناس وتتغول تغولا , أي : تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق فتهلكهم , فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذاك , وقال آخرون ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول , وإنما معناه : إبطال ما تزعمه العرب من تلون الغول بالصور المختلفة واغتيالها , قالوا : ومعنى لا غول أي لا تستطيع أن تضل أحدا , ويشهد له حديث آخر لا غول ولكن السعالى قال العلماء : السعالى بالسين المفتوحة والعين المهملتين , وهم سحرة الجن , أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخيل , وفى الحديث الآخر : ( إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان ) أي : ارفعوا شرها بذكر الله تعالى , وهذا دليل على أنه ليس المراد نفى أصل وجودها , وفى حديث أبى أيوب كان لي تمر في سهوه وكانت الغول تجيء فتأكل منه .

وروى الأصبهاني في " العظمة " فقال :
حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة العكبري حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن هراسة عن جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد عن جابر رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيلان فقال : ( سحرة الجن ) .

" قلت " ورواه ابن وهب مرسلا عن عبد الله بن عبيد في " الجامع " , وابن أبي الدنيا في " مكائد الشيطان " رواه مرسلا وموصولا , والخطابي في غريب الحديث مرسلا , وقد ضعفه شيخنا مشهور .

روى النسائي في " السنن الكبرى " :
أخبرنا أحمد بن سليمان , قال حدثنا يزيد , قال أخبرنا هشام , عن الحسن , عن جابر بن عبد الله , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل , فإذا تغولت لكم الغيلان فنادوا بالأذان )

قال مشهور بن سلمان في تخريجه لهذا الحديث :
أخرجه أحمد في المسند , والنسائي في عمل اليوم والليلة , وابن السني في عمل اليوم والليلة , وأبو يعلى في المسند , من طرق عن يزيد به , وأخرجه أبو داود في السنن , وابن ماجه في السنن من طريق ابن أبي شيبة به مختصرا , وليس فيه الجزء المذكور ,
ورجاله رجال الصحيح , واتصال إسناده متوقف على سماع الحسن البصري من جابر , وضعفه الحافظ ابن حجر في " تخريج الأذكار " بناء على ترجيحه عدم سماع الحسن من جابر كما في " الفتوحات الربانية " , وقال الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " قلت : وهذا إسناد ضعيف , ورجاله ثقات , وإنما علته الانقطاع بين الحسن وهو البصري وجابر كما قاله أبو حاتم والبزار .
قلت : قال ابن المديني : الحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله شيئا , وسئل أبو زرعة الحسن لقي جابر بن عبد الله ؟؟ , قال : لا , وقال بهز : لم يسمع من جابر بن عبد الله , وقال أبو حاتم عندما سئل عن سماع الحسن من جابر قال : ما أرى , ولكن هشام بن حسان يقول : عن الحسن حدثنا جابر بن عبد الله وأنا أنكر هذا , إنما الحسن عن جابر كتاب , مع أنه أدرك جابرا ,
قلت : وأخرجه ابن خزيمة في صحيحة , وأخرجه من حديث جابر الديلمي في الفردوس , وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه وسنده منقطع لا يعرف لا بن جريج سماع من سعد ولم يلق أحدا من الصحابة كما قال ابن المديني كما في " جامع التحصيل " , وأخرجه البزار في " كشف الأستار " عن الحسن عن سعد به , وقال عقبه : لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه , ولا نعلم سمح الحسن من سعد شيئا , وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " رواه البزار ورجاله ثقات , إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد فيما أحسب , وأخرجه ابن عدي في " الكامل في الضعفاء " , وذكر هذا الحديث الذهبي في " ميزان الإعتدال "

وفي الباب عن الحسن مرسلا , رواه عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن مرسلا , وهذا مرسل , رجاله رجال الصحيح , وقد تكلم بعضهم في رواية هشام عن الحسن , وفي الباب عن ابن عمر .

" يقول ابن غنيم الجهني "
ورواه الطبراني في " المعجم الأوسط " وزاد فيه : ( فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص ) , وابن عبد البر في التمهيد , والبيهقي في دلائل النبوة , وللحديث شاهد كما عند مسلم في صحيحة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله حصحاص ) وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أذن بالصلاة أدبر الشيطان له ضراط ) وهذا مما يقوي الحديث ويؤيده وذلك لشواهده التي في الصحيحين .

وقال المناوي في " شرح الجامع الصغير " :
وإسناده ضعيف على الأصح .

وقال ابن مفلح في " الآداب الشرعية " :
أخرجه أحمد , وأبو داود , وابن ماجه , والنسائي في " عمل اليوم والليلة " , وابن خزيمة , وإسناده ضعيف لعنعنة الحسن .

أبن غنيم المرواني
23-09-2007, 12:56 AM
وقال شيخنا مشهور آل سلمان : قال القزويني في "عجائب المخلوقات " :
رأى الغول جماعة من الصحابة , منهم عمر بن الخطاب , حين سافر إلى الشام قبل الإسلام , فضربها بالسيف .

" قلت " قصة قتل عمر بن الخطاب للغول حدثت في الجاهلية قبل الإسلام رواها ابن عساكر في تاريخه " تاريخ مدينة دمشق " .

وقال شيخنا سلمان في رسالته ص 108 باب : سبب كذب العرب بقولهم بتغول الغيلان ؟؟ نقل الجاحظ في كتابه " الحيوان " :
أصل هذا الأمر وابتداؤه : أن القوم لما نزلوا بلاد الوحش عملت فيهم الوحشة ومن انفرد وطال مقامه في البلاد والخلاء والبعد من الأنس استوحش ولا سيما مع قلة الاشتغال والمذكرين
وخبرني الأعمش أنه فكر في مسألة فأنكر أهله عقله حتى حموه وداووه , وقد عرض ذلك لكثير من الهند .
وإذا استوحش الإنسان تمثل له الشيء الصغير في صورة الكبير وارتاب وتفرق ذهنه وانتقضت أخلاطه فرأى ما لا يرى وسمع ما لا يسمع وتوهم على الشيء اليسير الحقير أنه عظيم جليل ثم جعلوا ما تصور لهم من ذلك شعرا تناشدوه وأحاديث توارثوها فازدادوا بذلك إيماناً ونشأ عليه الناشئ وربي به الطفل فصار أحدهم حين يتوسط الفيافي وتشتمل عليه الغيظان في الليالي الحنادس فعند أول وحشة وفزعة وعند صياح بوم ومجاوبة صدى وقد رأى كل باطل وتوهم كل زور فعند ذلك يقول رأيت الغيلان وكلمت السعلاة !! , ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول قتلتها !! , ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول رافقتها !! , ثم يتجاوز ذلك إلى أن يقول تزوجتها !! , ومما زادهم في هذا الباب وأغراهم به ومد لهم فيه أنهم ليس يلقون بهذه الأشعار وبهذه الأخبار إلا أعرابياً مثلهم وإلا عاميا لم يأخذ نفسه قط بتمييز ما يستوجب التكذيب والتصديق أو الشك ولم يسلك سبيل التوقف والتثبت في هذه الأجناس قط وإما أن يلقوا رواية أو صاحب خبر فالراوية كلما كان الأعرابي أكذب في شعره كان أطرف عنده وصارت روايته أغلب ومضاحيك حديثه أكثر فلذلك صار بعضهم يدعي رؤية الغول أو قتلها أو مرافقتها أو تزويجها وآخر يزعم أنه رافق في مفازةٍ نمرا فكان يطاعمه ويؤاكله . انتهى بتصرف .

وقال شيخنا مشهور في باب : " تعريف الغول وأسماؤه وجنسه " بعد أن أورد عدة أحاديث في الباب :
وفي هذه الأحاديث من الفوائد : أنه يمكن رؤية الجن والغيلان , ولكن على غير صورهم التي خلقوا عليها , وأن الغيلان كثيرة التغير والتشكل , وأنها سحرة الجن , كما قال عمر بن الخطاب : ( إن أحدا لا يستطيع أن يتحول عن صورته التي خلقه الله عليها , ولكن لهم سحرة كسحرتكم , فإذا رأيتم ذلك فأذنوا )

وقال شيخنا في بعد أن أورد حديث ( لا غول ) مع تخريجه فقال :
أختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا غول ) على ثلاثة أقوال :
الأول : أن الغول شي يخوف به , ولا وجود له كما قال الشاعر :

لما رأيت بني الزمان وما بهم=خل وفي للشدائد اصطفي
أيقنت أن المستحيل ثلاثة=الغول والعنقاء والخل الوافي

وقال عبد الرحمن حبنكة الميداني في " ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة " :
ونلاحظ أيضا أن بعض ما هو كلي في التصور , قد لا يوجد منه في الواقع أي فرد مثل : عنقاء ومثل ( غول ) ومثل معدوم . انتهى , ونسب الدميري مقوله : الغول شي يخوف به لا وجود له .

الثاني : أن الغول كان موجودا ثم رفعة الله سبحانه وتعالى :
وإلى هذا ذهب الطحاوي فقال : بعد أن أورد حديث أبي أيوب السابق في كتابه : " مشكل الآثار "
ففي هذا الحديث – أي حديث أبي أيوب – إثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم الغول , وقد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا عنه انه قال : ( لا غول ) ففي ذلك نفيه للغول , فقال قائل : قد يكون هذا على التضاد ؟!! ,
قيل له : ليس ذلك بحمد الله على التضاد , إذ يحتمل أن يكون الغول قد كان على ما في حديث أيوب ثم رفعه الله تعالى عن عبادة على ما في حديث جابر , وذلك أولى ما حملت عليه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا , أو فيما أشبهه , ما وجد السبيل على ذلك .
وقال ابن ملك في " مبارق الأزهار " في معنى قوله ( لا غول ) :
فإن قيل ما معنى النفي وقد قال عليه السلام : ( إذا تغولت الغيلان فعليكم بالأذان ) ؟؟
أجيب : بأنه كان ذلك في الابتداء ثم دفعة الله عن عبادة .

( وقال شيخنا عقب ذلك معلقا ) : وليس في حديث رسول الله نص على ذلك , وإنما معنى محتمل , ويؤيده أثر ابن عباس رضي الله عنهما .

القول الثالث : وهو المختار :
وذهب جمهور العلماء : أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا غول ) ليس معناه نفي الغول عينا , وإبطالها كونا , وإنما فيه إبطال ما يتحدثون عنها : من تغولها , واختلاف تلونها في الصور المختلفة , وإضلالها الناس عن الطريق , وسائر ما يحكون عنها , وسنفصل ذلك في الفصل القادم بعنوان " أقاويل العرب وكذبها في الغول "
ويؤكد ما ذكرنا أمور :
أولا : لم يثبت شرعا ولا عقلا ولا أختبارا , أن الغيلان تأكل الناس , ولا أنها تظهر لهم في الفيافي والقفار , كما كانت تزعم العرب وغير العرب , في طور الجهل والخرافات .

ثانيا : إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نفي الغول مع نفي الهامة والصفر والطيرة والعدوى , مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت العدوى وأمر بالفرار من المجذوم !! , وذلك محمول على ما كانت تزعمة الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى , وإن هذه الأمور تعدي بطبعها , وإلا فقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من الأمراض سببا لحدوث ذلك
ولهذا قال : ( فر من المجذوم كما تفر من الأسد ) , وقال : ( لا يورد ممرض على مصح ) , وقال في الطاعون : ( من سمع به في أرض فلا يقدم عليه )
وكل ذلك بتقدير الله تعالى , وهذا أحسن ما قيل فيه , وبه قال البيهقي وتبعه ابن الصلاح , وابن القيم , وابن رجب , وابن مفلح , وغيرهم كما في " فتح المجيد " ( لسليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب النجدي ) .

وروى أبو الشيخ في " العظمة " بإسناده فقال :
حدثنا أحمد بن محمد بن شريح ، حدثنا محمد بن رافع ، حدثنا إسماعيل , قال : حدثني عبد الصمد , قال : سمعت وهبا رحمه الله تعالى يقول : ( وسئل عن الجن ما هم ؟؟ , وهل يأكلون ويشربون ويموتون ويتناكحون ؟؟ , قال : هم أجناس , أما خالص الجن الذين هم خالص الجن فهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون ولا يتوالدون ، ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون ويموتون , وهي هذه السعالي ، والغول وأشباه ذلك ) .

" قلت " ورواه الطبري في تفسيره عن وهب بن منبه عند تفسير قوله تعالى : ( والجأن خلقناه من قبل من نار السموم ) , ورواه أيضا ابن عبد البر عن وهب بن منبه في " التمهيد " .

وقال الباحث جواد علي في " المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام " عن قصص السعالي في الجاهلية :
وقصص الغول هي من أشهر القصص الجاهلي المذكور عن الجن ، ومع خطر الغول وشراسته في رأي الجاهليين ، ورد في قصصهم تزوج رجال من الإنس منهم , وورد أن الشاعر تأبط شرا تعرض بغيلة , فلما امتنعت عليه جللها بالسيف فقتلها , وهم يروون أن من الممكن قتل الغول بضربة سيف , أما إذا ضربت مرة ثانية فإنها تعيش ولو من ألف ضربة !! , وهكذا ترى قصصهم يروي تغلب الإنسان على الغيلة في بعض الأحيان , وأكثر قصصهم عن الغول منسوب إلى تأبط شرا وللقب الذي يحمله هذا الشاعر أو حمل عليه دخل ، ولا شك في ظهور هذا القصص
ويرى علماء اللغة أن من معاني ( الغول ) التلون والظهور بصور مختلفة والاغتيال , ويروون أن الغول أنثى وأما ذكرها فسمى ( قطربا ) ولصفة التلون والظهور بصور مختلفة سموا الغول ( حيتمورا ) وهو كل شيء لا يدوم على حالة واحدة ، ويضمحل كالسراب , وذكر في وصف غدرها بالإنسان أنها إذا أرادت أن تضل إنسانا وقدت له نارا فقصدها فتدنوا منه وتتمثل له في صور مختلفة فتهلكه روعا ، وان خلقتها خلقة إنسان ، ورجلاها رجلا حمار .
وذكروا أن الغول هو أسم لكل شيء من الجن يعرض للمسافر ، ويتلون في ضروب الصور والثياب ، ذكرا كان أو أنثى ، وقد قال كعب بن زهير الشاعر الصحابي الذي مدح الرسول في وصف تلون الغول :

فما تدوم على حال تكون بها=كما تلون في أثوابها الغول
وفي تلون الغول يقول عباس بن مرداس السلمي :

أصابت العام رعلاً غول قومهم=وسط البيوت ولون الغول ألوان
فالغول تتحول في أي صورة شاءت، وتتمثل في صور مختلفة إلا رجليها ، فلا بد من أن تكونا رجلي حمار .
وذكر أن ( الغول ) ( السعلاة ) وهما مترادفان , وذكر أن الغيلان جنس من الجن والشياطين ، والعرب تسمي الحية الغول , وقيل : أن أنياب أغوال الواردة في شعر لامرئ القيس الحيات, وقيل الشياطين :
وإلى الشاعر لحبيد بن أبوب شاعر بني العنبر يعود قسط كببر من القصص الوارد عن ( الغول والسعلاة ) فقد كان يخبر في شعره أنه يرافق الغول والسعلاة , ويبايت الذئاب والأفاعي ويؤاكل الظباء والوحش , وقد أورد أهل الأخبار شيئا من شعره في هذا الباب , وذكر بعض علماء اللغة أن الغول الذكر من الجن، والسعلاة الأنثى , والغول ساحرة الجن ، وتقول إن الغول يتراءى في الفلاة للناس فتضلهم عن الطريق .
( وأما السعالي ) وواحدتها السعلاة ، فذكر أنها سحرة الجن ، وقيل : إن الغيلان جنس منها ، وان الغيلان هي إناث الشياطين ، وأنها ( أي السعالي ) أخبث الغيلان وأكثر وجودها في الغياض ، وأنها إذا ظفرت بإنسان ترقصه وتلعب به كما يلعب القط بالفأر ، وأن الذئب يأكل السعلاة , وذكر أن ( السعلاة ) أسم الواحدة من نساء الجن إذا لم تتغول لتفتن السفار , وهم إذا رأوا المرأة حديدة الطرف والذهن سريعة الحركة مممشوقة ممحصة ، قالوا : ( سعلاة ) , وقال الأعشى :

ورجال قتلى بجنبي أريك=ونساء كأنهن السعالى
وذكر أن في الجن سحرة كسحرة الإنس لهم تلبيس وتخييل وهم السعالى , وهم أقدر من الغيلان في هذا الباب .

" قلت " نحن في إيمان وتصديق بكتاب الله وسنة رسوله ونؤمن بوجود الجن والشياطين وأن الله سبحانه وتعالى قد ذكرها في كتابه وسنة نبيه بل وفي التنزيل الحكيم سورة الجن ونؤمن أنهم مكلفون بجميع التكاليف الشرعية كما قال تعالى : ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) , فإن كذبوا وعاندوا فجزائهم : ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ) , ( ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) , ( وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) , وأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الثقلين الإنس والجن كما قال تعالى : ( يا معشر الجن والإنس ) فهذا نداء إلى الجن والإنس بل وأسلم عدد من الجن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي كتب الصحابة أسماء بعض ممن أسلم من الجن كما عند ابن عبد البر في الاستيعاب وابن حجر في الإصابة , وأهل الجاهلية في كذب وغرور المتقدمون منهم والمتأخرون وبيت الأعشى هو :

وشيوخ حربي بشطي أريك=ونساء كأنهن السعالي

وقال أبي البلاد الطهوي :

لهان على جهينة مـا ألاقـى=من الروعات يوم رحى بطان
لقيت الغول تسري في ظـلامٍ=بسهب كالعباية صحصحـان
فقلت لها كلانا نقض أرض=أخو سفر فصدي عن مكاني
فصدت وانتحيت لها بعضـب=حسام غير مؤتشب يمـانـي
فقد سراتها والبرك مـنـهـا=فخرت لليدين ولـلـجـران
فقالت زد فقلت رويدا إنـي=على أمثالها ثبت الـجـنـان
شددت عقالها وحططت عنها=لأنظر غدوة ماذا دهـانـي
إذا عينان في وجـه قـبـيح=كوجه الهر مشقوق اللسـان
ورجلا مخدج ولسان كـلـب=وجلد من فـراء أو شـنـان

" قلت " رحى بطان هذا موضع بالحجاز كانوا يزعمون أن السعالي والغيلان , تكثر فيه , وبطحان واد بمدينة المصطفى طيبة الطيبة شرفها الله وأكرمها .
وقال عامر بن الحارث النمري المعروف ( بجران العود ) :

هما الغول والسعلاة حلقى منهما=مخدش ما بين التراقي مجرح

وروى مسلم في صحيحة وغيره والسند لمسلم قال :حدثنا أحمد بن يونس , حدثنا زهير , حدثنا أبو الزبير , عن جابر , ح , وحدثنا يحيى بن يحيى . أخبرنا أبو خيثمة , عن أبي الزبير , عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا عدوى , ولا طيرة , ولا غول ) .

" قلت " كثير ممن فسر هذا الحديث من العلماء السابقين قالوا : في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا غول ) , أي : أنها لا تضله , والذي أراه والعلم عند الله عكس ذلك تماما فقوله صلى الله عليه وسلم ( لا غول ) ليس المراد منه نفي إضلالها لبني الإنسان إنما مراده صلى الله عليه وسلم بقوله ذاك أي أنها : ( لا تضره أو تأكله ) كما كانت تزعم العرب في الجاهلية وفي الإسلام كما هو الحال عند أهل عند البادية في السابق واليوم , وهذا النفي بقوله : ( لا غول ) , فيه تكذيب لما يزعمه أهل البادية في الجاهلية والإسلام من أنها قد تأكل الإنسان أو أنها تضره ولذلك كانوا في الجاهلية يستعيذون إذا نزلوا بالأودية فيقول أحدهم : ( أعوذ بعظيم هذا الوادي !! ) , وأما القول بأنها تضله فالغول والشياطين قد ثبت أنها تضل بني الإنسان حتى يهلك , ودليلنا على ذلك قوله تعالى : ( كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ) قال ابن عباس رضي الله عنه : " هم الغيلان " أنظر تفسير هذه الآية عند ابن أبي حاتم , والطبري في تفسيرهما وغيرهم ,

وقد حدثني بمن أثق به وهو ممن تجاوز التسعين عاما قال حدثني جدي وهو ثقة أنه رأى العسلاة أو ( السعلية ) رأي العين , وهو في إحدى أسفاره راكبا على جمله وقد تشبهت له وأرادت أن تضله عن طريقة , ولكنه كان رجلا ثابت الجنان قوي البنيان فلم يلتف إليها وسار في طريقة غير أبه بما تجلبه له من أصوات وجلبة حتى قطع ذلك الموضع الذي وجدها فيه فذهبت ولم تضره بشي بإذن الله , وقال عقب ذلك وأسر لي جدي بعد ذلك يصف السعلاة بقوله بالعامية : ( تراها ظل ) .

" يقول ابن غنيم "
أنظر إلى دقة وصف ذلك الرجل العامي البدوي البسيط الذي لا يجيد قرأه ولا كتابه إلى وصفها لحفيدة بقوله له : ( إنها ظل ) فقد صدق بذلك الوصف فالجن هم أنواع كثيرة ولكن أغلبهم بصفة عامة والسعالي بصفة خاصة ليس لها أجسام : ( إنما هي صور ) لا يتشبه أحدهم بصورته الحقيقية أبدا !! , ومما يستغرب أن ذلك البدوي لم يقرأ عن أخبار السعلاة في الكتب , بل جل أهل ذلك الزمان لا يحسنون قرأه ولا كتابه فمن أين له ذلك الوصف الدقيق ؟؟ ثم إنه قد خالف إجماع أهل زمانه من أهل البادية في ذلك الوقت فكان المشهور والمعروف بينهم أن السعالي أو ( السعلية ) أنها إنسية توحشت فذهبت في الفيافي والقفار حتى طالت شعورها وأظافرها حتى غدت كالحيوان الممسوخ وأنها تأكل البشر وبني الإنسان , فلماذا خالف أهل زمانه بقوله : ( إنها ظل ) ؟؟ , فلا جواب إلا لأنه رآها رأي العين وعرف ما هي وكيف صفتها ولقد صدق فليس الخبر كالمعاينة .

" قلت "
ودليلنا على أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا غول ) ليس المقصود منها ما فهمه أكثر شراح الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم نفى بقوله هذا إضلالها للسائرين والمسافرين ,
وقد ظفرت بموافقة ابن عبد البر لكلامي كما في كتابه " بهجة المجالس وأنس الجالس " فقال :
فإن العرب تذكر أن الغيلان توقد النيران بالليل للعب والتخييل وإضلال أبناء السبيل قلت : والدليل على أن الشياطين تضل الناس في الطريق وتحيدهم عن سبيلهم ، قوله الله تعالى : ( كالذي أستهوته الشياطين في الأرض حيران ) , ومن الدليل على صحة الغيلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنشده كعب بن زهير قصيدته اللامية التي يقول فيها :

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا=وما مواعيده إلا الأبـاطـيل
فما تدوم على حال تكون بهـا=كما تلون في أثوابها الغول

فلم ينكره .

وقال حافظ الحكمي في " معارج القبول " :
وأما قول من قال : إن المراد في الحديث نفي وجود الغيلان مطلقا فليس بشيء لأن ذلك مكابرة للأمور المشاهدة المعلومة بالضرورة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله وبعده من إتيانهم وانصرافهم ومخاطبتهم وتشكلهم والله أعلم .

وظفرت بتفصيل جيد للحموي في " غمز عيون البصائر " حيث يرد على من أنكروا وجود الغول فقال :
إن المعتزلة والفلاسفة أنكروا وجود الغول وأهل الحق قالوا بوجوده وإنه مارد الجن يضل ابن آدم وقوله عليه السلام كما في صحيح مسلم : ( لا غول ) , أي : لا حكم للغول في الإضلال والإغواء وإنما هو من خلق الله تعالى لأنه عليه الصلاة والسلام ما بعث لبيان الحقائق ونفيها بل لبيان الأحكام .

وقال حافظ الحكمي في " معارج القبول " :
( وأما الغول ) فهي : واحد الغيلان , وهي من شر شياطين الجن وسحرتهم , والنفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية فيهم من الضر والنفع , وكانوا يخافونهم خوفا شديدا ويستعيذون ببعضهم من بعض , كما قال تعالى عنهم : ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ) , زاد الإنس الجن جرأة عليهم وشرا وطغيانا وزادتهم الجن إخافة وخبلا وكفرانا , وكان أحدهم إذا نزل واديا قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهائه , فيأتي الشيطان فيأخذ من مال هذا المستعيذ أو يروعه في نفسه ! , فيقول : يا صاحب الوادي جارك أو نحو ذلك , فيسمع مناديا ينادي ذلك المعتدي أن اتركه أو دعه أو ما أشبه ذلك فأبطل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ذلك ونفى أن يضروا أحدا إلا بإذن الله عز وجل وأبدلنا عن الاستعاذة بالمخلوقين الاستعاذة بجبار السموات والأرض رب الكون وخالقه ومالكه والهة وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا وكلماته التامات التي لا يجاوزهن جبار ولا متكبر فقال الله تبارك وتعالى : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) , وقال تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ) , وقال تعالى : ( قل أعوذ برب الفلق ) , إلى آخر السورة , ( قل أعوذ برب الناس ) إلى آخر السورة وغيرها من الآيات .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هاتين السورتين : ( ما سأل سائل بمثلها ولا استعاذ مستعيذ بمثلها ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من نزل منزلا فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك ) , وهو في الصحيح وفي بعض الأحاديث : ( إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان ) , وفي الحديث الصحيح :
( إن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله ضراط ) , وفي لفظ : ( حصاص ) وأحاديث الاستعاذة والأذكار في طرد الشيطان وغيره كثيرة مشهورة مسبورة في مواضعها من كتب السنة .
وأما قول من قال إن المراد في الحديث نفي وجود الغيلان مطلقا فليس بشيء ؟؟ , لأن ذلك مكابرة للأمور المشاهدة المعلومة بالضرورة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله وبعده من إتيانهم وانصرافهم ومخاطبتهم وتشكلهم والله أعلم .

" قلت " هذا ما تيسر لنا إيراده وتهيأ إعداده بخصوص هذا الموضوع وإلا فالموضوع يحتاج لأكثر من ذلك ولكن مقصود رسالتنا يفرض علينا عدم الإطالة والإسهاب , وقد ألف في السعلاة عدد من العلماء قديما وحديثا الأول مؤلف في القرن السابع من الهجرة والأخر لأحد العلماء المعاصرين هذا والله أعلم .


,,, والباب القادم هو فصل الكلام في هل سكن اليهود ينبع قبل الإسلام ؟؟ ,,,

أبن غنيم المرواني
26-09-2007, 01:12 AM
باب : ما ذكره المؤرخون المعاصرون عن وجوداليهود ببلاد ينبع :

قال الأستاذ صالح عبد اللطيف في " ملامح من تاريخ ينبع " في الجزء : الأول :
هل كان لليهود تواجد في ينبع ؟؟ :
سكن اليهود ( يثرب ) ثم نزل عليهم الأوس والخزرج , وعندما هاجر المسلمون إليها كانوا هم سكانها وكان اليهود عدة قبائل , وهناك روايات كثيرة في كيفية وصول اليهود يثرب , ومنها خروجهم في زمن موسى عليه السلام عندما حج مع أخيه هارون ومن معه من بني إسرائيل , فلما صاروا إلى موقع يثرب ورأوا في الكتاب الذي لديهم أن هذا الموضع سوف يخرج فيه نبي , قرروا الإقامة فيه , ثم الرواية الأخرى التي سبق أن نقلناها وهي خروجهم من موسى عليه السلام لمحاربة العماليق .
ويقول ابن خلدون في المدينة المنورة : وهي المسماة بيثرب فهي من بناء ( يثرب بن مهلائل ) من العمالقة وبه سميت وملكها بنو إسرائيل من أيديهم فيما ملكوه من أرض الحجاز .
ومن المعروف أن اليهود عندما نزلوا الحجاز كان لهم امتداد في الواحات الزراعية وهي أماكن سكناهم المفضلة , حيث كان لهم تواجد في : ( خيبر , وتيماء , ووادي القرى , والعيص , وينبع ) , ولا يستبعد نزولهم في ( قرى ينبع النخل ) حيث أنها من الواحات العامرة التي تستهوي يهود , وقد ذكر ابن تيمية رحمة الله : أن عمر بن الخطاب أخرج اليهود والنصارى من : ( المدينة , وخيبر , وينبع , واليمامة ) ومخاليف هذه البلاد .
وتنقل الروايات الشفهية أن اليهود تواجدوا في ( ينبع النخل ) وأن جبل لؤلؤة الذي يقع في قرية الأشراف حاليا وهي جزء من العشيرة القديمة هو ( جبل يهود ) والعامة إلى يومنا هذا يقولون أن جبل لؤلؤة من جبال يهود , ويقال أن المنطقة المعروفة بـ ( توريت ) في وادي رخو بينبع كان يعيش بها اليهود وأن هذا الاسم هم الذين سموا به هذه المنطقة , ( وينبع النخل ) من واحات الحجاز المشهورة منذ القدم لوجود مقومات الحياة بها تتمثل في عيونها وينابيعها ومزارعها التي اشتهرت بها المنطقة فلا يستبعد أن تكون كل الممالك التي استولت على الحجاز قد بسطت نفوذها على قرى ينبع .

" قلت "
القول بأن لليهود تواجد في ينبع فيه نظر ولم يثبت في أي مصدر من المصادر التاريخية وليس لهذا القول أي مستند ولا أثر , وسيأتي معنا مزيد أدلة تكشف ذلك .
وأما يثرب الذي سميت به ( مدينة يثرب ) مدينة المصطفى طيبة الطيبة شرفها الله وأكرمها , وأختلفوا في نسبة والأجماع على أنه رجل من العماليق وأن أسمه يثرب وأن ( يثرب ) المدينة النبوية دار الهجرة سميت نسبة إليه , وأما أسم أبية فأختلفوا في ذلك أختلافا كثيرا فقالوا أنه : يثرب بن عبيد بن مهلاييل , وقالوا : يثرب بن عميل بن مهلائيل , وقالوا : يثرب بن عميل , وقالوا : يثرب بن قانية بن مهلايل , وقالوا : يثرب بن هذيل بن إرم , وقالوا : يثرب بن قانية من ولد إرم بن سام بن نوح , وقالوا : يثرب بن قاين بن مهلايل , وقالوا : يثرب بن بائلة بن مهلهل بن عبيل , وقالوا : يثرب بن مهلايل بن عوص بن عمليق , وقالوا : يثرب بن فانية بن مهلهل , وقالوا : يثرب بن قانية بن مهلائيل , وقالوا : يثرب بن عوص بن إرم بن سام بن نوح , وقالوا : يثرب بن وائل من بني إرم بن سام بن نوح , وقالوا : يثرب بن قانية بن مهليل بن إرم بن عبيل بن أرفخشد ابن سام بن نوح عليه السلام . للإستزاده ينظر كتاب محمد السيد الوكيل " يثرب قبل الإسلام " , وكتاب ياسين غضبان " مدينة يثرب قبل الإسلام " .

وقال الأستاذ صالح عبد اللطيف في " ملامح من تاريخ ينبع " الجزء الثاني , باب : ( الآثار بمنطقة ينبع ) :
غرفة جبل لؤلؤة :
وهي عبارة عن غرفة في رأس جبل لؤلؤة مبنية في عمق الجبل ولها جرد للنزول إلى داخلها إلا أن درجاته قد هدمت وبقي أصلة وحولها من الجهة الشرقية وعلى مسافات متباعدة غرف أخرى إلا أنها أصغر حجما إلى أن تصل إلى أسفل الجبل مكان الصعود إليها وهذه الغرف أو الفتحات الصغيرة تمثل كما تظهر لي نقاط حراسة للغرفة الكبيرة .
ولا يعرف بالتحديد استخدامات هذه الغرفة فهي قد تكون لجمع الماء حيث يجمع فيها الماء للمرابطين في رأس الجبل لحماية القرية والطرق التي حولها حيث طريق الحاج كان يمر من الوادي الذي يقع غربي القرية , وقد تكون لتخزين المواد الغذائية أو الذخيرة أو السلاح وربما لخزن الأموال إلا أن ارتباط الجبل باليهود جعل الناس يعتقدون أن هذه الغرفة لخزن كنوز اليهود فامتدت يد العبث إليها بالحفر والتكسير , ويظهر ذلك جليا في أرضيتها وتوضح الأشكال التالية ما تبقى من الغرفة .

وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب في " ينبع " وكذلك في " تاريخ ينبع " باب ( الآثار في ينبع النخل ) :
هناك آثار عديدة في منطقة ينبع نخلها وبحرها , ومن الآثار في ينبع النخل جبل صغير مستدير تعلوه صخرة كبيرة يسمى هذا الجبل جبل لؤلؤة وهو يقع بالقرب من قرية المزرعة وفوق الجبل صخرة فيها نقوش وفي الستينيات الهجرية قام بتصويرها أحد أهالي ينبع وبعث بها إلى أحد المختصين بدراسة الآثار في جامعة القاهرة , وعند فحصها جاء الجواب : بأن تلك النقوش أما أن تكون من آثار العرب أو أوسمتهم ( جمع وسم ) أو أنها لا تزال لأبجدية لا تزال مجهولة .

وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب في " تاريخ ينبع " باب ( الآثار في ينبع النخل ) :
وحينما نتحدث عن آثار جبل لؤلؤة في أرض ينبع النخل نؤكد أنه لم يكن أسمه أصلا اللؤلؤة , بل حرفة عامة الناس وكان في رأس هذا الجبل حصن له نقب يؤدي إلى إحدى العيون الجارية , وهذا الحصن هو من حصون أشراف ينبع آل قتادة الذين خرجوا من قرية العلقمية عام 597 هـ وحكموا مكة وكان لهم حصن آخر في أرض ينبع يعتمدون عليه في الدفاع عن أنفسهم إلى جانب حصن لؤلؤة وهو حصن خبزة , ويقول السمهودي : خبزة بلفظ واحد الخبز حصن من أعمال ينبع , ولكن لم يكن معروفا لدينا في الوقت الحاضر .

" قلت " لا أدري من أين للأستاذ عبد الكريم القول بأن ما يسمى بجبل لؤلؤة هو حصن خبزه ؟؟ , ثم إن قول السمهودي لم أجده , وليس فيه أي دليل على أن جبل خبزة هو جبل لؤلؤة ! , وقد قال ياقوت في " معجم البلدان " : ( خبزة ) : بضم أوله وتسكين ثانيه وزاي , حصن من أعمال ينبع من أرض تهامة قرب مكة , وقال الزبيدي في " تاج العروس " : ( خبزة ) : بلا لام جبل مطل على ينبع .

وقال الباحث حمد الجاسر في كتابه " بلاد ينبع " :
وعلى ذكر الآثار في ينبع يشاهد المرء , عندما يقبل على ينبع النخل جبلا صغيرا مستديرا فوقه صخرة كبيرة يسمى هذا الجبل لؤلؤة , ويعتقد أهل تلك البلاد بأنه من آثار اليهود , وفوق الجبل صخرة فيها نقوش , وقد صورها الاستاذ ياسين الجداوي , وهو من أهل ينبع , وكان وكيلا لشركة البواخر الخديوية , صورها وأرسلها إلى أحد المختصين بدراسة الآثار في جامعة القاهرة , وعند فحصها جاءه الجواب : بأن تلك النقوش إما أن تكون من آثار الأعراب أو أوسمتهم جمع وسم , أو أنها حروف لا بجدية لا تزال مجهولة .

" يقول ابن غنيم المرواني "
جميع الأثار التي في بلاد ينبع تعود للعصر الإسلامي , وتلك النقوش التي تظهر على الصخور في كثير من مواضع بلاد ينبع قد صورها ووضعها الأستاذ صالح عبد اللطيف في تاريخه " ملامح من تاريخ ينبع " ومن خلال الصور التي أطلعت عليها في هذا الكتاب ظهر لي بأن بعض النقوش كتبت بالخط الأندلسي , وعلى إحدى الصخور ظهر الخط المغربي القديم , وهذه النقوش الأظهر أنه قد نقشها الرحالة القادمون من بلاد الشام والمغرب للحج , حيث أن بلاد ينبع هي طريق قوافل الحجيج القادمون من الشام والمغرب العربي للمدينة ومكة , وأما القول بأن في ينبع آثار لليهود فهذا قول عامة الناس فعندما شاهدوا تلك النقوش ظنوا أنها كتابات غير عربية , وهذا غير صحيح ,
فجميع ما في بلاد ينبع من نقوش أغلبها يعود للعصور الإسلاميه الزاهرة إلا القليل منها , ومن ذلك ما وجد في منطقة العيص في إحدى القصور التي تعود للعصر اللحياني وتلك القلعة تسمى اليوم ( قلعة قصر البنت ) وسنفرد للعصر اللحياني باب خاص في رسالة سنضعها عن تاريخ العيص بعون الله ,

وأما عنوان وجود اليهود الذي وضعه أستاذنا صالح عبد اللطيف في تاريخه ولم يجزم بصحته ولا تضعيفه ولذلك عنون وبوب الموضوع متسائلا عن وجود اليهود في ينبع ؟؟ , ولم يذكر الأستاذ على ذلك أي أدلة إلا أثر عمر بن الخطاب في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ومن ضمنها ذكر ( ينبع ) وأورد أيضا ما يرويه العامة من أن ما يسمى بجبل لؤلؤة قد سكنه اليهود ولم يعلق الأستاذ على هذا القول لا بتأييد ولا نفي , وقبل أن ندخل في صلب الموضوع الذي سوف نختصر بحثه , وإن كنت أعلم أن مثل هذا الموضوع فيه شي من الصعوبة , وذلك لأن المصادر والمعلومات شحيحة في مثل هذه المواضيع التي تتحدث عن تاريخ الجاهلية , ومما زاد من الأمر صعوبة هو أنني لست متبحرا كثيرا في تاريخ ما قبل الإسلام , ولكن من المولى سبحانه نستمد الإعانة والتوفيق .

باب : هل كان لليهود تواجد في بلاد ينبع ؟؟ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " :
وقد أمر النبي في مرض موته أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وهى الحجاز فأخرجهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من : ( المدينة , وخيبر , وينبع , واليمامة , ومخاليف هذه البلاد ) .

" قلت "
هذا الأثر قد أستدل به من قال إن ( ينبع ) كان يسكنها اليهود ولذلك قالوا إن ابن تيمية قال إن عمر أجلاهم من تلك القرى ومنها ( ينبع ) , ونحن نقول إن شيخ الإسلام رحمة الله وغفر لنا وله أجل من أن يظن مثل هذا وهو يعلم ما جاء في الصحيحين ولكن مقصد شيخ الإسلام رحمة الله ليس أن عمر بن الخطاب قد أخرجهم من تلك الديار وإن كان ثبت أنه أخرجهم وأجلاهم من بعض تلك المناطق التي ورد ذكرها , ولكن معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه الأماكن هي التي يجب أن يخرجوا منها , وهذا القول هو ما قاله الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل حين قالوا : ( يخرجون من مكة , والمدينة , واليمامة , وخيبر , وينبع , ومخاليفها ) ومعنى المخاليف أي الأطراف , هذا هو الصواب في تفسير هذا الأثر الذي رواه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاوية والله أعلم .

وهذه بعض الإستفهامات حول من يقول بوجود اليهود في ينبع قبل الإسلام أو بعده :1-
لدليل الأول على عدم وجود اليهود في ( بلاد ينبع ) أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا تلك الناحية عدة مرات كغزوة الأبواء أو ودان , وغزوة بواط , وغزوة العيص , وغزوة بدر الأولى وبدر الثانية , وغزوة العشيرة وهي ببطن ينبع النخل اليوم , وغيرها العديد من الغزوات , فلو كان لليهود تواجد في ينبع ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يغزوهم ؟؟ .

2- لماذا لم يكتب بينه وبينهم عهدا وكتاب كما فعل مع يهود المدينة ويهود خيبر إن كان لهم وجود في ( ينبع ) ؟؟ .

3- ثم إن جبل لؤلؤة هذا الذي يروي عامة الناس ودهمائهم أنه جبل اليهود وهو الواقع بقرب قرية عشيرة وهي القرية التي سميت باسمها غزوة العشيرة وبها مسجد العشيرة وهو المسجد الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهل يعقل أن يتركهم النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا هكذا بلا معاهدة ولا صلح ؟؟ .

4- ثم إنه روي على الصحيح أنه قد عاهدا بنو مدلج وحلفائهم بنو ضمرة فلماذا لم يذكر ولم يروى أنه عقد معاهدة مع اليهود الموجودون في ( ينبع ) ؟؟ .

5- ومما يلزم القائلين بهذا الرأي أنه معروف عن اليهود أنهم قوم جبنا لا يحبون القتال ولا يستوطنوا إلا جماعات كبيرة العدد ولا ينزلون إلا خلف الأسوار والحصون وفوق الأطام والقصور وذلك لحماية أنفسهم من هجمات العرب وقد أخبر عن ذلك المولى عز وجل عنهم فقال : ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) , فأين حصونهم وأطامهم في ( بلاد ينبع ) إن صح مثل هذا القول ؟؟ .

6- وكذلك يلزم القائلين بهذا الرأي بلازم , وهو : أن قولكم هذا هو متناقض بذاته ! فأنتم تقولون بأن جبل لؤلؤة هذا الواقع في بقرب العشيرة كان يسكنه اليهود , فإن قلتم : كان اليهود يسكنونه قبل الإسلام , قلنا : أن ذلك لم يصح لدلائل التي ذكرناها وسنأتي على ذكرها ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العشيرة وأدع أهل ينبع وسكان منطقة العشيرة وهم بنوا مدلج وحلفائهم بنو ضمرة فلو كان لليهود وجود في ذلك الوقت أليس من الأولى عقد معاهدة صلح وموادعه مع أولئك اليهود قبل بنو مدلج وحلفائهم ؟؟ , فإن قلتم : كان سكنى اليهود لجبل لؤلؤة ( بينبع ) حدث بعد دخول الإسلام , قلنا : هذا هو عين التناقض فأنتم أستدللتم بأثر عمر بن الخطاب أنه أجلى اليهود من جزيرة العرب وذكرتم من تلك المناطق ( وينبع ) فكيف يكون أجلاهم ؟؟ , وأنتم تقولون : أنهم سكنوا جبل لؤلؤة الواقع في ( ينبع ) بعد الإسلام !! .

7- وأما إن قلتم إنما سكنوا ينبع بعد إنقضاء عصر الخلفاء الراشدين , قلنا : لو سلمنا بصحة هذا القول جدلا , لماذا لم يرد لهم ذكر في كتب التواريخ ؟؟ , ولماذ لم يرد لهم ذكر كذلك في كتب الراحلات الحجازية والكتب التي ألفت عن المدينة النبوية ؟؟ , وقد ألف كثير من الكتب في المدينة وذكروا ينبع وقراها وأخبارها , ومنها أخبار المدينة لابن زبالة المؤلف في القرن الأول الهجري , وأخبار المدينة لابن شبة المؤلف في القرن الثاني الهجري , ورحلة المقدسي المؤلفة في القرن الثالث الهجري , وياقوت في معجم البلدان في القرن الرابع الهجري , وفي القرن الثامن نزلها السخاوي وذكرها في التحفة اللطيفة في المدينة الشريفة والبلدانيات فذكر أنه نزلها وسمع بها عدد من المشائخ كعلاء الدين الشيرازي سمع منه شرحه على الحاوي وشي من التفسير ووصف ينبع في ذلك الوقت وذكر أن سكانها أكثرهم على مذهب الزيدية وهم أشراف من بني الحسن ذوي ألوان سمراء , وكذلك السمهودي في الوفاء بأخبار دار المصطفى وهو في القرن التاسع ذكرها كثيرا , وكذلك عبد الغني النابلسي ذكرها في القرن العاشر في الرحلة الحجازية الحقيقة والمجاز وغيرهم الكثير فهل يعقل أن جميع هؤلاء مروا بينبع ولم يعلموا بوجود اليهود في ( بلاد ينبع ) ولذلك لم يذكروهم في كتبهم ؟؟ ,

8- أما سبب وجود اليهود ببلاد العرب وبخاصة في الحجاز فذلك راجع لأسباب دينية بحته ولدينا الأدلة والشواهد التي تثبت ذلك قطعا بما لا يدع مجالا لشك , وسنذكر شيء منها في هذا الموضوع وذلك لكي نثبت أن جميع الروايات التي تناقلها الأخباريون عن سبب وجودهم ما هي إلا نظريات وأخبار ليس لها أي أساس من الصحة وأن سبب وجودهم ما هو إلا بدوافع دينية سنبين بعض منها , بل وإن أماكن تواجدهم خير شاهد ودليل على صحة قولنا فهم لم يتركوا أرض الجنان بلاد الشام ومصر ويأتوا إلى جزيرة العرب القاحلة الجرداء , التي لا ماء فيها ولا هواء , ويتجاورا مع العرب الوثنيين الذين لا يعرفون من الكتاب شيئا ويضحوا كل هذه التضحيات مع البعد عن وطنهم وأرضهم إلا لأسباب كبيرة تدفعهم لذلك , فعندما قدموا لبلاد العرب لماذا لم يسكنوا إلا المدينة وخيبر وتيماء والعلا ؟؟ , وهنا سؤال يطرح نفسه ماذا يريدون من سكنى هذه الديار ؟؟ , وما هو السبب الذي جعلهم يسكنوا هذه المناطق دون باقي المناطق الأخرى من الجزيرة ؟؟ , فإن سلمنا جدلا بقول القائل : لأنها أرضي ذات نخيل وزرع , قلنا : وماذا يريد اليهود بالنخيل والزرع حتى يهاجروا عن أرضهم ويسكنوا هذه المناطق أمن أجله ؟؟ , هل هو حب النخل مثلا ؟؟ , اليهود طوال تاريخهم لم يعرفوا النخل ولم يألفوه فلو كان بحثهم هو وراء النخل , لماذا لم يذهبوا للعراق أرض الرافدين فهي ذات نخيل وأنهار وهي مشهورة بالنخيل منذ أن خلقت الأرض ومن عليها ؟؟ , ثم إن كثيرا من أراضي الحجاز كانت أكثر زرعا ونخلا من المدينة كينبع النخل وبدر والصفراء وغيرها من المناطق هذه جميعها مناطق كانت المياه فيها أكثر ونخيلها أوفر ,

9- مثل هذا القول ليس سبب مقنعا وهو بعيد كل البعد عن الحقيقة , والحقيقة هي أنهم نعم جاءوا يبحثون عن النخل !! , ولكن ليس حبا بالنخل لذاته إنما لأنه مذكور في كتبهم أنه بهذه البلاد تحديدا سوف يبعث نبي في أخر الزمان وصفة مبعثة أن يهاجر لأرض ذات نخيل ولذلك جاءوا وهم يعلمون إلى أين هم ذاهبون , إنهم أستوطنوا بلاد العرب وهم يتأملون في أن يكون ذلك النبي المبعوث بأخر الزمان منهم !! , فيا لله أنظر إلى عظم مكرهم وخبث سرائرهم وضعف عقولهم كما قال تعالى : ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) , ( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) .


,,, والباب القادم من دلائل نبوئة محمد صلى الله عليه وسلم سكنى اليهود جزيرة العرب ,,,

الشاهين
26-09-2007, 09:33 AM
نتابع في اهتمام بالغ ماتجود به أخي من معلومات وبسبب ضيق الوقت لم نتمكن من التداخل حيال بعض اجتهاداتكم والتي بلا شك تشكر عليها .
قال بن غنيم:وتنقل الروايات الشفهية أن اليهود تواجدوا في ( ينبع النخل ) وأن جبل لؤلؤة الذي يقع في قرية الأشراف حاليا وهي جزء من العشيرة القديمة هو ( جبل يهود ) والعامة إلى يومنا هذا يقولون أن جبل لؤلؤة من جبال يهود .
والقول لابن غنيم : بأن لليهود تواجد في ينبع فيه نظر ولم يثبت في أي مصدر من المصادر التاريخية وليس لهذا القول أي مستند ولا أثر , وسيأتي معنا مزيد أدلة تكشف ذلك .
نقول : ماهي المصادرالتاريخية التي تقصدها هذا اذا علمنا ان كتابة التاريخ في امتنا العربية متى كانت بدايته .
كذلك اخذ جيل لؤلؤة ومنطقة توريت ادله على الاثبات او النفي في سكن اليهود ينبع دليل ضعف من قبل الباحثين والسبب قلة المعرفة في تاريخ ينبع وكذلك جهل في علم الآثار .
وهنا سوف اورد لك جزء من بحثي في هذا الامر :
ينبع النخل عبارة عن حصون وقلاع خاصة ان قرى ينبع النخل متناثرة على طول مجرى الوادي من الشرق الى الغرب بمسافة تصل قرابة 70كم .
وهنا لايدرك الباحث تلك الاسوار وكذلك لايعير القلاع والابراج اي اهتمام والسبب اندثار معظمها وتخريب مابقي من بعض القلاع والابراج وجل همه مايشاهد من قرى امامه ولايعرف القرى المندثرة .
وبحكم انني ابن ينبع النخل وتوفر لي الاطلاع على الكثير من تاريخها عبر الوثائق الخاصة في اسرتي هذا اولا
وثانيا :تخصصت في دراسة التاريخ حتى حصلت على الشهادة الجامعية مما يسر لي كم لابأس به من المعرفة والتي انطلقت منها قاصدا التخصص في تاريخ ينبع .ومازلت اواصل في بحثي منذ سنوات .ولكي لااخرج عن جزئية هل سكن اليهود ينبع .
قمت في مقارنة بين الاسوار بينبع وطريقة نظامها واسوار خيبر وقلاعها بحكم انها من عمل اليهود وجدت تشابه كبير في طرقة البناء والابراج .خاصة اذا علمنا ان هذه الحصون تتبع نظاما عالي الدقة في امور الامن .
تشرف هذه القلاع على مناطق مركزية عبر هذا الشريط الممتد من الشرق للغرب ولم يكن الاختيار لهذه المواقع من باب الصدف بل كان ذا دراسة استراتيجية بالغة الاهمية في وصول المعلومات الامنية وتناقلهاعبر القلاع حتى تصل لمركز العمليات ومقره احدى قراها .
الشاهد في الامر ان جبل لؤلؤة مجرد برج او في لغة اليوم مقر الرادار الذي يستقبل اول المعلومات حيث هذا الجبل وبرجه هو المطل على البوابة الجنوبية لينبع النخل والذي بدوره ينقل المعلومات وبسرعة للقلاع الرئيسة في الجهة الغربية الجنوبية .ومنها تمر الرسائل في اتجاه الشرق حتى تصل للمركز .وتفرد هذا الجبل في موقعه بالقياس بمن حوله من الجبال .وبسبب اتقان بناء البرج لاهميته مازال اثره باقي ليومنا هذا مما دعى العامة اطلاق الاشاعات حوله .
فالشواهد كثيرة بينع على وجود امة متحضرة سكنت هذه الديار قبل ظهور الاسلام .
ولنا عودة ان شاء الله.

أبن غنيم المرواني
27-09-2007, 12:45 AM
باب : من دلائل نبوئة محمد صلى الله عليه وسلم سكنى اليهود جزيرة العرب :

مما أغفلة كثيرا من الباحثين على طوال التاريخ الإسلامي إلا القليل منهم هو سبب وجود اليهود في جزيرة العرب قبل الإسلام ؟؟ , وما هو سبب قدومه إلى جزيرة العرب من بين جميع أصقاع الأرض الأخرى ؟؟ ,
أما عن سبب قدوم اليهود إلى جزيرة العرب وسكناهم إياها قبل الإسلام فقد نذكرها لأنه قد ذكرها كثير من الباحثين الذين كتبوا عن تاريخ المدينة فلتراجع في مظانها , فنحن لا نريد الإطالة في ذلك فهذا الموضوع قد كتبنا عنه رسالة كاملة ليس هذا محل ذكرها , إنما سنذكر الراجح من الروايات تلك , فمن الروايات التي رووها عن أول سكنى اليهود للجزيرة العربية ما يلي :

قال ابن النجاز في " الدرة الثمينة في أخبار المدينة " :
وإنما كان سكنى اليهود بلاد الحجاز أن موسى عليه السلام لما أظهره الله على فرعون وأهلكه وجنوده , وطئ الشام وأهلك من بها , وبعث بعثا من اليهود إلى الحجاز , وأمرهم ألا يستبقوا من العماليق أحدا بلغ الحلم , فقدموا عليهم فقتلوهم وقتلوا ملكهم بتيماء , وكان يقال له : الأرقم بن أبي الأرقم , واصابوا ابنا له شابا من أحسن الناس , فضنوا به عن القتل وقالوا نستحييه حتى نقدم به على موسى عليه السلام , فيرى فيه رأيه , فأقبلوا وهو معهم وقبض الله موسى قبل قدومهم , فلما سمع الناس بقدومهم تلقوهم , فسألوهم عن أمرهم فأخبروهم بفتح الله عليهم وقالوا : لم نستبق منهم أحدا إلا هذا الفتى فانا لم ننظر شابا أحسن منه فاستبقيناه حتى نقدم به على موسى فيرى فيه رايه , فقالت لهم بنو إسرائيل : إن هذه لمعصيه منكم لما خالفتم أمر نبيكم , لا والله لا تدخلوا علينا بلادنا , فحالوا بينهم وبين الشام , فقال الجيش : ما بلد إذ منعتم بلدكم خير من البلد الذي خرجتم منه , قال : وكانت الحجاز إذ ذاك أشجر بلاد الله وأظهره ماء , قال : وكان هذا أول سكنى اليهود الحجاز بعد العماليق .

وقال آخرون بل كان علماؤهم يجدون في التوراة أن نبيا يهاجر من العرب إلى بلد فيه نخل بين حرتين , فأقبلوا من الشام يطلبون صفة البلد , فنزل طائفة تيماء وتوطنوا نخلا , ومضى طائفة فلما وفوا خيبر ظنوا أنها البلدة التي يهاجر إليها , فأقام بعضهم بها , ومضى أكثرهم وأشرفهم فلما رأوا يثرب سبخة وخرة ونخلا , قالوا : هذا البلد الذي يكون فيه مهاجر النبي إليها , فنزلوه فنزل النضير بمن معه بطحان , فنزلوا منها حيث شاؤوا , وكان جميعهم بزهرة وهي محل بين الحرة والسافلة , وكانت لهم الأموال بالسافلة , ونزل جمهورهم بمكان يقال له يثرب بمجتمع السيول سيل بطحان والعقيق وسيل قناة مما يلي زغابة , قال : وخرجت قريظة وإخوانهم بنو هدل وعمرو ابناء الخزرج بن الصريح بن التومان بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوى بن خير بن النحام بن تنحوم بن عازر بن عذري بن هارون بن عمران عليه السلام , والنضر بن النحام بن الخزرج بن الصريح بعد هؤلاء , فتبعوا أثارهم فنزلوا بالعالية على واديين يقال لهما مذينيب ومهروز , فنزلت بنو النضير على مذينيب واتخذوا عليه الأموال ونزل قريظه وهدل لى مهزور واتخذوا عليه الأموال , وكانوا أول من احتفر بها الأبار وغرس الأموال وابتنوا بها الأطام والمنازل .
قالوا : فجميع ما بنى اليهود بالمدينة تسعة وخمسون أطما , قال عبد العزيز بن عمران : وقد نزل المدينة قبل الأوس والخزرج أحياء من العرب منهم أهل التهمة تفرقوا جانب بلقيز إلى المدينة فنزلت ما بين مسجد الفتح إلى يثرب في الوطاء وجعلت الجبل بينها وبين المدينة فأبرت بها الأبار والمزارع .

" قلت "
الرواية الأولى وهي أن موسى عليه السلام أرسل جيش من بني إسرائيل لقتال العمالقة ليست صحيحة أبدا وقد رواها ابن زبالة في " أخبار المدينة " عن عروة بن الزبير , ورويت كذلك عن غيره .

وقد فصل في الرد على هذه الرواية وما شابهها الدكتور ياسين الغضبان في كتابه " مدينة يثرب قبل الإسلام " فقال :
والقصة على هذا النحو توجه إليها سهام الريب من أكثر من جانب , وليس بالوسع القول بأنها ترقى إلى ما فوق مظنات الشبهات , هذا إن لم تكن هي شبهة وذلك لأسباب كثيرة منها :
ثانيا : إن القرآن الكريم وقبله التوراة يكذبان إرسال جيش إسرائيلي إلى الحجاز , فالقوم الذين جبنوا على أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم ويصفون أنفسهم بأنهم كالجراد في أعين الجبابرة من بني عناق من سكان كنعان , هؤلاء القوم ليسوا هم الذين يجتازون صحروات بلاد العرب حتى يصلوا إلى يثرب ثم يقوموا بها بمجزرة بشرية تنتهي بإفناء بلد بأسره إلا ولد الأرقم ملكها !! , ثم أليسوا هم أنفسهم الذين حاول الكليم عليه السلام أن يحرضهم على القتال حتى يصدعوا بأمر الله ويدخلوا الأرض التي كتب لهم , إلا أنهم كانوا مع كثرتهم ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى .. ) , فكانوا يخافون الحرب ويهابون القتال بعد أن تمكنت منهم المذلة والصغار , ثم فقد صاحوا بموسى كما تروي توراتهم ( ليتنا متنا في أرض مصر في هذا القفر , ولماذا أتى بنا الرب لنسقط بالسيف ؟؟ ) , وليت الأمر أقتصر على هذا فإن التمرد سرعان ما يمتد إلى حد الثورة على موسى شخصيا والمناداة بخلع رياسته , وقيام سلطة جديدة تعود بهم إلى مصر , فقال بعضهم : نقيم رئيسا ونرجع إلى مصر ( سفر عدد 14-3-4 ) . هذه هي النصوص القرأنية والتوراتية , وكلها تتحدث عن جبن الإسرائليين وتقاعسهم عن القتال , أفليس من الغريب بعد ذلك أن يأتي بعض المؤرخين ويا للعجب !! منهم من المسلمين فيزعم أمجادا عسكرية ما كانت لهم أبدا !! , والحق يقال ما زعموها لأنفسهم أبدا .
إن هناك رواية إخبارية أخرى كذلك تقدم سبب مختلفا لإقامة اليهود في المدينة , ذلك أن موسى عليه السلام طبقا لهذه الرواية قد حج إلى بيت الله الحرام ومعه أناس من بني إسرائيل وعند العودة رأوا في موضع المدينة صفة بلد نبي يجدون وصفة في التوراة بأنه خاتم النبيين , ثم فقد أقاموا في سوق بني قينقاع , ثم تأليفت إليهم ناس من العرب فرجعوا عن دينهم , فكانوا أول من سكن المدينة .

" قلت " هذا النص السابق ورد في سفر العدد 14: 2 والنص الذي بعده هو : ( ولماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف تصير نساؤنا و أطفالنا غنيمة أليس خيرا لنا ان نرجع إلى مصر !! ) , سفر العدد 14: 3 .

وقال المؤلف ياسين في " مدينة يثرب " بعد أن أورد عدة نقاط بين فيها ضعف هذه الرواية فقال :أما قضية الحج والعمرة إلى مكة فورد في الأحاديث الصحيحة بالتلبية لموسى في البخاري ومسلم وسواهما من كتب الصحاح , يعني تماما قضية الطواف بالبيت بعيدا عن فكرة إرسال جيوش أو سواهما , وربما يكون الحج والعمرة بدافع شخصي بحت تنفيذا لأمر الله تعالى بذلك وبعدد قليل من الناس , وهكذا فلا مجال للتصديق بأن اليهود قد جاؤوا يثرب بزمن موسى عليه السلام .

" قلت "
القول بأن اليهود سكنوا يثرب لأن موسى قد حج البيت الحرام هذا قول بالظن ولا دليل عليه , فما هو الرابط بين حج موسى عليه السلام وسكنى اليهود المدينة النبوية ( يثرب ) ؟؟ , وقد روى كثير من العلماء أن ما من نبي إلا وقد حج بيت الله الحرام , قال عروة بن الزبير : ( أن جميع الأنبياء قد حجوا البيت الحرام إلا هود وصالح فلم يحجا ) رواه ابن زباله في أخبار المدينة , والأزراقي في أخبار مكة , وابن إسحاق , والبيهقي في دلائل النبوة وغيرهم , وأخرج الحاكم في مستدركه , عن بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لقد سلك فج الروحاء سبعون نبيا حجاجا عليهم ثياب الصوف , ولقد صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا , والأحاديث والأثار في حج الأنبياء كثيرة , وفي هذه الأثار ذلك إبطال لمن زعم أن اليهود سكنوا المدينة لأن موسى قد حج بيت الله الحرام .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " :
وتواتر عن خلق كثير من أهل الكتاب أنه موجود في كتبهم وتواتر عن كثير ممن أسلم أنه كان سبب إسلامهم أو من أعظم سبب إسلامهم علمهم بذكره في الكتب المتقدمة , إما بأنه وجد ذكره في الكتب كحال كثير ممن أسلم قديما وحديثا , وإما بما ثبت عندهم من أخبار أهل الكتاب كالأنصار فإنه كان من أعظم إسلامهم ما كانوا يسمعونه من جيرانهم أهل الكتاب من ذكره ونعته وانتظارهم إياه , ( وأن من خيارهم من لم يوجب له أن يسكن أرض يثرب ( مع شدتها ) ويدع أرض الشام ( مع رخائها ) إلا لانتظاره لهذا النبي العربي الذي يبعث من ولد إسماعيل ) .

" قلت " اليهود كان يعلمون بوقت خروج ذلك النبي المنتظر وعلاماته وصفته بل واسمه وذلك كله يجدونه مكتوب في توراتهم , لكن الذي كانوا يعتقدونه هو أن ذلك النبي سيخرج من جنسهم من بني إسرائيل ولم يكونوا يتوقعوا أن ذلك النبي سيبعث من العرب أو من ولد إسماعيل , لأنهم لم يكونوا أهل كتاب بل ووثنيين ولم يبعث الله منهم أي نبي سابق , ولذلك غرهم بالله الغرور , وفي الكلام السابق لشيخ الإسلام ابن تيمية تصريح صريح من أن بعض من ترك الشام وهاجر إلى المدينة لم يدفعه ذلك إلا لإنتظار ذلك النبي المبعوث في آخر الزمان الذي وجدوا صفة مبعثه في كتبهم , فكلام شيخ الإسلام فيه دليل على صحة ما ذهبنا إليه عندما قلنا أن سبب هجرة اليهود إلى المدينة كانت لانتظار ذلك النبي المبعوث في آخر الزمان .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في " الجواب الصحيح " :
وقال أبو العالية وغيره : كانوا يعني اليهود إذا استنصروا بمحمد على مشركي العرب يقولون : ( اللهم أبعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم ) , فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدا للعرب !! , وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآيات : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) .

وقال أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية في " الجواب الصحيح " :
وروى ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ثم الظفري , عن رجال من قومه , قالوا : ومما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله وهداه أنا كنا نسمع من رجال يهود كنا أهل شرك أصحاب وأوثان وكانوا أهل الكتاب عندهم علم ليس عندنا وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور , فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون , قالوا لنا : قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم !! فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم رسولا من عند الله أجبنا حين دعانا إلى الله , وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزلت هؤلاء الآيات التي في البقرة : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) .

وقال أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية في " الجواب الصحيح " :
وقال ابن إسحاق : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة , عن شيخ من بني قريظة , قال : هل تدري عما كان إسلام أسيد وثعلبة أبني سعية وأسد بن عبيد نفر من هذيل لم يكونوا من بني قريظة وبني النضير كانوا فوق ذلك ؟؟ , فقلت : لا ! , قال : فإنه قدم علينا رجل من الشام من يهود , يقال له : ابن الهيبان , فأقام عندنا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس خيرا منه , فقدم علينا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسنين وكنا إذا أقحطنا وقل علينا المطر نقول يا ابن الهيبان أخرج فاستسق لنا , فيقول : لا والله حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة , فنقول : كم ؟؟ , فيقول : صاعا من تمر أو مدين من شعير , فنخرجه ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا ونحن معه فنستقي , فوالله ما يقوم من مجلسه حتى تمر الشعاب قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثة , فحضرته الوفاة وأجتمعوا إليه , فقال : يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من ( أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع ؟؟ ) , قالوا : أنت أعلم , قال : فإنه إنما أخرجني أتوقع خروج نبي ( قد أظل زمانه هذه البلاد مهاجرة ) , فاتبعوه ولا تستبقن إليه إذا خرج يا معشر يهود ! , فإنه يبعث بسفك الدماء وبسبي الذراري والنساء ممن يخالفه , ولا يمنعنكم ذلك منه ثم مات , فلما كان الليلة التي فتحت فيها قريظة , قال أولئك الثلاثة الفتية وكانوا شبانا أحداثا : يا معشر يهود والله إنه الذي ذكر لكم ابن الهيبان , فقالوا : ما هو به !! , قال : بلى والله إنه لصفته , ثم نزلوا فأسلموا وخلوا أموالهم وأولادهم وأهاليهم , قال ابن إسحاق : فلما فتح الحصن رد ذلك عليهم .

" قلت " هذا الأثر رواه البيهقي في السنن الكبرى , وابن سعد في الطبقات الكبرى , والقرطبي في الإعلام بما في دين النصارى من الأوهام , والبيهقي في دلائل النبوة , وابن إسحاق في السيرة النبوية , وابن السكن وأبو نعيم في الصحابة حكاه السيوطي في الخصائص .

وروى ابن عساكر في " تاريخ مدينة دمشق " :
أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز , أخبرنا أبو البركات الأنماطي , أنبأنا أبو الفضل بن خيرون , أنبأنا أبو القاسم بن بشران , أنبأنا أبو علي بن الصواف , أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة , أنبأنا عقبة بن مكرم , أنبأنا المسيب بن شريك , أنبأنا محمد بن شريك , عن شعيب بن شعيب , عن أبيه , عن جده , قال : كان بمر الظهران راهب من الرهبان يدعى عيضا من أهل الشام , وكان متحفرا بالعاص بن وائل , وكان الله تعالى قد أتاه علما كثيرا وجعل فيه منافع كثيرا لأهل مكة من طب ورفق وعلم وكان يكرم صومعة له ويدخل مكة في كل سنة فيلقى الناس , ويقول : ( إنه يوشك أن يولد فيكم مولود يا أهل مكة , يدين له العرب ويملك العجم , هذا زمانه ومن أدركه وتبعه أصاب خيرا كثيرا , أو قال أصاب حاجته ومن أدركه وخالفه فقد أخطأ حاجته وتالله ما نزلت أرض الخمير والخمير والأمن ولا حللت أرض البؤس والجوع والخوف إلا في طلبه ) ,
وكان لا يولد بمكة مولود إلا سئل عنه , فيقول : ما جاء بعد , فيقال : صفه ؟؟ , فيقول : لا , ويكتم ذلك الذي قد علم أنه لاقي من قومه مخافة على نفسه أن يكون ذلك داعية إلى أدنى ما يفضي إليه من الأذى يوما !! , فلما كان صبيحة اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عبد الله بن عبد المطلب حتى أتى غيضا , فوقف في أصل صومعته ثم نادى : يا غيضا , فناداه : من هذا ؟؟ , فقال : أنا عبد الله , فأشرف عليه فقال : كن أباه ! , فقد ولد ذلك المولود الذي كنت أحدثكم به يوم الاثنين ويبعث يوم الاثنين , قال : فإنه قد ولد لي مع الصبح مولود , قال : فما سميته ؟؟ , قال : محمدا , قال : والله لقد كنت أشتهي أن يكون هذا المولود فيكم أهل البيت ( لثلاث خصال بها نعرفه ) فقد أتى عليهن منها أن نجمه طلع البارحة , وأنه ولد اليوم , وأن أسمه محمد , أنطلق إليه فإنه الذي كنت أحدثكم عنه أبنك , قال : فما يدريك أنه أبني ولعله أن يولد يومنا هذا مولودون عدة ؟؟ , قال : قد وافق أبنك الأسم ولم يكن لله عز وجل ليشبه علمه على العلماء لأن حجة وآية ذلك أنه الآن وجع , فيشتكي أياما ثلاثة ثم يعافى , فأحفظ لسانك فإنه لم يحسد حسده أحد قط , ولم يبغ على أحد كما يبغى عليه , وأن يعين عليه حتى يبدو معالمه ثم يدعو يظهر لك من قومك مالا يحتمله إلا على صبر على ذلك فاحفظ لسانك , قال : فما عمره ؟؟ , قال : إن طال عمره أو قصر لم يبلغ السبعين يموت في وتر دونها من الستين أو في إحدى وستين أو ثلاث وستين الستون أعمار جل أمته ,
قال : وحمل برسول الله في عاشوراء المحرم , وولد يوم الاثنين لثنتي عشرة خلت من رمضان , سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل .

" قلت " هذا الأثر رواه أبو نعيم في الدلائل حكاه السيوطي في الخصائص , وابن عساكر في تاريخ دمشق , وابن كثير في البداية والنهاية ,

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الجواب الصحيح " :
ودلائل نبوة المسيح ومحمد قطعية يقينية لا يمكن القدح فيها بظن , فإن الظن لا يدفع اليقين لاسيما مع الآثار الكثيرة المخبرة بأن محمدا كان مكتوبا باسمه الصريح فيما هو منقول عن الأنبياء , كما في صحيح البخاري أنه قيل لعبد الله بن عمرو : أخبرنا ببعض صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ؟؟ , فقال : إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن , يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل لست بفظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق ولا تجزي بالسيئة السيئة ولكن تجزي بالسيئة الحسنة وتعفو وتغفر ولن أقبضه حتى أقيم به الملة .

وروى ابن سعد في " الطبقات الكبرى " :
أخبرنا محمد بن عمر , وحدثني الضحاك بن عثمان , عن مخرمة بن سليمان , عن كريب , عن ابن عباس , قال : كان يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر يجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم عندهم قبل أن يبعث وأن دار هجرته المدينة فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم , قالت أحبار يهود : ( ولد أحمد الليلة هذا الكوكب قد طلع , فلما تنبأ قالوا : تنبأ أحمد قد طلع الكوكب كانوا يعرفون ذلك ويقرون به ويصفونه فما منعهم إلا ( الحسد والبغي ) .

" قلت " ورواه أبونعيم في الدلائل حكاه السيوطي في الخصائص , وذكره ابن القيم في هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى .

وقال الإمام ابن القيم الجوزية في " هداية الحيارى " :وقال أبو الشيخ الأصبهاني : , حدثنا أبو يحي الرازي , حدثنا سهل بن عثمان , حدثنا علي بن مسهر , عن داود , عن الشعبي قال : , قال عمر بن الخطاب : كنت أتي اليهود عند دراستهم التوراة فأعجب من موافقة التوراة للقرآن , وموافقة القرآن للتوراة , فقالوا : يا عمر ما أحد أحب إلينا منك لأنك تغشانا , قلت : إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضا , فبينما أنا عندهم ذات يوم إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا : هذا صاحبك , فقلت : أنشدكم الله وما أنزل عليكم من الكتاب أتعلمون أنه رسول الله ؟؟ , فقال سيدهم : قد نشدكم الله فأخبروه , فقالوا : أنت سيدنا فأخبره , فقال : إنا نعلم أنه رسول الله !! , قلت : فإني أهلككم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله لما لم تتبعوه ؟؟ , قالوا : ( إن لنا عدوا من الملائكة وسلما من الملائكة , عدونا جبريل وهو ملك الفظاظة والغلظة وسلمنا ميكائيل وهو ملك الرأفة واللين !! ) , قلت : فاني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل ولا لميكائيل أن يعادي سلم جبريل ولا أن يسالم عدوه , ثم قمت فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : ألا أقرئك آيات نزلت علي قبل ؟؟ , فتلا : ( من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله ) , الآية , قلت : والذي بعثك بالحق ما جئت إلا لأخبرك بقول اليهود , قال عمر : فلقد رأيتني أشد في دين الله من حجر

" قلت " رواه الواحدي في أسباب النزول , وابن أبي شيبة في مصنفة , وابن شبة في أخبار المدينة . وقال المتقي الهندي في " كنز العمال " : رواه البيهقي في سننه , وأسحاق ابن راهويه في مسنده , وابن جرير الطبري في تفسيره , وابن أبي حاتم في تفسيره , وسنده صحيح لكن الشعبي لم يدرك عمر , وروى سفيان بن عيينة في تفسيره عن عكرمة نحوه وله طرق أخرى مرسلة .

أبن غنيم المرواني
27-09-2007, 12:54 AM
وقال الإمام ابن القيم الجوزية في " هداية الحيارى " :
وذكر الحاكم وغيره : أن بني النضير لما أجلوا من المدينة أقبل عمرو بن سعد فاطاف بمنازلهم فرأى خرابها , ففكر ثم رجع إلى بني قريظة فوجدهم في الكنيسة فنفخ في بوقهم فاجتمعوا , فقال الزبير بن باطا : يا أبا سعيد أين كنت منذ اليوم فلم نرك وكان لا يفارق الكنيسة وكان يتأله في اليهودية ؟؟ , قال : رأيت اليوم عبرا أعتبرنا بها ! , رأيت إخواننا قد جلوا بعد ذلك العز والجلد والشرف الفاضل والعقل البارع , تركوا أموالهم وملكها غيرهم , وخرجوا خروج ذل , ولا والتوراة : ما سلط هذا على قوم قط لله بهم حاجة , وقد أوقع قبل ذلك بابن الاشرف في عزة بنيانه في بيته آمنا , وأوقع بابن سنينة سيدهم , وأوقع ببني قينقاع فأجلاهم وهم جل اليهود , وكانوا أهل عدة وسلاح ونجدة فحصرهم النبي عليه السلام فلم يخرج إنسان منهم رأسه حتى سباهم , فكلم فيهم فتركهم على أن أجلاهم من يثرب , يا قوم : قد رأيتم ما رأيتم فأطيعوني , وتعالوا نتبع محمد فوالله أنكم لتعلمون أنه نبي وقد بشرنا به وبأمره ابن الهيبان وأبو عمرو بن حواس وهما أعلم اليهود ( جاء من بيت المقدس يتوكفان قدومه وأمرانا بإتباعه وأمرانا أن نقرئه منهما السلام ) , ثم ماتا على دينهما ودفناهما بحرتنا , فاسكت القوم فلم يتكلم منهم متكلم !! , فأعاد هذا الكلام ونحوه وخوفهم بالحرب والسباء والجلاء , فقال الزبير بن باطا : ( قد والتوراة : قرأت صفته في كتاب التوراة التي أنزلت على موسى ليس في المثاني التي أحدثنا ) , فقال له كعب بن أسد : ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من إتباعه ؟؟ , قال : أنت !! , قال : ولم فوالتوراة : ما حلت بينك وبينه قط ؟؟ , قال الزبير : بل أنت صاحب عهدنا وعقدنا فان أتبعته أتبعناه وإن أبيت أبينا , فاقبل عمرو بن سعد على كعب فذكر ما تقاولا في ذلك , إلى أن قال كعب : ما عندي في ذلك إلا ما قلت , ما تطيب نفسي أن أصير تابعا ! .
وهذا المانع هو الذي منع فرعون من إتباع موسى , فانه لما تبين له الهدى عزم على إتباع موسى عليه السلام , فقال له وزيره هامان : بينا أنت إله تعبد تصبح تعبد ربا غيرك !, قال : صدقت .

" قلت " ابن الهيبان هذا أسمه عبد الله بن الهيبان , وهذا الأثر رواه البيهقي في دلائل النبوة , وأبو نعيم في دلائل النبوة , والواقدي في المغازي , وابن كثير في البداية والنهاية .

وقال السيوطي في " الخصائص الكبرى " :
وأخرج الطيالسي , والبيهقي , وأبو نعيم , عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل , أن زيد بن عمرو بن نفيل , وورقة بن نوفل , خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل , فقال لزيد : من أين أقبلت ؟؟ , قال : من بنية إبراهيم عليه السلام , قال : وما تلتمس ؟؟ , قال : ألتمس الدين , قال : أرجع فإنه يوشك أن يظهر الذي تطلب في أرضك .

" قلت " ذكره ابن القيم في هداية الحيارى وعزاه للطبراني , وقال البوصيري في " إتحاف الخيرة " : هذا إسناد رجاله ثقات نفيل وهشام ذكرهما ابن حبان في الثقات , والباقي على شرط مسلم .

وقال السيوطي في " الخصائص الكبرى " :
وأخرج ابن سعد , وأبو نعيم , وابن عساكر , عن أبي نملة قال : كانت يهود بني قريظة يدرسون ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبهم ( ويعلمونه الولدان بصفته وأسمه ومهاجره إلينا بالمدينة ) , فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسدوا وبغوا وأنكروا .

وقال السيوطي في " الخصائص الكبرى " :
وأخرج أبو نعيم , عن عبد الله بن سلام قال : لم يمت تبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يهود يثرب يخبرونه .

" قلت " هذا الأمر ثابت بلا خلاف , بل إن منشأ اليهودية في اليمن بسبب ما حدث بين التبع ويهود يثرب عندما كان ينوي غزوها وتخريبها وقتل اليهود الذين كانوا فيها , فخرج إليه الأحبار وأخبروه بأن هذه المدينة هي مهاجر نبي آخر الزمان وأنه لا يحل له تخريبها , فعدل عن رأيه وحفر فيها الأبار وزرع الأشجار ثم أخذ معه بعض الأحبار إلى اليمن فكان ذلك منشأ دخول اليهودية إلى اليمن , وهذا المبحث طويل ليس هذا محل ذكره .

وقال السيوطي في " الخصائص الكبرى " :
وأخرج أبو نعيم , عن سعد بن ثابت قال : كان أحبار يهود بني قريظة والنضير يذكرون صفة النبي صلى الله عليه وسلم , فلما طلع الكوكب الأحمر أخبروا أنه نبي وأنه لا نبي بعده ( أسمه أحمد مهاجرة إلى يثرب ) , فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ونزلها أنكروا وبغوا وحسدوا .

" قلت " قوله رواه أبو نعيم يقصد به كتابه دلائل النبوة , ورواه أبو نعيم أيضا من طريق أخر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه , وكذلك رواه ابن سعد في الطبقات , وروي من طريق آخر كما عند أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري وفيه : ( فقال الزبير بن باطا : قد طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطل إلا لخروج نبي وظهوره ، ولم يبق من الأنبياء أحد إلا أحمد وهذه مهاجره ) .

وقال السيوطي في " الخصائص الكبرى " :
وأخرج ابن سعد , من طريق عبد الحميد بن جعفر , عن أبيه قال : كان الزبير بن باطا وكان أعلم اليهود , يقول : إني وجدت سفرا كان أبي كتمه علي , فيه ذكر أحمد نبي ( يخرج بأرض القرظ ) صفته كذا وكذا , فتحدث به الزبير بعد أبيه والنبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث , فما هو إلا أن سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة , عمد إلى ذلك السفر فمحاه وكتم شأن النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟ , وقال : ليس به !! .

" قلت "
روى أثر قريب منه الواقدي في المغازي , وابن عساكر في تاريخ دمشق وفيه قصة وفيها يقول أحد الروم من النصارى : ( إني قرأت الإنجيل فأجد صفة النبي صلى الله عليه وسلم بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض القرظ فأنا أؤمن به وأصدقه ) .

روى الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " :
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب , ثنا أحمد بن عبد الجبار , ثنا يونس بن بكير , حدثني محمد بن إسحاق , حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف , عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة , حدثني الثبت من رجال قومي , عن حسان بن ثابت قال : ( والله إني لغلام يفعة بن سبع أو ثمان سنين أعقل ما سمعت , إذ سمعت يهوديا وهو على أطمة يثرب يصرخ يا معشر اليهود ! , فلما أجتمعوا , قالوا : ويلك ما لك ؟؟ , فقال : ( قد طلع نجم الذي يبعث الليلة ) .

" قلت " ورواه ابن إسحاق في السيرة النبوية , ورواه القزويني في أخبار قزوين , والبيهقي في دلائل النبوة , وأبو نعيم في دلائل النبوة , وابن الجوزي في المنتظم , والأصبهاني في الأغاني , وابن عساكر في تاريخه , ويروي أحدهم أنه قد وجد في كتب الأمم السابقة دلائل على إستدلالهم بالنجوم على بعثة نبي آخر الزمان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , وروى أنه قد أستدل بذلك المنجمون وكان يستعملهم كسرى وهرقل , وقد روى الطبري في تاريخه أن كسرى كان يستعمل المنجمون .

سبب تسمية اليهود بهذا الأسم ؟؟ :
قيل أن أسم اليهودية مشتق من ( يهوذا ) بن يعقوب عليه السلام , وقيل سموا بذلك حكاية عن قولهم كما في قوله تعالى في سورة الأعراف : ( إنا هدنا إليك ) .

حكم قول ( يثرب ) للمدينة النبوية شرفها الله ؟؟ :
أولا : هذا الاسم منهي عنه ولا يجوز ذكره لأنه من التثريب وهو اللوم قال تعالى في سورة يوسف :
قال تعالى : ( قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
وقال تعالى : ( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا )

وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده , وابن أبي حاتم في تفسيره , وغيرهم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة هي طابة هي طابة ) .

" قلت " وكذلك زيادة كلمة ( المنورة ) على المدينة لا تستحب ولم ترد في الحديث النبوي ولم يكن يعرفها الصحابة ولا سلف الأمة المتقدمون وقد نبه على ذلك الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمة الله في " مجموع الفتاوي " ولم يستحبها , وحكي أن بعض السلف رأى تحريم تسميتها ( بيثرب ) , بل إن الإمام الطيبي تشدد في النكير على من سماها بيثرب وتعقبه الحافظ ابن حجر , ثم إنه لم يرد في القرآن العظيم أسم ( يثرب ) إلا في آية واحدة وهو حكاية عن قول المنافقين عنها كما قال تعالى : ( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب ) , فهذا القول هو قول المنافقين فقد سموها بيثرب , وهو مخالفة لما في كتاب الله وسنة نبية من أسماء المدينة شرفها الله وكرمها , حيث أن هذا الأسم مشتق من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة والمدينة دار المصطفى منزهة عن ذلك .


في ختام هذه المسألة يتبين الأتي :
في الأحاديث والأثار التي سقناها بإختصار ظهر الدليل واضح وجلي من أن اليهود إنما أختاروا السكن في دار المصطفى المسماة قديما ( يثرب ) من دون باقي مناطق الجزيرة العربية لعلمهم وتيقنهم أنه سوف يبعث من هذه الأرض نبي في آخر الزمان , وذلك مما وجدوه في كتبهم وهي التوراة الموجودة بين أيديهم في ذلك الوقت بصفتة ومكان مبعثه وأنه يبعث من أرض ذات نخيل تكثر فيها العيون ذات سبخه ... ومما ورد لدينا أنه كان في كتبهم أنه نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وأنه على ظهره ختم النبوة كما في قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه وكذلك من صفاته عندهم أنه قبل ظهوره يظهر نجم أو كوكب في السماء وصرح في بعض الأحاديث بأن لونه أحمر , وأن مولده في يوم الأثنين ... وقد أخبر القرآن الكريم بأنهم كانوا يعرفون صفته ونعته وبأنه سوف يبعث نبي في آخر الزمان ولكن بعدما بعث محمد صلى الله عليه وسلم رفضوا قبول رسالته ليس لعدم إيمانهم بنبؤته ورسالته فهم يعرفون ذلك كما قال تعالى : ( يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ) , إنما ما دفعهم إلى عدم إتباعه هو مرض القلوب وهو الحسدا والبغض لأنهم كانوا يظنون أنه سوف يبعث ذلك النبي من جنسهم وقومهم ولم يظنوا أن النبوة ستخرج من بني إسرائيل فأكثر الأنبياء السابقين كانوا من بني إسرائيل ولكن ( يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون ) , ولذلك تجدهم أخبث الأمم وأكثرها مرضا في القلوب هم اليهود لعنهم الله فقد كانوا مقرين بنبوته صلى الله عليه وسلم ويعرفونها حق المعرفة ويقرون بداخل قلوبهم أنه نبي ورسول مرسل من الله ولكن رفضوها حسدا وبغضا كما أخبر بذلك التنزيل الحكيم , ولا يستغرب ذلك من هذا الجنس من البشر فهم يزعمون أنهم ( شعب الله المختار) فسبحان الله وبفعلهم هذا كأني بهم قد شابهوا الشيطان بفعله مع المولى عزوجل فهم أولياء بعضهم لبعض حيث أن الشيطان الرجيم لم يمنعه من الإنقياد والتسليم للمولى عزوجل إلا التكبر والغرور فقائدهم إبليس اللعين أبى وعصى الله ورفض طاعته استكبارا وعنادا عندما قال له المولى سبحانه أسجد لأدم فقال : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) ,
فأنظر إلى هذا التطابق العجيب في عملة الشر هذه وأعلم أن كل ما في الأرض من شرور إنما مصدرها هذه العملة اللعينة ... ومن الأدلة على معرفتهم بنبوئة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن أحد كبار علمائهم , كما نقل ذلك الإمام ابن القيم في كتابه " هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى " خلال مناظرته مع هذا الحبر اليهودي فيقول اليهودي بعدما وجه إليه الإمام ابن القيم سؤال هل أنتم مقرين بنبوة محمد وأنه مبعوث من الله ؟؟ , فقال اليهودي : ( هو نبي صادق من أتبعه أفلح وسعد , قلت : فما لك لا تدخل في دينه ؟؟ , قال : إنما بعث إلى الأميين الذي لا كتاب لهم وأما نحن فعندنا كتاب نتبعه !! ) ,

وبعد كل هذه النقول التي ذكرناها عن سبب تواجد اليهود في بلاد العرب وبالحجاز خاصتا ثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن سبب هجرة بني إسرائيل إلى هذه البلاد إنما وراءة دوافع وأسباب دينية وأماكن تواجدهم التي أستوطنوها لأكثر من سبعة قرون على فرض أنهم جاءوا في زمن موسى عليه السلام هي دليل قوي يثبت ما ذهبنا إليه من سبب قدومهم لهذه البلاد , هذا ما تيسر لنا إيراده سريعا في هذه الأسطر والحمد لله رب العالمين .


,,, والباب القادم ما أخبر به كتاب الله من معرفة اليهود بنبوئة محمد صلى الله عليه وسلم ,,,

صالح السيد
27-09-2007, 02:10 AM
الأستاذ الباحث المحقق ابن غنيم المرواني

لقد سعدت بتواجدك في المجالس فأهلا بك باحثا جادا وناقدا بصيرا
وإن كنت اختلف معك في بعض الطرح إلا أني اتفق معك في معظمه
وارجو أن تستمر في عرض موضوعاتك فأنا شخصيا استمتعت بها كثيرا
ولعل لنا عودة في مناقشة بعض ما طرح
ولي رجاء وهو أن يتم تدوين المعروض هنا ونشره ليصبح في متناول الجميع

وفقك الله وفتح عليك .

أبن غنيم المرواني
28-09-2007, 12:31 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله وبياك أخي الأستاذ الشاهين ونسعد بتواصل مع أهل الاختصاص والشأن وذلك في تسطير بعض صفحاتنا من تاريخ بلاد ينبع , وجهة نظرك أخي الأستاذ الشاهين هي محل تقدير وأحترم لدي , ولكن لا يعني ذلك أنني أوافقك عليها أو أقبلها فلكل منا وجهة نظره التي أداها إليه إجتهاده وذلك بحسب استطاعته وسعة علمه , فأنا لا أحملك وألزمك على الأخذ بقولي والجزم بما أداه إلي اجتهادي , فقد أختلف معك اليوم بهذا الرأي ومن يدري لعلنا غدا نقف على نصوص وآثار يتغير معها رأينا في هذه المسألة فنكون قد اتفقنا على رأي موحد والعكس كذلك صحيح , كما أنني أود أن أوضح لك أخي الكريم أنني وإن كنت متأكدا ومتمسكا بهذا الرأي في هذه المسألة تحديدا إلا أنني مع ذلك لست معجبا ولا مرائيا به , فالإعجاب آفة العقل روى عبد الله الأندلسي في " شيم العقلاء " ( مخطوط ) فقال : العاقل من أتهم رأيه ولم يثق بكلما سولت له نفسه , وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الإعجاب ضد الصواب , وآفة الألباب ,
فإن وجدنا أخي الأستاذ الكريم الأدلة والآثار هي راجحة لديكم ومرجوحة لدينا قبلنا بقولكم وسلمنا به بكل سرور وشكر , ولكن يلزمكم أولا أن تبينوا لنا وللتاريخ وللقراء الكرام سبب مخالفتكم بهذا الرأي الذي حررناه وهو إنكار وجود اليهود سواء في الجاهلية أو الإسلام , أما بخصوص ما أوردتموه حين تساءلتم بقولكم أين تلك الأدلة التي تحدث عنها ؟؟ , فالجواب : هو أنكم لو تريثتم قليلا لجاءكم الجواب وهو ما حررناه بالأدلة التي سقناها باختصار , وبما أننا كنا نتحاور ونرد في الرسائل السابقة افتراضيا مع التيار القائل بوجود اليهود ببلاد ينبع , فنحن هنا لدينا أستاذ كريم يقول بهذا الرأي , فيلزمكم أستاذنا بما أنكم قد نقضتم هذا القول ورددتموه ولم تقبلوه أن تثبتوا لنا الرأي الأخر , فكما هو معلوم عند الأصوليين أنك إذا أتيت إلى رأي هو ثابت أو أن علية الإجماع والأغلبية وأردت أن تخالفه فيلزمك حينها أن تثبت الرأي البديل لرأي الذي أنت قمت بنقضه , فنحن قد أزحنا الرأي القديم الذي يتوهمه العامة من الناس وهو القول بوجود اليهود ببلاد ينبع وثبتنا ما حررناه سابقا ,
فالآن يجب عليكم أخي الأستاذ سرد الأدلة والبراهين العلمية التي دعتكم إلى مخالفة ما أثبتناه فلعليكم أن توضحوا وتبينوا لنا ولتاريخ شي كان غائب لم نكن نعلمه , ونؤكد على أن تكون الأدلة بنصوص علمية محققة فلا مكان للتاريخ بنظريات والآراء الفرضية التي لا تستند على دليل سواء الوهم والتخمين ويفترض أن تعلم ذلك فكما قلت أن تخصصك تاريخيا , ونحن نحترم رأيكم وإن كان غير صحيحا قطعا ولا شك لدينا , وذلك لمعارضته للأدلة والشواهد الصحيحة الصريحة التي سقناها هذا والله أعلم وأحكم .

الشاهين
29-09-2007, 07:31 PM
ونؤكد على أن تكون الأدلة بنصوص علمية محققة فلا مكان للتاريخ بنظريات والآراء الفرضية التي لا تستند على دليل سواء الوهم والتخمين ويفترض أن تعلم ذلك فكما قلت أن تخصصك تاريخيا .
أخي الكريم ارجو اعادة النظر مرة أخرى بما طلبته منك :
ماهي المصادرالتاريخية التي تقصدها هذا اذا علمنا ان كتابة التاريخ في امتنا العربية متى كانت بدايته .
وهذا ما وجدت من الادلة التي اوردتها تخص ينبع :
" قلت "
هذا الأثر قد أستدل به من قال إن ( ينبع ) كان يسكنها اليهود ولذلك قالوا إن ابن تيمية قال إن عمر أجلاهم من تلك القرى ومنها ( ينبع ) , ونحن نقول إن شيخ الإسلام رحمة الله وغفر لنا وله أجل من أن يظن مثل هذا وهو يعلم ما جاء في الصحيحين ولكن مقصد شيخ الإسلام رحمة الله ليس أن عمر بن الخطاب قد أخرجهم من تلك الديار وإن كان ثبت أنه أخرجهم وأجلاهم من بعض تلك المناطق التي ورد ذكرها , ولكن معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه الأماكن هي التي يجب أن يخرجوا منها , وهذا القول هو ما قاله الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل حين قالوا : ( يخرجون من مكة , والمدينة , واليمامة , وخيبر , وينبع , ومخاليفها ) ومعنى المخاليف أي الأطراف , هذا هو الصواب في تفسير هذا الأثر الذي رواه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاوية والله أعلم .
ومن هذا القول خرجت بالنقاط العشر وهي عبارة عن وجهة نظرك ولم تكن نصوص داله على عدم وجودهم من عدمه .
وهنا عليك مراجعة ماكتبته فانني لم ادعي بسكن اليهود من عدمه ينبع .وانما ماوجدناه من اثار وشواهد تدل على حضارة من سكن هذا الوادي .علما ان الدليل بوجود الحصون والقلاع شئ ثابت وموجود .علما ان يد الهدم طالت جميع وجل مانقش على هذه الاسوار بل وصل الامر الى تكسير جبال كامله لوجود كتابة ونقوش عليها.

صالح السيد
01-10-2007, 02:34 AM
أخي ابن غنيم لقد أسعدني تواجدك في المجالس كما سبق أن ذكرت وقد سرني ما رأيت من استدراكات وآراء مدعومة بتوظيف مناسب للنصوص
، واطلاع واسع للمراجع إلا أنه استوقفني ما ذكرت من طلبات للأستاذ الشاهين عند مداخلته في موضوع تواجد اليهود في ينبع واسمح لي أن

انقلها وهي :


- سرد الأدلة والبراهين العلمية التي تدعم مخالفة ما أثبته .

- أن يوضح ويبين لك وللتاريخ شيئاً كان غائباً ولم تكن تعلمه .

- أن تكون الأدلة بنقول علمية محققة .

- لا مكان للتاريخ بنظريات وآراء فرضية لا تستند على دليل سوى الوهم والتخمين .

- تحترم رأيه وإن كان عندك غير صحيح قطعا ولا شك لديك في ذلك لمعارضته الأدلة والشواهد الصحيحة والصريحة التي سقتها .

- ولا أخفيك أني عندما وقفت أمام هذه الطلبات والتساؤلات ظننت أنني لست أمام مداخلة على موضوع تاريخي .

وفي البداية أحب أن أكرر ما قلته في كتابي وما نقلته أنت في تعليقاتك أني لم أجزم بوجود اليهود في ينبع ولكن هناك علامات يتلمس الباحث من خلالها أثر تواجد اليهود ، ولازلت لا أجزم بهذا الرأي لكن لا يعني أن من يقول بهذا القول قد جانب الصواب ، ولا شك أن ما قدمته من استنتاجات وآراء بعدم وجود اليهود في ينبع قوية ومعتبرة ولكنها تظل آراء باحث مجتهد .

ولا أريد أن أخوض في الموضوع الآن إلا أنك لم تورد نص قطعي واحد في الموضوع كما أن قولك بأن قصد ابن تيميه رحمه الله في أن قول

عمر رضي الله عنه بأن هذه الأماكن التي يجب أن يخرجوا منها ، هذا رأيك وطالما الأمر عاد للرأي فأنا أقول قصد ابن تيميه أن اليهود كانوا يتواجدون في هذه الأماكن ولولا ذلك لذكر مناطق أخرى أهم من ينبع مثل مكة والطائف وغيرها من المدن الحجازية ، كما أنه لماذا ذكر اليمامة وهي ليست حجازية ولم يذكر غيرها لولا التواجد الفعلي فيها .

أخي الكريم : دعنا نتفق على أسلوب نقاش يثري الموضوع وأظن انك توافقني الرأي وهذا هو الظن بك :


1 – الاستماع للرأي الآخر وعدم التعسف في مناقشته .

2 – العمل على إيجاد مناخ صحي للنقاش وعدم مصادرة الرأي الآخر .

3 – ترك مساحة من الحرية في إبداء الرأي وعدم تهميش ونسف آراء الآخرين .

4 – طرح الرأي والاعتزاز به لا يعني أن يسلم الجميع به فما بالك إذا تطور إلى تخطئة الآخرين .

5 – النقاش في الأمور التاريخية واسع وقابل للأخذ والرد والساحة تسع الجميع ولا يرد إلا ما عارض النص القطعي .

6 – تختلف الآراء والنتائج في الموضوعات التاريخية باختلاف حصيلة الباحث العلمية ونظرته في بحث وتحليل وتحقيق الأحداث واستخدام أدوات البحث السليمة .

أرجو أن يتسع صدرك لكلمات أخيك وأنني لا اشك في أن هدفنا واحد ونحن في شوق إلى الاستمتاع بطرحك المميز الذي كان له قبول لدى المهتمين بالتاريخ ، وختاما بما أننا مقبلون على ليال فاضلات أسأل الله أن يعين الجميع على الصيام والقيام وأن يختم لنا الشهر بالقبول والغفران والعتق من االنيران أنه ولي ذلك والقادر عليه وكل عام وانتم بخير .

أبن غنيم المرواني
01-10-2007, 11:47 PM
خي الكريم ارجو اعادة النظر مرة أخرى بما طلبته منك :
ماهي المصادرالتاريخية التي تقصدها هذا اذا علمنا ان كتابة التاريخ في امتنا العربية متى كانت بدايته .

حياك الله أخي الشاهين أنت تعيد كلامك السابق , أنا هنا لا أبحث في بدايات كتابة التاريخ هذا الأمر ليس محل بحثنا وليس هو نقطة أختلافنا , أما بداية كتابة التاريخ فإن أردت معرفة ذلك فراجع مقدمة تاريخ الطبري وغيرها من الكتب التاريخية , عموما بارك الله فيك .

أبن غنيم المرواني
02-10-2007, 12:10 AM
حياك الله أخي الكريم صالح
أشكر لك حسن إطرائك حقيقة يسعدني تعقبك وتعليقك وكن على يقين أخي الكريم أننا لا نكتب إلا ما نؤمن به ولسنا معصومون من الخطأ فإن بدر منا ما ترون أنه خطأ فصححوه لنا بحلم وعلم ولكم الشكر في السر والغيب , ولكن كأني قرأت بين السطور أنك تدعوا لنقاش بأسلوب علمي وذكرت عدة نقاط وأقول جميع ما في هذه الأسطر هي محل شكر وتقدير وموافقة مني ولكن لم أرى أي نصوص أو نقول معارضة أو مخالفة لما ذكرنا فلا تبخل علينا أخي الكريم وكذلك أخينا الشاهين بأي أدلة تعارض ما ذهبنا إليه إن وجدت لذلك سبيلا .

أبن غنيم المرواني
02-10-2007, 12:39 AM
أخبار بني إسرائيل في القرآن الكريم :
إن كتاب الله ملي بأخبار بني إسرائيل وصفاتهم وفي هذه الرسالة سوف نكتب عن بعض ما ذكره كتاب الله الكريم من معرفة اليهود ببعثة نبي أخر الزمان محمد صلى الله عليه وسلم , وأنه قد ذكر في كتبهم وبشر به رسلهم والآيات في هذا الباب كثيرة وأعتذر للقراء الكرام عن عدم ذكر جميع الآيات التي جاءت في هذا الباب والحق يقال أنه تكفي لكل طالب للحق ومتجرد من الهوى آية واحدة تكفي في ذلك ولكن كما سيأتي في هذا الباب سوف يجد المسلم أن القرآن ذكر في كثير من المواضع أن اليهود بني إسرائيل كان لديهم علم ويقين بمعرفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعتذر عن تفسير تلك الآيات فموضوعنا لا يحتمل الإطالة في هذا الباب ونذكر تلك الأية لسبب أوضحه المولى بقوله تعالى : ( ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ) .

قال تعالى : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين )

قوله : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله ) أي القرآن الكريم ( لما معهم ) أي التوراة ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) أي كانوا يدعون الله على المشركين من الأوس والخزرج , ( فما جاءهم ما عرفوا ) أي محمد صلى الله عليه وسلم قد عرفوه ولم يشكوا في نبوءته طرفة عين ( كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) أي أنهم لم يتبعوه حسدا وبغضا وتكبرا فلعنهم الله وطردهم من رحمته بسبب فعلهم هذا إلى يوم الدين .

سبب نزول هذه الآية :
روى ابن إسحاق , والطبري , وابن المنذر , وابن أبي حاتم في التفسير , وأبو نعيم في دلائل النبوة , وغيرهم عن ابن عباس قال :
( إن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه , فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه , فقال لهم معاذ ابن جبل , وبشر بن البراء , وداود بن سلمه , : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا , فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبرونا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته , فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم !! , فأنزل الله : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله ) .

ومن أجود ما قرأت في تفسير هذه الآية قول الإمام ابن عطية في " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " حيث قال :
( يستفتحون ) : معناه أن بني إسرائيل كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قد علموا خروجه بما عندهم من صفته وذكر وقته , وظنوا أنه منهم فكانوا إذا حاربوا الأوس والخزرج فغلبتهم العرب قالوا لهم : لو قد خرج النبي الذي قد أظل وقته لقاتلناكم معه واستنصرنا عليكم به , ويستفتحون معناه يستنصرون وفي الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين وروي أن قريظة والنضير وجميع يهود الحجاز في ذلك الوقت كانوا يستفتحون على سائر العرب , وبسبب خروج النبي المنتظر كانت نقلتهم إلى الحجاز وسكناهم به فإنهم كانوا علموا صقع المبعث وما عرفوا أنه محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه , ويظهر من هذه الآيات العناد منهم وأن كفرهم كان مع معرفة ومعاندة ولعنة الله معناه إبعاده لهم وخزيهم لذلك .

قال الإمام الرازي في " التفسير الكبير " :
وفيه سؤال وهو أن يقال المكتوب في التوراة والإنجيل مجرد أنه سيخرج نبي في آخر الزمان يدعو الخلق إلى الدين الحق أو المكتوب فيه هذا المعنى مع تعين الزمان والمكان والنسب والصفة والحلية والشكل فإن كان الأول فذلك القدر لا يدل على أن ذلك الشخص هو محمد عليه السلام فكيف يصح أن يقال علمهم بنوته مثل علمهم بنبوة أبنائهم ؟؟

والجواب عن الأول : أن يقال المراد بـ ( الذين ءاتيناهم الكتاب ) اليهود والنصارى وهم كانوا أهلا للنظر والاستدلال وكانوا قد شاهدوا ظهور المعجزات على الرسول عليه الصلاة والسلام فعرفوا بواسطة تلك المعجزات كونه رسولاً من عند الله والمقصود من تشبيه إحدى المعرفتين بالمعرفة الثانية هذا القدر الذي ذكرناه .

وقال الزمخشري في تفسيره " الكشاف " :
( يستفتحون على الذين كفروا ) :
يستنصرون على المشركين إذا قاتلوهم , قالوا : اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته وصفته في التوراة , ويقولون لأعدائهم من المشركين : قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم .
وقيل معنى ( يستفتحون ) : يفتحون عليهم ويعرفونهم أن نبيا يبعث منهم قد قرب أوانه .

وقال السمرقندي في تفسيره " تفسير السمرقندي " :
( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا )
يعني : من قبل مجيء محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يستنصرون على المشركين لأن بني قريظة والنضير قد وجدوا نعت محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم فخرجوا من الشام إلى المدينة ونزلوا بقربها ينتظرون خروجه .

" قلت "
وهنا مسألة مهمة يجب التنبه إليها والحذر منها وهي قول بعض المبتدعة من المتصوفة ومن هم على شاكلتهم بجواز التوسل والدعاء استنادا لهذه الآية ! , فنقول : اليهود هنا عندما أاستفتحوا يدعون ربهم , ذلك النبي الذي يستفتحون به قد بشروا به وهو لم يبعث بعد وقد بشرهم به أنبيائهم السابقون وبشرت به الإنجيل والتوراة والزبور وجميع كتب الله المنزلة وهم يعلمون ومتيقنين بخروجه ففرق بين من هو في عداد الأحياء وبين من هو من الأموات ! وفرق بين أن تطلب من من هو من الأحياء أن يدعوا لك ومن هو من الأموات وقد أنقطع أجله وسلم إلى عمله !! وأنتم تتوسلون بالأموات وتجعلونه واسطة ووسيلة إلى الله !! .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " التوسل والوسيلة " :
فكانت اليهود تقول للمشركين سوف يبعث هذا النبي ونقاتلكم معه فنقتلكم لم يكونوا يقسمون على الله بذاته ولا يسألون به بل يقولون اللهم ابعث هذا النبي الأمي لنتبعه ونقتل هؤلاء معه هذا هو النقل الثابت عند أهل التفسير وعليه يدل القرآن فإنه قال تعالى : ( وكانوا من قبل يستفتحون ) والاستفتاح الاستنصار وهو طلب الفتح والنصر فطلب الفتح والنصر به هو أن يبعث فيقاتلونهم معه فبهذا ينصرون ليس هو بأقسامهم به وسؤالهم به إذ لو كان كذلك لكانوا إذا سألوا أو أقسموا به نصروا ولم يكن الأمر كذلك بل لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نصر الله من آمن به وجاهد معه على من خالفه وما ذكره بعض المفسرين من أنهم كانوا يقسمون به أو يسألون به فهو نقل شاذ مخالف للنقول الكثيرة المستفيضة المخالفة له وقد ذكرنا طرفا من ذلك في " دلائل النبوة " , وفي كتاب : " الاستغاثة الكبير " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا في " التوسل والوسيلة " :
وهذا كقوله تعالى : ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) والاستفتاح طلب الفتح وهو النصر , ومنه الحديث المأثور أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان يستفتح بصعاليك المهاجرين ) أي : يستنصر بهم أي بدعائهم , كما قال : ( وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم بصلاتهم ودعائهم وإخلاصهم ) , وهذا قد يكون بأن يطلبوا من الله تعالى أن ينصرهم بالنبي المبعوث في آخر الزمان بأن يعجل بعث ذلك النبي إليهم لينتصروا به عليهم , لا لأنهم أقسموا على الله وسألوا به .

ورى الطبري في " تفسير الطبري " :
حدثني يونس , قال : أخبرنا بن وهب , قال : سألت بن زيد عن قول الله عز وجل : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) قال : كانت يهود يستفتحون على كفار العرب , يقولون : أما والله لو قد جاء النبي الذي بشر به موسى وعيسى أحمد لكان لنا عليكم , وكانوا يظنون أنه منهم والعرب حولهم وكانوا يستفتحون عليهم به ويستنصرون به فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وحسدوه .

وقال الحافظ ابن كثير في " تفسير ابن كثير " :
( من أهل الكتاب ) : يعني بني قريظة من اليهود من بعض أسباط بني إسرائيل كان قد نزل آباؤهم الحجاز قديما طمعا في أتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة الإنجيل فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فعليهم لعنة الله .

قال الله تعالى :
( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) .

قال تعالى في سورة البقرة :
( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) .

قوله : ( الذين آتيناهم الكتاب ) أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ( يعرفونه ) أي هم على يقين وتثبت من معرفته ( كما يعرفون أبنائهم ) فيه بيان على شدة معرفتهم به وذلك عرفوه كما عرفوا أبنائهم وهذا فيه دليل على أنهم لم يشكوا في نبوءته طرفة عين بل هم على يقين وتسليم تام ( ليكتمون الحق وهم يعلمون ) أي أنهم هم يعلمون أنه نبي مبعوث ومرسل من الله ولكنهم رفضوا أتباعه حسدا وكبرا وإتباعا للهوى وذلك لأنه نبي عربي أمي فحسدوه ولم يتبعوه .

وقال تعالى في سورة الأنعام:
( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ) .

وقال تعالى :
( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) .

وقال الله تعالى :
( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) .

وقال تعالى :
( قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ؟ ) .

وقال تعالى :
( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) .

وقال تعالى :
( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) .

وقال تعالى :
( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا ) .

وقال تعالى :
( أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ؟ ) .

وقال تعالى :
( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ) .

وقال تعالى :
( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك ) .

وقال تعالى :
( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) .

وقال تعالى :
( الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون ) .

وقال تعالى :
( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ) .

وقال تعالى :
( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) .

وقال تعالى :
( والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق ) .

وقال تعالى :
( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا ! ) .

وقال تعالى :
( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ) .
وقال تعالى :
( أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها ) .

وقال تعالى :
( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ?? ) .

وقال تعالى :
( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل ) .

وقال تعالى :
( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين ) .

وقال تعالى :
( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) .

وقال تعالى :
( بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده ) .

وقال تعالى :
( نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كانهم لا يعلمون ) .

وقال تعالى :
( فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ) .

وقال تعالى :
( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) .

وقال تعالى :
( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ) .

وقال تعالى :
( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) .

وقال تعالى :
( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) .

وقال تعالى :
( قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون ) .

وقال تعالى :
( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .

وقال تعالى :
( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون )

وقال تعالى :
( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) .

وقال تعالى :
( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ؟ ) .

وقال تعالى :
( كل الطعام حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ) .

وقال تعالى :
( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ) .

وقال تعالى :
( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون (76) أولا يعلمون أن اله يعلم ما يسرون وما يعلنون ؟ ) .

وقال تعالى :
( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) .

أبن غنيم المرواني
02-10-2007, 01:09 AM
جاء في سفر أشيعاء النصوص التالية :
21: 13 ( وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب , تبيتين يا قوافل الددانيين ) .
21: 14 ( هاتوا ماء لملاقاة العطشان , يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه )
21: 15 ( فإنهم من أمام السيوف قد هربوا , من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة , ومن أمام شدة الحرب ) .
21: 16 ( فانه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفني كل مجد قيدار ) .

وجاء في سفر التثنية 33 : 2 – 3 :
( الرب جاء من سيناء ، وأشرق كالشمس على أيدوم ، وتلألأ على عباده من جبل فاران ، عشرة آلاف قديس معه ، وعن يمينه نار مشتعلة ، إنه يحب عباده ويحمي الذين ينتسبون إليه ) .

( فوائد من النصوص السابقة ) :
قوله : ( عشرة ألاف قديس معه ) :
يقول الشيخ نصر أبو طالب في كتابه " تباشير الإنجيل والتوراة بالإسلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم " وليست مصادفة ذكر العشرة آلاف قديس الذين سيكونون بصحبة النبي الموحى إليه بفاران , فإن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قد دخل فاران مكة بعشرة آلاف , وكانوا يحملون بأيمانهم مشاعل من النيران عرفها العباس بن عبد المطلب ومعه أبو سفيان وتعرفا بها على فصائل الجيش الذي مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال الشيخ نصر أبو طالب في " تباشير الإنجيل والتوراة بالإسلام " :
تم في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام الاستشهاد على اليهود والنصارى بوجود التبشير برسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل وحججوا بذلك ، بل وجاءت الآيات القرآنية تشهد بتمام معرفتهم برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام ، وأن كفرهم به ما هو إلا غيرة وحسدا من عند أنفسهم ، بل ونصت الآيات على أنهم الذين سكنوا يثرب منهم كانوا ينتظرونه ويتحدون العرب حولهم به ، فلما جاءهم بما يتوقعون كفروا به ، فقط لأنه لم يكن يهوديا .
وقد آمن منهم من اليهود والنصارى كثير في زمن الرسول ومن بعده ، وشهدوا بأن التبشير به قد تم ، وبأن علماؤهم قد عرفوه كما يعرفون أبناءهم , ولولا ذلك لما آمنوا والقرآن ينص في مواضع كثيرة على معرفتهم التامة برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم , وكان بذلك إسلام اليهود والنصارى في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ومن بعده دليلا قائما في حد ذاته على أن التبشير برسول الإسلام قد تم , وكيف يمكن لرسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أن يعلن أن التبشير به قد تم في كتبهم لولا أن ذلك حق ؟؟ ,
ما كان ليتجرأ على هذا الإعلان الذي يمكن أن يكذب فيه بسهولة من قبل كل اليهود والنصارى لولا أنه من عند الله الذي يعلم أنه الحق , وتم إثبات كل هذا الاحتجاج على أهل الكتاب في آيات عديدة من الكتاب وأحاديث كثيرة من السنة وتأريخ الصحابة ومن بعدهم .

" قلت " قوله : ( يا سكان أرض تيماء )
هو دليل أخر نجده بكتب اليهود اليوم مع ما مرت به من طوال كل تلك العقود الماضية منذ بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من تحريف مستمر على قدم وساق كيف لا ونحن لم نمتلكها ولم نحتفظ بها ولم نكتبها إنما هم من يفعلون ذلك فما بالك وهي بين يديهم ما ذا يا ترى سيفعلون بالنصوص التي لا توافق أهوائهم ؟؟ بل إنه من اليوم الأول من بعثته نبينا صلى الله عليه وسلم بدوا التحريف للأسباب دينية فقد أرادوا أن يطمسوا ما في كتبهم من التبشير به صلى الله عليه وسلم وقد أخبر كتاب الله تعالى بتحريف لكتبهم ومع كل ذلك التحريف إلا أنه بقي أمور لم يستطيعوا إخفائها ومنها هذه النصوص ,

ثم هنا أمر أخر من هو يا ترى الهارب من أمام السيوف ؟؟ , الجواب في قوله تعالى : ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ) , فهذه بشارة إلى بني إسرائيل أن يوافوا ذلك الهارب محمد صلى الله عليه وسلم وينصروه ويتبعوه , وهنا إلزام يلزموا به وهو : من ياترى كان يسكن أرض تيماء حين هجرة محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟ , أليس هم اليهود أنفسهم , إن جميع الأدلة والشواهد والقرائن لتقود من أراد الحق وترك التعصب إلى أن ذلك الهارب هو محمد صلى الله عليه وسلم , وما إسلام أكبر أحبار وعلماء وسيد بني إسرائيل في المدينة ( يثرب ) عبد الله ابن سلام إلا دليل على ذلك ,

إن في هذه الأسطر التي كتبناه لدليل آخر على أن جميع من نزل بلاد العرب من بني إسرائيل إنما أختاروا السكن في تلك المناطق عن علم ودراسة وخبر فهم لا يريدون أن ينزلوا أي موضع أخر بجزيرة العرب إلا هذه المواضع , حتى إذا خرج ذلك النبي يكونوا أول المتبعين له , ولكن المفاجأة أنهم لم يتبعوه لان ذلك النبي بعث من العرب .

قال الشيخ نصر أبو طالب في " تباشير الإنجيل والتوراة بالإسلام " :
وأضيف إلى قضية إثبات أن منطقة سكن أبناء إسماعيل التي أثبتـتها التوراة إنما هي الحجاز ، وأنه لابد وأن فاران التي سكنها إسماعيل كما تذكر التوراة ، لابد وأنها بالحجاز , أضيف إلى ذلك هنا أن تيماء المعلوم وجودها بشمال الجزيرة العربية والتي كانت تاريخياً تابعة لإدارة منطقة المدينة المنورة قد ورد ذكرها في بشارة حبقوق " البشارة التالية " في موضع واحد مع فاران مما يشير إلى وجود فاران بالجزيرة العربية كما سيأتي .

لهذه الأسباب لم يتبع اليهود محمد صلى الله عليه وسلم :

1- اليهود يرون أنفسهم أحب إلى الله من الملائكة , وهم من عنصر الله كالولد من عنصر أبية , فمن يصفع اليهودي كمن يصفع الله !! .

قال تعالى : ( وقالت اليهود عزيز ابن الله ) .
قال تعالى : ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قلم فلم يعذبكم بذنوبكم ؟ بل أنتم بشر ممن خلق ) .

2- أنهم ليسو كغيرهم من باقي البشر :قالوا : ( إذا ضرب أمميا إسرائيليا , يستحق الموت ! ) , وقالوا : (من يضرب رجلاً من جماعة إسرائيل كما لو كان يهين وجه الإله المبارك أسمه ) .

3-بقاء العالم مرهون بوجودهم ! :
( ولو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض , ولما خلقت الأمطار والشمس , ولما أمكن باقي المخلوقات أن تعيش ! ) .

قال تعالى : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ) .

4-الجنة خاصة باليهود ! :
قالوا : ( الشعب المختار فقط هو الذي يستحق فقط الحياة الأبدية , وأما باقي الشعوب فمثلهم كمثل الحمير ! ) .

قال تعالى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ؟ ) .
وقال تعالى : ( وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) .

5- اليهود الشعب المنبوذ :
قال عنهم يحيى عليه السلام : ( يا أبناء الأفاعي ) .
ووصفهم الإنجيل : ( بالخرف الضالة )
ووصفتهم التوراة : ( بالشعب الغليظ الرقبة )

أما وصف كتاب الله الكريم فقال عنهم : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) .
وقال تعالى : ( وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) .
وقال تعالى : ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ) .
وقال تعالى : ( ولقد علمتهم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (65) فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين ) .
وقال تعالى : ( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ) .

وللإستزاده ينظر " موسوعة اليهود " لعبد الوهاب المسيري , وكتاب " اليهود في القرآن " لسيد سابق , وغيرهما .

خلاصة البحث وما يستنتج منه :
قال محمد السيد الوكيل في كتاب " يثرب قبل الأسلام " :
إن أهم ما دعا الإسرائيليين إلى الإقامة في يثرب واتخاذها وطنا يسكتونه , ومأوى يفيئون إليه , هي بشرى التوراة لهم بنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم وإنه سيهاجر إلى بلد فيه نخل بين حرتين , لم يكن الإسرائيليون يعتقدون أنها المدينة , إنما كانوا يأملون ذلك في كل بلد يتصف بهذه الصفة , ولهذا نزل بعضهم بتيماء , ونزل بعضهم بخيبر , ونزل بعضهم بوادي القرى , ونزل الآخرون بيثرب , وكل هذه المناطق ينطبق عليها الوصف , وكل هؤلاء النزلاء كانوا يعتقدون , بأنهم بنزولهم تلك البلدة قد أصابوا الهدف , وكان الذين أصابوا الهدف , ووفقوا في القصد هم ساكني يثرب , وكانوا قبائل مختلفة , فمنهم بنو النضير ومنهم بنو قينقاع ومنهم بنو قريظة , وكانت تجاورهم وتعيش معهم بطون مختلفة أيضا من اليهود .

" قلت "
وبهذا يتبين لك ذي عقل ولب أن اليهود لم ينزلوا بلاد العرب إلا بدوافع دينية بحته ولذلك لم يستوطنوا إلا تلك المدن التي ذكرناها , وقد بينا أقوال السابقين من اليهود أنفسهم في الباب السابق حيث قال أحدهم : ( وما الذي أخرجني من أرض الخمر والخمير , إلى أرض البؤس والجوع ؟؟ ) , ونحن اليوم نقل قول أحد أكبر مؤلفيهم وهو :

البرسفور إسرائيل ولفنسون مؤلف كتاب " تاريخ اليهود في بلاد العرب " يقول ولفنسون :
فكانت يثرب وخيبر ووادي القرى خالية من السكان حين نزلها اليهود بحيث استعمروها بسهولة دون أن يجدوا من ينازعهم ، أم أنها كانت مأهولة ببطون عربية نازعت اليهود ثم غلبت على أمرها ؟؟
لا تعطينا المصادر شيئًا نعتمد عليه في هذا الموضوع ... إن هذه المناطق كانت غير آهلة بكثير من العرب ، وإن جموع الأعراب كانت تنتجعها ثم ترحل عنها .

وعلى هذا نقول بعد أن قرر مؤرخهم الذي تحدث عن تاريخ اليهود في بلاد العرب ولو قرأت جميع ما بين دفتي ذلك الكتاب مرارا وتكرارا لما ظفرت حتى بإسم بلاد ينبع , فليتق الله من يريد أن يبني أمجادا لأقوام هم أنفسهم لم يذكروها ولم يتبنوها ويزعموها لأنفسهم !! بل الحقائق الثابتة والمشاهدة إلى اليوم أنهم لم يستوطنوا تلك الأرض ويرغموا أنوفهم فيها إلا لحاجة في أنفسهم قد خاب سعيهم فيها ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم !!
ولا نقول لهؤلاء القوم إلا كما قال ياسين الغضبان في كتابه " يثرب قبل الإسلام " حيث قال :أفليس من الغريب بعد ذلك أن يأتي بعض ( المؤرخين ) ويا للعجب !! منهم من المسلمين فيزعم أمجادا عسكرية ما كانت لهم أبدا !! , والحق يقال ما زعموها لأنفسهم أبدا .

" قلت " من يقول مثل تلك الأقوال ويعتمد على مثل هذه الآراء حقيقة لا يجب أن يطلق عليه اسم مؤرخ , فللمؤرخ شروط وضوابط يجب أن تتوفر فيه وهي كثيرة أولها أن لا يكتب إلا عن علم ومعرفة , وأن يكون أميناء صادقا في النقل والعزو إلى المصادر المعزو إليها , وأن يبتعد عن الأقوال والآراء الشاذة والنقول الشفهية ما أمكن إلا إن لدية أدلة وحقائق تدعمها , وكذلك عليه أن يتجرد من الميل والهواء وهذا الأخير هو آفة التاريخ , هذا والله أعلم وأحكم وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

,,, والرسالة القادمة : ( أخبار وتاريخ جبال أو جبل الأجرد ) ,,,

الشاهين
02-10-2007, 12:01 PM
سبحان الله ما أشبه ما اوردته من ادله بتلك التي اوردها اخوان لنا ينادون بطرد الامريكان من جزيرة العرب .بحجة لامكان لليهود والنصارى بها.
أخي :
يظهر ان لديك خلفية ان اهل ينبع يظنون ان بلادهم كانت سكن لليهود ؟وماتقوم به تصحيح المفاهيم ! على كلا نشكر لك ماتقدم من نصح وارشاد .

أبن غنيم المرواني
02-10-2007, 11:27 PM
أقول لك إن أردت أن تعقب على أي موضوع فعقب بعلم وحلم ، ودع عنك الهمز واللمز ، فنحن نجيده ونأبى عن طرحه إكراما لمن في المنتدى من أستاذه وأكارم فألتزم بالأدب بارك الله فيك , وإذا لم يعجبك كلامي فتجاوزه إلى ما يعجبك واستغفر لي بحلم , ويبدوا أنك تعاني من مشاكل في الفهم (!!) فرجاء لا تكتب هكذا تعقيب ولا نريد تعليقاتك ولتحتفظ بها لنفسك فلا مكان لها بين صفحاتنا فلا تشويش على الموضوع بارك الله فيك , ونصيحة لك دع عنك العجلة وعليك بالأناة والتريت وتجمل بالحلم والصبر -- ولا تنظر لغيرك بعين طبعك – .

مشرفنا أبا سفيان أحسن الله عزائكم .

كيف حالكم ( ......!!)

الشاهين
03-10-2007, 12:31 AM
أقول لك إن أردت أن تعقب على أي موضوع فعقب بعلم وحلم ، ودع عنك الهمز واللمز ، فنحن نجيده ونأبى عن طرحه إكراما لمن في المنتدى من أستاذه وأكارم فألتزم بالأدب بارك الله فيك , وإذا لم يعجبك كلامي فتجاوزه إلى ما يعجبك واستغفر لي بحلم , ويبدوا أنك تعاني من مشاكل في الفهم (!!) فرجاء لا تكتب هكذا تعقيب ولا نريد تعليقاتك ولتحتفظ بها لنفسك فلا مكان لها بين صفحاتنا فلا تشويش على الموضوع بارك الله فيك , ونصيحة لك دع عنك العجلة وعليك بالأناة والتريت وتجمل بالحلم والصبر -- ولا تنظر لغيرك بعين طبعك – .

مشرفنا أبا سفيان أحسن الله عزائكم .

كيف حالكم ( ......!!)
يا أخ العرب :أي همز ولمز الذي تعنيه .
ومع هذا تجاوزنا كثيرا عن كلماتك وتعليماتك وأوامرك .هل تظن انك في فصل مدرسة توجه وتقبل اجابة هذا وترفض أخرى !!
ولكن الحق علينا وليس عليك وماانت به من غرور واعجاب بالنفس لدرجة ان كل من كتب عن ينبع ترميه بالعجز والنقص او فاته الكثير .
وجل ماكتبت ليس تاريخا او معلومات تاريخية بل هي دروس في الثقافة الاسلامية والفرق كبير بين الاثنين .

أبن غنيم المرواني
03-10-2007, 12:42 AM
[FONT="Monotype Koufi"] أخبار وتاريخ الأجرد :
تحديد رسم الأجرد :
قلت : الأجرد هو موضع من بلاد جهينة أشتهر ذكره ( بجبل الأجرد ) وهو عبارة عن سلسلة جبلية , ويقع على طريق قوافل الحجيج القادمين من الشام قديما , ويقع اليوم على طريق تبوك المدينة ويقع غرب الطريق العام للمتجة نحو طريق وادي الحمض لمن أتجه نحو منطقة العيص ويبعد عن المدينة حوالي 100 كيلو متر , ويسكنه في الحاضر قبائل جهينة وهي : بنو كلب , وعروة , وذبيان , وغيرهم وجميعها قبائل جهينة , وفيه مزارع وبساتين وقرية عامرة بالسكان , وهو منطقة مرتفعة عن سطح البحر بحوالي ألف وخمسمائة متر , وللاجرد ذكر في الحديث النبوي مقرون مع جبل جهينة الأخر الأشعر , فقد روى ابن سعد في الطبقات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبلي جهينة الأشعر والأجرد : ( هما من جبال الجنة لا تطؤهما فتنة ) , ورواه أيضا البكري في " معجم ما استعجم " فقال : روى عبد الله بن سلمان الأغر , عن نافع , عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وقعت الفتن فعليكم بجبلي جهينة ) , ومنه أيضا حديث قصة إسلام عمرو بن مرة الجهني وفيها قال : ( حتى أضاء لي أشعر جهينة ) , والأجرد يسمى أيضا الأجرب أو الأقرع , وهي تحمل نفس المعنى والدلالة , والأجرد كذلك يقع قريبا من الأشعر ( الفقرة ) وبواط , وهناك مواضع أخرى تشارك الأجرد نفس الأسم فهناك موضع ببلاد الشام يسمى جبل الأجرد , وفي اليمن قرية الأجرد , وعلى طريق مكة المدينة في منطقة الفرع موضع الأجرد وهو الموضع الذي سلكة النبي صلى الله عليه وسلم خلال الهجرة ورد ذكره في كتب السيرة النبوية , وفي المدينة موضع قديم يسمى الأجرد كذلك ذكره ابن زبالة في تاريخه , والسمهودي , وعاتق البلادي في " طريق الهجرة " وغيرهم .

( لطيفة في أسم جبلي جهينة الأشعر " الفقرة " والأجرد ) :
وهي أن جبلي جهينة متضادان في الأسم فالأول الموصوف بالأشعر شبه بذلك لكثرة نباتاته حتى غدا كأنه شعر , ولذلك سمي الأشعر كناية عن كثرة ما ينبت فيه من أشجار العرعر , والأخر وهو ( الأجرد ) شبة بذلك لخلوة من النباتات حتى قيل له أجرد فهو منجرد من النباتات ولذلك سمي الأجرد والأجرد كالأمرد والأمردهو الصبي الذي لم ينبت الشعر وروي في الحديث : ( أهل الجنة جرد مرد ) .

وصف موضع الأجرد في كتب المؤرخين المعاصرين " :

قال الأستاذ صالح عبد اللطيف السيد في تاريخه " ملامح من تاريخ ينبع " ج2 , قسم : الحواضر – طرق الحج – الأثار – المعالم .
قال البلادي :
الأجرد جبل ضخم غرب المدينة يطيف به إضم من الشرق والشمال يبعد عن المدينة قرابة 75 كيلا طريقه على طول وادي إضم غربا يمر في حفائر وادي الحمض أرض هناك .
( وقال صالح بن عبد اللطيف ) : أقول : الأجرد من جبال جهينة وهو معروف بهذا الأسم إلى اليوم .

وقال الأستاذ معتاد بن عبيد السناني الجهني في كتابه " العيص " :
الجبال :
سبق أن قلنا إن الجبال المحيطة بمنطقة العيص على شكل عقد تبدأ من الناحية الجنوبية الغربية على النحو التالي :
( جبل أبو لكثة , جبل ترعة , جبل الأجرد , جبل رضوى ... ) .

وقال الأستاذ معتاد بن عبيد السناني الجهني في كتابه " العيص " :
منازل جهينة حديثا :
تمتد بلاد جهينة من غرب المدينة المنورة بمحاذاة البحر الأحمر وما حوله إلى مفيض وادي الحمض في البحر الأحمر , وتصل في العلا غربا فتشمل أودية السلسلة الجبلية الواقعة غرب المدينة المنورة وتشمل : ( جبل رضوى , وجبل الأشعر ( الفقرة ) , وجبل الأجرد ... ) .

وقال الأستاذ معتاد بن عبيد السناني الجهني في كتابه " العيص " :
منازل قبيلة جهينة القديمة :
( قائمة الهمذاني ) : وذكر منها - الأجرد - .
( قائمة البكري ) : وذكر منها - الأجرد - .
( قائمة ياقوت ) : وذكر منها - الأجرد – أجرب - .

وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب في تاريخه " تاريخ جهينة " :
فروع قبيلة جهينة القديمة :
8 – الحواتكة : من جهينة ذكر البكري في " معجم ما استعجم " أن لهم بئرا في الأجرد , بزقب الشطان .

" يقول ابن غنيم "
الشطان موضع وهو الذي يقول فيه كثير عزة الينبعي شاعر بلاد ينبع في ديوانه :

مغاني ديار لا تزال كأنها=بأفنية الشطان ريط مضلع

وقال الأستاذ صالح عبد اللطيف في " ملامح من تاريخ ينبع " :

مغاني ديار لا تزال كأنها=بأصعدة الشطان ريط مضلع
وهي بالمنتصف بين عين بني هاشم التي بملل وبين عين إضم .

وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب في تاريخه " تاريخ جهينة " :
في فروع قبيلة جهينة القديمة :
18 – ( سباع ) : بطن من جهينة ذكر البكري أن لهم بئرا في الأجرد تدعى ذات الحرى .

" قلت "
سباع أحد بطون جهينة كانوا ينزلون ( تيدد ) وسيأتي معنا ذكرهم في رسمه , ( ورواوة ) موضع جبل بالحجاز قيل أنه من بلاد مزينة , وقيل من بلاد جهينة , وله ذكر في أشعار كثير عزة الينبعي .

24 – ( عثم ) : بالعين المهملة والثاء وآخره ميم , ورد في " معجم ما استعجم " للبكري , وأنهم بطن من بني مالك من جهينة , من سكان الأجرد , وورد في إحدى مخطوطات " المعجم " ( جشم ) ولا استبعد أن الأسمين محرفان , وأن الصواب ( عنمة ) الأتي ذكره .

" قلت "
الأسمين ليسا محرفين فـ ( عثم ) هو : عثم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة , قال السيوطي في " المزهر " نقلا عن محمد بن حبيب في كتابه " متشابة القبائل " : ( وكل شيء من قبائل العرب فهو غنم ( بالغين والنون ) إلا عثم بن الربعة بن رشدان بن قيس من جهينة , فإنه بالعين والثاء ) .

وأما ( جشم ) فهو : بطن كذلك من جهينة ومنهم عمرو بن عثمان الجهني حكم وتأمر على بلاد ينبع .

" يقول ابن غنيم المرواني الجهني "
وعلى ذكر قبيلة جهينة القضاعية الحميرية القحطانية , ذات النسب الشريف , والمجد الشامخ المنيف , فإن طال بنا المقام بعون الله , سننثر صفحات مشرقة مضيئة من تاريخ هذه القبيلة العظيمة , لتعود بنا إلى الأمجاد الأول , فهي القبيلة الوحيدة كان لها السبق في مناصرة الإسلام , بل هي أول قبيلة سابقت إلى مبايعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما وطئت أقدامة الشريفة دار الهجرة طيبة الطيبة شرفها الله وذلك عقب مبايعة الأوس والخزرج كما روي في الأثار بطرق صحيحة , بل إن 18 % ثمان عشر بالمئة من عداد جيش المسلمين في فتح مكة كانوا هم أفراد من قبيلة جهينة العظيمة وذلك بأربع أولوية يحملونها , وهي من القبائل القليلة التي لم ترتد بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , بل كانت على عهدها الأول عندما بايعت محمد صلى الله عليه وسلم فلم تنكث بعهدها ولم تتراجع عن وعدها , بل وناصره للإسلام مرة أخرى فكانت هي رأس الحربة لكتائب جيوش المسلمين التي أمر بخروجها الصديق أبو بكر رضي الله عنه وذلك لمطاردة فلول المرتدين والمنتكسين , وأما عن فضائلها في السنة النبوية فلا تحصى لكثرتها واحد تلك الفضائل هو ما رواه يربوع الجهني :

فعن يربوع الجهني رضي الله عنه قال : ( قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من جهينة , فنزلنا مسجده فدخلنا إليه وهو قاعد والناس حوله , فقال : ( مرحبا مرحبا بجهينة , جهينة شوس في اللقاء , مقاديم في الوغاء ) .

وللاستزادة عن معرفة تاريخ هذه القبيلة العظيمة ينظر على سبيل المثال كتاب " جهينة في عهد النبوة الفضيلة والصحبة " تأليف : الأستاذ الدكتور : فهد بن سعد الزايدي الجهني المحاضر بجامعة أم القرى , وكذلك الأستاذ الكبير عبد الكريم الخطيب في كتابه : ( تاريخ جهينة ) , وكذلك باحث الجزيرة حمد الجاسر رحمة الله في كتابه : ( بلاد ينبع ) قسم منازل جهينة القديمة وهو نصف الكتاب تقريبا ,

وكذلك ما يكتبه العبد الفقير إلى مولاه ابن غنيم المرواني :
كـ ( نفح الرياحين والأزهار من تاريخ جهينة الأخبار ) " مخطوط " ,
وكذلك : ( معجم الصحابة من جهينة ) " مخطوط " ,
وكذلك : ( أخبار تنبع عن تاريخ ينبع ) " مخطوط "
وهو من أضخم ما كتبنا , ونحن نقوم بذكر صفحات متناثرة منه في رسالتنا هذه : ( تعطير الصفحتين بشي من تاريخ الينبعين ) , وغيرها من الرسائل والمؤلفات .

وقال الباحث حمد الجاسر في " بلاد ينبع " قسم : بلاد جهينة ومنازلها القديمة :
( الأجرد ) : أحد جبلي جهينة المشهورين , والثاني الأشعر ( الفقرة ) وهو أكبر منه وأخصب .
( البلي ) : من أودية الأجرد , على ما ذكر البكري .
( بئر بني سباع ) : من آبار الآجرد .
( بئر الحواتكة ) : من آبار الأجرد .

وقال الباحث حمد الجاسر في " بلاد ينبع " قسم : بلاد جهينة ومنازلها القديمة :
( تيدد ) : من أودية الأجرد , جبل جهينة يلي وادي الحاضر , به عيون صغار , خيرها عين يقال لها أذينبة , وعين يقال لها الظليل , وعيون تيدد كلها تدفع في اسناد الجبل , فإذا أسهل بغراسها لم ينجب زرعها , وذلك أن صاحبها كان من جهينة فذمها وقال : ( هي في جبل ) , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا أسهلت تيدد ) , فما أسهل منها فلا خير فيه , وقال رجل من مزينة في شي كان وقع بينهم وبين جهينة في الجاهلية :
فإن تشبعوا منا سباع رواوة=فإن لها أكناف تيدد مرتعا

" قلت " وموضع ( تيدد ) سنفرد له بحث خاص به .

وقال الباحث حمد الجاسر في " بلاد ينبع " قسم : بلاد جهينة ومنازلها القديمة :
( الحاضرة ) : من أودية الأجرد .
( رشاد ) : من أودية الأجرد , سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( رشد ) : نقل البكري , عن محمد بن حبيب , أن أبني رشدان بن قيس بن جهينة وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم , وكان يقال لهم : ( بنو غيان ) في الجاهلية , فقال لهم : ( من أنتم ؟؟ ) , قالوا : بنو غيان , فقال : ( بل أنتم بنو رشدان ) , قال : ( ما أسم واديكم ؟؟ ) , قالوا : غوى ! , قال : ( بل هو رشد ) , فلزمتهم .

" قلت " وادي رشاد سنفرد له بحث خاص إن طال بنا المقام لما له من أهمية .

وقال الباحث حمد الجاسر في " بلاد ينبع " قسم : بلاد جهينة ومنازلها القديمة :
( زقب الشطان ) : موضع من الأجرد , فيه بئر الحواتكه , تقدم ذكره .
( مبكثة ) : من أودية الأجرد , وضبطها ياقوت منكثة .

" يقول ابن غنيم "
( مبكثه ) : تقدم ذكرها معنا في رسم ( ذي المروة ) وذكرنا الصحيح أسمها الصحيح فأنظره .

قال الأستاذ صالح عبد اللطيف في : ملامح من تاريخ ينبع ) ج 3 :
( رشاد ) : قال البلادي : واد يسيل من جبل الأجرد شرقا في وادي الحمض يقع في جنوب المليليح فيه مزارع أثرية .
أقول : وادي يصب في وادي الحمض , وقد يكون هو المعروف الذي بعده ويعرف برشد , ذكره البكري في الأشعر .

وقال الباحث حمد الجاسر في " بلاد ينبع " قسم : بلاد جهينة ومنازلها القديمة :
( وسوس ) : من الوسواس , من أودية القبلية , يصب من الأجرد على الحاضرة والنكباء , وهما فرعان بهما نخل لجهينة وغيرهم , - عن السمهودي - .
( هزر ) : من أودية الأجرد التي تصب في الغور , لبني عثم من بني مالك من جهينة .

" يقول ابن غنيم المرواني "
( وسوس ) : قال ياقوت في " معجم البلدان " : كأنه منقول عن الفعل الماضي من - الوسواس - من الأودية القبلية عن الزمخشري عن الشريف علي .

( هزر ) : موضع بالأجرد , وما كتبه الجاسر هو نقلا عن البكر ي في معجمه .

قال الحازمي في " الأماكن " :
بضم الهاء وفتح الزاي المعجمة وبعدها راء مهملة , موضع حجازي كانت به وقعة في شعر أبي ذؤيب :

لقال الأباعد والشامتون=كانوا كليلة أهل الهزر

قال البكري في " معجم ما استعجم " في رسم ( الأجرد ) :
ومن أودية الأجرد التي تصب في الغور ( هزر ) وهي لبني جشم رهط من بني مالك وفيه يقول أبو ذؤيب أكانت كليلة أهل الهزر .
( هزر ) : بضم أوله وفتح ثانيه بعده راء مهملة , موضع قد تقدم ذكره في رسم الأجرد .

وقال ابن منظور في " لسان العرب " :
( والهزر ) موضع قال أبو ذؤيب :

لقال الأباعد والشامتون=كانوا كليلة أهل الهزر
يعني تلك القبيلة أو ذلك الموضع .

,,,ONT]

محمد عبد الله الذبياني
03-10-2007, 12:01 PM
لعله يسود النقاش الهادئ فالإختلاف في الرأي لا يستكره ، المرفوض هو الخلاف والجدل، الأستاذ ابن غنيم المرواني يتجلى عمق بحثه ودراسته وانبساط علمه وسلاسة أسلوبه، وشاهين المجالس الينبعاويه هذا الباحث العاشق لبلده جاب الوديان وقطع الفيافي والغفار و ما بخل بعد بما عنده والأستاذ صالح السيد غني أن يـُـعرّف ، فتلاقيهم مهم واختلافهم يخدم البحث تتلاقح الأفكار ثم تخرج الفائدة.

أبن غنيم المرواني
04-10-2007, 12:53 AM
الأستاذ الكريم محمد الذبياني مرحبا بك وأهلا وسهلا , متابعا جليلا ومعلقا كريما ,
( نحن على الرحب والسعة لكل أخ كريم معقب أو معلق طالب للحق ذي علم وحلم , يناقش بعلم وحلم مؤيدا كان أو معارضا لأقوالنا , على أن يبتعد عن التعرض لأشخاصنا ) ,
أستاذنا محمد الحق يقال لست بالعلم بمنزله أستاذنا صالح عبد اللطيف لأذكر معه فنحن لسنا سواء طلبه نتعلم مما تخطه يديه , حفظه الله ورعاه , وسدد خطاه , لمحبته ورضاه .

أبن غنيم المرواني
04-10-2007, 01:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم :
لأول مرة على مدى تاريخ الأدب في بلاد ينبع .
ولأول مرة على الإعلام ومواقع الشبكة , الآن حصريا على شبكة ( المجالس الينبعاوية ) قريبا نضع بين يدي القارئ الكريم هذه الهدية الرمضانية وهي :
مقتطفات ومقامات من رسالة :

( قرة العينين في المفاخرة بين الينبعين ) .
وأول الرسالة :
( فهذه رسالة في المفاخرة , مما سنحت به الخاطرة , قد وضعتها في المفاضلة بين الينبعين , والمناضلة بين القريتين ... فلله درها , ما أحسن درها , وأزكى زهرها , وسبك نثرها , وتبسم ثغرها , وكتمان سرها , وتملك سحرها ... )

الهدف من إنشاء الرسالة :
هذه الرسالة هي عبارة عن رسالة أدبية بلاغية نتحدث من خلالها عن أرض الينبعين ينبع البحر وينبع النخل وتاريخهما ووصفهما وبيان حالهما في السابق ومآلهما في الحاضر , وما يتميزا به من معالم وأثار , فينبع النخل تفتخر بتميزها بالنخيل وأثارها وبأصالة سكانها , فترد عليها ينبع البحر بالمثل فتفتخر بجمال بحرها وأسوارها وتقدمها وشهرتها التي طبقت مشارق الأرض ومغاربها , وهكذا تستمر المفاخرة والمناظرة بينهما بفصول عديدة ففي كل مرة ينتقلان من موضوع إلى أخر , فمرة يتفاخران بالبلاغة , وأخرى بالشعر الفصيح وما قيل فيهما , ثم ينتقلان إلى الهجاء , وذلك بالكرة تحت فن الكسرة , ولا تزال الحرب بينهما سجالا , وقد بلغتنا الأخبار بأنها حربا ضروسا ! , وأنها بينهما سجال , ووصف لنا جهينة الأخبار موضع رحاها ! بقوله : ( قد حمى الوطيس , على القراطيس ) !! , فكل منهما تفتخر بما تتميز به من معالم وأثار , إلى أن يشتد الخلاف بينهما فنجعل لهما حكما وذلك لفصل الخلاف على أن يكون حكما عدلا نرى فيه الأدب والصلاح وذلك للفصل بينهما , فيكون عادلا فاصلا بينهما , فنعرض لدية وبين يديه عظيم الشرف ورفيعة وهو أن ينظر بهذه الرسالة التي من خلالها ألقيا حجتيهما وبعد ذلك يصدر لنا حكمه العادل إن شاء الله ويقرر لنا بما أداه إليه اجتهاده وعلمه وأدبه أي المدينتين التي لها الحق والحجة الراجحة ؟؟ .

وذلك ليفض الخلاف بين الينبعين ( ينبع النخل , و, ينبع البحر ) , وذلك بطريقة وأسلوب أدبي عبارة عن مقامات أدبية مسجوعة , وهي ليست سردا تاريخيا لأثار وتاريخ بلاد ينبع , إنما تحمل في طياتها وبين جنباتها جميع فنون البلاغة والأدب ( فمن البلاغة : النثر , والسجع , والبديع , وغيره ) , ( ومن الأدب : الشعر , والكسرة , والحكمة , والنسب , وغيره ) ,

فبعد أن دونا وكتبنا الكثير من تاريخ بلاد ينبع وجهينة , أحببت أن أنثر بين يدي القارئ الكريم من أهل هذه البلاد الطيبة وغيرها من البلدان , هذه الصفحات القليلة المعطرة من ذلك التاريخ المجيد والمشرف الذي كتبناه , وهذه الصفحات التي ننثرها هنا فيها شي من الأخبار والآثار المشرفة , وقد سميناها ( تعطير الصفحتين بشي من تاريخ الينبعين ) , وإن كنت أرى أن هذه الرسالة تعطير الصفحتين ما هي إلا شذرات وخواطر وآثار وأخبار متناثرة ليست مرتبة ولا مفهرسة , وإنما أحببت من خلالها أن أتشرف بنشر صفحات من تاريخ بلاد ينبع , وذلك لا ستدراك نواحي تاريخية مهمة أغلبها قد فاتت على من كتبوا في تاريخ هذه البلاد من أساتذة وباحثين , ثم بعد ذلك أحببت أن ألحق تلك الرسائل برسالة هي الأخرى عن تاريخ ينبع , والتزمت أن لا تكون كسابقاتها من الرسائل وأن تندرج تحت أبواب الأدب العربي , وأن تكون جديدة في بابها , فجاءت هذه الرسالة , فريدة في بابها , غريبة في مكانها , وقد تصفحنا مؤخرا التاريخ الكبير للأستاذ الفاضل الأديب صالح عبد اللطيف المسمى : ( ملامح من تاريخ ينبع ) , وبخاصة المجلد الثالث وهو : ( الأدب العربي في ينبع ) فتعجبت من ضعف الناحية الأدبية ( الفصحى ) في تاريخ ينبع , فلم أرى رسائل أدبية تتحدث عن تاريخ هذه البلاد !! , بل لم نجد إلا النادر من الأشعار التي تحدث فيها الشعراء عن تاريخ ينبع !! , وأغلبها كانت من الأدباء والشعراء المتقدمون , فلا نكاد نجد للمتأخرين أي أثر في هذا الباب إلا ما ندر !! , ومنشأ ضعف هذه الناحية الأدبية ليست من المؤرخ صالح حفظة الله ورعاه وتاريخه , إنما الواقع أن هذه الناحية فيها ضعف ملاحظ وهي تحتاج لباحث غرثان للأدب العربي متخصص فيه ,

وقد حاول الأستاذ الكبير عبد الكريم الخطيب أن يملئه فألف عدد من المؤلفات وإن كان جميعها في الشعر العربي الفصيح فألف : ( شعراء ينبع وجهينة ) , ( وشعراء بنو ضمرة وينبع ) , ( وأدب من رضوى ) وغيرها , فكان أول من جمع الأدب الينبعي , إلا أنه لم يحصر جميع فنون الأدب , ولا يزال في هذا الباب متسع خاليا يحتاج لأستاذ أديب أريب لكي يكمله ويسد فراغه

ولهذا أردت أن أطرح مقتطفات من هذه الرسالة وستكون بأسلوب أدبي أتحدث من خلالها عن تاريخ هذه البلاد وأستعرض فيها الماضي والحاضر , ولكي تكون مساهمة منا في إثراء وتنشيط هذا الباب ونأمل أن تكون كذلك إن شاء الله , فأول ما خطر لي أن أنشئ أبيات شعرية تتحدث عن تاريخ هذه البلاد ولكن عندما تلمست ما لدي من موهبة وعرضتها أمام دواوين الشعر العربي , وجدت أنه ويا للعجب , فقد طاشت أوزانها ! , وتزعزعت أركانها ! , فلا حول ولا قوة إلا بالله , فغضضنا الطرف عن طرق هذا الباب , ورجعنا بخفي حنين , وإن كان قد أوردنا بعض الأبيات التي نضمناها وضممناها داخل هذه الرسالة , ثم بعد ذلك لم أجد بدا من التوجه إلى الباب الأخر من أبواب الأدب العربي وهو البلاغة العربية وما فيه من مجالات عديدة ومتسعة وجميلة ورائقة فكان الاختيار موفقا , وذلك لعشقنا لهذا الفن من فنون الأدب فكان الحب قد جامع الإصرار فولدت لنا : ( قرة العينين في المفاخرة بين الينبعين ) , والحمد لله رب العالمين .

( فوائد لطيفة عن أدب المفاخرات والمناظرات ونشأته ) :
أدب المفاخرات والمناظرات من الآداب اشتهرت بها بلاد الأندلس وأجادها الأندلسيون وإن لم يكن أول من كتبوها فأول من كتب في هذا الأدب هو الجاحظ ثم الحريري في مقاماته مقامات الحريري وهي تبلغ خمسون مقامة عكف على كتابتها حوالي العشر سنوات ولم يكد أن يتمها حتى توافد إليها الطالبون من جميع البلدان وتخطفتها أيدي الركبان فعكفوا على شرحها ونسخها , ثم أتى بعده بديع الزمان الهمذاني وهكذا فتح الباب لأهل الآداب إلى يومنا هذا حتى كان أخرهم شيخنا الأديب الفاضل الأريب عائض بن عبد الله القرني - حفظة الله ورعاه - فألف مقامات القرني وهي من أحسن ما قرأت , وإن كان بعض الأدباء يفرقون بين المقامات والمفاخرات وهو خلاف الصواب فأدب المفاخرات والمقامات كلاهما واحد فلا فرق بينهما إلا أن المفاخرات تعتمد على أسلوب المناظرة والمقامات تعتمد على أسلوب الشخصية الوهمية كما فعل الحريري , وكلاهما يعتمدان على السجع والحكمة والشعر والطرفة وغيرها , وأدب المفاخرات أو المناظرات من الآداب التي اندثرت في عصرنا الحاضر عدا القليل والنادر , وسنذكر المراحل التي مر بها أدب المفاخرة في الباب القادم .

( ما ألف في أدب المفاخرات من رسائل ) :
هناك الكثير من رسائل المناظرات والمفاخرات وهي كثيرة نذكر منها على سبيل المثال :

( العون في مفاخرات الكون ) , تأليف : الجاحظ المتوفى سنة 255 هـ .
( مفاخرة بين الجواري والغلمان ) , تأليف : الجاحظ المتوفى سنة 255 هـ .
( السيف والقلم ) لابن المرزبان المتوفى عام 309 هـ .

( السيف والدينار والقلم ) , لابن مأكولا متوفى سنة 475 هـ .
( مفاخرة القلم والسيف ) , تأليف : ابن برد الأندلسي المتوفى سنة 445 هـ
( الدرر المنتظم ) للكناني المتوفى سنة 730 هـ ,
( حلية الفضل بزينة الكريم بمفاخرة السيف والقلم ) , تأليف : شهاب الدين القلقشندي توفي سنة 821 هـ .
( المناظرة بين السيف والقلم ) , تأليف : ابن الوردي المتوفى سنة 749 هـ .
( السيف والقلم ) , تأليف : ابن نباته المتوفى سنة 768 هـ .
( وللحنائي السيف ) المتوفى سنة 979 هـ

( الحجج المبنية في التفضيل بين مكة والمدينة ) ,
تأليف : الإمام الحافظ علامة الزمان وقدوة الأنام جبل العلم جلال الدين السيوطي , كتب بيديه ما يزيد على الألف كتاب (!!) حتى أنه كتب مؤلف خاص ذكر فيه أسماء مؤلفاته وذلك لكثرتها , حتى أعيت كثرتها دور النشر المعاصرة من تحقيقها , فلله در الهمم , كيف تعلوا على القمم , ولا يستغرب ذلك فهذا فتح فتحه الله عليه وإلا فعمر الإنسان لا يتسع لكتابة مثل هذا العدد من المؤلفات , والسر في ذلك أنه ذكر فقال : ( حججت بيت الله الحرام ونويت أن أشرب من ماء زمزم لحديث رسول الله ماء زمزم لما شرب له فدعوته في تلك اللحظة أن أكون في الحديث كابن حجر , وفي الفقة كالسراج البلقيني, وفي التاريخ كالحافظ الذهبي فبلغه الله أمله ) وهو حافظ كبير قيل أنه كان يحفظ من الأحاديث ثلاثمائة ألف حديث (!!) وقال لو وجدت أكثر لحفظته وقد وضع مؤلفا كاملا في أسماء شيوخه لكثرتهم وقد ألف في حياته كثير من الكتب المتقدمة والمتأخرة وهناك العديد من الرسائل الجامعية التي كتبت عن حياة هذا الإمام العظيم , ولا تزال إجازة أسانيده إلى اليوم يحتفظ بها العلماء ويجيزونها لطلبة الحافظين لديهم كمشايخنا المحدثين في المسجد النبوي كشيخنا المحدث العلامة أبا محمد عمر بن فلاته حفظه الله ورعاه , وشيخنا أبا بكر الجزائري حفظه الله وأطال بعمره وغيرهم من العلماء والمحدثين .

( مفاخرة مكة والمدينة ) : تأليف ابن سليمان ( مجهول ) من أهل القرن السابع ذكر أنه كتبها على منوال وطريقة الزرندي التي ستأتي معنا في نهاية الرسالة .

( المفاخرة بين الماء والهواء ) , تأليف : أحمد بن عبد اللطيف الحسني البيروتي المتوفى سنة 1226 هـ .

( المفاخرة بين الشمس والقمر ) , تأليف : الأديب بهاء الدين محمد بن عبد الغني البيطار المتوفى سنة 1328 هـ .

( غريب الأنباء في مفاخرة الأرض والسماء ) , تأليف : الشيخ محمد المبارك الجزائري المتوفى سنة 1330 هـ .

( نظرة البهار في محاورة الليل والنهار ) , تأليف : الشيخ محمد المبارك الجزائري المتوفى سنة 1330 هـ .

( أبهى مقامة في المفاخرة بين الغربة والإقامة ) , تأليف : الشيخ محمد المبارك الجزائري المتوفى سنة 1330 هـ .

( مناظرة بين العلم والجهل ) , تأليف : الشيخ محمد المبارك الجزائري المتوفى سنة 1330 هـ .

( الجوهر الفرد بين النرجس والورد ) تأليف : المارديني , ذكرها السيوطي في كتابه " كوكب الروضة " .

( أنوار السعد ونور المجد بين النرجس والورد ) , تأليف : عبد الباقي اليماني , ذكرها علي الجندي رحمه الله في كتابه " الشذا المؤنس في الورد والنرجس "

( مفاخرة وأبور البر ووابور البحر ) , تأليف : الشاعر إبراهيم الأسكوبي المتوفى سنة 1324 هـ ,

( مسامرة الضيف بمفاخرة الشتاء والصيف ) , تأليف : الشيخ أبو بكر خوقير المتوفى سنة 1349 هـ ذكرها محمد عبد الرحمن الشامخ في كتابه " النثر الأدبي في المملكة العربية السعودية " .

( أقراط الذهب في المفاخرة بين الروضة وبئر العرب ) , تأليف : عبد الله ابن الوزير الزيدي الصنعاني اليمني المتوفى سنة 1147 هـ , ( لا يزال مخطوط ) توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الملك عبد العزيز العامة بطيبة الطيبة , ونسخة أخرى في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة .

( المرور بين العلمين في مفاخرة الحرمين ) , تأليف : نور الدين الزرندي المتوفى سنة 750 هـ .
ومما جاء فيها : ( أيتها ... المسكينة , عليك بالسكينة , أبي تتعرضين ؟ , أم لي تتعرضين ؟ , أم علي تستظهرين ؟ , أم مع وجودي تفتخرين ؟ , تالله ما سأل إليك إلا ما فاض مني , ولا وصلك إلا ما فضل عني , ... فأقسم بمن نجوم مياهي بالزاهر , ومن جيادها في مصاف مصافيها بالسابق الماهر , لئن لم تكفكفي غرب سوانيك , وتثني عنان ثنائك على مغانيك , لأجردن عليك من مفاخري جيشا مالك به يدان , ولألقين أنصارك بكل هاشمي خؤولته بنو عبد المدان , فقفي عند حدك , فكم ترهبين بحزرك وبدك , وتكلين بصاعك ومدك , ولا تكوني كالباحث عن حتفه بظلفه (!!) , فمقتل المرء بين فكية , وربما قتل الإنسان بسيفه , وإياك وبأسي العتيد , وبطشي الشديد , وإن كان لسان فخرك ذاهبا فلساني حديد , وحذار ثم حذار من شفار النفار , ونصال نضال النظار والنقار , فقديما قيل :

توق معاداة الرجال فإنها=مكدرة للصفو من كل مشرب
ولا تستثر حربا وإن كنت واثقا=بشدة بأس أو بقوة منكب
ولا يشرب السم الزعاف أخو حجا=مدلا بدرياق لديه مجرب
وإياك ثم إياك فلا تحتقري , واقعدي في بيت حيائك وقري , ولا تنقبي عما يعود عليك ضرره ولا تنقري , واقتصري من شأوك , وقصري عن خطوك , فقد دللتك طريق إخوان الصفا , وقد نصحتك فيما قلته وكفى .

إلى أخر المفاخرة وهي طويلة وقد قرظ عليها علماء أكابر كالحافظ ابن حجر , والسخاوي وغيرهم واستحسنوها وذكروها .
وكتب : العبد الفقير إلى مولاه ابن غنيم المرواني الجهني .
الموافق : يوم الجمعة السادس عشر من شهر رمضان من الشهر التاسع سنة ثمان وعشرون وأربعمائة وألف من بعد الهجرة , 16 / 9 / 1428 هـ .
من دار المصطفى طيبة الطيبة .

,,, الرسالة القادمة ما قيل في موضع الأجرد من المؤرخين السابقين ,,,

أبو عمرو
05-10-2007, 07:52 PM
جزيل شكري وامتناني لشخصك الكريم أخي / أبن غنيم المرواني

على ما سطرته وستسطره هنا ، من معلومات قيّمة ، ومجهودات جليلة ، في خدمة تاريخ الينبعين ، خاصاً بها منتدى المجالس الينبعاوية ، بارك الله فيك ، وكل عام وأنتم بخير.

الشاهين
10-10-2007, 07:29 PM
ليكون الله والناس شهود انني اناقش الطرح بقصد العلم والفائدة و انني لم اتعرض لشخص الكاتب حيث ذكرت له ماوجدت في نفيه سكن اليهود ينبع علما انني لم اقل بهذا .ولو قلت لااعتقد أنه يسبب كل هذا الكلام وذلك من مبدا اختلاف وجهات النظر .وهذا جزء مما اوردت في مداخلتي السابقة .(سبحان الله ما أشبه ما اوردته من ادله بتلك التي اوردها اخوان لنا ينادون بطرد الامريكان من جزيرة العرب .بحجة لامكان لليهود والنصارى بها)

وكان رده وللاسف ( أقول لك إن أردت أن تعقب على أي موضوع فعقب بعلم وحلم ، ودع عنك الهمز واللمز ، فنحن نجيده ونأبى عن طرحه إكراما لمن في المنتدى من أستاذه وأكارم فألتزم بالأدب بارك الله فيك)

كان في استطاعته ان يرد بافضل من هذا حيث اتهمني بالهمزواللمز وكلمات لاتليق بمثله حيث معرفه يحمل اسم اسرته والجميع يحفظ لهذه الاسرة الاحترام والتقدير فكان هو الجدير بالاخلاق والتخلق الكريم حتى لو تعدى عليه جاهل لايعرف مكانته او قدر علمه .وعز علينا ان نشاهد مثل هذا القول يخرج من احد احفاد اخو سنيده رحمه الله ذاك الرجل الذي لايرضيه ان يخطئ واحد من قبيلته فكيف في احفاده على احد بقول اوفعل .

ولكن تقديرا لذاك الرجل ولكل من يتصل به بصلة قربى وبحكم الصلة التي بين والدي وابن غنيم والعلاقة المحترمه التي تربطنا بابنائه وعشيرته سوف اتنازل عما اتهمني حفيده به واتناسى الكلمات الغير لائقة بحقي وهو صاحب العلم ونزولا عند رغبة الكثير ممن اجلهم واقدرهم وسوف اواصل الاستفسار في ماكتبه ابن غنيم لكي لانحجب الفائدة بسبب سوء الفهم مني او منه واقول له :
انت جمعت اراء الكتاب ومنها خرجت لنا بخلاصة وجزمت بصحة قولك لامكان لليهود او مقر بينبع فان اخذنا بهذا القول فنحن لاننفي ولانجزم فهل قلت لنا من اصحاب تلك الاسوار والقلاع فان لم تشاهدها وتتعرف عليها سوى من الكتب اقول لك ناصحا هل قمت بجولة لها واطلعت على بعض منها ؟

أبن غنيم المرواني
11-10-2007, 10:47 PM
أخي الكريم أبا عمرو حامد الحبيشي
لا شكر على واجب وحياك الله ونحن ما نقدمة من أخبار وآثار عن بلاد الينبعين وجهينة إنما هو خدمة يتشرف العبد الفقير ابن غنيم في كتابتها ولا يبخل ولن يبخل بعون الله من تقديم ما لديه .
وكل عام وأنت بخير أخي أبا عمرو ومن العايدين بمناسبة عيد الفطر المبارك .

أبن غنيم المرواني
11-10-2007, 10:55 PM
أتقدم بالتهنئة والتبريك بهذه المناسبة
إلى أستاذنا الفاضل المشرف العام أبا سفيان حفظة الله , وكذلك إلى أستاذنا الفاضل محمد الذبياني حفظة الله , وإلى كل المشرفين والأعظاء الكرام , وإلى كل القراء وإلى جميع المسلمين , وأعاده الله علينا وعلى المسلمين أعوام عديدة وسنين مديده .
أخي الشاهين : كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك ,

وكل عام والجميع بخير وطاعة ومحبة وسرور .

أبن غنيم المرواني
11-10-2007, 11:28 PM
قال عاتق البلادي في " المعالم " :
( الأجرد ) : كالذي لا نبات فيه , جاء في النص : ( ثم أخذ بهما على الجداجد ، ثم على الأجرد ) قلت : يعرف اليوم بأجيرد تصغير شعب يصب في وادي ثقيب ، وثقيب أحد روافد القاحة ، وهو ومرجح والمدالج على طريق قديم قد هجر ، وهو طريق الهجرة , انظر تفاصيل أوفى في كتابي " على طريق الهجرة " , وهذه المواضع تقع جنوب المدينة على قرابة 160 كيلا قريبة من وادي الفرع , بل تصب مياهها فيه .

وقال الأستاذ صالح عبد اللطيف في تاريخه " ملامح من تاريخ ينبع " الجزء الثاني , ( الآثار والمعالم ) .
( أجرب ) : قال ياقوت : بالفتح ثم السكون , يقال رجل جرب وأجرب , وليس من باب أفعل من كذا , أي إن هذا الموضع أشد جربا من غيره , لانه من العيوب , ولكنه مثل أحمر : وهو موضع يذكر مع الأشعر من منازل جهينة بناحية المدينة , وأجرب موضع آخر بنجد .
أقول : قال ياقوت هو الموضع الذي يذكر مع الأشعر , وقد نقل ذلك في موضعه عن نصر والصحيح أنه بالدال وليس بالباء , ولا يعرف مكان في تلك النواحي بهذا الاسم , والكلمة تصحيف للأجرد .

وقال الأستاذ صالح عبد اللطيف في تاريخه " ملامح من تاريخ ينبع " الجزء الثاني , ( الآثار والمعالم ) .
( العقدة ) : واد ينحدر من الأجرد شمال بواط .

وقال الزمخشري في " الجبال و الأمكنة و المياه "
( مبهل الأجرد ) : واد لعبد الله بن غطفان ,

" قلت " لعله ينسب لبطن غطفان بن قيس بن جهينة , جد قبيلة رفاعة وهي بطن من جهينة , وغطفان هو أخو غيان الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد برشدان , أو لعله ينسب لقبيلة غطفان النسبة إليهم الغطفاني التي ورد ذكرهم في الحديث النبوي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أرأيتم إن كان جهينة وأسلم وغفار خيرا من بني تميم , ومن بني أسد , ومن بني عبد الله بن غطفان , ومن بني عامر بن صعصعة ) , و مدبها صوته , قالوا : يا رسول الله وقد خابوا وخسروا ؟؟ , قال : ( فإنهم خير من بني تميم , ومن بني أسد , ومن بني عبد الله بن غطفان , ومن بني عامر بن صعصعة ) .

وقال الزمخشري في " الجبال و الأمكنة و المياه " نقلا عن علي العلوي : نسخة طبعة ليدان سنة 1855م .وجبال القبلية : ( الزغباء , والأجرد , والحت , والقلادة , والكويرة , والمقشعر , وصرار , وسكاب , وقاعس , وفيه نقب أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجره ناهض من ينبع إلى المدينة , والمخيلة , وذو القصة بين ذي القصة وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا , مثغر , حزرة , الثاجة , السيالة , والرس , مثغر , ظلم , وظلم , منكثه , العشيرة , رسوس ... ) .

وقال الهمداني " صفة جزيرة العرب " :
( أرض جهينة ) : تيدد , ومثعر , " ووادي غوى " ويحال فيقال وادي رشد ، وكذلك أحال رسول الله صلى الله عليه وسلم في " بني غيان " فقال : ( بنو رشدان ) ، والأشعر , والأجرد , وقدس , وآرة , ورضوى , وصنديد , وإضم , وهو واد عظيم تغزره أودية كثيره , وهو من أعراض الحجاز الكبار , كنخال وغيره , وفيه يقول أمية بن الصلت :
آباؤنا دمنوا تهامة في الدهر=وسالت بجيشهم أضم
والصفراء , وساية , وذو خشب , والحاضر , وثقباء , ونعف , وبواط , والمصلى , وبدر , وجفجاف , ورهاط , وودان , ( وينبع ) , والحوراء , والعرج , والأثاية , والرويثة , والمجنبتان , والروحاء , وحقل , وساحل تيما , وذو المروة , والعيص , وفيف الفحلتين , وفيف الريح في أرض هوزان , ( وخيبر ) , وفدك , وحرة النار , ويين , إلى الربذة إلى النقرة , إلى إرن , إلى صفينة , إلى السوارقية , قرية بني سليم . ) .

وقال ياقوت في " معجم البلدان " :
( الأجرد ) : بوزن الذي قبله , وهو الموضع الذي لا نبات فيه , أسم جبل من جبال القبلية عن أبي القاسم محمود عن السيد علي العلوي له ذكر في حديث الهجرة عن محمد بن إسحاق , وقال نصر : ( الأشعر والأجرد جبلا جهينة بين المدينة والشام )
.
وقال ياقوت في " معجم البلدان " :
( الأشعر ) : بالفتح ثم السكون وفتح العين المهملة , وراء الأشعر والأقرع جبلان معروفان بالحجاز , قال أبو هريرة : ( خير الجبال أحد والأشعر وورقان ) وهي بين مكة والمدينة , وقال ابن السكيت : الأشعر جبل جهينة ينحدر على ينبع من أعلاه , وقال نصر : الأشعر والأبيض جبلان يشرفان على سبوحة وحنين والأشعر والأجرد جبلا جهينة بين المدينة والشام .

وقال ياقوت في " معجم البلدان " :
قال أبو المنذر فحدثني أبو مسكين محمد بن جعفر بن الوليد عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : ( إن الله تعالى لما خلق الأرض مادت , فضربها بهذا الجبل يعني السراة , وهو أعظم جبال العرب واذكرهاء , فإنه أقبل منثغرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور وهو هابط وبين نجد وهو ظاهر , ومبدؤه من اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فقطعته الأودية حتى بلغ ناحية نخلة فكان منها : حيض ويسوم وهما جبلان بنخلة , ثم طلعت الجبال بعد منه , فكان منها : الأبيض جبل العرج , وقدس , وآرة , والأشعر , والأجرد ...

" قلت " ذكره خلال حديثه عن رسم الحجاز .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " :
( الأجرد ) أحد جبلي جهينة , والثاني الأشعر , وإليهما تنسب أوديتهم , والأجرد مما يلي بواط الجلسي , وهما بواطان , فمن أودية الأجرد التي تسيل في الجلس , ( مبكثة ) وهي تلقاء وادي بواط , ويلي مبكثة ( رشاد ) وهو يصب في إضم , وكان أسمه غوى , فيما تزعم جهينة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم رشادا وهو لبني دينار إخوة الربعة .
ويلي رشادا ( الحاضرة ) وبها قبر عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف , وهي عين لهم , ويصب على الحاضرة ( البلي ) وفيه نخل وهو لمحمد بن إبراهيم اللهبي , ثم يلي الحاضرة ( تبرز ) وبه عيون صغار عين لعبد الله بن محمد بن عمران الطلحي , يقال لها : ( الأذنبة ) وهي خير ما له , ( والظليل ) لمبارك التركي , وعيون تيدد في أسنان الجبال , ومن أودية الأجرد التي تصب في الغور ( هزر ) وهي لبني جشم رهط من بني مالك , وفيه يقول أبو ذؤيب :
أكانت كليلة أهل الهزر ؟؟ , ومن مياه جهينة بالأجرد ( بئر بني سباع ) وهي : ( بذات الحرى ) وبئر الحواتكة وهي : ( بزقب الشطان ) الذي ذكره كثير .. وهو بالمنصف بين عين بني هاشم التي بملل وبين عين إضم .

وقال الزبيدي في " تاج العروس " :
( والأشعر ) جبل آخر لجهينة بين الحرمين يذكر مع الأجرد , قلت : ومن الأخير حديث عمرو بن مرة : ( حتى أضاء لي أشعر جهينة ) .

وقال السمهودي في " وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى " :
( أبار ) بالضم وأبيرة مصغرة من أودية الأجرد يصبان في ينبع .
( الأجرد ) : أطم بني خدرة بالبصة وجبل لجهينة شامي بواط وجبل آخر أو موضع قبل مدلجة تعهن .
( الأشعر ) : قال الهجري : وجدت صفته وصفة الأجرد جبل جهينة فنقلته للحديث الذي جاء فيه مرفوعا في الأمان من الفتن , ثم قال : الأشعر يحده من شقه اليماني وادي الروحاء , ومن شقه الشامي بواطان ولأبن شبة عن أبي هريرية رضي الله عنه خير الجبال أحد والأشعر .

" قلت "
وذكره العباسي في " عمدة المختار في مدينة المختار " , خلال ذكره لرسم جبل أحد , وكذلك الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " , وكذلك ياقوت في " معجم البلدان " , وأبو علي الهجري نقلا عن السمهودي في الوفاء .

وقال الحميري في " المواضع والبلدان " :
( أجرب ) : بالجيم والموحدة كأحمد ، موضع من منازل جهينة بناحية المدينة ، وأجرب موضع أخر بنجد .

" يقول ابن غنيم الجهني "
كان ينزل الأشعر جبل جهينة المسمى في الحاضر ( الفقرة ) من الصحابة خالد بن عدي الجهني رضي الله عنه , روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث روى أحاديثه الإمام أحمد في مسنده , وابن أبي شيبة , وأبي يعلى , والطبراني وغيرهم , وقد عملنا له ترجمة موسعة في كتابنا " معحم الصحابة من جهينة " ( مخطوط ) ,

باب : كلمة الأجرد في اللغة والأدب :
لكلمة الاجرد في اللغة عدة معاني نذكر منها على سبيل المثال سريعا :

( فرس أجرد ) : أو خيول جرد أو جمل أجرد أو جمال جرد .

قال التميمي :

صبحنا بالبقايس رهط كسرى=صبوحا ليس من خمر السواد
صبحناهم بكل فتى كمي=وأجرد سابح من خيل عاد

وقال نشوان الحميري في " القصيدة الحميرية والمفخرة القحطانية " :
والكامل الملك المتوج أسد=فيه تقصر مدحه المداح
كم قاد من جيش أجيش كبابل=وكتيبة تغشى البلاد رداح
حتى أستباح بلاد فارس بالقنا=وبكل أجرد في الجياد وقاح
والترك والخزر أستباح بلادهم=والروم منه تتقي بالراح

" قلت "
قوله : ( أجرد وقاح ) الأجرد الذي ليس عليه شعر فهو أجرد منجرد كقولهم صحراء جرداء أي لا عشب فيها فهي معدومة العشب والكلاء , ( وقاح ) : أي صلب قوي شديد البنية ,
والشاعر الأمير نشوان الحميري هو من فحول الشعراء , وأحد الأمراء , ينتسب إلى حمير عاش في القرن الخامس , سيرته تكاد تكون مغموره , لم يصلنا من أشعاره إلا القليل وهو صاحب القصيدة الحميرية التي بلغت نحو 180 بيتا وبفضل من الله قمت بنشرها على الشبكة وهي ناقصة لم يصلنا منها إلا هذه الأبيات المائة والثمانون , وإن كنت أتوقع أن ما وصلنا منها ما هو إلا قطرة من بحرها , ونشوان الحميري شاعر أديب عبقري شديد الذكاء , وأحد الحكماء , لدية ذلاقة لسان , وفصاحة بيان , أبياته عذبة كغيث المطر , وأندر من الكبريت الأحمر , ومن تلك الدرر هذه الحكمة النادرة جدا لا تكاد تجد لها أي ذكر في كتب الأدب وهي قوله :

أو كلما نبحت الكلاب أجبتها=تالله لا أصبحت كلباً عاويا
وإذا اضطررت إلى الجواب فلا تجب=إلا نظيراً في الرجال مساويا
وهنا تتجلى عظمة الحكمة ورونقها , وتالله لو أشتهر أمره لقارعت أبياته أشعار البحتري والمتنبي .

وفي الأمثال يقال :
أجرد من صخرة , وأجرد من صلعة , وأجرد من جراد .

" يقول ابن غنيم المرواني "
وقد يسمى ( الأجرد ) أجرب , أو , الأقرع , والأول هو الأصح .
وله ذكر في الحديث النبوي فقد روى ابن سعد في الطبقات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لجبلي جهينة الأشعر والأجرد : ( هما من جبال الجنة , لا تطؤهما فتنة ) , ورواه أيضا البكري في " معجم ما استعجم " , فقال :
روى عبد الله بن سلمان الأغر , عن نافع , عن عبد الله بن عمر , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وقعت الفتن فعليكم بجبلي جهينة ) , ومنه أيضا حديث قصة إسلام عمرو بن مرة الجهني وفيها قال : ( حتى أضاء لي أشعر جهينة ) , ورواه بإسناده مرفوعا أبو علي الهجري في كتابه , وله طرق أخرى جميعها خرجناها وحررناها بتوسعه في مخطوطنا : " نفح الرياحين والأزهار من تاريخ جهينة الأخبار " .

,,, والباب القادم أشعار الصحابة من جهينة وذكر قومهم لوقائع المعارك النبوية ,,,

الشاهين
11-10-2007, 11:47 PM
الوقفة الاولى لماورد في باب : هل كان لليهود تواجد في بلاد ينبع ؟؟ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " :
وقد أمر النبي في مرض موته أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وهى الحجاز فأخرجهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من : ( المدينة , وخيبر , وينبع , واليمامة , ومخاليف هذه البلاد )
يقول كاتبنامانصه:
ونحن نقول إن شيخ الإسلام رحمة الله وغفر لنا وله أجل من أن يظن مثل هذا وهو يعلم ما جاء في الصحيحين ولكن مقصد شيخ الإسلام رحمة الله ليس أن عمر بن الخطاب قد أخرجهم من تلك الديار وإن كان ثبت أنه أخرجهم وأجلاهم من بعض تلك المناطق .

نقول
الاولى هل القصد ان ماورد عن ابن تيميةصحيح ولكن العلة في قصد شيخنا او نيته ؟ ان كان كذلك وهذا وضح من قولك (غفر الله لنا وله أجل من أن يظن مثل هذا ) نقول من اين لك بهذا العلم عن نية الشيخ وقصده وماهو دليلك على لديك علم بما كتب الجزيري عن ينبع واذانهم حي على خير العمل هل قصده غيره ماورد انه مثلا لايخصص ينبع ومذهب الزيدية .

الثانية:دليل كاتبنا الثاني لكي يوكد حجته هذا نصه (دليل الأول على عدم وجود اليهود في ( بلاد ينبع ) أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا تلك الناحية عدة مرات كغزوة الأبواء أو ودان , وغزوة بواط , وغزوة العيص , وغزوة بدر الأولى وبدر الثانية , وغزوة العشيرة وهي ببطن ينبع النخل اليوم , وغيرها العديد من الغزوات , فلو كان لليهود تواجد في ينبع ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يغزوهم.
وعيوب قوله :
ماهو القصد في ذكر تلك الغزوات وتناقضة مع نفسه حيث يقول لو لليهود تواجد في ينبع ألم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يغزوهم .فهل في بدر يهود عندما غزى بدر ايضا غزوة بواط والعيص نقول هل من اجل قتال اليهود حدثت تلك الغزوات !
وزيادة في تأكيد خلطه ذكر غزوة العشيرة ولايعلم ان الجبل المذكور او المعروف عندنا بجبل لؤلؤة مشرف على قرية العشيرة من الشرق .
وهنا من اين لكاتبنا ودليله بوجود اليهود من عدمه في غزوات الرسول .
الثالثة وبما انه اعتمد على تخمينه وتقديره بربط الغزوات اعاد وجهة نظره وقوله (لماذا لم يكتب الرسول صلى الله عليه وسلم معاهده مع اليهود لو كان لهم تواجد في ينبع )
نقول لاغرابة في تسائلك وانت القائل لوكان وجود لليهود في ينبع كان غزاهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
الرابعة
دليله الثالث وقوله (ثم إن جبل لؤلؤة هذا الذي يروي عامة الناس ودهمائهم أنه جبل اليهود وهو الواقع بقرب قرية عشيرة وهي القرية التي سميت باسمها غزوة العشيرة وبها مسجد العشيرة وهو المسجد الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهل يعقل أن يتركهم النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا هكذا بلا معاهدة ولا صلح)
تلاعب في مفردات اللغة وقوله يروي عامة الناس ودهمائهم انه جبل اليهود (من هم العامة هولاء ) .وهنا وقفة يجب للباحث ان يمعن النظر بها .كيف نرمي ماتعارف ودرج عليه العامه من قول او فعل انه غير صحيح بدون دليل او معرفه وهم اهل الدار وكاتبنا مجرد ضيف لم يسكن ديارهم او يعرف قانونهم وعرفهم ومع ذلك يقول انا وقولي هو الحجة الصحيحة .
يعود كاتبنا للتسائل وهو ديدنه في ادلته وحججه (لماذا يتركهم شهرا بدون معاهدة او صلح )وهنا يعود للتشويش على المتلقي العادي وربطه الغزوات وكتابة المعاهدات ووجود اليهود وكأنه تجاهل غزوة العشيرة وموقع الجبل في البداية لكي يتسنى الخلط وخلق الدليل عاد ليقول حتى لو ان غزوة العشيرة كانت دليل لوجود اليهود كما قلت لكم سابقا ايضا لاتصدقون ودليله لماذا يتركهم شهرا بدون معاهده او صلح !!
.................................................. ......يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــع

أبن غنيم المرواني
14-10-2007, 12:04 AM
نعم هكذا فليكن التعقيب
واصل وصلنا الله وإياك بطاعته ...

أبن غنيم المرواني
14-10-2007, 01:03 AM
أبيات بشر بن عقربة الجهني في وصف قومه جهينة :
هذه أبيات للصحابي بشر (بشير) بن عقربة الجهني - رضي الله عنه – بعد فتح مكة وغزوة حنين ويصف فيها كمائة قومه وشجاعتهم وتضحياتهم خلال تلك الوقائع التي شاركوا فيها مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , رأيت أن أغلب من كتب عن تاريخ قبيلة جهينة قد غفل عن ذكرها ومنهم أستاذنا الكبير عبد الكريم الخطيب فقد كتب ( شعراء ينبع وجهينة ) , ( وتاريخ جهينة ) فلم تذكر فأجد لزاما علي ذكرها مع ضبطها وتصحيحها وشرحها بتوسع .

يقول فيها الصحابي بشر الجهني - رضي الله عنه - :

ونحن غداة الفتـح عنـد محمدٍ =طلعنا أمام النـاس ألفـاً مقدماً
وزدنا فضولاً من رجال ولم نجد=من الناس ألفا قبلنا كـان مسلماً
بنعمة ذي العرش المجيد وربنـا=هدانـا لتقـواه ومـن فأنعـما
نضارب بالبطحـاء دون محمـد=كتائب هـم كانـوا أعـق وأظلما
إذا ما استللناهـن يومـاً لوقعـةٍ=فلسن بمغموداتٍ أو ترعف الدمـا
ويوم حنين قـد شهدنـا هياجةٍ=وقد كان يوماً ناقع الموت مظلمـا
براياتنـا حـول النبـي محمدٍ=ولم يجـدوا إلا كميتـاً مسومـا
فكانت لنا النعمى على الناس كلهم=قضاء نبي عـادل حيـن حكمـا
هناك فسل عن ذا قريشا أو غيرها=وسل كل ذي علم عليـم لتعلمـا

" قلت "
وفي بعض النسخ اختلاف بسيط في الأبيات فمن ذلك :

نضارب بالبطحـاء دون محمـد=كتائب هـم كانـوا أعـق وأظلما
وفي بعض النسخ ذكر ( كتائبهم ) موصولة الهاء والميم وسيأتي ذكرها خلال شرحنا لهذا البيت .

براياتنـا حـول النبـي محمدٍ=ولم يجـدوا إلا كميتـاً مسومـا
وفي بعض النسخ ( سرايا بنا ) حول النبي محمد , فبدل براياتنا كتبت سرايا بنا والأصح ما أثبتناه .

فكانت لنا النعمى على الناس كلهم=قضاء نبي عـادل حيـن حكمـا
ففي بعض النسخ فكانت لنا ( اليمنى ) واليمنى والنعمى كلاهما واحد والأصح ما أثبتناه .

فسل عن ذا قريشا أو غيرها=وسل كل ذي علم عليـم لتعلمـا
عند ابن عساكر في تاريخه ذكر شطري البيتين ومنها ( تسائل عن هذا قريشا وغيرها ) , والتي أثبتناها هي الأصح والله أعلم .

" يقول ابن غنيم الجهني "
الأبيات السابقة ذكرها الحافظ ابن عساكر في تاريخه " تاريخ مدينة دمشق " بإسناده خلال ترجمة : لعبد الحميد بن عدي أبو سنان الجهني الدمشقي , ورواها يعقوب الفسوي في " المعرفة والتاريخ " بإسناده في غزوة حنين , ورواها ابن عساكر كذلك في " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " بإسناده من طريق يعقوب بن سفيان الفسوي , ورواها أبو نعيم الأصبهاني في " معرفة الصحابة " بإسناده خلال ترجمته لبشر بن عرفطه الجهني , وذكرها ابن منده في الصحابة , بإسناده , وأبو نعيم في معرفة الصحابة بإسناده , والبغوي في " معجم الصحابة " خلال ترجمته لبشر الجهني رضي الله عنه .

وقال المتقي الهندي في " كنز العمال " :
رواها : ( ابن أبي الدنيا في المغازي , والحسن بن سفيان , ويعقوب بن سفيان , والبغوي وقال : إسناده مجهول , وأبو نعيم خط في المؤتلف , كر )

" قلت "
قوله البغوي يقصد به معجمه " معجم الصحابة " وهو كتاب نادر الوجود في الأوساط العلمية مع أنه مطبوع , طبع في خمسة أجزاء من الحجم الكبير وفيها نقص وطمس وتصحيف كبير , وقد بحثت فيه عن ترجمة بشر الجهني فلم أجدها وذلك لنقص الكبير في الكتاب , وقد حققه الشيخ الأستاذ محمد الأمين الجكني الشنقيطي , عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة , طبعها في الكويت ط 1 طبعة دار البيان , وهي طبعة يتيمه طبعت على نفقة فاعل خير ولم يطبع له غير تلك الطبعة الخيرية حتى اليوم .

الحسن بن سفيان يقصد به مسنده مسند الحسن بن سفيان وهو ( مفقود اليوم ) أطلع عليه الحافظ ابن حجر في الإصابة وغيره , وكذلك ابن أبي الدنيا في المغازي ( وهو مفقود اليوم ) , قوله " كر " يقصد به ابن عساكر في تاريخ دمشق ,

وتعقبه الحافظ ابن حجر البغوي كما في " الإصابة " فقال :
وقال البغوي : لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث وهو إسناد مجهول , قلت : عبد الحميد , قال أبو حاتم : إنه صالح , وأما شيخه فلا أعرفه وقد روى الحديث المذكور هشام بن عمار عن الوليد فقال فيه عن عبد الله بن الحميد عن بشير بن عرفطة .

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن عبيد الله بن عمير الليثي رضي الله عنه , قال : ( كان مع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف من الأنصار , وألف من جهينة , وألف من مزينة , وألف من أسلم , وألف من غفار , وألف من أشجع , وألف من المهاجرين وغيرهم فكان معه عشرة آلاف , وخرج باثني عشر ألفا وفيها قال الله تعالى في كتابه : ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا ) .

" قلت "
وروى ذلك أيضا ابن إسحاق في السيرة النبوية وذكر أن عدد قبيلة جهينة ألف مقاتل في غزوة حنين , والصحيح أن عددهم أكثر من الألف مقاتل لأن كثير من جهينة كان بينهم وبين الخزرج تحالف , فكانت جهينة حليفة للخرج من الأنصار في الجاهلية , واستمر ذلك الحلف إلى ما بعد الإسلام وكثير من الصحابة من جهينة كانوا في عداد الخزرج وهم كثر يحضرني منهم الآن حوالي خمسة عشر صحابيا من جهينة هم ينسبون للأنصار من الخزرج , بل وهناك عدد من الصحابة الذين وهم كثير من المؤرخين في ترجمتهم وتعددت حولهم الآراء ومنهم عبد الله بن أنيس فلو بحثت مثلا في كتاب " الإصابة في تمييز الصحابة " لابن حجر العسقلاني تجده ترجم له في عدة مواضع فمثلا ترجم له تحت أسم : عبد الله بن أنيس السلمي , وعبد الله بن أنيس الجهني , وعبد الله بن أنيس القضاعي , وعبد الله بن أنيس الأنصاري , وخلال ترجمتي له في كتابنا " معجم الصحابة من جهينة " ( مخطوط ) , بسطنا القول في تحرير هذا الإشكال ,

وحقيقة الأمر أنه قد يقع إشكال لمن لم يدمن النظر في كتب الرجال ويتمرس على دراسة علم الجرح والتعديل فيظن للوهلة الأولى أن هناك أكثر من شخص يحمل أسم ( عبد الله بن أنيس ) ويقوده ذلك إلى أن هناك عبد الله السلمي , وعبد الله بن أنيس الأنصاري , وعبد الله الجهني , والقضاعي , ولكن حاصل الأمر أنه ليس هناك تعارض بين تلك التراجم , فعبد الله بن أنيس - رضي الله عنه - هو جهني الأصل والنسب ينتسب إلى جهينة بن زيد بن ليث ابن سود أكبر بطون قضاعة وأشهرها , أما عن سبب نسبته إلى السلمي فلأنه حليف لبني سلمة بطن من الخزرج الأنصاريين وكثير ما ينسب الرجل إذا حالف قوما إليهم فعبد الله بن أنيس نسب إلى بني سلمة وسمي بالسلمي نسبة إليهم وكذلك هي الحال مع بعض بني الخزرج تحالفوا مع جهينة ونسبوا إليهم مع أن أصلهم الثابت أنهم من الخزرج الأنصار ونسبوا إلي جهينة لتحالفهم معهم ومنهم خبيب بن إساف الأنصاري الجهني , وأما نسبته إلى الأنصاري فلانه حليف للخزرج وهم الأنصار والنسبة إليهم الأنصاري ,

بل إن عدد كبير من الأنصار هم في أصلهم ترجع أنسابهم إلى قبيلة جهينة والنسبة إليهم الأنصاري , وأما نسبته إلى القضاعي فلأن جهينة هي بطن من قضاعة بل هي أكبرها وأكثرها وأشهرها , فجهينة هي قضاعة النسب بإجماع علماء النسب كأبن الكلبي وغيره ولم يصب من قضاعة من بني عدنان فجهينة قضاعية حميرية قحطانية النسب والحسب , وقد بسطت تحرير هذه المسألة في مقدمة كتابنا : " نفح الرياحين والأزهار من تاريخ جهينة الأخبار " ( مخطوط ) , وليس الأمر هو حول نسبة قضاعة هل هي قحطانية أم عدنانية إنما الخلاف وصل إلى نسبة الأنصار الأوس والخزرج وهل هم من قحطان أم عدنان , بل وشذت أقوال وعدت جميع العرب إلى عدنان وإسماعيل عليه السلام ,

واحتجوا بما روي في صحيح البخاري من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا , ارموا وأنا مع بني فلان ) , قال : فأمسك أحد الفريقين بأيديهم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما لكم لا ترمون ؟؟ ) , قالوا : كيف نرمي وأنت معهم ؟؟ , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ارموا فأنا معكم كلكم ) .

قالوا : النبي صلى الله عليهم وسلم نسب بني أسلم وهم من الأنصار إلى إسماعيل عليه السلام وقال لهم : ( ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ) , وهذه نسبة صريحة في حديث صحيح لا مطعن فيها بأي وجه من الوجوه تنسب أهل اليمن إلى بني عدنان ؟؟ .

فأقول : الحديث صحيح لا خلاف حوله , إنما الإشكال حول فهم نص الحديث وقد رد مثل هذا الفهم عدد من العلماء .

قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري شرح صحيح البخاري "
وفي هذا الاستدلال نظر لأنه لا يلزم من كون بني أسلم من بني إسماعيل أن يكون جميع من ينسب إلى قحطان من بني إسماعيل , لاحتمال أن يكون وقع في أسلم ما وقع في إخوتهم خزاعة من الخلاف , هل هم من بني قحطان ؟ , أو من بني إسماعيل ؟ , وقد ذكر بن عبد البر من طريق القعقاع بن أبي حدرد في حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بناس من بني أسلم وخزاعة وهم يتناضلون فقال : ( ارموا بني إسماعيل ) , فعلى هذا فلعل من كان هناك من خزاعة كانوا أكثر فقال ذلك على سبيل التغليب , ( وأجاب الهمداني النسابة ) عن ذلك : بأن قوله لهم : ( يا بني إسماعيل ) لا يدل على أنهم من ولد إسماعيل من جهة الآباء بل يحتمل أن يكون ذلك لكونهم من بني إسماعيل من جهة الأمهات , لأن القحطانية والعدنانية قد اختلطوا بالصهارة فالقحطانية من بني إسماعيل من جهة الأمهات .

" يقول ابن غنيم الجهني "
ما ساقه الحافظ ابن حجر من أدلة في الرد على ذلك الرأي فيها نظر , وهي ليست حجج قوية , وكذلك قول النسابة الهمداني , ونحن نقول أن بني قحطان هم أصل أهل اليمن وكذلك حال الأنصار , أما عن قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار : ( ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ) , فلا دليل فيه على نسبة الأنصار وهم بني قحطان إلى إسماعيل عليه السلام , وأدلتنا على ذلك كثيرة فمنها :

أولا : قوله صلى الله عليه وسلم ( فإن أباكم ) لا يلزم منها أبوة النسب , إنما هي أبوة الدين والمعتقد , وقد حدثنا شيخنا العلامة محمد الحسن الشنقيطي حفظة الله , وهو حميري النسب خلال شرحه لهذا الحديث فقال : لا يقصد من هذا نسبتهم إلى إسماعيل عليه السلام , وروى أثر عن عبد الله بن عباس قال : ( ذلك النسب الديني , وليس النسب الطيني ) , وأحتج بقوله تعالى : (ملة أبيكم إبراهيم ) , فالمقصود بهذه الأية هي الأبوة الدينية وليست الطينية , ومعلوم أن المسلمين جميعهم شعوب وقبائل عديدة فيهم العجم والعرب , فهل يقال أن العجم المسلمين من ذرية إبراهيم أيضا ؟؟ , قطعا لا يقال مثل هذا القول , وقال الثعالي في " تفسير الثعالبي " :
وليس جميعهم يرجع إلى ولادة إبراهيم فإن معناه أن حرمة إبراهيم على المسلمين كحرمة الوالد كما قال سبحانه : ( وأزواجه أُمهاتهم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا لكم مثل الوالد ) . وقال البغوي في " تفسيره " :
وليس كل المسلمين يرجع نسبهم إلى إبراهيم قيل خاطب فيه العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم , وقيل خاطب به جميع المسلمين وإبراهيم أب لهم على معنى وجوب احترامه وحفظ حقه كما يجب احترام الأب وهو كقوله تعالى : ( وأزواجه أمهاتهم )

وعلى هذا نقول في قوله تعالى عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين : ( وأزواجه أمهاتهم ) , فهل هذه الأمومة هي أمومة النسب أم أمومة الدين ؟؟ , قطعا هي أمومة الدين , وهذه الآية من أوضح الأدلة وأظهرها على أنه ليس جميع العرب هم بنو إسماعيل , وكتاب الله يفسر بعضه بعضا , والأدلة على ذلك كثيرة بسطنا فيها القول في موضع آخر والله أعلم .

وقال العلامة أحمد الشنقيطي المتوفى في القرن الثاني عشر في كتابه " عامود أنساب العرب " ( مخطوط ) :

العرب من أبناء سام جرهم=عاد ثمود ووبار منهم
فهؤلاء العرب بارو والذبيح=منهم تعرب على القول الصحيح
وهو أبو قحطان في قول أبي=عنه فقحطان بن هود النبي
أو هو هود وجميع العرب=بعد لعدنان وقحطان أنسب
قضاعة مذبذب بينهما=فلمعد عند قوم أنتما
وهو وبلة ما يقول المزدرى=قضاعة بن مالك بن حمير

وقال في نسب عدنان عمود نسبة صلى الله عليه وسلم :

النسب الذي عليه اتفقا=كل الورى إذ بالنبي أشرقا
ما فوق عدنان من أجداد النبي=نسب من نسبه للكذب
وانعقد الإجماع أن احمدا=كان لشيث ونوح ولدا
شيث الوصي ثالث الأبناء=في بطنها حواء من صفاء


القول في قحطان عمود نسب الأنصار رضي الله تعالى عنهم أجمعين :

قحطان أبا حضرموت الحائر=عن طيبة أو سبأ الثائر
لسبأ بن يشجب بن يعرب=سليل قحطان قريع العرب
نسب خير مرسل بنينا=عشرة الأزد الأشعرينا
وحميرا ومذحجا وكندة=أنمار سادس لهم في العده
وقد تيامنوا ومن أشام له=غسان لخم وجذم عامله

إلى أن قال :

وأنسب لحمير التبابع الملوك=وأنسب قضاعة يتيمة السلوك
عمرو أسلم وعمران بنو= إلحاف وهكذا تفننوا
عمروا أبو حيدان مع بلي=بهرأ مولى برمك العلي
حيدان مهرة ابنة المهاري=إليه تنسب ولا تجاري
وكثرت في بيعة الرضوان=بنو بلي وبنو العجلان
خير بلي حالفوا الأنصار=ونصروا بطيبة المختار
منه عمير وزوجه التي=لاعنها بأمر هادي الأمة

إلى أن قال :

ومن أسلم نهد الشيث عذرة=جهينة فعذرة ذو النصره
ومن جهينة الذي ألقى السلم=إلى أسامة وإياه أتهم
ورهطه بنو الضرام الحرقة=شهاب جمرة لظاه حرقة
عوسجة له على ألف عقد=خير بني من جهينة يعد
ومعبد وسرق الذي أمر=ببيعة في دينه خير مضر

أبن غنيم المرواني
14-10-2007, 01:29 AM
شرح الأبيات السابقة :
قوله :

ونحن غداة الفتـح عنـد محمدٍ =طلعنا أمام النـاس ألفـا مقدماً ( ونحن ) يقصد به الجماعة وهم قبيلته جهينة القضاعية الحميرية القحطانية ( غداة ) الغداة هي ما بين صلاة الصبح إلى صلاة العشاء وقيل هي الضحى ولا فرق بينهما قال تعالى : ( بالغدو والآصال ) وقال تعالى : ( بالغداة والعشي يريدون وجهه ) , ( الفتح ) يقصد به فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة , ( عند محمد ) أننا كنا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفي عداد جيشه صلى الله عليه وسلم , ( طلعنا ) جمع مفرد طلع على وزن فعل , وطلعنا أي خرجنا , ( أمام الناس ) أي في مقدمة الناس وأمام المحاربين في ذلك الجيش فنحن في المقدمة , والأمام هو المقدم مأخوذ من الإمامة وهي التقدم قال تعالى : ( إني جاعلك للناس إماما ) , ( ألفا ) قد تكون هي عدد ألف الألف وجمعها آلاف أو ألوف من قوله تعالى : ( وهم ألوف حذر الموت ) وهذا الرأي بعيد لأن الثابت أن عدد جيش قبيلة جهينة في فتح مكة أكثر من الألف مقاتل , والأخر هو ( ألفا ) وجمعها الألفة أي مجتمعين مؤتلفين ومنها قوله تعالى : ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ) أي طلعنا مجتمعين متآلفين , والمعنى في هذا البيت أتينا في المقدمة ومما يدلل على إبطال القول الأول وهو أن ألفا ليست العدد الألف ما سيأتي في عجز البيت الثاني , ( مقدما ) أي كنا في مقدمة جيش فتح مكة

قوله :

وزدنا فضولاً من رجال ولم نجد=من الناس ألفا قبلنا كـان مسلماً
( وزدنا ) زدنا مفردها زاد ضد النقص ومعناه أي كثر فضلنا ومنه قوله تعالى : ( وقل رب زدني علما ) , ( فضولا ) مفردها فضل وهي الفضيلة والعمل الحسن منه قوله تعالى : ( ولا تمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) , وقوله تعالى : ( ويؤت كل ذي فضل فضله ) ومعنى البيت أي زدنا فضيلة وكرامه على جميع الناس
( من رجال ) من حرف جر للتمييز , ورجال مفرد رجل على وزن فعل وهو الذكر من الإنسان , وقد يطلق على الذكر من الجن قال تعالى : ( كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن ) , والرجل من الإنس هو أسم يطلق لمن تعدى مرحلة الاحتلام , بعد أن يكون طفل فغلام فرجل , وهو صفة حسنة ومدح وثناء وصف بها المولى سبحانه عبادة المؤمنين في كثير من المواضع في كتابه الكريم فهي صفة لمن بلغ الحلم وأتصف بكمال الصفات من العفاف والمروءة وغيرها , قال تعالى : ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) وهذا مدح وإطراء لهم .
( نجد ) أسم مفرد , ونجد هو أسم يطلق لكل شي ظهر وأرتفع وعرف ولذلك قالوا نجد ومنها بلاد نجد المعروفة وهو أسم أطلق عليها لارتفاعها ومنه قوله ( وهديناه النجدين ) النجدين مثنى , أي أوضحنا وبينا له طريق الخير وطريق الشر
( من ) حرف جر أتى هنا في هذا الموضع لزيادة التأكيد , ( الناس ) مفردها أنس , فيقال إنسان , سمي بني الإنسان كناية عن كثرة نسيانه والله أعلم , ووجه ترجيحنا لهذا القول هو قوله تعالى : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ) , وقال تعالى : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) , ( ألفا ) بمعنى قدم وأتى وليست من العدد الألف وقد تقدم ذكرها في البيت السابق ( قبلنا كان مسلما ) المعنى أننا أول من ألف وجاء من بين جميع الناس إلى الإسلام فنحن من أوائل الناس والقبائل الذين دخلوا في الإسلام فلم يسبقنا أحد من جميع القبائل إلى الإسلام وإلا لما أفتخر هذا الصحابي رضي الله عنه بذلك بين القبائل ولو وجدوا قوله غير صحيح لأنكروا عليه ذلك .

" يقول ابن غنيم "
ويشهد لما في هذا البيت ما روي من الآثار المرسلة والموقوفة بطريق صحيحة

فقد روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " فقال :
حدثنا عبد الرحيم بن سليمان , عن زكريا قال : ( أول من ألف بين القبائل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جهينة ) .

وروى الطبراني في " الأوائل " :
باب أول حي ألفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم :
حدثنا علي بن عبد العزيز , حدثنا أبو نعيم , حدثنا المسعودي , عن القاسم قال :
( أول حي ألفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جهينة ) .

وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " فقال :
حدثنا عبد الرحيم , عن عبد الرحمن بن عتبة يعني المسعودي , عن القاسم بن عبد الرحمن قال : ( كان أول من أفشى القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بن مسعود , وأول من بني مسجدا صلى فيه عمار بن ياسر , وأول من أذن بلال , وأول من رمى بسهم في سبيل الله سعد بن مالك , وأول من قتل من المسلمين مهجع , وأول من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد , وأول حي أدوا الصدقة من قبل أنفسهم بنو عذرة , وأول حي ألفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جهينة )

" قلت "
ورواه الطبراني في " المعجم الكبير " , وابن عساكر في " تاريخ مدينة دمشق " , وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " : رواه الطبراني واسناده منقطع .

وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " :
وعن ياسر قال : كان عمرو بن مرة يحدث قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن مرة أن يقف هو وقومه جهينة بن زيد يوم هوازن , فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر جهينة كونوا بأعقاب بني سليم , فان جاشوا فضعوا السلاح بأقفيتهم وشعاركم ) , فجاشت يومئذ قبيلة منهم , يقال لهم : بنو عصية لأنهم عصوا الله ورسوله , فقتلتهم جهينة , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم جهينة فتقدمت إلى هوزان , وصرف سليمان عن موقفهم فهزمهم الله يومئذ وكثر القتل فيهم , وقتل عمرو بن مرة يومئذ ابن ذي البردين الهلالي وكان لجهينة فيهم بلاء حسن ) , رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم .

" قلت "
هذا الحديث بحثت عنه فلم أظفر به , ونادرا ما يعزو الهيثمي إلى الطبراني في معاجمه فلا نجدها .

قوله :

بنعمة ذي العرش المجيد وربنـا=هدانـا لتقـواه ومـن فأنعـما
( بنعمة ذي العرش المجيد ) أي بفضل وإنعام ومنة الكريم سبحانه ذي العرش فهو الذي هدانا وجبلنا على فعل تلك الخيرات والمكارم والمفاخر ووفقنا إلى فعلها , وذي العرش هو المولى سبحانه وتعالى , والعرش هو كرسيه سبحانه وتعالى المستوي عليه فوق سماواته وعليائه سبحانه جل شأنه , وأهل السنة والجماعة يؤمنون بالعرش وأنه مستوي عليه فوق سماواته استواء يليق به سبحانه وتعالى بلا تشبيه ولا تعطيل , خلافا للمعتزلة وأشباههم . ( المجيد ) من أسمائه سبحانه وتعالى من المجد والرفعة . ( وربنـا هدانـا لتقـواه ) معناه : أن إسلامنا هو من هداية الله وتوفيقه لنا فلولا هدايته لنا لما أسلمنا واتبعنا نبيه الذي جاءنا بالحق , قال الله تعالى عنهم : ( وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعلمون ) ,
( ومن ) من مأخوذ من الأمن والمنة هو التكرم بالشيء وإعطائه ولا منة إلا لله سبحانه , قال تعالى : ( لقد من الله على المؤمنين ) , وقوله سبحانه : ( ولقد مننا على موسى وهارون ) , وقال تعالى عن المنافقين : ( يمنون عليك أن أسلموا قلا لا تمنوا علي إسلامكم ) , وقال تعالى في النهي عن المنة بين المسلمين : ( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ) , ( فأنعما ) مأخوذ من النعمة كالمنة وهي من النعيم , مفردها نعم وجمعها أنعم , والنعماء ضد الضراء قال تعالى : ( ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ) , وقال تعالى : ( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا ) ,

قوله :

نضارب بالبطحـاء دون محمـد=كتائب هـم كانـوا أعـق وأظلما
( نضارب ) النون للجمع والتوكيد , كنحارب , والضرب هو فعل كقوله تعالى : كقوله تعالى : ( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ) , وقوله تعالى : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال ) ,
( بالبطحاء ) البطحاء هي الأرض السهلة الناعمة ذات الحصى الصغير وتكون في مجاري السيول والأودية , والباء دخلت لتمييز الصفة والتأكيد , وفي الأثر أول من بطح المسجد عمر بن الخطاب , أي : مهده وسواه بيديه , وقوله : بالبطحاء هي صفة الأرض التي وقعت فوقها المعركة والغزوة فهي أرض بطحاء ووقعتها كانت في وادي حنين .
( دون محمدا ) كلمة تحقير ونقصان وتقصير فهو يقول نحن حقرنا وقصرنا أنفسنا دروع وفداء أمام ودون نبينا محمد لكي لا يصلوا إليه صلى الله عليه وسلم فرضي الله عنهم ورضوا عنه .
( كتائب هم ) وقع تصحيف في الكلمة في كتاب كنز العمال - طبعة الرسالة - والتصحيف هو في ضبط رسم الكلمة فضبطت بطبعة الرسالة بـ ( كتائبهم ) وهو خطأ وتصحيف ظاهر ولا تنضبط مع سياق البيت , فلو ضبطت بـ ( كتائبهم كانوا ) لم تنضبط كلمة كانوا مع السياق ولكانت هكذا ( كتائبهم كانت ) فلا يستقيم ( كتائبهم كانوا ) والضبط الصحيح للبيت هو ما أثبتناه وهو ( كتائب هم كانوا ) بفصل كلمة هم عن كتائب ولو أنهما في القراءة ينطقون بنفس المعنى ولكن الرسم يختلف , والمعنى قد يختلف كذلك , فهو يقول نحن صرنا دروع ضد تلك الكتائب دون نبينا محمد لكي لا تمسه وتقربه , والكتيبة مفرد وهي الجماعة من الجيش المقاتل وتطلق على ما بين المائة إلى الألف , وجمعها الكتائب سميت كتيبة لتكتبها وهو اجتماعها وتنظيمها , فيقال تكتبت الخيل إذا تجمعت مع بعضها البعض , فهو يقول نحن ضاربنا وقارعنا ليس كتيبة واحده إنما كتائب , وكأني بهم قد أنطبق عليهم وصف النابغة الذبياني عندما قال :

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم=بهن فلول من قراع الكتائب
وأي فخر وأي شرف فوق شرف قبيلة هذه صفاتها فقد قارعت وضاربت دون وخلف وتحت راية محمد صلى الله عليه وسلم لترتفع كلمه الله العليا إلى يوم القيامة (؟) .
( أعـق ) : أعق من العقوق وهو ضد البر , فهي كتائب عاقة ظالمة لله ورسوله لعدم استجابتهم وإتباعهم لأوامره سبحانه , والعق هو الأتساع والخرق ومنه يقال فلان عق والديه إذا قطعهما ولم يصلهما .
( أظلما ) مشتقه من أظلم على وزن أفعل وهي من ظلمة الليل فيقال أظلم الليل إذا أسدل الليل عتمته , والظلمة ضد النور قال تعالى : ( يخرجهم من الظلمات إلى النور ) وقوله تعالى : ( وإذا أظلم عليهم قاموا ) وقوله : ( فإذا هم مظلمون ) , ومنه أيضا الظلم وهو ضد الحق , وأصل الظلم هو وضع الشيء غير موضعه
كقوله تعالى : ( فمن أظلم ممن كذب على الله ) وقوله تعالى : ( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله ) .

قوله :

إذا ما استللناهـن يوماً لوقعةٍ=فلسن بمغموداتٍ أو ترعف الدما
( استللناهن ) هي جمع مفردها السل وهو إخراج الشيء وانتزاعه , كقولهم : رمتني بدائها وانسلت , ويقال سل السيف من غمده , أي أخرجه فهو ظاهر ومنه قوله تعالى : ( يتسللون منكم لواذا ) والسليل هو الفرع من الأصل فيقال من سلالة كذا أو سليل فلان , قال تعالى : ( خلقنا الإنسان من سلالة ) .
( الوقعة ) مفردها وقع وجمعها وقائع والوقعة هي الحرب والمعركة التي تحدث بين فئتين , ومنه قوله تعالى : ( إذا وقعت الواقعة ) وهي الوقعة الكبرى يوم القيامة نسأله السلامة .
( فلسن ) أداة نفي , ( بمغمودات ) مفردها غمد فيقال : غمد السيف أي أدخله وغيبه , ويقال تغمد الله فلان برحمته لانقضاء أجله ووفاته , والمعنى أن سيوفنا لن نغمدها إلا أن ( ترعف ) مفردها رعف والرعاف هو الدم إذا سال وجرى بسرعة , ويقال رعف الفرس إذا سبق في الجري , ( الدما) هو الجمع مفردها الدم وهو معروف .

قوله :

ويوم حنين قـد شهدنا هياجةٍ=وقد كان يوماً ناقع الموت مظلما
( حنين ) هو الموضع الذي وقعت فيه غزوة حنين , قيل هو مأخوذ من الحنان والشوق والرحمة وحنين بكسر النون هو تصغير لكلمة الحنان كقولهم : حنين الأم أو حنين الناقة , وقيل هو تصغير الحن وهو حي من الجن , قال السهيلي سمي بحنين بن قانية بن مهلائيل قال وأظنه من العماليق حكاه عن أبي عبيد البكري ,
وموضع حنين ذكره الله عز وجل في كتابه فقال : (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ) وهو موضع قريب من مكة وقيل هو واد قبل الطائف وقيل واد بجنب ذي المجاز وقال الواقدي بينه وبين مكة ثلاث ليال وقيل بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا وهو يذكر ويؤنث .
( شهدنا ) مأخوذ من الشهادة وهي الخبر القاطع , والمشاهده هي المعاينة قال تعالى : ( من شهد منكم الشهر فليصمه ) , ومنه قوله تعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) , والمقصود بقول الشاعر أننا حضرنا وعاينا .
( هياجه ) مفردها هاج كمثل عاج , فيقال هاج الشي يهيج هيجا , فهو هائج , فيقال البحر هائج أو الجمل هائج , والبحر غالبا ما يهيج في الصيف بسبب شدة الرياح , والجمل عكسه يهيج في الشتاء بسبب طلبه للضراب ,
قال نسوان الحميري : ويقال : هاج النبت هياجا وهياجا وهيجا إذا أصفر ويبس , وأرض هائجة إذا يبس بقلها , ومنه قوله تعالى : ( ثم يهيج فتراه مصفرا ) , يقال : هاجت الحرب هيجانا .
( ناقع ) على وزن نافع , فيقال ماء ناقع , ويقال سم ناقع أي سريع القتل , ويقال موت ناقع أي دائم , ويقال دم ناقع أي طري , ويقال موت ناقع أي كثير , ويقال نقع الغبار إذا ثار قال تعالى : ( فأثرن به نقعا ) .
( الموت ) قال ابن منظور في " لسان العرب " موت الأزهري عن الليث الموت خلق من خلق الله تعالى , قلت وهذا صحيح وفي الحديث وفيه : ( بعد أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار , يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار , ثم يقال : يا أهل الجنة خلود ولا موت , ويا أهل النار خلود ولا موت ) ,
وللموت ملك موكل به يقبض أرواح العباد , قال تعالى : ( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .
( مظلما ) مأخوذ من الظلمة وهي ضد النور , سبق وأن بيناها .

أبن غنيم المرواني
14-10-2007, 01:42 AM
قوله :

فكانت لنا النعمى على الناس كلهم=قضاء نبي عادل حين حكما
( النعمى ) مأخوذة من النعمة المنة والصنعة , ( على الناس كلهم ) أي على جميع القبائل , ( قضاء نبي عادل حين حكما ) , أي أن هذا الأمر بسبب ما قضاه النبي صلى الله عليه لنا ولتلك القبيلة الكريمة وهي جهينة وفي هذا قصة وأبيات سيأتي معنا ذكرها , وهي أن قبيلة من القبائل أحدثت نزاع مع قبيلة جهينه فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكان الحكم والقضاء من النبي صلى الله عليه وسلم لجهينة ,

وقال حينها صلى الله عليه وسلم في ذلك المجلس :
( جهينة مني وأنا منهم , غضبوا لغضبي ورضوا لرضائي , أغضب لغضبهم وأرضى لرضائهم , من أغضبهم فقد أغضبني , ومن أغضبني فقد أغضب الله ) .
وهذا أحد فضائل ومحاسن هذه القبيلة العظيمة ذات التاريخ المشرف , وكيف لا وهذا أفضل البشر خير من وطئ المهاد ونطق بفصيح الضاد محمد صلى الله عليه وسلم يذكرها بمثل هذا وفي مجلس القضاء وأما جميع الملأ : ( القوم مني وأنا منهم , وأغضب لغضبهم وأرضى لرضائهم , من أغضبهم فقد أغضب الله عز وجل ) , فلا إله إلا الله , وليس ذلك الحديث حكرا على أصحابة أولئك إنما هو لعموم هذه القبيلة أولها وأخرها وذلك إذا اتبعوا طريقه وساروا على نهجه فهم منهم ويدخلون في قوله صلى الله عليه وسلم , ولم يخص مثل هذه الفضيلة صلى الله عليه وسلم إلا جهينة , وكيف لا وهم أول من ناصروه وآزروه عندما قدم من هجرته للمدينة , بل وأتوه طائعين خاضعين من تلقاء أنفسهم , بل وكانت قلوبهم حسنة ولذلك عندما أسلم عمرو بن مرة الجهني ذهب ليدعوا قومه فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أسلموا جميعا إلا رجلا واحد , وسيأتي معنا ذكر ذلك إن شاء الله , وقد توسعنا في ذلك في كتابنا " نفح الرياحين والأزهار من تاريخ جهينة الأخبار " .

قوله :

هناك فسل عن ذا قريشا أو غيرها=وسل كل ذي علم عليـم لتعلمـا
( هناك ) تطلق للبعيد , أي في ذلك الموضع , ( فسل ) أي أسأل وأبحث عن هذا الخبر كقوله تعالى : ( سأل سائل بعذاب واقع ) , وقوله : ( وسوف تسألون ) , ( عن ذا ) أي عن هذا الخبر الذي قلناه وهذه الأبيات التي ذكرناها , ( قريش أو غيرها ) أي أسال عن هذا الخبر وعن خبر ذلك المجلس الذي كانت لنا فيه النعمى وذلك الحديث المشرف قريشا فهي كانت حاضرة ذلك المجلس وشاهدة له , أو إن أردت فسأل غيرها من القبائل الأخرى ينبئونك عن خبر ذلك المجلس الذي كان فيه القضاء والنعماء لنا , ( وسل كل ذي علم عليم ) أي بمعنى أو أسأل كل من لدية علم ويحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو يعلم ذلك ولدية خبر ذلك الفضل وذلك الحديث الذي ذكره , ( لتعلما ) أي لتعلم ذلك الخبر وتتيقن من صحته فلا يدخلك شك ولا ريب فيه والله أعلم وأحكم .

تحليل الأبيات السابقة :
هي أبيات مدح وفخر يدور محورها حول محامد وأمجاد قبيلة جهينة ومالها من صولات وجولات في تلك الحروب التي خاضوها تحت راية محمد صلى الله عليه وسلم , ولم يتطرق للمبالغة في هذه الأبيات كما هي عادة الشعراء عندما يتناولون هذا النوع من أنواع الشعر وهو الفخر والحماسة , وقد جاءت الأبيات السابقة زاخرة بالمعاني والأحاسيس والعاطفة , وجاءت كذلك تحمل بعض الصور الخيالية كما في البيت الثالث عند قوله : ( ترعف الدما ) فهو يصور الدماء كما لو أنها تصب صبا , والرعف غالبا ما يكون يطلق على الدم الذي يجري بسرعة , فصور لنا حال المعركة والتحام الصفوف وقرع السيوف والكتائب يستمده ومع أن قلة الأبيات إلا أنها جاءت مليئة بالأحداث التي تصور حال المعركة وتصف الأرض التي حدثت عليها وشدة احتدامها وأي القبائل كان أشد بأساء ضد جيش الكفار فهو يصور لنا حال المعركة من تجربته الذاتية بصفته أنه كان أحد أفراد ذلك الجيش ,
وقد جاءت الألفاظ ولغة الأبيات السابقة قوية مجلجلة لها وقع في النفس تدل على أنها تخرج من شاعر له قدم راسخة وتجربة ناضجة , لها وقع في النفوس وصلابة فكانت لائقة بمقام الفخر ومع قوتها وشدتها إلا أنها تحمل معاني سامية كالفخر والشموخ والعزة والهيبة كقوله : ( نضارب , هياجه , ناقع , الموت , كميتا , بالبطحاء , كتائب , استللناهن , بمغمودات , ترعف , الدماء )
جميعها كلمات مجلجلة لها جرس صاعق فكانت لغة وألفاظ معبرة صادقة خارجه من عاطفة وتجربة عاينها الشاعر وخاض غمارها , كان فيها الانفعال قويا ويتجلى ذلك في تصويره للمعركة تصويرا دقيقا مطابقا لما جاء في السيرة والأحاديث النبوية , من وصف حال تلك المعركة , حتى أنها لو وضعت أمام ريشة رسام ماهر لصور لنا مشهدها بوصف دقيق جدا .
وجاءت الأبيات منتظمة متحركة ليست جامدة ولا متنافرة , سهله ممتنعة , ليست متكلفه ولا معقده , وقد نجح فيها شاعرنا أيما نجاح في تصوير المعركة وشدة بأسها ووطئتها وكمائة قومه جهينة ويصف حال قومه جهينة كما في البيت الخامس بأنهم قد عاهدوا الله ورسوله بأنهم إذا سلت صوارم سيوفهم لا يغمدوها إلا في نحور الأعداء أو أن ينزفوا من قرع الطعان حتى الموت تحت راية محمد صلى الله عليه وسلم .

,,, والباب القادم : هل كان للشيعة والروافض وجود في بلاد ينبع ؟؟ ,,,

الجراحي
14-10-2007, 02:24 AM
أخي الحبيب الأستاذ ابن غنيم المرواني سلمت يداك على ما سطرت من حسن جمع للمعلومات وصياغة للموضوع ومما زاد موضوعك جمالا على جماله ما تمتعتم به من حلم وصبر وأدب في ردودكم على المخالف لكم وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ما في جعبتكم من علم بأدب الخلاف الذي يحتاجه كثير من طلبة العلم أو المنتسبين له فالهدف الوصول للحق وليس التعصب للرأي والفيصل الأدلة والبراهين المعتد بها وليس الجعجعة والتطاول والتعصب للراي ، آمل الاستمرار في موضوعكم فأنا أحد المتابعين له منذ البداية واتشوق للمزيد.

أخي الحبيب اقترح عليكم زيادة في التوثيق والتشويق عدة امور والأمر لكم بالأخذ أو الرد :
1- تزويد الموضوع بالصور الجوية للمناطق مثلا من برنامج جوجل ايرث .
2- ارفاق صور فوتوغرافية للأمكنة والمواقع المذكورة من جبال وأودية وغيرها .
3- وضع احداثيات المواقع ( GPS ) ليسهل للقراء الوصول للأمكنة في حالة الرغبة بيسر وسهولة.

نرجو من ادارتنا الموقرة وضع بحث الاستاذ ابن غنيم المرواني عند اكتماله بصيغة اكروبات ريدر (pdf) وتحميله على الموقع كي يتسنى للعضو الاستفادة منه .


وختاما تقبل من أخيك الجراحي وافر التحية والتقدير ن وكل عام وأنتم بخير

البدر الطالع
15-10-2007, 11:58 AM
أشكر الأخ الكريم على هذه الفوائد لكن واضح مدى التحامل على مؤلف كتاب (الجمان في تاريخ ينبع ) الشريف الهزاعي ولا أدري ما هو السبب ؟



وسوف نرد على كثير مما قاله من مغالطات قريبا إن شاء الله


وأنصحه بالبعد عن التكرار والحرص على الاختصار بقدر المستطاع وللحديث بقية !

أبن غنيم المرواني
17-10-2007, 07:28 AM
حياك الله أخي الفاضل الكريم الجراحي
وكل عام وأنتم بخير وبصحة وسلامة وعافية أنتم وجميع القراء والمسلمين , وأشكر لك حسن ثنائك وجعلنا الله كما تظنون وغفر لنا ما لا تعلمون , لا عليك أخي الكريم فالأمر هين لين , ونحن إخوة , وإن شاء الله الأمر ليس إلا اختلاف أراء , هذا أمر بسيط , وليتكم تعلمون عن خبر تلك المقايضة التي أرسلت إلينا (!!) فرفضناها وطرحناها أرضا , وليتك تعلم ما فعل بعد ذلك أولئك المقايضين المساكين وهم أصحاب ما يسمى ( المواقع , الصديقة ) ولا أريد أن أذكر الأسماء , فمسمى رسالتنا ينبئك عن أخبارهم وأسمائهم .

أما بخصوص اقتراحاتك فليتني أستطع ذلك فوالله لا أرد لك طلبا , ولكن فلتعذرني أخي فالمشاغل كثر وزد على ذلك جهلنا بها , وسنجتهد بعون الله في وصف تلك المعالم والرسوم بما نستطعه , وحقيقة أنه لم يبقى أكثر مما فات وسنلتزم بعنوان رسالتنا تعطير الصفحتين فهي صفحتين , ويؤسفني أن أخبرك أنها عما قريب ستطوى , ولعلنا إن تيسر لنا الحال أن نفتح باب من نفحات ونسمات تاريخ قبيلة جهينة الأبية , هنا أو في مكان ما , وسنترك بقية صفحات تاريخ ينبع للإخوة والأساتذة الآخرين , فلعل أحدهم يفتح لنا صفحات أفضل مما كتبنا فينطبق عليه قول القائل :

وإني وإن كنت الأخير زمانه=لآت بما لم تستطعه الأوائل

وكل عام وأنتم بخير , وصحة وعافية وسرور .
ابن غنيم المرواني الجهني .

أبن غنيم المرواني
17-10-2007, 07:38 AM
حياك الله أخي الكريم , وبارك فيك ,
ليس هناك أي تحامل على أحد يا رعاك الله وحفظك , ثم إنني لا أعرف أخي الأستاذ الشريف ناجي الهزاعي لأتحامل عليه , وأما إن كان قصدك بما كتبناه في مقدمة رسالتنا من التعليق على الكتب التي تحدثت عن تاريخ ينبع , وذكرنا تاريخ الجمان فهو نقد علمي وكل قارئا يعلم أن ما قلناه هو موضع الضعف في ذلك الكتاب , فهناك فرق يا رعاك الله بين النقد العلمي والتحامل على الغير , فالأول محمود بل ومأمور به , والأخر مذموم دافعه الحسد والعياذ بالله , ثم إن الأستاذ ناجي ذكر أنه ليس راضيا عن الشكل الذي خرج فيه الكتاب , وذكر أنه قد حذف بعض منه , وأما بخصوص نصيحتك فهي مقبولة مني وسأجتهد بعون الله لتحقيقها

وادعوا نفسي وإخواني للأخذ بما أورد الأستاذ ناجي في مقدمة كتابه من قول محمد بن عبد الملك حين قال :

إذا أفادك إنسان بفائدة=من العلوم فأدمن شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحة=افادنيها والق الكبر والحسدا

وأما أنا فأقول لنفسي ولغيري من إخواني علينا أن نأخذ بقول القائل :

ما دعوة أنفع يا صاحبي=من دعوة الغائب للغائب
ناشدتك الرحمن يا قارئاً=أن تسأل الغفران للكاتب

الشاهين
22-10-2007, 10:59 AM
الحضارة التي نشاهد اطلالها بينبع النخل من اصحابها ياتُرى ؟
كاتبنا يجزم بعدم سكن اليهود ينبع النخل وبالتالي تلك الآثار القديمة من قلاع وحصون وابراج من اصحابها ؟
واعتقد ان سكوت صاحبنا عن الاجابة لايبرر القبول في وجهة نظره ولو انها محل تقدير واحترام لدي .

أبن غنيم المرواني
23-10-2007, 08:29 PM
الحضارة التي نشاهد اطلالها بينبع النخل من اصحابها ياتُرى ؟
كاتبنا يجزم بعدم سكن اليهود ينبع النخل وبالتالي تلك الآثار القديمة من قلاع وحصون وابراج من اصحابها ؟
واعتقد ان سكوت صاحبنا عن الاجابة لايبرر القبول في وجهة نظره ولو انها محل تقدير واحترام لدي .

يا رعاك الله وحفظك ما أجملك لو أنك كنت باحثا ومهتما ومتجرد للبحث عن المعلومة والفائده لكنا والله .. أفدناك وأفدتنا ...
إليك الإجابة عن تساؤلك (!! ):


أخي :
يظهر ان لديك خلفية ان اهل ينبع يظنون ان بلادهم كانت سكن لليهود ؟وماتقوم به تصحيح المفاهيم ! على كلا نشكر لك ماتقدم من نصح وارشاد .

أبن غنيم المرواني
23-10-2007, 08:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا : نعتذر بكل حق وصدق للقراء الأعزاء عن التأخر في إنزال موضوعنا ... وذلك لأسباب خارجة عن إرادتنا .

المنهج الذي سنتبعه في رسالتنا :
( مقتطفات من قرة العينين في المفاخرة بين الينبعين )
1-أن الهدف من وضع هذه المقتطفات من رسالتنا الموصوفة هو توضيح صورة وفكرة مبسطه جدا عن الرسالة وطريقة كتابتها .
2-سوف أقوم ببتر نصوصها وقطعها وذلك حفاظا على حقوقنا في التأليف وصونا لها من السرقة , وسأبين مواضع البتر من النص بأن أضع علامة نقاط متتابعة لذلك الموضع المبتور هكذا .... ومعنى ذلك أن هناك نص قد بتر فإما أن يكون صفحات أو صفحة , أو أن يكون سطر أو أسطر , عدا أن الرسالة هي بكاملها مقتطفات واختصار مبسط جدا .
3-لن أذكر الجزء المخصص للمفاخرة بالآثار ما تتميز به كل من المدينتين عن الأخرى وتفاخر به قرينتها , لأنه صلب الموضوع ولبه .
4-جميع ما في هذه الرسالة هو من بنات الأفكار ومما جادت به القريحة , ولم أنقل حرفا واحدا وجدته لغيري , هذا عدا : ( الآيات , والأحاديث , والأشعار , والأمثال ) فالنقل منها حاصل ويفرض ذلك طبيعة هذا اللون من ألوان الأدب .
5-أود أن أوضح بأنني سأقوم بإلحاقها وطباعتها كاملة في كتابتنا : ( أخبار تنبع من تاريخ ينبع ) يسر الله ذلك وأعان .

أبن غنيم المرواني
23-10-2007, 08:59 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإهداء :
أهدي هذا العمل المتواضع إلى : مثال الزاهدين , وقدوة السائرين , إلى ابن الينبعين , إلى الأستاذ والمعلم والأديب والمؤرخ والفيلسوف العابد الزاهد عبد الله سلامة المرواني الجهني - رحمة الله تعالى - , بل وأهدي له جميع رسالتنا - تعطير الصفحتين بشي من تاريخ الينبعين - وأسال الله أن يكتب لنا وله الأجر في ذلك .


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مكور الليل والنهار , الذي تسبح له الأشجار والبحار , وتسجد له الشمس والأقمار , الذي لا تدركه الأبصار , وتعي عن وصفه الأفكار , الذي يجير ولا يجار , الخالق كل شي بمقدار , نحمده على فضله المدرار , ونشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له شهادة عن تصديق وإقرار , ونتبعها عمل بالجوارح بلا تعطيل وإنكار , ونصلي على نبيه المصطفى المختار , خير خلقة بلا خلاف وخيار ,

وعلى آله أهل البيت والدار , الطيبين الأطهار , المنزهين الأحرار , وعلى صحابته من المهاجرين والأنصار , وخاصة على المحرمة وجوههم على النار , ومنهم الخلفاء الأربعة الكبار , أبو بكر الصحاب في الغار , وعمر وعثمان وعلي الكرار , الذين تنزلت بينهم آيات الوحي والأذكار , فأحيتهم بعد طول تبار , فوصفوا بالجود والإيثار , مع ضيق ذات اليد والإقتار , ...

صلى اللهم عليهم صلاة دائمة ما أظلم ليل وأضاء نهار , وتعاقبت السنين والأدهار , وما لاح في السماء شهاب سيار , وما هطلت سحائب المزن بالأمطار , فتفتحت بها الأزهار , وأينعت على أثرها الأثمار , فأكلت منها الأطيار , فغردة فرحا بالاستبشار , فوق غصون الأشجار , بعد شروق الأنوار , وظهور عروس النهار , التي أسدلت الأستار , عن ليل الأسرار , فظهرت الروضة المعطار , وهي مكسوة باخضرار , فنفحت نسمات الأسحار , وفاحت روائح الريحان والنوار , صلاة دائمة لا تمل من الاستزادة والتكرار , ورض اللهم على من جاء بعدهم واتبع أثرهم إلى يوم القرار .

وبعد : فهذه رسالة في المفاخرة , مما سنحت به الخاطرة , قد وضعتها في المفاضلة بين الينبعين , والمناضلة بين القريتين , ينبع النخل وينبع البحر , ...

وذلك لتعددهما في الفضائل , واقتران ذكرهما في المحافل , وتقاربهما في المنازل , واشتراكهما بنفس القبائل , وقد زينتها ونثرتها , بلطائف المحاورة , وطرائف المحاضرة , وروائع المناظرة , فإذا بي في موقف خطير , ومسلك صعب عسير , ومقام لست له بجدير , كأني بينهما خفير , فتارة أفرد ينبع النخل بمزيد من الفخر , وأخرى أرفع ينبع البحر فوق البدر ...

فإذا هو مرتقا صعبا , ليس عنه مهربا , وقد عانيت فيه كربا , ولم أستطع عليه صبرا , ولم أحط به علما , وقد توخيت فيها الإيجاز والاختصار , ومنعتها من الإطناب والإكثار , خشية الملل , أو حدوث الخلل ...

فعسى أن تكون للوحيد جليسا , وللغريب أنيسا , ... فإذا بها كالعروس , أو كهامة الطاووس , تربعت في مقام من الأدب رفيع , وعلى صناعة البديع , ليس بها تكلف ولا صنيع , فهي كالسهل المنيع , أو كنسمات الصبا في الربيع , فلله درها , ما أحسن درها , وأزكى زهرها , وسبك نثرها , وتبسم ثغرها , وكتمان سرها , وتملك سحرها ,

وإني بحمد الله قد نويت فيها الإخلاص , وأرجوا من الله أن تشتهر بين العام والخاص , وإنها لفريدة في بابها , حري أن يسعى إليها طلابها , ... وقد نشرت فيها من فضائل الينبعين , ما تقر لأجله العينين , وتطرب لسماعة الأذنين , فإذا بهما كجوهرتين , تعلوا على مطلع البدرين ...

وقد ملأتها بعرائس الأفكار , وغرائس الأبكار , ومحاسن الأشعار , وفضائل الآثار , وغرائب الأخبار , حتى غدت كأزكى الأزهار , وأثمن من الدينار , تستوقف الأبصار , ولا تمل من التكرار , ...

وفجرت عليها من عيون البلاغة كالأنهار , وأهطلت عليها من البديع أمطار , ومن الأسجاع كنسيم الأسحار , وغرست على رياضها من النثر أزهار , وأحطت أسوارها بجزيل الأشعار , فطفقت الحروف تغرد كالأطيار , فلما رأيتها قد أنتظم عقدها , وأينع زهرها , وحلا طعم شهدها , وحان قطف ثمرها , سميتها : ( قرة العينين في المفاخرة بين الينبعين ) ,

وهي مفاخرة ومناظرة بين القريتين , والمدينتين الجميلتين المتجاورتين , فقمت بينهما شاهدا وأحد الحكمين , وتجردت من الميل مع أحدى الجهتين , فقد أخذت لسانهما بالإستعاره , وبينت فضلهما بالمناظرة والمحاورة , وترجمت قولهما بقلمي وحسن الكتابة , وترك من القول ما يحسن اجتنابه , واخترت منه عذبه وصوابه , فكنت في النقل عنهما أمينا , وللسان حالهما مترجما مبينا , وبالله ربي مستعينا , وبالحق مستعبدا ورهينا , ...

فإذا أشتد بينهما الخصام , وكثرة الملاحاة والملام , وأرادا أن يحل عقد النظام , وأن يحصل بينهما الانفصام , قمت بينهما حكما وإمام , فمرة أبسط لهذا في الكلام , وأخرى ألاطف هذا بالسلام , وأبدي لهما ثغر الابتسام , حتى أصل بهما إلى حسن الختام ,...

وما جعلني أقوم بتأليفها , وأعكف على تصفيفها , أنني قد وقفت على أنقاض تلك الديار , فالمني ما حل بتلك القفار , فحاك شي في الضمير , مما آل إليه ذلك المصير , ...

وبينما أسرح نظري على الأطلال , وأروض فكري وأحل قيوده من الأغلال , أسرتني الخواطر بمنظر تلك الآثار القديمة , وعرضت لي امتطاء صهوة الأفكار بقوة العزيمة , فلما قد راضت لي الأفكار , وأحطت بها كإحاطة المعصم بالسوار , أسرجت للخواطر صهوة الأفكار , علها تأتينا بخبر عن تلك الديار , فأعددت لهما الحبر زادا , فطفقا يجوبان ما أرادا , فمرا على العقل فنزلا فيه , فأنكر فعلهما وما هما فيه , وقال أنتما كفرسي جياد , قد انطلقا في المهاد , يبحثا عن سراب , وظنهما أنه شراب ,...

قد رأيت منظرا هيظني نظاره=ولم يكن على قلبي احتماله
واذرف دمع عيني على حاله=أين نخيلك الوافرات ضلاله
وأين عذوبة مائك وزلاله=وجريان مياه أنهارك بحصبائه
أم أين خيوفك الوافرات مياهه=ونسمات أرضك المعطرة أزهاره
..... الخ
فلم أجد صديقا غير الطرس , فأسررت له بعض ما بالنفس , فقال لي ما لي أراك عبوس ؟ , وتنظر إلي برأس منكوس ؟ , ...
فقد نثرنا دررها , ونظمنا حللها , وليعلم الناظر في تحريرها , والسامع لتقريرها , والطائف حول غديرها , والقاطف أزهار عبيرها , أن ( ابن غنيم ) الكاتب أميرها ...

قال ينبع النخل :
الحمد لله الذي لم يزل من قديم الأزل , الذي شرفني بأحسن الأسماء وهو النخل , وفضلني على كثير من المواطن , بأن جعل نسل آل محمد لي ساكن , وأحمده الذي منحني هذا الشرف , وأحل بمقامي خير السلف والخلف , وأشكره على نعمه التي تترى , وشرف نزولهم بأرضي للسكنى , ...

هذا وقد زاحمتني من الديار أصغرها , التي لها من الفضائل أحقرها , فدعتني للمحاورة والمبارزة , وأجبرتني على المناظرة , فأحكمت حولي الدائرة , ورمتني بالجبن وأن صفقتها لرابحة , وأن إحجامي عنها دليل أن صفقتي لخاسره , فألقت التهم وولت , وأكثرت الكذب وما ملت , ولأعراضنا قد استحلت , فرمتني بدائها وانسلت , فهي كفتنة عمياء قد تجلت , وزعمت فضلها علي فضلت , فزلت عن الصواب واستزلت ...

هذا وقد غضضت عنها كثير من الطرف , فقلت لعلها تتوقف عن القذف , وقد عددتها من عبث الأولاد , فعندما علمت أنها من الحساد , وأن الأمر كله عناد , قمت لها منتصبا كالأساد , ووقفت لها بالمرصاد .

فلما سمع بذلك ينبع البحر قال :
أنا ينبع البحر بلا فخر , والحمد لله الذي شرفني بالبحر , ما هذا الفخر والتعالي , أتطلب فخرك بالأيام الخوالي ! , أم نسيت أن مجدك قد ولى , وأن أثرك قد دلى فتدلى , أم أنك بذكراك الماضية تتسلى ؟ , أترك عنك لومك , أنت ابن يومك ...

أما قولك أني من حسادك , فهذا من وهمك وأحقادك , فعلى ماذا نحسدك ؟ , ولأي شي نبغضك ؟ , على أنقاض أطلالك ! , أم على آثار أنهارك ! , أم على حطام نخلك وأشجارك !, أم على النزوح عنك وهجرانك ! ...
أستيقظ من رقدتك , وأنتبه من غفلتك , قد آن لك أن ترسل للطبيب مما فيك من الداء , فعسى أن تشفى ببعض الدواء , وأما قولك أنني من أصغر الديار وأحقرها , فهذه من أقوى الأدلة وأظهرها , على عظم كبرك , وتغليب جهلك , على صبرك وحلمك ...

فلما سمع ذلك ينبع النخل قال :
ليس لك علي فضل , ولو وصفتني بعظم الجهل , ... قد رأيت جوابك , وقرأت كتابك , وعرفت مرادك , فلله العجب , على الكذب , وقلة الأدب , تزعم أنك صادق , وتريد قلب الحقائق , فلست مذنبا , وتجعل الرأس ذنبا ! , أصبحت أفاخر الذباب , وأمسيت أناظر الأذناب , فأعرف قدرك , وقف عند حدك , رحم الله أمرا عرف قدر نفسه , ووقف عند منتهى حده , أتعرف أن من الأدب , ومن عادات العرب , احترام الأكبر منك سنا , وقد أحاط بما لم تحط به علما ...

بأي شيء تفاخرني , وعلى أي شي تناظرني , وأنا والله أكبر منك سنا , وأقدم منك سكنا , وأفصح منك لسنا , وأجمل منك حسنا , قصر الأكابر , فتقدم الأصاغر , لن تنال مرادك , إلا على تقطع أوصالك , كفانا الله شرك , وحمانا من غدرك ...

فعند ذلك قال ينبع البحر :
يا لخيبة الأكابر , من جهل الأصاغر , يا شبيه الأباعر , قد ركبت المخاطر , مالك أسكرت بغير خمر ؟ , أم هو هذر من طول الدهر ؟ , ... ألا تعلم أن أيامك السابقة قد تولت ؟ , وأن كبريائك قد ذلت , وإن غيوم سمائك قد استقلت , هذا الزمن زماني , ألا ترى عظم مكاني وشاني , وجمال بحري وشطأنى , وكنوز دري ومرجاني , وتوافد السياح إلي من جميع الأوطاني , من كل قاصي وداني , ...

قد أتاني السياح , من كل الأراضي والبطاح , للاستمتاع بمنظر بحري الضحضاح , واللهو بشواطئ السهلة الفساح , ... فعند انسلاخ الليل كالوشاح , وبزوغ الشمس كمشكاة مصباح , وهبوب رقراق نسيم الصباح , بعد إجابة حي على الفلاح , وما فيه من توفيق وصلاح , ياله من غدو ورواح , إلى البحر مع الصباح , مع أنغام أمواج الرياح , وإطلاق عنان الفكر لسراح , مع منظر شق عباب البحر بالسفن الملاح , والغوص في أسرار البحر بإنفساح , فتلك لحظة نشوة وارتياح , ...

ألم تعلم أن النظر في البحر عبادة ؟ , وأنها توفيق وسعادة ؟ , مع إخلاص الإنابة , فأقرأ إن تشاء , عمن خلق الأرض والسماء , ( ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) , ... فالحمد لله أن فضائلي متعددة مشهورة , لا تسلم من ذكرها الآيات بكل سورة .

فقال ينبع النخل :
قد جد الجد فكفى , وقد بلغت أقوالك الزبى , يا عجبا كل العجب , لمثل هذا العطب , قد سمعنا ردك , وعرفنا قدرك , فيا من تدعي الأصالة والافتخار , أصغ معي بأذنيك لهذه الأخبار , ...

أما ما به فاخرت , وإليه توجهت واعتمدت , فلله العجب لمثل هذا الفخر , أتفخر بمن هو موصوف بالغدر ؟ , أي فخر بمن إذا لازمته كثر بك البلاء , بتصبب عرقك وأصابك الصداء ؟ , أي فخر بمن إذا جلست لدية أصابك اللجاج , من هوج الرياح وتكسر الأمواج ؟ , ... هيهات هيهات , وما فات ما مات , أي نسيم عليل , ووصف جميل ؟ , ومن جلس بقربك لا يسلم من الغسيل !, ...

يا حاطب ليل , وجارف سيل , لقد أطلت الجدال والمراء , وتخبطت خبط العشواء , ... وأما افتخارك بجمال بحرك , فأنت لم تنفرد به لوحدك , على أنه بمثل هذا لا يفتخر , وقد عكر صفوه من الكدر , ...

أما وقد طرحت ما بيديك من فضائل , فسأنبيك بأخبار ما أنت به جاهل , أما وقد وصفت لنا بحارك , فسأتيك بما لم يخطر ببالك ! , أين أنت من محاسن أرضي الفيحاء , وعذوبة وزلال مياه عيوني الوطفاء ؟ , ألا تعلم أيه المتحضر الشاني , أنني عشيقة للبدو كالغواني ؟ , ... فإن فاخرتنا بمن يتسكعون على شطأنك , نازلناك بكرام لم تغرهم زخرفة بنيانك , سكاني في سعادة وهناء , لم يتنافسوا بزخارف وطلاء ,

قلوبهم صافية كبريق الشمعة , ونفوسهم طاهرة كرقراق الدمعة , أولم تقرا أيه الغلام , قسم الخالق رب الأنام ؟ , ( والنخل ذات الأكمام ) , أسمعت بهذه أيه اللئيم ؟ , ( تالله إنك لفي ضلالك القديم ) , ...

فسمع يا ينبع البحر , بعض أوصافي بسطر , أنا ظلي ممدود , وفضلي مشهود , وسكاني أهل جود , وموطني محسود , هذا ولي من الفضائل , مالا تسعه الطروس بالأنامل , كانت ولا تزال على مدى السنين , عندما كنت منجدل بالماء والطين ,

... أنا قطب ينبع وبدرها , وحولي يدور فضلها , قد وصفت لنا جمال أرضك , وإليك ما نقص دون عرضك , سأصف لك حال أحد سكاني , وهو يخلد إلى النوم في إحدى الليالي ,
ففي عسعسة الليل البهوم , يراعي بفكره النجوم , وهي في الفلك تحوم , كأنها لؤلؤ منظوم , قد تقطعت عنه الهموم , وقد فارقته الغموم , ...

وإذا بالليل قد عسعس , وإذا بالظلام قد أغلس , في ليل أغمس , وإذا بالسكون قد طرمس , فلا همس ولا حسحس , في ليلة نهسهس , ليس فيها مأنس , عدا صوت الهجرس , وهو له كعبس , وعواء العملس , وهو له حصحص , وهمسات المنفس , وإذا بالنسيم قد نسنس , بين فسائل المغرس , كسكون المكنس , وإذا بالفكر هسهس , وإذا بقبس النار يطمس , بعد أن كان يقبس , وإذا بالجو قد أقرس , ...

وصفت لك الحال , بمقام مختصر المقال , فنظر لهذا الفضل , وتأمل هذا الفصل .

أبن غنيم المرواني
23-10-2007, 09:37 PM
فلما سمع ذلك ينبع البحر قال :
لقد تعديت حدودك وأطوارك , وسنفضحك اليوم في عقر دارك , ولقد جئت شيئا نكرا , تكاد له الأرض خسفا , فلله العجب , لسوء المنقلب , البغاث أستنسرت , والمعاز أستسيست (!) , هيهات هيهات لن تدوس لي على بساط , ولو ولجت في سم الخياط , ...

أنا جند الله الغالب , وعقاب الله الضارب , يرسلني على الظالم فأقسمه , وأمر المولى لا شي ينازعه , قد دمرت ولاية أمريكا , فصارت قاعا دكيكا , ينتقم الله بي من الظالمين , فيصبحوا من الخاسرين , فأقسم كبرهم بأمره , وأمرغ أنوفهم بوحله , هذا وعرش الرحمن فوقي , فأي عظمة تزيد عظمتي ؟ , ... والحق واضح أبلج , والباطل معتم لجلج , فكف عنك اللجاج , فالصدق بينا وهاج , فهو سيجلي عنا الغياهب , ليعرف من الصادق والكاذب ؟ , فأنا بالعدل سوف أفيك , ولن أتي على جميع ما فيك , ...

يا ينبع النخل , إليك هذا الفصل , ( والليل وما وسق ) , ( والقمر إذا أتسق ) , لن تفوتني بسبق , ولن تكدرني بقلق , ولو علمت ما فيك من المساوي , لما برزت لحلبة المفاخرة والتساوي , لن تبلغ والله مثل ما لدي ولو عرقت , ولو لأبواب الخليفة المعتصم طرقت , وإن أثارك لم يبق منها إلا الأخبار , أما آثاري فدونك تشاهدها الأبصار ,

ألم تسمع قول ابن حميدس حين قال , ووصف بحري بأحسن مقال ؟ :

يهدي لك البحر مما فيه معظَمه=والبحر لا شك فيه معدن الدرر

ألم تسمع قول ابن مشرف , حين عدل بالقول وأنصف ؟ :

والبحر أجمعه طهور ماؤه=وتحل ميتته من الحيتان
إياك نفسك والعدو وكيده=فكلاهما لأذاك مبتديان
... ألم تعلم أن صوت أمواجي تسبيح , وأن فضائلي لا تحتاج لمزيد توضيح ؟ , ألم تقرأ أيه الموتور , قسم المولى الشكور , ( والبحر المسجور ) , أبلغك ما سطرناه من المنثور ؟ , أولم يأتك نبأ ما في الزبور ؟ , ( قد وضع للبحر حده , فلا تتعدى المياه تخمه ) , أولم تعلم أن ما خلق في البحر , أضعاف ما خلق على البر ؟ , ...

والذي فلق البحر لبني إسرائيل رهواً , أنك لست لي نداً ولا كفواً , أولم تلاحظ , قول الجاحظ ؟ , إذا خبث وملح ولد الدر , وأثمر العنبر , وقال عني الحكماء , لكثرة فضلي والعطاء , البحر في السخاء , والبدر في العلاء , وحدث عن البحر ولا حرج , وعن الفضل ولا حرج , ...

وحسبي شرفا وقدراً , أن المولى ضربني مثلاً , فقال في الوصف , وفي سورة الكهف , ( قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) , تالله لو أنصفت لقلت قولاً رشدا , ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا , فلي الشرف بهذه الكرامة عليك , ولن تأتي بمثلها ولو أن تعض على يديك (!!) ...

فقال ينبع النخل :
قد أنى لنا أن نكشف عن الحال , ونبين لمن يكون فصل المقال , فقد كنت لا أريد أن أكثر من فضائلي , خشية أن لا يستجاب لي شي من أعمالي , فسمع يا من حشيت كلامك بالتهديد والوعيد , تالله وبالله إن ما سمعته مني لهو رأس الجليد , وإن لم تنتهي عما أنت فيه من الباطل , لنجعلنك محل سخرية من العاقل والجاهل , فقد احتملنا سوء قولك والفحشاء , ولن تعجزنا والذي رفع السماء , ...

وسوف نفضح زيف أقوالك , ونكشف عن سوء أحوالك , أما قولك أنك عقاب الله , فأنا الرحمة المهداة , والرحمة خير من العقاب , والله عنده حسن الثواب , وحسبك أن جهنم يستعاذ منها كرهاً , ورحمة الجنان يرغب إليها حباً , فأنا بساتين نخلي جنان ونعيم , وبحرك قد روي أنه عين جحيم , فهذا فرق بيني وبينك , ولو أوجفت عليه بركبك وخيلك , ...

وأما ما ذكرت من أن آثاري قد ماتت , فهذا قرب انبلاج صبح ليلا فيه قد باتت , فلا تفرح بهذه وتجعلها لك عيد , فحال مآلك ليس عني ببعيد , ذلك ذكرى لمن يخاف وعيد , والله على كل شي شهيد , أما استشهادك وافتخارك بالأشعار , فدونك قول شاعر المهاجرين والأنصار :

الدار واسعة والنخل شارعة=والبيض يرفلن في القسي كالبرد
أبلغك أيه الطرير , قول الفحل جرير ؟ :

الضاربو النخل لا تنبو مناجلهم=عنِ العذوق ولا يعييهم الكرب
إليك أيه الشاكي المتجني , قول أبو العلاء المعري :

يا وردنا ماء دجلة خير ماء=وزرنا أشرف الشجر النخيلا
جالب تمر , إلى أرض هجر , ألا تعلم أنني موطن لشجر صالح , كما قال ابن عبد القدوس صالح ؟ :

كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً=يرمى بصخر فيعطي أطيب الثمر
.... وقد روى ابن حبان , عن سيد ولد عدنان , ( أبت الأنصار , إلا حب التمر ) , وروى الطبراني في الأوسط والكبير , عن من أنجانا الله به من السعير , ( إن الله تعالى يحب من يحب التمر ) , ولن تبلغ مثل هذه ولو عمرت أبد الدهر , وحسبي بهذا شرفا عظيما , ودونك مرتقا صعبا عسيرا , فهل لك بمثل هذه نظير ؟ , تالله إنك بمثل هذا لفقير ! , ...

وأما إن كنا من المكذبين الضالين , فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين , فإليك فضائل لن تنالها , ولن تبلغ عشر أمثالها , ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا , وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا , وأما مساواتك بين خيرات البحر والبساتين , قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ؟ , ( والنخل ذات الأكمام ) , لتذيقك طعم الإفحام ...

وقد روى البخاري في الصحيح , عن خير من نطق باللسان الفصيح , كان يمر عليه الشهر والشهران , ولا طعام يعتاش عليه سوء الأسودان , وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحان , أنه كان يسمي التمر واللبن الأطيبان , ... وقد روى النسائي , عن أبي هريرة الصحابي , عمن دونت به السنة , قال : ( العجوة من الجنة ) ...

فلما سمع ذلك ينبع البحر :
تلاطم غاضبا وزخر بالمد والجزر , فقام هائجا وقال , أسمع أيه المختال , قد حمي الوطيس , على القراطيس , أنا ذو العز الشامخ , والمجد الأثيل الباذخ , قد أنطبق عليك المثل الذي قيل , أسمج من شيطان على فيل , فسمع أيه الحيران , هذا الخبر والبيان , ... لن تمحوا آثاري ولو أوتيت ملك عاد , أو فرعون ذي الأوتاد , ...

وأما وعيدك لي بالإفحام , فستعلم لمن الإقدام والإحجام ؟ , وأما مقابلتك لحالنا بالآثار , وحجبك لما نشاهده اليوم بالأبصار , ففيه ما فيه , ومضحكة معانية , ...

وعندما تيقنا أنك لم تساجلنا إلا طامع , رددنا حججك بكل برهان قاطع , ... فدونك عزا لا تستطيع مناله , ولن تأتي ولو بعشر مثاله , وأما تحولك إلى التفاضل في المحال , وتفاخرك بما تشرفت به من الجبال , ...

أما افتخارك بمسجد العشيرة , فذاك قد اختلفت فيه العشيرة , وهو قول كبارح الأروي , ولا يوجد له أثر وراوي , صاحت به حوادث الدهر , ولم يجزم له بموضع وآثر ... فإن كنت تريد منازلتي فأنا لك أريد , ولنأوي معا إلى ركن شديد , فما كل بيضاء شحمة , وما كل سوداء فحمة , ...

ولو سلمنا لك ذلك جدلا , فقد عارضناك بمثله فضلا , وأتيناك بما لم تأتي به أصلا , وهذا حجة عليك وعدلا , وليتك إذا عجبت بنفسك , دعيت عنك التكلف بغيرك , فأعرف أمرك وقدرك , وتخلى عن وزرك وكبرك , فدع عن التفلسف والسفسطة , وتخلى عن الجدال والمغالطة , والذي رفع السماء وبناها , وبسط تحتها الأرض ودحاها , لقد أكثرت من المخاصمة وأغريت , وطرحت الأدب حتى تعريت , قد غرقت في بحر الكلام , وسنظل عليك من غمام الإفحام , ...

فهل تكسرت أمانيك وأحلامك , على صخرة آثار تاريخنا أم مالك ؟ , فقم لملمت ما تبقى من آثارك , فالطريق بيننا لا زال طويل أمامك , وكل حاطب على لسانه تمرة , وكل حاسد على قلبه جمره (!) ...

قال ينبع النخل عند ذلك :
والذي أنشا النخل الباسقات , وجعلها نعيم لأهل الجنات , إن لوراء الأكمة ما وراءها , وسوف نكشف عن غطاءها , فقد أكثرت اللجاج , وماءك ملح أجاج , فيا صغير الجرم , ويا عظيم الجرم , إن من مفاخري قربي من العيص , فهل لك عن هذه من محيص ؟ , فذكرها مشهور في السير والأخبار , وكفاها نزول نبينا المصطفى المختار , أتعلم أنها منازل خير القبائل , ذوي العز الكماة البواسل , تلك جهينة الأخيار , أبناء المهاجرين والأنصار ...

ألا تعلم أن كتائب جيوش محمد من أقوامي , وإرعاد كتيبة المشرفية من جهينة أسود آجامي ؟ , ألا علمت أني عين محمدا يوم بدر , وهذا شي من فضائلي بكل فخر , ...

هيهات هيهات أنا أفضل بقعة , كربوة على تلعة , أرضي ذات بهجة , رياضي لجة , ونزهتي متعة , أرضي النفس لها عانية , كحب العرب لسانية , سمائها صافية , ومياهها جارية , وأرضها رابية , وثمارها نامية , وقطوفها دانية , وأزهارها نادية , وطيورها شادية , فأنا ظلي ممدود , وفضلي مشهود , وكرمي غير محدود , وسكاني أهل جود , ...
أرق من نسيم الصبا , وأجمل من تبسم زهر الربا , وألين من تسلسل الماء في الحصا , وأطرب من تغريد ,....

قال ينبع البحر :
فلما سمع ذلك ينبع البحر انتفخت أوداجه , وتساقط العرق من فوق أحجابه , وقال لقد تحملنا ضرك وأذاك , وتجملنا بالصبر على عناك , قد خلطت جميع الحقائق , ووضعت نفسك بمأزق , كلمه حق أريد بها باطل , وقول يأباه كل عادل , لقد حكمت بشطط , وخلطت الصواب بالغلط , ...

أين عيونك لم يبق منها غير الأثر ؟ , ذلك إن صح في أمرها خبر , فدع عنك الباطل ولو كان مشهورا , وتمسك بالحق ولو كان مهجورا , فأجب فهذا هو الميدان , إن كنت تجيد منازلة الأقران , قم فلست أول من سقط , فأنت من بارز وأشترط , ...

ولله در من قال , ووصفني بأحسن المقال , من لحق بفضلي مجده ما فات , ومن خلف مثلي فما مات , ستتكسر دون مجدي أوهامك , وستتنكس تحت هامتي أعلامك , يا قليل الوفاء , ويا بخيل الرجاء , أين الثرى من الثريا , تالله لقد جئت شيئا فريا , ...

هيهات هيهات , يا لعظم الرزيات , صارت الأذناب رؤوس , والرؤوس للأذناب كؤوس , فأترك عنك الفخار , قبل أن نلبسك العار , ألم يئن لك الانقطاع ؟ , وأنت أهون البقاع ! , ...

فلما سمع ذلك ينبع النخل قال :
... ألقت مراسيك بوادي مضلل , فصرت بذلك جاحدا معطل , ألا تعلم أن صاحب النخيل , لا يقرن أسمه مع البخيل , فقد عرف النخل أهله , فأكرمهم من نبله ....

وإذا بكساء الليل قد أنسلخ , كأنه جلد أفعى قد أنفسخ , وإذا بالنور قد تبسم ضاحكاً , فنطوى الظلام إلى وكره غاضباً , فإذا به مولد صبح , والشمس على قدر رمح , كانها تطل بسراج وهاج , أو كمشكاة في قطعة زجاج , ...

تحتها تتساقط حبات الرطب , كأنها قطرات حلب السحب , هي خير زاد للعرب , إذا حل بهم الجدب , لا تتساقط بمرور الفصول أوراقها , ولا يتغير لون اخضرارها , قد كشفت لهم عن ساقها , وبجنات عدن حلت أعذاقها , ...

قد أتينا إلى محل يسمى=ينبع النخل بين كل الأنام
ويسمى بالشام أيضا لماء=فيه جار وبهجة وانتظام
... قد عارضتك بالموعظة علانية وإسرارا , فلم تزدك إلا إصرارا واستكبارا , فإليك هذا النباء , عن قائل هذا الهجاء ؟ :

نزلنا بمرسى ينبع البحر مرة=على غير رأي ما علمنا طباعه
نقارع من جند البعوض كتائبا=وفرسان ناموس عدمنا قراعه
ألا إن لي مجدا لو أسلت لعابة , فمزج ببحرك لذهب إجاجة , ولولا خشية المقام بنا أن يطول , لسطرنا معايبك على فصول .

قال ينبع البحر :
وأما مقابلتك بحري بنخيلك فلست بذلك على صواب , وسنبين لك أسباب ذلك بفصل خطاب , فأترك عنك تهديدي , وعليك بطريقتي وتقليدي , أحشفاً وسوء كيلة ? , أم حسداً وسوء غيلة ؟ , ...
فقام ينبع البحر ينادي , يسمع الحاضر والبادي :

لأن في الخرء نفعا=للنخلِ والنخل يؤكل
وأنت مافيك نفع=ولا لنفعٍ تؤمل
فلست خراءا بخل=لكن صديد بحنظل
وإن هذين عندي=في الخلق منك لأمثل
أولم يكفيك , من قال فيك ؟ :

رأيتكم تبدون في الحربِ عدة=ولا يمنع الأسلاب منكم مقاتل
فأنتم كمثلِ النخلِ يظهر شوكَة=ولا يمنع الجرام ما هو حامل

هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم , وأستغفر الله العظيم , رب العرش الكريم , مما طغى به القلم , أو زل به الوهم .


,,, الرسالة القادمة هي الأخيرة وستكون فصل الختام لنا ,,,

أبن غنيم المرواني
10-11-2007, 06:15 PM
هذه الرسالة أكتبها بعد حوالي الشهر من رسالتي الأخيرة مقتطفات من ( قرة العينين في المفاخرة بين الينبعين ) ,

,,, ما زلنا نجدد الوعد والعهد فالرسالة الأخيرة ستكون فصل الختام لنا ,,,

والرسالة القادمة ( حصرياً ) أضعها بدعوة من أحد الإحبة في أحد المواقع والقلاع الشامخة .. وقد طال إنتظار أبناء وأشاوس جهينة الغيورين لها منذ أزمنة مديدة ... ,,, ولعمري ما ( قرة العينين ) إلا " قطرة " من سمائها , ونفحة من عبير أزهارها , وسنراء ..

فقط إنتظرونا قريباً للإعلان عن مكانها !! .

بقلم : ابن غنيم المرواني الجهني

أبن غنيم المرواني
24-11-2007, 08:57 PM
سلام الله عليكم إخوتي القراء الكرام

أعتذر بشدة عن عدم الوفاء بما وعدت سابقا , وذلك لأسباب خارجة عن الإرادة وعدم ملائمة للظروف الحالية ,, وحتى لا ترمونني بالطماطم المبعوجة ,, أعدكم بالوفاء بما إلتزمت به مستقبلا ( إن شاء الله ) , ولكن بعد أن نضع لكم معجمنا الخاص بمنازل ومواضع وديار القبيلة .


.....

أبو سفيان
24-11-2007, 09:16 PM
ونحن في الانتظار يا ابن غنيم
ولا نشك في وفائك بما وعدت به
ونقدر الظروف التي أخـّرت طرح الموضوع
ولكن على رأي الفلسطينيين :
نريد جدولا زمنيا حتى لا يتكرر الاعتذار
معليش هذه مداعبة لشخصكم !!!

البدر الطالع
24-11-2007, 09:47 PM
قال الأخ ابن غنيم :

قلت " وكذلك زيادة كلمة ( المنورة ) على المدينة لا تستحب ولم ترد في الحديث النبوي ولم يكن يعرفها الصحابة ولا سلف الأمة المتقدمون وقد نبه على ذلك الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمة الله في " مجموع الفتاوي " ولم يستحبها ,


أقول إطلاق المدينة المنورة على مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم ليس به لابأس والمنورة صفة للمدينة

وليست اسم وقد ورد عن كثير من المؤرخين أنهم أطلقوا المنورة والشريفة على المدينة النبوية

والأخ الكريم تشدد في أمر لاينبغي فيه التشدد




وللحديث بقية

أبن غنيم المرواني
05-12-2007, 12:05 AM
حياك الله أستاذنا الفاضل أبا سفيان وأدامك ..
ولكن أي الفريقين تقصد أبا سفيان ( فتح أم حماس ) ؟ ( إبتسامه محب ) !
ستكون بين صفحات منتداكم التاريخية والأدبية المجالس الينبعاوية بداية الشهر القادم بعون الله وتقديره .


:
..

أبن غنيم المرواني
23-12-2007, 09:34 PM
...

البدر الطالع
26-12-2007, 02:06 PM
ذكر الأخ المرواني أن ولادة مالك في ذي المروة يجهلها طلبة العلم أو كما قال !



أقول:
ولادة الإمام مالك في ذي المروة ذكرها نذير حمدان في كتابه عن الموطآت قبل عشر سنين ولا أدري هل عليه الأخ المرواني أم لا؟!


وبالنسبة لذي المروة هناك معلومة لم يذكرها الأخ المرواني وهي أن الحسين بن علي له أرض في ذي المروة

وحصل تنازع بينه وبين أمير المدينة والله أعلم


وبحث الأخ الكريم كما قلت سابقا ينقصه المنهجية العلمية وفي البحث عشوائية واضحة تشتت ذهن القارئ


وأتمنى من الأخ الفاضل تهذيب البحث تهذيبا جيدا والبعد عن التكرار الممل والنقل العشوائي والسير على خطة واصحة وللحديث بقية ونسأل الله التوفيق والسداد للأخ الكريم المرواني

جودي
26-12-2007, 04:49 PM
جزاك الله خيرا على هذا الانجاز الطيب والمعلومات المفيدة عن تاريخ بلدنا الحبيب ينبع
ارض المحبة

ينبع لها حب وحداني

اخوكم جودي