المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن الآمرين بالمعروف



حلوجدا
05-09-2007, 02:31 AM
[]عن الآمرين بالمعروف



أطالعُ بانتظام مجلة “الحسبة” التي تصدرها الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل شهرين، وهي مطبوعة جيدة، يستحق القائمون عليها الشكر والدعاء بالخير، وهي كذلك أداة تواصل ممتازة، ليس مع منسوبي الهيئة وفروعها فحسب، بل مع جمهور المواطنين خاصة ذوي العلاقة أو الاهتمام، وفي مقدمتهم رجال الإعلام، وكنتُ قد كتبتُ - من قديم - في هذه الزاوية، ثناءً على المجلة ومحتوياتها ومهنيّتها، ورجوتُ رئاسة الهيئة العمل على توسيع انتشارها، حتى تؤسس لعلاقات متينة مع جمهور المواطنين، فتزودهم بأخبار الهيئة من جهة، وتعكس آراءهم وشكاواهم، وتكسب دعمهم وتعاونهم من جهة أخرى.

غير أن الأحداث الأخيرة التي تعرضت لها بعض فروع الهيئة ومنسوبيها، وتطور هذه الأحداث بين الحملات الإعلامية والتحقيقات القضائية، ومشاركة الكثير من الزملاء الإعلاميين في التعليق وإبداء الرأي، كل ذلك جعلني أتطلع لاستلام عدد شهري رجب – شعبان 1428 من مجلة الحسبة، لأرى كيف انعكست هذه الأحداث على منبر الهيئة الإعلامي، وكيف عالجته المجلة مهنيًّا؟!

***

والحق أن نظرة موضوعية إلى محتويات العدد الجديد من مجلة الحسبة، تؤكد اهتمام المجلة بمجمل ما وقع من أحداث وتجاذبات، حول أداء بعض فروع ومنسوبي الهيئة، ومن الطبيعي أن يتركز اهتمام المجلة بالدرجة الأولى، على إبراز الأهمية المتزايدة لدور الهيئة ومكانها في المجتمع المسلم، وثناء ولاة الأمر والمسؤولين على نهجها ومنجزاتها، وكذلك توضيح صلاحياتها النظامية المنصوص عليها في نظامها، وإلقاء الضوء على مشاريع تطوير أدائها، والاهتمام بتدريب ورفع مستوى منسوبيها.

لكنني تمنيتُ لو اهتمت المجلة بشكل أوضح، بالأخطاء التي ارتكبت، والتجاوزات التي حدثت، لأن كل ذلك من طبيعة البشر أولاً، ومما تقع فيه كل أجهزة الدولة بلا استثناء، فالكمال لله وحده، هو سبحانه المبرّأ من كل عيب، المنزّه عن كل خطأ، ولن نكون أفضل من صحابة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وهم خيرة خلق الله، والذين تنزّل الكتاب العزيز بالثناء عليهم، والإشادة بمناقبهم، كما تنزّل الوحي كذلك بعتابهم ولومهم، على ما كان من تقصير بعضهم، أو تجاوز البعض الآخر، من مثل قوله تعالى في سورة الأنفال: (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة)، وقوله جل شأنه في نفس السورة: ( لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم)، وناهيك بحادثة الإفك وغيرها من أحداث، تؤكد أن الخطأ من طبيعة البشر، ولو كانوا من خيرة الخلق.

***

لا أحد يجادل بطبيعة الحال، في مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في فرائض الدين، وكونها واجب كل مسلم ومسلمة، ولا في أهميتها لأي مجتمع مسلم، كما لا يجادل أحد في الأعمال الجليلة والاحتساب العظيم، الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهودها المبرورة في مكافحة الشرور المحدثة، التي تعاني منها المجتمعات المعاصرة، لكن الجميع يتطلعون الى أداء أفضل، يؤكد في أذهان الناس على الدوام، أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو إصلاح وستر، وليس تشهيرًا أو عقوبة، وأنه محبة ورعاية، وليس تخويفًا أو تسلّطًا، وأنه موعظة حسنة، وليس تشويهًا أو أذىً، وذلك هو ميراث الوحي، وقدوة النبوة، ومنهج الدعاة إلى الله على بصيرة، وهو ما يحرص عليه كل الحرص، فضيلة الرئيس العام للهيئة الشيخ إبراهيم بن عبدالله الغيث، وكبار معاونيه، جزاهم الله عنا خير الجزاء.


الكاتب /محمد صلاح الدين -
جريدة المدينة 17/8/1428[