المعلم
25-07-2007, 11:24 AM
محمد أحمد الحساني !
اعتبر نفسي وأبناء جيلي ومن قبلنا ومن أتى بعدنا من الأجيال، التي يمكن أن يطلق عليها صفة «الجيل المسكين»، لأن جميع أبناء جيلي عاشوا في زمن صعب جداً من الناحية الاقتصادية والحضارية، وأذكر على سبيل المثال أن وسائل الترفيه ناهيك عن مدن الألعاب لم تكن متوافرة ولو حتى في أيام الأعياد، وما كان يوفر للصغار إن هو إلا ألعاب خشبية داكنة تحطم الضلوع أو دراجات عادية يُؤجرها أصحاب دكاكين إصلاح الدراجات أو بعض الحمير ولمدة يومين أو ثلاثة خلال عيد الفطر المبارك ومثلها في بعض المدن خلال عيد الأضحى. ولا يكون نصيب الطفل من هذه الألعاب البدائية سوى دقائق معدودات حتى يُزجر ويُنهر لإتاحة المجال لغيره من الصغار فينزل مُرغماً وفي نفسه حسرة لا تطاق، وما عدا ذلك فلعب للكرة في الأزقة أو بعض الألعاب الأخرى البدائية التي لا تصلح للأطفال الصغار بقدر ما تصلح للفتيان ومن هم أكبر منهم. أما اليوم فإن الأطفال يمكنهم ولو بنسب متفاوتة وفق قدرة ذويهم، التمتع بأنواع مختلفة من الألعاب الكهربائية ومساحات أوسع من الترفيه البريء التي تحتضنها مدن الألعاب والملاهي، ولكن ذلك كله لم يجعل أطفال الحاضر أكثر سعادة من أطفال الماضي، وهذا ما أراه أمامي في أطفال العائلة وفتيانهم وشبابهم، فقد أصبحت كثرة الألعاب وتنوعها وتكرار زيارتهم لها على مدى أيام العمل لاسيما في العطل الأسبوعية والأعياد والإجازات الصيفية، أصبحت أكثر الألعاب مُملة بالنسبة لبعض الأطفال وإذا لعبوا فيها قليلاً سئموا منها وبحثوا عن شيء جديد.. ونحن نراقب ما يحصل ونتذكر طفولتنا البائسة ونقول لهم: لقد كنا وكنا، فيشيح الطفل بوجهه عنا وكأنه لا يريد أن نشدّه إلى الماضي التعيس «إنما الحاضر أحلى» وهو يريد أن يجد في كل يوم شيئاً جديداً، فإن لم يجد سئم وتأفف وتبرّم. وهكذا هو الإنسان لا يملأ عينه شيء، ولا يملأ جوفه إلا التراب. وكانت الجلسة في الفصول الدراسية على الأرض وفوق الحنابل للشطار والتنابل والفصول مثل جحور الفئران ومياه الشرب في «أزيار فخارية» والعلق يجري فيها والحر شديد فلا مكيفات ولا يحزنون ولا مقصف ولا مرطبات وإنما الجائلون باليغمش والمنتو وحلاوة مُطّو والحاجة مريم باللوز و«الفسفس» الأسود الذي يختلط بالذباب أحياناً والبواكير في ظهورنا شغالة بمناسبة وبلا مناسبة والوعد في الصرفة حيث تشتغل الآلات الحادة من علب الهندسة في أجساد المتصارعين فيُصاب الصغار بالهلع ويمشون في ظل الحائط حتى وصولهم منازلهم ويظلون بعد أن يكبروا يسيرون في ظل الحائط طوال حياتهم وعاشت التربية القديمة!!
اعتبر نفسي وأبناء جيلي ومن قبلنا ومن أتى بعدنا من الأجيال، التي يمكن أن يطلق عليها صفة «الجيل المسكين»، لأن جميع أبناء جيلي عاشوا في زمن صعب جداً من الناحية الاقتصادية والحضارية، وأذكر على سبيل المثال أن وسائل الترفيه ناهيك عن مدن الألعاب لم تكن متوافرة ولو حتى في أيام الأعياد، وما كان يوفر للصغار إن هو إلا ألعاب خشبية داكنة تحطم الضلوع أو دراجات عادية يُؤجرها أصحاب دكاكين إصلاح الدراجات أو بعض الحمير ولمدة يومين أو ثلاثة خلال عيد الفطر المبارك ومثلها في بعض المدن خلال عيد الأضحى. ولا يكون نصيب الطفل من هذه الألعاب البدائية سوى دقائق معدودات حتى يُزجر ويُنهر لإتاحة المجال لغيره من الصغار فينزل مُرغماً وفي نفسه حسرة لا تطاق، وما عدا ذلك فلعب للكرة في الأزقة أو بعض الألعاب الأخرى البدائية التي لا تصلح للأطفال الصغار بقدر ما تصلح للفتيان ومن هم أكبر منهم. أما اليوم فإن الأطفال يمكنهم ولو بنسب متفاوتة وفق قدرة ذويهم، التمتع بأنواع مختلفة من الألعاب الكهربائية ومساحات أوسع من الترفيه البريء التي تحتضنها مدن الألعاب والملاهي، ولكن ذلك كله لم يجعل أطفال الحاضر أكثر سعادة من أطفال الماضي، وهذا ما أراه أمامي في أطفال العائلة وفتيانهم وشبابهم، فقد أصبحت كثرة الألعاب وتنوعها وتكرار زيارتهم لها على مدى أيام العمل لاسيما في العطل الأسبوعية والأعياد والإجازات الصيفية، أصبحت أكثر الألعاب مُملة بالنسبة لبعض الأطفال وإذا لعبوا فيها قليلاً سئموا منها وبحثوا عن شيء جديد.. ونحن نراقب ما يحصل ونتذكر طفولتنا البائسة ونقول لهم: لقد كنا وكنا، فيشيح الطفل بوجهه عنا وكأنه لا يريد أن نشدّه إلى الماضي التعيس «إنما الحاضر أحلى» وهو يريد أن يجد في كل يوم شيئاً جديداً، فإن لم يجد سئم وتأفف وتبرّم. وهكذا هو الإنسان لا يملأ عينه شيء، ولا يملأ جوفه إلا التراب. وكانت الجلسة في الفصول الدراسية على الأرض وفوق الحنابل للشطار والتنابل والفصول مثل جحور الفئران ومياه الشرب في «أزيار فخارية» والعلق يجري فيها والحر شديد فلا مكيفات ولا يحزنون ولا مقصف ولا مرطبات وإنما الجائلون باليغمش والمنتو وحلاوة مُطّو والحاجة مريم باللوز و«الفسفس» الأسود الذي يختلط بالذباب أحياناً والبواكير في ظهورنا شغالة بمناسبة وبلا مناسبة والوعد في الصرفة حيث تشتغل الآلات الحادة من علب الهندسة في أجساد المتصارعين فيُصاب الصغار بالهلع ويمشون في ظل الحائط حتى وصولهم منازلهم ويظلون بعد أن يكبروا يسيرون في ظل الحائط طوال حياتهم وعاشت التربية القديمة!!