محمد علاقي
10-07-2007, 12:11 PM
لم يعرف العصر الأموي أمرأة جمعت بين الجمال والشعر وحسن الحديث وقوة الحجة غير ليلى الأخيلية بنت عبدالله بن الرحال بن شداد بن كعب بن معاوية بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة 0
فإذا كان هذا العصر قد عرف كثير من النساء اللأتي اشتهرن بجمالهن ودلالهن مثل ليلى صاحبة المجنون وريا صاحبة الصمة وعزة صاحبة كثير وبثينة صاحبة جميل فإنه لم يعرف لواحدة من هولاء النساء ماعرف لليلى الأخيلية من حسن المنطق وقوة الشعر وإذا كان الغزل قد شاع وعم في مكة المكرمة والمدينة المنورة والغناء قد واكب ذلك الشعر الغزلي وبرز في ذلك المجتمع كثير من سيدات القوم اللأتي عرفن بجمالهن وحسن حديثهن فإن أولئك عشن في حواضر
الدولة الأموية وهيئ لهن من النعيم والثقافة مالم يهيأ لليلى الأخيلية التي عاشت في بلادقومها بني عقيل في جنوب نجد لقد كانت الجزية العربية في زمن ليلى الأخيلية تعيش تحت حكم واحد هو حكم بني أمية ولكن شتان بين حياة حواضر الحجاز وحياة سكان المناطق الأخرى من الجزيرة العربية 0
علاقتها بتوبة بن حمير ***************************
لقد كانت قبيلة بني عقيل من القبائل المحافظة فهي إحدى قبائل عامر ابن صعصعة التي عرفت بأمجادها ولكن حياة البادية تتيح للفتاة أن ترى فتى أحلامها فقد كان اختلاط الفتيان بالفتيات في المراعي وعلى موارد المياه أمراً تحتمه تلك الحياة وإذا كانت ليلى الأخيلية تجمع من الصفات مايؤهلها لأن تشد إليها الأنظار 0 فلا غرابة أن يتعلق بتلك فتى من بني عقيل يقال له (( توبة بن الحمير )) وتوبة هذا ليس بالشاب الذي تزدريه العين وإنما هو على قدر كبير من الجمال والأدب والشجاعة ومن هنا نشأت العلاقة بين( توبة بن الحمير وليلى الأخيلية ) وكانت علاقة حب يحيطها الشرف وتصونها الثقة وقد كانت ليلى الأخيلية تعجب بتوبة بن الحمير على الرغم ممايقدم عليه من أعمال مشينة وإن كانت تلك الأعمال مستساغة في نظر البادية فهو لايكف عن الغارة والنهب على الرغم من أن الإسلام حرم هذه االأعمال التي هي من بقايا ماكان سائداً في العصر الجاهلي لقد قويت العلاقة بين توبة وليلى الأخيلية فتقدم توبة إلى والد طالباً منه أن يزوجه ابنته ليلى فأبى والد ليلى وزوجها من بني الأدلع 0
ولكن العلاقة بين ليلى وتوبة لم تنقطع وإنما أخذ توبة يزورها ويتحدث إليها وكان زوجها غيوراً عليها فأخذ ينزل في الشعاب البعيدة والتي لاتكون عادة على الطرق العامة 0 وفي ذات ليلة مر رجل من بني كلاب على ذلك الشعب الذي
تنزل فيه وكان قد أنهكه المسير فنزل حيث ينزل الضيف لكنه لم يكلمه أحد فشاهد المرأة وبعض الأطفال وبقي في مكانه وبعد منتصف الليل أقبل زوج ليلى فلما وصل بيته سأل زوجته عن ذلك الر جل فقالت 00
لاأعرفه فقال زوجها لابل إنه أحد خلانك وأخذ يضربها وعندما اشتد الضرب استنجدت بذلك الرجل 0فأقبل بعصاه وضرب زوجها ضرباً شديداً وهرب وهو لا يعرف ذلك الحي 0 وفي الصباح مر على امة ترعى غنماً فسألها عن ذلك الرجل وزوجته فأخبرته وعند ذلك قال الكلابي ::
أل ياليل أخت بني عقيل = أنا الصحمي إن لم تعرفيني
دعتني دعوة فحجزت عنها = بصكات رفعت بها يميني
فإن تك غيرة أبرئك منها =وإن تك قد جننت فذاجنوني
وقد كثرت زيارة توبة لليلى فاشتكى قومها إلى السلطان فاهدردم توبة إن هو زارها فلم يكن من قومها
إلا أن اختبأوا في الطريق الذي يسلكه لزيارة ليلي ولكن ليلى تعرف طريقه أكثر فجلست في طريقه وأنزلت البرقع عن رأسها وعندما رأى ذلك أنكره وانصرف ولم يكلمها وقال في ذلك :
وكنت إذا ماجئت ليلى تبرقعت = فقد رابني منها الغداة سفورها
وذا كانت حياة توبة محفوفة بالمخاطر فإنه يهوى هذا النوع من العيش لقد كان يغير على البلاد القريبة والبعيدة 0 فهو يغير على بني الحارث بن كعب وخثعم وهمدان وكان يزور نساء في تلك البلاد يقول :
أيذهب ريعان الشباب ولم أزر = غرائر من همدان بيضاً نحورها
لكنه دفع ثمن غاراته تلك فقد قتله بنو عوف بن عقيل في هضبة في ديار بني كلاب سنة خمس وسبعين وعندما علمت ليلى بمقتلة رثته بقولها :
قتيل بني عوف وأيصر دونه = قتيل بني عوف قتيل يحابر
توارده سيافهم فكأنما = تصادرن عن أقطاع أبيض باتر
من الهند وانيات في كل قطعة = دم زل عن أثر من السيف ظاهر
أتته المنايا دون زغف حصينة = وأسمرخطي وخوصاء ضامر
وتقول في هذه القصيدة :
وتوبة أحيا من فتاة حييه = وأجرأ من ليث بخفان خادر
ونعم الفتى إن كان توبة فاجراً = وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
فتى ينهل الحاجات ثم يعلها = فيطلعها عنه ثنايا المصادر
كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ = قلائص يفحصن الحصى بالكراكر
ثم تقول :
فأقسمت أبكي بعد توبة هالكاً = وأحفل من نالت صروف المقادر
وقالت ايضاً في رثائه :
أيا عين بكى توبة بن حمير = بسح كفيض الجدول المتفجر
ليتك عليه من خفاجة نسوة =بماء شؤون العبرة المتحدر
سمعن بهيجاً أرهقت فذكرنه = ولا يبعث الأحزان مثل التذكر
كأن فتى الفتيان توبة لم يسر = بنجد ولم يطلع مع المتفور
علاقتها بمالك بن الريب
******************************
لم تكن علاقة ليلى بمالك بن الريب كعلاقتها بتوبة إلا أن مالكاً حاول أن يستميل ليلى الأخيلية فقد مر في أحدالأيام وأخذ يحادثها طويلاً وهي تصغي إليه وتستمع إلى حديثه وفي هذه الأثناء قدم شاب كأنه نصل سيف وهوتوبة بن الحمير فسلم وأخذ يكلم ليلى فانصرفت ليلى عن مالك بن الريب 0 فا غتاظ وأراد أن يهين توبة أمام ليلى فقال مالك لتوبة هل لك في المصارعة 0فقال توبة وما حاجتنا إلى ذلك ولكن مالك ألح عليه فلم يكن من توبة إلا ان قبل ذلك وتصارع الاثنان وكان توبة قد وفق في تلك المصارعة فضرب بمالك بن الريب الأرض حتى ضرط فقام من الأرض مستحياً وانصرف ورحل إلى خراسان وقال لا أقعد ببلاد العرب بعد أن عرفت عني ذلك 00
ومالك بن الريب اشتهر في بلاد العرب بلصوصيته وقطعه الطريق وكان له رفاق منهم شظاظ وهو مولى لبني تميم وأبو حردبة أحد بني أثالة من مازن وغويث أحد بن كعب بن مالك بن حنظلة وفي هولاء يقول الراجز 0
الله نجاك من القصيم = وبطن فلج وبني تميم
ومن أبي حردبة الا ثيم = ومالك وسيفه المسوم
ومن شظاظ الأحمر الزنيم = ومن غويث فاتح العكوم
شاعريتها
**********************قال عنها ابن قتيبة في كتابة الشعر والشعراء :: إنها أشعر النساء لا يقدم عليها إلا الخنساء وابن قتيبة صادق في قوله فليلى دافعت عن زوجها سوار بن أوفي القشيري عندما هجاه النابغة الجعدي فأفحمت النابغة وكان زوجها معروفابالحياء وقد قال فيه النابغة 00
جهلت علي أبن الحيا وظلمتني = وجمعت قولا جاء بيتاً مضللا
وقال النباغة في ابن الحيا قصيدة ذكر فيها كل ما تفتخر به جعدة وذم فيها بني قشير قوم أبن الحيا وفي آخر تلك القصيدة يقول ::
تلك المكارم لاقعبان من لبن شيبا= بماء فعادا بعد أبوالا
فردت عليه ليلى الأخيلية 0
وما كنت لو قاذفت جل عشيرتي = لأذكرقعبي حاز رقد تئملا
فرد عليها النابغة بقوله
ألاحييا ليلى وقولا لها هلا = فقد ركبت أمراً أغر محجلا
بريذينة بل البراذين ثغرها = وقد شربت في اول الصيف أيلا
وقد أكلت بقلاً وخيماً نباته = وقد شربت الأخايل أخيلا
وكيف أهاجي شاعراً رمحه استه= خضيب البنان لايزال مكحلا
ولكن ليلى ردت عليه رداً قاسياً بقولها :
أنابغ لم تنبغ ولم تك أولا = وكنت وشيلا بين لصبين مجهلا
أعيرتني داءً بأمك مثله = وأي حصان لايقال لها هلا
تساور سواراً إلى المجد والعلى = وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
وقد كان هذا الهجاء قاسيا ًعلى بني جعدة فجمعوا أمرهم واتجهوا إلى السلطان ليقتص لهم من ليلى فعندما علمت بذلك
قالت أتاني من الأنباء أن عشيرة = بشوران يزوجون المطي
يروح ويغدووفدهم بصحيفة = ليستجلدوا لي ساء ذلك معملا وفادةليلى على الملوك والأمراء 0
وقد وفدت ليلى الأخيلية على معاوية 0 وكانت أخبارها مع توبة قد تناقلها الناس فسألها معاوية عن توبة فقال أكما يقول الناس عن توبة ؟ فقالت : إن الناس شجرة بغي يحسدون اهل النعم ثم أنشدت قولها في توبة :
بعيد الثرى لايبلغ القوم قعره = ألد ملد يغلب الحق باطله0 فقال معاوية : يزعم الناس انه كان عاهراً خارباً
فقالت : معاذا إلهي كان والله سيداً= جواداً على العلات جماً نوافله
وقد وفدت على عبد الملك بن مروان بعد ماتولى الخلافة وكانت قد كبرت وعجزت فقال لها عبدالملك بن مروان : مارأى توبة فيك حين هويك قالت 0 ما رأه الناس فيك حين ولوك الخلافة فضحك عبد الملك لذلك 0
وإذ كانت ليلى الأخيلية قد وفدت على الخلفاء فإنها قد وفدت على الأمراء والولاة فقد وفدت على الحجاج عندما كان والياً على العراق ومدحته 0
أحجاج إن الله أعطاك غاية = يقصرعنها من أراد مداها
أحجاج لايفلل سلاحك إنما المنايا= بكف الله حيث تراها
إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة ً = تتبع أقصى دائها فشفاها
وبعد أن أنشدت الحجاج قال لحاجبه اذهب فاقطع لسانها فدعا الحاجب الحجام ليقطع لسانها فعندمارأت ليلى ذلك قالت 0 ويلك إنما قال الأمير اقطع لسانها بالصلة والعطاء فرجع الحاجب إلى الحجاج وسأله عن ذلك فاستشاط غضباً وكاد يقطع لسان الحاجب 0
نهايتها 000
بعد وفادة ليلى على الحجاج اتجهت إلى قتبية بن مسلم عندما كان والياً على خراسان وبعدرجوعها من عند قتيبة ماتت في الطريق فدفنت بالري وهناك رواية أخرى تقول إنها مرت بقبر توبة وهي في الهودج فطلبت من زوجها
أن يأذن لها في السلام على قبر توبة فاذن لها فمرت على القبر وهي في هودجها وبعد السلام عليه وانصرافها طارت بومة في وجه الجمل فنفر ورمى بالهودج بمن فيه فسقطت ليلى الأخيلية على رأسها فماتت ودفنت بجانب توبة 00
وهكذا انتهت حياة ليلى الأخيلية التي ملأت الأوساط العربية بأخبارها 00
هذا الموضوع نشر في مجلة الفيصل العدد(28 ) شوال عام 1399هـ 1979 م في شهر سبتمر
مع تحياتي وتقدير ي للجميع 00
محمحد علاقي 000 جدة
فإذا كان هذا العصر قد عرف كثير من النساء اللأتي اشتهرن بجمالهن ودلالهن مثل ليلى صاحبة المجنون وريا صاحبة الصمة وعزة صاحبة كثير وبثينة صاحبة جميل فإنه لم يعرف لواحدة من هولاء النساء ماعرف لليلى الأخيلية من حسن المنطق وقوة الشعر وإذا كان الغزل قد شاع وعم في مكة المكرمة والمدينة المنورة والغناء قد واكب ذلك الشعر الغزلي وبرز في ذلك المجتمع كثير من سيدات القوم اللأتي عرفن بجمالهن وحسن حديثهن فإن أولئك عشن في حواضر
الدولة الأموية وهيئ لهن من النعيم والثقافة مالم يهيأ لليلى الأخيلية التي عاشت في بلادقومها بني عقيل في جنوب نجد لقد كانت الجزية العربية في زمن ليلى الأخيلية تعيش تحت حكم واحد هو حكم بني أمية ولكن شتان بين حياة حواضر الحجاز وحياة سكان المناطق الأخرى من الجزيرة العربية 0
علاقتها بتوبة بن حمير ***************************
لقد كانت قبيلة بني عقيل من القبائل المحافظة فهي إحدى قبائل عامر ابن صعصعة التي عرفت بأمجادها ولكن حياة البادية تتيح للفتاة أن ترى فتى أحلامها فقد كان اختلاط الفتيان بالفتيات في المراعي وعلى موارد المياه أمراً تحتمه تلك الحياة وإذا كانت ليلى الأخيلية تجمع من الصفات مايؤهلها لأن تشد إليها الأنظار 0 فلا غرابة أن يتعلق بتلك فتى من بني عقيل يقال له (( توبة بن الحمير )) وتوبة هذا ليس بالشاب الذي تزدريه العين وإنما هو على قدر كبير من الجمال والأدب والشجاعة ومن هنا نشأت العلاقة بين( توبة بن الحمير وليلى الأخيلية ) وكانت علاقة حب يحيطها الشرف وتصونها الثقة وقد كانت ليلى الأخيلية تعجب بتوبة بن الحمير على الرغم ممايقدم عليه من أعمال مشينة وإن كانت تلك الأعمال مستساغة في نظر البادية فهو لايكف عن الغارة والنهب على الرغم من أن الإسلام حرم هذه االأعمال التي هي من بقايا ماكان سائداً في العصر الجاهلي لقد قويت العلاقة بين توبة وليلى الأخيلية فتقدم توبة إلى والد طالباً منه أن يزوجه ابنته ليلى فأبى والد ليلى وزوجها من بني الأدلع 0
ولكن العلاقة بين ليلى وتوبة لم تنقطع وإنما أخذ توبة يزورها ويتحدث إليها وكان زوجها غيوراً عليها فأخذ ينزل في الشعاب البعيدة والتي لاتكون عادة على الطرق العامة 0 وفي ذات ليلة مر رجل من بني كلاب على ذلك الشعب الذي
تنزل فيه وكان قد أنهكه المسير فنزل حيث ينزل الضيف لكنه لم يكلمه أحد فشاهد المرأة وبعض الأطفال وبقي في مكانه وبعد منتصف الليل أقبل زوج ليلى فلما وصل بيته سأل زوجته عن ذلك الر جل فقالت 00
لاأعرفه فقال زوجها لابل إنه أحد خلانك وأخذ يضربها وعندما اشتد الضرب استنجدت بذلك الرجل 0فأقبل بعصاه وضرب زوجها ضرباً شديداً وهرب وهو لا يعرف ذلك الحي 0 وفي الصباح مر على امة ترعى غنماً فسألها عن ذلك الرجل وزوجته فأخبرته وعند ذلك قال الكلابي ::
أل ياليل أخت بني عقيل = أنا الصحمي إن لم تعرفيني
دعتني دعوة فحجزت عنها = بصكات رفعت بها يميني
فإن تك غيرة أبرئك منها =وإن تك قد جننت فذاجنوني
وقد كثرت زيارة توبة لليلى فاشتكى قومها إلى السلطان فاهدردم توبة إن هو زارها فلم يكن من قومها
إلا أن اختبأوا في الطريق الذي يسلكه لزيارة ليلي ولكن ليلى تعرف طريقه أكثر فجلست في طريقه وأنزلت البرقع عن رأسها وعندما رأى ذلك أنكره وانصرف ولم يكلمها وقال في ذلك :
وكنت إذا ماجئت ليلى تبرقعت = فقد رابني منها الغداة سفورها
وذا كانت حياة توبة محفوفة بالمخاطر فإنه يهوى هذا النوع من العيش لقد كان يغير على البلاد القريبة والبعيدة 0 فهو يغير على بني الحارث بن كعب وخثعم وهمدان وكان يزور نساء في تلك البلاد يقول :
أيذهب ريعان الشباب ولم أزر = غرائر من همدان بيضاً نحورها
لكنه دفع ثمن غاراته تلك فقد قتله بنو عوف بن عقيل في هضبة في ديار بني كلاب سنة خمس وسبعين وعندما علمت ليلى بمقتلة رثته بقولها :
قتيل بني عوف وأيصر دونه = قتيل بني عوف قتيل يحابر
توارده سيافهم فكأنما = تصادرن عن أقطاع أبيض باتر
من الهند وانيات في كل قطعة = دم زل عن أثر من السيف ظاهر
أتته المنايا دون زغف حصينة = وأسمرخطي وخوصاء ضامر
وتقول في هذه القصيدة :
وتوبة أحيا من فتاة حييه = وأجرأ من ليث بخفان خادر
ونعم الفتى إن كان توبة فاجراً = وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
فتى ينهل الحاجات ثم يعلها = فيطلعها عنه ثنايا المصادر
كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ = قلائص يفحصن الحصى بالكراكر
ثم تقول :
فأقسمت أبكي بعد توبة هالكاً = وأحفل من نالت صروف المقادر
وقالت ايضاً في رثائه :
أيا عين بكى توبة بن حمير = بسح كفيض الجدول المتفجر
ليتك عليه من خفاجة نسوة =بماء شؤون العبرة المتحدر
سمعن بهيجاً أرهقت فذكرنه = ولا يبعث الأحزان مثل التذكر
كأن فتى الفتيان توبة لم يسر = بنجد ولم يطلع مع المتفور
علاقتها بمالك بن الريب
******************************
لم تكن علاقة ليلى بمالك بن الريب كعلاقتها بتوبة إلا أن مالكاً حاول أن يستميل ليلى الأخيلية فقد مر في أحدالأيام وأخذ يحادثها طويلاً وهي تصغي إليه وتستمع إلى حديثه وفي هذه الأثناء قدم شاب كأنه نصل سيف وهوتوبة بن الحمير فسلم وأخذ يكلم ليلى فانصرفت ليلى عن مالك بن الريب 0 فا غتاظ وأراد أن يهين توبة أمام ليلى فقال مالك لتوبة هل لك في المصارعة 0فقال توبة وما حاجتنا إلى ذلك ولكن مالك ألح عليه فلم يكن من توبة إلا ان قبل ذلك وتصارع الاثنان وكان توبة قد وفق في تلك المصارعة فضرب بمالك بن الريب الأرض حتى ضرط فقام من الأرض مستحياً وانصرف ورحل إلى خراسان وقال لا أقعد ببلاد العرب بعد أن عرفت عني ذلك 00
ومالك بن الريب اشتهر في بلاد العرب بلصوصيته وقطعه الطريق وكان له رفاق منهم شظاظ وهو مولى لبني تميم وأبو حردبة أحد بني أثالة من مازن وغويث أحد بن كعب بن مالك بن حنظلة وفي هولاء يقول الراجز 0
الله نجاك من القصيم = وبطن فلج وبني تميم
ومن أبي حردبة الا ثيم = ومالك وسيفه المسوم
ومن شظاظ الأحمر الزنيم = ومن غويث فاتح العكوم
شاعريتها
**********************قال عنها ابن قتيبة في كتابة الشعر والشعراء :: إنها أشعر النساء لا يقدم عليها إلا الخنساء وابن قتيبة صادق في قوله فليلى دافعت عن زوجها سوار بن أوفي القشيري عندما هجاه النابغة الجعدي فأفحمت النابغة وكان زوجها معروفابالحياء وقد قال فيه النابغة 00
جهلت علي أبن الحيا وظلمتني = وجمعت قولا جاء بيتاً مضللا
وقال النباغة في ابن الحيا قصيدة ذكر فيها كل ما تفتخر به جعدة وذم فيها بني قشير قوم أبن الحيا وفي آخر تلك القصيدة يقول ::
تلك المكارم لاقعبان من لبن شيبا= بماء فعادا بعد أبوالا
فردت عليه ليلى الأخيلية 0
وما كنت لو قاذفت جل عشيرتي = لأذكرقعبي حاز رقد تئملا
فرد عليها النابغة بقوله
ألاحييا ليلى وقولا لها هلا = فقد ركبت أمراً أغر محجلا
بريذينة بل البراذين ثغرها = وقد شربت في اول الصيف أيلا
وقد أكلت بقلاً وخيماً نباته = وقد شربت الأخايل أخيلا
وكيف أهاجي شاعراً رمحه استه= خضيب البنان لايزال مكحلا
ولكن ليلى ردت عليه رداً قاسياً بقولها :
أنابغ لم تنبغ ولم تك أولا = وكنت وشيلا بين لصبين مجهلا
أعيرتني داءً بأمك مثله = وأي حصان لايقال لها هلا
تساور سواراً إلى المجد والعلى = وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
وقد كان هذا الهجاء قاسيا ًعلى بني جعدة فجمعوا أمرهم واتجهوا إلى السلطان ليقتص لهم من ليلى فعندما علمت بذلك
قالت أتاني من الأنباء أن عشيرة = بشوران يزوجون المطي
يروح ويغدووفدهم بصحيفة = ليستجلدوا لي ساء ذلك معملا وفادةليلى على الملوك والأمراء 0
وقد وفدت ليلى الأخيلية على معاوية 0 وكانت أخبارها مع توبة قد تناقلها الناس فسألها معاوية عن توبة فقال أكما يقول الناس عن توبة ؟ فقالت : إن الناس شجرة بغي يحسدون اهل النعم ثم أنشدت قولها في توبة :
بعيد الثرى لايبلغ القوم قعره = ألد ملد يغلب الحق باطله0 فقال معاوية : يزعم الناس انه كان عاهراً خارباً
فقالت : معاذا إلهي كان والله سيداً= جواداً على العلات جماً نوافله
وقد وفدت على عبد الملك بن مروان بعد ماتولى الخلافة وكانت قد كبرت وعجزت فقال لها عبدالملك بن مروان : مارأى توبة فيك حين هويك قالت 0 ما رأه الناس فيك حين ولوك الخلافة فضحك عبد الملك لذلك 0
وإذ كانت ليلى الأخيلية قد وفدت على الخلفاء فإنها قد وفدت على الأمراء والولاة فقد وفدت على الحجاج عندما كان والياً على العراق ومدحته 0
أحجاج إن الله أعطاك غاية = يقصرعنها من أراد مداها
أحجاج لايفلل سلاحك إنما المنايا= بكف الله حيث تراها
إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة ً = تتبع أقصى دائها فشفاها
وبعد أن أنشدت الحجاج قال لحاجبه اذهب فاقطع لسانها فدعا الحاجب الحجام ليقطع لسانها فعندمارأت ليلى ذلك قالت 0 ويلك إنما قال الأمير اقطع لسانها بالصلة والعطاء فرجع الحاجب إلى الحجاج وسأله عن ذلك فاستشاط غضباً وكاد يقطع لسان الحاجب 0
نهايتها 000
بعد وفادة ليلى على الحجاج اتجهت إلى قتبية بن مسلم عندما كان والياً على خراسان وبعدرجوعها من عند قتيبة ماتت في الطريق فدفنت بالري وهناك رواية أخرى تقول إنها مرت بقبر توبة وهي في الهودج فطلبت من زوجها
أن يأذن لها في السلام على قبر توبة فاذن لها فمرت على القبر وهي في هودجها وبعد السلام عليه وانصرافها طارت بومة في وجه الجمل فنفر ورمى بالهودج بمن فيه فسقطت ليلى الأخيلية على رأسها فماتت ودفنت بجانب توبة 00
وهكذا انتهت حياة ليلى الأخيلية التي ملأت الأوساط العربية بأخبارها 00
هذا الموضوع نشر في مجلة الفيصل العدد(28 ) شوال عام 1399هـ 1979 م في شهر سبتمر
مع تحياتي وتقدير ي للجميع 00
محمحد علاقي 000 جدة