المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطُّموح دائماً جوعان



المعلم
17-06-2007, 01:21 AM
عبدالله الجعيثن
إن لفظة (الطموح) هي في تراثنا العربي (الهمة) وكلما زادت الهمة زاد الهم.. وكلما بَعُدَ مرمى همَّة المرء بَعُدَ رضَاؤه..


السعيد من زادت قدراته على طموحه..

والشقي من زاد طموحه على قدراته..

ويتواصل هذا في مراتب حتى نصل إلى أسعد الناس وهو الذي تفوق قدراته طموحاته بكثير وهو معافى من الخمول والخمود وإنما هو يستخدم قدراته بكامل طاقتها ويبتهج أشد الابتهاج بما تَحقِّقُه تلك القدرات من نتائج مذهلة لم يكن يطمح إليها..

وحتى نصل إلى أشقى الناس وهو من فاقت طموحاتُهُ قدراته الحقيقية بأضعاف الأضعاف، وهو مع هذا مجرد "طلءعة" يتطلع إلى البعيد البعيد ولا يستخدم أيضاً من قدرراته الضعيفة أصلاً.. إلا القليل.. ويلهبه الطموح بسياطه حتى يدمي ظهره ويوجع قلبه ويفجع آماله وهو يظن في نفسه أنه قادر على تحقيق ما يريد، وما يريده صعب شديد وما يملكه من قدرات لا يحقق معشار ما يتطلع إليه، فهذا يعيش الشقاء بعينه ويحس بعقدة الاضطهاد في داخله لأنه يخيل إليه أن قدراته هائلة ومواهبه عظيمة وما لقيه من الحياة والناس لا يساوي عُشر العشر مما يستحق حسب زعمه وظنه في نفسه، وهو ظن واهم كالسراب يحسبه الظمآن ماءً فإذا وجده لم يجد شيئاً والفرق أن الذي يركض نحو لمع السراب يدرك جيداً حين يصل إلى السراب أنه لا ماء هناك وإنما هو السراب والهلاك، أما الذي يعتقد أن مواهبه عظيمة وقدراته هائلة - وهي ليست كذلك في الواقع - فإنه إذا وصل إلى سراب النتائج - وتلك نتيجة طبيعية لقدرته الهزيلة - فإنه لا يعترف بهزال قدرته وضعف موهبته بل يعتبر أن الناس هم الذين يضطهدونه ويمنعونه من بلوغ حقه المحفوظ له والذي لا يوجد أجدر منه به، والناس هنا قد يكونون رؤساءه في العمل أو منافسيه - غير الشرفاء في اعتقاده - في التجارة، أو نحو هذا.. بل قد يلقي اللوم على أقرب الناس إليه كأبيه أو اخوته وربما أمه أيضاً، ولكنه في كل الأحوال لن يعدم شماعة يعلق عليها فشله ويبرر بها عدم تحقق أهدافه وربما تعددت الشماعات من الرؤساء والزملاء والحظ و ... و... لكنه في كل الأحوال يبرئ نفسه ويصر على أنه أجدر من غيره بكذا وكذا فلا ينال من شعوره إلا الشقاء والاحساس بالاضطهاد والسخط على المجتمع والناس.

@@@

ولكن حتى صاحب القدرات الجيدة والمواهب الواضحة إذا كان طموحه أكبر بكثير من قدراته ومواهبه فإنه لا شيء يُرضيه.. ذلك بأن الطموح دائماً جوعان.. بطن الطموح ليس له آخر.. لا يقف عند حد.. ولا يملؤه شيء.. وإنسان مثل هذا مهما حقق وعمل فهو دائماً متوتر قلق، مُتحرِّق وساخط، لا يعرف الرِّضا ولا الاستقرار ولا تدخل نفسه الطمأنينة. ومهما حقق فإنه لا يحس بجمال الذي حققه بل لا يكاد يراه لأنه يتطلع إلى ما هو أبعد منه بكثير فيظل يضرب نفسه بسياط الطموح فينهكها ويكاد يهلكها دون أن يشبع أو يرتوي أو يرضى..

النمر2007
17-06-2007, 02:31 AM
شكرا معلمنا القدير على الموضوع الجميل ويعطيك العافية

المعلم
17-06-2007, 12:27 PM
النمر 2007
بارك الله فيك
والجميل تواجدك
تحيتي لك