المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحاسيس متناثرة ـ بقلم : طه بخيت



أبو رامي
29-12-2002, 10:51 PM
هي سلسلة من المقالات يكتبها الأديب الشاعر طه بخيت كل أسبوع في صفحة تضاريس بجريدة المدينة المنورة .
وسوف أعرضها لكم على حلقات متتابعة ...

أبو رامي
29-12-2002, 10:58 PM
http://www.geocities.com/ahmadza2/ttt.jpg

الحلقة الأولى


مثل الســـــحاب الذي يرعد = أخــــــــــــايله واتبع البراق
اسمع صدى صـــاحبه مبعد = وأقول صــوت الذي نشتاق


استلهام المفردة لتوظيفها شعرا كان أم نثرا يأتي استلطافا لحاسة خفية تذوب في دواخل النفس لتتلاقى مع الشعور التوافقي للمناسبة في لونية تأخذ شكلا من الجمال المطبوع لذلك الاستلطاف وبما يعكس معه لكائن الصورة المتشكلة عنه .
مخرجات من البوح الشعري الجميل وإلا بقي الفرق بين عوالم الشعر والنظم فرقا يصلح لأن يوقع تحته من يشاء .
مقدمة لملامح عن قراءة أصدر بها لمجموعة من الكسرات أخالها من الشعر ولا أحسبها إلا منه .
(1)
خذ ما تشــا من أشايا تروح = لا تقــــــول من بعدها آسف
واترك لنا الـــود باقي روح = اتجـــــــامل القلب وتلاطف

(2)
أشرح لكم عقــــب ما نسيته = وفكــــــــروني عنه ونسيت
ضيعته الفــــــــــــلب ولقيته = وضيـــــعوني بعد ما لقيت

(3)
في ليل صبـحه معي بدري = طلعت به الشمس من دوني
خذ السهر واجعــله عذري = عن قلة النـــــوم في عيوني

أبو رامي
29-12-2002, 11:04 PM
http://www.geocities.com/ahmadza2/ttt.jpg
الحلقة الثانية


وذو الوجد القديم وإن تعزى =مشوق حين يلقى العاشقينا

يتلاقى هذا البيت الشعري الجميل في معناه ومضمونه بنفس الصورة التي تشكلها الكسرة التالية :
اوراعي الشوق يشتاقه = في ليل لا صادف العشاق
يرجــعونه على اشواقه = من أوله لا نسي مشــتاق


وجهان للشعر عاميه وفصيحه .. يلتقيان هنا على مساحة للتعبير اللطيف عن حالة شعورية واحدة . وإن اختلفا في الشكل التركيبي والصياغي الملازم لطبيعة كل منهما تجدهما يمثلان التحرك الوجداني والعاطفي نفسه ، وبذات التشخيص المعبر نتلقاه بعفوية الحس لذات المعنى لا فرق . المهم فيه هو إحداث الدهشة لحظة السماع ليبقى الشعر .خاتمة :
الشكل الثاني لحلاوة العتاب كالشعاع المتسلل عن كوة الضوء يسجل حضوره أول الصباح ليغيب حينما تكبر الشمس .
من معزفات الغرام الحان = يعزف للاشواق مقطوعه
قلبي وتخــــير لها عنوان = قلوب تشــــري ومبيوعه

أبو رامي
29-12-2002, 11:11 PM
http://www.geocities.com/ahmadza2/ttt.jpg

الحلقة الثالثة

يقول الشاعر الكبير يحي السماوي:
من ذا يعلمني الجحود لعلني = سأتوب من عشقي فأوصد بابي

تعب العشق يلاحق الكثيرين ممن أدمنوا هذا الموروث حبا ولهثا وراءه .. ولكنه التعب المحبب إلى النفس ، والجميل إلى محبيه .
ومن الصعب أن توصد الباب في وجهه ، ولكنها لحظة التعب تتغلب فيها أمنيات النسيان ومحاولة التناسي لتتحطم عند أول لقاء لأثر جميل .
والشاعر المحمادي له تأوه طريف . لا أظنه إلا نتاج لحظة من التعب المر التي عنيت :

طرفي تباكى وقلبي شاك = عودت فلبي على الطاعه
يا راحة البـال وين القاك = أريح القـــــــلب لو ساعه

والآخر

شيطان شعري تناحى ومال = عني وانا قلت يا رياحـــه
اليوم لما تصــــــــــافى قال = يا قلوب ما تعرف الراحه


حتى أنت أيتها الكسرة الجميلة جدا بحضورك الدائم لا تغيبين لحظة التعب .. تسجلينه حضورا نحفظه كغناء لا نمله عن ذلك العشق .

أبو رامي
29-12-2002, 11:23 PM
http://www.geocities.com/ahmadza2/ttt.jpg

الحلقة الرابعة
(1ـ2)
وأكتب عن شاعر حظي بالحب واستوطن الإعجاب ،ظل متربعا على كرسيه الفخم سيدا للشعر في زمنه أغفله النشر ، ولم تلقه الذاكرة يدق عالمها الثري بشاعرية تدخل بي بابا للتاريخ ، أقلب في معجم شعرا ئه فأجده واحدا من أولئك الذين لم يردهم حرمانهم لنعمة البعد عن الإبصار الحقيقي والبصيرة النافذة . إنه الشاعر المرحوم أحمد بن سليمان الريفي
ومن ذا الذي لا يعرفه ؟
قامة من الأدب ، وهيئة من الوقار احترمت الشعر فتزين لها صورة تسورت الخيال دون كلفة ، ولونية من الإبداع الأصيل غير المجلوب سرت إلى القلوب عن طريق يغلب الأدب ويصفق للمفردة البكر ، ويعجب للصورة ، ليحوزها إلى الذاكرة والأمر بالحفظ .. عناصر توفرت في شعره ، وتوفرت في كسراته وبما كتب لها البقاء والذيوع .

يا عنــــــــــاد الأيام يكفانا = كفي وعفي ويكــــــــــــــفي كان
جورك يا الأيـــــــام خلانا = عن زايد الحـــــــــال في نقصان

يتفرد بالحكمة التي تجري على شفاه حرفه لغة يختص بها

عادات من خايل المخيول = وشاف رســــــــــــمه على حلياه
هذا حصيله من المحصول = يرمي وســــــــهم الهوى مخطاه

كتابتي عنه أعرف أنها تأتي موافقة لرأي الكثير من محبيه ، وإعجابي به هو نفس الإعجاب الذائع عند الكثيرين منهم .

أبو رامي
29-12-2002, 11:31 PM
الحلقة الرابعة
(2ـ2)
شكل مع رفيق دربه الشاعر الكبير محمد عوده أبو قمله ثنائية رائعة تتسم بحسن البناء الشعري وقوة الرد اعتبرت وقتها الثنائي المضاد لثنائيات عذبة تشكلت من العمالقة ـ عايد والكرنب وذيبان والصيدلاني وأبو مازن ومحمد أبو شعبان وغيرهم .. كتبت الكسرة أبجديات من العشق وغناء من الطرب الجميل .
أكتب مقتطفا لجميل كسراته ، وأترك لشاعرنا " محمد جميل الريفي " نداء يتوافق في لغته مع ما كتبه ونادى به أديبنا " عبد الرحيم مطلق الأحمدي يوجه الدعوة فيه إلى ضرورة جمعه وتوثيقه في ديوان يحمل اسم هذا الشاعر الحكيم

زمان يوم الأشـــــــــايا تهب = بمناسبه والهـــوى نفناف
اللي من الود متقــــــــــــرب = ياما سعى فالغرام وطاف

لعلها ما تجــــــــــــــيني فيك = ازهود الأيـــــام يا بناخي
يا شاد عضدك بعضد آخيك = يوم انه الغـــــير متراخي

أبو رامي
29-12-2002, 11:37 PM
http://www.geocities.com/ahmadza2/ttt.jpg

الحلقة الخامسة

ليلة تعيدني إليك
وتستكتبني لحنا تتداعى معه لحونك صدى يتعشق جدران ( المقرح ) في قريتك سويقة لتماثل المكان رغم اختلاف الزمان .
أيها الرديح الغائب والحاضر الليلة ، تعيدني والمناسبة لأخينا "عبد الله الهومي " كان الرديح ولا أجمل .
اجتمعت له كل عناصر القوة بتكامل كبار شعرائه وأجوائه العابقة برائحة الفل ، والحضور الآنس من بحرية ومحبين ، في ليلة تسيد فيها الشعر غناء بخيلاء الكسرة وارتقاء المفردة إلى جماليات من الانتقاء جسدت لغائبه البعيد ، وبشرت بحاضره الواعد لتخرس التخرص الجزافي باحتضاره في ليال مضت .
هل كان بعثا آخر ؟ أو مولدا جديدا ؟
ربما لا أكتبه مجاملة أشكل حروفها بهذا الاستملاح ، ولا أعزيه لحضور بعض شعرائه الغائبين عنه منذ فترة بقدر ما أؤكد على ما أسلفت من توافر عناصر القوة والندية والتكامل الحضوري وتجليات الرغبة حملت على أكفها عطاء نثر حاسية الشعور بأن يكون ليس بالأدنى لمضامين القبيل كلمة ومعنى ، والمعروف في الرياضيات الحديثة بالتحول الهندسي ، وهو تطبيق تقابلي من المستوى إلى المستوى .
ذلك ما كتب لهذه الليلة من نجاح أشرق بصباحات الثناء والإعجاب أجيره مباركة لصاحب العرس ، وأعد بالوقوف مع مختارات لمجموعة لحونه في القريب .

أبو رامي
29-12-2002, 11:41 PM
http://www.geocities.com/ahmadza2/ttt.jpg

الحلقة السادسة

وقتك والأيـام لا تطمع = تبقى على حــــــــالها وتدوم
كم فرقت قدر ما تجمع= أصحاب في ليامها وخصوم

حقيقة لا مراء فيها ولا جدال حولها . تختصرها الكسرة على مساحة يتكسر فوقها امتداد الصوت إلى البعيد . ليختزل الإطالة المملة والمخلة في نفس الوقت وتضعك على طريق يرتاحه القارئ، ولا يصعب معه الفهم . وهو عادة ما تنتهجه الكسرة ، ومن هنا اكتسبت قطعية الاسم لقابليتها لذلك الاختزال غير المخل بالمعنى وفي أضيق حدود التعبير .
أسلوب لا يتأتى إلا عن قدرة ومكنة لدى الشاعر. وبالمناسبة سئل الشاعر الكبير " محمد أبو شعبان " يرحمه الله ، وهو الشاعر صاحب الأسلوب المميز والمتفرد والذي يعمد فيه دائما إلى خلق حيثيات الابتسام والطرافة معبرا إلى عمق المعنى وسهولة التناول ـ سئل عن سبب تعمده لهذا فأجاب بالعبارة : " ليفهم الفام والفهام " عبارة يسافر بها ليسجل نفس الحضور المرح لهذا الشاعر .
وعلى شاكلته جاءت ضرورة أن تلتزم الكسرة بالاختصار الذي يحمل المعنى على الطريق السهل ولا يبعد بها عن خاصية الشعر في خفة من الظل المنتهز للحظة يقفز بها فوق الحرف جماليات من الصور والإبداع المعبر ليختلف عن عادية النثر .

خاتمة :

بعفوية الشعر لا يغيب " أبو شعبان " عن ملاحته في عشقه للرديح :

سمعت حس الصفا والزير = أقلق منامي وجـينا له
حــزات نمشي وحزه نغير = والكل يبغى صفا باله

أبو رامي
30-12-2002, 12:39 AM
http://www.geocities.com/ahmadza2/ttt.jpg

الحلقة السابعة
الأخ عبد الله الفارسي :

ناديتني من زمان نسيت = قليل من يحفظ أشواقي
يردني للغـــــرام وجيت = أسجــل اللي معي باقي

حالة مصاحبة للفرح بندائك تذيل به زاويتك الموسمة " بفرحة العيد " وبأسلوبك المختصر لمساحة الحب الراقي والأدب الجم لشخصك ، وقدر ما جمعت من حولك أحبابا لك ولقلمك .
تعيدني لهذا الغرام ( الموروث المتأصل ) يستكتبني أحاسيس قلب وتهدل قلم ألملم به ومن حوله أشواق أجفان مهتمة بذلك السهر الجميل يندى في العيون جوابا لسؤال يلوب مخافة النسيان أردد معه " مستحيل أقدر " .
ويبعثني حسا يستلهم العيد دواخل تعرش بالحب لألتقط من تلطفها الشعور القائل :

حلاوة العيــــــد عواده = وبهجـــــــــته في ملايمهم
لا غابت عيون حساده = عن جمعهم والهوى معهم


خاتمة :
أحيانا تكون للحرف لغة أخرى أقدر على التعبير تغرق العين بالحلم الذي يضايقك أن تصحو منه .