المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هات الفلكه ياوازن



المعلم
20-04-2007, 10:44 AM
سعيد السريحي
عدنا ذات يوم من المدرسة.. كان ذلك يوم ان كنا أطفالاً.. (تصوروا كُنّا ذات يوم أطفالاً.. نحن لا نكاد نصدق ذلك.. نسينا أننا كنا أطفالاً يوم أن أصبحنا شباباً ونسينا أننا كنا شباباً يوم أن تخطينا الخمسين.. أصبحنا نعتقد أننا هكذا ولدنا في الخمسين.. أتساءل احياناً عما اذا كان أولادنا يتخيلون أننا كُنّا شباباً في سنهم وعما اذا كان احفادنا يتخيلون اننا كنا اطفالاً مثلهم.. ثم أمنحهم العذر.. هل نحن كنا نتخيل آباءنا اطفالاً ذات يوم.. يتعاركون على ريموت الكونترول؟ بالطبع لا يمكن لسببين أولهما أنه لم يكن في أيامهم تلفزيون حتى يتعاركوا على الريموت وثاني السببين انهم لم يكونوا اطفالاً اصلاً.. نحن وجدناهم رجالاً وربما كانوا متقدمين في السن قليلاً ومن حقنا أن نعتقد أنهم قد ولدوا هكذا.. رجالاً ومتقدمين في السن كذلك.. وليس لأحد أن يطالبنا بغير ما وجدنا عليه آباءنا.. وهذه هي القاعدة التي ينبغي علينا اتباعها في كل شؤون حياتنا.. هكذا وجدنا آباءنا.. فلماذا نطالب بالخروج على هذه القاعدة الذهبية)..
بالمناسبة كدت أن أنسى تقفيلة القوس الذي بدأ في أول سطر في هذا المقال ولكنني أحمد الله ان تذكرته في اللحظة الأخيرة والمشكلة أنني حينما قرأت بداية الموضوع (عدنا ذات يوم من المدرسة..) وجدت نفسي قد نسيت ما كنت أريد أن أكتبه..
حاولت أن أتذكر ذلك ولم أفلح فقلت لنفسي انه امر غير مهم بالتأكيد ولو كان مهماً لما نسيته وأحسست بشيء من الراحة.
ولكنني عدت لأسأل نفسي مرة أخرى والمدعو فرويد يأخذني الى أدخال عجيبة: ربما لأنه أمر مهم جداً يتعلق بأسرار الطفولة نسيته، ربما كان بعض الفضائح التي لا يسمح العقل الواعي بتذكرها فإذا كادت تفلت منه عاد يستردها مرة اخرى الى دائرة الكتمان ويسدل عليها ستار النسيان.
وما دامت ستاير النسيان نزلت بقى لها زمان على رأي أم كلثوم فإن بإمكاني أن أخترع حكاية أخرى تتصل بأيام الطفولة وتبدأ بنفس العبارة فأقول وعلى الله الاتكال:
ذات يوم حين كنّا عائدين من المدرسة لمحنا في الطريق الاستاذ وازن.. والاستاذ وازن لم يكن يدرسنا شيئاً وكانت عنده ثلاث مهام الأولى المرور على الفصول لتسجيل أسماء الغائبين والأخيرة المرور على البيوت لسؤال الأهالي عن سبب غياب أبنائهم، أما المهمة «الوسطانية» وهي الأكثر خطورة فهي مرافقته لمدير المدرسة الشيخ عبيد الله، ذلك الشيخ الجليل الذي كان إذا رأى خطأ فادحاً من أي طالب هتف بوازن: الفلكة يا وازن..
فلكة وازن كانت ميزان الاعتدال الذي نشأنا عليه فإذا ما بدر منا خطأ ونحن في الخمسين من العمر لم نكن نتصور عقاباً غير فلكة وازن.. ولو بقيت فلكة وازن الى اليوم لما ظهر بيننا ارهابي ولا صايع ولا مايع ولا طالب يفكر في ضرب استاذه..
المهم كنا عائدين من المدرسة فرأينا وازن وعندها خفنا.. وانتهت الحكاية.. بس