المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا وزارة التربية.. أهكذا تكون التربية؟



جراح
04-04-2007, 09:41 PM
عبدالرحمن الهرفي ـ أستاذ في جامعة الإمام وكاتب سعودي


مفكرة الإسلام : أعترف أنني تأخرت كثيراً عن التعليق على الخبر الذي أعلنته وزارة التربية والتعليم والمتعلق بالسماح للمدارس الأهلية بالتدريس بأي لغة تريدها والسماح لها أيضاً بتدريس أي مواد تريدها.


أعرف أنه جاء في ذلك الخبر القول إن هذه المناهج يجب أن تتوافق مع سياسة التعليم في المملكة ولكني أعرف أيضاً أن هذا القول لا قيمة له إطلاقاً لأن الذي يتوافق مع سياسة التعليم في بلادنا هو مناهجنا وحدها وليست مناهج مجهولة الهوية يضعها من لا نعرفه ولا نعرف توجهاته الفكرية... والذي أعرفه والمؤكد أن الذي وضع تلك الجملة يعرف أيضاً أن تلك المدارس التي تريد الاستفادة من التسامح العظيم للوزارة لن تضع مناهجها بحسب رؤية الوزارة ولا بحسب سياسة بلادنا التعليمية... ربما واضع تلك الجملة أراد منها أن تكون مخرجاً سهلاً له لكي يقول للآخرين: إن هناك ضوابط قوية لقرارنا فلماذا تخافون؟ اطمئنوا وناموا آمنين. أقول إن تأخري سببه أنني ما كنت لأصدق أن وزارتنا يمكن أن تقوم بهذا العمل الخطير الذي يرفضه العقل والمنطق والواقع التاريخي فضلاً عن الدين وعن وضع المملكة ومكانتها.



ولكن ـ وبكل أسف ـ كان ما سمعته حقاً مؤلماً لكل المخلصين في بلادنا. لعل وزارة التربية أرادت بذلك القرار أن تستجيب لبعض مطالب منظمة التجارة العالمية ومع أهمية انضمام المملكة لهذه المنظمة إلا أن هذه الأهمية يجب ألا تجعل هذه الوزارة ولا سواها تستجيب لقرارات لا تتفق مع مصالحنا ـ أياً كانت ـ وكنا قد سمعنا أن المفاوض السعودي اشترط عدم القبول بأي شروط تخالف ديننا وقيل إن المنظمة استجابت لذلك الشرط، وإذا كانت المسألة هكذا فلماذا تقبل وزارة التربية وهي أهم وزارات الدولة الاستجابة لشرط لا يتفق مع ديننا ومصالحنا بكل أبعادها؟. كان بإمكان الوزارة أن تقبل بوجود مدارس خاصة لأبناء الوافدين يقومون هم بتدريس أولادهم بأي لغة يريدونها كما لهم الحق أن يضعوا أي مناهج يريدونها أيضا... وأعتقد أن هذا سيكون كافياً وملبياً لاحتياجات كل الوافدين لبلادنا وعلى تلك المنظمة أن تقبل بذلك فهذه المنظمة لا علاقة لها ـ ولا ينبغي لها ـ بأبنائنا ولا كيف ندرسهم ولكن ما فعلته الوزارة أمر غير مبرر وغير مقبول.



هذه المنظمة قد تشترط بيع الخمور في بلادنا وفي وضح النهار، وقد تشترط تنظيم عمليات الفحش وسواها فهل نقبل بذلك؟ قد يستغرب البعض إذا قلت إن القبول بتدريس أبنائنا بأي لغة وأي مواد أسهل بكثير من القبول بما أشرت إليه سالفاً لأن الخطر المتوقع سيكون كبيراً ولا قبل لمجتمعنا باحتماله.



ولعلي أشير هنا إلى الضجة الكبيرة التي سبقت السماح بتدريس مادة اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية وكيف أن مجلس الوزراء درس هذا الموضوع طويلاً وأخر تطبيقه حتى يتأكد من فاعليته فإذا كان الأمر هكذا فكيف يتم الصمت على السماح بتدريس كل المواد بتلك اللغة؟ والأسوأ بكثير السماح بتدريس أي شيء لطلابنا طبعا حسب سياسة المملكة التعليمية.



ولعلي أشير كذلك إلى أن هناك أعداداً كبيرة من أساتذة الجامعات السعودية طالبوا بأن تكون اللغة العربية هي لغة التدريس في كل كليات الجامعة أسوة بما تفعله كل الجامعات في العالم ولأهمية تنمية الانتماء للوطن من خلال التصاق الطالب بلغته... وإزاء هذا هل يصح أن نجعل لغة التعليم لأطفالنا لغة أجنبية ولمن سيكون انتماؤهم في المستقبل.



قد تقول الوزارة إن المعني بالأمر هي المدارس الخاصة وحدها وهذه لن يكون لها أي تأثير على واقع البلاد... وهذا القول ـ إن قبل ـ مغالطة مكشوفة.



كم عدد هذه المدارس؟ وكم عدد طلابها الآن؟ وكم سيكون عددهم مستقبلاً؟ الذي أرجحه أن أعداد الطلاب والطالبات في المدارس الأهلية لا تقل عن 10% من أعداد الطلاب في المملكة... وهذه النسبة قد تكون في حدود نصف مليون على الأقل فهل هذا العدد قليل؟ وهل تأثيره السلبي سيكون قليلاً أيضاً؟ ثم كم سيكون هذا العدد مستقبلاً؟ من المتفق عليه ـ إجمالاً ـ أن أي شخص يرتبط بلغة معينة بحيث تصبح لغته الأولى بها يقرأ وبها يكتب ويتحدث فسيرتبط ـ تلقائياً ـ بثقافة أصحاب هذه اللغة ولنا أن نتخيل أن نسبة كبيرة من أبنائنا يتنكرون لثقافتنا وينادون بثقافة أخرى لا تمت لنا بصلة هذا القول، ليس خيالاً ومن يقرأ التاريخ ويتدبر الواقع في أي مكان فسيدرك صحة ما أقول.



أعرف أن هناك من يشذ عن القاعدة العريضة وأعرف بعض هؤلاء ولكني لا أتحدث عن هؤلاء وإنما أتحدث عن القاعدة العريضة التي تتأثر بما تقرأ وبما تسمع من أساتذتها. لهذه المدارس أن تضع أي مناهج تشاء ـ هكذا قالت وزارة التربية ـ ومعروف أن هناك اختلافات جوهرية بين مناهجنا وأي مناهج أخرى أجنبية وهذا الاختلاف ينطلق أساساً من الاختلاف العقدي والاجتماعي والتاريخي فكيف ستتم المواءمة بين عقائد طلابنا وبين ما سيدرسونه في تلك المدارس مخالفاً لما يعتقدونه؟ وكيف سيكونون إذا أعيد تشكيل عقلياتهم بحسب مناهج وأساتذة مدارسهم؟ الأمريكان والغربيون عموماً لا يرون شيئاً في تعاطي المسكرات ولا في ممارسة الفواحش وسيدرسون هذا في مدارسهم (الأهلية) سواء لأبنائهم أو لأبنائنا الموجودين معهم.



الأمريكان والغربيون عموماً يرون الحق للصهاينة في فلسطين وسواها ويرون استعمارهم لبلادنا العربية قديما وحديثا عملاً رائعاً وجميلاً وهم يدرسون هذا لأبنائهم وأيضاً لأبنائنا الذين يجلسون إلى جانبهم فهل نقبل بذلك كله؟ المدارس الأهلية لها الحق أن تدرس بأي لغة - هكذا تريد وزارة التربية - والمتوقع أن تكون اللغة الإنجليزية هي الغالبة في تلك المدارس؛ والسؤال: من القادر - أو القادرة - على التدريس بتلك اللغة؟ طبعاً إذا عرفنا أن كل المواد ستكون بالإنجليزية؟ الإنجليز أو الأمريكان وقلة من سواهم سيكونون هم المدرسين - المدرسات - لأبنائنا - ذكورا وإناثاً - كيف سيتعاطى هؤلاء مع أبنائنا وهم من ثقافات مختلفة جدا؟ كيف سيكون تأثيرهم على هؤلاء وهم في سن يسهل معها التأثير عليهم؟! من يضمن حسن سلوكهم وأخلاقهم؟ أسئلة كثيرة وحائرة لعل عند صانعي ذلك القرار إجابة عليها! قد يقول البعض إن أبناءنا يذهبون إلى بلاد الغرب ويدرسون في جامعاتهم فما الفرق بين هذا وذاك؟ ومع أنني لا أرى التساهل في مسألة الابتعاث إلا في حدود ضيقة وفي تخصصات لا توجد في جامعاتنا إلا أن هناك فروقاً كبيرة بين الحالتين، في المدارس الأهلية أطفال يسهل تشكيل عقولهم، وفي مدارسنا مئات الآلاف من الطلاب وهذا يختلف كثيراً عن طلاب كبار السن قد تشكلت عقولهم في الغالب وأعدادهم قليلة نسبياً.



كيف ستتعامل الوزارة مع هذه المدارس ومناهجها وأساتذتها وطلابها؟ هل سياسة التعليم التي يتحدثون عنها كافية للتعامل مع كل هذه القضايا؟ هل تلك السياسة كافية لحماية أبنائنا من كل الأخطار التي قد يتعرضون لها؟ مرة أخرى: سياسة التعليم في بلادنا لا تنطبق إلا على مناهجنا أفلا يدرك أرباب الوزارة هذه الحقيقة؟ المدارس الأهلية ستدرس بأي لغة فمن سيكون قادراً على التدريس بتلك اللغات؟ من الواضح أن أبناءنا - مدرسين ومدرسات - سيطردون من تلك المدارس وسيهيمون على وجوههم في الطرقات لأن الوزارة لن تجد لهم أماكن في مدارسها وهذا ما نلاحظه الآن حيث الآلاف من خريجي الجامعات لا يجدون لهم عملا.



بعض هؤلاء - على ذمة بعض صحفنا - حاولوا جاهدين أن يجدوا لهم أماكن في مدارس الوزارة لكنهم قوبلوا بالرفض التام وبأسلوب غير لائق؟ هل من مصلحة بلادنا أن تضيف الوزارة أعداداً جديدة إلى العاطلين عن العمل؟ كيف سيصبح هؤلاء وما هي السلبيات المتوقعة التي قد تحدث على بلادنا وعلى نسيجها الاجتماعي؟ كلنا يعرف أخطار البطالة فهل نتجاهل كل ذلك؟ ولماذا؟ كنا نتوقع من الوزارة أن تصلح أوضاعها، مدارسها المنهكة ومبانيها المستأجرة، ومدرسيها الذين يحتاجون إلى تطوير دائم وغير ذلك من القضايا الملحة للتعليم فإذا بها - رحمها الله - تهدينا هذا القرار الذي ما كنا نظن أنها ستفعله مهما كان السبب؟ التعليم شأن يخص كل مواطن وكل مسؤول وليس حكراً على الوزارة وحدها ومن أجل ذلك على كل مواطن ومسؤول أن يتعاطى معه بصورة فاعلة حفاظاً على بلادنا ومجتمعنا من التفكك.. ولعلي هنا أطالب مجلس الشورى أن يكون دوره قوياً وسريعاً في هذه المسألة الحيوية وألا يجعلها تمر على طريقة وزارة التجارة فالمسألة هنا أكثر خطورة.



وأنا أيضاً أثق بمعالي الوزير وأرجو أن يصحح ذلك القرار الذي سيؤثر سلبا على أبنائنا إن لم يتغير فلسنا بحاجة إلى مزيد سوء ولعل قصره على الطلاب الأجانب يكون الحل البديل. وأرجو ألا يأتي من يقول إن الوزارة ستفرض سياستها التعليمية على تلك المدارس بالصيغة التي خرج بها ذلك القرار الغريب، ذلك القول - إن قيل - فهو سيكون على شاكلة تلك الشركة التي أرادت أن تسوق منتجها من الأسماك المستوردة فكتبت عليه: ذبح على الطريقة الإسلامية!! فهل نذبح على تلك الطريقة مرة أخرى؟

المعلم
04-04-2007, 11:07 PM
ما كنت لأصدق أن وزارتنا يمكن أن تقوم بهذا العمل الخطير الذي يرفضه العقل والمنطق والواقع التاريخي فضلاً عن الدين وعن وضع المملكة ومكانتها.

وأنا أيضاً أثق بمعالي الوزير وأرجو أن يصحح ذلك القرار الذي سيؤثر سلبا على أبنائنا إن لم يتغير فلسنا بحاجة إلى مزيد سوء ولعل قصره على الطلاب الأجانب يكون الحل البديل. وأرجو ألا يأتي من يقول إن الوزارة ستفرض سياستها التعليمية على تلك المدارس بالصيغة التي خرج بها ذلك القرار الغريب، ذلك القول - إن قيل - فهو سيكون على شاكلة تلك الشركة التي أرادت أن تسوق منتجها من الأسماك المستوردة فكتبت عليه: ذبح على الطريقة الإسلامية!! فهل نذبح على تلك الطريقة مرة أخرى؟

شكرا ياجراح
تحيتي لك

الشاهين
04-04-2007, 11:15 PM
اولا اهلا اخي الجراح طالت الغيبه افتقدناك ومواضيعك الهادفة ومداخلاتك القيمة .
طبعا نقلك لهذا الموضوع دليل على ماقلت سابقا بارك الله فيك .
امور التربية ومايتعلق بهذه الوزارة تهم جميع اطياف المجتمع .ومانشاهده اليوم من إحداثات ومتغيرات في المسيرة التعليمية حديث الكثير من المجالس ,وبما ان اساس الموضوع تعليق الاستاذ عبدالرحمن الهرفي ـ أستاذ في جامعة الإمام وكاتب سعودي حول المدارس الخاصة والقرارات الجديدة .
هنا اود ان اطرح وجهة نظر حيال التعليق الآنف ذكره .من باب جهد المقل .
تحامل الاستاذ الهرفي على وزارة التربية بشكل ملفت للنظر وسوف احصر مداخلتي في نقاط :
1- هل يظن الاستاذ ان الشعب السعودي ذو ثوابت فضفاضة تتأثر اوغير راسخة الجذور لكي نتأثر في الثقافات والعلوم القادمة لنا ؟
2- حَمَلَ الاستاذ على سياسة التطوير بل رفضهاوهذا ديدن العالم ووصفها بسياسة العولمة بل والصق تحت العولمة مايثير الغيرة على العقيدة والثوابت الايمانية .
3- التهويل من تطورات العصر في شتى امور الحياة وكأن الشعب السعودي يرفض هذا العالم وعلومه او عجزنا عن الاخذ في معطيات العلوم والعولمة وفق مايلائم ديننا الاسلامي الحنيف وعقيدتنا السامية والراسخ في اعماق وجداننا والتي عليها عاش الاباء والاجداد ونحن امتداد لهذا الخط .
4-اذكر الاستاذ ان سياسة دع عقلك ونحن نفكر عنك انتهت وهاهو الوالد القائد خادم البيتين الشريفين يعلن في اكبر تجمع عربي انتقاده للقادة العرب وسياسة التفرد والنظرة الضيقة في هموم المواطن العربي وقضاياه .نعم هذا مانادى وينادي به والدنا عبدالله بن عبدالعزيز منذ توليه مسئولية الامة .ومن هموم المواطن العربي التعليم وسعي كل دولة عربية الحاق بركب العلم وتطوره بعد ان وضح لنا الان الكثير من اخطائنا والتي كان سببها رفض التطور بهذا الجانب الهام في حياة الامة بحجة لانأخذ بعلم من يخالفنا !
5-سوال يفرض نفسه ان لم نأخذ بعلوم الامم والشعوب التي نتقاسم معها الحياة على هذا الكوكب كيف لنا ان نعيش او نتعايش معها ؟هل نصنع لانفسنا كوكب آخر لانسمع سواء مانحب او مايوافقنا على قبول الاشياء ويرفض مانرفض منها؟