المعلم
18-03-2007, 01:23 AM
منيرة ناصر آل سليمان
قالت: استدعتني مَدرسة ابني (يدرس في الصف الثالث بمدرسة أمريكية) لأمر قالوا إنه لا يحتمل التأخير! ذهبت محدثتي على عجل في لهفة وخوف، وجملة من الأسئلة والتوقعات السيئة تعصف بها!
حين وصلت كان هناك اجتماع مهم معد له من قبل أكثر من مسؤول ومسؤولة في المدرسة!! عرضوا عليها رسماً على مسطرة ابنها!! رسم طفل يصوب مسدساً على فتاتين صغيرتين كتب تحتهما الأسماء فهو الذي يصوب المسدس والفتاتان زميلتاه في الصف!!
الموقف كان مرعباً بالنسبة للأم المسلمة، ولمنسوبي المدرسة أمام بعض أنواع العنف التي يخشونها! لكنه كان مؤشراً لهم ليقوموا بما يمكن لهم عمله، حيث استأذن المشرف من الأم كي ينفرد بالصغير ليتفهم الأسباب التي جعلته يعبر عن انفعالاته بهذا التعبير الخطير!! خاصة أنه وإخوته من التلاميذ الجيدين ولم يشكُ منهم أحد! أعادوا المسطرة للصغير بعد أن أخذوا صورة منها! وركزوا ملاحظاتهم ودراساتهم بالنهاية عرفوا مدى سوء سلوك الفتاتين المؤذي للصغير ولغيره، وقد كانتا تحت المراقبة! لكن تمت ملاحظتهما أكثر وتوجيههما، ثم نقلت إحداهن لمدرسة خاصة بمثل حالتها لتتكفل بتقويمها من قبل مدرسين أُعدوا للتعامل مع مثل هذه النوعية من الأطفال! لا تسألوا طبعاً عن ماهية سوء السلوك!! فقد كان مجرد كلام يصدر من طفلة شقية مما يحدث من الصغار عادة، لكنه كان مؤذياً جدا بالقدر الذي دفع الصغير (يوسف) للانتقام منهما ولو على الورق!!
أقول التلاميذ الصغار أما الكبار فلهم شأن آخر!!
دفعني هذا الموقف للتساؤل عن الدلائل التي تصدر من صغارنا سواء في المدرسة أو البيت أو في أي مكان برسم وبغيره التي تعبر عما في دواخلهم من مشاعر مكبوتة في أحايين كثيرة؟ هل شعرنا بهم فعلاً وتأملنا ما تعنيه تلك المؤشرات لنتفهم نفسياتهم ودواخلهم ؟ فالرسوم مثلاً تحكي مشاعر معينة لا يستطيع الطفل التعبير عنها بالكلام، وربما كانت دافعاً لحل مشكلاته النفسية وتوجيه سلوكه بالطبع! بل إن رسومات الطفل ترتبط بقدراته العقلية، وبرغباته الدفينة، كما يقول الخبراء! وما أكثر الدلالات التي تحكي مشاعر الطفل المكبوتة وهي معبرة جدا وكأنها رسائل قصيرة تحتاج فقط لفطنة الآباء والمربين! فحين الطفل ينفر من شخص في محيط العائلة أو المعرفة بدون موقف أو سبب واضح فهذا مؤشر لشيء ما، أو يرفض الذهاب لمكان معين مثلا! ويمكن مراقبة الطفل في لعبه وحكاياته التي يحكيها، وبالطبع حين تتفجر مشاعره المكبوتة في شكل سلوك عدواني غاضب، كلها دلالات لشيء معين متوار عادة.
السؤال الآخر الذي طرأ لي بعيد ذلك الموقف: ماذا بشأن ما يحدث في مدارسنا بين الصغار خاصة؟! بعيداً عن الحلول الوقتية أو فك اشتباكات الطلاب؟ فالأمر يتطلب أن تخضع تلك السلوكيات المزعجة والمؤذية للمراقبة والملاحظة من قبل المعلمين وبالتالي معالجتها بعيداً عن أسلوب التعنيف والتقريع الذي يزيد الأمر تعقيداً؟ خاصة مع وجود بعض الطلاب الذين يبادرون بالعنف في تعاملهم مع الطلاب الأضعف دائماً.. حيث يجدونهم فرصة لفرض سيطرتهم واستعراض قدراتهم! مما يعني أنه لا بد من إنقاذ الطلاب الأضعف قبل أن تُلغى شخصياتهم تماما، بتشجيعهم على إبراز وتقوية شخصياتهم بطرق تربوية معينة كالمشاركة في الأنشطة مثلا.. وبالطبع حمايتهم من تسلط الأقوياء! ولأن مقالتي بدأت بالحديث عن المدرسة الأمريكية أستطيع القول أن أبرز ما يلفت الانتباه في مدارسهم هو تعاملهم مع الطلاب فهم يتعاملون مع الطفل الصغير كإنسان له حقوقه التامة في الاحترام والتقدير، ويعتنون بالجانب النفسي فيه كثيرا. الحقيقة هناك بون شاسع بين احترامهم لعقول أطفالهم (في البيت والمدرسة) ومحاولة دعمهم وبناء شخصياتهم.. وبين تناقص مبادئ الاحترام تجاه أطفالنا ذلك لأننا نراه مجرد طفل لا بد أن يتأدب بالقوة لأي سبب حتى وإن كان محقاً.. ترى كم يوسف بين أطفالنا؟!
قالت: استدعتني مَدرسة ابني (يدرس في الصف الثالث بمدرسة أمريكية) لأمر قالوا إنه لا يحتمل التأخير! ذهبت محدثتي على عجل في لهفة وخوف، وجملة من الأسئلة والتوقعات السيئة تعصف بها!
حين وصلت كان هناك اجتماع مهم معد له من قبل أكثر من مسؤول ومسؤولة في المدرسة!! عرضوا عليها رسماً على مسطرة ابنها!! رسم طفل يصوب مسدساً على فتاتين صغيرتين كتب تحتهما الأسماء فهو الذي يصوب المسدس والفتاتان زميلتاه في الصف!!
الموقف كان مرعباً بالنسبة للأم المسلمة، ولمنسوبي المدرسة أمام بعض أنواع العنف التي يخشونها! لكنه كان مؤشراً لهم ليقوموا بما يمكن لهم عمله، حيث استأذن المشرف من الأم كي ينفرد بالصغير ليتفهم الأسباب التي جعلته يعبر عن انفعالاته بهذا التعبير الخطير!! خاصة أنه وإخوته من التلاميذ الجيدين ولم يشكُ منهم أحد! أعادوا المسطرة للصغير بعد أن أخذوا صورة منها! وركزوا ملاحظاتهم ودراساتهم بالنهاية عرفوا مدى سوء سلوك الفتاتين المؤذي للصغير ولغيره، وقد كانتا تحت المراقبة! لكن تمت ملاحظتهما أكثر وتوجيههما، ثم نقلت إحداهن لمدرسة خاصة بمثل حالتها لتتكفل بتقويمها من قبل مدرسين أُعدوا للتعامل مع مثل هذه النوعية من الأطفال! لا تسألوا طبعاً عن ماهية سوء السلوك!! فقد كان مجرد كلام يصدر من طفلة شقية مما يحدث من الصغار عادة، لكنه كان مؤذياً جدا بالقدر الذي دفع الصغير (يوسف) للانتقام منهما ولو على الورق!!
أقول التلاميذ الصغار أما الكبار فلهم شأن آخر!!
دفعني هذا الموقف للتساؤل عن الدلائل التي تصدر من صغارنا سواء في المدرسة أو البيت أو في أي مكان برسم وبغيره التي تعبر عما في دواخلهم من مشاعر مكبوتة في أحايين كثيرة؟ هل شعرنا بهم فعلاً وتأملنا ما تعنيه تلك المؤشرات لنتفهم نفسياتهم ودواخلهم ؟ فالرسوم مثلاً تحكي مشاعر معينة لا يستطيع الطفل التعبير عنها بالكلام، وربما كانت دافعاً لحل مشكلاته النفسية وتوجيه سلوكه بالطبع! بل إن رسومات الطفل ترتبط بقدراته العقلية، وبرغباته الدفينة، كما يقول الخبراء! وما أكثر الدلالات التي تحكي مشاعر الطفل المكبوتة وهي معبرة جدا وكأنها رسائل قصيرة تحتاج فقط لفطنة الآباء والمربين! فحين الطفل ينفر من شخص في محيط العائلة أو المعرفة بدون موقف أو سبب واضح فهذا مؤشر لشيء ما، أو يرفض الذهاب لمكان معين مثلا! ويمكن مراقبة الطفل في لعبه وحكاياته التي يحكيها، وبالطبع حين تتفجر مشاعره المكبوتة في شكل سلوك عدواني غاضب، كلها دلالات لشيء معين متوار عادة.
السؤال الآخر الذي طرأ لي بعيد ذلك الموقف: ماذا بشأن ما يحدث في مدارسنا بين الصغار خاصة؟! بعيداً عن الحلول الوقتية أو فك اشتباكات الطلاب؟ فالأمر يتطلب أن تخضع تلك السلوكيات المزعجة والمؤذية للمراقبة والملاحظة من قبل المعلمين وبالتالي معالجتها بعيداً عن أسلوب التعنيف والتقريع الذي يزيد الأمر تعقيداً؟ خاصة مع وجود بعض الطلاب الذين يبادرون بالعنف في تعاملهم مع الطلاب الأضعف دائماً.. حيث يجدونهم فرصة لفرض سيطرتهم واستعراض قدراتهم! مما يعني أنه لا بد من إنقاذ الطلاب الأضعف قبل أن تُلغى شخصياتهم تماما، بتشجيعهم على إبراز وتقوية شخصياتهم بطرق تربوية معينة كالمشاركة في الأنشطة مثلا.. وبالطبع حمايتهم من تسلط الأقوياء! ولأن مقالتي بدأت بالحديث عن المدرسة الأمريكية أستطيع القول أن أبرز ما يلفت الانتباه في مدارسهم هو تعاملهم مع الطلاب فهم يتعاملون مع الطفل الصغير كإنسان له حقوقه التامة في الاحترام والتقدير، ويعتنون بالجانب النفسي فيه كثيرا. الحقيقة هناك بون شاسع بين احترامهم لعقول أطفالهم (في البيت والمدرسة) ومحاولة دعمهم وبناء شخصياتهم.. وبين تناقص مبادئ الاحترام تجاه أطفالنا ذلك لأننا نراه مجرد طفل لا بد أن يتأدب بالقوة لأي سبب حتى وإن كان محقاً.. ترى كم يوسف بين أطفالنا؟!