المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في انتظار جلاّد تربوي



المعلم
16-02-2007, 11:30 AM
سعيد السريحي
تساءل صاحبي عما اذا كان اليوم الدراسي، الذي لا يتجاوز خمس ساعات موزّعة بين «جدّ ولعب وضحك وحب»، كفيلاً ان يهيئ التلميذ لعمل يقتضي منه ثماني ساعات في اليوم على اقل تقدير .. ولم يجد صاحبي لتساؤله جواباً.
صاحبي تساءل عن التلميذ الذي يترعرع في المدارس الخاصة التي تعلمه ان الرسوم التي يدفعها والده كفيلة بمنحه حق الحماية من التعرّض للعقاب او التأنيب وتمتعه بميزة التلميذ الاولى بالرعاية اذا انهى دراسته ان يفهم ان للخطأ ثمناً ينبغي عليه ان يدفعه ولا تحميه من ذلك رسوم يدفعها من ميراث ابيه.
صاحبي الذي رسب في الابتدائية مرتين وفي الثانوية مرتين واعاد اختبار خمس مواد حين كان تلميذا في الاعدادية ضرب كفاً بكف ورأساً بجدار وهو يتساءل عما اذا كانت سياسة التشجيع المستمر قادرة على ان تهيئ جيلاً يعرف ان من لا يتقن عمله ويجتهد فيه فإن الرسوب سوف يكون مصيره.
صاحبي يرى ان اصلاح التعليم انما يبدأ باصلاح التربية، وان اصلاح التربية لا يعني اكثر من غرس مفاهيم النجاح والفشل وتأسيسها على قاعدة صلبة من قيم العمل في انفس الطلاب وبدون ذلك لا يمكن للتربية كما لا يمكن للتعليم تنشئة جيل قادر على المشاركة في بناء مشاريع نرجو لها النجاح ونخشى عليها من الفشل او الاندماج في تنمية يرتهن نجاحها لمدى ما نبذله من اخلاص في سبيل العمل من اجل انجاحها.
ويزعم صاحبي ان اهم اصلاح ينبغي ان يعتمد في السياسة التربوية هو ان تعيد الى ذهن التمليذ انه هو الوحيد المسؤول عن اخطائه وهو كذلك الوحيد الذي يتوجب عليه دفع ثمن هذا الخطأ، وبدون ذلك فإن الجيل القادم سوف يستمر على ما اعتاد عليه الجيل الحاضر من تحميل المسؤولية على الآخرين ويبقى فشل انشاء الكوبري مسؤولية المتعهد، وفشل رش بعوض الضنك مسؤولية الشركة المسؤولة عن الرش، ومسؤولية حوادث المعلمات مسؤولية سائقي النقل وانهيار سوق الاسهم مسؤولية الهوامير، وفشلنا في كأس الخليج مسؤولية المدرب الاجنبي وظهور مرض الكبد الوبائي خطأ الماء الذي لم ينظف نفسه جيدا.
ان اعظم مهمة تتصدى لها التربية، في رأي صاحبي، ان تهيئ لنا رجلا قادرا على ان يقف بعزيمة الرجال وقوة الشجعان يضرب بيده على صدره ويقول: اعترف لكم انا المسؤول عن هذا الخطأ.
صاحبي قال والغيظ يأخذ بمجامع كلماته: حين تمر سنة وسنتان وعشر سنوات ثم لا نجد رجلا واحدا او امرأة واحدة قال او قالت: «انا الغلطان ومتأسف» فإن ذلك يعني ان نظامنا التربوي قد فشل في تخريج جيل جدير بالشجاعة والثقة كذلك.
صاحبي لا يتذكر من سنوات دراسته الجامعية شيئاً كما يتذكر جملة قالها استاذه نبيه ياسين عرضاً ذات محاضرة: «لن ينجح النظام التعليمي في العالم العربي حتى يظهر فيه الجلاد التربوي الذي يعلم التلاميذ كيف يدفعون ثمن اخطائهم».
نبيه ياسين، كما يقول صاحبي، بلغ به اليأس ذات مرة ان علق رقبته في مروحة السقف ومات وهو ينتظر الجلاد التربوي الذي لما يظهر بعد.

فيصل الجهني
18-02-2007, 10:20 PM
واعتقد انه لن يظهر هذا الجلاد

الف شكر استاذ مبارك على النقل الرائع
دمت بود

المعلم
19-02-2007, 07:52 AM
شكرا لك
الحبيب فيصل