الشاعر
29-12-2006, 05:40 PM
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يـا خَيـرَ زائِـرٍ
لأمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يـا خَيـرَ زائِـرٍ=عَلَيكَ سَـلامُ اللهِ فـي عَرَفـاتِ
وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِـرًا=وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَمـاتِ
عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجـازِ مَلائِـكٌ=تَـزُفُّ تَحايـا اللهِ وَالبَرَكـاتِ
إِذا حُدِيَت عيسُ المُلـوكِ فَإِنَّهُـمْ=لِعيسِكَ في البَيداءِ خَيـرُ حُـداةِ
لَدى البابِ جِبريلُ الأَمينُ بِراحِـهِ=رَسائِـلُ رَحمانِيَّـةُ النَفَـحـاتِ
وَفي الكَعبَةِ الغَرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّـبٌ=بِكَعبَـةِ قُصّـادٍ وَرُكـنِ عُفـاةِ
وَما سَكَبَ الميزابُ مـاءً وَإِنَّمـا=أَفاضَ عَلَيكَ الأَجرَ وَالرَحَمـاتِ
وَزَمزَمُ تَجري بَينَ عَينَيكَ أَعيُنًـا=مِنَ الكَوثَرِ المَعسولِ مُنفَجِـراتِ
وَيَرمونَ إِبليسَ الرَجيمَ فَيَصطَلـي=وَشانيكَ نيرانًـا مِـنَ الجَمَـراتِ
يُحَيّيكَ طَهَ في مَضاجِـعِ طُهـرِهِ=وَيَعلَمُ ما عالَجتَ مِـن عَقَبـاتِ
وَيُثني عَلَيكَ الراشِدونَ بِصالِـحٍ=وَرُبَّ ثَناءٍ مِـن لِسـانِ رُفـاتِ
لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُمْ=لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصـاتِ
أَرى الناسَ أَصنافًا وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ=إِلَيكَ انتَهَوا مِن غُربَـةٍ وَشَتـاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ=لَدَيكَ وَلا الأَقـدارُ مُختَلِفـاتِ
عَنَت لَكَ في التُربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ=يَدينُ لَها العاتي مِـنَ الجَبَهـاتِ
مُنَوِّرَةٌ كَالبَدرِ شَمّـاءُ كَالسُّهـا=وَتُخفَضُ في حَقٍّ وَعِنـدَ صَـلاةِ
وَيا رَبِّ لَو سَخَّرتَ ناقَةَ صالِـحٍ=لِعَبدِكَ ما كانَت مِنَ السَلِسـاتِ
وَيا رَبِّ هَل سَيّـارَةٌ أَو مَطـارَةٌ=فَيَدنو بَعيـدُ البيـدِ وَالفَلَـواتِ
وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ=وَفي العُمرِ ما فيهِ مِـنَ الهَفَـواتِ
وَتَشهَدُ ما آذَيتُ نَفسًا وَلَم أَضِـر=وَلَم أَبغِ في جَهري وَلا خَطَراتـي
وَلا غَلَبَتنـي شِقـوَةٌ أَو سَعـادَةٌ=عَلـى حِكمَـةٍ آتَيتَنـي وَأَنـاةِ
وَلا جالَ إِلّا الخَيرُ بَينَ سَرائِـري=لَدى سُـدَّةٍ خَيرِيَّـةِ الرَغَبـاتِ
وَلا بِتُّ إِلّا كَابنِ مَريَـمَ مُشفِقًـا=عَلى حُسَّدي مُستَغفِـرًا لِعِداتـي
وَلا حُمِّلَت نَفسٌ هَوىً لِبِلادِهـا=كَنَفسِيَ في فِعلـي وَفـي نَفَثاتـي
وَإِنّي وَلا مَـنٌّ عَلَيـكَ بِطاعَـةٍ=أُجِلُّ وَأُغلي في الفُروضِ زَكاتـي
أُبالِغُ فيها وَهـيَ عَـدلٌ وَرَحمَـةٌ=وَيَترُكُها النُسّاكُ فـي الخَلَـواتِ
وَأَنتَ وَلِيُّ العَفوِ فَامـحُ بِناصِـعٍ=مِنَ الصَفحِ ما سَوَّدتُ مِن صَفَحاتي
وَمَن تَضحَكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَـرِر=يَمُت كَقَتيلِ الغيـدِ بِالبَسَمـاتِ
وَرَكِبَ كَإِقبالِ الزَمـانِ مُحَجَّـلٍ=كَريمِ الحَواشي كابِـرِ الخُطُـواتِ
يَسيرُ بِأَرضٍ أَخرَجَت خَيـرَ أُمَّـةٍ=وَتَحتَ سَماءِ الوَحيِ وَالسُوَراتِ
يُفيضُ عَلَيها اليُمنَ فـي غَدَواتِـهِ=وَيُضفي عَلَيها الأَمنَ في الرَوَحاتِ
إِذا زُرتَ بعد البيت قَبـرَ مُحَمَّـدٍ=وَقَبَّلتَ مَثوى الأَعظَمِ العَطِـراتِ
وَفاضَت مَعَ الدَمعِ العُيونُ مَهابَـةً=لِأحمَدَ بَيـنَ السِتـرِ وَالحُجُـراتِ
وَأَشرَقَ نورٌ تَحـتَ كُـلِّ ثَنِيَّـةٍ=وَضاعَ أَريجٌ تَحتَ كُـلِّ حَصـاةِ
لِمُظهِرِ ديـنِ اللهِ فَـوقَ تَنوفَـةٍ=وَباني صُروحِ المَجدِ فَـوقَ فَـلاةِ
فَقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَـلٍ=أَبُثُّكَ ما تَدري مِـنَ الحَسَـراتِ
شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِهـا=كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ
بِأَيمانِهِـمْ نـورانِ ذِكـرٌ وَسُنَّـةٌ=فَما بالُهُمْ في حالِـكِ الظُلُمـاتِ
وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِمْ وَفَخارِهِـمْ=فَما ضَرَّهُمْ لَـو يَعمَلـونَ لِآتـي
وَهَذا زَمـانٌ أَرضُـهُ وَسَمـاؤُهُ=مَجـالٌ لِمِقـدامٍ كَبيـرِ حَيـاةِ
مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَأوا=بَوارِجَ فـي الأَبـراجِ مُمتَنِعـاتِ
فَقُل رَبِّ وَفِّـق لِلعَظائِـمِ أُمَّتـي=وَزَيِّن لَها الأَفعـالَ وَالعَزَمـاتِ
لأمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يـا خَيـرَ زائِـرٍ=عَلَيكَ سَـلامُ اللهِ فـي عَرَفـاتِ
وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِـرًا=وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَمـاتِ
عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجـازِ مَلائِـكٌ=تَـزُفُّ تَحايـا اللهِ وَالبَرَكـاتِ
إِذا حُدِيَت عيسُ المُلـوكِ فَإِنَّهُـمْ=لِعيسِكَ في البَيداءِ خَيـرُ حُـداةِ
لَدى البابِ جِبريلُ الأَمينُ بِراحِـهِ=رَسائِـلُ رَحمانِيَّـةُ النَفَـحـاتِ
وَفي الكَعبَةِ الغَرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّـبٌ=بِكَعبَـةِ قُصّـادٍ وَرُكـنِ عُفـاةِ
وَما سَكَبَ الميزابُ مـاءً وَإِنَّمـا=أَفاضَ عَلَيكَ الأَجرَ وَالرَحَمـاتِ
وَزَمزَمُ تَجري بَينَ عَينَيكَ أَعيُنًـا=مِنَ الكَوثَرِ المَعسولِ مُنفَجِـراتِ
وَيَرمونَ إِبليسَ الرَجيمَ فَيَصطَلـي=وَشانيكَ نيرانًـا مِـنَ الجَمَـراتِ
يُحَيّيكَ طَهَ في مَضاجِـعِ طُهـرِهِ=وَيَعلَمُ ما عالَجتَ مِـن عَقَبـاتِ
وَيُثني عَلَيكَ الراشِدونَ بِصالِـحٍ=وَرُبَّ ثَناءٍ مِـن لِسـانِ رُفـاتِ
لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُمْ=لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصـاتِ
أَرى الناسَ أَصنافًا وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ=إِلَيكَ انتَهَوا مِن غُربَـةٍ وَشَتـاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ=لَدَيكَ وَلا الأَقـدارُ مُختَلِفـاتِ
عَنَت لَكَ في التُربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ=يَدينُ لَها العاتي مِـنَ الجَبَهـاتِ
مُنَوِّرَةٌ كَالبَدرِ شَمّـاءُ كَالسُّهـا=وَتُخفَضُ في حَقٍّ وَعِنـدَ صَـلاةِ
وَيا رَبِّ لَو سَخَّرتَ ناقَةَ صالِـحٍ=لِعَبدِكَ ما كانَت مِنَ السَلِسـاتِ
وَيا رَبِّ هَل سَيّـارَةٌ أَو مَطـارَةٌ=فَيَدنو بَعيـدُ البيـدِ وَالفَلَـواتِ
وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ=وَفي العُمرِ ما فيهِ مِـنَ الهَفَـواتِ
وَتَشهَدُ ما آذَيتُ نَفسًا وَلَم أَضِـر=وَلَم أَبغِ في جَهري وَلا خَطَراتـي
وَلا غَلَبَتنـي شِقـوَةٌ أَو سَعـادَةٌ=عَلـى حِكمَـةٍ آتَيتَنـي وَأَنـاةِ
وَلا جالَ إِلّا الخَيرُ بَينَ سَرائِـري=لَدى سُـدَّةٍ خَيرِيَّـةِ الرَغَبـاتِ
وَلا بِتُّ إِلّا كَابنِ مَريَـمَ مُشفِقًـا=عَلى حُسَّدي مُستَغفِـرًا لِعِداتـي
وَلا حُمِّلَت نَفسٌ هَوىً لِبِلادِهـا=كَنَفسِيَ في فِعلـي وَفـي نَفَثاتـي
وَإِنّي وَلا مَـنٌّ عَلَيـكَ بِطاعَـةٍ=أُجِلُّ وَأُغلي في الفُروضِ زَكاتـي
أُبالِغُ فيها وَهـيَ عَـدلٌ وَرَحمَـةٌ=وَيَترُكُها النُسّاكُ فـي الخَلَـواتِ
وَأَنتَ وَلِيُّ العَفوِ فَامـحُ بِناصِـعٍ=مِنَ الصَفحِ ما سَوَّدتُ مِن صَفَحاتي
وَمَن تَضحَكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَـرِر=يَمُت كَقَتيلِ الغيـدِ بِالبَسَمـاتِ
وَرَكِبَ كَإِقبالِ الزَمـانِ مُحَجَّـلٍ=كَريمِ الحَواشي كابِـرِ الخُطُـواتِ
يَسيرُ بِأَرضٍ أَخرَجَت خَيـرَ أُمَّـةٍ=وَتَحتَ سَماءِ الوَحيِ وَالسُوَراتِ
يُفيضُ عَلَيها اليُمنَ فـي غَدَواتِـهِ=وَيُضفي عَلَيها الأَمنَ في الرَوَحاتِ
إِذا زُرتَ بعد البيت قَبـرَ مُحَمَّـدٍ=وَقَبَّلتَ مَثوى الأَعظَمِ العَطِـراتِ
وَفاضَت مَعَ الدَمعِ العُيونُ مَهابَـةً=لِأحمَدَ بَيـنَ السِتـرِ وَالحُجُـراتِ
وَأَشرَقَ نورٌ تَحـتَ كُـلِّ ثَنِيَّـةٍ=وَضاعَ أَريجٌ تَحتَ كُـلِّ حَصـاةِ
لِمُظهِرِ ديـنِ اللهِ فَـوقَ تَنوفَـةٍ=وَباني صُروحِ المَجدِ فَـوقَ فَـلاةِ
فَقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَـلٍ=أَبُثُّكَ ما تَدري مِـنَ الحَسَـراتِ
شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِهـا=كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ
بِأَيمانِهِـمْ نـورانِ ذِكـرٌ وَسُنَّـةٌ=فَما بالُهُمْ في حالِـكِ الظُلُمـاتِ
وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِمْ وَفَخارِهِـمْ=فَما ضَرَّهُمْ لَـو يَعمَلـونَ لِآتـي
وَهَذا زَمـانٌ أَرضُـهُ وَسَمـاؤُهُ=مَجـالٌ لِمِقـدامٍ كَبيـرِ حَيـاةِ
مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَأوا=بَوارِجَ فـي الأَبـراجِ مُمتَنِعـاتِ
فَقُل رَبِّ وَفِّـق لِلعَظائِـمِ أُمَّتـي=وَزَيِّن لَها الأَفعـالَ وَالعَزَمـاتِ