أديب الشبكشي
18-12-2006, 12:25 AM
حوار بين النبي (ص) وإبليس
عن معاذ بن جبلعنة عن بن عباس رضى الله عنهما قال : كنا مع رسول الله في بيت رجل من الأنصار في جماعة فنادى مناد .. يا أهل المنزل أتأذنون لي بالدخول ولكم إلي حاجة ؟
قال رسول الله (ص) : أتعلمون من المنادي ؟
فقالوا : الله ورسوله أعلم .
قال رسول الله (ص) : هذا إبليس اللعين لعنة الله عليه .
فقال عمر بن الخطاب : أتأذن لي يا رسول الله أن أقتله ؟
فقال النبي (ص) : مهلا يا عمر أما علمت أنه من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ؟ ولكن افتحوا له الباب فإنه مأمور فافهموا عنه ما يقول وأسمعوا منه ما يحدثكم .
قال بن عباس : ففتح له الباب فدخل علينا فإذا هو شيخ أعور كوسج وفي لحيته سبع شعرات كشعر الفرس الكبير ، وأنيابه خارجة كأنياب الخنزير وشفتاه كشفتي الثور .
فقال : السلام عليك يا محمد السلام عليكم يا جماعة المسلمين .
فقال النبي (ص) : السلام لله يا لعين ، قد سمعت حاجتك ، ما هي ؟
فقال له إبليس : يا محمد ما جئتك اختيارا ولكن جئتك اضطرارا .
فقال النبي (ص) : وما الذي أضطرك يا لعين ؟
فقال: أتاني ملك من عند رب العزة فقال إن الله تعالى يأمرك أن تأتي لمحمد وأنت صاغر ذليل متواضع وتخبره كيف مكرك ببني آدم وكيف إغواؤك لهم وتصدقه في أي شئ يسألك فوعزتي وجلالي لئن كذبته بكذبة واحدة ولم تصدقه لأجعلنك رماداً تذروه الرياح ولأشمتن الأعداء بك ، وقد جئتك يا محمد كما أمرت فاسأل عما شئت فإن لم أصدقك فيما سألتني عنه شمتت بي الأعداء وما شيء أصعب من شماتة الأعداء .
فقال رسول الله (ص) : إن كنت صادقا فاخبرني من ابغض الناس إليك ؟
فقال : أنت يا محمد أبغض خلق الله إلي ومن هو على مثلك .
فقال النبي (ص) : ماذا تبغض أيضاً ؟
فقال : شاب تقي وهب نفسه لله تعالى .
قال : ثم من ؟
قال : عالم ورع .
قال : ثم من ؟
قال : من يداوم على الطهارة .
قال : ثم من ؟
قال : قال فقير صبور إذا لم يصف فقره لأحد ولم يشك ضره .
قال : وما يدرك أنه صبور؟
قال : يا محمد إذا شكا ضره لمخلوق مثله ثلاثة أيام لم يكتب الله له عمل .
قال : ثم من ؟
قال : غنى شاكر .
فقال النبي (ص) : وما يدريك أنه شكور ؟
قال : إذا رأيته يأخذه من حله ويضعه في حله .
قال : كيف يكون حالك إذا قامت أمتي إلي الصلاة ؟
قال : يا محمد تلحقني الحمة والرعدة .
قال : ولم يا لعين ؟
قال : إن العبد إذا سجد لله سجدة رفعه الله درجة .
قال : فإذا صاموا ؟
قال : أكون مقيداً حتى يفطروا .
قال : فإذا حجوا ؟
قال : أكون مجنونا .
قال : فإذا قرءوا القرآن ؟
قال : أذوب كما يذوب الرصاص على النار .
قال : فإن تصدقوا .
قال : فكأنما يأخذ المتصدق المنشار فيجعلني قطعتين .
فقال له النبي (ص) : لما ذلك يا أبا مرة ؟
قال: فإن في الصدقة أربع خصال .. وهي أن الله تعالي ينزل في ماله البركة ويحببه إلى حياته ويجعل صدقته حجاباً بينه وبين النار ويدفع بها عنه العاهات والبلايا .
فقال له النبي (ص) : فما تقول في أبي بكر ؟
قال : يا محمد لم يطعني في الجاهلية فكيف يطعني في الإسلام ؟!
فقال له : فما تقول في عمر بن الخطاب ؟
قال : والله ما لقيته إلا وهربت منه .
قال : فما تقول في عثمان بن عفان ؟
قال : استحي ممن استحت منه ملائكة الرحمن .
قال : فما تقول في علي بن أبي طالب ؟
قال : ليتني سلمت منه رأساً برأس ويتركني وأتركه ولكنه لم يفعل ذلك قط .
قال رسول الله : الحمد لله الذي أسعد أمتي وأشقاك إلي يوم معلوم .
فقال له إبليس اللعين : هيهات هيهات وأين سعادة أمتك وأنا حي لا أموت إلى يوم معلوم ؟ وكيف تفرح على أمتك وأنا أدخل عليهم في مجاري الدم واللحم وهم لا يروني فوالذي خلقني وانظرني إلى يوم يبعثون لأغوينهم أجمعين جاهلهم وعالمهم وأميهم وقارئهم وفاجرهم وعابدهم إلا عباد الله المخلصين .
قال : ومن هم المخلصون عندك ؟
قال : أما علمت يا محمد أن من احب الدرهم والدينار ليس بمخلص لله تعالى ، وإذا رأيت الرجل لا يحب الدرهم والدينار ولا يحب المدح والثناء علمت أنه مخلص لله تعالى فتركته ، وأن العبد مادام يحب المال والثناء وقلبه متعلق بشهوات الدنيا فإنه أطوع مما أصف لكم ؟ أما علمت أن حب المال من أكبر الكبائر يا محمد ، أما علمت أن حب الرياسة من أكبر الكبائر ، وأن التكبر من أكبر الكبائر يا محمد ، أما علمت أن لي سبعين ألف ولد ، ولكل ولد منهم سبعون ألف شيطان فمنهم من قد وكلته بالعلماء ومنهم قد وكلته بالشباب ومنهم من وكلته بالمشايخ ومنهم من وكلته بالعجائز ، أما الشبان فليس بيننا وبينهم خلاف وأما الصبيان فيلعبون بهم كيف شاءوا ، ومنهم من قد وكلته بالعباد ومنهم من قد وكلته بالزهاد فيدخلون عليهم فيخرجوهم من حال إلى حال ومن باب إلى باب حتى يسبوهم بسبب من الأسباب فآخذ منهم الإخلاص وهم يعبدون الله تعالى بغير إخلاص وما يشعرون ، أما علمت يا محمد أن برصيص الراهب أخلص لله سبعين سنة كان يعافي بدعوته كل من كان سقيماً فلم اتركه حتى زنى وقتل وكفر وهو الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز بقوله تعالى
"كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين" .
أما علمت يا محمد أن الكذب مني وأنا أول من كذب ومن كذب فهو صديقي ، ومن حلف بالله كاذباً فهو حبيبي . أما علمت يا محمد أني حلفت لآدم وحواء بالله إني لكما لمن الناصحين فاليمين الكاذبة سرور قلبي ، والغيبة والنميمة فاكهتي وفرحي وشهادة الزور قرة عيني ورضاي ، ومن حلف بالطلاق يوشك أن يأثم ولو كان مرة واحدة ولو كان صادقاً فإنه من عود لسانه بالطلاق حرمت عليه زوجته . ثم لا يزالون يتناسلون إلى يوم القيامة فيكونون كلهم أولاد زنا فيدخلون النار من أجل كلمة .
يا محمد إن من أمتك من يؤخر الصلاة ساعة فساعة كلما يريد أن يقوم إلى الصلاة لزمته فأوسوس له وأقول له الوقت باق وأنت في شغل حتى يؤخرها ويصليها في غير وقتها فيضرب بها في وجهه فإن هو غلبني أرسلت إليه واحدة من شياطين الإنس تشغله عن وقتها فإن غلبني في ذلك تركته حتى إذا كان في الصلاة قلت له انظر يميناً وشمالاً فينظر فعند ذلك أمسح بيدي على وجهه وأقبل ما بين عينيه أقول له قد أتيت ملا يصح أبداً وأنت تعلم يا محمد من أكثر الالتفات في الصلاة يضرب وإذا صلى وحده أمرته بالعجلة فينقرها كما ينقر الديك الحبة ويبادر بها فإن غلبني وصلى في الجماعة ألجمته بلجام ثم أرفع رأسه قبل الإمام وأضعه قبل الإمام وأنت تعلم أن من فعل ذلك بطلت صلاته ، ويمسخ الله رأسه رأس حمار يوم القيامة فإن غلبني في ذلك أمرته أن يفرقع أصابعه في الصلاة حتى يكون من المسبحين لي وهو في الصلاة ، فإن غلبني في ذلك نفخت في أنفه حتى يتثاءب وهو في الصلاة فإن لم يضع يده على فيه دخل الشيطان في جوفه فيزداد بذلك حرصاً في الدنيا وحباً لها ويكون سميعاً مطيعاً لنا ، وأي سعادة لأمتك وأنا آمر المسكين أن يدع الصلاة وأقول ليست عليك صلاة إنما هي على الذي أنعم الله عليه بالعافية لأن الله تعالي يقول "ولا على المريض حرج" وإذا أفقت صليت ما عليك حتى يموت كافراً فإذا مات تاركاً للصلاة وهو في مرضه لقي الله تعالى وهو غضبان عليه . وإن كنت كذبت أو زغت فاسأل الله أن يجعلني رمادا . يا محمد أتفرح بأمتك وأنا أخرج سدس أمتك من الإسلام ؟!
فقال النبي : يا لعين من جليسك ؟
فقال : آكل الربا .
قال : فمن صديقك ؟
قال : الزاني .
قال : فمن ضجيعك ؟
قال : السكران .
قال : فمن ضيفك ؟
قال : السارق .
قال : فمن رسولك ؟
قال : الساحر .
قال : فما قرة عينيك ؟
قال : الحلف بالطلاق .
قال : من حبيبك ؟
قال : تارك صلاة الجمعة .
فقال له : يا لعين فما يكسر ظهرك ؟
قال : صهيل الخيل في سبيل الله .
قال : فما يذيب جسمك ؟
قال : توبة التائب .
قال : فما ينضح كبدك ؟
قال : كثرة الاستغفار لله تعالى بالليل والنهار .
قال : فما يخزي وجهك ؟
قال : صدقة السر .
قال : فما يطمس عينك ؟
قال : صلاة الفجر .
قال : فما يقمع رأسك ؟
قال : كثرة الصلاة في الجماعة .
قال : فمن أسعد الناس عندك ؟
قال : تارك الصلاة عامدا .
قال : فأي الناس أشقي عندك ؟
قال : البخلاء .
قال : فما يشغلك عن عملك ؟
قال : مجالس العلماء .
قال : فكيف تأكل ؟
قال : بشمالي وإصبعي .
قال : فأين تستظل أولادك في وقت الحرور والسموم ؟
قال : تحت أظفار الإنسان .
قال النبي (ص) : فكم سألت من ربك حاجة ؟
قال : عشرة أشياء .
قال : فما هي يا لعين ؟
قال : سألته أن يشركني في بني آدم في مالهم وولدهم فأشركني فيهم وذلك قول الله تعالى "وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا" وكل مال لا يزكى فإني آكل منه وآكل من كل طعام خالطه الربا والحرام ، وكل مال لا يتعوذ عليه من الشيطان الرجيم ، وكل من لا يتعوذ عند الجماع إذا جامع زوجته فإن الشيطان يجامع معه فيأتي الولد سامعاً ومطيعاً ، لقوله تعالى "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" .
وسألته أن يجعل لي بيتاً فكان الحمام لي بيتاً .
وسألته أن يجعل لي مسجداً فكان الأسواق .
وسألته أن يجعل لي قرآناً فكان الشعر .
وسألته أن يجعل لي ضجيعاً فكان السكران .
وسألته أن يجعل لي أعواناً فكان القدرية .
وسألته أن يجعل لي إخواناً فكان الذين ينفقون أموالهم في المعصية ، ثم تلا قوله تعالى "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" .
فقال النبي : لولا أتيتني بتصديق كل قول بآية من كتاب الله تعالى ما صدقتك .
قال : يا محمد سألت الله تعالى أن أرى بني آدم وهم لا يروني فأجراني على عروقهم مجرى الدم أجول بنفسي كيف شئت وإن شئت في ساعة واحدة ، فقال الله تعالى لك ما سألت ، وأنا أفتخر بذلك إلى يوم القيامة ، وإن من معي أكثر ممن معك وأكثر ذرية آدم معي إلي يوم القيامة ، وإن لي ولداً سميته عتمة يبول في أذن العبد إذا نام عن صلاة العتمة ، ولولا ذلك ما وجد الناس نوماً حتى يؤدوا الصلاة ، وإن لي ولداً سميته المتقاضي فإذا عمل العبد طاعة سراً وأراد أن يكتمها لا يزال يتقاضى به بين الناس حتى يخبر بها الناس فيمحوا الله تعالى تسعة وتسعين ثواباً من مائة ثواب ، وإن لي ولداً سميته كحيلاً وهو الذي يكحل عيون الناس في مجلس العلماء وعند خطبة الخطيب حتى يناموا عند سماع كلام العلماء فلا يكتب لهم ثوابا أبداً ، وما من امرأة تخرج إلا قعد شيطان عند مؤخرها وشيطان يقعد في حجرها يزينها للناظرين ويقولان لها : اخرجي يدك فتخرج يدها ثم تبرز ظفرها فتهتك .
ثم قال : يا محمد ليس لي من الإضلال شيء إنما موسوس ومزين ولو كان الإضلال بيدي ما تركت أحداً على وجه الأرض ممن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا صائما ولا مصلياً ، كما أنه ليس لك من الهداية شيء بل أنت رسول ومبلغ ولو كانت بيدك ما تركت على وجه الأرض كافراً ، وإنما أنت حجة الله تعالي على خلقه ، وأنا سبب لمن سبقت له الشقاوة . والسعيد من أسعده الله في بطن أمه والشقي من أشقاه الله في بطن أمه .
فقرأ رسول الله قوله تعالى : "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك" .
ثم قرأ : "وكان أمر الله قدرا مقدورا" .
ثم قال النبي (ص) : يا أبا مرة هل لك أن تتوب وترجع إلى الله تعالى وأنا أضمن لك الجنة ؟
فقال له : يا رسول الله قد قضي الأمر وجف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فسبحان من جعلك سيد الأنبياء المرسلين وخطيب أهل الجنة فيها وخصك واصطفاك ، وجعلني سيد الأشقياء وخطيب أهل النار وأنا أشقى مطروداً وهذا آخر ما أخبرتك عنه وقد صدقت فيه .
عن معاذ بن جبلعنة عن بن عباس رضى الله عنهما قال : كنا مع رسول الله في بيت رجل من الأنصار في جماعة فنادى مناد .. يا أهل المنزل أتأذنون لي بالدخول ولكم إلي حاجة ؟
قال رسول الله (ص) : أتعلمون من المنادي ؟
فقالوا : الله ورسوله أعلم .
قال رسول الله (ص) : هذا إبليس اللعين لعنة الله عليه .
فقال عمر بن الخطاب : أتأذن لي يا رسول الله أن أقتله ؟
فقال النبي (ص) : مهلا يا عمر أما علمت أنه من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ؟ ولكن افتحوا له الباب فإنه مأمور فافهموا عنه ما يقول وأسمعوا منه ما يحدثكم .
قال بن عباس : ففتح له الباب فدخل علينا فإذا هو شيخ أعور كوسج وفي لحيته سبع شعرات كشعر الفرس الكبير ، وأنيابه خارجة كأنياب الخنزير وشفتاه كشفتي الثور .
فقال : السلام عليك يا محمد السلام عليكم يا جماعة المسلمين .
فقال النبي (ص) : السلام لله يا لعين ، قد سمعت حاجتك ، ما هي ؟
فقال له إبليس : يا محمد ما جئتك اختيارا ولكن جئتك اضطرارا .
فقال النبي (ص) : وما الذي أضطرك يا لعين ؟
فقال: أتاني ملك من عند رب العزة فقال إن الله تعالى يأمرك أن تأتي لمحمد وأنت صاغر ذليل متواضع وتخبره كيف مكرك ببني آدم وكيف إغواؤك لهم وتصدقه في أي شئ يسألك فوعزتي وجلالي لئن كذبته بكذبة واحدة ولم تصدقه لأجعلنك رماداً تذروه الرياح ولأشمتن الأعداء بك ، وقد جئتك يا محمد كما أمرت فاسأل عما شئت فإن لم أصدقك فيما سألتني عنه شمتت بي الأعداء وما شيء أصعب من شماتة الأعداء .
فقال رسول الله (ص) : إن كنت صادقا فاخبرني من ابغض الناس إليك ؟
فقال : أنت يا محمد أبغض خلق الله إلي ومن هو على مثلك .
فقال النبي (ص) : ماذا تبغض أيضاً ؟
فقال : شاب تقي وهب نفسه لله تعالى .
قال : ثم من ؟
قال : عالم ورع .
قال : ثم من ؟
قال : من يداوم على الطهارة .
قال : ثم من ؟
قال : قال فقير صبور إذا لم يصف فقره لأحد ولم يشك ضره .
قال : وما يدرك أنه صبور؟
قال : يا محمد إذا شكا ضره لمخلوق مثله ثلاثة أيام لم يكتب الله له عمل .
قال : ثم من ؟
قال : غنى شاكر .
فقال النبي (ص) : وما يدريك أنه شكور ؟
قال : إذا رأيته يأخذه من حله ويضعه في حله .
قال : كيف يكون حالك إذا قامت أمتي إلي الصلاة ؟
قال : يا محمد تلحقني الحمة والرعدة .
قال : ولم يا لعين ؟
قال : إن العبد إذا سجد لله سجدة رفعه الله درجة .
قال : فإذا صاموا ؟
قال : أكون مقيداً حتى يفطروا .
قال : فإذا حجوا ؟
قال : أكون مجنونا .
قال : فإذا قرءوا القرآن ؟
قال : أذوب كما يذوب الرصاص على النار .
قال : فإن تصدقوا .
قال : فكأنما يأخذ المتصدق المنشار فيجعلني قطعتين .
فقال له النبي (ص) : لما ذلك يا أبا مرة ؟
قال: فإن في الصدقة أربع خصال .. وهي أن الله تعالي ينزل في ماله البركة ويحببه إلى حياته ويجعل صدقته حجاباً بينه وبين النار ويدفع بها عنه العاهات والبلايا .
فقال له النبي (ص) : فما تقول في أبي بكر ؟
قال : يا محمد لم يطعني في الجاهلية فكيف يطعني في الإسلام ؟!
فقال له : فما تقول في عمر بن الخطاب ؟
قال : والله ما لقيته إلا وهربت منه .
قال : فما تقول في عثمان بن عفان ؟
قال : استحي ممن استحت منه ملائكة الرحمن .
قال : فما تقول في علي بن أبي طالب ؟
قال : ليتني سلمت منه رأساً برأس ويتركني وأتركه ولكنه لم يفعل ذلك قط .
قال رسول الله : الحمد لله الذي أسعد أمتي وأشقاك إلي يوم معلوم .
فقال له إبليس اللعين : هيهات هيهات وأين سعادة أمتك وأنا حي لا أموت إلى يوم معلوم ؟ وكيف تفرح على أمتك وأنا أدخل عليهم في مجاري الدم واللحم وهم لا يروني فوالذي خلقني وانظرني إلى يوم يبعثون لأغوينهم أجمعين جاهلهم وعالمهم وأميهم وقارئهم وفاجرهم وعابدهم إلا عباد الله المخلصين .
قال : ومن هم المخلصون عندك ؟
قال : أما علمت يا محمد أن من احب الدرهم والدينار ليس بمخلص لله تعالى ، وإذا رأيت الرجل لا يحب الدرهم والدينار ولا يحب المدح والثناء علمت أنه مخلص لله تعالى فتركته ، وأن العبد مادام يحب المال والثناء وقلبه متعلق بشهوات الدنيا فإنه أطوع مما أصف لكم ؟ أما علمت أن حب المال من أكبر الكبائر يا محمد ، أما علمت أن حب الرياسة من أكبر الكبائر ، وأن التكبر من أكبر الكبائر يا محمد ، أما علمت أن لي سبعين ألف ولد ، ولكل ولد منهم سبعون ألف شيطان فمنهم من قد وكلته بالعلماء ومنهم قد وكلته بالشباب ومنهم من وكلته بالمشايخ ومنهم من وكلته بالعجائز ، أما الشبان فليس بيننا وبينهم خلاف وأما الصبيان فيلعبون بهم كيف شاءوا ، ومنهم من قد وكلته بالعباد ومنهم من قد وكلته بالزهاد فيدخلون عليهم فيخرجوهم من حال إلى حال ومن باب إلى باب حتى يسبوهم بسبب من الأسباب فآخذ منهم الإخلاص وهم يعبدون الله تعالى بغير إخلاص وما يشعرون ، أما علمت يا محمد أن برصيص الراهب أخلص لله سبعين سنة كان يعافي بدعوته كل من كان سقيماً فلم اتركه حتى زنى وقتل وكفر وهو الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز بقوله تعالى
"كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين" .
أما علمت يا محمد أن الكذب مني وأنا أول من كذب ومن كذب فهو صديقي ، ومن حلف بالله كاذباً فهو حبيبي . أما علمت يا محمد أني حلفت لآدم وحواء بالله إني لكما لمن الناصحين فاليمين الكاذبة سرور قلبي ، والغيبة والنميمة فاكهتي وفرحي وشهادة الزور قرة عيني ورضاي ، ومن حلف بالطلاق يوشك أن يأثم ولو كان مرة واحدة ولو كان صادقاً فإنه من عود لسانه بالطلاق حرمت عليه زوجته . ثم لا يزالون يتناسلون إلى يوم القيامة فيكونون كلهم أولاد زنا فيدخلون النار من أجل كلمة .
يا محمد إن من أمتك من يؤخر الصلاة ساعة فساعة كلما يريد أن يقوم إلى الصلاة لزمته فأوسوس له وأقول له الوقت باق وأنت في شغل حتى يؤخرها ويصليها في غير وقتها فيضرب بها في وجهه فإن هو غلبني أرسلت إليه واحدة من شياطين الإنس تشغله عن وقتها فإن غلبني في ذلك تركته حتى إذا كان في الصلاة قلت له انظر يميناً وشمالاً فينظر فعند ذلك أمسح بيدي على وجهه وأقبل ما بين عينيه أقول له قد أتيت ملا يصح أبداً وأنت تعلم يا محمد من أكثر الالتفات في الصلاة يضرب وإذا صلى وحده أمرته بالعجلة فينقرها كما ينقر الديك الحبة ويبادر بها فإن غلبني وصلى في الجماعة ألجمته بلجام ثم أرفع رأسه قبل الإمام وأضعه قبل الإمام وأنت تعلم أن من فعل ذلك بطلت صلاته ، ويمسخ الله رأسه رأس حمار يوم القيامة فإن غلبني في ذلك أمرته أن يفرقع أصابعه في الصلاة حتى يكون من المسبحين لي وهو في الصلاة ، فإن غلبني في ذلك نفخت في أنفه حتى يتثاءب وهو في الصلاة فإن لم يضع يده على فيه دخل الشيطان في جوفه فيزداد بذلك حرصاً في الدنيا وحباً لها ويكون سميعاً مطيعاً لنا ، وأي سعادة لأمتك وأنا آمر المسكين أن يدع الصلاة وأقول ليست عليك صلاة إنما هي على الذي أنعم الله عليه بالعافية لأن الله تعالي يقول "ولا على المريض حرج" وإذا أفقت صليت ما عليك حتى يموت كافراً فإذا مات تاركاً للصلاة وهو في مرضه لقي الله تعالى وهو غضبان عليه . وإن كنت كذبت أو زغت فاسأل الله أن يجعلني رمادا . يا محمد أتفرح بأمتك وأنا أخرج سدس أمتك من الإسلام ؟!
فقال النبي : يا لعين من جليسك ؟
فقال : آكل الربا .
قال : فمن صديقك ؟
قال : الزاني .
قال : فمن ضجيعك ؟
قال : السكران .
قال : فمن ضيفك ؟
قال : السارق .
قال : فمن رسولك ؟
قال : الساحر .
قال : فما قرة عينيك ؟
قال : الحلف بالطلاق .
قال : من حبيبك ؟
قال : تارك صلاة الجمعة .
فقال له : يا لعين فما يكسر ظهرك ؟
قال : صهيل الخيل في سبيل الله .
قال : فما يذيب جسمك ؟
قال : توبة التائب .
قال : فما ينضح كبدك ؟
قال : كثرة الاستغفار لله تعالى بالليل والنهار .
قال : فما يخزي وجهك ؟
قال : صدقة السر .
قال : فما يطمس عينك ؟
قال : صلاة الفجر .
قال : فما يقمع رأسك ؟
قال : كثرة الصلاة في الجماعة .
قال : فمن أسعد الناس عندك ؟
قال : تارك الصلاة عامدا .
قال : فأي الناس أشقي عندك ؟
قال : البخلاء .
قال : فما يشغلك عن عملك ؟
قال : مجالس العلماء .
قال : فكيف تأكل ؟
قال : بشمالي وإصبعي .
قال : فأين تستظل أولادك في وقت الحرور والسموم ؟
قال : تحت أظفار الإنسان .
قال النبي (ص) : فكم سألت من ربك حاجة ؟
قال : عشرة أشياء .
قال : فما هي يا لعين ؟
قال : سألته أن يشركني في بني آدم في مالهم وولدهم فأشركني فيهم وذلك قول الله تعالى "وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا" وكل مال لا يزكى فإني آكل منه وآكل من كل طعام خالطه الربا والحرام ، وكل مال لا يتعوذ عليه من الشيطان الرجيم ، وكل من لا يتعوذ عند الجماع إذا جامع زوجته فإن الشيطان يجامع معه فيأتي الولد سامعاً ومطيعاً ، لقوله تعالى "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" .
وسألته أن يجعل لي بيتاً فكان الحمام لي بيتاً .
وسألته أن يجعل لي مسجداً فكان الأسواق .
وسألته أن يجعل لي قرآناً فكان الشعر .
وسألته أن يجعل لي ضجيعاً فكان السكران .
وسألته أن يجعل لي أعواناً فكان القدرية .
وسألته أن يجعل لي إخواناً فكان الذين ينفقون أموالهم في المعصية ، ثم تلا قوله تعالى "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" .
فقال النبي : لولا أتيتني بتصديق كل قول بآية من كتاب الله تعالى ما صدقتك .
قال : يا محمد سألت الله تعالى أن أرى بني آدم وهم لا يروني فأجراني على عروقهم مجرى الدم أجول بنفسي كيف شئت وإن شئت في ساعة واحدة ، فقال الله تعالى لك ما سألت ، وأنا أفتخر بذلك إلى يوم القيامة ، وإن من معي أكثر ممن معك وأكثر ذرية آدم معي إلي يوم القيامة ، وإن لي ولداً سميته عتمة يبول في أذن العبد إذا نام عن صلاة العتمة ، ولولا ذلك ما وجد الناس نوماً حتى يؤدوا الصلاة ، وإن لي ولداً سميته المتقاضي فإذا عمل العبد طاعة سراً وأراد أن يكتمها لا يزال يتقاضى به بين الناس حتى يخبر بها الناس فيمحوا الله تعالى تسعة وتسعين ثواباً من مائة ثواب ، وإن لي ولداً سميته كحيلاً وهو الذي يكحل عيون الناس في مجلس العلماء وعند خطبة الخطيب حتى يناموا عند سماع كلام العلماء فلا يكتب لهم ثوابا أبداً ، وما من امرأة تخرج إلا قعد شيطان عند مؤخرها وشيطان يقعد في حجرها يزينها للناظرين ويقولان لها : اخرجي يدك فتخرج يدها ثم تبرز ظفرها فتهتك .
ثم قال : يا محمد ليس لي من الإضلال شيء إنما موسوس ومزين ولو كان الإضلال بيدي ما تركت أحداً على وجه الأرض ممن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا صائما ولا مصلياً ، كما أنه ليس لك من الهداية شيء بل أنت رسول ومبلغ ولو كانت بيدك ما تركت على وجه الأرض كافراً ، وإنما أنت حجة الله تعالي على خلقه ، وأنا سبب لمن سبقت له الشقاوة . والسعيد من أسعده الله في بطن أمه والشقي من أشقاه الله في بطن أمه .
فقرأ رسول الله قوله تعالى : "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك" .
ثم قرأ : "وكان أمر الله قدرا مقدورا" .
ثم قال النبي (ص) : يا أبا مرة هل لك أن تتوب وترجع إلى الله تعالى وأنا أضمن لك الجنة ؟
فقال له : يا رسول الله قد قضي الأمر وجف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فسبحان من جعلك سيد الأنبياء المرسلين وخطيب أهل الجنة فيها وخصك واصطفاك ، وجعلني سيد الأشقياء وخطيب أهل النار وأنا أشقى مطروداً وهذا آخر ما أخبرتك عنه وقد صدقت فيه .