المعلم
30-11-2006, 12:01 PM
سعد بن فهد القحطاني - سراة عبيدة
ينظم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، اللقاء السادس للمركز وهو بعنوان: التعليم .. الواقع وسبل التطوير، والذي يعقد في منطقة الجوف. تتردد منذ فترة ليست بالقصيرة دعوة لتطوير مناهج التعليم في المملكة، ومثل هذه الدعوة ليست امراً جديداً فدائماً ما يردد الخبراء والمتخصصون والعلماء مثل هذه الدعوة على أساس ان المعرفة الانسانية في حالة سيولة مستمرة، وتجدد وتطور ولما كانت مناهج التعليم هي الوعاء الذي يحتوي القدر المطلوب من المعرفة وما يترتب بها مما يجب ان يستوعبه ابناؤها. كان من المهم ان تكون المناهج مستعدة دائماً للتطوير. واذا كانت دعوة مثل هؤلاء الخبراء المتخصصين. قد لا تلقى استجابة بالمرة، وقد تلقى استجابة جزئية، وعندما تنطلق من مسؤولين كبار وقادة بوزارة التربية والتعليم ( وهذا ما نرجوه)، فهذا مؤشر على اننا امام قول فصل دعوة بغرض التطبيق والتنفيذ مما يستوجب علينا ان نسارع في المساهمة في مثل هذا الجهد المنشود، كل وفق القدرة والطاقة. وبداية، فإن اي جهد رسمي يخطو خطوة، مهما قصرت على طريق تطوير التعليم، فلابد وان تقابل منا بالترحيب والمؤازرة، لكن هذا لا يمنعنا - من باب المؤازرة - ان نقوم بتوضيح بعض النقاط، التي لا نزعم انها تغيب عن اصحاب القرار. ولكننا نستهدف التذكير بها، والالحاح على ضرورة اخذها بعين الاعتبار ومنهج التعليم، في العرف التربوي، هو ما يمكن تسميته “بقلب العملية التعليمية المعركة الاساسية - معركتنا ضد التخلف، والركض على طريق مجتمع المعرفة ومن ثم يرى كثيرون ان أولى الخطوات التي يجب ان تتخذ على طريق تطوير التعليم، هي الخاصة بتطوير المناهج. لكن المشكلة التي قد تكون غائبة هنا اننا في كثير من الاحيان نتعامل مع “المنهج” باعتباره هو “ المقرر” وهو الأمر الذي بح صوت اصحاب الاختصاص في التنبيه الى خطورة هذا التصور، حيث يختزل التطوير، بناء على هذا، في اختصار عدد المقررات في حذف اجزاء من هذا المقرر أو ذاك ودون ان نبث روح يأس وقنوط، فإن السير على هذا الطريق، يمكن ألا يؤدي بنا الى تحقيق ما نأمل .. لماذا؟ هذا هو ما نحاول بيانه.. فالمنهج “ منظومة” متكاملة من عناصر شتى، والمقرر هو أحدها وليس كلها، حيث يضم المنهج ايضاً “ طريقة التعليم” ووسائط هذا التعليم من تقنيات تربوية. وكذلك عملية “التقويم” وما لم يقم تعاملنا مع المنهج بهذا التصور العلمي الذي يقول به اهل الاختصاص، فحصيلة التطوير لن تكون بالنوعية التي نريد، ولا بالقدر الذي نتصور. وليت الامر يقتصر على هذا .. فأهل القانون كثيراً ما يرددون بأن قانوناً ظالماً في يد قاض عادل أفضل من قانون عادل في يد قاض ظالم.. ترجمة هذا في مجال التعليم اننا قد نحسن هندسة وبناء وتخطيط المنهج .. لكن من الذي سيترجمه عملاً؟ انه المعلم..!! فماذا لو كان هذا المعلم لا يرتقي في مستوى اعداده وتكوينه وأخلاقياته الى المستوى الذي يمكنه من ان يترجم المنهج في صورة مفاهيم تدخل نسيج عقل الطلاب، وقيم توجه سلوكهم، ومهارات يكتسبونها فيحسنون التعامل مع عناصر الحياة التي يحبونها. وهكذا نجد ان الاقتصار على تطوير مناهج التعليم، دون تطوير المعلم نفسه، يمكن ان يبدد كل الجهود المبذولة على هذا الطريق واذا جئت الى ساحة المعلم، لا نستطيع ان نقف عند حد “ التكوين” المهني والعلمي والثقافي، اذ لا بد ان نتطرق الى “حالته” الاقتصادية والاجتماعية. ومعنى هذا اننا اذا قلنا ان المسألة ليس “مقرراً” فحسب وانما هي “ معلم” كذلك فإننا نضيف الى هذا انها “البيئة المدرسية بكل عناصرها ومفرداتها، من مبنى ومرافق وساحات ومواقع عمل وممارسة الانشطة المختلفة. وهكذا، اذا تتبعنا مراحل وخطوات وعناصر العملية التعليمية فسوف نجد اننا امام “شبكة” ضخمة من العناصر والعلاقات والمراحل المتداخلة المتشابكة، بحيث يصعب عليك ان تحاول الاقتصار على عنصر منها دون باقي العناصر وتطويرها.. أمر يكاد ان يدخل في باب المستحيل، فما العمل؟ الحل يكمن في ضرورة توافر رؤية كلية واضحة مدروسة دراسة علمية متأنية، متعددة الرؤى، تجتمع عليها عقول عدة تحاول أن تجيب على هذا السؤال المصيري. ماذا نريد من التعليم ان يفعله لانسان هذه الأمة حاضراً ومستقبلا ً ؟. عند توافر هذه الرؤية، يمكن ان نرتب أولويات التطوير والاصلاح، ونبدأ بأيها أهمية واكثرها حاجة والحاحاً، ويسير التطوير وفق مراحل متدرجة وليست متأنية.
ينظم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، اللقاء السادس للمركز وهو بعنوان: التعليم .. الواقع وسبل التطوير، والذي يعقد في منطقة الجوف. تتردد منذ فترة ليست بالقصيرة دعوة لتطوير مناهج التعليم في المملكة، ومثل هذه الدعوة ليست امراً جديداً فدائماً ما يردد الخبراء والمتخصصون والعلماء مثل هذه الدعوة على أساس ان المعرفة الانسانية في حالة سيولة مستمرة، وتجدد وتطور ولما كانت مناهج التعليم هي الوعاء الذي يحتوي القدر المطلوب من المعرفة وما يترتب بها مما يجب ان يستوعبه ابناؤها. كان من المهم ان تكون المناهج مستعدة دائماً للتطوير. واذا كانت دعوة مثل هؤلاء الخبراء المتخصصين. قد لا تلقى استجابة بالمرة، وقد تلقى استجابة جزئية، وعندما تنطلق من مسؤولين كبار وقادة بوزارة التربية والتعليم ( وهذا ما نرجوه)، فهذا مؤشر على اننا امام قول فصل دعوة بغرض التطبيق والتنفيذ مما يستوجب علينا ان نسارع في المساهمة في مثل هذا الجهد المنشود، كل وفق القدرة والطاقة. وبداية، فإن اي جهد رسمي يخطو خطوة، مهما قصرت على طريق تطوير التعليم، فلابد وان تقابل منا بالترحيب والمؤازرة، لكن هذا لا يمنعنا - من باب المؤازرة - ان نقوم بتوضيح بعض النقاط، التي لا نزعم انها تغيب عن اصحاب القرار. ولكننا نستهدف التذكير بها، والالحاح على ضرورة اخذها بعين الاعتبار ومنهج التعليم، في العرف التربوي، هو ما يمكن تسميته “بقلب العملية التعليمية المعركة الاساسية - معركتنا ضد التخلف، والركض على طريق مجتمع المعرفة ومن ثم يرى كثيرون ان أولى الخطوات التي يجب ان تتخذ على طريق تطوير التعليم، هي الخاصة بتطوير المناهج. لكن المشكلة التي قد تكون غائبة هنا اننا في كثير من الاحيان نتعامل مع “المنهج” باعتباره هو “ المقرر” وهو الأمر الذي بح صوت اصحاب الاختصاص في التنبيه الى خطورة هذا التصور، حيث يختزل التطوير، بناء على هذا، في اختصار عدد المقررات في حذف اجزاء من هذا المقرر أو ذاك ودون ان نبث روح يأس وقنوط، فإن السير على هذا الطريق، يمكن ألا يؤدي بنا الى تحقيق ما نأمل .. لماذا؟ هذا هو ما نحاول بيانه.. فالمنهج “ منظومة” متكاملة من عناصر شتى، والمقرر هو أحدها وليس كلها، حيث يضم المنهج ايضاً “ طريقة التعليم” ووسائط هذا التعليم من تقنيات تربوية. وكذلك عملية “التقويم” وما لم يقم تعاملنا مع المنهج بهذا التصور العلمي الذي يقول به اهل الاختصاص، فحصيلة التطوير لن تكون بالنوعية التي نريد، ولا بالقدر الذي نتصور. وليت الامر يقتصر على هذا .. فأهل القانون كثيراً ما يرددون بأن قانوناً ظالماً في يد قاض عادل أفضل من قانون عادل في يد قاض ظالم.. ترجمة هذا في مجال التعليم اننا قد نحسن هندسة وبناء وتخطيط المنهج .. لكن من الذي سيترجمه عملاً؟ انه المعلم..!! فماذا لو كان هذا المعلم لا يرتقي في مستوى اعداده وتكوينه وأخلاقياته الى المستوى الذي يمكنه من ان يترجم المنهج في صورة مفاهيم تدخل نسيج عقل الطلاب، وقيم توجه سلوكهم، ومهارات يكتسبونها فيحسنون التعامل مع عناصر الحياة التي يحبونها. وهكذا نجد ان الاقتصار على تطوير مناهج التعليم، دون تطوير المعلم نفسه، يمكن ان يبدد كل الجهود المبذولة على هذا الطريق واذا جئت الى ساحة المعلم، لا نستطيع ان نقف عند حد “ التكوين” المهني والعلمي والثقافي، اذ لا بد ان نتطرق الى “حالته” الاقتصادية والاجتماعية. ومعنى هذا اننا اذا قلنا ان المسألة ليس “مقرراً” فحسب وانما هي “ معلم” كذلك فإننا نضيف الى هذا انها “البيئة المدرسية بكل عناصرها ومفرداتها، من مبنى ومرافق وساحات ومواقع عمل وممارسة الانشطة المختلفة. وهكذا، اذا تتبعنا مراحل وخطوات وعناصر العملية التعليمية فسوف نجد اننا امام “شبكة” ضخمة من العناصر والعلاقات والمراحل المتداخلة المتشابكة، بحيث يصعب عليك ان تحاول الاقتصار على عنصر منها دون باقي العناصر وتطويرها.. أمر يكاد ان يدخل في باب المستحيل، فما العمل؟ الحل يكمن في ضرورة توافر رؤية كلية واضحة مدروسة دراسة علمية متأنية، متعددة الرؤى، تجتمع عليها عقول عدة تحاول أن تجيب على هذا السؤال المصيري. ماذا نريد من التعليم ان يفعله لانسان هذه الأمة حاضراً ومستقبلا ً ؟. عند توافر هذه الرؤية، يمكن ان نرتب أولويات التطوير والاصلاح، ونبدأ بأيها أهمية واكثرها حاجة والحاحاً، ويسير التطوير وفق مراحل متدرجة وليست متأنية.