المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة للمشاركة " ديوان الإمام الشافعي ! رحمه الله "



صالح محسن الجهني
23-09-2006, 03:53 AM
منقول من الأدب العربي
1 رمضان 1427 هـ
( ديوان الأمام الشافعي ، الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي 150 هـ - 204 هـ ) جمع وتعليق الدكتور أحمد أحمد شتيوي ، دار الغد ، المنصورة مصر الطبعة الأولى 1424 هـ 2003 م
مقدمة الكتاب
يقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي : في كتابه ( ديوان الإمام الشافعي ) منقول بدون تصرف .
لم يكن الشعر بالنسبة للعرب مجرد ترف أو وسيلة للترويح عن النفوس فحسب كما هو الحال اليوم ، ولكنه كان علمهم الذي لا علم لهم غيره ، وديوانهم الذي يسجلون من خلاله تاريخهم ، وأحداث حياتهم الهامة ، وليس أدل على أهمية الشعر بالنسبة لهم من أنهم كانوا يعقدون له الأسواق الأدبية يتناشد الشعراء فيها أشعارهم أمام أهل الخبرة والحذق من فحول الشعراء كالنابغة وزهير والخنساء وغيرهم .
وقد نجح الشعر الجاهلي ، مع غيره من العوامل المختلفة في إيجاد نوع من الشعور القومي المشترك بين سكان الجزيرة العربية قبيل الإسلام ، كما نجح في خلق لغة مشتركة سادت اللهجات القبلية المختلفة وغطت عليها ، فأصبح من اليسير على هؤلاء السكان التفاهم بها .
ولم يكد العصر الجاهلي يشرف على الانتهاء حتى خفّت كثيرا حدة النزعة القبلية المتعصبة وصار ساكن الجزيرة العربية يشعر ( إلى جانب اعتزازه بانتسابه إلى قبيلته ) أنه ينتمي إلى الجنس العربي الذي ينضوي تحت لوائه كل هذه القبائل العربية ، ولا أدل على ذلك من أن كثيرا من القبائل العربية كان يتيه بالانتصار في (( يوم ذي قار )) ويعد الانتصار فيه على الفرس انتصارا لكل العرب ، مع أنه كان بين الفرس وقبيلة واحدة من القبائل العربية ، ولا يمنع هذا بالطبع أن الفخر انصب أساسا على القبائل التي شاركت فيه (( وخيل بكر ٍ فما تنفك تطحنهم )) مما قاله : الأعشى .
ومن الناحية الأدبية وجدنا فن العربية الأول (( الشعر )) يتبوأ قمة عالية من النضج الفني ، ويبرز فيه فحول الشعراء الجاهليين الذين كانوا يجوبون شبه الجزيرة ، وينشدون أشعارهم في أسواقها ، ويظل المجتمعون يتناقلون هذه الأشعار ، لأنهم يرون فيها انعكاسا لانفعالاتهم ، وتجسيدا لمثلهم وآمالهم .
( لهذه المقدمة بقية سيتم طرحها لقيمتها الأدبية والفائدة المرجوة منها تتابعا من خلال طرح أشعار ( الأمام الشافعي ) رحمه الله كما أوردها الدكتور أحمد حسب الحروف الأبجدية ايضا منقول بدون تصرف ) .
ترجمة ( الأمام الشافعي ) رحمه الله
ذكر الدكتور أحمد أحمد شتيوي في كتابه من خلال جمعه وتعليقه . منقول بدون تصرف .
هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نذار بن معد بن عدنان بن أُدِّ بن أُدَدَ .
يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جده عبد المطلب ونسب الشافعي نسبة إلى جده الثالث شافع .
فهو عربي قرشي أصالة .
روى الشافعي عن نفسه فقال رحمه الله : ولدت بغزة سنة خمسين ومائة ، وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين ، وكانت أمي من الأزد .
وكان مولده يوم موت أبو حنيفة ، ومات الشافعي ( رحمهما الله ) في رجب سنة أربع ومائتين وهو ابن أربع وخمسين سنة .
( لهذه الترجمة عن الإمام الشافعي رحمه الله كذلك بقية كما أوردها الدكتور أحمد أحمد في كتابه ) . منقول بدون تصرف .
قافية الألف
يقول الإمام الشافعي رحمه الله

دع الأيام تفعل ما تشاء
دعِ الأيامَ تفعل مَا تشاءُ=وطِبْ عيشا إذا حكَمَ القضاءُ
ولا تجزعْ لحادثة الليالي=فمَا لحوادث الدُّنيَا بقاءُ
وكُنْ رجلاً على الأهوال جَلداً=وشيمتُك السماحة والوفاءُ
وإن كثرت عيوبُك في البرايا=وسرّك أن يَكُونُ لها غطاء
يُغطى بالسماحة كل عيبٍ=وكمْ عيب ٍ يغطيه السخاء
ولا حزنٌ يدوم ولا سرورُ=ولا بؤس عليكَ ولا رخاء
ولا تُر للأعادي قط ذُلا=فإن شماتةَ الأعدا بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل=فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني=وليس يزيد في الرزق العناءُ
إذا ما كنت ذا قلب قنوع=فأنت ومالك الدنيا سواءُ
ومن نزلت بساحته المنايا=فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعةً ولكن=إذا نزلَ القضَا ضاق الفضاءُ
دعِ الأيامُ تغدُر كُل حين=ولا يغني عن الموت الدواء
لا تهزأ بالدعاء
أتهزأُ بالدعاء وتزدريه=وما تدري بما صنع الدعاء
سهامُ الليل نافذةٌ ولكن=لها أمد وللأمد انقضاءُ
فيُمسِكها إذا ما شاء ربي=ويرسلهَا إذا نفذ القضاءُ
جهد البلاء
أكثر الناس في النساء وقالوا=إن حبَّ النساءِ جهدُ البلاء
ليس حب النساء جهداً ولكن=قربُ منْ لا تحبُّ جهدُ البلاءِ
عسر الفتى
واحسرةً للفتى ساعةً=يعيشُها بعد أوِدَّائهْ
عُسرُ الفتى لو كان في كفهِ=رمى به بعدَ أحبَّائهْ
درع الصبر
من يتمنَّ العمرَ فليدرعْ=صبْراً على فقدِ أحبائه
ومنْ يُعمر يلقَ في نفسهِ=ما يتمناهُ لأعدائه
الإمام الشافعي
الليلة القادمة
( قافية الباء )

أبو ياسر
23-09-2006, 04:12 AM
مشكور يابو محسن على إثراء المنتدى بهذا الموضوع الشيق
حيث انه ومن المعروف بأن شعر الإمام الشافعي من أبلغ الشعر العربي الفصيح
إسمح لي أن أشاركك شيئا من أبيات الأمام الشافعي
وعذرا بأنها ليست من قافية حرف الألف
وأعتبرها دعوة للجميع لنشارك ابو محسن في هذا الديوان




قيمة الدعاء

أتهزأ بالدعـاء وتزدريـه=وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكنلها =أمد وللأمـد انقضـاء
فيمسكها إذا ما شاء ربـي=ويرسلها إذا نفذ القضـاء


التأهب للآخرة

يا من يعانق دنيا لا بقاء لهـا = يمسي ويصبح في دنياه سفـاراً
هلا تركت لذي الدنيـا معانقـة=حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغى جنان الخلد تسكنها=فينبغي لك أن لا تأمـن النـارا


وداع الدنيا والتأهب للآخره
ولما قسا قلبي ، وضاقت مذاهبـي=جعلت الرجا منـي لعفـوك سلمـا
تعاظمنـي ذنبـي فلمـا قرنـتـه=بعفوك ربي كان عفـوك أعظمـا
فما زلت ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل=تجـود وتعفـو منـة وتكـرمـا
فلولاك لم يصمـد لابليـس عابـد=فيكف وقد اغـوى صفيـك آدمـا
فلله در العـارف النـدب أنــه=تفيض لفرط الوجـد أجفانـه دمـا
يقيم إذا مـا الليـل مـد ظلامـه=على نفسه من شدة الخوف مأتمـا
فصيحاً إذا ما كان في ذكـر بـه=وفي ما سواه في الورى كان أعجماٍ
ويذكر أياماً مضـت مـن شبابـه=وما كان فيهـا بالجهالـة أجرمـا
فصار قرين الهـم طـول نهـاره=أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلمـا
يقول حبيبي أنت سؤلـي وبغيتـي=كفى بك للراجين سـؤلاً ومغنمـا
ألست الـذي عديتنـي وهديتنـي=ولا زلـت منانـاً علـي ومنعمـا
عسى من له الإحسان يغفر زلتـي=ويستر أوزاري ومـا قـد تقدمـا

سفينة المؤمن
إن لله عـبـاداً فطـنـا = تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علمـوا = أنها ليست لحي وطنـا
جعلوها لجـة واتخـذوا= صالح الأعمال فيها سفنا

صالح محسن الجهني
23-09-2006, 04:52 AM
أخي العزيز والمشرف العام
أبو ياسر
شكرا جزيلا لمداخلتكم الكريمة والفائدة تكمن فقد لاحظت وبعد مراجعة ( ديوان الشافعي ) والمورد الذي بين يدي أن القصيدة الثانية ( وداع الدنيا والتأهب للأخرة ) لا يحتويها وفي هذا فائدة كبيرة ودليل قاطع على إثراء الأدباء العرب فكل ديوان حتما للشافعي رحمه الله من أديب إلى أديب وكاتب أخر له خصوصيته وجماله ويحتوي على ما يراه كاتبه وتحية تقدير للدكتور أحمد أحمد شتيوي وجميع من أثروا الأدب العربي .
(وكل عام وأنتم بألف خير أعاده الله عليكم والجميع باليمن والبركات )
ولكي لا يكون هنالك حرج على الأخوة الأعزاء اللذين يرغبون بالمشاركة أوأن تكثر الردود فسأقدم الشكر مقدما
ولاحقا بإذن الله في ختام هذا الطرح .
والحرف القادم للمشاركة في الليلة القادمة هو ( حرف الباء ) كذلك فقد ورد بالعديد من مصادر الأدب أن الأمام الشافعي له قصائد تتضمن قصص جميلة أو أبيات بعث بها سائل يسأله فأجابه شعرا فيا ليت من يجد مثل هذه الأدبيات للإمام الشافعي رحمه الله أن يتكرم مشكورا بالمشاركة ويستحسن الإشارة للمرجع أو الديوان وكاتبه ودار النشر وما يلزم من توثيق للمادة أو الموضوع المقتبس ( إن أمكن فلربما بعض الأخوان يعرف أشعار الشافعي ويحفظها لجمالها ولاحاجة لديه للرجوع إلى المراجع والكتب ) ... وستعم الفائدة بإذن الله .
تقبلوا جميعا فائق التقدير والإحترام
ابو محسن

صالح محسن الجهني
24-09-2006, 12:05 AM
2 رمضان 1427
مقدمة ديوان الشافعي
ويقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
وبانتهاء عصر هؤلاء الفحول وجد الشعر الجاهلي نفسه في مأزق كان لابد من تجاوزه ، فقد بدأ يكرر كثيرا من المعاني ، ويتناولها تناول السابقين لها ، بل إن بعض هؤلاء الفحول بدأوا يشكون من هذه الظاهرة فزهير بن أبي سلمى ، وهو من هو بين شعراء العصر الجاهلي ، يعترف بمرارة :

ما أرانا نقول إلا معارا=أو معادا من قولنا مكرورا
وقريب من هذا الاعتراف ما جاء على لسان عنترة :

هل غادر الشعراء من متردم=أم هل عرفت الدار بعد توهم
إذن : فقد كان على الشعر الجاهلي إما أن يتجدد وإما أن يحترق !
ولن يكون تجدده ممكنا إلا إذا جدّت ظروف تخالف تلك التي نما في ظلها ونضج ، وقد أتيحت له هذه الظروف ببزوغ شمس الإسلام الحنيف الذي كان أعمق وأخطر تغيير في تاريخ الجزيرة العربية ، فهل تطور الشعر الجاهلي تطورا يوازي هذا التغيير الخطير ؟
يكاد ينعقد إجماع الدارسين على أن الشعر الإسلامي لم يصل إلى مستوى الشعر الجاهلي في الجودة ، وأنه كان دونه في التعبير عن عصره وتصوير بيئته .
فهل هناك صلة بين ضعف الشعر ومجيء الإسلام ؟ وبعبارة أصرح وأدق : هل عادى الإسلام الشعر ، ومن ثم كان السبب في ضعفه ؟
وقبل الإدلاء بالرأي في هذه القضية يستحسن أن نستعرض إشارات القرآن الكريم إلى الشعر والشعراء ، وما توحي به هذه الإشارات من موقف يكون قد أتخذ منه أو منهم .
وجاءت هذه الإشارات في ستة مواضع : ( آيات الكتاب الحكيم ) .
1.( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بأية كما أرسل الأولون )
سورة الأنبياء الآية 5 .
2.( والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون * )
سورة الشعراء الآية
( 224- 227 ) .
3.( وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرأن مبين * لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين * )
سورة يس الآية ( 69- 70 ) .
4.( ويقولون أينا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون * بل جاء بالحق وصدق المرسلين * )
سورة الصافات الآية ( 36- 37 ) .
5.( فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون * أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون * قل تربصوا فإني معكم
من المتربصين * )
سورة الطور الآية ( 29 – 31 ) .
6.( فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * )
سورة الحاقة الآية ( 38 – 41 ) .
( وللمقدمة بقية بإذن الله – منقول بدون تصرف )
ترجمة الإمام الشافعي
ويقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
عن رحلته في طلب العلم :
حدث الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله بن الزبير : أنه خرج إلى اليمن فلقي محمد بن إدريس الشافعي ، وهو مستحض في طلب الشعر والنحو والغريب ، قال : فقلت له : إلى كم هذا ؟ لو طلبت الحديث والفقه كان أمثل بك ، وانصرفت به معي إلى المدينة فذهبت به إلى مالك بن أنس وأوصيته به .
قال : فما ترك عند مالك بن أنس إلا الأقل ولا عند شيخ من مشايخ المدينة إلا جمعه ‘ ثم تخطى إلى العراق فانقطع إلى محمد بن الحسن فحمل عنه ‘ ثم جاء إلى المدينة بعد سنتين ، قال محمد : فخرجت به إلى مكة فكلمت له ابن داوود وعرفته حاله الذي صار إليه ، فأمر له بعشرة آلاف درهم .
وقال الربيع : سمعت الشافعي يقول :
( وللترجمة بقية بإذن الله – منقول بدون تصرف )
قافية الباء

فما دون سائل ربي حجاب
سيُفتحُ باب إذا سُدّ باب=نعمْ وتهون الأمور الصعابْ
ويتسع الحال من بعد ما=تضيق المذاهبُ فيها الرحابْ
مع الهمّ يسران هوّن عليك=فلا الهمُّ يجدي ولا الاكتئابْ
فكم ضقت ذرعا بما هبته=فلم يُر من ذاك قدر يهابْ
وكم بردٍ خفته من سحاب=فعوفيت ، وانجاب عنك السحابْ
ورزقٍ أتاكَ ولم تأته=ولا أرق العين منهُ الطلابْ
وناءٍ عن الأهل من بعد ما=أتيح له بعد يأس إيابْ
وناجٍ من البحر من بعد ما=علاه من الموج طام عُبابْ
إذا احتجب الناسُ عن سائلٍ=فما دون سائلِ ربي حجابْ
يعودُ بفضلٍ على من رجاهُ=وراجيهِ في كل حين يُجابْ
فلا تأس يوما على فائتٍ=وعندك من رِضا واحتساب
حق الأديب
أصبحت مطرحا فِي معشرٍ جهلوا=حقَّ الأديب فباعوا الرأس بالذنب
والناس يجمعهم شملٌ وبينهم= في العقلِ فرقٌ وفي الآداب والحسب
كمثل مَا الذهب الإبريز يشركه=في لونه الصفر والتفضيل للذهب
والعود لو لم تطبْ منهُ روائحُهُ=لم يفْرِقِ الناسُ بين العود والحطب
هكذا الحظ
تموتُ الأسد في الغابات جوعا=ولحم الضأنِ تأكُلُه الكِلاب
وعبد قد ينام على حريرٍ=وذو نسبٍ مفارشُهُ التراب
الترحال وعزة النفس
سأضربُ في طول البلاد وعرضها=أنالُ مرادي أو أموتُ غريبا
فإن تلفتْ نفسي فللهِ درُّها=وإن سلِمتْ كان الرجوع قريبا
نصائح غالية
خبت نارُ نفسي باشتعال مفارقي=وأظلم ليلي إذ أضاء شهابُها
أيا بومة قد عششتْ فوق هامتي=على الرغم مني حين طارَ غُرابُها
رأيت خراب العمر مني فزرتني=ومأواك من كل الديار خرابُها
أأنعم عيشا بعد ما حلّ عارضي=طلائع شيبٍ ليس يغني خضابُها
وعزةُ عُمّرِ المرءِ قبل مَشيبهِ=وقد فنيتْ نفسٌ تولى شهابُها
إذا اصفرّ لون المرءِ وابيضّ شعرُهُ=تنغّص من أيامه مُستطابُها
فدع عنك سوءات الأمور فإنها=حرام على نفس التقيّ ارتكابُها
وأدّ زكاة الجاه واعلم بأنها=مثل زكاة المال تم نصابُها
وأحسن إلى الأحرار تملك رقابهم=فخيرُ تجارات الكرام اكتسابُها
ولا تمشين في منكب الأرض فاخرا=فعمّا قليلٍ يحتويك ترابُها
ومن يذق الدنيا فإني طعمتُها=وسيق إلينا عذبها وعذابُها
فلم أرها إلا غرورا وباطلا=كما لاح في ظهر الفلاة سرابُها
وما هي إلا جيفةٌ مستحيلة=عليها كلابٌ همُّهُن اجتذابُها
فإن تجتنبها كُنت سِلما لأهلها=وأن تجتذبها نازعتك كلابُها
فطوبى لنفسٍ أُولعت قعر دارها=مُغلّقة الأبواب مُرخى حجابُها
الحلم سيد الأخلاق
إذا سبّني نذْلٌ تزايدتُ رفعةً=وما العيبُ إلا أن أكونَ مُساببه
ولو لم تكن نفسي عليّ عزيزة=لمكنتها من كل نذلٍ تُحاربه
ولو أنني أسعى لنفعي وجدتني=كثير التواني للذي أنا طالبه
ولكنني أسعى لأنفع صاحبي=وعارٌ على الشبّعان إن جاع صاحبه
عذر الكاذب
لئن بعدت دار المعزى ونابهُ=من الدهر يوم والخطوب تنوب
لمشيٌ على بعدٍ على علةِ الوجى=أدب ومن يقضي الحقوق دبوب
ألذ وأحلى من مقالٍ وخلفهُ=يقال إذا ما قمت : أنت كذوب
وهل أحد يُصغي إلى عُذرِ كاذب=إذا قال لم تأبَ المقالَ قلوب
مخالفة الهوى
إذا حار أمرك في معنيينِ=ولم تدرِ حيثُ الخطا والصواب
فخالف هواك فإن الهوى=يقود النفوس إلى ما يعاب
سوء الإنصاف
يخاطبني السفيه بكلِّ قُبحٍ=فأكرهُ أن أكونَ لهُ مُجيبا
يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حلما=كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا
غنى بلا مال
بلوتُ بني الدنيا فلم أر فيهمُ=سوى من غدا والبخلُ ملءُ إهابه
فجردتُ من غمد القناعة صارما=قطعت رجائي منهم بذُبابه
فلا ذا يراني واقفا في طريقه=ولا ذا يراني قاعدا عند بابه
غني بلا مال عن الناس كُلهم=وليس الغني إلا عن الشيء لا به
إذا ظالم يستحسن الظلم مذهبا=ولج عتوا في قبيح اكتسابه
فكِلهُ إلى صرف الليالي فإنها=ستبدي له ما لم يكن في حسابه
فكم قد رأينا ظالما متمردا=يرى النجم تيها تحت ظل ركابه
فعمَّا قليل وهو في غفلاته=أناخت صروف الحادثات ببابه
فأصبح لا مال ولا جاه يُرتجى=ولا حسنات تلتقى في كتابه
وجوزي بالأمر الذي كان فاعلا=وصبْ عليه الله سوطَ عذابه
بلية
ومن البليةِ أن تحب=فلا يحبك من تُحبه
ويصد عنكَ بوجهه=وتلحُّ أنت فلا تغبه
دع الأوطان واغترب
ما في المقام لذي عقلِ وذي أدبِ=من راحةٍ فدع الأوطان واغتربِ
سافر تجد عوضا عمن تفارقُهُ=وانصبْ فإن لذيذ العيش في النصبِ
إني رأيتُ وقوف الماء يُفسدهُ=إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ
والأسدُ لولا فراق الأرض ما افترست=والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمةً=لملّها الناس من عُجمٍ ومن عرب
والبدرُ لولا أُفولٌ منهُ ما نظرت=إليه في كل حين عينُ مرتقبِ
والتّبر كالتّرب مُلقى في أماكنه=والعود في أرضه نوعٌ من الحطبِ
فإن تغرّب هذا عزّ مطلبُه=وإن تغرّب ذاك عزّ كالذهبِ
توقير الرجال
ومن هابَ الرجال تهيّبُوه=ومن حقّر الرجال فلن يهابَا
ومن قضت الرجالُ له حقوقا=ولم يعصِ الرجالَ فما أصابَا
نبوءة الكوكب الكاذبة
خبّرا عني المنجم أني=كافرُ بالذي قضته الكواكب
عالِما أن ما يكون وما=كان قضاء من المهيمن واجب
أنت حسبي
أنت حسبي وفيك للقلبِ حَسْبُ=ولحسبي إن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صح=من الدهر ما تعرض خطب
الإمام الشافعي
الليلة القادمة
( قافية التاء )

عاشق حزن
24-09-2006, 12:46 AM
الاستاذ الفاضل
وشاعرنا / صالح محسن الجهني

بداية كل عام وانتم بخير
والله يعيده عليكم اعواما عديدة وانتم في صحة وسلامة

موضوع قيم هذا الذي اخترتموه
فنطمع من بقية الاخوة المشاركة للفائدة التي به


وهذه مشاركتي



الفضل

أرى الغر في الدنيا إذا كان فاضلا = ترقى على رؤس الرجال ويخطب
وإن كان مثلي لا فضيلة عنده = يقاس بطفلٍ في الشوارع يلعب
الشافعي





كل الود

اخوكم

عاشق حزن

صالح محسن الجهني
25-09-2006, 01:38 AM
3 رمضان 1427 هـ
مقدمة ديوان الشافعي
يقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
وواضح أن قضية الشعر لا تحتل مساحة بارزة من اهتمام هذه الآيات الكريمة ، ومعظم اهتمامها يدور حول شخصية حامل العقيدة الجديدة صلى الله عليه وسلم وما بلغه عن رب العالمين ‘ وخلال هذا الاهتمام نفت أن يكون شاعرا أو أن يشابه القرآن المنزل عليه الشعر ، كما تخرص بذلك المشركون .
وهذا النفي لا يتوجه أساسا إلى الشعر بل إلى الرسول الذي يزرى به أن يكون شاعرا ، لأن منهج صاحب الرسالة ومؤسس العقيدة يتناقض تماما مع الشاعر الذي اقترن إبداعه للشعر في ذهن العرب بكثير من الأوهام التي جعلت لكل منهم شيطانا يتلقى الواحد منهم إلهامه الشعري عنه ، فضلا عن سلوك بعض الشعراء الجاهليين سلوكا يخدش كمال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به ( إن هو إلا ذكر وقرأن مبين ) .
وغني عن البيان أن الموضع المشعر بذم الشعراء إنما ينصب على تلك الفئة التي ناصبت الرسول ودعوته العداء ، والذين جعلوا من شعرهم سلاحا يريدون به أن يطفئوا نور الله ، أما من عداهم فقد استثناهم القرآن الكريم ( إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا ) .
وقد سبق كثير من العلماء إلى هذا الفهم ، فأبن رشيق يعلق على الآية الكريمة بقوله : ( ... فأما احتجاج من لا يفهم وجه الكلام بقوله تعالى ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) الآية فهو غلط وسوء تأمل ، لأن المقصود بهذا النص شعراء المشركين الذين تناولوا رسول الله بالهجاء ومسّوه بالأذى ، فأما من سواهم المؤمنين فغير داخل في شيء من ذلك ألا تسمع كيف استثناهم الله عزّ وجل ونبه عليهم ، فقال ( إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظُلمُوا وسيعلم الذين ظَلَموا أي منقلب ينقلبون ) يريد شعراء النبي صلى الله عليه وسلم ، ينتصرون له ، ويجيبون المشركين عنه .
وللرسول صلى الله عليه مواقف كثيرة تدل على تقديره للشعر ، وطربه له ، وكثيرا ما استنشد رواته وقائليه ...
( ولمقدمة ديوان الشافعي بقية في الليلة القادمة بإذن الله – منقول بدون تصرف )
ترجمة الإمام الشافعي
ويقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
وقال الربيع : سمعت الشافعي يقول : كنت أنا في الكتّاب أسمع المعلم يُلقّن الصبي الآية فأحفظها أنا ، ولقد كنت – ويكتبون أئمتهم فإلى أن يفرغ المعلم من الإملاء عليهم – قد حفظت جميع ما أملى ، فقال لي ذات يوم : ما يحل لي أن آخذ منك شيئا ، قال : ثم لما خرجت من الكتّاب كنت أتلقط – الخزف – والدفوف – وكرب النخل – وأكتاف الجمال أكتب فيها الحديث وأجي إلى الدواوين فاستوهب منها الظهور – يقصد الأوراق – فأكتب فيها حتى كانت لأمي حبابٌ – جمع حب وعاء يوضع فيه الماء مثل الجرة – فملأتها أكتافا وخزفا وكربا مملوءة حديثا ، ثم إنني خرجت عن مكة فلزمت هذيلا في البادية أتعلم كلامها وآخذ طبعها وكانت أفصح العرب .
( ولترجمة الإمام الشافعي بقية في الليلة القادمة بإذن الله – منقول بدون تصرف )
قافية التاء
مكارم الأخلاق
لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ=أرحتُ نفسي من همِّ العداوات
إني أحيّي عدوي عند رؤيته=لأدفع الشر عني بالتحيات
وأُظهِرُ البشرَ للإنسان أبغضُهُ=كما إن قد حشي قلبي محبات
ولستُ أسلم من خلٍّ يخاطبني=فكيف أسلمُ من أهلِ العداوات
الناس داءٌ وداء الناس قُربُهُم=وفي اعتزالهم قطع المودات
السفيه
إذا نطق السفيه فلا تُجبهُ=فخيرُ من إجابته السكوتُ
فإن كلّمته فرّجت عنه=وإن خلّيتُه كمدا يموتُ
التعبد والسكوت
قليل المال لا ولدٌ يموت=ولا هم يبادر ما يفوت
خفيف الظهر ليس له عيال=خليٌّ من حُرِمْتُ ومِنْ دُهيتُ
قضى وطر الصبا وأفاء علما=فهمَّته التعبدُ والسكوتُ
آل رسول الله
آل النبي ذريعتي=وهُمُ إليه وسيلتي
أرجُو بهم أُعطى غدا=بيدي اليمينِ صحيفتي
باعوا الدين بالدنيا
قُضاةُ الدَّهر قد ضلوا=فقد بانت خسارتُهم
فباعوا الدين بالدنيا=فما ربحت تجارتُهم
إحدى المصيبات
يا لهف نفسي على مال أفرقه=على المقلين من أهل المروءات
إن اعتذاري إلى من جاء يسألني=ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات
آداب العلم
تصبّر على مُرَ الجفا من مُعلّمٍ=فإن رُسوبَ العلم في نَفَراتِهِ
ومن لم يذقْ مُرّ التعلمِ ساعةً=تجرّع ذُلّ الجهلِ طُولَ حياتِهِ
ومن فاته التعليمُ وقتَ شبابهِ=فكبّر عليه أربعا لوفاته
وذاتُ الفتى-والله- بالعلمِ والتقى=إذا لم يكونا اعتبار لذاته
أصدقاء الحياة
أُحبُّ من الإخوانِ كُلَّ مُواتي=وكلَّ غَضيضِ الطّرف عن عثراتي
يوافقُني في كُلِّ أمرٍ أريدُهُ=ويحفظُنِي حيّا وبعد مماتي
فمن لي بهذا ؟ ليت أني أصبته=لقاسمتُهُ مالي من الحسناتِ
تصفحتُ إخواني فكان أقلّهُم=على كثرةِ الإخوان ِ أهلُ ثقاتي
المال يوجب البذل
وأنطقت الدراهمُ بعد صَمْتٍ=أُنَاسا بعدما كانُوا سُكُوتَا
فما عطفوا على أحدٍ بفضلٍ=ولا عرفوا لمكرمةٍ ثبوتَا
مكارم الأخلاق
إذا رمت المكارم من كريم=فيمّم من بَنى لله بيتا
فذاك الليثُ من يحمي حِماهُ=ويُكرمُ ضيفه حيّا وميتا
أخلاق الرجال
جزى الله عنا جعغرا حين أزلقت=بنا نعلنا في الواطئين ، فزلت
همُ خلطونا بالنفوس وألجئوا=إلى حجرات أدفأتْ وأظلمْتَ
أبوا أن يملونا ولو أن أمتنا=تلاقي الذي يلقون منا لملتَ
ستجزى بإحسان الأيادي التي مضت=لها عندنا – ما كبرت وأهلتَ
وقالوا : فلموا الدار حتى تبينوا=وتنجلي الغماء عمَا تجلت
ومن بعد ما كنا لسلمى وأهلها=عبيدا وملتنا البلاد وملت
براءة
من نالَ منّي أو علقت بذمّته=أبرأته لله شاكر منته
أأرى معوَّق مؤمنٍ يوم الجزا=أو أأسوء محمدا في أمته
الإمام الشافعي
الليلة القادمة بإذن الله
قافية الجيم

أبو عمرو
25-09-2006, 02:10 AM
عزيزي الغالي / أبو محسن

شكراً جزيلاً على هذا الموضوع الجميل , الموفق في اختياره , وتوقيته , وفكرته , وليس ذلك بمستغربٍ عليكم.

ولي عودة بمشيئة الله , كأحد المشاركين.

في رعاية الله وحفظة , مع شكري الجزيل لكل من شارك وسيشارك في هذا الموضوع.

صالح محسن الجهني
26-09-2006, 01:48 AM
4 رمضان 1427

مقدمة ديوان الشافعي
يقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
وللرسول صلى الله عليه وسلم مواقف كثيرة تدل على تقديره للشعر ، وطربه له ، وكثيرا ما استنشد رواته وقائليه ، جاء في الأغاني ( جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس ليس فيه إلا خزرجي ) ثم استنشدهم قصيدة قيس بن الخَطيم " شاعر الأوس " فأنشده بعضهم إياها حتى بلغ إلى قوله :

أجالدُهُم يومَ الحديقةِ حاسرا=كأن يدي بالسيفِ مخراقُ لاعبِ
فالتفت إليهم فقال صلى الله عليه وسلم : هل كان كما ذكر ؟ فشهد له ثابت بن قيس بن شماس ، وقال له :
والذي بعثك بالحق يا رسول الله ، لقد خرج إلينا يوم سابع عرسه ... فجالدنا كما ذكر .
وكذلك يروي أبو الفرج الأصفهاني أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من عكرمة بن عباس أن ينشده شعرا لأمية بن أبي الصلت ، وبعد أن يستمع إلى بعض هذا الشعر يعلق عليه معجبا به " إن كاد أميةُ ليُسلم " .
ويستمع الرسول صلى الله عليه وسلم قول النابغة الجعدي :

بلغنا السماء مجدُنا وسناؤنا=وإنّا لنرجو فوق ذلك مَظهرا
فيسأله الرسول : " إلى أين يا أبا ليلى ؟ " فيجيبه : إلى الجنة يا رسول الله ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : " إلى الجنة إن شاء الله " فلما انتهى إلى قوله :

ولا خير في حِلمٍ إذا لم يكن له=بوادر تحمي صفوهُ أن يُكَدّرا
ولا خير في جهلٍ إذا لم يكن له=حليمٌ إذا ما أوردَ الأمر أصدرا
دعا له بقوله : " أجدت لا يفضُضِ الله فاك " فعاش مائة وثلاثين سنة لم تقع له ثنيّة .
ومن هذا القبيل ما روي عن حثّه لحسان بن ثابت على قول الشعر في هجاء المشركين واستحسانه لشعر الخنساء ، بل أكثر من هذا ما روي عن صفحه عن كعب بن زهير بعد أن أنشده قصيدته " بانت سعاد " التي يعتذر فيها عمّا بدر منه ويطلب عفوه ، وعن تأثره بشعر قُتيلة بعد قتل أخيها النضر بن الحارث ، وقوله بعد سماعه : " لو بلغني قبل قتله ما قتلته " .
وتأسيسا على هذا كله مال كثير من الدارسين إلى أن الإسلام لم يعاد الشعر بل شجعه وأن رسوله الكريم بموافقة منه رغّب فيه ، وحث عليه ، وحشد بعضهم الأدلة على ذلك . وفرّق بين البيئات الشعريه المختلفة في دراسته ، ليصل من ذلك إلى أن الشعر في ظل الإسلام ظلّ على ازدهاره الذي حققه في العصر الجاهلي .
وعلى الرغم من ذلك تبقى حقيقة لا تحتمل كثيرا من النقاش ...
( للمقدمة بقية بإذن الله – منقول بدون تصرف )

ترجمة الإمام الشافعي
يقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
فالشافعي كان شغوفا بالعلم والتعلم وأدرك لذته صغيرا ، وقد تهيأت له الأسباب الفطرية والمكتسبات ليصل إلى هذا النجاح .
ولقد رزق الشافعي صوتا عذبا مؤثرا فكان كلما قرأ القرآن بكى من يسمعه .
قالوا : كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا إلى هذا الفتى المطلبي الذي يقرأ القرآن فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى نتساقط بين يديه من كثرة البكاء فإذا رأى ذلك أمسك .
مكث الإمام الشافعي بالمسجد الحرام زمنا ، جالس فيه العلماء ، وحفظ الحديث ، وانشغل بالعلم حتى ملك عليه قلبه وعقله .
فكان جلّ وقته في حلقات العلم فجلس في حلقة ...
( وللترجمة بقية بإذن الله – منقول بدون تصرف )
قافية الجيم

حديث الضيف
ماذا يُخبّر ضيفُ بيتكَ أهلهُ=إن سِيلَ كيف معادُه ومعاجُه
أيقول : جاوزتُ الفراتَ ولم أنلْ=ريًّا لديه وقد طغت أمواجُه
ورقيت في دَرَجِ العُلا فتضايقتْ=عمَا أُريد شِعابُهُ وفِجاجُه
ولتخبرنّ خَصَاصتي بتملُّقي=والماءُ يخبرُ عن قذاهُ زُجاجُه
عندي يواقيتُ القريض ودُرُّهُ=وعليّ إكليلُ الكلام وتاجه
ترْبى على روْض الرُّبا أزهارهُ=ويرفُّ في نادي النّدى ديباجه
والشاعرُ المنطيقُ أسودُ سالخٌ=والشّعرُ منهُ لُعابُه ومُجاجُه
وعداوةُ الشعراء داءٌ مُعضِلٌ=ولقد يهونُ على الكريم عِلاجُه
فرج الله قريب
صبرا جميلا ما أقربَ الفرجَا=من راقب الله فِي الأمورِ نجَا
من صدق الله لم ينله أذى=ومن رجاهُ يكون حيثُ رجَا
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الحاء

صالح محسن الجهني
27-09-2006, 02:50 AM
5 رمضان 1427

مقدمة ديوان الشافعي
يقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
وعلى الرغم من كل ذلك تبقى حقيقة لا تحتمل كثيرا من النقاش ، وهي أن هناك بونّا شاسعا بين الشعر الإسلامي والشعر الجاهلي ، حيث انعدم فيه ما كان يحفل به الشعر الجاهلي من خيال خصب ومقدرة لغوية فذة وامتزاج بالطبيعة ، ويعلل بعض النقاد ذلك بأن هؤلاء الشعراء قد واجهوا منذ البداية عبء الاتصال المباشر بالقيم الجديدة ، وما تحمله من مظاهر التغيير في الأخلاق والسلوك والقيم الاجتماعية ، كما كان عليهم أن يشاركوا مشاركة مباشرة ومستمرة في المعركة من جانبها الكلامي ، ولم يكن من اليسير على شاعر قضى الجانب الأكبر من حياته في الجاهلية – كحسان بن ثابت مثلا – أن يجد لنفسه أسلوبا جديدا من الشعر يحسن به التعبير عن تلك القيم والقضايا الجديدة ، ويحتفظ في الوقت نفسه بتلك الخصائص الفنية التي نمت وتطورت في ظل مجتمع مختلف في قيمه وقضاياه .
وعلى ذلك يمكن القول أن الفترة الأولى من الإسلام كانت فترة انتقال لم تُتح فيها الفرصة لتشرب القلوب هذا الانقلاب الخطير الذي أحدثه الإسلام ، ومن ثم كان الشعراء بحاجة إلى فترة يتمثلون فيها هذا التغيير ، ويعيشون قضاياه ، ويمتزجون بجوهره ، حتى يتمكنوا من تصوير المجتمع الإسلامي الجديد في أسلوب حياته ومنهج تصوره .
ويمكن أن يعد الرأي السابق استمرارا لاتجاه تبرئة الإسلام من معاداة الشعر وإرجاع الضعف الفني الذي مني به الشعر الإسلامي إلى أسباب أخرى غير حرب الإسلام للشعر .
وربما كان الأدنى إلى الصواب في مثل هذه القضايا هو التخلص من هذه الحماسة الضارة والأخذ بالرأي الأقرب إلى الصحة ، ولهذا نظن أن الإسلام قد عادى الشعر الجاهلي وكان لابد أن يعاديه !! ولكن هذا الحكم العام يحتاج إلى بعض التوضيح .فهو لم يعادِ هذا الشعر بوصفه فنا جميلا يصور الوجدان البشري ويسمو به إلى آفاق من السمو والتطهر ، ويجمّل الحياة ويرطبها من الجفاف القاسي ، بحيث يصبح للنفس البشرية المكدودة واحة تتفيأ في ظلالها من هجير الحياة وقسوتها ، وإنما حارب الشعر الجاهلي بوصفه تجسيدا للقيم الجاهلية التي ارتبط بها ارتباطا عضويا وثيقا ، وصورها تصويرا صادقا بكل محاسنها ومساوئها ، حتى أصبح الترجمان الأعظم للقيم الجاهلية التي تريد العقيدة الجديدة القضاء على الكثير منها وتهذيب بعضها كما أنه في حياتهم ضرورة لازمه أشد اللزوم ، فهو الذي دعم حياتهم وارتفع بإنسانيتهم ، وأعانهم على تحدي ظروفهم الطبيعية القاسية دون اتكاء على عقيدة سماوية تعينهم على مواجهة قسوة حياتهم ، حتى صار المتنفس الوحيد لوجدانيات هؤلاء القوم وما يعتمل بداخلها من أفراح وأتراح .
وعلى ذلك فإذا كان الإسلام يريد إحداث انقلاب جذري على حياة الإنسان الجاهلي ، وموقفه من الكون والوجود ، وعلى علاقته بغيره بل وعلى تكوينه الداخلي – فإن من العسير عليه إحداث هذا الانقلاب والشعر منتصب أمامه بكل روعته الفنية وتأثيره البليغ في حياة الجاهليين وتأييده الواضح لها ، وبخاصة أن هؤلاء لم يفصلوا بين الاعتزاز الفني للشعر والاستجابة السلوكية لمثله التي يدعوا إليها ، كما نفعل نحن الآن . يضاف إلى ذلك كله أن تشبيه مشركي قريش النبي بالشاعر ، واستنكار القرآن ذلك ، جعل الناس ينظرون إلى الشعر على أنه تقليد جاهلي ، فأصابه منذ ذلك ما أصاب جميع التقاليد الجاهلية ، ونظر إليه الناس نظرتهم إلى أثر وثني لعصر وثني ذهب بكل أثقاله !
وساعد على إضعاف الشعر أيضا أن أعداء الإسلام كانوا يحاربونه بالشعر ، فلما عمّ الإسلام كانت كراهة هذا الشعر قوية في نفوسهم فتناسوه وامتنعوا عن روايته .
هذا هو مفهوم الشعر الذي حاربه الإسلام وهو بدوره يوضح طبيعة هذه الحرب ، إذ هي لا تعني بالطبع أن يجرد الإسلام أسلحته للقضاء عليه ، ولا أن القرآن الكريم سيُفرد لها الآيات التي تبين خطتها وطريق النصر فيها ! بل إن موقف الإسلام من الشعر مرتبط بموقفه من الحياة الجاهلية التي جاء للقضاء علي كثير من قيمها ‘ فهو إذا حارب قيمة من هذه القيم فإنه بالضرورة يحارب الشعر الجاهلي المجسد لها .
ولسنا بحاجة إلى تعداد هذه القيم لنرى أن كمّا ضخما من الشعر الجاهلي المرتبط بها أصبح يتناقض مع العقيدة الجديدة ، ومن ثم جدّت بالإسلام ظروف تحول دون رواج هذا الشعر الذي ارتبط بمجالس الشراب ، وتوفر على ذكر محاسن المرأة ، وأفحش في الهجاء وتنابز الألقاب ، وعاش بعضه على الارتزاق من فتات موائد الممدوحين ، وأشعل نار العداوة والعصبية ... .
وفضلا عن ذلك كله فقد كان هذا الشعر يسير إلى الضعف الفني قبل مجيء الإسلام بعد انتهاء عصر الفحول أو ملوكه العظام ، وبعد أن سجن نفسه داخل تقاليد جامدة تعوق خطاه عن النمو والتطور ، وبعد أن أغلق على نفسه منافذ كثيرة – نظرا لغياب العقيدة – كان يمكن أن تصله بمنابع لا تنفد من الإبداع المتجدد ، ومن حسن حظ الشعر الجاهلي أن الإسلام بما يمثله من قيم أتاح له فرصة ذهبية للتجدد حيث أتاح للشخصية الفردية استقلالها وحررها من داخلها ، وارتقى بها عن الارتكاس في المادة وجعلها تستشرف آفاقا روحية فسيحة وسامية .
لقد وجد العرب أنفسهم فجأة أمة واحدة بعد التشتت والتمزق ، والتفرق والتشاحن والبغضاء والاقتتال ، كما وجدوا أنفسهم ينقادون لهذا الدين الجديد الذي لقى منهم في بادئ الأمر أقصى ما لديهم من عنف ومقاومة ، ووجدوا أنفسهم يستجيبون – بعد أن أسلموا – لحكومة مركزية واحدة بعد أن كانت لكل قبيلة دولتها واستقلالها وأعرافها التي لا تحتكم إلى غيرها .
لقد كان الناس يعيشون في ظل أوضاع دينية في غاية التعدد والكثرة وفي ظل أوضاع سياسية تتنازعها القبائل ، وتتناهبها الدول المجاورة ، من فرس ورومان وأحباش ، وفي وضع اجتماعي يسوده الظلم والتعالي ، وسحق الأدنى ، أفرادا وجماعات ، وبعد كل هذا تبدل الحال ، فإذا الوثنية توحيد خالص ، وإذا الأفراد جماعة ، وإذا الظلم عدل وأحسان .
وضاعف من هذا التأثير للإسلام الحنيف أن معجزته الخالدة " القرآن الكريم " كانت ذات أثر بارز في اللغة والأدب ، لأنه هو نفسه في القمة من الفصاحة ، وروعة التصوير ، وقوة التأثير .
وهو الذي جمع العرب على لهجة قريش وجعل لها السيادة التامة على غيرها من اللهجات حتى أصبحت اللغة المشتركة لشبه الجزيرة العربية ، وصارت أداة التفاهم بينهم ، بعد أن كانت معظم القبائل معتزة بلهجاتها .
وأخذت هذه اللغة المشتركة تعم بين القبائل الجنوبية متغلغلة في الأنحاء الداخلية التي لا تزال تتكلم الحميرية ، وبعد الفتوحات أخذت هذه اللغة – لغة القرآن – تسود في مشارق الأرض ومغاربها – وكان القرآن سببا في حفظها من الضياع وجعلها أبدا لغة حية خالدة ، وهذا كله فضلا عما أحله فيها من معان لم تكن تعرفها ولا تعرف العبارة عنها .
ولكن التعبير الفني عن الانقلاب الخطير الذي أحدثه الإسلام كان بحاجة إلى وقت طويل لكي يختمر في وجدان الشاعر ، ويصوغه صياغة فنية ومؤثرة ، ولهذا ظل الشعر المعاصر للدعوة في بدايتهاأقل من مستوى الأحداث ، حتى أتيح لهذا الحدث الضخم أن يتجسد في فن ناضج يختلف اختلافا كبيرا عن الفن في العصر الجاهلي ، ولم يُتح هذا إلا قبيل انتهاء عهد الراشدين ومجيء بني أمية إلى الحكم ، ثم العصر العباسي وظهور الفنون الشعرية الجديدة في المجتمع .
هذا وقد كان لعامل الوقت أثره الكبير في ذلك ، خاصة وأن الشعر من الفنون التي لا تتجدد ولا تتغير إلا بمرور الوقت المناسب لذلك .
لذلك وجدنا الشعر العربي قد استعاد عافيته كاملة في العصر العباسي ، فبلغ مبلغا من الجدة والجودة في آن واحد ، فبدأ الشعر يستوعب تعاليم الإسلام استيعابا كاملا ، ويعبر عن قيم هذا الدين تعبيرا صادقا.
وقد كان هذا العصر بما فيه من عوامل الازدهار والترف ، هو العصر الذي عاش فيه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، لذلك رأينا في شعره ذلك الاستيعاب الكامل لتعاليم الإسلام والتعبير الصادق لمفاهيمه ، من دعوة إلى الأخلاق والقيم السامية ، والبعد عن الهوى والشهوات ، ومحاربة النفس إلى غير ذلك من التعاليم والقيم الإسلامية التي يعتبر شعر الأمام الشافعي رحمه الله أصدق تعبير لها .
لذلك رأينا أن نقدم هذا العمل الذي يتضمن شعر الإمام الشافعي رحمه الله ، آملين أن ينتفع به ، لما فيه من قيم وآداب وتعاليم تهذب النفوس وتزكيها ، وتقدم المعاني الكبيرة السامية في كلمات قليلة مؤثرة .
وعلى الله قصد السبيل ،،،
( نهاية مقدمة ديوان الشافعي للدكتور أحمد أحمد شتيوي – منقول بدون تصرف )

ترجمة الإمام الشافعي
يقول الدكتور أحمد أحمد شتيوي :
فكان جلّ وقته في حلقات العلم فجلس في حلقة مسلم بن خالد الزنجي ، مفتي مكة وفقيهها سنة 180 هـ وسفيان بن عيينه سنة 198 هـ شيخ المحدثين وبعد مكثه في مكة تركها وسافر إلى المدينة فأخذ الحديث هناك عن مالك شيخ المحدثين وكان الشافعي متقنا للغة العربية حيث تلقاها في البادية فقصد إلى قبيلة هذيل ، وسمع من أهلها وحفظ الكثير من أشعار اللغة .
تلاميذه :
تتلمذ على يد الإمام عدد كبير منهم : مالك بن أنس ، وإبراهيم بن سعد ، وسفيان بن عيينه ، وداود بن عبد الرحمن ، ومسلم بن خالد الزنجي ، وإبراهيم بن يحيى ، وعبد الله بن المؤمل المخزومي وغيرهم .
وروى عنه :
أحمد بن حنبل ، وسليمان بن داود الهاشمي ، وأبو ثور إبراهيم بن خالد ‘ ومحمد بن سعيد العطار وغيرهم .
( كان الإمام الشافعي ورعا ، قارئا لكتاب الله ... والإمام الشافعي أول من تكلم في أصول الفقه واستنباط الأحكام ، وكان أستاذا في القياس والإجماع وأفكار البدع ، وجمع الطب والنجوم والفراسة ، وأخبار السلف والمغازي ) منقول بتصرف .
ثناء العلماء عليه :
مدح كثير من العلماء الإمام الشافعي وأثنوا عليه خيرا وعرفوا قدره ، وأنزلوه منزلته .
قال ابن خلكان : كان الشافعي كثير المناقب ، جم المفاخر ، منقطع القرين ، اجتمعت فيه من العلوم بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة رضي الله عنهم وآثارهم ، واختلاف أقاويل العلماء ، وغير ذلك من معرفة كلام العرب واللغة العربية والشعر ما لم يجتمع في غيره .
وقال الربيع بن سليمان المرادي : كان الشافعي – رحمه الله – يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن ، فإذا طلعت الشمس قاموا ، وجاء أهل الحديث يسألونه تفسيره ومعانيه ، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ‘ فإذا ارتفع الضحى تفرقوا ، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر ، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار ، ثم ينصرف رحمه الله .
وحدث ابن خزيمة : قال سمعت يونس بن عبد الله الأعلى يقول : كان الشافعي إذا أخذ في العربية قلت : هو بهذا أعلم ، وإذا تكلم في الشعر وإنشاده قلت : هو بهذا أعلم ، وإذا تكلم في الفقه قلت : هو بهذا أعلم .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : إن الله تعالى يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن ، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب ، فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي رضي الله عنهما .
وقال : ما أحد بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منّه .
وعن خبرته في الحياة :
ما حدث به يونس بن عبد الله الأعلى الصّدفي قال : قال لي الشافعي يا أبا موسى – رضا الناس غاية لا تدرك – ما أقوله لك إلا نصحا ، ليس إلى السلامة من الناس سبيل .
الشافعي وقول الشعر :
مالت نفس الشافعي إلى الشعر منذ صغره وجمع في أول حياته شعر الهذليين ، واختص به ولعل سبب ذلك حبه الشديد لقبيلة هذيل ، لفصاحة لسانها وقوة بيانها .
كما روى الشافعي شعر الشنفري ، وكثيرا ما كان يتمثل بشعر طفيل الغنوي ، كل ذلك ساعده على قول الشعر ، والإتيان بمعاني جيدة .
حظي الشافعي بمكانة طيبة ، حدث الصولي عن المبرد أنه قال : كان الشافعي من أشعر الناس وأدب الناس ، وقال ابن رشيق : وأما محمد بن إدريس الشافعي فكان من أحسن الناس افتنانا في الشعر .
طبع شعر الإمام الشافعي بطابع الحكمة والتقوى والورع والتدين ، والميل إلى مكارم الأخلاق .
تعددت مجموعات الدواوين الخاصة بشعر الإمام الشافعي قديما وحديثا ومن هذا الشعر ما يصح نسبته للإمام الشافعي وقليل منه أضافه إليه محبوه ، وقد حاولت أن أبرز شيئا من هذا في التحقيق مبينا الشعر المنسوب إليه إستنادا إلى تعدد النسبة ، أو أنها لا تتلاءم ولغة الشافعي ، وروح الشعر ، ورونقه وعذوبته وخياله وجماله .
وصنعت هذا في تحقيقي لشعر الإمام علي رضي الله عنه .
سمات شعر الشافعي :
يتسم شعر الشافعي بسهولة اللفظ وعذوبته مع رقي الفكر وعمق المعنى ، ولو أن الشافعي تفرغ للشعر لكان له نتاج غزير ولكنه أثر الاتجاه العلمي على التفرغ للشعر ، ومع ما له من مؤهلاته الأدبية ما كان يمكن أن يحقق ذلك ولو أراد ، فلديه الموهبة الأدبية والمقدرة اللغوية والعاطفة القوية والرواية الكثيرة التي عنيت بجمع الشعر الجيد المستقى من منابعه الصافية وبيئته الخالصة ، وقد حفظ عيون الشعر العربي ورعاها حتى صححها عليه الرواه ، وفي مقدمتهم شيخهم الأصمعي الذي كان يباهي بذلك فيقول : قرأت شعر هذيل ‘ والشنفري على محمد بن إدريس الشافعي .
كان شعر الإمام الشافعي مقتصرا على المقطعات ولم ينظم قصائد طوالا ، رغبة منه في تكثيف معانيه في أبيات قليلة .
ويرتكز الشافعي في شعره على نسج معاني الحكمة والزهد ، والتعبير عن التجارب الذاتية ، والتجارب العامة ، وإبراز معاني الصداقة والوفاء وحب آل البيت .
وللشافعي أشعار تجري مجرى المثل ، فمن ذلك قوله :

نعيب زماننا والعيب فينا=وما لزماننا عيب سوانا
وقوله :
ما حك جلدك مثل ظفرك=فتول أنت جميع أمرك
وقوله :
ما طار طير وارتفع=إلا كما طار وقع
والشافعي يملك القدرة على التعبير عن المعنى في قول موجز ولفظ منتقى .
( نهاية ترجمة الشافعي للدكتور أحمد أحمد شتيوي - منقول بدون تصرف )
قافية الحاء
المفتي المكي
وحدث الربيع بن سليمان قال : كنّا عند الشافعي إذ جاءه رجل برقعة فنظر فيها وتبسم ، ثم كتب فيها ودفعها إليه قال : فقلنا يسأل الشافعي عن مسألة لا ننظر في جوابها ؟ فلحقنا الرجل وأخذنا الرقعة فقرأناها وإذا فيها :

سَلِ المفتي المكي هل في تزاور=وضمّة مشتاق الفؤاد جُناحُ
قال وإذا إجابة الشافعي :

أقول : معاذ الله أن يذهب التُّقى=تلاصق أكباد بهنَّ جِراحُ
قال الربيع : فأنكرت على الشافعي أن يفتي لحدث بمثل هذا فقلت : يا أبا عبد الله تفتي بمثل هذا شابا ؟ فقال لي : يا أبا محمد هذا رجل هاشمي قد تزوج هذا الشهر – يعني شهر رمضان – وهو حدث السن فسأل هل عليه أن يقبل – ونحوه من غير وطء ؟ فأفتيته بهذه الفتيا .
قال الربيع : فتبعت الشاب فسألته عن حاله فذكر لي أنه مثل ما قال الشافعي ، فما رأيت فراسة أحسن منها .

الصمت حكمة
قالوا سكت وقد خوصمت قلتُ لهم=إن الجواب لباب الشرّ مفتاح
الصمتُ عن جاهل أو أحمق شرفٌ=وفيه أيضا لصونِ العرضِ إصلاحُ
أما ترى الأسدَ تخشى وهي صامِتةٌ=والكلبُ يُخسى لعمري وهو نبّاحُ
الفقيه والصوفي
فقيها وصوفيا فكن ليس واحدا=فإني وحق الله إياك أنصحُ
فذلك قاسٍ لم يذق قلبُهُ تُقى=وهذا جهولٌ كيف ذو الجهلِ يصلُحُ
السكوت
الهمُ فضلٌ والقضا غالبُ=وكائنٌ ما خُط في اللوحِ
انتظر الروح واسبابه=آيسَ ما كُنت من الروح
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الدال

صالح محسن الجهني
28-09-2006, 02:28 AM
6 رمضان 1427
قافية الدال

أماني النفس
حدثنا محمد بن إبراهيم : حدثنا يوسف بن عبد الأحد قال : قلت للمزني : كان الشافعي يتروح ببيتين من الشعر ما هما ؟ فأنشدني :

أماني النفس
يريد المرءُ أن يعطى مُناهُ=ويأبى الله إلا ما أرادا
يقولُ المرءُ فائدتي ومالي=وتقوى الله أفضل ما استفادا
أي ذاك تريد
أتاني عُذر منك في غير كُنهه=كأنك عن برّي بذاك تحيدُ
لسانك هشٌ بالنوال وما أرى=يمينك إن جاء اللسان تجودُ
فإن قلت : لي بيتٌ وسبطٌ وسبطةٌ=وأسلاف صدقٍ قد مضوا وجدودُ
صدقت ولكن أنت خرّبت ما بنوا=بكفيك عمدا والبناءُ جديدُ
إذا كان ذو القربى لديك مبعدا=ونال الذي يهوى لديك بعيدُ
تفرق عنك الأقربون لشأنهم=وأشفقت أن تبقى وأنت وحيدُ
وأصبحت بين الحمد والذم واقفا=فيا ليت شعري أي ذاك تريدُ
كيف يعصى الإله
فيا عجبي كيف يعصى الإلهُ=أم كيف يجحده الجاحدُ
ولله في كل تحريكةٍ=وتسكينةٍ أبدا شاهدُ
وفي كل شيء له أيةٌ=تدل على أنهُ واحدُ
أخلاق الناس
ليت الكلابُ لنا كانتْ مجاورةً=وليتنا لا نرى مما نرى أحدا
إن الكلاب لتهدى في مواطنها=والخلق ليس بهادٍ شرهم أبدا
فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها=تبق سعيدا إذا ما كنت منفردا
دهري رخاء وشدة
ولما أتيتُ الناس أطلبُ عندهُم=أخا ثقةٍ عند ابتلاء الشّدائد
تقلبت في دهري رخاءً وشدةً=وناديتُ في الأحياءِ هل من مساعدِ
فلم أر فيما ساءني غير شامتٍ=ولم أر فيما سرّني غير حاسدِ
صحبة الناس
إني صحبت أناسا ما لهم عدد=وكنت أحسب أني قد ملأت يدي
لما بلوت أخلائي وجدتهم=كالدهر في الغدر لم يبقوا على أحد
إن غبت عنهم فشر الناس يشتمني=وإن مرضت فخير الناس لم يعد
وإن رأوني بخيرٍ ساءهم فرحي=وإن رأوني بشرٍ سرهم نكدي
أيقظتني لمكرمة
أرى راحة للحق عند قضائه=ويثقل يوما إن تركت على عمد
وحسبك حظا أن ترى غير كاذبٍ=وقولك لم أعلم وذاك من الجهدِ
ومن يقض حق الجار بعد ابن عمه=وصاحبه الأدنى على القرب والبعد
يعش سيدا يستعذب الناس ذكره=وإن نابه حق أتوه على قصدِ
بين الحق والباطل
متى تقد بالباطل الحق يأبه=وإن قُدت بالحق الرواسي تنقدِ
إذا أتيت الأمر من غير بابهِ=ضللت وإن تقصد إلى الباب تهتدِ
الموت يطلبه
ومتعبُ العيس مُرتاحا إلى بلدٍ=والموتُ يطلبهُ من ذلك البلدِ
وضاحكٌ والمنايا فوق مفرقهِ=لو كان يعلمُ غيبا مات من كمدِ
آمالُهُ فوق ظهرِ النجمِ سابحةٌ=والموتُ منتظرٌ منهُ على الرصدِ
من كان لم يؤت علما في بقاء غد=ماذا تفكره في رزق بعد غد
طلب العلم
من طلب العلم للمعاد=فاز بفضلٍ من الرشادِ
فنال حسنا لطالبيه=بفضلِ نيلٍ من العبادِ
عفو الله
إن كنت تغدو في الذنوب جليدا=وتخاف في يوم المعادِ وعيدا
فلقد أتاك من المهيمن عفوُهُ=وأفاضَ من نِعمٍ عليك مزيدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا=في بطن أمك مضغةً ووليدا
لو شاء أن تصلى جهنم خالدا=ما كان ألهم قلبك التوحيدا
التفويض لله
إذا أصبحتُ عندي قوتُ يومي=فخل الهمّ عني يا سعيد
ولا تخطر هموم غدٍ ببالي=فإن غدا له رزقٌ جديد
أُسلمُ إن أراد الله أمرا=فاترك ما أريد لما يريد
وما لإرادتي وجه إذا ما=أراد الله لي ما لا أريد
في الأسفار خمس فوائد
تغربَّ عن الأوطان في طلب العُلى=وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائد
تفَرُّجُ همٍّ واكتسابُ معيشةٍ=وعلمٌ وآدابٌ وصُحبةُ ماجد
محن الزمان
محن الزمان كثيرةٌ لا تنقضي=وسرورُهُ يأتيك كالأعيادِ
ملك الأكابر فاسترق رقابهم=وتراهُ رِقا في يدِ الأوغادِ
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الراء

صالح محسن الجهني
29-09-2006, 02:32 AM
7 رمضان 1427
قافية الراء

جنان الخلد
يا راقد الليل مسرورا بأوله=إن الحوادث قد يطرُقن أسحارا
أفنى القرون التي كانت منعمة=كر الجديدين إقبالا وإدبارا
كم قد أبادت صروف الدهر من ملك=قد كان في الدهرِ نفّاعا وضرّارا
يا من يُعانق دُنيا لا بقاء لها=يمسي ويصبح في دنياه سفارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها=فينبغي لك أن لا تأمن النارا
هلاَّ تركت لذي الدنيا معانقةً=حتى تعانق في الفردوس أبكارا
همة عالية
أمطري لؤلؤا جبال سرنديب=وفيضي آبار تكرور تبرا
أنا إن عشت لست أعدم قوتا=وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همةُ الملوك ونفسي=نفسُ حرٍّ ترى المذلةَ كُفرا
وإذا ما قنعتُ بالقوت عمري=فلماذا أزور زيدا وعمرا
أمر الله
لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر=ومن دونها أرض المهامة والقفر
فو الله ما أدري أللفوز والغنى=أساق إليها أم أساق إلى قبري
الزمان وأهله
كن ساكنا في ذا الزمان بسيره=وعن الورى كن راهبا في ديره
وأغسل يديك من الزمان وأهله=واحذر مودتهم تنل من خيره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحبا=أصحبه في الدهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شره=وتركت أعلاهم لقلة خيره
وحدي للعبادة
إذا لم أجد خلاً تقيا فوحدتي=ألذ وأشهى من غوي أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمنا=أقر لعيني من جليسٍ أحاذره
التماس العذر
أقبل معاذير من يأتيك معتذرا=إن برّ عندك فيما قال أو فَجَرا
لقد أطاعكَ من يُرضيك ظاهرُهُ=وقد أجلّك من يعصيك مُستترا
إياك
إذا ما كنت ذا فضل وعلم=بما اختلف الأوائل والأواخر
فناظر من تُناظر في سكونٍ=حليما لا تُلحُ ولا تُكابر
يفيدك ما استفادا بلا امتنان=من النكت اللطيفة والنوادر
وإياك اللّجوجُ ومن يرائي=بأني قد غلبتُ ومن يفاخر
فإن الشرّ في جنبات هذا=يُمني بالتقاطع والتدابر
الدهر يومان
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر=والعيشُ عيشان ذا صفو وذا كَدَر
أما ترى البحرَ تعلوا فوقه جيَفٌ=وتستقِرُ بأقصى قاعه الدُّرَر
وفي السماء نجوم لا عداد لها=وليس يكسف إلا الشمس والقمر
الصمت
وجدتُ سكوتي متجرا فلزمتُه=إذا لم أجد ربحا فلست بخاسرِ
وما الصمتُ إلا في الرجال متاجرُ=وتاجرهُ يعلو على كل تاجرِ
راض بما حكم الدهر
وما كنت أرضى من زماني بما ترى=ولكنني راض بما حكم الدهرُ
فإن كانت الأيام خانت عهودنا=فإني بها راضٍ ولكنّها قهرُ
الثبات على الرأي
إذا المشكلات تصدين لي=كشفت حقائقها بالنظرْ
وإن برقت في مخيلِ السحابِ=عمياءُ لا تجتليها الفكرْ
مقنعةٌ بغيوب الغيوم=وضعت عليها حسام البصرْ
لساني كشقشقة الأرحبي=أو كالحسام اليماني الذكر
ولست بإمعة في الرجال=أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مذرّب الأصغرين=أبين مع ما مضى ما غبر
وسبّاق قومي إلى المكرمات=وجلابُ خيرٍ ورفاعُ شر
عار الهوان
قيل لي لقد أسا عليك فلانٌ=ومقام الفتى على الذّل عارُ
قلت قد جاءني وأحدث عُذرا=ديّةُ الذنب عِندنا الاعتذارُ
فقد الحُرّ
لعمرك ما الرزيةَ فقد دارٍ=ولا شاةٌ تموتُ ولا بعيرُ
ولكن الرزيةَ فقد حرٍّ=يموت بموتهِ خلقٌ كثيرُ
أين المفر
إني بليتُ بأربعٍ يرمينني=بالنبلِ عن قوسٍ لهن ضريرُ
إبليسُ والدنيا ونفسي والهوى=أنى يفرُّ عن الهوى نحريرُ
عواقب الأمور
عواقب مكروهِ الأمورِ خيارُ=وأيامُ شر لا تدوم قصارُ
وليس بباقٍ بؤسُها ونعيمُها=إذا كرّ ليلٌ ثم كرّ نهارُ
سلام فراق
سأصبرُ فأصبرْ واقطع الوصلَ بيننا=ولا تذكرني واسل باللهِ عن ذكري
قد عشتُ دهرا لستَ تعرفُ من أنا=وعشتُ لا أعرفك دهرا من الدهرِ
سلامٌ فراقٍ لا مودةَ بيننا=ولا ملتقى حتى القيامة والحشرِ
يا كاحل العين
قال أبو يعقوب البويطي : قلت للشافعي : قد قلت في الزهد فهل لك في الغزل شيء ؟ فأنشد :

يا كاحل العين
يا كاحل العين بعد النوم بالسهرِ=ما كان كحلك بالمنعوت للبصرِ
لو أن عيني إليك الدهر ناظرةً=جاءت وفاتي ولم أشبع من النظرِ
سقيا لدهرٍ مضى ما كان أطيبه=لولا التفرقُ والتنغيصُ بالسفرِ
إن الرسول الذي يأتي بلا عدةً=مثل السحاب الذي يأتي بلا مطر
صيانة الوجه
كل بملحِ الجريشِ خبزَ الشعيرِ=واعتقب للنجاة ظهر البعيرِ
وجبِ المهمةَ المخفوفَ إلى طنجةَ=أو خلفها إلى الدرّ دُورِ
وصن الوجه أن يُذلّ وأن يخضع=إلا إلى الطيفِ الخبيرِ
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
السين

صالح محسن الجهني
30-09-2006, 02:06 AM
8 رمضان 1427 هـ
قافية السين

صديقك
صديق ليس ينفع يوم بؤس=قريب من عدو في القياس
وما يبقى الصديقُ بكل عصرٍ=ولا الإخوان إلا للتآسي
عبرتُ الدهر ملتمسا بجهدي=أخا ثقة فألهاني التماسي
تنكرت البلاد ومن عليها=كأن أناسها ليسوا بناس
دعاء
قلبي برحمتك اللهم ذو انس=في السرِّ والجهرِ والإصباح والغلسِ
وما تقلبتُ في يومي وفي سِنَتي=إلا وذكرك بين النفس والنفسِ
لقد مننتُ على قلبي بمعرفة=بأنك الله ذو الألاء والقدسِ
وقد أتيت ذنوبا أنت تعلمها=ولم تكُنْ فاضحي فيها بفعل مسي
فامنن عليّ بذكر الصالحين ولا=تجعل عليّ إذا في الدين من لبسِ
وكنْ معي طول دنياي وآخرتي=ويوم حشري بما أنزلت في عبسِ
نصائح غالية
يا واعظ الناسِ عمَا أنت فاعلُهُ=يا من يُعدّ عليه العُمر بالنفسِ
أحفظ لشيبك من عيب يدنسهُ=إن البياض قليلُ الحملِ للدنسِ
كحاملٍ لثيابِ الناس يغسِلها=وثوبه غارق في الرجسِ والنجسِ
تبغي النجاة ولم تسلك طريقتها=إن السفينة لا تجري على اليبسِ
ركوبك النعش ينسيك الركوب على=ما كنت تركب من بغلٍ ومن فرسِ
يومُ القيامةِ لا مال ولا ولد=وضمة القبر تنسي ليلة العرسِ
عزة النفس
لقلع ضرسٍ وضرب حبس=ونزع نفس وردُّ أمس
وقر برد وقتود فردٍ=ودبغ جلد بغير شمس
وأكلُ ضب وصيد دبٍ=وصرف حب بأرض خرس
ونفخُ نار وحملُ عارٍ=وبيعُ دار بربع فلس
وبيع خف وعدم إلف=وضرب إلف بحبل قلس
أهونُ من وقفة الحُرّ=يرجوا نوالا بباب نْحس
شرف العلم
العلم مغرسُ كل فخرٍ فافتخر=واحذر يفوتُك فخرُ ذاك المغرَسِ
اعلم بأن العلم ليس ينالهُ=من همّه في مطعمٍ أو ملبسِ
إلا أخُو العلم الذي يُعنى به=في حالتيه : عاريا أو مكتسي
فاجعل لنفسك منّهُ حظا وافرا=واهجر له طيب الرُّقاد وعبس
فلعل يوما إن حضرت بمجلس=كنت الرئيس وفخر ذاك المجلس
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الصاد

صالح محسن الجهني
01-10-2006, 02:16 AM
9 رمضان 1427 هـ
قافية الصاد

الخلفاء الراشدين
شهدت بأن الله لا ربّ غيره=وأشهد أن البعث حقٌ وأخلصُ
وأن عرى الإيمان قولٌ مبين=وفعل زكي قد يزيد وينقصُ
وأن أبا بكر خليفة ربه=وكان ابو حفص على الخير يحرصُ
وأشهد ربي أن عثمان فاصلُ=وأن عليا فضله متخصصُ
أئمة قوم يهتدى بهداهم=لحى الله من إياهم يتنقصُ
فما لغواةٍ يشتمون سفاهةً=وما لسفيهٍ لا يحيصُ ويخرصُ
العلم نور
شكوتُ إلى وكيعٍ سُوء حفظي=فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نُورٌ=ونور الله لا يُهدى لعاصي
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الضاد

صالح محسن الجهني
02-10-2006, 01:55 AM
10 رمضان 1427 هـ
قافية الضاد

الجود
إذا لم تجودوا والأمور بكم تمضي=وقد ملكتْ أيديكمْ البسطَ والقبْضَا
فماذا يُرجى منكمْ إن عُزلتُمُ=وعضّتكُمُ الدنيا بأنيابها عضّا
وتسترجعُ الأيامُ ما وهبتكُمُ=ومن عادة الأيامِ تسترجعُ القرضَا
عدت بالود
لستُ ممن إذا جفاهُ أخوهُ=أظهر الذم أو تناولَ عِرضَا
بل إذا صاحبي بدا لي جفاهُ=عُدتُ بالودِِّ والوصالِ ليرضى
حب آل البيت
يا راكبا قِفْ بالمحصب من منى=واهتف بقاعد خيْفها والناهضِ
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى=فيضا كملتطِم الفرات الفائضِ
إن كان رفضا حُب آل محمدٍ=فليشهد الثقلان إني رافِضِي
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
العين

أبو عمرو
03-10-2006, 01:15 AM
11 رمضان 1427 هـ
قافية العين

من راقب الله رجع



حسبي بعلمي إن نفع = ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله رجـع = عن سوء ما كان صنع
ما طار طير وارتفع = إلا كما طار وقع




نكران الجميل




تعصي الإله وأنت تظهر حبه = هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقاً لأطعتـه = إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يومٍ يبتديـك بنعمـةٍ = منه وأنت لشكر ذاك مضيع

الشافعي

صالح محسن الجهني
03-10-2006, 03:15 AM
قافية العين

أحب الصالحين
أحب الصالحين ولست منهم=لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي=ولو كنا سواء في البضاعة
أدب النصح
تعمدني بنصحك في انفرادي=وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوعٌ=من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي=فلا تجزع إذا لم تُعط طاعة
الورع
المرء إن كان عاقلا ورعا=أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم أشغله=عن وجع الناس كلهم وجعه
حذار من الطمع
العبد حرٍ إن قنع=والحر عبد ٍ إن طمع
فاقنع ولا تقنع فلا=شيء يشين سوى الطّمع
دعاء إلى الله
ورب ظلوُمٍ قد كفيت بحربه=فأوقعه المقدوُرُ أي وقوعِ
فما كان لي الإسلام إلا تعبدا=وأدعيةً لا تُتقى بدروعِ
وحسبُك أن ينجو الظلوم وخلفَهُ=سهامُ دعاء من قسي ركوعِ
مريشةً بالهُدبِ من كل ساهر=منهّلةً أطرافها بدموعِ
الصبر
روى ياقوت الحموي فقال : بلغني أن رجلا جاء الشافعي برقعة فيها :

سل المفتي المكي من آل هاشم=إذا اشتد وجد بامريء ماذا يصنع
فكتب الشافعي تحته :

يداو هواه ثم يكتم وجده=ويصبر في كل الأمور ويخضع
فأخذها صاحبها وذهب بها ، ثم جاءه وقد كتب تحت هذا البيت الذي هو الجواب :

فكيف يداوي والهوى قاتلُ الفتى=وفي كُلّ يوم غُصّةً يتجرع
فكتب الشافعي :

فإن هو لم يصبر على ما أصابهُ=فليس له شيء سوى الموت أنفعُ
قال الربيع بن سليمان : كتب الشافعي إلى رجل يراسله : إن الأفئدة مزارع الألسنة ، فازرع الكلمة الكريمة ، فإنها إن لم تنبت كلها نبت بعضها وأنشد يقول :

لقد أسمع القول الذي كان كلما=تُذكرينه النفس قلبي يُصدعُ
فأبدي لمن أبداه مني بشاشةً=كأني مسرور بما منه أسمعُ
وما ذاك من عُجبٍ به غير أنني=أرى ترك بعض الشر للشر أقطعُ
ذو الوجهين
وذي حسدٍ يغتابني حيث لا يرى=مكاني ويثني صالحا حيث أسمعُ
تورعتُ أن أغتابهُ من ورائِه=وما هو إذ يغتابني متورعُ
إذا لم تصن
إذا لم تصن عرضا ولم تخشَ خالقا=وتستحي مخلوقا فما شئتَ فاصنعِ
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الفاء

صالح محسن الجهني
04-10-2006, 01:40 AM
12 رمضان 1427 هـ
قافية الفاء

سلام على الدنيا
إذا المرء لم يرعاك إلا تكلفا=فدعْهُ ولا تكثر عليه التأسّفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحةٌ=وفي القلب صبرٌ للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبُهُ=ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةٌ=فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خلٍّ يخون خليله=ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهدُه=ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها=صديق صدوق صادق الوعد منصفا
إمام يذكر فضل إمام
لقد زان البلاد ومن عليها=إمام المسلمين أبو حنيفة
بأحكام وآثار وفقه=كآيات الزبور على الصحيفة
فما بالمشرقين له نظير=وما بالمغربين ولا بكوفه
فرحمة ربنا أبدا عليه=مدى الأيام ما قرئت صحيفة
كيف الوصول
كيف الوصول إلى سعاد ودونها=قُللُ الجبال ودونهن حُتُوف
والرجلُ حافيةٌ ولا لي مركب=والكف صِفرُ والطريق مخوفُ
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
القاف

صالح محسن الجهني
05-10-2006, 02:56 AM
13 رمضان 1427 هـ
قافية القاف

حلاوة العلم
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي=من وصلِ غانيةٍ وطيبِ عناقِ
وصرير أقلامي على صفحاتها=أحلى من الدوكاءِ والعشاقِ
وألذ من نقرِ الفتاةِ لدفها=نقري لألقي الرمل عن أوراقي
وتمايلي طربا لحل عويصةٍ=في الدرس أشهى من مدامة ساق
وأبيت سهران الدجى وتبيته=نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي
الاغتراب
ارحل بنفسك عن أرض تُضام بها=ولا تكن من فراق الأهل في حُرق
من ذلّ بين أهاليه ببلدته=فالاغتراب له من أحسن الخلق
فالعنبر الخامُ روثٌ في مواطنه=وفي التغرب محمول على العنق
والكحل نوع من الأحجار تنظره=في أرضه وهو مرميٌ على الطرق
لما تغرّب حاز الفضل أجمعه=فصار يُحمل بين الجفنِ والحدق
طلب القود
العمُ صيدٌ والكتابةُ قيدُهُ=قيّد صيودك بالجبال الواثقه
فمن الحماقة أن تصيد غزالة=وتتركها بين الخلائق طالقه
محاسن الإغضاء
إذا رافقت في الأسفار قوما=فكن لهم كذي الرحم الشفيقِ
بعيبِ النفسِ ذا بصرٍ وعلمٍ=وأعمى العينِ من عيبِ الرفيقِ
ولا تأخذ بعثرةِ كلّ قومٍ=ولكن قلْ : هلُمّ إلى الطريقِ
فإن تأخذ بعثرتهم يقلّوا=وتبقى في الزمان بلا صديقِ
الحظ
ما همتي إلا مقارعةُ العدا=خلق الزمان وهمتي لم تخلق
والناس أعينهم إلى سلب الغنى=لا ينظرون إلى الحِجا والأولق
لكن من رزق الحِجا حرم الغنى=ضدان مفترقان أي تفرق
لو كان بالحيل الغنى لوجدتني=بنجوم أفلاك السماء تعلقي
ولربما عرضت لنفسي فكرة=فأود منها أنني لم أخلق
إن امرءا وجد اليسار فلم يصب=حمدا ولا شكرا لغير موفق
الجد يدني كل أمر شاسع=والجد يفتح كل باب مغلق
فإذا سمعت بأن مجدودا حوى=عودا فأثمر في يديه فصدق
وإذا سمعت بأن مكدودا أتى=ماء ليشربه فغاض فحقق
وأحق خلق الله بالهم امرؤ=ذو همة يبلى برزق ضيق
ومن الدليل على القضاء وحكمه=بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
إذا المرء
إذا المرء أفشى سره بلسانه=ودل عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه=فصدر الذي أودعته السر أضيق
الناس
لم يبق في الناس إلا المكر والملقُ=شوكٌ إذا لمسوا زهر إذا رمقوا
فإن دعتك ضرورات لعشرتهم=فكن جحيما لعل الشوك يحترق
الغريب
إن الغريب له مخافةَ سارقٍ=وخضوع مديون وذلة مُوثقِ
فإذا تذكر أهله وبلادُه=ففؤادهُ كجناح طير خافق
توكلت على الله
توكلت على الله خالقي=وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليس يفوتني=ولو كان في قاع البحار الغوامق
سياتي به الله العظيم بفضله=ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شي تذهب النفس حسرةً=وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
العقل وحده لا يغني
لو كنت بالعقل تُعطى ما تريد إذن=لما ظفرت من الدنيا بمرزوق
رزقت مالا على جهل فعشت به=فلست أول مجنون ومرزوق
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الكاف

صالح محسن الجهني
05-10-2006, 08:18 PM
عن إبن عباس قال :
قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : أيكم يعرف قس بن ساعدة الآيادي فقالوا : كلنا نعرفه يا رسول الله قال : فماذا فعل .
قالوا : هلك .
قال صلى الله عليه وسلم : ما انساه بعكاظ وهو على جمل أحمر وهو يخطب بالناس ويقول يا أيها الناس ( اجتمعوا ، واسمعوا ، وعوا ، من عاش مات ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت ، إن في السماء لخبرا ، وإن في الأرض لعبرا ، مهاد موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تمور ، وبحار تغور ، إن لله دينا أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا ؟ أم تركوا فناموا ؟ ... )
ثم قال صلى الله عليه وسلم : أفيكم من يروي شعره ! فأنشده بعضهم :

في الذاهبين الأولين=من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا=للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها=يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إليك=ولا من الباقين غابر
قس بن ساعدة

صالح محسن الجهني
06-10-2006, 01:50 AM
14 رمضان 1247 هـ
قافية الكاف

تحمل المسؤلية
ما حكّ جلدَكَ مثل ظفرُك=فتولّ أنت جميعُ أمرك
وإذا بُليتَ بحاجةٍ=فاقصد لمعترفٍ بقدرك
القناعة
رأيت القناعة رأسَ الغنى=فصرت بأذيالها متمسّك
فلا ذا يراني على بابه=ولا ذا يراني به منهمك
فصرت غنيا بلا درهم=أمر على الناس شبه الملك
قال الزعفراني : سمعت الشافعي يقول : كانت أمي تطعمني الزيت وأنا صبي ، فقلت يا أماه ، قد أحرق الزيت كبدي ، فقالت : كُلهُ يا بُني ، فأنه مبارك ، فقلت :

تأدمني بالزيتِ قالت ْ : مبارك=وقد أحرقَ الأكبادَ هذا المبارك

سوء رد الجميل
ومن الشقاوة أن تحب=ومن تحب يحب غيرك
أو أن تريد الخير للإنسان=وهو يريد ضيرك
فساد كبير
فساد كبير عالم متهتك=وأكبر منهُ جاهل متنسك
هما فتنة في العالمين عظيمةٌ=لمن بهما في دينه يتمسك
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
اللام

صالح محسن الجهني
07-10-2006, 01:49 AM
15 رمضان 1427 هـ
قافية اللام

بدع
لم يفتأ الناسُ حتى أحدثوا بدعا=في الدين بالرأي لم يبعث بها الرسلُ
حتى استخف بحق الله أكثرهم=وفي الذي حملوا من حقّف شُغُلُ
صن النفس
صن النفس واحملها على ما يزينُها=تَعِشْ سالما والقول فيك جميلُ
ولا توليَّنَّ الناس إلا تجمُّلا=نبا بك دهرٌ أو جفاك خليلُ
وإن ضاق رزق اليوم فأصبر إلى غدٍ=عسى نكباتُ الدهر عنك تزول
فيغنى غنيُّ النفس إن قل مالهُ=ويغنى فقيرُ النفسِ وهو ذليلُ
ولا خير في وُدّ أمريءٍ متلونٌ=إذا الريح مالت مال حيث تميلُ
وما أكثرُ الأخوان حين تعدُّهم=ولكنهم في النائباتِ قليلُ
المرء لا يولد عالما
تعلم فليس المرء يولدُ عالما=وليس أخو علمٍ كمن هو جاهلُ
وإن كبيرَ القومِ لا علمَ عندهُ=صغيرٌ إذا التفت عليهِ الجحافلُ
وإن صغير القومِ إن كانَ عالما=كبيرٌ إذا ردت إليهِ المحافلُ
ولا ترضَ من عيش بدونٍ ولا يكن=نصيبك إرث قدمته الأوائلُ
العلم يأتي بالتفرغ له
لا يدركُ الحكمة من عمره=يكدح في مصلحة الأهل
ولا ينالُ العلم إلا فتى=خال من الأفكار والشغل
استغن بالله
إن الملوكَ بلاءٌ حيثما حلّوا=فلا يكن لك في أبوابهم ظِلُّ
ماذا تُؤملُ من قومٍ إذا غضبوا=جاروا عليك وإن أرضيتهم مَلُّوا
فاستغنِ بالله عن أبوابهم كرما=إن الوقوف على أبوابهم ذلُّ
المقياس العمل
إن الفقيه هو الفقيهُ بفعله=ليس الفقيهُ بنطقه ومقالهِ
وكَطَا الرئيس هو الرئيس بخلقه=ليس الرئيس بقومه ورجالهِ
وكذا الغني هو الغني بحاله=ليس الغني بملكه وبمالهِ
آل بيت رسول الله
يا آل بيت رسول الله حُبُّكُمُ=فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ
يكفيكُمُ من عظيم الفخر أنكُمُ=من لم يصلِّ عليكُم لا صلاة له
طريق المعالي
بقدر الكدِ تكتسب المعالي=ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن رام العلا من غير كدٍ=أضاع العمر في طلب المحالِ
تروم العز ثم تنام ليلا=يغوص البحر من طلب اللآلي
زادني علما بجهلي
كلما أدبني الدَّهرُ=أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علما=زادني علما بجهلي
الشقي في شقاء
المرء يحظى ثم يعلو ذكرُهُ=حتى يُزيّن بالذي لم يفعلِ
وترى الغني إذا تكاملَ مالُهُ=يخشى ويُنحَلُ ما لم يَعْمَلِ
داريت كل الناس
داريت كُلّ الناس لكن حاسدي=مداراته عزّت وعزّ منالها
وكيف يداري المرء حاسد نعمة=إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
أمور
أرى نفسي تتوقُ إلى أمورٍ=يقصر دون مبلغهن مالي
فنفسي لا تطاوعني ببخلٍ=ومالي لا يبلغني فعالي
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الميم

صالح محسن الجهني
08-10-2006, 04:07 AM
16 رمضان 1427 هـ
قافية الميم
أسباب الغنى
أجود بموجود ولو بت طاويا=على الجوع كشحا والحشا يتألمُ
وأظهر أسباب الغنى بين رفقتي=ليخفاهُمُ حالي وأني لمعدمُ
وبيني وبين الله أشكو فاقتي=حقيقا فإن الله بالحال أعلم
ما لا يليق بمسلم
عفوا تعفوا نساؤكم في المحرم=وتجنبوا ما لا يليق بمسلمِ
إن الزنا دين فإن أقرضته=كان الوفا من أهل بيتك فأعلم
يا هاتكا حُرم الرجال وقاطعا=سبل المودة عشت غير مكرمِ
لو كنت حرا من سلالة ماجدٍ=ما كنت هتاكا لحرمة مُسلمِ
من يزن يُزن به ولو بجدارهِ=إن كنت يا هذا لبيبا فافهمِ
لئن سهل الله
لئن سهل الله العزيز بلطفه=وصادفت أهلا للعلوم وللحكم
بثثتُ مفيدا واستفدت ودادهم=وإلا فمكنون لدي ومكتتم
ومن منح الجهال علما أضاعه=ومن منح المستوجبين فقد ظلم
وكاتم علم الدين عمن يريده=يبوء بإثمٍ زاد وأثم إذا كتم
مجد العلم
رأيت العلم صاحبه كريم=ولو ولدته آباء لئام
وليس يزال يرفعه إلى أن=يعظم أمره الناس الكرامُ
ويتبعونه في كل حالٍ=كراعي الضأن تتبعه السوامُ
فلولا العلم ما سعدت رجال=ولا عرف الحلال ولا الحرام
ثلاث مهلكات
ثلاث هن مهلكة الأنام=وداعية الصحيح إلى السقامِ
دوام مدامة ودوام وطء=وإدخال الطعام على الطعامِ
يوم
قضيتُ نحبي فسر قومٌ=حمقى بهم غفلة وقوم
كان يومي عليّ حتمٌ=وليس للشامتين يوم
تذلل واستغاثة
بموقف ذُلي دون عزتك العظمى=بمخفي سرٍّ لا أحيط به علما
بإطراق رأسي باعترافي بذلتي=بمد يدي أستمطر الجود والرحمى
بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها=لعزتها يستغرق النثر والنظما
بعهد قديم من : "ألست بربكم"=بمن كان مكنونا فعرف بالأسما
أذقنا شراب الأنس يا من إذا سقى=محبا شرابا لا يضام ولا يظما
توبة وندم
خفِ الله وارجوه لكل عظيمةٍ=ولا تطع النفس اللجوج فتندما
وكن بين هاتين من الخوف والرجا=وابشر بعفو الله إن كنت مُسلما
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي=جعلت الرجا مني لعفوك سلما
إليك – إله الخلق – أرفع رغبتي=وإن كنت يا ذا المن والجود مُجرما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته=بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل=تجود وتعفو منه وتكرما
فإن تعف عني تعف عن متمرد=ظلوم غشوم حين يلقاك مُسلما
وإن تنتقم مني فلست بآيس=ولو أدخلت نفسي بجرمي جهنما
فجرمي عظيم من قديم وحادثٍ=وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسما
حواليّ فضل الله من كل جانب=ونور من الرحمن يفترش السما
وإني لأتي الذنب أعرفُ قدرهُ=وأعلمُ أن الله يعفو ترحما
وفي القلب إشراق المحب ووصله=إذا قارب البُشرى وجاز إلى الحمى
حواليّ إيناسٌ من الله وحده=يطالعني في ظلمة القبر أنجما
أصون ودادي أن يدنسه الهوى=وأحفظ عهد الحب أن يتثلما
ففي يقظتي شوقٌ وفي غفوتي مُنى=تلاحق خطوي نشوةً وترنما
ومن يعتصم بالله يسلم من الورى=ومن يرجه هيهات أن يتندما
فلولاك لم يصمد لإبليس عابدٌ=فكيف وقد أغوى صفيك آدما
فيا ليت شعري هل أصيرُ لجنةٍ=أهنا وأما للسعير فأندما
فلله درَّ العارف الندب أنه=تفيض لفرط الرجد أجفانه دما
يقيم إذا ما الليل مد ظلامه=على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحا إذا ما كان في ذكر ربه=وفي ما سواه في الورى كان أعجما
ويذكر أياما مضت من شبابه=وما كان فيها بالجهالة أجرما
فصار قرين الهمّ طول نهاره=أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما
يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي=كفى للراجين سؤلا ومغنما
ألست الذي غذيتني وهديتني=ولا زلت منانا عليّ ومنعما
عسى من له الإحسان يغفر زلتي=ويستر أوزاري وما قد تقدما
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
النون

صالح محسن الجهني
09-10-2006, 04:57 AM
17 رمضان 1427 هـ
قافية النون
المشيئة الإلهية
ما شئت كان وإن لم أشأ =وما شئت إن لم تشاء لم يكن
خلقت العباد لما قد علمت=ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد =ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت وهذا خذلت=وذاك أعنت وذا لم تعن
سقى الله أرضا
وإني لمشتاق إلى أرض غزة=وإن خانني بعد التفرق كتماني
سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها=كحّلتُ به من شدة الشوق أجفاني
زن بما وزنت به
زن من وزنت بما وزنك=وما وزنك به فزنه
من جا إليك فرح إليه=ومن جفاك فصد عنه
من ظن أنك دونه=فاترك هواه إذن وهنه
وارجع إلى رب العباد=فكل ما يأتيك منه
البلاء من أنفسنا
نعيبُ زماننا والعيب فينا=وما لزماننا عيب سوانا
وتهجو ذا الزمان بغير ذنب=ولو نطق الزمان لنا هجانا
فدنياك التصنع والترائي=ونحن به نخادع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب=ويأكل بعضنا بعضا عيانا
لبسنا للخداع مسوك ضأن=فويل للمغير إذا أتانا
أفضل العلوم
كل العلوم سوى القرآن مشغلةٌ=إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما فيه قال حدثنا=وما سوى ذاك وسواس الشياطين
سفينة المؤمنين
إن لله عبادا فطنا=تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما=علموا أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا=صالح الأعمال سفنا
كل من عليها فان
يا من تعزز بالدنيا وزينتها=الدهر يأتي على المبني والباني
ومن يكن عِزّهُ الدنيا وزينتها=فعزهُ عن قليلٍ زائلٌ فاني
وأعلم بأن كنوز الأرض من ذهبٍ=فاجعل كنوزك من برٍ وإيمانِ
سعة العلم
لن يبلغ العلم جميعا أحد=لا ولو حاوله ألف سنة
إنما العلم عميق بحرُهُ=فخذوا من كل شيء أحسنه
كلك سوءات وللناس أعين
إذا رمت أن تحيا سليما من الردى=ودينك موفورا وعرضك صين
فلا ينطق منك اللسان بسوأةٍ=فكلك سوءات وللناس أعين
وعيناك إن أبدت إليك معائبا=فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى=ودافع ولكن بالتي هي أحسن
القناعة
أمتُّ مطامعي فأرحت نفسي=فإن النفس ما طمعت تهون
وأحييت القنوع وكان ميتا=ففي إحيائه عرض مصون
إذا طمع يحل بقلب عبد=علته مهانة وعلاه هون
إذا هبت رياحك
إذا هبت رياحك فاغتنمها=فعقبى كل خافية سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها=فلا تدري السكون متى يكون
حصاد الألسن
أحفظ لسانك أيها الإنسان=لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه=كانت تهاب لقاءه الأقران
ترك الهموم
سهرت أعين ونامت عيون=في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهم ما استطعت عن النفس=فحملانك الهموم جنون
إن ربا كفاك بالأمس ما كان=سيكفيك في غدٍ ما يكون
آت بعد حين
أقول لعائدي وشجعوني=وغرّهم فتور حمى جبيني
تعزوا بالتصبر عن أخيكم=فضجوا بالبكاء وودعوني
فلم أدع الأنين لقل سقمي=ولكني ضعفت عن الأنين
سأصبر للحمام وقد أتاني=وإلا فهو آت بعد حين
الصمت خير من حشو الكلام
لا خير في حشو الكلام=إذا اهتديت إلى عيونه
والصمت أجمل بالفتى=من منطق في غير حينه
وعلى الفتى لطباعه=سمةٌ تلوح على جبينه
من ذا الذي يخفى عليك=إذا نظرت إلى قرينه
تعزية
إني أعزيك لا أني على طمع=من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه=ولا المعزي وإن عاشا إلى حين
أكرام النفس
قنعت بالقوت من زماني=وصنتُ نفسي عن الهوان
خوفا من الناس أن يقولوا=فضل فلان على فلان
من كنت عن ماله غنيا=فلا أبالي إذا جفاني
ومن رآني بعين نقصٍ=رأيته بالتي رآني
ومن رآني بعين تم=رأيته كامل المعاني
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الهاء

صالح محسن الجهني
10-10-2006, 04:03 AM
18 رمضان 1427 هـ
قافية الهاء
لغز
رفع رجل رقعة إلى الشافعي مكتوب فيها :

رجلٌ مات وخلّف رجُلاً=ابن عمّ ابن أخي أبيهِ
فأجاب الشافعي في أسفل الرقعة :

صار مالُ المتوفي كاملاً=باحتمال القول لا مرية فيهِ
للذي خبّرت عنه أنه=ابن عمّ ابن أخي عمّ أبيهِ

خلاق البرايا
أنلني بالذي استقرضت خطا=واشهد معشرا قد شاهدوه
فإن الله خلاق البرايا=غنت لجلال هيبته الوجوه
يقول : إذا تداينتم بدين=إلى أجل مسمى فاكتبوه
مرض الحبيب
مرض الحبيب فعدته=فمرضت من حذري عليه
وأتي الحبيبُ يعودُني=فبرئتُ من نظري إليه
الشافعي
قافية الليلة القادمة
بإذن الله
الألف المقصورة
وقافية الياء

صالح محسن الجهني
11-10-2006, 01:22 AM
19 رمضان 1427 هـ
قافية الألف المقصورة والياء
الحياة
أرى حمرا ترعى وتعلف ما تهوى=وأسدا جياعا تظمأ الدهر لا تروى
وأشراف قوم لا ينالون قوتهم=وقوما لئاما تأكل المنّ والسلوى
قضاء لديان الخلائق سابق=وليس على مر القضا أحد يقوى
فمن عرف الدهر الخؤون وصرفه=تصبر للبلوى ولم يظهر الشكوى
...

الإسلام والعافية
لا تأس في الدنيا على فائتٍ=وعندك الإسلامُ والعافيةْ
إن فات أمرٌ كنت تسعى له=ففيهما من فائتٍ كافيةْ
عين الرضا
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٍ=ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهيابٍ لمن لا يهابني=ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتي=وإن تَنْأ عني تَلقنِي عنك نائيا
كِلانا غنيٌّ عن أخيه حياته=ونحن إذا متنا أشدُّ تغانيا
الشافعي
الأخوة الأعزاء الكرام ( أبو ياسر . عاشق حزن . أبو عمرو ) الذين عطروا هذا الديوان بمشاركاتهم القيمة وإطلاعهم على أشعار الإمام الشافعي والتي فيها الترويح عن النفس بجميل الشعر وبديع المعاني والحكم والأمثال أتقدم إليكم بجزيل الشكر والامتنان كما أهنئكم والجميع بدخول أيام العشر الأواخر من هذا الشهر المبارك سائلا المولى عز وجل لنا ولكم الأعمال الصالحة بها ومسك ختامها عيد الفطر المبارك وكل عام وأنتم والجميع بخير .
ديوان الإمام الشافعي " رحمه الله " يعطر صفحات الانترنت ولا يكاد موقعا مفيدا إلا ولبعض ما جاء فيه من أشعار جميلة وأقوال حميدة المساحة الكبرى أو كاملا ... بعد أن عطر المعرفة والثقافة العربية فوددت أن يكون " هنا بالقسم الأدبي " كإهداء للمشاركين به وهذا الصرح الكريم لما فيه من خير كثير وعلم وفير ... فيا ليت نفسي تقتدي بما هدف إليه الإمام الشافعي من شعره وبليغ فصاحته والنهج القويم الذي كان منهاجه " رحمه الله " فما أنا إلا واحدا من المقصرين بالإقتداء بمثل هذا الشاعر الهمام والإمام القدير وما الإقتداء به وبأمثاله إلا والحصيلة الإبداع شعرا ونثرا .
وما هذا الجهد إلا اختيار من يحاول تقويم نفسه أولا وأن يعم النفع على القارئ والباحث عن الشعر الغني المفيد ليطرز بحثه اقتباسا أو نحو ذلك لتحقيق هدف وأغراض بحثه الأدبي أو العلمي ... وتضمين قولا لمثل هذا الشاعر الهمام يعد مكسبا أدبيا كبيرا لتوضيح أو شرحٍ جاء به في طيات وثنايا كتابه ... أو للقائمين على النصح و الإرشاد .
أبو محسن

القلم الخارق
26-11-2006, 12:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




إذا سبني نذلٌ تزايدتٌ رفعة ... وما العيبُ إلا أن أكونَ مُسابِبه


الأمام الشافعى

تقبلوا خالص تحياتي
أخوكم
خ
ا
ر
ق