المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مباحث في الاستثمار في رأس المال البشري



د/ منصور فرغل
18-09-2006, 12:12 PM
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.يعتبر مفهوم الاستثمار في رأس المال البشري من المفاهيم الحديثة في مجالي التربية والاقتصاد لذالك سوف نسلط الضوء في هذه المباحث عن اهم المفاهيم في هذا المجال والتي تشمل
1ـالمشكلة الاقتصادية
2ـمفهوم علم الاقتصاد
3ـالمشكلة الاقتصادية في التعليم
4ـمفهوم علم اقتصاديات التعليم
5ـمفهوم الاستثمار في رأس المال البشري
6ـ نظرية الاستثمار في رأس المال البشري
7ـالعائد من التعليم
8ـكلفة التعليم
9ـ الفاقد التعليمي
10ـ التعليم والنمو الاقتصادي
ارجو من الله ان تعم الفائدة للجميع وان تضيف هذه المباحث البعد الاقتصادي للقيادات التربوية عند اتخاد القرارات التربوية

المشكلة الاقتصادية Economic Problem
منذ أن خلق الله آدم عليه السلام وجعله خليفة في الأرض ليعمرها والي وقتنا الحاضر ولا يزال الإنسان يعيش ويعاني من نفس المشكلة فقد اقتضت حكمة الله أن لا تنتهي هذه المشكلة إلا عند قيام الساعة- ودخول المؤمنين الجنة - حتى يعمل الإنسان ويكون البشر بعضهم لبعض سخريا. إن هذه المشكلة هي المشكلة الاقتصادية. فقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى جعل بعض الموارد المتاحة للبشر بكميات محدودة ،وجعل في مقابلها حاجات ورغبات للبشر غير محدودة وغير منتهية وهنا تقع المشكلة الاقتصادية. كيف يستطيع الفرد أن يشبع جميع احتياجاته في مقابل قلة الموارد المتاحة ومن هنا نشأة الندرة أو ما يعرف في علم الاقتصاد بقانون الندرة والذي يعني أن الموارد محدودة ونادرة ، مقابل الاحتياجات والرغبات الغير منتهية.ولكي يخرج الفرد من هذا المأزق لابد له أن يختار ويضحي. أن يختار بعض حاجاته لإشباعها بما لديه من موارد محدودة ويضحي يبعضها أي بعدم إشباع بعض حاجاته.

خصائص المشكلة الاقتصادية
أولاً: الندرة النسبية Relative Scarcity
وهى تعني إن حاجات مجتمع ما أكبر من موارده المتاحة وبالتالي يطلق على تلك الموارد أنها نادرة- مثل الماء ،البترول- لأنها لا تستطيع أن تشبع جميع الحاجات. ولكن إذا كانت الموارد أكبر من الحاجات فإنه في مثل هذه الحالة لا يطلق على تلك الموارد بالنادرة مثل الهواء فهو مورد ضروري لحياة الإنسان ويوجد بكميات كبيرة جداً ويمكن الحصول عليه بسهولة وبدون جهد وهو موجود بكمية أكبر من حاجات الإنسان. وليتم فهم الندرة النسبية سوف نستعرض مفهومي الحاجات والموارد بشرح أكثر تفصيلاً ليتم فهم الندرة النسبية التي بني عليها علم الاقتصاد ويتم بالتالي فهم الاقتصاد كعلم.
أ- الحاجات Wants or Needs
تتسم الحاجات البشرية كما يقول ألوزني وواصف (2004م) بتعددها وعدم محدوديتها ويمكن القول أن هناك نوعين من الحاجات البشرية هي:
1-حاجات أساسية وضرورية.
2-حاجات كمالية.
يرتبط النوع الأول باستمرار حياة الإنسان على الوجه المناسب وينطوي تحتها حاجات المأكل والملبس والمسكن وما شابه ، أما الحاجات الكمالية فهي ما يمكن تسميتها تجاوزا بحاجات الرفاهية وتتنوع القائمة هنا حسب مستويات دخل الفرد فالتلفاز كمالي لأصحاب الدخل المتدني جداً وضروري لمستويات الدخول المرتفعة، وهكذا الأمر للعديد من السلع الأخرى وتتسم حاجات الإنسان أيضاً كما يقول الحاج (1998م) بأنها:
1-رغبات متداخلة أي أن الإنسان لا يستطيع أن يشبع رغبة إلا إذا أشبع رغبة أخرى فمثلاً الرغبة في اقتناء السيارة لا يتم إلا بعد الرغبة في شراء البنزين.
2-رغبات الإنسان متجددة ومتنوعة أي أنه كلما أشبع رغبه ثارت في نفسه رغبات أخرى ، ولا يستطيع الإنسان أن يشبع أ ي رغبة من رغباته إلا إذا كان تحت تصرفه موارد اقتصادية فإن توفرت هذه الموارد بشكل غير محدود فإن الإنسان يستطيع أن يشبع أ ي رغبة من رغباته وهنا لا توجد مشكلة والعكس صحيح.
ب- الموارد Resources
تعرف الموارد كما يقول ألوزني ونايف (2004م) بأنها ما يسره الله عز وجل من وسائل أو مصادر سواء كانت طبيعية أو بشرية يؤدى استخدامها إلى إنتاج السلع والخدمات التي تشبع القدر الأكبر من الحاجات الغير محدودة
ولا بد في هذا الصدد والكلام للوزني ونايف أن نفرق بين نوعين من الموارد :
الموارد الاقتصادية Economic Resources
الموارد الغير اقتصادية Free Resources
وتتسم الأخيرة بعدم محدوديتها أو ندرتها وبالتالي فهي لا تشكل مشكلة حقيقة للإنسان ، بيد أن توفر هذه الموارد لا يعني أنها غير ضرورية لحاجات الإنسان بل على العكس ،فإن بعضها أساسي لحياة البشر ولعل أكبر دليل على ذلك الهواء .أما الموارد الاقتصادية فهي في الأساس موارد تتسم بالندرة والمحدودية والندرة والمحدودية لا تعني أن هذه الموارد قليلة وإنما المقصود هنا أن تلك الموارد محدودة نسبة إلى الحاجات التي يمكن أن تلبيها ، وهناك ثلاثة شروط لكي نقول أن هذه الموارد هي موارد اقتصادية وهي:
1-الندرة والمحدودية النسبية ، المقصود هنا أن الموارد نادرة أو محدودة نسبة إلى الحاجات التي يمكن أن تشبعها.
2-وجود ثمن لذلك الموارد مثل الماء ، البنزين بعكس الهواء.
3-ارتباط الحصول على المورد بجهد فالهواء وهو مورد لا يحتاج إلى جهد للحصول عليه بعكس الماء الذي يحتاج إلى جهد للحصول إليه.
وتنقسم الموارد إلى ثلاثة أقسام هما كم يقول عبد الرحمن وعريقات (2004م):
1-موارد طبيعية Natural Resources
والإنسان في هذه الحالة ليست له علاقة بوجودها وإنما تعتبر هذه الموارد هبة من الله سبحانه وتعالى مثل المعادن والأرض الزراعية ، وشلالات البحار والمحيطات.
2-موارد بشرية:
وتتمثل بقوة العمل المتاحة في مجتمع معين
3-موارد اقتصادية:
وهي نتاج تفاعل بين الموارد البشرية والطبيعية لغرض إنتاج السلع والخدمات الاستهلاكية وكذلك إنتاج السلع والخدمات الإنتاجية مثل (الآلات والمعدات ،...)
ثانياً: الاختيار:
بما أن الموارد محدودة والحاجات غير محدودة فإن الإنسان يقع تحت ضغط الاختيار والذي يعني إشباع حاجات معينة مقابل عدم إشباع حاجات أخرى أي أن الإنسان له أن يختار أي الحاجات يشبع وأيها لايشبع ولا شك أن ذلك الاختيار تحكمه عوامل كثيرة تختلف من فرد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر.
ثالثا التضحية:
في ضل ندرة الموارد مقابل الرغبات الغير محدودة لا بد للإنسان أن يضحي بعدم إشباع بعض الحاجات مقابل إشباع بعضها وهذا يعني أن الاختيار والتضحية هما وجهان لعملة واحدة.
ولنعطي مثال مبسط على ذلك:
لوان فرد لديه أرض ولديه رغبة في زراعتها أو بناءها أو تأجيرها فإذا اختار البناء فإنه سوف يضحي بالزراعة والتأجير وهكذا مع بقيت الاختيارات الأخرى ولكن على إي أساس الإنسان يختار وعلى أي أساس يضحي هذا السؤال هو الذي يجيب عليه علم الاقتصاد

تعريف علم الاقتصاد :هو ذلك العلم الذي يبحث في كيفية توزيع الموارد المحدودة على الحاجات الغير منتهية وغير المحدودة بكفأة لإشباع أكبر قدر من الحاجات.
ويصفه ألوزني والرفاعي( 2004م) بأنه ذلك العلم الذي يهتم بتخصيص الموارد النادرة لإشباع أكبر قدر ممكن من الحاجات الغير محدودة
وتعرفه سهير السيد (2003م) بأنه ذلك العلم الذي يدرس ويبحث في كيفية توزيع الموارد المحدودة على الاستخدامات المتعددة بحيث يمكن تحقيق أقصى إشباع ممكن.
ويعرفه عبد الرحمن وعريقات ( 2004م) بأنه العلم الذي يمكن المجتمع ككل من إشباع أكبر قدر من حاجاته غير المحدودة عن طريق استغلال موارده المحدودة.

أهداف علم الاقتصاد
يحددها عبد الرحمن وعريقات (2004م) في:
أولا:الهدف الأساسي وهو علاج المشكلة الاقتصادية وهذا يتم عن طريق تحديد عناصر المشكلة الاقتصادية التي تتمثل بالأتي
أ‌-تحديد احتياجات أفراد المجتمع من السلع والخدمات الضرورية لإشباع حاجات جميع أفراد المجتمع علماً بأن الحاجات غير منتهية وغير محدودة .
ب- تحديد كمية الإنتاج ونوعيته بهدف إشباع حاجات الأفراد
ج- تنظيم العملية الإنتاجية ، وهذا يتطلب
1- تحديد الجهة التي تقوم بالعملية الإنتاجية
2- تحديد أسلوب الإنتاج بما يكفل استخدام عناصر الإنتاج استخداما ً امثلاً
د- تحديد كيفية توزيع الناتج على أفراد المجتمع بما يكفل عدالة التوزيع أي الاستغلال الأمثل لكل الإمكانيات والموارد في البلاد.
الهدف الثاني:
هو وسيلة لتحقيق الهدف الأول كالقضاء على الفقر والحد من البطالة وتحسين أسلوب الإنتاج وتحسين مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع.
ويحدد الحاج 1998م أهداف علم الاقتصاد في:
1التعرف على المشكلة الاقتصادية.
2-التعرف على العلاقات القائمة بين مختلف الظواهر الاقتصادية
3-تحقيق التنمية الاقتصادية بهدف زيادة الرفاهية لدى أفراد المجتمع
4-التعرف على العلاقات السببية والتي تهدف إلى تفسير مختلف الحوادث والتنبؤ بما يحدث في المستقبل.

المشكلة الاقتصادية في التعليم
وهي تعنى أن الموارد الموجهة للتعليم لا تفي بمتطلبات الطلب على التعليم من قبل الأفراد لإشباع حاجاتهم فالطلب على التعليم يزداد بزيادة البشر فكلما كانت معدلات النمو عالية في المواليد كلما زاد الطلب على التعليم. كذلك تطلعات أولياء الأمور للوصول بأبنائهم إلى أقصى مراحل التعليم يزيد حدة المشكلة . نوعية التعليم الذي يريده الأفراد يزيد من حدتها لذلك جاء علم اقتصاديات التعليم ليتعامل مع تلك المشكلة .

تعريف اقتصاديات التعليم Economics of Education:
علم اقتصاديات التعليم هو ذلك العلم الذي يبحث في الكيفية التي يتم بها توزيع الموارد المتاحة والموجهة للعملية التعليمية على الحاجات المتنامية والغير منتهية على التعليم بكفاءة لإشباع أكبر قدر من تلك الحاجات دون الإخلال بالقيم التربوية)
ويعرفه عابدين (2004م) بأنه العلم الذي يبحث في أمثل الطرق لاستخدام الموارد التعليمية بشرياً وزمنياً ومالياً وتكنولوجياً من أجل تكوين البشر (بالتعليم والتدريب ) ، تكويناً شاملاً متكاملاً حاضرا ومستقبلاً فردياً واجتماعياً ، من أجل أحسن توزيع ممكن لهذا التكوين.
ويعرفه الرشدان (2001م) بأنه دراسة كيفية اختيار الأفراد والمجتمع ، باستعمال النقود أو بدون استعمالها ، وتوظيف الموارد الإنتاجية النادرة لإنتاج مختلف أنماط التدريب ، وتنمية المعرفة والمهارة الخ ، ولا سيما عن طريق التعليم الرسمي خلال الزمن وتوزيعها في الحال والمستقبل ، بين الأفراد والجماعات على اختلافهم في المجتمع .
ويعرفه المصري (2003م) بقوله (إن اقتصاديات التعليم بمفهومها الشامل ترتبط بتكلفة كل من البدائل المتاحة والممكنة أو بالأحرى تكلفة الفرصة المتاحة أو الممكنة وينطبق ذلك بشكل خاص على قضايا التعليم.

حل المشكلة الاقتصادية في التعليم:
يمكن حل المشكلة الاقتصادية في التعليم من خلال :
1-البحث عن موارد تعليمية جديدة غير الموارد المتاحة فمثلا هنا في المملكة العربية السعودية نجد إن تمويل التعليم له مصدر وحيد هو ميزانية الدولة. ذلك يستدعي البحث عن مصادر تمويل جديدة لتخفيف الضغط عن ميزانية الدولة ولإشباع مزيد من حاجات الأفراد الخاصة بالتعليم.
2- زيادة كفاءة استخدام الموارد المتاحة والخاصة بالعملية التعليمية وترشيد النفقات للوصول إلى الاستخدام الأمثل للموارد الموجهة للتعليم.
3-العدالة في توزيع الموارد المتاحة للعملية التعليمية على أفراد المجتمع .
4-تحديد أولويات إنفاق الموارد التعليمية نحو الحاجات الملحة والتي تجني أكبر عائد للعملية التعليمية والتي تشبع أكبر الراغبات.

في المبحث القادم سوف نتحدث باذن الله عن الاستثمار في رأس المال البشرى

أبو رامي
18-09-2006, 01:32 PM
شكرا يا دكتور منصور .. فكم نحن بحاجة في هذا المنتدى إلى عرض مثل هذه الموضوعات الجادة والرصينة ولا شك أنني وعبر هذه الدراسة قد كونت قاعدة معلوماتية ابتدائية حول الاستثمار في رأس المال البشري لم أكن أعلم عنها إلا القليل جدا .. وسأحرص بعون الله على متابعة مباحثك القادمة أعانك الله

أبوماجد
18-09-2006, 08:15 PM
بارك الله فيك يا دكتور

موضوع علمي جميل كنت أتمنى رؤية مثله ومن أمثالك في مجالسنا الشامخة
بهدف إثراء ثقافتنا العامة التي نفتقر إليها كثيراً

شكراً لك كل الشكر والتقدير

أبو عمرو
19-09-2006, 06:56 AM
ظهرت الحاجة إلى علم الاقتصاد , من خلال ندرة الموارد المتاحة , وتزايد الحاجات , مع النمو السكاني المتزايد على الكرة الأرضية.

والأزمة الاقتصادية تختلف من مكان لآخر ومن زمان لآخر , على حسب الاحتياجات والرغبات لقاطني هذا البلد أو ذاك.

وعلى سبيل المثال فإن ندرة المياه العذبة في المملكة العربية السعودية , يقابله وفرة في البترول , وفي المياه المالحة , مما أدى إلى توجيه الموارد المتاحة , لسد النقص الناتج عن شح المياه العذبة بإنشاء محطات التنقية , والوصول إلى الاكتفاء الذاتي من المياه المحلاة.

ومما لا شك فيه فإن من أعظم الاستثمارات هو الاستثمار في رأس المال البشري , الذي يتأثر بمستوى التعليم والثقافة العامة , والتربية من قبل الوالدين والمجتمع , حيث يعود الاستثمار الأمثل لهذا المورد بالنفع على الاستثمارات الأخرى , والذي ننتظر من دكتورنا العزيز / منصور فرغل , إكمال هذا المبحث .

مع خالص شكري وتقديري.

أبو سفيان
21-09-2006, 12:46 AM
حياك الله أخي / د / منصور فرغل وموضوع (الاستثمار في رأس المال البشري ) لا شك أنه مهم ومن الموضوعات التي تتردد الآن على ألسنة خبراء التعليم .. وبعد قراءة النص كأني أرى لمساتك بين سطوره حيث علمت أن هذه عبارة عن مباحث تم تكليفك بعملها يا دكتور من قبل الإدارة العامة لاقتصاديات التعليم بالوزارة ؛؛ ولكنك آثرت عدم ذكر اسمك .. والهدف من هذه المباحث نشر ثقافة اقتصاديات التعليم في الأجهزة التعليمية المختلفة بالإضافة إلى تدريب مديري اقتصاديات التعليم في المناطق ومنسوبي الإدارة العامة بالوزارة ونسأل الله لك التوفيق والسداد كي نراها عما قريب في صورة كتاب يمكن اقتناؤه والاستفادة من أطروحاته وشكرا .

النادر
21-09-2006, 09:03 AM
الله يعطيك العافية

وموضوع بالفعل مفيد وحيوي بارك الله فيك اخي منصور

ونحن بنتظار القادم

عساك على القوة