المعلم
16-09-2006, 10:54 AM
.. رحم الله الصديق الحبيب معالي الدكتور فايز بدر الذي شهد بأم عينيه البذخ في مراسم العزاء وكيف يطول صف العزاء بجلوس الأهل والأقارب وأبنائهم وأحفادهم أيضاً وحتى بعض الأصدقاء والجيران على كراسي الـمُعزَّين لدرجة يصعب فيها على المرضى وكبار السن مواصلة تقديم العزاء للجميع.. فكان أن كتب -رحمه الله- وصية خاصة عندما أحس بدنو أجله، بأن لا يجلس في الصف غير اخوانه وأبنائه وممثل واحد من أسرة الأقارب وعلى شرط أن لا يزيد صف العزاء على عشرة أشخاص، وأن تتم مراسم العزاء وفق المتعارف عليه شرعاً دونما بذخ ولا إسراف.
تذكرت ذا وأنا أقرأ مقال أخي الأستاذ الحصيف محمد الحساني الذي نشر يوم الاثنين 7/6/1427هـ بعنوان (تطور الششني على يد حسني).. وأنا وإن لم أجد لحسني في المقال ذكراً ولا يداً في موضوع الششني إلا أنني أقول لأخي الحساني ليت الأمر اقتصر على الششني الذي قال عنه إن المعزين من الرجال كانوا يشكون من طلبات النساء لأن ما يقدم للرجال لا يعدو وجبة أرز بلا سلطة وأحياناً بسلطة فقط لا غير إظهاراً للحزن وأن الوجبة التي يقوم بها عادة الأصدقاء هي تطبيق للسنة النبوية (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد جاءهم ما يشغلهم).
أي نعم ليت الأمر اقتصر على الششني فقد أصبح الأمر أوسع من ذلك وأصبح العزاء يشهر بكثرة اللمبات الكهربائية والبذخ في تقديم الطعام بما يضاهي مراسم حفلات الزفاف.
ولعل الأغرب من ذا وذاك أن كثيراً من المعزين أصبحوا لا يغادرون موقع العزاء إلا بعد تناول العشاء وكأنه واجب مفروض.
وأذكر بهذه المناسبة أن صديقاً لي فاجأ الموت زوج أخته ظهراً فتم دفنه عصراً، وشغلتهم الفاجعة والجلوس لتقبل العزاء بعد المغرب عن التفكير في أمر العشاء، فإذا به يُفاجأ بأن ثلثي المعزين قد جلسوا بعد صلاة العشاء في انتظار تقديم العشاء، ولم يسعفه إلا صديق سارع لطباخي الحنيذ ووفر منهم ستة تباسي وأحضرها خلال ساعة كان المعزون خلالها يتبادلون النكت والضحكات العالية في انتظار العشاء وما غادروا حتى تناولوه!!
أما بالنسبة للإسراف وتحول مراسم العزاء إلى ما يشبه مراسم الزفاف كما صور ذلك ببراعة الأستاذ الحساني.. فإن الكثير من الناس باتوا يسرفون في تزيين موقع العزاء بالتيازيز الفخمة والكراسي الكنب والمخمل ووجبات الطعام المشابهة لطعام الزفاف من سمبوسك وبف وحلويات وفواكه وسلطة متنوعة، ومن الناس من جاء بالأكل من الفنادق.. بل لقد رأيت بعيني وأنا مغادر موقع عزاء في جدة بوفيه الأكل الشعبي من مطبق ومبشور وكباب ميرو وسمبوسك وفول وسلات وطعمية وغيرها.. أما الحلويات فقد كانت لبنية وهريسة ولدو إلى جانب الفواكه، ولئن ذكر الأستاذ الحساني أن بعض الأصدقاء من المعزين لم يكتفوا بتناول ما لذ وطاب، بل جلسوا بعد ذلك للعب البلوت ونصبوا «الشيش» والأراجيل للرجال والمعسل للنساء وتعالت الأصوات والنكات والحديث عن الأسهم وقراع الخطوب!!
فإنني وصديقي الأستاذ عبدالله فقيه.. قد شهدنا ما هو أدهى وأمرّ عندما توفي صديق لنا خارج منزله ولما أردنا نقل جثته لمنزله حاول أبناؤه وأقاربه الاكتفاء بنقله إلى المستشفى لإجراء الغسيل والتشييع من هناك ولكننا تغلبنا عليهم وعدنا به إلى بيته وجلسنا لمنتصف الليل نقرأ بجانبه القرآن، ثم غادرنا لنأخذ قسطاً من الراحة لبينما يقترب الفجر ونعود لتشييعه لمثواه فإذا بنا ونحن في الطريق نسمع الأبناء يتحدثون مع خالهم كيف غلبوه البارحة في لعبة البلوت!!
وفي المساء بعدما انتهت القراءة، تنادوا ثانية للعب البلوت.. أما رابع الأبناء فقد حمل آلة القيثار ليشارك مع أصدقائه حفلاً عندهم ذلك المساء.. وكأن لا علاقه له بالميت.
رحم الله أمواتنا وأمواتكم وهدانا إلى سواء السبيل بالذي يعين الميت في قبره من دعاء وقراءة القرآن والصدقة على الفقراء والمساكين بدلاً من الإسراف غير المحمود الذي لا ينفع الميت بشيء.
تذكرت ذا وأنا أقرأ مقال أخي الأستاذ الحصيف محمد الحساني الذي نشر يوم الاثنين 7/6/1427هـ بعنوان (تطور الششني على يد حسني).. وأنا وإن لم أجد لحسني في المقال ذكراً ولا يداً في موضوع الششني إلا أنني أقول لأخي الحساني ليت الأمر اقتصر على الششني الذي قال عنه إن المعزين من الرجال كانوا يشكون من طلبات النساء لأن ما يقدم للرجال لا يعدو وجبة أرز بلا سلطة وأحياناً بسلطة فقط لا غير إظهاراً للحزن وأن الوجبة التي يقوم بها عادة الأصدقاء هي تطبيق للسنة النبوية (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد جاءهم ما يشغلهم).
أي نعم ليت الأمر اقتصر على الششني فقد أصبح الأمر أوسع من ذلك وأصبح العزاء يشهر بكثرة اللمبات الكهربائية والبذخ في تقديم الطعام بما يضاهي مراسم حفلات الزفاف.
ولعل الأغرب من ذا وذاك أن كثيراً من المعزين أصبحوا لا يغادرون موقع العزاء إلا بعد تناول العشاء وكأنه واجب مفروض.
وأذكر بهذه المناسبة أن صديقاً لي فاجأ الموت زوج أخته ظهراً فتم دفنه عصراً، وشغلتهم الفاجعة والجلوس لتقبل العزاء بعد المغرب عن التفكير في أمر العشاء، فإذا به يُفاجأ بأن ثلثي المعزين قد جلسوا بعد صلاة العشاء في انتظار تقديم العشاء، ولم يسعفه إلا صديق سارع لطباخي الحنيذ ووفر منهم ستة تباسي وأحضرها خلال ساعة كان المعزون خلالها يتبادلون النكت والضحكات العالية في انتظار العشاء وما غادروا حتى تناولوه!!
أما بالنسبة للإسراف وتحول مراسم العزاء إلى ما يشبه مراسم الزفاف كما صور ذلك ببراعة الأستاذ الحساني.. فإن الكثير من الناس باتوا يسرفون في تزيين موقع العزاء بالتيازيز الفخمة والكراسي الكنب والمخمل ووجبات الطعام المشابهة لطعام الزفاف من سمبوسك وبف وحلويات وفواكه وسلطة متنوعة، ومن الناس من جاء بالأكل من الفنادق.. بل لقد رأيت بعيني وأنا مغادر موقع عزاء في جدة بوفيه الأكل الشعبي من مطبق ومبشور وكباب ميرو وسمبوسك وفول وسلات وطعمية وغيرها.. أما الحلويات فقد كانت لبنية وهريسة ولدو إلى جانب الفواكه، ولئن ذكر الأستاذ الحساني أن بعض الأصدقاء من المعزين لم يكتفوا بتناول ما لذ وطاب، بل جلسوا بعد ذلك للعب البلوت ونصبوا «الشيش» والأراجيل للرجال والمعسل للنساء وتعالت الأصوات والنكات والحديث عن الأسهم وقراع الخطوب!!
فإنني وصديقي الأستاذ عبدالله فقيه.. قد شهدنا ما هو أدهى وأمرّ عندما توفي صديق لنا خارج منزله ولما أردنا نقل جثته لمنزله حاول أبناؤه وأقاربه الاكتفاء بنقله إلى المستشفى لإجراء الغسيل والتشييع من هناك ولكننا تغلبنا عليهم وعدنا به إلى بيته وجلسنا لمنتصف الليل نقرأ بجانبه القرآن، ثم غادرنا لنأخذ قسطاً من الراحة لبينما يقترب الفجر ونعود لتشييعه لمثواه فإذا بنا ونحن في الطريق نسمع الأبناء يتحدثون مع خالهم كيف غلبوه البارحة في لعبة البلوت!!
وفي المساء بعدما انتهت القراءة، تنادوا ثانية للعب البلوت.. أما رابع الأبناء فقد حمل آلة القيثار ليشارك مع أصدقائه حفلاً عندهم ذلك المساء.. وكأن لا علاقه له بالميت.
رحم الله أمواتنا وأمواتكم وهدانا إلى سواء السبيل بالذي يعين الميت في قبره من دعاء وقراءة القرآن والصدقة على الفقراء والمساكين بدلاً من الإسراف غير المحمود الذي لا ينفع الميت بشيء.