المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خايف! ليه؟



المعلم
15-07-2006, 04:53 AM
ندى الطاسان
مافيا! ولعلكم تعرفون كيف تصور الأفلام والمسلسلات رجل العصابات المنظمة بدءا من فيلم «العراب» ونهاية بمسلسل «سوبرانو»! والتي تحكي عن السيطرة والقوة الإجرامية العمياء التي تسعى لإخضاع الآخرين بأي طريقة ووسيلة! وإليكم حكاية أخرى من حكايات المافيا!
الزمان.... اليوم وكل يوم!

المكان.... مكان قريب جدا، قد يكون قريبا من بيتك أم مررت بها به يوما أو حتى هو نفسه مكان عملك!

الحكاية ببساطة أساسها الخوف، فصاحبتنا حين انتقلت للعمل بصفة مؤقتة إلى مكان آخر، اكتفت بالملاحظة والمشاهدة والمراقبة عن بعد مثلها مثل أي غريب يفضل أن يكتشف المكان حتى يعرف أين يضع قدميه، وهذا المكان مثله مثل أي مكان آخر فيه الرئيس والمرؤوس، الخبير والمتدرب، المجتهد والكسول، الصريح ومن يتبع سياسة «راحة البال والخروج بأقل عدد ممكن من الخسائر»، وفيه من يمشي بجانب الحائط ومن يتحرك وسط الملعب، المكان صورة مصغرة لميدان الحياة وقوانينها التي قد تكون مخلتة وقد تكون عادلة أو متأرجحة أو موزونة على طريقة المافيا. محور هذا المكان هو امرأة يمكننا أن نقول أنها أقل الناس ترتيبا وظيفيا وشهادة، لكنها تملك قوة خفية، فالكل لا يريد إغضابها بدءا من زملائها ممن هم على نفس الدرجة العلمية والوظيفية ونهاية برؤسائها. ولهذه السيدة حكايات وصولات وجولات فهي تعتمد على الصراخ والزعيق بدعوى المحافظة على النظام وتتبع أسلوب نقل الكلام والتهديد المبطن بأنها ستسعى لخراب البيوت وطرد فلان ومعاقبة علان وأنها ستخبر رئيسهم في العمل. وهذه السيدة مثل فتوة الحارة «الفاضي» الذي لم يجد شيئا يعمله سوى مضايقة الآخرين وترويعهم وهي تشم رائحة الخوف لذلك تتسلط على من تجد منه أي علامة تردد أو ضعف. ما أدهش صاحبتنا وهي تراقب وتسمع وتشاهد بحيادية هو أن الكل خائف منها والكل يقول انها «مركز قوة» ولديها القوة والقدرة للتدمير الشامل لمن يقف في طريقها لأنها مقربة من الرئيس في العمل بمعنى أن بينهما مصلحة واحدة فكلاهما غير سعودي وبقاء الأول مرتبط ببقاء الثاني وسط مكان عمل كثر فيه عدد السعوديين، وهذا ما سمعته وإن كانت لا تستطيع أن تجزم بصحته.

صاحبتنا مليئة بالأسئلة؛ فهذه السيدة تمثل أقلية في مكان العمل ليس لها أصحاب بل إن علاقاتها تتشكل حول الخوف والرغبة من الآخرين في اتقاء شرها، وهذه السيدة لم تستفد من كونها «مركز قوة» كما يقول الضعفاء الذين يعملون معها فهي لا تأخذ راتبا أعلى ولا تعمل ساعات أقل وليست في مركز وظيفي أفضل منهم ولم تحصل على علاوة في غير محلها، بمعنى أنها متساوية معهم في كل شيء، الفرق فقط هو أنها تستخدم أسلوب «البلطجة» وإخافة الآخرين والتهديد بأنها ستبلغ من هم في مركز القرار المشغولين بما هو أهم بكل صغيرة وكبيرة تصدر من هؤلاء الضعفاء! الحكايات كثيرة وكلها تبدأ بالصراخ والزعيق والتهديد و تنتهي بالبكاء والتشكي وانتظار اليوم الذي تأخذ فيه هذه السيدة تأشيرة خروج بدون عودة، كل المشاكل تتوقف عند التهديد والوعيد من طرفها والخضوع والخوف من الآخرين ولا شيء يحدث سوى أن أسطورة المرأة الحديدة تكبر والحكايات والإشاعات عن كونها مركز قوى تزيد وتزيد.

صاحبتنا في لحظة ملت فيها من سلبية الآخرين تساءلت بصوت عال: «لماذا أنتم خائفون؟ أنتم أكثر منها عددا وأنتم أبناء الوطن وهي لم تتمكن حتى الآن ولن تتمكن من إلحاق الضرر بأي منكم مادمتم ملتزمين بالعمل وقوانينه وأي شكوى منكم سينظر لها بجدية لماذا لا تتخذون موقفا بدلا من الجلوس و التشكي و محاولة البحث عن مكان آخر تعملون فيه؟ لكن لا إجابة على أسئلتها.

تعرفون أساس خوفهم هو أنهم صدقوا كذبتها وأصبحوا يغذون خوفهم بحكايات كاذبة عن كونها مركز قوة وتملك القدرة على إنهاء مستقبلهم بجرة قلم! صاحبتنا المتفرجة ابتسمت فالحكاية واضحة لأن السيدة الغريبة والأقل من الآخرين شهادة وخبرة تشكل مصدر خوف وإرهاب لكل من حولها فهي ببساطة تعي أنها الأضعف و بحاجة لحماية نفسها بحاجة للبقاء والاستمرارية ولم تجد وسيلة سوى تخويف الآخرين الذي استسلموا لها ولم يرو الواقع الذي يقول غير ذلك! الأحداث اليومية التي تراقبها صاحبتنا تستحق التسجيل والمتابعة لأنها تشكل مصدرا ثريا لمن يبحثون في السلوكيات البشرية، الخوف مثلا جعل كل هؤلاء لا يرون الحقيقة وهي أن هذه السيدة لاتملك القدرة على إلحاق الضرر بأي منهم وأنها خائفة جدا وأنها تحاول حماية نفسها ومصالحها وأنهم يستطيعون إيقافها عند حدها بطريقة بسيطة وسهلة!

بيني وبينكم «يستاهلون» ويستحقون ما يجري لهم! فهم قد صنعوا منها أسطورة من أساطير المافيا!

لو كنتم مكانهم ماذا تفعلون؟ يهمني أن أعرف!


--------------------------------------------------------------------------------