مادلين
21-06-2006, 11:00 PM
المدينة المنورة: خالد الطويل
ينتظر أن يأتي مشروع طريق المدينة - ينبع، بعد اكتساحه مساحات واسعة لأهم المناطق التاريخية في المدينة المنورة المتمثلة في المنطقة التي باتت توصف بـ"مثلث التاريخ الأخضر" وهي أحياء "قباء وقربان والعوالي"...، من المنتظر أن يأتي على تركة تاريخية، ترتبط بسياقات إسلامية متعاقبة يعود تاريخ بعضها حسب المصادر إلى 1400عام.
وتبين الوثائق التاريخية التي تحتضنها المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة بجلاء قيمة تلك المساحات الخضراء اقتصاديا وتاريخيا وفكريا، نظرا لما يكتنف الكثير منها من معالم حضارية كانت ذات يوم حديث الرحالة والباحثين والشعراء وزوار المدينة من كل مكان.
وتتضح القيمة التاريخية لتلك المساحات الخضراء المنزوعة ملكيتها لصالح المشروع من خلال الوثائق التي ضمن الباحث فائز بن موسى البدراني جزءا منها في كتابه "بعض الأعيان وأعلام القبائل في وثائق المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة خلال العهد العثماني 960هـ -1300هـ".
وتكشف الوثائق تاريخية تلك المزارع موضحة أن "المتغير" الوحيد الذي كان يحدث للمزارع، على حد قول البدراني "انتقالها من مالك إلى آخر دون أن تتعرض هويتها الجغرافية والبيئية إلى مساس" الأمر الذي يجعلها أشبه بنسق اجتماعي وتاريخي مترابط ومتواصل.
ومن تلك المزارع التي تؤكد رواية البدراني نسقيتها الحضارية والاجتماعية بلاد "البديدية" جنوب غرب المدينة، والتي أخذت مسماها التاريخي من الطريق الذي يمر بجوارها، وبلاد"البقع"، و"البوعي" وجميعها وردت في وثائق المبايعة التي كشف عنها البدراني في كتابه وذلك عبر صكوك مبايعة مختلفة التواريخ يعود بعضها إلى القرن التاسع الهجري.
ويقول البدراني، وهو الباحث الوحيد الذي كشف عن جزء من الوثائق النادرة في المحكمة: "عشت من خلال الجزء اليسير الذي حصلت عليه من الوثائق واقع المدينة التاريخي قبل مئات السنين، حين كانت واحة خضراء، باسقة النخل، لم تنل منها هجمات الأسمنت المستعرة".
ولا يزال المشروع الجديد مثار جدل الكثير من أهالي المدينة والمتخصصين في الجانب الهندسي والفني والمهتمين بالجانب البحثي لعاصمة الإسلام الأولى، خاصة أن ما حدث حدث لمزارع "العالية" التي تواترت الروايات على ذكر خصائص نخيلها وأهمية ثمارها التي تصدر
للعالم الإسلامي برمته.
ويلاحظ الواقف على مزارع العالية الآن تضرر وسقوط الكثير من نخيلها وأشجارها بسبب الشوارع والمخططات العقارية التي اخترقتها من كل اتجاه، ومن أقدم تلك المزارع "المدشونية" وبلاد "العهن" التي أخذت اسم البئر التاريخية بجوارها، والتي كانت مغروسة، على حد ذكر بعض المصادر، قبل دخول الإسلام.
ومن المزارع التي يتوقع عدم نجاتها من المشروع والمخططات العقارية المستحدثة بلاد الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه والتي تسمى بـ"الفقير".
وتمثل مزرعة"حاجزة" جنوب غرب المدينة المنورة واحدة من تلك المزارع التي يتأسف الباحث في آثار المدينة المنورة الدكتور غازي التمام، على أن تصبح بعد كل السياق التاريخي الذي تحمله ـ على حد وصفه ـ أولى ضحايا مشروع طريق المدينة - ينبع، باعتبار أنها تمثل "نقطة مركزية" تلتف حولها حزمة من المواقع الأثرية، التي ذكرتها المراجع باستفاضة منقطعة النظير، والتي منها مسجد "غزوة بني قريظة" الذي هدمته أمانة منطقة المدينة المنورة قبل ما يزيد عن ثلاث سنوات تقريبا.
وبات فضاء التاريخ في تلك المواقع التاريخية مهددا اليوم حسب مخططات الأمانة بشارع فرعي يخترقه من المنتصف، ومن شأنه حال تنفيذه أن يقضي على آمال الباحثين والمهتمين الذين لا يزال الأمل يراود بعضهم في أن يعاد إحياء تلك التركة لصالح أهداف إسلامية ووطنية واسعة.
ولم تكن أودية المدينة المنورة، وآبارها النبوية الشهيرة هي الأخرى بمنأى عن تلك المخططات الواسعة، ومن المنتظر أن تطمس الآليات المنتشرة هنا وهناك ملامح أشهر أودية المدينة من جهة الجنوب الغربي على وجه الخصوص، والتي منها واديا "مذينب" و"مهزور" اللذان كانا يرفدان وادي "بطحان" الذي يمر وسط المنطقة السكنية، ويلتقي بوادي العقيق، ووادي قناة في منطقة العيون شمال المدينة.
وكان أشهر مؤرخي المدينة المنورة فيما مضى، محمد كبريت الحسيني يرحمه الله، قد ذكر في كتابه "الجواهر الثمينة" تحقيق الدكتور عائض الردادي أن من محاسن حدائق العالية مزرعة "سُميحة" التي ما زالت قائمة حتى الآن، وبها بئر عذبة لم يتغير ماؤها، والتي تذكر كتب الأدب في سياق آخر أنها ذات المزرعة التي قال فيها الشاعر كثيّر عزة:
كأن دموع العين لما تخللت
مخارم بيضا من تمني جمالها
قبلن غروبا من "سميحة" أنزعت
بهن السواني واستدار محالها
ومن مزارع العوالي التي يتوقع أن يأتي عليها المشروع ما يقع منها على بئر النُصيري، وحديقة الدويمة، والدُوار، والمسمارية، والمرجانية، والمالكي، والبغوة، والأخيرة يوجد فيها حسب وصف الكبريتي "وادي جفاف" التاريخي الذي تزينه حدائق "جفاف الحُمرة"، و"النواعم" التي يعدها المؤلف من أعظم حدائق ذلك الوادي.
هذا الموضوع منقول من جريدة الوطن الصادرة يوم السبت 29/4/1427هـ
السؤال الذي يتباذر للأذهان أين وكالة الاثار والمتاحف عن هذا الشيْ أين هيئة السياحة لماذا يدمرون أثار هي من تاريخ المملكة والحقبة الاسلامية الاولى
تصوروا في يوم من الايام أنشاء مصنع للأسمنت في مدائن صالح ، مغاير شعيب ، مشروع أسثماري على أرض قصر صاهود بالأحساء وغيرها وقس على ذلك المواقع البرية السياحية فأنها ماسلمت من أعمال التدمير فأنشئت بها المزارع مثل ماهو حاصل في الصمان وشق الطرق التي تمر بروضات وفياض جميلة أصبحت الان مليئة بمخلفات الطرق والمباني
ينتظر أن يأتي مشروع طريق المدينة - ينبع، بعد اكتساحه مساحات واسعة لأهم المناطق التاريخية في المدينة المنورة المتمثلة في المنطقة التي باتت توصف بـ"مثلث التاريخ الأخضر" وهي أحياء "قباء وقربان والعوالي"...، من المنتظر أن يأتي على تركة تاريخية، ترتبط بسياقات إسلامية متعاقبة يعود تاريخ بعضها حسب المصادر إلى 1400عام.
وتبين الوثائق التاريخية التي تحتضنها المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة بجلاء قيمة تلك المساحات الخضراء اقتصاديا وتاريخيا وفكريا، نظرا لما يكتنف الكثير منها من معالم حضارية كانت ذات يوم حديث الرحالة والباحثين والشعراء وزوار المدينة من كل مكان.
وتتضح القيمة التاريخية لتلك المساحات الخضراء المنزوعة ملكيتها لصالح المشروع من خلال الوثائق التي ضمن الباحث فائز بن موسى البدراني جزءا منها في كتابه "بعض الأعيان وأعلام القبائل في وثائق المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة خلال العهد العثماني 960هـ -1300هـ".
وتكشف الوثائق تاريخية تلك المزارع موضحة أن "المتغير" الوحيد الذي كان يحدث للمزارع، على حد قول البدراني "انتقالها من مالك إلى آخر دون أن تتعرض هويتها الجغرافية والبيئية إلى مساس" الأمر الذي يجعلها أشبه بنسق اجتماعي وتاريخي مترابط ومتواصل.
ومن تلك المزارع التي تؤكد رواية البدراني نسقيتها الحضارية والاجتماعية بلاد "البديدية" جنوب غرب المدينة، والتي أخذت مسماها التاريخي من الطريق الذي يمر بجوارها، وبلاد"البقع"، و"البوعي" وجميعها وردت في وثائق المبايعة التي كشف عنها البدراني في كتابه وذلك عبر صكوك مبايعة مختلفة التواريخ يعود بعضها إلى القرن التاسع الهجري.
ويقول البدراني، وهو الباحث الوحيد الذي كشف عن جزء من الوثائق النادرة في المحكمة: "عشت من خلال الجزء اليسير الذي حصلت عليه من الوثائق واقع المدينة التاريخي قبل مئات السنين، حين كانت واحة خضراء، باسقة النخل، لم تنل منها هجمات الأسمنت المستعرة".
ولا يزال المشروع الجديد مثار جدل الكثير من أهالي المدينة والمتخصصين في الجانب الهندسي والفني والمهتمين بالجانب البحثي لعاصمة الإسلام الأولى، خاصة أن ما حدث حدث لمزارع "العالية" التي تواترت الروايات على ذكر خصائص نخيلها وأهمية ثمارها التي تصدر
للعالم الإسلامي برمته.
ويلاحظ الواقف على مزارع العالية الآن تضرر وسقوط الكثير من نخيلها وأشجارها بسبب الشوارع والمخططات العقارية التي اخترقتها من كل اتجاه، ومن أقدم تلك المزارع "المدشونية" وبلاد "العهن" التي أخذت اسم البئر التاريخية بجوارها، والتي كانت مغروسة، على حد ذكر بعض المصادر، قبل دخول الإسلام.
ومن المزارع التي يتوقع عدم نجاتها من المشروع والمخططات العقارية المستحدثة بلاد الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه والتي تسمى بـ"الفقير".
وتمثل مزرعة"حاجزة" جنوب غرب المدينة المنورة واحدة من تلك المزارع التي يتأسف الباحث في آثار المدينة المنورة الدكتور غازي التمام، على أن تصبح بعد كل السياق التاريخي الذي تحمله ـ على حد وصفه ـ أولى ضحايا مشروع طريق المدينة - ينبع، باعتبار أنها تمثل "نقطة مركزية" تلتف حولها حزمة من المواقع الأثرية، التي ذكرتها المراجع باستفاضة منقطعة النظير، والتي منها مسجد "غزوة بني قريظة" الذي هدمته أمانة منطقة المدينة المنورة قبل ما يزيد عن ثلاث سنوات تقريبا.
وبات فضاء التاريخ في تلك المواقع التاريخية مهددا اليوم حسب مخططات الأمانة بشارع فرعي يخترقه من المنتصف، ومن شأنه حال تنفيذه أن يقضي على آمال الباحثين والمهتمين الذين لا يزال الأمل يراود بعضهم في أن يعاد إحياء تلك التركة لصالح أهداف إسلامية ووطنية واسعة.
ولم تكن أودية المدينة المنورة، وآبارها النبوية الشهيرة هي الأخرى بمنأى عن تلك المخططات الواسعة، ومن المنتظر أن تطمس الآليات المنتشرة هنا وهناك ملامح أشهر أودية المدينة من جهة الجنوب الغربي على وجه الخصوص، والتي منها واديا "مذينب" و"مهزور" اللذان كانا يرفدان وادي "بطحان" الذي يمر وسط المنطقة السكنية، ويلتقي بوادي العقيق، ووادي قناة في منطقة العيون شمال المدينة.
وكان أشهر مؤرخي المدينة المنورة فيما مضى، محمد كبريت الحسيني يرحمه الله، قد ذكر في كتابه "الجواهر الثمينة" تحقيق الدكتور عائض الردادي أن من محاسن حدائق العالية مزرعة "سُميحة" التي ما زالت قائمة حتى الآن، وبها بئر عذبة لم يتغير ماؤها، والتي تذكر كتب الأدب في سياق آخر أنها ذات المزرعة التي قال فيها الشاعر كثيّر عزة:
كأن دموع العين لما تخللت
مخارم بيضا من تمني جمالها
قبلن غروبا من "سميحة" أنزعت
بهن السواني واستدار محالها
ومن مزارع العوالي التي يتوقع أن يأتي عليها المشروع ما يقع منها على بئر النُصيري، وحديقة الدويمة، والدُوار، والمسمارية، والمرجانية، والمالكي، والبغوة، والأخيرة يوجد فيها حسب وصف الكبريتي "وادي جفاف" التاريخي الذي تزينه حدائق "جفاف الحُمرة"، و"النواعم" التي يعدها المؤلف من أعظم حدائق ذلك الوادي.
هذا الموضوع منقول من جريدة الوطن الصادرة يوم السبت 29/4/1427هـ
السؤال الذي يتباذر للأذهان أين وكالة الاثار والمتاحف عن هذا الشيْ أين هيئة السياحة لماذا يدمرون أثار هي من تاريخ المملكة والحقبة الاسلامية الاولى
تصوروا في يوم من الايام أنشاء مصنع للأسمنت في مدائن صالح ، مغاير شعيب ، مشروع أسثماري على أرض قصر صاهود بالأحساء وغيرها وقس على ذلك المواقع البرية السياحية فأنها ماسلمت من أعمال التدمير فأنشئت بها المزارع مثل ماهو حاصل في الصمان وشق الطرق التي تمر بروضات وفياض جميلة أصبحت الان مليئة بمخلفات الطرق والمباني