سعدالمجالس
18-04-2006, 03:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
حينما نحاور الاخر الذي نختلف معه في الدين والعقيدة... وحينما نحاور الآخر الذي نختلف معه في المذهب... وحينما
نحاور الآخر الذي نختلف معه في الانتماء السياسي...
وحينما نحاور الآخر الذي نختلف معه في الرأي الفقهي أو العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي...
يجب علينا أن نفهم وأن نلتزم "أسس الحوار". فما هي أسس الحوار الهادف؟
الأساس الأول: أن نحاور الآخر بقلب مفتوح:
لكي ندخل إلى قلوب الآخرين، وإلى عقولهم لابد ان تكون قلوبنا مفتوحة... وان تكون قلوبنا مملوءة
بالحب، والرحمة واللين والشفافية...
وأما القلوب المغلوقة، المعقدة، المملوءة بالكراهية والحقد والقسوة فإنها لا تملك القدرة على أن
تفتح قلوب الآخرين وأن تفتح عقولهم.
1. قال الله تعالى:
"فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"" آل عمران: 159".
2. وقال تعالى:
"اذهبا إلى فرعون إنه طغى وقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى""طه: 43".
3.
وقال تعالى:
"ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم""فصلت: 34".
4. وكان رسول الله "صلي الله عليه وسلم" في زحمة المعاناة من قبل الكفار والمشركين يلهج لسانه بهذا الدعاء "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون".
الأساس الثاني: ألا نتهم دوافع الآخر:
الدوافع مسألة قلبية لا يمكن اكتشافها بسهولة... قد احاور الآخر في أفكاره وآرائه، وقد تقودني قناعتي إلى رفض تلك الأفكار والآراء والى نقدها وإلى تخطئتها...
ولكن أن أتهم الدوافع والنوايا فموضوع عسير جدا.
الصحة والخطأ تخضعان لشروط موضوعية يمكن التحقق منها واكتشافها، مما يسمح لنا أن نحاسب الرأي والفكرة
وأما الدوافع المغروسة في داخل القلوب فالوصول إليها يحتاج إلى جهد كبير.
هناك قاعدة اسلامية تقول: "احمل فعل أخيك على أحسنه" وتقول: "احمل فعل أخيك على سبعين محملا".
لو شاهدت إنسانا مؤمنا يصافح امرأة... فقل إنها أمه... أخته، زوجته، واحدة من محارمه، ولا يصح أن ينساق ذهنك
إلى اتهامه بمصافحة امرأة اجنبية.
مشكلة بعض الناس أنهم يفتشون دائما عن أسوأ الاحتمالات في تفسير سلوك الآخرين وخصوصا الذين يختلفون معهم
ربما يكون الاحتمال الأسوأ هو أبعد الاحتمالات، ولكنه يبقى هو الاحتمال الأقرب عند هذا البعض، لكونهم لا يملكون القدرة
على أن يحسنوا الظن، وكونهم لا يفهمون محامل الخير في تفسير ما يصدر عن الآخرين.
وعلى رغم ان الدين يؤكد ضرورة التعاطي مع الآخر بعيدا عن سوء الظن وبعيدا عن اتهام النوايا والدوافع
فإن ذلك لا يعني ان يعيش المؤمنون درجة من "الاستغفال" في مواجهة "حالات الاختراق" فنحن في زمن
يخطط أعداء الإسلام من أجل ان يقحموا كل واقعنا الديني والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والأمني كما تخطط
مؤسسات التغريب وقوى الفساد من أجل الدخول إلى عمق الأوساط الملتزمة والمحافظة...
وتفرض مخططات الاختراق والاقتحام والدخول تجنيد مجموعة من العناصر المتسترة تحت اقنعة متعددة
دينية وثقافية وسياسية وتفرض هذه المخططات اعتماد شعارات تحمل الكثير من الاغراء، مما يجعلها قادرة على الاستقطاب والاحتواء.
فهل من الفطنة الايمانية في ظل هذه المعطيات الموضوعية، وفي ظل مشروعات الاختراق ان نتعامل بحسن الظن مع كل المتحركات الدينية والثقافية والسياسية؟
... لا أريد ان أقول ان القاعدة التي يجب ان تحكمنا في هذا الزمان الموبوء هي "الريبة والشك"
في كل ما يتحرك حولنا على كل المستويات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية... ليس الأمر كذلك، فهناك مساحات كبيرة في
واقعنا يجب ان تكون محكومة في الأصل لحسن الظن وحسن النوايا ما لم تتوافر الأدلة القاطعة على خلاف ذلك.
وتبقى مساحات أخرى في دائرة "الشك والريبة" مهما تبرقعت بألف برقع وبرقع، ومهما تسترت خلف ألف شعار وشعار..
الأساس الثالث: ألا نلغي الآخر:
إن مقولة "نحن على صواب مطلقا والآخر على خطأ مطلقا"
مقولة تعقد مسارات الحوار، فضلا عن انها لا تملك واقعية في كثير من الحالات.
إن إلغاء الآخر يضع الحوار أمام أبواب مغلقة، ويضع الحوار امام تعقيدات صعبة، بل أمام بدايات
متشنجة... المنهج القرآني في الحوار يضع المتحاورين مهما كانت القناعات في صف واحد،
فالحقيقة في لغة الحوار ليست ملكا لهذا الطرف أو ذاك، الأطراف تشترك في رحلة البحث عن
الحقيقة، ربما يكون احد الاطراف واثقا كل الوثوق انه يملك الحقيقة، الا ان منهج الحوار الموضوعي
يفرض عليه ان يعتبر نفسه باحثا عن الحقيقة ومتعاونا مع الآخر في الوصول اليها.
جاء في القرآن على لسان النبي الأعظم "صلي الله عليه وسلم" وهو يحاور المشركين:
"وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" "سبأ:24"
لم يكن النبي "صلي الله عليه وسلم" شاكا وهو الذي جاء بالحق وصدق به، كان واثقا كل الوثوق انه يملك الحقيقة
كل الحقيقة، ويملك الهدى كل الهدى، والآخر لا يملك الا الضلال.
ولكن منهج الحوار، فرض عليه ان يحرك أجواء الحوار في خط الحياد الفكري واعتبر نفسه لا يملك
رأيا مسبقا، ولم يدع انه على هدى والآخر على ضلال، بل ساوى بينه وبين الآخر في فرضية
الصواب والخطأ وفي فرضية الهدى والضلال، وهذا أرقى اسلوب في الحوار، واذا كان أحدث ما وصلت
اليه اساليب الحوار
القاعدة التي تقول:
"رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"
فإن الطرح القرآني، والنهج القرآني قد تجاوز هذه القاعدة بمسافات كبيرة جدا وقدم صيغة تمثل
القمة في "حيادية الحوار"، فالصيغة القرآنية في منهج الحوار مع الآخر تقول:
"رأيي ورأي الآخر يحتمل الخطأ والصواب في درجة واحدة" فأي حيادية أرقى من هذه الحيادية...
وأي نهج حواري أرقى من هذا النهج.
ولا شك أن هذا الاسلوب المتقدم جدا له معطياته الكبيرة في مسارات الحوار... هذا الاسلوب
يجتذب الآخر الى أجواء الحوار... وهذا الاسلوب يخفف من حساسيات الآخر الفكرية أو المذهبية
أو السياسية... وهذا الاسلوب يفتح الآخر على أفكارنا... وهذا الاسلوب يدفع الآخر الى التأمل
والتفكير بهدوء وروية.
ان غياب المنهج القرآني في الحوار عقد حال التواصل مع الآخر.
مشكلة الكثيرين أنهم لا يتحاورون... واذا تحاوروا غابت في حواراتهم الأساليب
الصحيحة للحوار بحسب ما أكدها منهج القرآن.يطغى على غالبية الحوارات الرفض المطلق للآخر،
ويطغي على غالبية الحوارات الطرح المسبق للمسلمات التي لا تقبل النقاش. حينما نطرح قضايانا
العقيدية أو المذهبية أو السياسية والتي نؤمن بها للنقاش والحوار لا يعني اننا تنازلنا عن قناعاتنا
التي تشكلت نتيجة بحث ودراسة وليس نتيجة تعصب وتقليد أعمى، وانما هو الاسلوب الأمثل
لتحريك الحوار والأسلوب الأنجح لتحقيق أهداف الحوار.
قد يقال: ان القرآن في بعض نصوصه اكد "الحدية في الموقف"
كما في قوله تعالى: "قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد،
ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين" "الكافرون".
وكما في قوله تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم...." "الفتح:29".
فكيف توفقون بين هذه "الحدية الصارمة" وما تتحدثون عنه من "حيادية متسامحة".
نجيب عن ذلك: بأن المواقع تختلف، ففي مواقع "الدعوة والحوار" يجب ان تتحرك "الحيادية
المتسامحة" والمرونة، والشفافية والانفتاح، ولكن لا بمعنى التفريط في القناعات، والتنازل عن
الثوابت... وأما في مواقع "الصراع والمواجهة والتحدي والمساومات" فيجب ان يكون الموقف
"حديا صارما قويا".
ان المفاصلة بين "خط الايمان" و"خط الكفر"، وبين "خط الاستقامة" و"خط الانحراف" مسألة ضرورية
جدا حينما تتعدد الرؤى والمواقف والقناعات، وحينما تختلط الاوراق، وحينما تتحرك الصراعات وحينما
تنفتح الساحة على الشعارات والانتماءات والايديولوجيات... فمن الجناية - في هذا الواقع - على
خط الايمان والاستقامة والاصالة ان يعيش اصحاب هذا الخط حالات المجاملة والضعف، والصمت،
والمساومة، والتنازل، مهما كانت المبررات التي قد يطرحها بعض "العاملين الاسلاميين
" تحت عنوان "ضرورات المرحلة" بما تفرضه من "تحالفات سياسية" مع القوى الأخرى.. إننا لا
نرفض التحالفات، ولكن مع الاحتفاظ بالثوابت والمبادئ والقناعات الاسلامية وان أي تحالف
سياسي على حساب هذه المكونات الايمانية فهو تحالف لا يملك مسوغاته الشرعية.
وتبقى مساحات "الحوار والدعوة" في حاجة الى درجة كبيرة من المرونة والانفتاح والشفافية...
حينما نحاور الاخر الذي نختلف معه في الدين والعقيدة... وحينما نحاور الآخر الذي نختلف معه في المذهب... وحينما
نحاور الآخر الذي نختلف معه في الانتماء السياسي...
وحينما نحاور الآخر الذي نختلف معه في الرأي الفقهي أو العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي...
يجب علينا أن نفهم وأن نلتزم "أسس الحوار". فما هي أسس الحوار الهادف؟
الأساس الأول: أن نحاور الآخر بقلب مفتوح:
لكي ندخل إلى قلوب الآخرين، وإلى عقولهم لابد ان تكون قلوبنا مفتوحة... وان تكون قلوبنا مملوءة
بالحب، والرحمة واللين والشفافية...
وأما القلوب المغلوقة، المعقدة، المملوءة بالكراهية والحقد والقسوة فإنها لا تملك القدرة على أن
تفتح قلوب الآخرين وأن تفتح عقولهم.
1. قال الله تعالى:
"فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"" آل عمران: 159".
2. وقال تعالى:
"اذهبا إلى فرعون إنه طغى وقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى""طه: 43".
3.
وقال تعالى:
"ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم""فصلت: 34".
4. وكان رسول الله "صلي الله عليه وسلم" في زحمة المعاناة من قبل الكفار والمشركين يلهج لسانه بهذا الدعاء "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون".
الأساس الثاني: ألا نتهم دوافع الآخر:
الدوافع مسألة قلبية لا يمكن اكتشافها بسهولة... قد احاور الآخر في أفكاره وآرائه، وقد تقودني قناعتي إلى رفض تلك الأفكار والآراء والى نقدها وإلى تخطئتها...
ولكن أن أتهم الدوافع والنوايا فموضوع عسير جدا.
الصحة والخطأ تخضعان لشروط موضوعية يمكن التحقق منها واكتشافها، مما يسمح لنا أن نحاسب الرأي والفكرة
وأما الدوافع المغروسة في داخل القلوب فالوصول إليها يحتاج إلى جهد كبير.
هناك قاعدة اسلامية تقول: "احمل فعل أخيك على أحسنه" وتقول: "احمل فعل أخيك على سبعين محملا".
لو شاهدت إنسانا مؤمنا يصافح امرأة... فقل إنها أمه... أخته، زوجته، واحدة من محارمه، ولا يصح أن ينساق ذهنك
إلى اتهامه بمصافحة امرأة اجنبية.
مشكلة بعض الناس أنهم يفتشون دائما عن أسوأ الاحتمالات في تفسير سلوك الآخرين وخصوصا الذين يختلفون معهم
ربما يكون الاحتمال الأسوأ هو أبعد الاحتمالات، ولكنه يبقى هو الاحتمال الأقرب عند هذا البعض، لكونهم لا يملكون القدرة
على أن يحسنوا الظن، وكونهم لا يفهمون محامل الخير في تفسير ما يصدر عن الآخرين.
وعلى رغم ان الدين يؤكد ضرورة التعاطي مع الآخر بعيدا عن سوء الظن وبعيدا عن اتهام النوايا والدوافع
فإن ذلك لا يعني ان يعيش المؤمنون درجة من "الاستغفال" في مواجهة "حالات الاختراق" فنحن في زمن
يخطط أعداء الإسلام من أجل ان يقحموا كل واقعنا الديني والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والأمني كما تخطط
مؤسسات التغريب وقوى الفساد من أجل الدخول إلى عمق الأوساط الملتزمة والمحافظة...
وتفرض مخططات الاختراق والاقتحام والدخول تجنيد مجموعة من العناصر المتسترة تحت اقنعة متعددة
دينية وثقافية وسياسية وتفرض هذه المخططات اعتماد شعارات تحمل الكثير من الاغراء، مما يجعلها قادرة على الاستقطاب والاحتواء.
فهل من الفطنة الايمانية في ظل هذه المعطيات الموضوعية، وفي ظل مشروعات الاختراق ان نتعامل بحسن الظن مع كل المتحركات الدينية والثقافية والسياسية؟
... لا أريد ان أقول ان القاعدة التي يجب ان تحكمنا في هذا الزمان الموبوء هي "الريبة والشك"
في كل ما يتحرك حولنا على كل المستويات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية... ليس الأمر كذلك، فهناك مساحات كبيرة في
واقعنا يجب ان تكون محكومة في الأصل لحسن الظن وحسن النوايا ما لم تتوافر الأدلة القاطعة على خلاف ذلك.
وتبقى مساحات أخرى في دائرة "الشك والريبة" مهما تبرقعت بألف برقع وبرقع، ومهما تسترت خلف ألف شعار وشعار..
الأساس الثالث: ألا نلغي الآخر:
إن مقولة "نحن على صواب مطلقا والآخر على خطأ مطلقا"
مقولة تعقد مسارات الحوار، فضلا عن انها لا تملك واقعية في كثير من الحالات.
إن إلغاء الآخر يضع الحوار أمام أبواب مغلقة، ويضع الحوار امام تعقيدات صعبة، بل أمام بدايات
متشنجة... المنهج القرآني في الحوار يضع المتحاورين مهما كانت القناعات في صف واحد،
فالحقيقة في لغة الحوار ليست ملكا لهذا الطرف أو ذاك، الأطراف تشترك في رحلة البحث عن
الحقيقة، ربما يكون احد الاطراف واثقا كل الوثوق انه يملك الحقيقة، الا ان منهج الحوار الموضوعي
يفرض عليه ان يعتبر نفسه باحثا عن الحقيقة ومتعاونا مع الآخر في الوصول اليها.
جاء في القرآن على لسان النبي الأعظم "صلي الله عليه وسلم" وهو يحاور المشركين:
"وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" "سبأ:24"
لم يكن النبي "صلي الله عليه وسلم" شاكا وهو الذي جاء بالحق وصدق به، كان واثقا كل الوثوق انه يملك الحقيقة
كل الحقيقة، ويملك الهدى كل الهدى، والآخر لا يملك الا الضلال.
ولكن منهج الحوار، فرض عليه ان يحرك أجواء الحوار في خط الحياد الفكري واعتبر نفسه لا يملك
رأيا مسبقا، ولم يدع انه على هدى والآخر على ضلال، بل ساوى بينه وبين الآخر في فرضية
الصواب والخطأ وفي فرضية الهدى والضلال، وهذا أرقى اسلوب في الحوار، واذا كان أحدث ما وصلت
اليه اساليب الحوار
القاعدة التي تقول:
"رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"
فإن الطرح القرآني، والنهج القرآني قد تجاوز هذه القاعدة بمسافات كبيرة جدا وقدم صيغة تمثل
القمة في "حيادية الحوار"، فالصيغة القرآنية في منهج الحوار مع الآخر تقول:
"رأيي ورأي الآخر يحتمل الخطأ والصواب في درجة واحدة" فأي حيادية أرقى من هذه الحيادية...
وأي نهج حواري أرقى من هذا النهج.
ولا شك أن هذا الاسلوب المتقدم جدا له معطياته الكبيرة في مسارات الحوار... هذا الاسلوب
يجتذب الآخر الى أجواء الحوار... وهذا الاسلوب يخفف من حساسيات الآخر الفكرية أو المذهبية
أو السياسية... وهذا الاسلوب يفتح الآخر على أفكارنا... وهذا الاسلوب يدفع الآخر الى التأمل
والتفكير بهدوء وروية.
ان غياب المنهج القرآني في الحوار عقد حال التواصل مع الآخر.
مشكلة الكثيرين أنهم لا يتحاورون... واذا تحاوروا غابت في حواراتهم الأساليب
الصحيحة للحوار بحسب ما أكدها منهج القرآن.يطغى على غالبية الحوارات الرفض المطلق للآخر،
ويطغي على غالبية الحوارات الطرح المسبق للمسلمات التي لا تقبل النقاش. حينما نطرح قضايانا
العقيدية أو المذهبية أو السياسية والتي نؤمن بها للنقاش والحوار لا يعني اننا تنازلنا عن قناعاتنا
التي تشكلت نتيجة بحث ودراسة وليس نتيجة تعصب وتقليد أعمى، وانما هو الاسلوب الأمثل
لتحريك الحوار والأسلوب الأنجح لتحقيق أهداف الحوار.
قد يقال: ان القرآن في بعض نصوصه اكد "الحدية في الموقف"
كما في قوله تعالى: "قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد،
ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين" "الكافرون".
وكما في قوله تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم...." "الفتح:29".
فكيف توفقون بين هذه "الحدية الصارمة" وما تتحدثون عنه من "حيادية متسامحة".
نجيب عن ذلك: بأن المواقع تختلف، ففي مواقع "الدعوة والحوار" يجب ان تتحرك "الحيادية
المتسامحة" والمرونة، والشفافية والانفتاح، ولكن لا بمعنى التفريط في القناعات، والتنازل عن
الثوابت... وأما في مواقع "الصراع والمواجهة والتحدي والمساومات" فيجب ان يكون الموقف
"حديا صارما قويا".
ان المفاصلة بين "خط الايمان" و"خط الكفر"، وبين "خط الاستقامة" و"خط الانحراف" مسألة ضرورية
جدا حينما تتعدد الرؤى والمواقف والقناعات، وحينما تختلط الاوراق، وحينما تتحرك الصراعات وحينما
تنفتح الساحة على الشعارات والانتماءات والايديولوجيات... فمن الجناية - في هذا الواقع - على
خط الايمان والاستقامة والاصالة ان يعيش اصحاب هذا الخط حالات المجاملة والضعف، والصمت،
والمساومة، والتنازل، مهما كانت المبررات التي قد يطرحها بعض "العاملين الاسلاميين
" تحت عنوان "ضرورات المرحلة" بما تفرضه من "تحالفات سياسية" مع القوى الأخرى.. إننا لا
نرفض التحالفات، ولكن مع الاحتفاظ بالثوابت والمبادئ والقناعات الاسلامية وان أي تحالف
سياسي على حساب هذه المكونات الايمانية فهو تحالف لا يملك مسوغاته الشرعية.
وتبقى مساحات "الحوار والدعوة" في حاجة الى درجة كبيرة من المرونة والانفتاح والشفافية...