المعلم
26-03-2006, 08:49 PM
مقتطفـات مـن
الساحتان التربوية والأدبية ترثيان غياب الشيخ عثمان الصالح
الرياض: بدر الخريف وهدى الصالح
ودعت الرياض عصر أمس احد اعلام التربية والتعليم في السعودية ومن الوجوه الثقافية والادبية البارزة فيها وهو الشيخ عثمان الصالح بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر يناهز الـ (91 عاما).
وصلي على الراحل عصر أمس السبت في جامع الملك خالد بأم الحمام بالرياض، حيث قدم الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض واجب العزاء لأبناء الفقيد وأحفاده، فيما تقدم جموع المصلين عليه كل من الأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، والأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية، فيما أم المصلين الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام البلاد.
واستطاع الشيخ الراحل الصالح، أن يجمع تلاميذه حوله للمرة الأخيرة، ولكن هذه المرة، في مقبرة أم الحمام، أحدث مقابر العاصمة السعودية، حيث بكى عدد من الأمراء بعد أن رحل واحد من أكثر المواطنين إخلاصا للوطن.
وشارك في تشييع الشيخ عثمان الصالح رحمه الله، عدد كبير من المسؤولين الحكوميين في الدولة، وجمع من المواطنين السعوديين والمقيمين، الذين قدموا لإلقاء النظرة الأخيرة على المربي الشيخ.
وبعد أن أدى جموع المصلين صلاة العصر على الشيخ عثمان الصالح، تناولت أيادي أبنائه نعشه، لتجهيزه لتأدية صلاة الميت، التي ما أن انفضت، حتى تسابق جموع المصلين، والذين يمثلون تلاميذه الذين ترعرعوا على يديه، لحمل نعشه، استعدادا لنقله إلى مقبرة أم الحمام، والتي ساروا إليها على أقدامهم، حاملين نعش الشيخ المربي على أكتافهم، في مسيرة مهيبة، أغلق شارع أم الحمام الرئيسي على إثرها.
وقد أجهش عدد كبير ممن حضروا مراسم تشييع الشيخ الصالح بالبكاء، إثر مشاركتهم في الصلاة عليه ودفنه، مودعين بذلك أحد أعتل رجالات التعليم في السعودية، الذين ساهموا بشكل كبير في ازدهار الحركة التعليمية في الدولة.
وكان المشهد في مقبرة أم الحمام، التي شهدت مراسم دفن الشيخ المربي، لافتا للغاية، حيث لم تقتصر المشاركة في دفن الشيخ الصالح، على تلاميذه فحسب، بل تعدت ذلك لتشمل أبناء تلاميذه الذين قدموا للمشاركة، وفاء وعرفانا، لمن تتلمذ آباؤهم على يديه.
وفي نبرة لم تخل من الحزن، نعى الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية السعودية ـ وهو واحد من تتلمذوا على يد الصالح ـ، معلمه الشيخ عثمان الصالح، الذي أفنى عمره في خدمة قضية التعليم.
ويتذكر الأمير أحمد قبيل مغادرته المقبرة، بعد مشاركته في مراسم تشييع الصالح، كرسي الدراسة، حيث تلقى التعليم على يدي الشيخ عثمان حتى نهاية المرحلة الثانوية.
ويصف الأمير أحمد بن عبد العزيز، إدارة الشيخ الصالح، بـ «الحازمة»، حيث كان عثمان الصالح، لا يفرق في تعامله بين الأمير وغيره، فالكل عنده سواسية، وقال «لا أذكر يوما أن الشيخ عثمان الصالح ـ رحمه الله ـ قد تخلف عن الحضور إلى المدرسة يوما، فقد كان مواظبا على الحضور، وقد كان يفني يومه كله في التعليم، ليلا ونهارا».
وأوضح نائب وزير الداخلية، أن كثيرا ممن تتلمذوا على يد الشيخ عثمان الصالح، هم حاليا من كبار المسؤولين في الدولة، تقاعد بعض منهم، بينما لا يزال البعض الآخر على رأس العمل.
وبوفاة الصالح تكون الساحتان التعليمية والثقافية قد خسرت علَماً من أعلام التربية والثقافة والأدب، الذي لطالما اعتز بصفة المعلم والمربي المعاصر، حيث اشتهر بلقب (المربي الفاضل) لخدمته قطاع التربية والتعليم طوال اربعة عقود متنقلاً ما بين المجمعة مسقط رأسه وعنيزة والرياض، وكثيرا ما شهد له تلاميذه بمواكبته المحدثات التربوية ومعاصرة الأجيال التعليمية التي ظهرت بعده ليصبح بذلك نموذجا للمربي الذي يجمع ما بين العلم والحزم والأخذ بمستجدات التربية الحديثة.
ولد الشيخ عثمان بن ناصر الصالح في العام 1916، في المجمعة قاعدة سدير التابعة لمنطقة الرياض، تلقى فيها تعليمه من خلال الكتاب على يد الشيخ احمد الصانع، وحفظ القرآن الكريم، وانتقل إلى عنيزة أواخر 1928، وتلقى علومه في كل ما تعلق بالعلوم الحديثة والأدب العربي من الأديب المعروف صالح ناصر الصالح، ودرس بعد ذلك على يد الشيخ عبد العزيز العنقري، والشيخ محمد الخيال، وإمام الحرم المدني بالمدينة المنورة الشيخ عبد العزيز الصالح، وغيرهم كثيرون.
بدأ مشواره في الحقل التعليمي مطلع عام 1935، في مدرسة أهلية، انتقل بعد عامين للتدريس في أول مدرسة حكومية في المجمعة، وفي عام 1939، انتقل عثمان الصالح إلى الرياض لتعليم أبناء الأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود، شقيق الملك عبد العزيز، وأصبح مديرا لمدرستهم فترة من الزمن. وللشيخ رحمه الله سبعة من الأبناء: أربعة ذكور، وثلاث إناث.
وشهد عام 1941 تأسيس معهد (الأنجال)، الذي ابتدأ حين ذاك بـ 15 طالبا في المرحلة الابتدائية، وانتهى ببضعة آلاف، وقد ألغت (الأنجال) الدراسة بألواح الخشب ليصبح بذلك أول معهد ومدرسة حديثة بفرعين للبنين والبنات على منهج واختبار وزارة المعارف، كذلك معهد الكريمات الذي استمر 14 عاما، تمت مراحله الأربع من الروضة وحتى المرحلة الثانوية عام 1963، كانت بمثابة النواة الأولى في الثانوي في مدارس رئاسة البنات، كما يعتبرها الشيخ صالح.
وانتقل بعد ذلك إلى رئاسة البنات منفصلا عن المعهد الذي تم تغيير اسمه إلى معهد (العاصمة النموذجي)، كما أطلق عليه ذلك الاسم الشيخ بنفسه، الذي تولى إدارته حتى 1971، بعد أن قدم استقالته، وتلقى فيه عدد من الأمراء تعليمهم، كان من بينهم الأمير فيصل بن فهد.
ويعد معهد الأنجال أول من أدخل دراسة العلوم الدينية للفتيات، تولاها احد المعلمين ممن اخذ الله تعالى أبصارهم، وأوجد المعهد أول صحافة مدرسية حديثة من خلال إصدار (الناصرية) أول مجلة سنوية، ودرب الطلاب على الكشافة، واتجه إلى التربية الرياضية.
هذا وابتدأت إسهاماته بشؤون الأدب والثقافة بعد ترجله عن مركز القيادة التربوية من خلال إنشائه لصالون الاثنينية في عام 1996، الذي يحمل اسمه (إثنينية عثمان الصالح) لتقام في منزله ندوات ثقافية نصف شهرية، يحضرها عدد كبير من صفوة الأدباء والمثقفين السعوديين.
وجاءت فكرة الاثنينية بعد رحيل الاديب عبد العزيز الرفاعي وما تركه رحيله من فراغ ثقافي وأدبي كبير، ومع تعدد لقاءات الأدباء والمفكرين والمثقفين في منزل الشيخ عثمان الصالح تم وبمباركة من الامير سلمان بن عبد العزيز في منطقة الرياض عقد مثل هذه اللقاءات بصفة دائمة وبمعدل مرتين في كل شهر في منزل الراحل بحي المؤتمرات واستمرت الاثنينية منذ عشر سنوات وحتى اليوم لتكون أحد الروافد الثقافية في الرياض وقناة لإيجاد حلول مناسبة للقضايا المعاصرة المختلفة التي تطرح فيها، وعمل الصالح في مجالس ولجان حكومية كمستشار، وهو عضو في مجلس ادارة مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، وعضو في مجلس الاوقاف الاعلى في السعودية، ورئيس لمجلس الاوقاف الفرعي في الرياض.
واعتبر الدكتور عبد العزيز الخويطر وزير الدولة عضو مجلس الوزراء في السعودية الشيخ الراحل بأنه احد الذين حفروا الجواد في مجال التربية لافتاً الى جهوده في إدارته لمدرسة الانجاد ثم معهد العاصمة وجعل منهما نموذجين يحتذى بهما، وبقي تأثيره الحسن الى اليوم في معهد العاصمة.
ورأى أن الشيخ الراحل يعد احد اعلام التربية والثقافة والادب، يعرفه القريبون منه معرفة جيدة مما يزخر به مجلسه من أدب وعلم وثقافة، يعرفه البعيدون عنه من مشاركات في الصحف والمناسبات المختلفة، ومن حصيلة ما كتب وما شارك فيه يمكن ان يكتب عنه بحق ما يجعله في مقدمة مسيرتنا الذهنية في هذه البلاد وفي هذا الجيل. من جانبه وصف الاديب السعودي عبد الله الغذامي شخصية الشيخ الراحل عثمان الصالح بانها شخصية الانسان المتأصل في أرض الواقع مع الناس وفي الناس. مشددا في القول: وما من احد الا ووجد من الشيخ كلمة أو كلمات يفيض بها ظنه الحسن وحبه لقول الكلمة الطيبة بسخاء واريحية رجل سمح، علامته الحب، ولسانه رطب بهذه المحبة.
ورثى حمد القاضي، رئيس تحرير مجلة «العربية»، في حديثه مع «الشرق الأوسط»، فقدان تواصله مع الشيخ قبيل وفاته بعام جراء ما ألم به من مرض، حيث كان لا يمضي يوم حتى يسعد برؤيته وسماع صوته، معتبرا القاضي لقاءاته بالشيخ رحمه الله، غنية بالعلم والشعر والأدب واللغة.
هذا ووصف الشيخ «بأدب النفس»، حيث قلما ما وجد لوحده في أي وقت حتى بعد أن بدأت تضعف قواه، حيث ما زال يستقبل تلامذته ومحبيه لساعات طويلة، رغم ما في ذلك من مشقة عليه. وأضاف رئيس تحرير مجلة «العربي»، أن الآلاف حتما سيفتقدون طيب حديثه وحكمته وجميل قصصه، بابتسامة نقية طالما لقي بها طلابه وأبناءه وهو يستند إلى أريكته و«جلابيته» البيضاء.
الساحتان التربوية والأدبية ترثيان غياب الشيخ عثمان الصالح
الرياض: بدر الخريف وهدى الصالح
ودعت الرياض عصر أمس احد اعلام التربية والتعليم في السعودية ومن الوجوه الثقافية والادبية البارزة فيها وهو الشيخ عثمان الصالح بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر يناهز الـ (91 عاما).
وصلي على الراحل عصر أمس السبت في جامع الملك خالد بأم الحمام بالرياض، حيث قدم الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض واجب العزاء لأبناء الفقيد وأحفاده، فيما تقدم جموع المصلين عليه كل من الأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، والأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية، فيما أم المصلين الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام البلاد.
واستطاع الشيخ الراحل الصالح، أن يجمع تلاميذه حوله للمرة الأخيرة، ولكن هذه المرة، في مقبرة أم الحمام، أحدث مقابر العاصمة السعودية، حيث بكى عدد من الأمراء بعد أن رحل واحد من أكثر المواطنين إخلاصا للوطن.
وشارك في تشييع الشيخ عثمان الصالح رحمه الله، عدد كبير من المسؤولين الحكوميين في الدولة، وجمع من المواطنين السعوديين والمقيمين، الذين قدموا لإلقاء النظرة الأخيرة على المربي الشيخ.
وبعد أن أدى جموع المصلين صلاة العصر على الشيخ عثمان الصالح، تناولت أيادي أبنائه نعشه، لتجهيزه لتأدية صلاة الميت، التي ما أن انفضت، حتى تسابق جموع المصلين، والذين يمثلون تلاميذه الذين ترعرعوا على يديه، لحمل نعشه، استعدادا لنقله إلى مقبرة أم الحمام، والتي ساروا إليها على أقدامهم، حاملين نعش الشيخ المربي على أكتافهم، في مسيرة مهيبة، أغلق شارع أم الحمام الرئيسي على إثرها.
وقد أجهش عدد كبير ممن حضروا مراسم تشييع الشيخ الصالح بالبكاء، إثر مشاركتهم في الصلاة عليه ودفنه، مودعين بذلك أحد أعتل رجالات التعليم في السعودية، الذين ساهموا بشكل كبير في ازدهار الحركة التعليمية في الدولة.
وكان المشهد في مقبرة أم الحمام، التي شهدت مراسم دفن الشيخ المربي، لافتا للغاية، حيث لم تقتصر المشاركة في دفن الشيخ الصالح، على تلاميذه فحسب، بل تعدت ذلك لتشمل أبناء تلاميذه الذين قدموا للمشاركة، وفاء وعرفانا، لمن تتلمذ آباؤهم على يديه.
وفي نبرة لم تخل من الحزن، نعى الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية السعودية ـ وهو واحد من تتلمذوا على يد الصالح ـ، معلمه الشيخ عثمان الصالح، الذي أفنى عمره في خدمة قضية التعليم.
ويتذكر الأمير أحمد قبيل مغادرته المقبرة، بعد مشاركته في مراسم تشييع الصالح، كرسي الدراسة، حيث تلقى التعليم على يدي الشيخ عثمان حتى نهاية المرحلة الثانوية.
ويصف الأمير أحمد بن عبد العزيز، إدارة الشيخ الصالح، بـ «الحازمة»، حيث كان عثمان الصالح، لا يفرق في تعامله بين الأمير وغيره، فالكل عنده سواسية، وقال «لا أذكر يوما أن الشيخ عثمان الصالح ـ رحمه الله ـ قد تخلف عن الحضور إلى المدرسة يوما، فقد كان مواظبا على الحضور، وقد كان يفني يومه كله في التعليم، ليلا ونهارا».
وأوضح نائب وزير الداخلية، أن كثيرا ممن تتلمذوا على يد الشيخ عثمان الصالح، هم حاليا من كبار المسؤولين في الدولة، تقاعد بعض منهم، بينما لا يزال البعض الآخر على رأس العمل.
وبوفاة الصالح تكون الساحتان التعليمية والثقافية قد خسرت علَماً من أعلام التربية والثقافة والأدب، الذي لطالما اعتز بصفة المعلم والمربي المعاصر، حيث اشتهر بلقب (المربي الفاضل) لخدمته قطاع التربية والتعليم طوال اربعة عقود متنقلاً ما بين المجمعة مسقط رأسه وعنيزة والرياض، وكثيرا ما شهد له تلاميذه بمواكبته المحدثات التربوية ومعاصرة الأجيال التعليمية التي ظهرت بعده ليصبح بذلك نموذجا للمربي الذي يجمع ما بين العلم والحزم والأخذ بمستجدات التربية الحديثة.
ولد الشيخ عثمان بن ناصر الصالح في العام 1916، في المجمعة قاعدة سدير التابعة لمنطقة الرياض، تلقى فيها تعليمه من خلال الكتاب على يد الشيخ احمد الصانع، وحفظ القرآن الكريم، وانتقل إلى عنيزة أواخر 1928، وتلقى علومه في كل ما تعلق بالعلوم الحديثة والأدب العربي من الأديب المعروف صالح ناصر الصالح، ودرس بعد ذلك على يد الشيخ عبد العزيز العنقري، والشيخ محمد الخيال، وإمام الحرم المدني بالمدينة المنورة الشيخ عبد العزيز الصالح، وغيرهم كثيرون.
بدأ مشواره في الحقل التعليمي مطلع عام 1935، في مدرسة أهلية، انتقل بعد عامين للتدريس في أول مدرسة حكومية في المجمعة، وفي عام 1939، انتقل عثمان الصالح إلى الرياض لتعليم أبناء الأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود، شقيق الملك عبد العزيز، وأصبح مديرا لمدرستهم فترة من الزمن. وللشيخ رحمه الله سبعة من الأبناء: أربعة ذكور، وثلاث إناث.
وشهد عام 1941 تأسيس معهد (الأنجال)، الذي ابتدأ حين ذاك بـ 15 طالبا في المرحلة الابتدائية، وانتهى ببضعة آلاف، وقد ألغت (الأنجال) الدراسة بألواح الخشب ليصبح بذلك أول معهد ومدرسة حديثة بفرعين للبنين والبنات على منهج واختبار وزارة المعارف، كذلك معهد الكريمات الذي استمر 14 عاما، تمت مراحله الأربع من الروضة وحتى المرحلة الثانوية عام 1963، كانت بمثابة النواة الأولى في الثانوي في مدارس رئاسة البنات، كما يعتبرها الشيخ صالح.
وانتقل بعد ذلك إلى رئاسة البنات منفصلا عن المعهد الذي تم تغيير اسمه إلى معهد (العاصمة النموذجي)، كما أطلق عليه ذلك الاسم الشيخ بنفسه، الذي تولى إدارته حتى 1971، بعد أن قدم استقالته، وتلقى فيه عدد من الأمراء تعليمهم، كان من بينهم الأمير فيصل بن فهد.
ويعد معهد الأنجال أول من أدخل دراسة العلوم الدينية للفتيات، تولاها احد المعلمين ممن اخذ الله تعالى أبصارهم، وأوجد المعهد أول صحافة مدرسية حديثة من خلال إصدار (الناصرية) أول مجلة سنوية، ودرب الطلاب على الكشافة، واتجه إلى التربية الرياضية.
هذا وابتدأت إسهاماته بشؤون الأدب والثقافة بعد ترجله عن مركز القيادة التربوية من خلال إنشائه لصالون الاثنينية في عام 1996، الذي يحمل اسمه (إثنينية عثمان الصالح) لتقام في منزله ندوات ثقافية نصف شهرية، يحضرها عدد كبير من صفوة الأدباء والمثقفين السعوديين.
وجاءت فكرة الاثنينية بعد رحيل الاديب عبد العزيز الرفاعي وما تركه رحيله من فراغ ثقافي وأدبي كبير، ومع تعدد لقاءات الأدباء والمفكرين والمثقفين في منزل الشيخ عثمان الصالح تم وبمباركة من الامير سلمان بن عبد العزيز في منطقة الرياض عقد مثل هذه اللقاءات بصفة دائمة وبمعدل مرتين في كل شهر في منزل الراحل بحي المؤتمرات واستمرت الاثنينية منذ عشر سنوات وحتى اليوم لتكون أحد الروافد الثقافية في الرياض وقناة لإيجاد حلول مناسبة للقضايا المعاصرة المختلفة التي تطرح فيها، وعمل الصالح في مجالس ولجان حكومية كمستشار، وهو عضو في مجلس ادارة مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، وعضو في مجلس الاوقاف الاعلى في السعودية، ورئيس لمجلس الاوقاف الفرعي في الرياض.
واعتبر الدكتور عبد العزيز الخويطر وزير الدولة عضو مجلس الوزراء في السعودية الشيخ الراحل بأنه احد الذين حفروا الجواد في مجال التربية لافتاً الى جهوده في إدارته لمدرسة الانجاد ثم معهد العاصمة وجعل منهما نموذجين يحتذى بهما، وبقي تأثيره الحسن الى اليوم في معهد العاصمة.
ورأى أن الشيخ الراحل يعد احد اعلام التربية والثقافة والادب، يعرفه القريبون منه معرفة جيدة مما يزخر به مجلسه من أدب وعلم وثقافة، يعرفه البعيدون عنه من مشاركات في الصحف والمناسبات المختلفة، ومن حصيلة ما كتب وما شارك فيه يمكن ان يكتب عنه بحق ما يجعله في مقدمة مسيرتنا الذهنية في هذه البلاد وفي هذا الجيل. من جانبه وصف الاديب السعودي عبد الله الغذامي شخصية الشيخ الراحل عثمان الصالح بانها شخصية الانسان المتأصل في أرض الواقع مع الناس وفي الناس. مشددا في القول: وما من احد الا ووجد من الشيخ كلمة أو كلمات يفيض بها ظنه الحسن وحبه لقول الكلمة الطيبة بسخاء واريحية رجل سمح، علامته الحب، ولسانه رطب بهذه المحبة.
ورثى حمد القاضي، رئيس تحرير مجلة «العربية»، في حديثه مع «الشرق الأوسط»، فقدان تواصله مع الشيخ قبيل وفاته بعام جراء ما ألم به من مرض، حيث كان لا يمضي يوم حتى يسعد برؤيته وسماع صوته، معتبرا القاضي لقاءاته بالشيخ رحمه الله، غنية بالعلم والشعر والأدب واللغة.
هذا ووصف الشيخ «بأدب النفس»، حيث قلما ما وجد لوحده في أي وقت حتى بعد أن بدأت تضعف قواه، حيث ما زال يستقبل تلامذته ومحبيه لساعات طويلة، رغم ما في ذلك من مشقة عليه. وأضاف رئيس تحرير مجلة «العربي»، أن الآلاف حتما سيفتقدون طيب حديثه وحكمته وجميل قصصه، بابتسامة نقية طالما لقي بها طلابه وأبناءه وهو يستند إلى أريكته و«جلابيته» البيضاء.