المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استقراء تاريخي بديع لحماية الله لرسوله



جراح
11-02-2006, 02:10 PM
هذا نصّ خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ عادل بن أحمد باناعمة .. وفيها تتبع مشكورٌ لألوانِ حمايةِ الله لرسولِهِ ، وكفايتِهِ إياه مَن استهزأ به . ولعلك أخي القارئ تصبر على طولها ففيها غنائمُ إن شاء الله
قال كليلةُ : واعلم يادِمنةُ أنَّ من قلةِ عقلِ المرءِ وسوءِ تدبيرِهِ أن يُطاولَ ما لا يقدرُ على مطاولتِهِ ، وأن يُغالبَ ما لا يقدرُ على مغالبتِهِ ، فيكون مثلُهُ في ذلك كمثلِ النملة الحمقاء !

قال دمنةُ : وما مثلُ النملةِ الحمقاءِ ؟

قال كليلةُ : زعموا أنَّ نملةً ساءَها أن تكونَ صغيرةَ الحجمِ ، ضئيلةَ الجرمِ ، تُفزعها وبني جنسها أقدامُ الدوابّ ، وتشرّدها وأخواتِها خطواتُ فيلٍ كان بالجوارِ ، فآلت على نفسها ألا تدع حيلةً و لا وسيلةً تصنعُ بها الهيبةَ لأمةِ النِّمالِ إلا فعلتْها .. ففكرت وقدرت ، وقدّمت وأخرتْ ، فهداها مريضُ تفكيرِها إلى أنّ العلةَ في اجتراء المخلوقاتِ عليهنّ أنهنّ يتفرقن ويتبعثرن إذا ما خطت فوقهن أقدام الفيل الثقيل ! وظنت ـ وبعض الظن إثم ـ أنّها لو اجتمعت مع بنات جنسها فوقفن في وجه الفيل ثم شتمنه بأعلى أصواتهنّ ، وصمدنَ إزاءه ، لتضعضع الفيل وتزعزع ، وكف قدمه وتكعكع .. ثم سلك سبيلاً غير سبيله ، وترك لأمة النمالِ حريّتها الكاملةَ في التعبيرِ والتصرف !!

فمازالت تلك الحمقاءُ حتى تألفت حولها طائفةً من النمالِ ذهبن مذهبها ، وسلمن لها القيادَ ، فلما قدمَ الفيلُ اصطفتِ النمال كما تصطف الجيوشُ ، فما تركن قالةَ سوءٍ ، ولا عبارةَ شتمٍ ، ولا بيتَ هجاءٍ إلا صرخنَ به ملء حناجرهنّ .. فما هو إلا أن أهوى عليهنّ الفيلُ بقدمِهِ فمحقهنّ من الحياةِ .. فلم يسمع شتمهنّ غيرُهنّ .. ولا درى بهجائهنّ سواهنّ .. ومضى الفيلُ لطريقِهِ لم يشعر بما كان !!

هذا مثلٌ استحضرتُهُ وأنا أتابعُ – كما تتابعون – تداعياتِ الفعلةِ الآثمةِ للصحيفة الدانماركية التي تولّتْ كبر الإساءةِ إلى نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ..

قلتُ : هو مثلٌ .. والمثلُ لا يعني المشابهةَ من كل وجهٍ ، وإنما الشاهدُ فيه هلاكُ المرءِ حين يتعرّضُ لما لا قبل له بِهِ .

لقد قرأتُ كما قرأتُم أنّ صحيفةً فرنسيةً أعادتْ نشر الرسومِ الدانماركيّة زاعمةً أنّه يحق لها رسم صور كاريكاتورية لمحمّدٍ ويسوع المسيحِ وبوذا ويهودا ، وأنّ ذلك يندرج تحت بند حرية التعبير في بلد علمانيّ ، وقالت الصحيفة الفرنسيةُ : " لن تعتذر عن إعادة نشرها هذه الرسوم "لأننا أحرار في التحدث والتفكير والاعتقاد، وبما أن هؤلاء ( تقصد المسلمين ) يقدمون أنفسهم على أنهم أساتذة في الإيمان ويجعلون القضية مسألة مبدأ فإنّ علينا أن نكون حازمين " .

ولقد عرفتُ كما عرفتم كذلك أنَّ صحيفة ألمانيةً باءتْ أيضاً بإثم نشرها زاعمةً أنّه لا حصانةَ لأحدٍ عن التهكم في الغرب ، وأنّ صحيفةً سويسرية ناطقةً بالألمانية نشرتْ رسمين منها ، وأن صحيفتين إسبانيتين قامتا كذلك بتكرار النشرِ ، بالإضافة إلى صحيفةٍ مجرية ، وثلاث صحف هولندية ، وتلفاز البي بي سي !

ولقد اطلعت كما لعلكم اطلعتم على أن صحيفة إيطالية ساقطةً بذيئةً صورتِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يأمر مجموعة انتحاريين بالتوقف عن التفجير لأن الجنّة نفد ما بها من مخزون الحور العين !!

ولا أدري إن كنتم قد عرفتم أنّ صحيفةً أردنية نشرت بعض هذه الرسومِ مشفوعةً بفلسفةٍ سمجةٍ باردةٍ لرئيس تحريرها يقول فيها : " يا مسلمي العالم تعقلوا !! أيهما يسيء للإسلام أكثر من الآخر ؟ أجنبي يجتهد في رسم الرسول أم مسلم يتأبط حزاماً ناسفاً ينتحر في حفل عرس في عمان أو أي مكان آخر " !!! وكأننا إذ نشجبُ هذه الرسومات نرحّبُ بتلك التفجيرات !!!
حقيقةً بقدر ما شعرتُ بالغيظ والغضبِ ... شعرتُ بغيرِ قليلٍ من الشفقةِ على هؤلاءِ !!

إنّهم مساكينُ لا يدرونَ من يحاربونَ ولا من يُطاولونَ !!

إنّهم مساكينُ لا يدرونَ بمن يهزؤونَ ولا بمن يسخرون !!

إنّهم مساكينُ لا يدرون أنّ إساءَتهم لا ترتدُّ إلا عليهم ..

وأنّ ألفَ كنّاسٍ لو اجتمعوا في موضعٍ يثيرون الغبارَ بمكانسهم ليحجبوا ضياء الشمسِ لما سقطَ الغبار في النهاية إلا على رؤوسهم .

وأنهم كالنملةِ الحمقاءِ تظنّ أن صراخَها يوقفُ أقدام الفيل ..

هم كمن يشتم الشمسَ والماءَ والهواءَ .. ليس لشتمه من معنى سوى خرفِهِ المطبق ، وهذيانِهِ المحدق !

أو كمن يلعنُ الضياءَ والعافيةَ والربيعَ .. ليس للعنِهِ معنىً سوى أنّه خرجَ عن حدّ العقلِ إلى حدّ الجنونِ .

وسيبقى النهرُ عذباً وإن شتمه ألفُ لسانٍ بأنّه ملحٌ أجاجٌ ..

وستبقى الشمسُ مشرقةً وإنْ زعمَ ألفُ دجالٍ أنها قطعةٌ من سوادٍ حالكٍ .

وسيظلُ المطرُ يبعثُ الحياةَ وإن ادّعى ألفُ دعيٍّ أنّه سمٌّ يتسلل إلى عروقِ النباتاتِ .

إنّ البحر الزاخرَ لا يضرُّهُ أن يلقيَ فيه الغلمان بحصياتِهِم ..

وقد قال الأعشى فيما مضى لما تجـرأ بعض الأراذلِ على هجاءِ قبيلته :

ألست منتهياً عن نحتِ أثلتِنا

ولست ضائرَها ما أطَّتِ الإبلُ

كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنَها

فلم يضرْها وأوهى قرْنَهُ الوَعِلُ

جراح
11-02-2006, 02:15 PM
نعم ..

ها هم هؤلاء الساخرونَ الشانئونَ ينطحون صخرةَ النبيّ صلى الله عليه وسلم بكل ما أوتوا من قرونٍ إعلاميّةٍ .. ولكن النهاية التي نعرفُها سلفاً .. هي نهايةُ الأعشى : ( فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ ) .

لم يكونوا أول الشانئينَ .. ولسنا أوّل الذابين ..

لهم سلفٌ في كفارِ قريشٍ ومن جاء بعدهم ..

ولنا سلفٌ في حسانَ رضي الله عنه وأرضاهُ يوم انتفضَ في وجهِ هجاءِ أبي سفيانَ فقال أبياتَه الروائع :

ألا أبلغْ أبا سفيــان عني

فأنت مجوّف نخبٌ هواءُ

هجوت محمداً فأجبتُ عنه

وعند الله في ذاك الجزاءُ

أتهجوهُ ولست لـه بكفءٍ

فشرّكما لخيركما الفداءُ

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سـواءُ

فإن أبي ووالـده وعرضي

لعرض محمد منكم فداءُ

قلت : إنّ تلك القرون الإعلامية النطّاحةَ لا تضرّ إلا نفسها يقيناً .. وحربها تلك ليست مع بشرٍ .. بل مع ربّ البشر سبحانه وتعالى .

ذلك أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم محميٌّ بحمايةِ اللهِ ، معصومٌ بعصمتِهِ ، مكفولٌ برعايتِهِ ، مردود عنه أذى من آذاه ، وسخريةُ من سخر به ، واستهزاء من استهزأ به ، وها أنا ذا أضعُ بين أيديكم هذه الوثائق الربانية :

( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ (94) إنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ ) [ الحجر : 94 ، 95 ] .

( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ ) [ المائدة : 67 ]

( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ) [ البقرة : 137 ]

( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ويُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) [ الزمر : 36 ]

( إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) [ الكوثر : 3 ]

( إنَّ الَذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ وأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ) [ الأحزاب : 57 ]

( والَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ التوبة : 61 ]

هذه هي الوثائق الربانية التي تشهدُ بأنّ الله حافظٌ رسوله ، ناصرٌ له ، منتقمٌ له ممن ظلمه ، آخذ له بحقه ممن سخر منه ، كافٍ إياه ممن استهزأ به .

قال ابن تيمية رحمه الله : ومن سنة الله أن من لم يتمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ... وكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره ، ويمحق عينه وأثره [ الصارم المسلول : 144 ] . وقال رحمه الله : وقد ذكرنا ما جرّبه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرّضوا لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة ، وهذا باب واسعٌ لا يُحاطُ بِهِ . [ نفسه ] .

وقال السعديُّ : ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة .

فتعالوا أيها الأحبةُ نستشهد التاريخَ كيف كفى الله رسوله المستهزئين به صلى الله عليه وسلم ، وكيف آذى من آذاهُ .

تعالوا نعش في ظلالِ الآيةِ الكريمةِ ( إنّا كفيناك المستهزئين ) ..

وأول ما أذكرُهُ في هذا الاستقراء التاريخيّ ما ذكره أهل التفسيرِ في سبب نزولِ هذه الآية .. أعني قوله تعالى : ( إنّا كفيناك المستهزئين ) ..

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المستهزئون هم الوليد بن المغيرة ، والأسودُ بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب ، والحارث بن غَيْطَل السّهميّ ، والعاص بن وائل ، فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأراه الوليد ابن المغيرة ، فأومأ جبريل إلى أكَحلِهِ – وهو عرقٌ في اليدِ - ، فقال صلى الله عليه وسلم : ما صنعت شيئاً ! ، فقال جبريلُ : كَفَيْتُكَهُ ، ثم أراه الحارث بن غيطل السهميّ ، فأومأ إلى بطنه ، فقال : ما صنعت شيئاً ! قال : كفيتكه ، ثم أراه العاص بن وائل السهمي ، فأومأ إلى أخمَصِهِ- أي : باطن رجله – فقال : ما صنعت شيئاً ! فقال : كفيتُكه .

فأما الوليد بن المغيرة فمرَّ برجلٍ من خزاعة وهو يريش نبلاً له فأصاب أكحَله فقطعها !

وأما الأسود بن المطلب فعمي ، وذلك أنه نزل تحت شجرة فقال : يابنيّ ألا تدفعون ؟ إني قد قتلت ! فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً ، فجعل يقول : يا بنيّ ألا تدفعون عني ؟ هلكت بالشوك في عيني ! فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه .

وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها .

وأما الحارث بن غيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج روثُهُ من فيه فمات منه .

وأما العاص بن وائل فبينما هو يمشي إذ دخلت في رجله شِبْرِقة – نبتةٌ ذات شوك - حتى امتلأت منها فمات .

[ دلائل النبوة للأصبهاني 1/63 ، وانظر : الدر المنثور 5/101] .

فهؤلاء خمسةُ نفرٍ من أعيانِ قومهم استهزؤوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فكفاه الله إيّاهم بقدرتِهِ وعزّتِهِ سبحانَهُ .

وقد أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنسٍ قال : مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبيّ ؟! ومعه جبريل ، فغمز جبريل بأصبعه ، فوقع مثلُ الظفر في أجسادهم ، فصارت قروحاً نتنةً فلم يستطع أحد أن يدنوا منهم [ الدر المنثور 5/100 ] . وفي الصحيحين خبرٌ آخرُ عجيبٌ عن رجلٍ من بني النجار كان نصرانياً فأسلمَ ، وكان يكتبُ الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم إنّه نكص على عقبيه فتنصّرَ ، ولحق بأهل الكتابِ ، فكان يهزأ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، ويدّعي أنه أدخل في الوحي ما ليس منه ، ويقولُ : والله ما يدري محمدُ إلا ما كتبتُ له !! فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ ، فدفنوه ، فأصبح وقد لفظتْه الأرضُ !! فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ الثالثةَ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ ، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذاً . [ البخاري (3617) ، ومسلمٌ (2781) ] .

فسبحان الذي كفى نبيّه من استهزأ به وسخر به !

ومن هذا البابِ قصةُ كسرى وقيصر المشهورةِ ، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان قد كتب إليهما ، فامتنع كلاهما من الإسلام ، لكن قيصر أكرم كتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله ، فثبّت الله ملكه ، وكسرى مزّق كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتله الله بعد قليل ، ومزّق ملكه كل ممزّق ، ولم يبق للأكاسرة ملكٌ . [ الصارم المسلول : 144 ]

وكان من أثر ذلك ما ذكره السهيليُ أنّه بلغه أنّ هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له ، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ، ثم كان عند سِبطه ، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر ، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع . ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير ، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا .

وإليكم هذا الخبر العجيبَ !

كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام ، فقال ابنه عتبة : والله لأنطلقنّ إلى محمد ولأوذينّه في ربه سبحانه وتعالى ، فانطلق حتى أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد هو يكفر بالذي دنى فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( اللهم سلط عليه كلباً من كلابك ) . ثم انصرف عنه ، فرجع إلى أبيه فقال : يا بني ما قلت له ؟ فذكر له ما قاله ، فقال : فما قال لك ؟ قال : قال : ( اللهم سلط عليه كلباً من كلابك ) . قال : يا بني والله ما آمن عليك دعاءه !

فساروا حتى نزلوا بالشراةِ وهي أرضٌ كثيرةُ الأسدِ ، فقال : أبو لهب إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي ، وإنّ هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه ، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة وافرشوا لابني عليها ثم افرشوا حولها ، ففعلنا ، فجاء الأسد فشمَّ وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة ، فإذا هو فوق المتاع فشمَّ وجهه ثم هزمه هزمة ففسخ رأسه !! فقال أبو لهب : قد عرفت أنه لا يتفلت عن دعوة محمد !! [ تفسير ابن كثير ] .

وذكر الكتانيّ في ذيل مولد العلماء [1/139] أنّه ظهر في زمن الحاكم رجلٌ سمّى نفسه هادي المستجيبين ، وكانوا يدعو إلى عبادة الحاكمِ ، وحُكيَ عنه أنّه سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وبصق على المصحفِ ، فلما ورد مكةَ شكاهُ أهلها إلى أميرها ، فدافع عنه ، واعتذر بتوبتِهِ ، فقالوا : مثل هذا لا توبة له ! فأبى ، فاجتمع الناس عند الكعبةِ وضجّوا إلى الله ، فأرسل الله ريحاً سوداء حتى أظلمت الدنيا ، ثم تجلت الظلمةُ وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة الترس الأبيض له نور كنور الشمسِ ، فلم يزل كذلك ترى ليلاً ونهاراً ، فلما رأى أميرُ مكةَ ذلك أمر بهادي المستجيبينَ فضربَ عنقَهُ وصلبَهُ .

وذكر القاضي عياض في الشفا [2/218] قصةً عجيبةً لساخرٍ بالنبي صلى اللهُ عليه وسلم ! وذلك أن فقهاءَ القيروانِ وأصحابَ سُحنُون أفتوا بقتلِ إبراهيم الفزاري ، وكان شاعراً متفنناً في كثير من العلومِ ، وكان يستهزىء باللهِ وأنبيائهِ ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأمر القاضي يحيى بن عمرَ بقتله وصلبه ، فطُعن بالسكينِ وصُلب مُنكساً ، وحكى بعضُ المؤرخين أنه لما رُفعت خشبته ، وزالت عنها الأيدي استدارت وحوَّلته عن القبلةِ فكان آيةً للجميعِ ، وكبر الناسُ ، وجاءَ كلبٌ فولغ في دمهِ !!

وحكى الشيخ العلامةُ أحمد شاكر أنّ خطيباً فصيحاً مفوهاً أرادَ أن يثنيَ على أحد كبار المسؤولين لأنه احتفى بطه حسين فلم يجد إلا التعريضَ برسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال في خطبتِهِ : جاءه الأعمى فما عبس وما تولى !! قال الشيخ أحمدُ : ولكن الله لم يدعْ لهذا المجرم جرمه في الدنيا ، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى ، فأقسمُ بالله لقد رأيته بعيني رأسي - بعد بضع سنين ، وبعد أن كان عالياً منتفخاً ، مستعزّاً بمَن لاذ بهم من العظماء والكبراء - رأيته مهيناً ذليلاً ، خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة ، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار !!

وذكروا أن رجلاً ذهب لنيل الشهادة العليا من جامعة غربيةٍ ، وكانت رسالتُهُ متعلقةً بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، وكان مشرفُهُ شانئاً حانقاً ، فأبى أن يمنحه الدرجةَ حتى يضمّن رسالتَه انتقاصاً للمصطفى صلى الله عليه وسلم ، فضعفت نفسه ، وآثر الأولى على الآخرة . فلما حاز شهادته ورجع إلى دياره فوجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مفاجئ .

نعم ..

ها هم هؤلاء الساخرونَ الشانئونَ ينطحون صخرةَ النبيّ صلى الله عليه وسلم بكل ما أوتوا من قرونٍ إعلاميّةٍ .. ولكن النهاية التي نعرفُها سلفاً .. هي نهايةُ الأعشى : ( فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ ) .

لم يكونوا أول الشانئينَ .. ولسنا أوّل الذابين ..

لهم سلفٌ في كفارِ قريشٍ ومن جاء بعدهم ..

جراح
11-02-2006, 02:16 PM
ولنا سلفٌ في حسانَ رضي الله عنه وأرضاهُ يوم انتفضَ في وجهِ هجاءِ أبي سفيانَ فقال أبياتَه الروائع :

ألا أبلغْ أبا سفيــان عني

فأنت مجوّف نخبٌ هواءُ

هجوت محمداً فأجبتُ عنه

وعند الله في ذاك الجزاءُ

أتهجوهُ ولست لـه بكفءٍ

فشرّكما لخيركما الفداءُ

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سـواءُ

فإن أبي ووالـده وعرضي

لعرض محمد منكم فداءُ

قلت : إنّ تلك القرون الإعلامية النطّاحةَ لا تضرّ إلا نفسها يقيناً .. وحربها تلك ليست مع بشرٍ .. بل مع ربّ البشر سبحانه وتعالى .

ذلك أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم محميٌّ بحمايةِ اللهِ ، معصومٌ بعصمتِهِ ، مكفولٌ برعايتِهِ ، مردود عنه أذى من آذاه ، وسخريةُ من سخر به ، واستهزاء من استهزأ به ، وها أنا ذا أضعُ بين أيديكم هذه الوثائق الربانية :

( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ (94) إنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ ) [ الحجر : 94 ، 95 ] .

( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ ) [ المائدة : 67 ]

( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ) [ البقرة : 137 ]

( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ويُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) [ الزمر : 36 ]

( إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) [ الكوثر : 3 ]

( إنَّ الَذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ وأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ) [ الأحزاب : 57 ]

( والَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ التوبة : 61 ]

هذه هي الوثائق الربانية التي تشهدُ بأنّ الله حافظٌ رسوله ، ناصرٌ له ، منتقمٌ له ممن ظلمه ، آخذ له بحقه ممن سخر منه ، كافٍ إياه ممن استهزأ به .

قال ابن تيمية رحمه الله : ومن سنة الله أن من لم يتمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ... وكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره ، ويمحق عينه وأثره [ الصارم المسلول : 144 ] . وقال رحمه الله : وقد ذكرنا ما جرّبه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرّضوا لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة ، وهذا باب واسعٌ لا يُحاطُ بِهِ . [ نفسه ] .

وقال السعديُّ : ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة .

فتعالوا أيها الأحبةُ نستشهد التاريخَ كيف كفى الله رسوله المستهزئين به صلى الله عليه وسلم ، وكيف آذى من آذاهُ .

تعالوا نعش في ظلالِ الآيةِ الكريمةِ ( إنّا كفيناك المستهزئين ) ..

وأول ما أذكرُهُ في هذا الاستقراء التاريخيّ ما ذكره أهل التفسيرِ في سبب نزولِ هذه الآية .. أعني قوله تعالى : ( إنّا كفيناك المستهزئين ) ..

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المستهزئون هم الوليد بن المغيرة ، والأسودُ بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب ، والحارث بن غَيْطَل السّهميّ ، والعاص بن وائل ، فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأراه الوليد ابن المغيرة ، فأومأ جبريل إلى أكَحلِهِ – وهو عرقٌ في اليدِ - ، فقال صلى الله عليه وسلم : ما صنعت شيئاً ! ، فقال جبريلُ : كَفَيْتُكَهُ ، ثم أراه الحارث بن غيطل السهميّ ، فأومأ إلى بطنه ، فقال : ما صنعت شيئاً ! قال : كفيتكه ، ثم أراه العاص بن وائل السهمي ، فأومأ إلى أخمَصِهِ- أي : باطن رجله – فقال : ما صنعت شيئاً ! فقال : كفيتُكه .

فأما الوليد بن المغيرة فمرَّ برجلٍ من خزاعة وهو يريش نبلاً له فأصاب أكحَله فقطعها !

وأما الأسود بن المطلب فعمي ، وذلك أنه نزل تحت شجرة فقال : يابنيّ ألا تدفعون ؟ إني قد قتلت ! فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً ، فجعل يقول : يا بنيّ ألا تدفعون عني ؟ هلكت بالشوك في عيني ! فجعلوا يقولون : ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه .

وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها .

وأما الحارث بن غيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج روثُهُ من فيه فمات منه .

وأما العاص بن وائل فبينما هو يمشي إذ دخلت في رجله شِبْرِقة – نبتةٌ ذات شوك - حتى امتلأت منها فمات .

جراح
11-02-2006, 02:17 PM
فهؤلاء خمسةُ نفرٍ من أعيانِ قومهم استهزؤوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فكفاه الله إيّاهم بقدرتِهِ وعزّتِهِ سبحانَهُ .

وقد أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن أنسٍ قال : مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبيّ ؟! ومعه جبريل ، فغمز جبريل بأصبعه ، فوقع مثلُ الظفر في أجسادهم ، فصارت قروحاً نتنةً فلم يستطع أحد أن يدنوا منهم [ الدر المنثور 5/100 ] . وفي الصحيحين خبرٌ آخرُ عجيبٌ عن رجلٍ من بني النجار كان نصرانياً فأسلمَ ، وكان يكتبُ الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم إنّه نكص على عقبيه فتنصّرَ ، ولحق بأهل الكتابِ ، فكان يهزأ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، ويدّعي أنه أدخل في الوحي ما ليس منه ، ويقولُ : والله ما يدري محمدُ إلا ما كتبتُ له !! فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ ، فدفنوه ، فأصبح وقد لفظتْه الأرضُ !! فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ الثالثةَ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ ، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذاً . [ البخاري (3617) ، ومسلمٌ (2781) ] .

فسبحان الذي كفى نبيّه من استهزأ به وسخر به !

ومن هذا البابِ قصةُ كسرى وقيصر المشهورةِ ، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان قد كتب إليهما ، فامتنع كلاهما من الإسلام ، لكن قيصر أكرم كتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله ، فثبّت الله ملكه ، وكسرى مزّق كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتله الله بعد قليل ، ومزّق ملكه كل ممزّق ، ولم يبق للأكاسرة ملكٌ . [ الصارم المسلول : 144 ]

وكان من أثر ذلك ما ذكره السهيليُ أنّه بلغه أنّ هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له ، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ، ثم كان عند سِبطه ، فحدثني بعضُ أصحابنا أن عبد الملك بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ، فلما رآه استعبر ، وسأل أن يمكِّنه من تقبيله فامتنع . ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفَّح بذهب ، فأخرج منه مقلمة ذهب ، فأخرج منها كتاباً قد زالت أكثر حروفه ، وقد التصقت عليه خِرقَة حرير ، فقال : هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ، ما زلنا نتوارثه إلى الآن ، وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا ، فنحن نحفظه غاية الحفظ ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا .

وإليكم هذا الخبر العجيبَ !

كان أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام ، فقال ابنه عتبة : والله لأنطلقنّ إلى محمد ولأوذينّه في ربه سبحانه وتعالى ، فانطلق حتى أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد هو يكفر بالذي دنى فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( اللهم سلط عليه كلباً من كلابك ) . ثم انصرف عنه ، فرجع إلى أبيه فقال : يا بني ما قلت له ؟ فذكر له ما قاله ، فقال : فما قال لك ؟ قال : قال : ( اللهم سلط عليه كلباً من كلابك ) . قال : يا بني والله ما آمن عليك دعاءه !

فساروا حتى نزلوا بالشراةِ وهي أرضٌ كثيرةُ الأسدِ ، فقال : أبو لهب إنكم قد عرفتم كبر سني وحقي ، وإنّ هذا الرجل قد دعا على ابني دعوة والله ما آمنها عليه ، فاجمعوا متاعكم إلى هذه الصومعة وافرشوا لابني عليها ثم افرشوا حولها ، ففعلنا ، فجاء الأسد فشمَّ وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقبض فوثب وثبة ، فإذا هو فوق المتاع فشمَّ وجهه ثم هزمه هزمة ففسخ رأسه !! فقال أبو لهب : قد عرفت أنه لا يتفلت عن دعوة محمد !! [ تفسير ابن كثير ] .

وذكر الكتانيّ في ذيل مولد العلماء [1/139] أنّه ظهر في زمن الحاكم رجلٌ سمّى نفسه هادي المستجيبين ، وكانوا يدعو إلى عبادة الحاكمِ ، وحُكيَ عنه أنّه سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وبصق على المصحفِ ، فلما ورد مكةَ شكاهُ أهلها إلى أميرها ، فدافع عنه ، واعتذر بتوبتِهِ ، فقالوا : مثل هذا لا توبة له ! فأبى ، فاجتمع الناس عند الكعبةِ وضجّوا إلى الله ، فأرسل الله ريحاً سوداء حتى أظلمت الدنيا ، ثم تجلت الظلمةُ وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة الترس الأبيض له نور كنور الشمسِ ، فلم يزل كذلك ترى ليلاً ونهاراً ، فلما رأى أميرُ مكةَ ذلك أمر بهادي المستجيبينَ فضربَ عنقَهُ وصلبَهُ .

جراح
11-02-2006, 02:19 PM
وذكر القاضي عياض في الشفا [2/218] قصةً عجيبةً لساخرٍ بالنبي صلى اللهُ عليه وسلم ! وذلك أن فقهاءَ القيروانِ وأصحابَ سُحنُون أفتوا بقتلِ إبراهيم الفزاري ، وكان شاعراً متفنناً في كثير من العلومِ ، وكان يستهزىء باللهِ وأنبيائهِ ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأمر القاضي يحيى بن عمرَ بقتله وصلبه ، فطُعن بالسكينِ وصُلب مُنكساً ، وحكى بعضُ المؤرخين أنه لما رُفعت خشبته ، وزالت عنها الأيدي استدارت وحوَّلته عن القبلةِ فكان آيةً للجميعِ ، وكبر الناسُ ، وجاءَ كلبٌ فولغ في دمهِ !!

وحكى الشيخ العلامةُ أحمد شاكر أنّ خطيباً فصيحاً مفوهاً أرادَ أن يثنيَ على أحد كبار المسؤولين لأنه احتفى بطه حسين فلم يجد إلا التعريضَ برسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال في خطبتِهِ : جاءه الأعمى فما عبس وما تولى !! قال الشيخ أحمدُ : ولكن الله لم يدعْ لهذا المجرم جرمه في الدنيا ، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى ، فأقسمُ بالله لقد رأيته بعيني رأسي - بعد بضع سنين ، وبعد أن كان عالياً منتفخاً ، مستعزّاً بمَن لاذ بهم من العظماء والكبراء - رأيته مهيناً ذليلاً ، خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة ، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار !!

وذكروا أن رجلاً ذهب لنيل الشهادة العليا من جامعة غربيةٍ ، وكانت رسالتُهُ متعلقةً بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، وكان مشرفُهُ شانئاً حانقاً ، فأبى أن يمنحه الدرجةَ حتى يضمّن رسالتَه انتقاصاً للمصطفى صلى الله عليه وسلم ، فضعفت نفسه ، وآثر الأولى على الآخرة . فلما حاز شهادته ورجع إلى دياره فوجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مفاجئ .

لا إله إلا الله ..

صدق الله .. ( إنا كفيناك المستهزئين ) .

وليُعلمْ أن كفايةَ الله لنبيه ممن استهزأ به أو آذاهُ ليستْ مقصورةً على إهلاكِ هذا المعتدي بقارعةٍ أو نازلةٍ . بل صورُ هذه الكفايةِ والحمايةِ متنوعةٌ متعددةٌ ..

فقد يكفيهِ الله عز وجلَّ بأن يسلطَ على هذا المستهزئِ المعتدي رجلاً من المؤمنين يثأرُ لنبيّهِ صلى الله عليه وسلم ، كما حصل في قصةِ كعبِ بن الأشرفِ اليهوديّ الذي كان يهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم ، واليهوديةِ التي كانت تشتمُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فخنقها رجلٌ حتى ماتت [ أبو داود ] ، وأمّ الولدِ التي قتلها سيدها الأعمى لما شتمتِ النبيّ صلى الله عليه وسلم [ أبو داود ] ، وأبي جهلٍ إذ قتله معاذٌ ومعوّذٌ لأنه كان يسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخُطْميةِ التي هجت النبي صلى الله عليه وسلم فانتدب لها رجلٌ من قومها [ الصارم المسلول 95 ] ، وأبي عَفَكٍ اليهوديّ الذي هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم فاقتصّه سالمُ بن عميرٍ [ الصارم المسلول 102 ] ، وأنسِ بن زُنَيم الذي هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم فشجّه غلامٌ من خزاعة [ الصارم المسلول 103 ] ، وسلامِ ابن أبي الحُقَيق إذ ثأر للنبيّ صلى الله عليه وسلم منه عبد الله بن عتيكٍ وصحبه [ الصارم المسلول 135 ] .

ولعل أغربَ وأعجبَ وأطرفَ ما وقفتُ عليه في هذا البابِ ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلفه المشهور ( الصارم المسلول على شاتم الرسول ) [ ص : 134 ] ، قال رحمه الله : وقد ذكروا أن الجنّ الذين آمنوا به ، كانت تقصد من سبّه من الجنّ الكفار فتقتله ، فيقرها على ذلك ، ويشكر لها ذلك !

ونقل عن أصحاب المغازي أن هاتفاً هتف على جبل أبي قبيسٍ بشعرٍ فيه تعريضٌ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، فما مرتْ ثلاثة أيامٍ حتى هتف هاتف على الجبل يقولُ : نحن قتلنا في ثلاثٍ مِسعرا

إذ سفّه الحقّ وسنَّ المنكرا

قنّعتُهُ سيفاً حسـاماً مبترا

بشتمه نبيّنـــا المطهّرا

ومسعرٌ – كما في الخبر – اسمُ الجنيّ الذي هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم .

ومن صور كلاءة الله لنبيه ممن تعرض له بالأذى أن يحولَ بين المعتدي وبين ما أرادَ بخوفٍ يقذفُهُ في قلبِهِ ، أو ملكٍ يمنعُهُ مما أراد ..

وقد رُوِيَ أن غورثَ بن الحرثِ قال لأقتلنَّ محمداً ، فقال له أصحابه : كيف تقتله ؟ قال : أقول له أعطني سيفك ، فاذا أعطانيه قتلته به . فأتاه فقال : يامحمد أعطني سيفك أشمّه ، فاعطاه إياه فرُعِدَت يدُهُ ، فسقط السيفُ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حال الله بينك وبين ماتريد ) [ الدر المنثور 3/119 ] . ومثلُ ذلك ما ذكره ابن كثيرٍ في تفسيره [ 4/530 ] من أن أبا جهل قال لقومه : واللات والعزى لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن على رقبته ولأعفرنّ وجهه في الترابِ ، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، فما فجأهم منه إلا وهو ينكصُ على عقبيه ويتقي بيديه ! فقيل : مالك ؟ فقال : إن بيني وبينه خندقاً من نارٍ وهولاً وأجنحةً ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنه أنّ رجالاً من قريش اجتمعوا في الحجر ، ثم تعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ونائلةَ وإِسافَ أن لو قد رأوا محمدا لقد قمنا إليه مقام رجل واحدٍ فقتلناه قبل أن نفارقه ، فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالت : هؤلاء الملأ من قومك لقد تعاهدوا لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك ، فليس منهم رجل واحدٌ إلا قد عرف نصيبه من دمك . فقال : ( يا بنية اتيني بوضوء ) ، فتوضأ ، ثم دخل عليهم المسجد ، فلما رأوه قالوا : هاهو ذا ، وخفضوا أبصارهم ، وسقطت أذقانهم في صدورهم ، فلم يرفعوا إليه بصراً ، ولم يقم منهم إليه رجل ، فأقبل النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم ، وأخذ قبضة من التراب ثم قال : ( شاهت الوجوه ) ، ثم حصبهم بها فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصا حصاةٌ إلا قتل يوم بدر كافراً . [ دلائل النبوة 1/65 ]

لا إله إلا الله ..

صدق الله .. ( إنا كفيناك المستهزئين ) .

ومن صورِ حمايةِ الله لنبية ،وكفايتِهِ إياه استهزاءَ المستهزئين أن يصرفَ الشتيمةَ والذّمّ والاستهزاءَ إلى غيره .. فإذا بالشاتمِ يريدُ أن يشتمَهُ فيشتمَ غيره من حيث لا يشعر !!

قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا ترون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم ، يشتمون مذمّماً ، ويلعنون مذمّماً ، وأنا محمدٌ ) ! [ البخاري ] قال ابن حجر [ الفتح 6/558 ] : كان الكفار من قريشٍ من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح ، فيعدلون إلى ضده فيقولون : مذمّم ، وإذا ذكروه بسوء قالوا : فعل الله بمذمم . ومذمم ليس اسمه ، ولا يعرف به ، فكان الذي يقع منهم مصروفاً إلى غيره !

لا إله إلا الله ..

وصدق الله .. ( إنا كفيناك المستهزئين ) .

ومن صور هذه الحماية الربانيةِ أنْ يغيّر الله السنن الكونيةَ صيانةً لنبيّه صلى الله عليه وسلم ورعايةً له . وشاهدُ ذلك قصةُ الشاةِ المسمومةِ ، فإنّ زينب بنت الحارثِ جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم بشاةٍ مشويةٍ دست فيها سماً كثيراً ، فلما لاك النبيّ صلى الله عليه وسلم منها مضغةً لم يسغها ، وقال : ( إن هذا العظمَ يخبرني أنّه مسمومٌ ) ! ثم دعا باليهودية فاعترفت .

فانظر كيف خرم الله السنن الكونية من جهتين :

أولاهما : أنّه لم يتأثّر صلى الله عليه وسلم بالسمّ الذي لاكه .

وثانيتهما : أن الله أنطقَ العظمَ فأخبره عليه الصلاة والسلام بما فيه .

ومن صور الكفاية الربانية لنبي الهدى صلى الله عليه وسلم ممن آذاه أن يقذف الله في قلب هذا المؤذي المعتدي الإسلام ، فيؤوبَ ويتوبَ ، حتى يكونَ الرسول صلى الله عليه وسلم أحبّ إليه من ماله وولده ووالده والناس أجمعين !!

ومن أعجبِ الأمثلةِ في ذلك قصة أبي سفيان بن الحارثِ أخي النبيّ صلى الله عليه وسلم من الرضاع ، وكان يألف النبيّ صلى الله عليه وسلم أيام الصبا وكان له تِرْباً ، فلما بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم عاداه أبو سفيان عداوةً لم يعادها أحداً قطّ ، وهجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجا أصحابَهُ .. ثم شاء الله أن يكفيَ رسولَه صلى الله عليه وسلم لسان أبي سفيان وهجاءه ، لا بإهلاكه وإنما بهدايتِهِ !! قال أبو سفيان عن نفسِهِ : ثم إن الله ألقى في قلبي الإسلام ، فسرت وزوجي وولدي حتى نزلنا بالأبواء ، فتنكرتُ وخرجتُ حتى صرت تلقاء وجه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فلما ملأ عينيه مني أعرض عنّي بوجهه إلى الناحية الأخرى ، فتحولت إلى ناحية وجهه الأخرى .

قالوا : فما زال أبو سفيانَ يتبعُهُ ، لا ينزلُ منزلاً إلا وهو على بابه ومعه ابني جعفر وهو لا يكلمه ، حتى قال أبو سفيان : والله ليأذنن لي رسول الله أو لآخذن بيد ابني هذا حتى نموت عطشاً أو جوعاً ، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رقّ لهما فدخلا عليه . [ انظر سيرة ابن هشام 4/41 ] .

فسبحان من حوّل العداوة الماحقةَ إلى حبّ وتذلل ، وملازمة للباب طلباً للرضا !!

لا إله إلا الله ..

وصدق الله .. ( إنا كفيناك المستهزئين ) .

= الخطبة الثانية : ـ الحمدلة

جراح
11-02-2006, 02:20 PM
ومن تمامِ كفايةِ الله لنبيّهِ ، وحفظِهِ له ، أن كلأه وحفظَهُ في صحابتِهِ رضي الله عنهم ، فكفاهم من استهزأ بهم ، وانتقم ممن سخر بهم ، إكراماً لرسوله صلى الله عليه وسلم .

وقد روى ابن عساكرَ في تاريخِ دمشق [ 30/402 ] عن أبي المحياةِ عن رجلٍ قال : خرجنا في سفر ومعنا رجل يشتم أبا بكر وعمر ، فنهيناه فلم ينته ، فخرج لبعض حاجته ، فاجتمع عليه الدّبر يعني الزنابير ، فاستغاث فأغثناه ، فحمَلتْ علينا حتى تركناه ، فما أقلعت عنه حتى قطعته !

وروى كذلك عن محمد بن إسحاق بن عثمان السمسار قال : كان أخوان بنيسابور من أهل مرو ، وكانا يبغضان أبا بكر وعمر أشدَّ البغض ، وقد صورا في بيتهما صورتيهما فكان يضربانهما كل يوم ضربات ، وكان أمرهما وكلامهما وطعامهما واحداً ، فما مضى أيام حتى احترقا كلاهما في النار في المنزل ! وأعجبُ من هذا ما رواه الإمامُ أحمدُ في فضائل الصحابةِ [1/299 ] عن رضوان السمان قال : كان لي جار في منزلي وسوقي ، وكان يشتم أبا بكر وعمر حتى كثر الكلام بيني وبينه ، حتى إذا كان ذات يوم شتمهما وأنا حاضرٌ ، فوقع بيني وبينه كلامٌ كثير حتى تناولني وتناولته ، قال : فانصرفت إلى منزلي وأنا مغمومٌ حزين ألوم نفسي ، قال : فنمت وتركت العشاء من الغمّ ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي من ليلتي فقلت له : يا رسول الله فلان جاري في منزلي وفي سوقي ، وهو يسبُّ أصحابكَ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ هذه المدية فاذبحه بها ، قال : فأخذته ، فأضجعته ، فذبحته . قال : فرأيت كأن يدي قد أصابها من دمه ، فألقيت المدية وضربت بيدي إلى الأرض فمسحتها بالأرض ، فانتبهت وأنا أسمع الصراخ من نحو الدار ، فقلت للخادم : انظر ما هذا الصراخ ؟ فقال : فلان مات فجأة ! فلما أصبحنا نظرنا إلى حلقه فإذا فيه خطُّ موضع الذبح !

وعن سعيد بن المسيّب أنَّ رجلاً كان يقع في عليٍّ وطلحةَ والزبيرِ رضي الله عنهم ، فجعل سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه ينهاه ويقول : لا تقع في إخواني ، فأبى . فقام سعد فصلى ركعتين ثم قال : اللهم إنْ كان مسخطاً لك فيما يقول فأرنى به آفةً ، واجعله آية للناس . فخرج الرجلُ فإذا هو ببخْتِيٍّ – جملٍ ضخمٍ - يشق الناس فأخذه بالبلاط فوضعه بين كركرته والبلاط فسحقه حتى قتله !ّ فأنا رأيت الناس يتبعون سعداً ويقولون هنيئاً لك أبا إسحاق أجيبت دعوتك [ تاريخ بغداد 9/96 ] .

فهؤلاء قوم أشرافٌ كرامٌ أجلةٌ قد نصرهم الله بشرف صحبتهم للنبيّ صلى الله عليه وسلم .

فكيف لا يكفي الله نبيّه عليه الصلاة والسلام ؟

كيف لا يكفيه وقد جرت سنتُهُ سبحانَهُ بإهلاك الأمم السابقةِ حين تؤذي أنبياءها وتقابلهم بقبيح القول أو العمل ؟

كيف لا يكفيه وهو سيد الأولياءِ وقد قال تعالى : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحربِ ) ؟

كيف لا يكفيه ولحوم العلماء مسمومةٌ فكيف بلحوم الأنبياء ؟

إنّ الله كافٍ رسوله أيها المؤمنون .. وإنّ لنا الشرف والمنزلة والرفعة بأن نكون من الأسباب التي يُكفى بها النبيّ صلى الله عليه وسلم . وأن نبحث عن كيفية تحقيق ذلك .

ولا يتسع المجالُ هنا للتوسعِ في تفصيل هذه الكيفيةِ .. ولعل لها حديثاً مستقلاً إن شاء الله .. ولكنْ حسبُكَ أخي الآن هذه الكلمة : كما غِرتَ على شخصِ نبيّك الكريم .. فغرْ أيضاً على شرعِهِ ومنهجِهِ .. فإنّك إن فعلتَ هُديتَ إلى خيرٍ كثيرٍ ..

والله يتولاني وإياك ..