المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المكانُ : أحدُ الخطوطِ السريعةِ 0 الوقت الثانية فجرا ماذا تريد هذه المرأة



naji2003
31-12-2005, 02:49 PM
المكانُ : أحدُ الخطوطِ السريعةِ الموحشةِ ، بجوارِ منفذٍ لبيعِ القهوةِ على إحدى المحطاتِ .

الزمانُ : الساعةُ الثانيةُ فجراً ، في ليلةٍ شاتيةٍ .

الحدثُ : امرأةٌ مكثتْ تُرابطُ في ذلكَ المكانِ ، من بعدِ صلاةِ المغربِ ، إلى الساعةِ الثانيةِ فجراً ، تجلسُ على رصيفِ الشارعِ تنظرُ من طرفٍ خفيٍّ ، كأنّها ترمقُ شيئاً ما .

كانتِ المفاجأةَ المذهلةَ لمالكِ المحلِّ – وهو من يُحدثني شخصياً – أنَّ هذه الجالسةَ امرأةٌ عجوزٌ ، قامَ ولدها ومعهُ زوجهُ بوضعِها في ذلكَ المكانِ المنقطعِ ، وهو مكانٌ تنخلعُ لهُ قلوبُ الرجالِ فرقاً وخشيةً لوحشتهِ وانقطاعهِ عن البُنيانِ ، ذاكراً لها أنّهُ سوفَ يغيبُ قليلاً من الوقتِ ثمَّ يرجعُ لأخذها .

فمكثتْ تلكَ الأمُّ الرؤومُ الحانيةُ الساعاتِ الطّوالَ تنتظرُ وترجو وتؤمّلُ عودةَ الابنِ الذي لم يعُدْ ! ، وبعدَ أن قامَ صاحبُنا بإدخالها إلى محلّهِ واستفسرَ عن الحالِ ، علِمَ بالقصّةِ كاملةً ، وأخذَ منها رقمَ الهاتفِ الخاصِّ بابنها الذي أنزلها ، وبعدَ الاتصالِ عليهِ قالَ : ما أبغى الوالدة ! ، ودّوها لأقرب دار للعجزةِ أو أحدِ الأوقافِ ! ، فما كانَ منها إلا أن أخذتْ تُقلّبُ كفّيها حسرةً ولوعةً ، و أحشاؤها تتقطّعُ حُزناً ولهفةً .

المرأةُ من عائلةٍ معروفةٍ ، تبرّعَ صاحبُنا وأخذها لملجأ يحوي عجزةً يقومُ عليهم بعضُ المُحسنينَ ، وأمّا الولدُ فقد اختفى واختفتْ آثارهُ ، بعدَ أنَّ عقدَ غيبَ ضميرهِ على الغدرِ والخيانةِ ، رافضاً أن يأخذَ أمّهُ أو أن يزورها ويقفَ على حاجاتِها .

تفاصيلُ القصّةِ كاملةً عندي ، والحادثةُ في بشاعتِها لا تحتاجُ إلى مزيدِ عنايةٍ في سردِها وحبكتِها ، فهي الغايةُ في الأسى والحُرقةِ .

لقد سمعتُ قصصاً كثيرةً عن ألوانٍ من العقوقِ وضروبٍ من القسوةٍ ، تفنّنَ في التنافسِ عليها مردةُ الأبناءِ عديمو الرجولةِ والشرفِ ، ورأيتُ صوراً من ذلكَ الحالِ البائسِ ، كما قرأتُ في الكتبِ وعلى صفحاتِ الجرائدِ ما أسخنَ العينَ الشجيّةَ ، وفتَّ في القلبِ المُعنّى ، من قومٍ يأخذونَ آبائهم وأمّهاتِهم إلى دورِ العجزةِ ، ومشافي الصحّةِ ، وهو على جرمهِ وشدّةِ قسوتهِ ، إلا أنّهُ يكادُ يتضاءلُ في بشاعتهِ وفظاعتهِ عن حالِ هذا العاقِّ المُجرمِ ، فقد رمى أمّهُ حيثُ لا يجرؤُ بهيمٌ أن يعيشَ أو يمشي ، فكيفَ بمن كانَ مكانها سويداءَ القلبِ وإنسانَ العينِ ! .

هل رأيتم أشقى من هذا المحرومِ ! ، بماذا أصفهُ وأصفُ فعلهُ وجُرمهُ ! ، على أنّي لا زلتُ أعهدُ العربيّةَ لغةً شريفةً ساميةً ، ليسَ فيها حروفُ الخسّةِ أو معاني النذالةِ ، وهي أسمى وأرفعُ من مفرداتِ الوضاعةِ والسّفالةِ .

إنّما تطيبُ الحياةُ الدّنيا وتتسعُ أيّامُها بالآباءِ والأمّهاتِ ، والبرِّ بهم ، ورسمِ البسمةِ على مُحيّاهم ، وملاطفتهم بالكلماتِ الرقيقةِ الودودةِ ، وما ذخرتِ الآباءُ والأمهاتُ أولادَهم إلا لساعةِ الضعفِ والعجزِ في سنيِّ الشيخوخةِ والهرمِ ، علّهم يجدونَ حينها ابناً بارّاً عطوفاً حنوناً ، يمسحُ عنهم أوضارَ البؤسِ التي خطّتها في أجسادهم أسقامُ الكِبرِ وجريانُ القدرِ بالمحنِ والأرزاءِ .

فكيفَ يكونُ حالُ من صارَ ابنهُ خِنجراً في خاصرتهِ ! ، يستحثُّ خطاهُ للقبرِ ويُدنيهِ من الأجلِ بضروبِ العقوقِ التي عزَّ نظيرُها ومثيلُها ! ، لا حولَ ولا قوّةَ إلا باللهِ ، إنّها واللهِ لحياةُ سوءٍ إن كانَ هذا خاتمتُها ومنتهى فصولِها .

هذه دعوةٌ جادّةٌ لتطبيقِ أقسى وأشدِّ أنواعِ العقوباتِ على من يثبتُ أنّهُ عقَّ أحدَ والديهِ ، ويُنشرُ اسمهُ وخبرهُ ويُشهّرُ بهِ على صفحاتِ الجرائدِ ووسائلِ الإعلامِ ، ليذوقَ وبالَ أمرهِ وفظاعةَ جرمهِ .

القصّةُ لم تبدأ بعدُ حتّى تنتهيَ ، وإنّما البدايةُ في اللحظةِ الحاسمةِ ساعةَ الموتِ : ( ربِّ ارجعونِ لعلّي أعملُ صالحاً فيما تركتُ ، كلاّ إنّها كلمةٌ هو قائلُها ومن وراءهم برزخٌ إلى يومِ يُبعثونَ ) .

اللهمَّ ارحمَ ضعفِ والدينا ، واختمْ لهم بخاتمةِ السعادةِ والخيرِ ، وارزقنا برّهم والإحسانَ إليهم ، اللهمَّ ضاعفْ لهم أجورهم كما أحسنوا إلينا وربونا صغاراً ، واجعلنا لهم قرّةَ أعينٍ وفواتحَ سعدٍ وباباً للعافيةِ والرّضا .


منقول ((((((((( فأعتبروا ياأولى الالباب )))))))

الصياغ
31-12-2005, 07:03 PM
اخي ناجي 2003


هذا الرجل صاحب المحل الذي اخذها الى دار العجزة
عليه ان يأخذ إسم هذا النذل إبنها والتشهير به في
إحدى الجرائد ليكون عبرة لأمثاله