المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لو أطاعتني النساء لم نطلق واحدة



الحوت الأسود
22-12-2005, 02:01 PM
عبد العزيز المقحم


ملت النساء من كثرة الحديث عن " حقوق الزوج "، وضجت بالصياح: أليس للزوجة حقوق؟

ولماذا كل حديثكم عن حقوق الزوج؟ وأين حقوق الزوجة؟
أوليست القيادة في يد الزوج؟ فلماذا تعفون القائد من وصاياكم إلا لماماً وتهلكون الراكب؟
أوليس على الأزواج واجبات ومسؤوليات؟
أولستم تعترفون أن أكثر المشكلات الاجتماعية بسبب الأولياء؟
وأن الأسرة الصالحة المتحابة يمدح بلك وليها، وعكسها يلام عليها وليها؟!

كل هذا صحيح ولكن أولاً: هل كل الأزواج في مستوى من الدين والعقل يجعله ينصاع للحق ويلزم نفسه به ولا يجد عليها في ذلك غضاضة؟ الحق المر أن أكثرهم أبعد عن هذا المستوى وأخياتنا المتزوجات أعلم بذلك.

وثانياً: هل تريد المرأة مناظرات كلامية أو محاكمات قضائية حول علاقتها بزوجها؟ أم تريد بعد قبولها به أن تحافظ عليه غاية وسعها؟!

لذلك أرجو أن تسمح لي أخواتي الكريمات بهذا الحديث " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض "

وآمل أن يتلقين ما أقول هنا.. لا باعتباره حديث رجل عن حقوق الزوج وواجبات الزوجة.. ولكن باعتباره نصيحة مسلم لأخت مسلمة.

نقول بداية: إن أختنا المتزوجة حين قبلت من تقدم إليها لم تكن تريده زوجاً مؤقتاً يكشف سترها ثم يرميها مطلقة في بيت أهلها، وليست مستعدة أن تخسره لأدنى سبب.

ولم ترد بالعيش معه امتحان حلمه وصبره حتى تفاجئه بما يحتمل وما لا يحتمل من المواقف أو الكلام أو الصمت أحياناً،

ولم تكن تريد الدخول معه في مسابقة تحقيق الكرامة وإظهار أيهما أعز وأكرم؟

ولم تكن تريد أن ترهقه بتحقيق أحلامها الوهمية كما يدندن الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً بوصفه ( فتى الأحلام )

ولم ترد أن تغلق عليه دنياه بإقفالها كما يدندنون بوصف الزواج ( بالقفص الذهبي )..

ولم ترد أن يكون العسل شهراً واحداً وبعده المرّ كما يدندنون وتفصيل ذلك يطول، لكنها باختصار لم ترد أي مراد يفضي إلى الفراق أبداً.. أبداً فأكره شيء عند المرأة الطلاق إلا إن كانت في وضع أبأس منه.

وإنما أرادت حين قبلت ذلك الرجل زوجاً لها أن يأخذ بيدها ليحفظها قدر استطاعته وهي على أتم الاستعداد أن تحافظ عليه بأقصى استطاعتها مهما حصل منه إلا ما لا يمكن الصبر عليه وأجرها على الله.

ومحافظتها عليه بأقصى استطاعتها تعني أشياء كثيرة جداً ومهمة جداً، بعضها تفعله بمحبة وبعضها تفعله برضى وبعضها تفعله وهي كارهة وليست تعني عدم إثقاله بالطلبات والملاحظات فقط ولكنها تعني بكلمة جامعة " حسن التبعّل له " كما وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وهذا لا يتعارض.. أبداً مع كرامة المرأة وعظم حقها لأنها تقدمه عن طيب نفس وتمام عقل وإدراك لأحب الناس إليها وأقربهم منها وأنفعهم. ولا يقف " حسن تبعّل المرأة لزوجها " عند كونه لا يعارض كرامتها فقط بل إنه يحقق لها سعادة الدارين الدنيا والآخرة وذلك ما تريده كل امرأة وتحلم به وتتمناه.

وهذه مفاتيحه بيديها.. أما سعادة الدنيا فإنها بحسن التبعل غاية وسعها تملك قلب زوجها ملكاً حتى لا يستطيع فراقها ولو فارقها قسراً في سفر له أو مرض لها لأحسّ بفراغ روحي وظمأ وجداني لا يملؤه ولا يرويه إلا وجودها أمامه وبين يديه وإلى جنبه، فقد استطاعت هذه الزوجة المسلمة أن تبلغ درجة ( لتسكنوا إليها ) فأصبحت هي سكناً له واستطاعت أن تجعله يشعر بذلك أبداً فليس يجد سكنه في الغرف الفخمة ولا البرامج المسلية وإنما يجد سكنه فيها هي وفي قربها لأنها تسعده ولا تزعجه وتفرحه ولا تحزنه وأول المستفيدين من ذلك ( الزوجان ) هي وهو.

وهل تظن زوجاً وجد مثل هذه يستطيع أن يقابل إحسانها العظيم بالإساءة؟!! أم هل تراه مستعداً للتخلي عنها لنقص في جمالها أو لمشكلة عندها أم هل تراه يقدر على ذلك؟!

أنا أجزم جزماً أن كل رجل يتمنى مثل هذه المرأة.. لكن أين هي؟ وهنا يأتي دور المرأة المسلمة وحديثنا إليها!

وأجزم أيضاً لو أن رجلاً وجد هذه المرأة لعض عليها بالنواجذ لأنها أصبحت جزءاً من كيانه وتركيبه النفسي لا يستطيع أن بعيش دونه، لأن المسلم يعلم أن دنياه متاع وأن هذه المرأة خير متاعها كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"..

انظر قوله " الصالحة" كما في الآية ( وأصلحنا له زوجه)، الصلاح والإصلاح وليس الجمال فقط ولذا بين صفتها ومعشرها وصلاحها بقوله: " إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله ".

وهي أول المستفيدين من ذلك، وهكذا كل معروف وإحسان أول مستفيد منه باذله ولئن كانت له هكذا فسيكون لها كذلك كما قال أسماء بن خارجة لبنته: ( كوني له أمة يكن لك عبداً ولا تقتربي منه فيملّك ولا تباعدي عنه فيجفوك).

وأجزم أن كل امرأة تتمنى مثل هذا الزوج ولكن أين هو؟ والجواب أنه فيما حظيت به من حسن التبعّل لزوجها ولا تطالبه إلا من طريق إغراقه بالجميل وإخجاله بالإحسان حتى يصبح وهو يخجل من صبرها وإحسانها كما يخجل من عاقل قومه.

فهذه سعادة الدنيا لها، أما سعادة الآخرة فإنها بذلك الفعل تعدل كل ما فضلت به الرجال النساء من الصلاة جماعة والجهاد والحج وشهود الجنائز وغير ذلك كما ثبت من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها.

من هذه الإرادة عند المرأة وهذا المنطلق نحدث أخياتنا المتزوجات حديث أخ مشفق ينكسر قلبه إذا قيل طلقت فلانة أو زوجها يفكر في الطلاق ويهش ويبش إذا قيل استرجعها زوجها، فنقول: يا أخياتنا المسلمات تعالين إلى كلمة سواء:

إن من كانت إرادتها المحافظة على زوجها وبيتها غاية وسعها وقدر استطاعتها فلتسمع وتطع ولتبشر بخيري الدنيا والآخرة، ولتبذل وسعها حقاً في المحافظة على زوجها ابتداء منها دون طلب منه حتى تكون على استعداد أن تسجد له لو كان مباحاً وهنا تفهم قول أبر الخلق وأعلمهم وأنصحهم صلى الله عليه وسلم: ( ولو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها ).

إن كبار المنافقين أو صغارهم قد يرون في هذا الحديث ومثله ظلماً للمرأة وتمييزاً للرجل، ولكن من نظر إلى مصلحة المرأة أولاً حتى لا يتقاذفها الرجال بين أحضانهم ومراقدهم ومصلحة الأطفال والأسر والمجتمعات علم أن هذا الحديث في مصلحة المرأة وهي أول مستفيد منه على المدى القريب والبعيد ( ولكن المنافقين لا يعلمون ) وذلك أن الرجل في حقيقة الأمر لا يريد من النساء صديقاً ولا شريكاً كما يدندن المفسدون في الأرض الذي يغلفون مطامعهم الشهوانية بتحرير المرأة وصداقة المرأة ومساواتها ومشاركتها وإنما يريد الرجل من النساء واحدة من اثنتين إما زوجة موافقة أو بغياً فاجرة – نعوذ بالله - .

وأسعد النساء بقلوب الرجال وطول العيش معهم ليست أجملهن كما يفكر العزاب والشهوانيون وقليلو التجارب، وليست أغناهن كما يتخيل الفقراء والجشعون، وإنما أسعدهن بمحبة الرجال وطول البقاء معهم من تمثلت ذلك الحديث طاعة لله ورسوله وإدراكاً لما يضمن مصلحتها وسلامة عشها وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد ..... ) الحديث. وأسعدهن بمحبة الرجال وطول العيش معهم من علمت يقيناً أن الزوجات مع أزواجهن مثل ندماء الملوك وجلسائهم سواء بسواء فلتنظر كيف يتعامل هؤلاء مع هؤلاء من الإجلال والرهبة والطاعة في حال المنشط والمكره والخوف والمحبة معاً، وإذا لم يكن الرجل ملكاً أو كالملك في بيته ومع زوجته فهل يطمع في ذلك عند أصدقائه أو رؤسائه؟!! وإذا لم تكن الزوجة مع زوجها مثل نديم الملك طاعة وإجلالاً ومحبة وخوفاً فماذا تكون معه؟! هل تكون معه صاحبة الجلالة؟ وهي تعطيه من نفسها ما تعطيه وتبذل له ما تبذل؟ أم هل تكون صبوراً خلوقاً عاقلة كنديم الملك مع أخواتها وصديقاتها؟!

كم جميلة.. خسرت بيتها وزوجها وهي تحبه ويحبها لأنها لم تحسن أن تكون معه كنديم الملك وأن تشعره بذلك بلطف وشفافية دون إثقال ولا إملال.. وكم قليلة جمال أو عديمة جمال استطاعت أن تزرع في قلب زوجها حبها وتسقيه أفضل السقي حتى صارت من أحب الناس إليه وحتى أصبح لا يمكنه أن يستغني عنها، وهذا هو النجاح الحقيقي للمرأة وللزوجة وهو ما تستطيع أن تتصرف فيه وتحتال له خلاف ما خلقت عليه من الجمال أو عدمه ونعومة الشعر أو خشونته وجمال العيون أو عدمه وغير ذلك من الصفات الخلقية.

فطلاقة الوجه ولين الكلام في الرضا والغضب أقرب طريق لقلب الرجل، كما أن أقرب طريق لغضب الرجل عبوس الوجه وشدة الكلام ولو لم يحدث ذلك إلا مرة في الأسبوع أو مرة في الشهر.

وأكثر ما تبرز الحاجة لذلك حينما تعرض بوادر الخلاف بين الزوجين فيجب على الزوجة الذكية الناجحة أن تحاذر غضب زوجها ومخالفته ولا تصب الزيت على النار وإنما تصب على قلب زوجها وسمعه التودد والكلام اللين بطلاقة وجه وطيب نفس حتى تجعله يخجل منها تماماً وتكون كما قال أسماء بن خارجة لبنته: " كوني له أمة يكن لك عبداً". ولا تزعجه بكثرة مخالفاتها فهو أهم عندها من قضية الخلاف مهما كانت، والخلاف شر وينبت البغضاء في القلب.

هذا بإذن الله هو أقرب طريق لقلب الرجل وليس كما زعموا أن أقرب طريق إلى قلبه معدته.


المرجع: مجلة الأسرة العدد 105