المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة إلى الوالدين



الرأي الخاص
09-12-2005, 12:23 AM
سلامُ عَليكُم وَرَحمة اللهِ ..
إخوَتِي الآبَاء الكِرَام ، أخوَاتِي الأمّهات الكَرائِم ..

يَسُرني أن أتَوَاجَد بينَكُم مُجدّداً مِن خِلال هَذهِ السّلسِلَةِ الإجتِمَاعِيّةِ ؛ المُباركةِ بِتَشريفكُم إيّاها ، لأتَنَاول مِن خِلالِ هَذا المَوضُوعِ مَرحلَةً هامّةً مِن مَراحِل حَياةِ أبنَائنَا ، بَل لا أظُن أحَدَاً مِنكُم يُخَالفُنِي إن أسْمَيتُها أهمّ مَرحَلَةٍ فِي حَياةِ المَرء .

وَهِي مَرحلةُ المُراهَقَةِ ، أو مَرحَلةُ مَا بعدَ سِنّ البُلُوغ ؛ المَرحَلَة التِي يُجمِعُ أهلُ التّربِيَةِ بِإختِلافِ مَشَارِبِهِم عَلَى كَونِهَا أهَمّ مَرحَلَةٍ يُبنَى عَلَيهَا مُستَقبل المَرءِ ؛ سِلبَاً وَإيجَابَاً .

وَقَبلَ خَوضِ غِمَارِ المُوضُوعِ سَويّاً ،

أضَعُ بَينَكُم الأجْزَاء الثّلاثةَ السّابِقَةَ مِن هَذِهِ السّلسِلَة الإجتِمَاعِية ، وَالتِي تحمِل عنوَان [ أُختِي الأم ، هَلْ ..... ] ، أسْألُ اللهَ أنْ يَكْتُبَ لِي وَلِكُلّ مُستَفِيدٍ مِنهَا الأجْرَ وَالمَثُوبَة ، وَأنْ يجعَلهَا خَالِصَة لِوجهِهِ الكَريم ..

الجُزءُ الأوّل / أُخْتِي الأم ، هَل فَكَرت ِ فِي عَوَاقِب السّذَاجَة التِي تَتَعَامَلِي بِهَا مَعَ مَلابِس الإبنَة الصّغِيرَة ؟

الجُزء الثّانِي / أُخْتِي الأم ، هَل بَذَلت ِ مَا بِوُسعِك لِحِمَايَة إبنِك مِن التّحرّش الجِنسِي المُنتَشِر فِي مُجْتَمعنا ؟ ( تُعَادُ صِيَاغَته )

الجُزء الثّالِث / أُخْتِي الأم ، هَل حُصُولكِ عَلَى شَهَادَة الدّكتورَاة يَتِم دُون مَردُودٍ سِلبيٍ عَلَى أبنَائِكِ ؟

.

أيّهَا الأحِبّة ..

إنّ الإبنَ فِي مَرحَلَةِ المُرَاهَقَةِ - المَرحَلَةُ الحَرِجَةُ مِن عُمُرِهِ - بِحَاجَةٍ مَاسّةٍ إلى تَوجِيهٍ وَإرشَادٍ ، يَسلَمُ بِهِ مِنَ الأخطَارِ وَالشّرُورِ المُحِيطَةِ بِهِ ، وَيَسمُو بِنَفسِهِ عَن مُقَارَفَةِ السّيئَاتِ والإنخِرَاطِ فِي مَسلَكِ المَعَاصِي والآثامِ ، وَيَضِنّ بِجَسَدِهِ وَصِحّتِهِ عَن أن يَلحَقَهَا أذَىً مِن جَرّاءِ إهمَالِهَا أو مُمَارَسَةِ العَادَاتِ السّيئَةِ التِي تَكبَحُ جِمَاحَ تَقَدّمِهَا وَتُؤثِرُ فِعلِيّاً عَلَى نُمُوّهَا وَإستِفَادَةِ الإبن مِنهَا كَمَا يَنبَغِي .

وَتَجِدُ حَاجَةُ الإبنِ هَذِهِ إهتِمَامَاً حَانِيَاً مِن الأبَوَينِ يَختَلِفُ مِن بَيتٍ لآخَر ، وَبِالرّغمِ مِن وُجُودِ هَذَا الإختِلافِ فِي إهتِمَامِ الأبَوَينِ بِإبنهِمَا ؛ إلا أنّ كَافّةَ الآبَاءِ وَالأمّهَاتِ بِشَكلٍ عَامّ لَدَيهِمُ الرّغبةُ الصّادِقَةُ فِي تَوفِيرِ كَافّةِ السّبُلِ اللازِمَةِ لِتَنشِئَة الإبنِ النّشأةَ التّربَويّةَ الإسلامِيّةَ الصّحِيحَة ، التِي تَجعَلُ مِنهُ رَجُلاً فِيمَا بَعدُ يُشارُ إلَيهِ وَإلَى مَن رَبّاهُ بِالبَنَانِ .

هَذِهِ الرّغبَةُ الصّادِقَةُ التِي يَتّفِقُ عَلَى ضَرُورَةِ إيجَادِهَا كُلّ أبٍ وأمٍ ، رُبّمَا لا يَشعُرَ الإبنُ بِهَا وَبِوُجُودِهَا إلا نَادِرَاً ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ الوَسِيلَةِ التِي يَقُومُ الوَالِدَان بِتَربِيَةِ إبنِهِمَا مِن خِلالِهَا ، وَلَعَلّ هَذَا مَا يُفَسّر وُجُودَ أعدَادٍ لَيسَت قَلِيلَة مِن الأبنَاءِ عَلَى مُستَوَىً مُتَدَنٍ مِن الأخلاقِ ، رَغمَ أنّ آبَاءَهُم وَأمّهَاتَهُم لا يدّخِروا جُهدَاً فِي تَربِيَتِهِم ، وَلَديهِمُ الحِرصَ الكَامِلَ عَلَى تَربِيَتِهِم أفضَلَ تَربِيَةٍ وَرِعَايَتِهِم أتَمّ رِعَايَةٍ .

فَالأبُ رُبّمَا كَانَ صَادِقَاً فِي حِرصِهِ عَلَى إبنِهِ ، وَرُبّمَا كَانَتِ الأمُ صَادِقَةً فِي رَغبَتِهَا بَأن يَصلُحَ حَالُ إبنِهَا ، إلا أنّ الطّرِيقَةَ التِي يَنتَهِجُهَا الأبُ أو تَنتَهِجُهَا الأمُ لَهَا الأثرُ الأكبَرُ عَلَى نَفسِ الإبنِ وَعَلَى تَقبّلهِ لِهَذا التّوجِيهِ مِن عَدَمِهِ ..

لِذَا - عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ - لا أهَمّيةَ فِي نَفسِ الإبنِ لِحِرصِ وَرَغبَةِ الوَالِدَين ، طَالَمَا أنّهُ يَجِدُ بِأنّ وَالِدَهُ أو أمّهُ يَقُومُ أحَدُهُمَا بِضَربِهِ ضَربَاً مُبرِحَاً قَاسِيَاً مُؤلِمَاً لأدنَى سَبَبٍ يَستَلزِمُ ذَلِكَ ، بِحُجّةِ الرّغبَةِ الصّادِقَةِ مِنهُمَا فِي إصلاحِهِ ، وَأنّ مَا يَتَعرّضَ لَهُ مِن ضَربٍ هُو لأجلِ تَقوِيمِ سُلُوكِهِ ، وَأنّ فِي ذَلِكَ فَائِدَةً كَبِيرةُ تَلحَقُ بِهِ مِن جَرّاءِ ذَلِكَ .

المِثَالُ السّابِقُ عَنِ الضّربِ هُوَ نَمُوذّجٌ يَتَكرّرُ فِي كَثِيرٍ مِن البُيوتِ اليَومَ ، قَد يَكُونُ ضَربَاً فِي بَيتٍ ، وَتَوبِيخَاً فِي بَيتٍ ثَانٍ ، وَإهمَالاً فِي بَيتٍ ثَالِثٍ ، وَسُخرِيَةً أو تَقتِيرَاً أو إذلالاً أو غَيرِهَا مِن صُورِ التّعامُلِ المُؤلِمِ فِي بُيوتٍ أخرَى بِحَقِ الإبِن مِن قِبَلِ وَالِدَيهِ ، مَعَ تَغليفِ هَذا التّعَامُل السّيءِ مِن قِبَلهمَا تُجَاهَ الإبن بِغِلافِ الودّ وَالعَطفِ وَالحِرصِ وَالرّعَايَةِ .

مِن أجلِ ذَلِكَ ؛ كَانَ لِزَامَاً عَلَى الآبَاءِ وَالأمّهَاتِ أن يُرَاجِعُوا بَينَ الفَينَةِ وَالأخرَى الكَيفِيّةَ التِي يَتَعَامَلُوا مِن خِلالِهَا مَعَ أبنَائِهِم ، وَيَضرِبُوا لِذَلِكَ مَوَاعِيدَ مُحَدّدَةٍ يَقِفُوا فِيهَا مَعَ أنفُسِهِم عِدّةَ وَقَفَاتٍ :

# مَالذِي قَدّمُوهُ خِلالَ هَذِهِ الفَترَة لِلإبنِ ؟

# وَمَالذِي أثّرَ فِيهِ مِن أسَالِيبِ التّربِيَةِ أكثَر مِمّا سِوَاه ؟

# وَهَل أجدَى ذَلِكَ الأسلُوب أم هُو وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ ؟

# وَهَل يَحتَاجُ الإبن إلَى تَغييرٍ فِي طَريقَةِ التّعَامل مَعَهُ وَالتّنوّع فِي الأسَالِيبِ المُستَخدَمَةِ فِي تَربِيَتِهِ ؟

# أم أنّ وَضعَهُ الحَالِي هُوَ أفضَلُ مِمّا مَضَى وَيُستَحسَنُ الإستِمرَارُ عَليهِ ؟

ثُمّ مِن خِلالِ جُملَة التّسَاؤُلاتِ المَاضِيَةِ التِي يُرَاجِعُ فِيهَا الآبَاءُ والأمّهَاتُ عَلاقَتَهُم بِأبنَائِهِم ، يُمْكِنهُم قَطعُ أشوَاطٍ طَويلَةٍ فِي تَطويرِ أدَائِهِمُ التّربَوِي وَتَحسِينِ أسَالِيبهم فِي كَيفِيّةِ التّعَاملِ مَعَ أبنَائِهِم كَمَا يَنبَغِي ، وَيَستَفِيدُ مِن ذَلِكَ كُلّ طَرَفٍ لَهُ صِلَةٌ بِالمُوضُوعِ ، بَدءاً مِنَ الإبنِ مُرُورَاً بِوَالِدَيهِ وَكَافّةِ إخوَتِهِ وَزُمَلائِهِ وَمَن يَتَعَامَل مَعَهُ وَإنتِهَاءً وَليسَ آخِرَاً بِالمُجتَمَعِ الذِي يَعِيشُ فِيهِ .

.

أترُككُم فِي حِفظِ المَولَى وَرِعَايَتِهِ ، حَفِظَ اللهُ أبنَاءَنَا وَأبنَاءَكُم وَأبنَاءَ المُسلِمِينَ مِن كُلّ سُوءٍ وَمَكرُوهٍ ، كما أعْتذِرُ إنْ أطَلْتُ عَليكُم وآمُل أنْ أكُونَ قَدْ وُفِقت فِيمَا كُتِب ، وَإنْ كَانَ مِنَ تَصْحِيحٍ أو تقويمٍ فِيمَا مَضَى أو مَا سَيَأتِي فلا حَرَجَ ولا مَلامَة بَل َأسَرُ بِذلِك ..

لا تَنسَونِي وَوَالِدَيّ مِن صَالِح دَعَوَاتِكُم ، رَزَقَنِي اللهُ برّهُمَا وَالإحسَان إليهِمَا ..

مع أرقّ التّحَايَا وَأعطَرهَا لكُلِّ مَن شَارَكَ أو اكتَفَى بِالزّيَارَةِ ..