المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكونجرس يشهد معركة إحباط للحملة المتعددة الجبهات التي استهدفت النيل من السعودية



naji2003
11-11-2005, 02:50 AM
نقلا عن جريدة الوطن السعودية 10/11/2005 م

شهدت واشنطن طيلة الثلاثاء الماضي يوماً سعودياً ساخناً اتسم بمواجهات على أكثر من جبهة ونزال سياسي أعد له دبلوماسيو السعودية وأصدقاؤها من جهة, والدوائر المتحالفة التي تستهدف النيل منها من الجهة الأخرى. وبدا من الوقائع المتتابعة لتلك المواجهات أنها كانت بمثابة "اختبار قوة", إذ حاول خصوم السعودية التمهيد لتمرير "قانون محاسبة السعودية" بالاستناد على تقرير أعده مركز الحريات الدينية وزعم فيه أن المملكة تدعم الإرهاب وتحض على كراهية أتباع الديانات الأخرى, فيما سعت جهود الدفاع عن السعودية إلى إيضاح الحقيقة.
وتوضح مؤشرات نهاية ذلك النزال السياسي الساخن أن تحالف مهاجمة السعودية تلقى هزيمة واضحة دون أن يعني ذلك أن عقده قد انفرط. وتتابعت حلقات إحباط تلك الهجمة التي استهدفت المملكة منذ بداية اليوم وعبر خطوات متلاحقة.
فقد أصدرت وزارة الخارجية تقريراً أوضحت فيه أن هناك انتقادات تتعلق بحرية الأديان في المملكة إلا أنها لاحظت أيضاً حدوث تقدم في ذلك المجال. وكان الهدف من إصدار التقرير في ذلك اليوم بالذات هو أن يأتي قبيل الجلسة التي عقدتها اللجنة القانونية بمجلس الشيوخ لمناقشة تلك القضية.
وكانت الوزارة قد أجلت إصدار التقرير مع تأجيل موعد الجلسة التي كان مقرراً أن تعقد في 25 من الشهر الماضي. وقد رافق تقرير الوزارة قرار من وزيرة الخارجية كونداليزا رايس بالامتناع عن إرسال ممثل عن الوزارة إلى الجلسة. بعبارة أخرى بدأت الوزارة بحماية نفسها من انتقادات أنصار إسرائيل بأن أصدرت التقرير ثم تلت ذلك بخطوة اعتبرها المراقبون "خفضاً متعمداً لأهمية جلسة مجلس الشيوخ" حسب قول سيتفن إيرسون الذي أدلى بشهادته أمام اللجنة.
بعد ذلك اختار الأمير تركي الفيصل سفير المملكة في واشنطن صباح الثلاثاء بالذات لإلقاء خطاب هو الأول له منذ توليه منصبه في واشنطن أمام معهد الشرق الأوسط. واختار الأمير تركي قضية الإرهاب بالذات في خطوة محسوبة لمخاطبة الأمر ذاته الذي كانت لجنة مجلس الشيوخ تعتزم بحثه, أعقبه ببيان على نتائجها قال فيه إن العالم بأكمله يعرف الآن أن السعودية شأنها شأن الولايات المتحدة هي هدف أساسي للقاعدة. ورد البيان على تصريحات نائب مساعد وزارة الخزانة في جلسة الكونجرس بإبراز الإجراءات التي طبقتها السعودية لتجفيف أموال الإرهاب وأضاف: "إذا حكمنا بالتصريحات التي أدلى بها أعضاء اللجنة خلال الجلسة فإن الواضح أنهم ليسوا على دراية بمدى أهمية الخطوات التي اتخذتها المملكة لمواجهة الإرهاب".
وقائع الجلسة

naji2003
11-11-2005, 02:54 AM
لم يستغرق الأمر سوى لحظات بعد بدء جلسة الاستماع التي دعت إليها اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ الأمريكي حتى تبين طبيعة القوى التي تتجاذب هذه القضية الهامة, أي قضية العلاقات السعودية الأمريكية. فمع أن الجلسة عقدت تحت عنوان "المملكة العربية السعودية: صديق أم عدو في الحرب ضد الإرهاب". فإن المداخلات سرعان ما تحولت إلى مسارات متشعبة, أنصار إسرائيل ينتقدون المملكة بسبب موقفها الرافض للصهيونية, المسيحيون المتطرفون ينتقدونها لأنها تدعم مراكز الدعوة الإسلامية في الولايات المتحدة, الديمقراطيون ينتقدون الإدارة الجمهورية ورئيسها جورج بوش "لأنه يدافع عن السعودية" حسب قول السيناتور باتريك ليهي, والجمهوريون ينتقدون الإدارة أيضاً لأنها "لم تنجح في تغيير سياسات السعودية" حسب قول السيناتور جون كيل.
وفي كل الأحوال فإن الجلسة التي طالت إلى حد كان من الصعب تحمله - حتى على بعض الأعضاء - شهدت واحدة من أكثر محاولات التشهير بالسعودية جرأة وتنسيقاً, ولكنها شهدت أيضاً إحباطاً منظماً لهذه الهجمة متعددة الجبهات على نحو أوضح حجم الجهد الذي بذل لإبطال مفعول السهام التي حاول خصوم المملكة توجيهها إليها وإلى مواقفها, وأيضاً حجم الجهد الذي بذله هؤلاء الخصوم في إعداد أسهمهم, إذ إن تقرير لجنة حرية الأديان استغرق إعداده عامين, وتطلب ترجمة 30 ألف صفحة من العربية إلى الإنجليزية.
وفي بداية الجلسة, وبعد أن هاجم السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي الرئيس بوش في أداء لغرض سياسي إلزامي, عاد السيناتور الذي عرف عنه الرصانة والاتزان في أغلب الأحوال إلى المنطق. فقد قال ليهي "يمكن أن أوضح هنا أن الأفكار المتطرفة التي سترد في الترجمات التي سنفحصها ونناقشها لا تعكس تعاليم الإسلام أو ما يؤمن به أغلب المسلمين. وينبغي أن نلاحظ أن التطرف والمغالاة ليسا حكراً على الإسلام. فلدينا هنا مسيحيون إنجليكيون متطرفون أدلوا بتصريحات مدانة ضد الإسلام". وأعطى السيناتور أمثلة بما قاله القس فرانكلين جراهام من هجوم مباشر ضد الإسلام كدين, والشتائم التي وجهها القس جيري فالويل للإسلام وللرسول عليه الصلاة والسلام والقس بات روبرتسون الذي قال إن المسلمين - بما في ذلك المسلمون الأمريكيون - أصبحوا الآن أعداء الولايات المتحدة.
وكان هذا الاتزان الذي بدا من عبارات السيناتور ليهي محاولة "لضبط إيقاع" النقاش بعد ذلك. فقد أراد أن يقول إن التطرف ليس سعودياً أو إسلامياً وإنه ظاهرة عامة تحدث في كل الأديان والعقائد ولكنه لا يمثل جوهر الأديان السماوية.
بعد ذلك بدأ نائب مساعد وزير الخزانة داينيل جلاسر شهادة مطولة "مزجت السم بالعسل" كما يقولون فقد أثنى على جهود المملكة في مكافحة قنوات تمويل الإرهاب إلا أنه فسر هذه الجهود بأنها "نتيجة فقط للهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الرياض في مايو 2003" وقال جلاسر إنه من سوء الطالع أن المملكة لم تتحرك ضد الإرهاب إلا بعد "صدمة" مايو 2003 وبعد أن رأت أن الإرهاب ليس مشكلة خارجية وإنما "تهديد لأمن مواطنيها ولنسيج حياتهم اليومية" حسب قوله.
وأخذ جلاسر يتحدث عن استراتيجيات مكافحة الإرهاب والتنسيق الدولي، ويشيد تارة بجهود المملكة ثم يقول تارة أخرى: إنها "لم تكن كافية". والتقط السيناتور جون كيل الخيط في محاولة لدفع جلاسر إلى ترجيح كفة انتقاد المملكة والإشارة إلى جهودها إلى أن طلب السيناتور ألان سبكتر عرض شريط مصور سجلته مؤسسة قريبة من الدوائر الإسرائيلية بواشنطن وتدعى "معهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط" وورد فيه وقائع ندوات وتصريحات أدلى بها علماء دين سعوديون وبثها التلفزيون السعودي.
وأشار السيناتور ليهي إلى رقم مصرفي سعودي يسمى "الحساب 98" وتذهب ودائعه إلى ما وصفه السيناتور بـ"المنظمات الإرهابية الفلسطينية". ورد جلاسر بأن السلطات السعودية أفادت بأن الحساب أغلق. فسأل ليهي: "وهل تأكدتم من ذلك". فقال مسؤول وزارة الخزانة "لقد رصدنا إعلانات تلفزيونية سعودية أشارت مؤخرا إلى التبرع للفلسطينيين وذكرت رقم الحساب 98. وقد أقلقنا ذلك كثيرا. فقد جاء ذلك بعد أن قالوا لنا إنهم أغلقوه".
وبعد مداخلة أخرى من السيناتور كيل اقتصرت تقريبا على مهاجمة السعودية عرض الشريط الذي تضمن مقتطفات سريعة قد تكون أخرجت عن سياقها عمدا من تصريحات لعلماء سعوديين، ليواصل جلاسر بعد ذلك تنقله بين أسئلة استهدفت إرغامه إرغاما على إدانة السعودية، وتمكن هو بقدر من المراوغة أن يفلت من أغلبها باستخدام سياسة إمساك العصا من منتصفها. إلا أن وقائع الجلسة اكتسبت بعد ذلك سخونة غير متوقعة.
فقد لعبت شهادة البرفيسور أنتوني كوردسمان أحد أبرز خبراء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية دوراً محورياً في إحباط الهدف من جلسة الاستماع التي عقدتها اللجنة القانونية بمجلس الشيوخ بعنوان "المملكة العربية السعودية: صديق أم عدو في الحرب ضد الإرهاب"؟. فعلى الرغم من أن دعوة كوردسمان الذي عرف برصانته كانت تهدف إلى الظهور بمظهر "التوازن"، خاصة وأن هناك شاهدين عرف أحدهما بتعصبه الشديد ضد العرب، وهو "خبير الإرهاب" ستيف إيمرسون والثانية هي نينا شيا مديرة مركز الحرية الدينية التي جمعت آلاف الأوراق لإثبات أن السعوديين معادون للسامية ويدعون إلى التطرف. فقد بدأ من البداية أن كوردسمان يريد القول إنه يفهم أن "المسرح" أعد لحساب إسرائيل حين بدأ شهادته بقوله "إن هناك منظمات تقضي كل وقتها في البحث عن أسوأ ما يقال داخل السعودية ومصر والدول العربية والإسلامية كما أن هناك منظمات تبحث بنفس الحماس عن أسوأ ما يقال في دول مثل إسرائيل".
وبدأ أن ذكر إسرائيل هنا لم يكن مصادفة، إذ رغب كوردسمان في القول إن بالإمكان أيضاً التقاط ما يقال في إسرائيل عن المسلمين والعرب ووضعه في مقابل ما أسفر عنه بحث مزعوم عن أسوا ما يقال في السعودية. وما لبث كوردسمان أن وضع الأمر بصراحة أكبر أمام أعضاء مجلس الشيوخ في اللجنة، إذ قال إن "ما يضايقني في تناولكم للأمر هو المدخل الذي تتبنونه لأنني لا أعتقد أن تركيزكم على السعودية وعلى المذهب الوهابي هو رؤية للمشكلة الحقيقية".
ووضع كوردسمان دائرة الضوء عند ما يراه سببا للمشكلة فقال إنه "الغضب الشديد ضدنا في العالمين الإسلامي والعربي وأسباب هذا الغضب، إذ إنها ارتباطنا بإسرائيل واحتلالنا للعراق". وأضاف الخبير الأمريكي أن ظاهرة التطرف بالتالي لا تقتصر على السعودية، كما أنها ليست نابعة من الوهابية "إذ إنها توجد في الأردن والمغرب وتركيا ومصر".
وقال كوردسمان الذي لا يمكن أن يتهم بانحيازه للسعودية بسبب رصانته وموضوعيته وتاريخه الأكاديمي إنه يرى تقدما في السعودية في مجال مكافحة أفكار التطرف والإرهاب.
وقال كوردسمان إن التغيير في السعودية لا يحدث على نحو لحظي وفوري ولكنه يحدث بصورة تدريجية، وأضاف أنه لا يمكن إنكار تعاون المملكة في مجال مكافحة الإرهاب وذلك "على الرغم من أنهم يؤيدون الحرب في العراق" حسب قوله.
وحول الآراء التي أدلى بها دانييل جلاسر قال كوردسمان "إن بعض الآراء التي سمعتها (من السيد جلاسر) كانت بصراحة سخيفة. إنني أفضل أن أرى شخصا يتحدث بدون تعميمات وأن يقول لي بدقة ما هو تسلسل عمليات تمويل المنظمات الإرهابية.
إنني لا أعتقد أن المملكة العربية السعودية هي السبب، كما أنني أعتقد أن أغلب تلك المنظمات لديها مصادر تمويل عديدة أخرى.. وبالنظر إلى أن هناك نحو مليار دولار موجودة الآن في حسابات خاصة بمؤسسات مالية في أوروبا فإن فرصتكم في التحكم بذلك تعادل في ضآلتها فرصكم في تحقيق انتصار في الحرب ضد الإرهاب".
بعد ذلك وجه كوردسمان انتقادات "غير دبلوماسية" إلى تقرير مركز الدفاع عن الحرية الدينية بقوله "إن ذكر مقاطع من برنامج بثته محطة فضائية لا توجد في السعودية لا يعطيكم فكرة صحيحة عما يقال في التلفزيون السعودي". وكان كوردسمان يشير بذلك إلى فقرات وردت في التقرير وأشارت إلى تصريحات بعض المتطرفين السعوديين في برنامج بثته قناة فضائية عربية. ثم وجه كوردسمان ضربة غير دبلوماسية ثانية بقوله "إن التقاط عبارات هامشية من أسوأ ما يقال في السعودية أو في أي بلد آخر لن يخدم الحقيقة".

naji2003
11-11-2005, 03:10 AM
واختتم كوردسمان مداخلته بقوله "إن كون 15 ممن قاموا بعملية 11 سبتمبر من السعوديين ليس هو القضية هنا. فقد كان يمكن أن يكونوا مصريين أو مغاربة أو من أي دولة أخرى تتواجد بها هذه المنظمات. ثم إنهم لم يكونوا وهابيين، وليس هذا هو سبب عملهم".
بعد ذلك جاءت مداخلة "خبير" الإرهاب ستيفن إيمرسون. وقبل عرض ما قاله إيمرسون قد يكون من المفيد الإشارة إلى واقعة حدثت في منتصف التسعينات وما يزال يذكرها من يتابعون الشد والجذب الذي يحدث في واشنطن. ففي عام 1994 قام أمريكيون متطرفون بنسف بناية حكومية في أوكلاهوما سيتي مما أسفر عن مقتل نحو 240 شخصا. وكان إيمرسون يعمل آنذاك "محللاً" لشؤون الإرهاب في عدد من المراكز، بما في ذلك شبكة "سي إن إن" الإخبارية المعروفة، ويروج من خلال عمله لسيل من القاذورات العنصرية الموجهة ضد العرب والمسلمين وكأنهم "المصدر الوحيد" للإرهاب في العالم، كما كان يروج لمنطق يقول إن "الأسلوب الإسرائيلي" هو الأفضل. وكان إيمرسون يشرح ذلك الأسلوب بقوله إنه "أسلوب ضرب العرب على رؤوسهم"، وحتى إن هذا "الخبير" كان يثير نفور أي باحث موضوعي في الأمر بدفاعه عن إسرائيل التي قيل إنه يحمل جنسيتها، إلا أن ذلك لم يتأكد.
وحين كانت شبكات التلفزيون الأمريكية التي قطعت بثها لنقل انفجار أوكلاهوما سيتي تتساءل عمن يقف وراء الهجوم ظهر إيمرسون بصورة عاجلة ليقدم "خبراً عاجلاً" في "سي إن إن". وكان ذلك الخبر العاجل هو أنه علم من مصادر موثوقة في مكتب التحقيقات الفدرالي أن خلية من "العرب" يعتقد أنهم فلسطينيون حسب قوله، هي التي نفذت العملية.
وتناقلت كل المخارج الإخبارية خبر إيمرسون العاجل، وبعد قرابة الساعتين صدر بيان أولي من مكتب التحقيقات الفدرالي يشير إلى أن التحقيق يتجه إلى منظمة محلية متطرفة. وظهر إيمرسون مرة أخرى ليدافع عن "خبره العاجل" حتى بعد البيان الأولي للمكتب. وحين أعلن المكتب أن الاتهام وجه إلى تلك المنظمة المحلية المتطرفة قررت "سي إن إن" فصل إيمرسون، فخرج بعاره الذي جلبه له كذبه.
ويبدو أن أعضاء اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ نسوا حقيقة أن إيمرسون كاذب، وأن إحدى أبرز الأجهزة الإعلامية الأمريكية - أي ليس العربية أو الأوروبية - فصلته بسبب انعدام مصداقيته. ولا يدري أحد لماذا ترى اللجنة أن هذا الرجل الصغير له - بعد ذلك - أي قدر من المصداقية تؤهله للإدلاء بشهادته في أمر ما أمام ممثلي الشعب الأمريكي، لا سيما إذا كان هذا الأمر يتعلق - مرة أخرى - باتهام العرب بالإرهاب. فضلا على أنه لا يليق من الأصل دعوة إيمرسون الذي يعمل الآن مديرا لشركة صغيرة غامضة تدعى "مشروع تقصي الإرهاب" إلى جوار أكاديمي ذي وزن مثل أنتوني كوردسمان.
وبدأ إيمرسون كلامه بأنه حذر قبل 20 عاما في كتاب نشره ضد السعودية من تمويل المملكة لمراكز ومساجد إسلامية في الولايات المتحدة، وأضاف بنبرة مدعية "وها أنا ذا أجد نفسي بعد 20 عاما مطالبا بالعودة إلى نفس المشكلة التي حذرت منها".
وقال إيمرسون إن دولا إسلامية أخرى تصدر التطرف وليس السعودية وحدها، ولكنه أضاف "ولكن بسبب عوائد النفط وموقع السعودية كبلد الحرمين فالمملكة أعطيت بذلك القدرة على تصدير رؤيتها للإسلام وعلى التأثير في تعليم أسسه خارجها". وأضاف "الخبير" أنه أجرى بحثا مفصلا تناول مواقع سعودية على الإنترنت ومطبوعات ونصوص برامج إذاعية وتلفزيونية ودعوات أشخاص ومؤسسات على صلة بالسعودية داخل الولايات المتحدة، وأنه توصل إلى استنتاجات محددة.
واستطرد "المنظمات السعودية والدعاة والأشخاص الذين يتحركون في الولايات المتحدة بمباركة من السعودية أو بتصريح منها يواصلون نشر دعاية شديدة العداء للغرب ويطرحون بذلك سؤالاً عما إذا كانت المملكة جادة حقاً في حربها ضد التطرف. وعلى الرغم من أن هناك بعض الجهد لتعديل صياغات بعض مواقع الإنترنت والمطبوعات فإن الحقيقة هي أن هناك مادة هائلة - بما في ذلك مواد تنشرها مواقع ومطبوعات حكومية - تتضمن أفكاراً دينية معادية لليهود والمسيحيين".
وأضاف أيمرسون - ولعل ذلك كان "بيت القصيد" الذي يؤلمه أكثر من أي شيء آخر بالنظر إلى تشدده في الدفاع عن إسرائيل - إن المملكة العربية السعودية "تواصل تمويل منظمة حماس. وفي سبتمبر الماضي اعتقلت إسرائيل حامل حقيبة كان ينقل أموالاً من السعودية إلى الأراضي الفلسطينية سراً".
ثم وصل أيمرسون إلى تحديد ما يريده من اللجنة فقال بصدق لم يُعرف عنه منذ عام 1994 "في النهاية فإن السؤال هو كيف يمكن التحقق من أن السعودية تحقق تقدماً في هذا المجال؟ إنني أعتقد أن السجل يوضح أن أي جهود دبلوماسية هادئة وأي محاولة لإقناعهم دون انتقادهم بصورة علنية لم تثمر أي نجاح لنا، ولذا فإنني أعتقد أن مشروع القانون الذي دعمتموه (أي مشروع قانون محاسبة السعودية) هو خطوة بالغة الأهمية لحملهم على الالتزام بالمعايير التي ينبغي عليهم الالتزام بها".
وبعد شهادة "الخبير" أيمرسون جاءت شهادة "الخبيرة" شيا التي لا تنكر ولم تنكر ميلها إلى أحد التيارات الدينية المتعصبة في الولايات المتحدة. وبدأت شيا شهادتها بقدر من الصدق يفوق ما جاء في شهادة أيمرسون. ولنسمع كيف بدأت "صدقها".
فقد قالت مديرة مركز الحرية الدينية "قبل عامين أعطاني صديق مسلم أمريكي كتيباً صغيراً وطلب مني أن أقرأه.. كان الكتيب بالعربية، ولذا فقد ترجمناه، وكان يقول أشياء كثيراً منها إعطاء تعليمات مفصلة حول كيفية بناء جدار من الكراهية بين المسلمين والكفار، كأن يقول: لا تبدأ أي مسيحي أو يهودي بالسلام، لا تهنئ أياً منهم في أعيادهم، لا تصادق أياً منهم إلا إذا كنت تنوي إقناعه باعتناق الإسلام، لا تقلد الكفار ولا تعمل في مؤسساتهم، لا ترتدي ملابس التخرج من الجامعة لأن في ذلك تقليداً لهم.. وهكذا".
أي إن علينا أن نصدق أن صديق السيدة نينا شيا المسلم أعطاها ورقة تقول ألا يعمل المسلمون في الولايات المتحدة في مؤسسات غير إسلامية وألا يبدؤوا الآخرين بالسلام!. ثم أضافت "الخبيرة" - وكأن كل هذا "الصدق" لا يكفي - أن الكتيب كان يحمل تحيات الملحقية الثقافية بالسفارة السعودية.
والطريف أن قادة إحدى المنظمات الإسلامية في تكساس، وهي الجمعية الإسلامية لشمال تكساس ويدعى غلام بقالي قال بعد ذلك في شهادته رداً على السيدة شيا إن المطبوعات التي تقول "الخبيرة" إنها جمعتها من مسجد الجمعية كانت - كما وردت في تقرير مركز حرية الأديان الذي ترأسه شيا - باللغة العربية.
وأضاف بقالي قائلاً "ولكن كل من يأتون إلى المسجد لا يتحدثون العربية. ولا أفهم كيف يمكن توزيع كتيبات بلغة لا يقرؤها المصلون".
المهم. واصلت السيدة عرضها لأسس التقرير، وقالت إنه يتضمن مواد إعلامية تمتد إلى 40 عاماً. أي إن المركز نقب عن مطبوعات سعودية صدرت قبل أن يولد بعض أعضاء لجنة الكونجرس التي استمعت إلى هذه الشهادة. ويتعين إذا أردنا الإنصاف أن نحيل ملف الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون إلى السيدة شيا إذ تبين من أحاديثه المسجلة أنه وجه أقذع السباب لليهود. وكان ذلك منذ وقت أقل من 40 عاماً.
وواصلت السيدة بث مزاعمها على نحو يكشف عن "ذكاء عميق". والأدلة على ذلك كثيرة. فقد قالت مثلاً "إن المطبوعات السعودية التي جمعناها من أجل التقرير تقول إنه واجب ديني على المسلم أن يكره المسيحيين واليهود".
دليل آخر.. فقد قالت السيدة "إن المطبوعات السعودية تزرع بذور الكراهية للولايات المتحدة لأن الولايات المتحدة يحكمها قانون مدني تشريعي وليس قانوناً إسلامياً شمولياً على الطراز الوهابي". أي إن السيدة كانت تقول إن السعوديين يكرهون الولايات المتحدة لأن رئيسها ليس وهابياً وقانونها ليس إسلامياً. وإنها وزعت هذه المطبوعات على الطلبة السعوديين الذين أرسلتهم للدراسة إلى هذه الدولة التي ينبغي أن يكرهها الجميع لأنها لم تضع وهابياً في البيت الأبيض!
ويحتاج الأمر إلى "صبر أيوب" لتحمل الإنصات إلى هذا العبث تحت قبة برلمان الدولة الأقوى في العالم. ولكن باستثناء أنتوني كوردسمان الذي بدا ممتعضاً من هذا العبث فإن أغلب أعضاء اللجنة كانوا يتابعون المحاضرة "القيمة" التي قدمتها الخبيرة الأمريكية بشغف بالغ.
وتخطو شيا خطوة إضافية ولكن في نفس الاتجاه بقولها إن المؤسسة الدينية السعودية أفتت ذات مرة في رد على داعية مسلم في أوروبا على نحو يجعله عرضة للقتل. أما كيف فسرت السيدة هذه "التخريجة" فإنه أمر مثير للسخرية، إذ قالت إن الداعية قال إنه لا ينبغي توجيه الكراهية نحو المسيحيين واليهود فردت عليه فتوى سعودية منشورة في مجلة صادرة بختم الحكومة السعودية تدين رأيه هذا. ثم أضافت شيا "ويعد ذلك تهديداً بالقتل لأن الارتداد جريمة تستحق الإعدام هناك". أي إن الداعية سأل، فأفتاه أحد العلماء السعوديين لتفهم "الخبيرة" من هذا الحوار أن الفتوى تعد "تهديداً بالقتل" حسب قولها حرفياً!
وواصلت الخبيرة محاضرتها "المعمقة" بأن المطبوعات الرسمية السعودية تمنع ـ نصاً ـ الحوار بين أتباع الديانات المختلفة وتتهم من يحاورون من المسلمين بالكفر، وبأنها تقول إن على المسلمين في الولايات المتحدة أن يقتلوا الزاني ويسلبوا أمواله!.
وحين جاء دور شهادة غلام بقالي قدم إلى اللجنة السجلات الكاملة لمكتبة مسجد ريتشارد سون بشمال تكساس قائلاً:" بحثنا فيها عن أي كتاب مما قال تقرير مركز حرية الأديان إنها موجودة لدينا فلم نجد أيا منها. وتاريخ السجلات كما هو مثبت أمامكم ومسجل إليكترونياً يعود إلى لحظة إنشاء المسجد".
.

naji2003
11-11-2005, 03:12 AM
من أين إذن أتى مركز حرية الأديان بالمطبوعات المنسوبة إلى المراكز والجماعات الإسلامية في الولايات المتحدة بل وإلى الحكومة السعودية، لم يقف أي عضو في اللجنة عند هذا السؤال الذي كان ينبغي طرحه فور انتهاء بقالي من شهادته. فباستثناء الامتعاض الظاهر على وجه البروفيسور العجوز أنتوني كوردسمان فإن الجميع كانوا يهزون رؤوسهم في صمت حين يسمعون ما لا يحبون، وتتهلل وجوههم فرحاً حين يتحدث "خبراء" من نمط إيمرسون وشيا.
بعد ذلك بدأت الجولة الثانية من الأسئلة والإجابات، وقد كانت جلسة صعبة. فالسيدة شيا ـ مرة أخرى ـ تقول إن مناهج السنة الأولى الثانوية تعلم التلاميذ أن اليهود يدفعون بزوجاتهم إلى العمل فيما يجلسون هم كسالى، وأن مناهج الثالثة الثانوية تعلم التلاميذ أن مساعدة المسيحي حرام.
وأضاف إيمرسون أنه ومجموعته بذلوا جهداً كبيراً لجمع الكتب المدرسية والنشرات الدينية التي تصدر في السعودية وقاموا بترجمتها. وحين سأله السيناتور آلان سبيكتر عن تاريخ المطبوعات قال إنها تعود إلى التسعينات ومطلع عام 2000. وأضاف أن مجموعته اتصلت بأطراف في الشرق الأوسط من دون أن يحددها للحصول على الكتب المدرسية السعودية وترجمتها لإثبات أنها تحض على الكراهية.
وعلق كوردسمان حين سأله سبيكتر عن الأمر ذاته بقوله:" أيها السيناتور.. إنني لا أقوم بجمع الكتب المدرسية وترجمتها". وعاد كوردسمان إلى "امتعاضه" حين سأله السيناتور جون كيل عن تقدير وزارة الخزانة أن حصة من تمويل الإرهابيين تأتي من السعودية فرد قائلاً:" إنني بصراحة لا أتفق معك ولا أتفق مع هذه المداخلة( أي مداخلة وزارة المالية). فحين أقول إن هناك طائفة دينية ألمانية في بنسلفانيا وإنها إرهابية وتتلقى 13 مليار دولار من ألمانيا، وحين أكرر ذلك كثيراً، فهناك من يمكن أن يصدق ذلك في نهاية الأمر. والرد على ما قالته وزارة المالية هو أنه ينبغي معرفة الأمور بدقة أكبر وبصورة محددة وبدون تعميمات.. ولقد ركزت اللجنة على المدارس الإسلامية في باكستان مثلاً. وكان الرئيس ضياء الحق هو الذي شجع هذه المدارس لمعادلة أثر الحركات العلمانية في باكستان. وبدا لنا ذلك أمراً طيباً طالما كان يصب في قناة جهود إخراج السوفيت من أفغانستان آنذاك".
وقال كوردسمان إن هناك جهداً سعودياً كبيراً لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب من السعودية، وأضاف أنه لا يمكن القول إن المال السعودي يمول الإرهاب لأن ذلك ليس صحيحاً "فإذا كنتم تتحدثون عن المصادر الأساسية لتمويل الإرهابيين وهو ما بدأتم به فإن هذه المصادر لن تكون مصادر سعودية".
وحين تحدث السيناتور تشارلز شوميرـ وهو يمثل دائرة ذات عدد واسع من اليهود النيويوركيين ـ فإنه بدأ بتوجيه قصف مركز إلى أنتوني كوردسمان على نحو لا ينبغي أن يثير الدهشة، فالسيناتور شومير معروف "بحساسيته" الشديدة تجاه قضايا الشرق الأوسط. فقد قال شومير لكوردسمان "إن ما يأتي من السعودية واضح مثل هذا الأنف في وجهك".. ثم سارع إلى إضافة "مثل الأنوف في وجوهنا جميعا". وكأنه شعر أنه تجاوز حدود اللياقة. ثم سأل "هل توافق على ما قاله ستيف إيمرسون من تطرف العقائد السعودية؟.
ورد كوردسمان" كلا يا سيدي. إنني لا أوافق. إن هناك أشياء متطرفة ولكنها هامشية. وبوسعي أن أسأل: هل أشاهد أمثلة مشابهة من التطرف من جماعات مسيحية، وهل ينبغي أن يقودني ذلك إلى التعميم واتهام كل التعاليم المسيحية في الولايات المتحدة؟".
بعد ذلك طلب السيناتور سبيكتر إدراج مقال كتبه دانييل بايبس ـ الذي يعد ستيف إيمرسون أحد تلامذته ـ في مضابط الجلسة، وأشار إلى "عريضة اتهام" ضد المنظمات الإسلامية بما في ذلك "كير"، وبما في ذلك مؤسسة عمر بن الخطاب في لوس أنجلوس لأنها أهدت المكتبات المدرسية في المنطقة300 نسخة من القرآن الكريم، وأضاف سبيكتر "أنه تم سحب النسخ من المدارس".
ودعا سبيكتر صديقه إيمرسون للحديث قائلاً:" السيد إيمرسون.. أعتقد أن لديك ما تقوله هنا عن تصريح للملك عبدالله؟" وكأن السيناتور سبيكتر "يقرأ الأفكار"، فقال إيمرسون"نعم"، ثم أخذ ينتقد القيادة السعودية لموقفها ضد الصهيونية، مدللاً بتصريحات رسمية ضد إسرائيل.
إلا أن كوردسمان طلب إذناً بكلمة أخيرة، وقال بعبارات واضحة إن القيادة السعودية أعلنت مراراً موقفاً بالغ الوضوح من قضايا التسامح والسلام الإقليمي والعالمي والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية، وأن الملك عبدالله هو الذي طرح مبادرة عقد مؤتمر عالمي لمكافحة الإرهاب والتطرف. ثم أعلن كوردسمان أنه يرفض أي تشريع متعلق بمحاسبة السعودية وهو هدف اللجنة من الأصل