المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التربية - الرجل الشاب



أبوماجد
07-08-2002, 07:27 AM
إن من الفوائد العظيمة التي يجنيها أبناؤنا حين يكون لكل واحد منهم مكتبته الخاصة فهي تبعث الثقة في نفوسهم وتجعلهم يشعرون بتكامل شخصياتهم وأن لهم شيئاً خاصاً بهم. ويصبح الأمر أكثر سهولة فيما إذا كان الأب يمتلك مكتبة خاصة به في البيت فإن ذلك يعد من أكبر الحوافز لسير الأولاد في طريق تأسيس مكتبات خاصة بهم. ويجدر بالأب أن يدفع أولاده ذكوراً وإناث إلى التعرف على مكتبته وذلك بأن يطلب منهم أن يستخرجوا له كتاباً من المكتبة أو أن يجدوا له بحثاً أو فصلاً في أحد هذه الكتب وإذا طلب منهم كاتبه بحث من البحوث كما أسلفنا سابقاً فإنه من المستحسن أن يذكر لهم أسماء الكتب والمراجع التي يمكن أن يجدوها في مكتبته والتي تساعدهم في كمال عملهم. ولا نبالغ أن قلنا: أن فكرة إنشاء مكتبة خاصة للولد وتعرفه على مكتبة أبيه هي أول خطوة في السير نحو طريق الشخصية الأدبية التي يمكن أن يولد منها أدباء أو شعراء عظام ذلك أن حب الكتاب والتعلق به يولد في النفس صلة مودة وعلاقة ألفة بينه وبين البناء.
الثقافة
للثقافة وجوهاً مختلفة ولا تكتمل صورتها إلا بالإحاطة بهذه الوجوه ومن وجوه الثقافة الاطلاع على أحوال المسلمين المعاصرة ومعرفة الظواهر الإيجابية والسلبية فيها، فالعالم الإسلامي وإن تباعدت أقطاره وتوزعت ممالكه – يجمعه فكر واحد وسلوك متشابه قد يختلف قليلاً ولكنه إجمالاً واحد الصفات والمعالم والشيء الذي لا يمكن تجاهله: أن ظروف العالم الإسلامي واحدة وأن تباينت بعض الشيء فقد حكم هذا العالم تيار واحد متجانس من العلم والمعرفة لم تفضل بينه حدود ولا قواطع. ومن المؤسف أن نقول: إن الظواهر الإيجابية الموحدة بين أجزاء العالم الإسلامي ليست متفردة بل يشاركها في ذلك الظواهر السلبية فالجهل والخرافات والأساطير والقذارة والبعد عن روح الإسلام الاجتماعية متفشية في كل أنحاء العالم الإسلامي ونراها مركزة في موسم الحج حيث يفد المسلمون من بلادهم حاملين معهم هذه الظواهر السلبية لتعطيك صورة قاتمة عن الواقع الإسلامي. ولكن معرفة هذه الظواهر في نظرنا أمر جوهري يساعد في تغيير هذه الظواهر وبناء مجتمع إسلامي سليم لذا كان من المفيد أن نبصر أبناءنا بهذه الظواهر السلبية دون خوف من هذه المظاهر بل يجب أن تكون المعرفة مع روح التحدي والتصدي لهذه الظواهر والتصميم على تغيير هذه الظواهر فإنه لا يضيرنا أن نعرف أمراضاً اجتماعية كسبناها على مدى بضعة قرون تأتت من سيطرة للجهل وإنما الذي يضرنا أن لا نعرف هذه الأمراض وألا نسعى للدواء الذي يعالجها ويقضي عليها.
ولنضرب على ما مضى مثالاً عملياً فقد انتشرت في العصر الحديث الأبنية ذات الطبقات المتعددة حيث يكثر السكان وتتعقد الصلات الاجتماعية بينهم وكثيراً ما نسمع بعض سكان هذه الطبقات يشكون من سوء معاملة جيرانهم وهناك أمور تتكرر كل يوم من الأمور السلبية كإلقاء بعض القاذورات أو القمامة أو المحارم الورقية من الشرفات أو نشر الغسيل على أطراف البناء والماء يسيل منه فيقع على من يمر في أسفل البناء فماذا على الوالد لو استغل بعض هذه المظاهر السلبية التي يراها وولده فطلب من ولده أن يحصى النصوص التي وردت في الإسلام والتي تحض على العناية بالجار وعدم إيذائه ثم طلب منه بعد أن ينجز ذلك أن يعمد إلى شرحها واستنتاج بعض الأحكام منها. وهكذا فإننا إذا وجهنا أبناءنا شيئاً فشيئاً إلى النواحي السلبية الكثيرة في المجتمع فإن أبناءنا سيتنبهون إلى الأخطاء الاجتماعية. ثم أنهم حين يوجهون إلى استخراج النصوص التي يعالج الإسلام بها هذه الأخطاء فإننا نزيد من معلوماتهم العلمية الاجتماعية العملية بشكل مباشر وفعال وشديد الالتصاق بالواقع الاجتماعي بما فيه واقع البيت والمدرسة والشارع ثم أننا حين نطلب من أبنائنا أن يشرحوا هذه النصوص ملاحظين علاقتها بالواقع مع استنتاج الأحكام الممكن استنتاجها فإننا ننمي فيهم القدرة على الكتابة والمحاكمة والاستنتاج ومن يدري فربما كنا نصنع مؤلفاً أو أديباً أو عالماً دون أن ندري ؟
السنة والحديث الشريف
ومن الأمور الملتصقة بكتب التفسير كتب الحديث والفقه والسيرة فإن الإسلام بناء كامل قد وضعت فيه كل لبنة في مكانها تؤدي دورها في هذا البناء وإن غياب أي لبنة يشكل فراغاً في البناء ونقصاً. وليس ممكناً أن نعرف كتب التفسير دون أن تكون لنا صلة مباشرة بكتب الحديث والفقه لأن هذه الكتب تعلب دوراً فعالاً في تفسير القرآن الكريم ورسم الصورة العملية الفاعلة في حياة الابن. ونحن لا ننكر أن كثيراً من الآباء تضيق أوقاتهم أو تضعف إمكانياتهم عن تقديم المعلومات اللازمة لأولادهم والمتعلقة بكتب الحديث والفقه والقضية ليست مشكلة مستعصية الحل فإن التعاون الذي يمكن أن يقوم بين أفراد المجتمع يمكن أن يقدم الحل الفعال وذلك عن طريق إقامة المدارس الفقهية الأهلية وحلقات العلم في المنازل والمساجد وعلى المسلمين العاملين تقع مسؤولية كبيرة هنا. وما أجمل أن نوجه أبناءنا لقراءة ( صحيحي ) البخاري ومسلم والمراجعة في كتب الحديث الموثقة كـ ( سنن أبي داود ) و ( الترمذي ) و( موطأ مالك ) و ( سنن النسائي ) و ( مسند الإمام أحمد ). وربما كان توجيه الابن للبدء في قراءة مقررة في كتاب ( رياض ) في المراحل السابقة من مراحل التربية التي أسلفنا الحديث فيها عاملاً محرضاً للابن كي ينطلق نحو كتب الحديث وكتب الفقه وهذا الأمر إتمام للمراحل السابقة حتى تتم السلسة وتتصل حلقاتها.
الكتب الإسلامية
دائرة العلم والمعرفة واسعة لها أوتار متعددة وأن كان الاطلاع على أحوال المسلمين أحد أوتارها فإن تلخيص بعض الكتب الإسلامية وتر آخر من أوتار هذه الدائرة فالعلم والمعرفة متشعبان واسعان كثيراً الجوانب والفروع ولا يصح لنا أن نحجز عن أبنائنا أي طرف من أطراف العلم والمعرفة يمكن أن يفيدهم. والمكتبة الإسلامية بفضل الله تزخر بآلاف الكتب المفيدة التي تبحث في الإسلام لذا كان من الجدير بنا أن نطلب من أبنائنا قراءة بعض الكتب الإسلامية الجيدة التي نكون قد قرأناها نحن وعرفنا ما فيها ونحضهم على تلخيصها وبيان الأفكار الرئيسية فيها وكيف يمكن أن نستفيد من هذه الأفكار في مجتمعاتنا الإسلامية؟ وإذا كانت قراءة الكتب الإسلامية تشكل جانباً إيجابياً في الفكر الإسلامي فإن قراءة الكتب المعادية لإسلام قد تشكل جانباً سلبياً لما تتركه من شكوك واشكالات لمن كان ضعيف الثقافة الإسلامية. ففي هذه المرحلة التعليمية وأبناؤنا قد أزداد نضجهم الفكري والتعقلي وزادت حصيلتهم العلمية أصبحوا أكثر قدرة على التحليل والمناقشة واستخراج الأفكار ونقدها وبيان الصحيح من الغلط فيها ولكن هذه القدرة تظل محدودة إلى حد ليس بقليل وأن كانت سائرة في طريف النماء والتوسع والزيادة.
ونحن نريد لهذه القدرة أن تنمو وتنضج ونريد للمعرفة أن تكبر ونريد لبنائنا إلا ينخدعوا بالفلسفات والأفكار المنحرفة أو الهدامة وإذا لم نعرف المرض فإننا قد نقع فيه دون أن ندري وكم من شاب من شبابنا ضل وانحرف وتلقفته الأحزاب المنحرفة أو المشبوهة أو قامت في نفسه أو فكره فلسفات خطرة هدامة لأن هذا الشاب سقط في حمأة الكتب المنحرفة وحيداً دون أن يكون له من منبه أو معين وغرق فيها شيئاً فشيئاً مع انعدام قدرة السباحة فإذا هو يكاد يهلك. يجب أن نقوم بتوجيه أبنائنا إلى قراءة الكتب الإسلامية التي عنيت بعرض هذه الأفكار والفلسفات ونقدها نقداً موضوعياً علمياً دون تحريف أو تحامل فإذا أحسسنا من أبنائنا قدرة على الاستيعاب والفهم والنقد وبيان الخطأ طالبناهم أن يقرؤوا بعض هذه الكتب وأن يردوا عليها ويبينوا أخطارها ولم نتركهم لأنفسهم بعد انتهائهم بل لا بد من مناقشتهم فيما فعلوا حتى نكون واثقين أن شيئاً من الفكر المنحرف لم يتسرب إلى نفوسهم. ويجب أن نوجه أبناءنا لقراءة المجلات والجرائد المفيدة والابتعاد عن المجلات الفنية الرخيصة والخليعة واللاأخلاقية التي يسمونها المجلات الفنية أو الفكرية المنحرفة التي تخدم تيارات مشبوهة وسيئة.
عندما يختلط العقل بالعاطفة:
إن الحماس الذي يبتدئ لدى الأبناء في هذه الفترة حيث يختلط العقل بالعاطفة والمشاعر الجياشة بالرغبة في امتلاك العلم والمعرفة يجب إلا يذهب هباء بل يجب أن يستغل إلى أبعد حدود الاستغلال وذلك ببناء القاعدة الفكرية والعلمية لأبنائنا حتى إذا بدأت سورة العاطفة تهدأ يكون البناء الفكري قد استقر داخل العقول والنفوس متصدياً لجميع عواصف الشكوك والريب التي يمكن أن تطرحها الاتجاهات المنحرفة والأفكار الغربية الدخيلة. لذا فمن الضروري أن نوجه أبناءنا نحو حلق العلم والدرس والذكر يعبون منها وينهلون من معينها. ومن المعلوم أن الابن إذا تعود في هذه الفترة غشيان حلق العلم متابعاً سيرته التي بدأها في المرحلة السابقة من مراحل العمر فإن ذلك يعطيه دفعاً في المستقبل أن يتابع مسيرته العلمية وربما يجعل الله منه في قادم الأيام عالماً أو باحثاً أو فقيهاً يمكن أن ينفع نفسه وأمته. وفي الحقيقة فإنه لا يحق لنا أن نستعين في هذه المرحلة هي من أعظم مراحل الحياة بالنسبة لأبنائنا وحسبما تصطبغ هذه الفترة يكون مستقبل الابن الحياتي والسلوكي.
ومما ينبع من فروع البناء التعليمي والفكري أن يكلف الأبوان أولادهم من ذكور وإناث قراءة الكتب الإسلامية التي تساعد في البناء الفكري والعقلي ولا سيما ما كان من كتب حديثة ذلك أن الكتب الحديثة تمتاز عن الكتب القديمة في أنها أقرب إلى أذهان الشباب وأقدر على الشرح والبيان والتفصيل وأشد صلة بالنفوس وأكثر مرونة في الإقناع والتوضيح فمن الملاحظ أن أكثر الكتب القديمة تتسم بالهدوء والعقلانية والبعد عن تحريك المشاعر العاطفية ولا يخفى أن تعميمنا هذا ليس مطرداً فقد حاولت بعض الكتب تحريك القلوب ولا سيما ما كان منها في نطاق الوعظ والإرشاد ككتب الحارث المحاسبي وأبي الفرج أبن الجوزي وابن قيم الجوزية أما الكتب المؤلفة اليوم فهي في نظرنا أكثر قدرة في الوصول الى القلوب وإثارة العواطف مع تقديم زاد واف من الفكر والعلم. وإذا أردنا لأولادنا كمالاً في الشخصية الثقافية والزاد الفكري فإنه يجب أن نمرنهم على الكتابة وذلك بتكليف أبنائنا بكتابة موضوعات إسلامية مختلفة وهذا الأمر يأتي بشكل أفضل وأحسن إذا استطاع الأبناء أن يهيئوا متكاتفين فينا بينهم حلقات للدراسة يشرف أحدهم عليها أو يشرف عليها أحد الإساتذه الموجهين.

أبوماجد
07-08-2002, 07:29 AM
التربية الاجتماعية
أستاذنا علي الطنطاوي ومأدبة العشاء
كان الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي مدعوا إلى مأدبة وكانت السكين موضوعه على يمين الآكل والشوكة على يسار الآكل، اتباعاً لنهج الطعام الغربي ولما كان بيسراه والشوكة بيمناه فانحنى صاحب الدعوة على أذنيه هامساً بأن الشوكة باليسار والسكين باليمين وأجابه الأستاذ الطنطاوي بأن هناك قولاً عن الأمريكان يبيح ذلك فراح الرجل يعتذر لأنه لم يكن يعلم أن هناك مثل هذا القول!! وقد عقب الطنطاوي بعد أن روي هذه الحادثة قائلاً: أنظر السخف !! لو قلنا لهم: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد أمرنا أن نأكل باليد اليمنى لأن الشيطان يأكل بيساره لناقشونا ولكن القول: أن الأمريكان يبيحون ذلك يجعلهم يعمدون الى الاعتذار فإلى أي حدّ سيطر الغربيون على نفوس أمثال هؤلاء؟!
أعرف ابنك في هذا السن
أن مرحلة التربية هنا تقوم على إسداء النصح والتوجيه أكثر من قيامها على التربية والتوجيه المباشر فالابن في المرحلة أصبح أخاً ولم يعد ابناً فأنت لا تستطيع أن تعامله المعاملة نفسها التي كنت تعامله إياها يوم أن كان طفلاً أو يافعاً. ولا ريب أن الأب سيكون سعيداً جداً.. كما أن الأم ستكون سعيدة جداً حين يرى كل واحد منهما ولده شاباً أو شابة إلى جانبه وما أظن أنه ستكون سعادة تحاكي هذه السعادة. ولا يخفى أن الإنسان بشر يخطئ ويصيب وأبناؤنا ذكوراً وإناث معرضون في هذه الفترة للخطأ كما هي الحال في جميع سنوات العمر ويبدو الأمر خاطئاً إذا ما عمد الأب أو الأم إلى تقريع الابن أو تأنيبه أمام الآخرين أو القسوة عليه في الكلام أما إذا وصل الخطأ إلى مرحلة الضرب فإن الأمر سيكون أشد تعقيداً وستصبح العلاقات بين الأبوين والأولاد علاقة قلقة مضطربة لا يمكن أن تعطي ثماراً ناضجة يجنيها الآباء أو الأبناء. إن أفضل سلوك يمكن أن يتبعه الأبوان في هذه الفترة إذا ما أخطأ أحد الأبناء: أن يصبر الأبوان على الأمر حتى يتمكن الأب أو الأم من التفرد بالولد حيث ينبهه على الخطأ أو يناقشه فيما صدر عنه من سلوكيات قائمة على الغلط. بالطبع فإن قناعة الأبناء التي تحصل من النقاش يمكن أن تغرس في النفوس وتصبح أموراً ثابتة ومانعة من الوقوع في الخطأ مرة أخرى.
وفي سبيل زيادة الصلة والارتباط والتقارب بين الأبوين والأولاد في هذه المرحلة يحسن أن يدفع الآباء أولادهم إلى المشاركة في الحياة الأسرية العامة كأن يطلب الأب من ولده أن يلاحظ دراسة أخيه الذي يصغره وأن يوجهه فيها وأن يذهب إلى مدرسته مستفسراً وأن يأخذه معه الى الملعب أو الى النزهة أو المسبح الخ ويمكن أن تلعب الأخت الكبيرة الدور نفسه مع أخواتها الصغار. وكذلك على الوالدين أن يشاركوا أبنائهم في الشؤون العائلية في قضايا الزواج والطلاق والبيع والشراء والطعام واللباس وكذلك يمكن أن نترك الفرصة لهم ليختاروا ملابسهم بأنفسهم ويشتروا هذه الملابس ولكن يجب أن يبقى ذلك تحت الرعاية والمراقبة ولا سيما ( الموضات ) وقد سيطرت على ملابس المسلمات ويكون من الخطر الكبير إلا تلاحظ هذه الملابس فإن كثيراً منها يخرج عن روح الإسلام وأدبه من قصر أو إبراز لمفاتن الجسد أو كشف للعورات أو كونه شهرة تعرف المرأة به. وإذا ما ظهر أن الشاب قد وقع في فخ الملابس الغربية فإنه يحسن بالأب أن يستغل ذلك ليناقش وإياه التشبه بالغربيين وقيمة هذا التشبه وأثره في النفس المسلمة ودوره في القضاء على الشخصية الإسلامية التي حرص الإسلام على بنائها سليمة كاملة بعيدة عن الاضطراب والضعف.
ومن الملاحظ أن الشباب في هذه الفترة إذا ما رسخت القناعات في أنفسهم بسخف المقتبسات الغربية التي لا فائدة منه فإن ذلك يرسي قاعدة أساسية في نفس الشاب تجعله يستخف بالغرب وحياته وهذه فائدة عظيمة لا مثيل لها في سجل التربية للشخصية الإسلامية اليوم فإن من أشد ما نعاني في نفوس أبناء حيلنا ذلك الاستعمار النفسي والفكري والاجتماعي الذي سيطر على أتباعه من مواطنينا حيث نرى الأمة تسير بلا وعي ولا هدف وراء ما يصنعه الغرب مغلقة عينيها وصامة أذنيها عن كل عيب أو ضرر ينشأ عن هذا الاستعمار ولقد طبعت نفوسنا بعادات الغربيين بشكل خطير فأصبح المس بهذه العادات أمراً مقبولاً دون مناقشة ولو كان فيه الضرر أو الهلاك وأصبحنا نترك عاداتنا الإسلامية دون أن نكلف أنفسنا عناء المقارنة بين هذه العادات وما نكسب من عادات.
علاقات اجتماعية جديرة بالاهتمام
أن اصطحاب الآباء والأمهات أولادهم معهم له فائدة جليلة وهي قطع هؤلاء الأبناء عن رفاق ورفيقات السوء فلا تكون فرصة لهؤلاء الرفاق أن يحتكوا بالأبناء لأن هؤلاء غائبون عن عيونهم وهم تحت عيوننا وبصرنا وليس شئ يدعوا إلى الارتياح من أن يكون الأب على طمأنينة تجاه ولده أو بنته. أن السن التي بلغها أبناؤنا ذكوراً أو إناثاً في هذه الفترة أصبحت مؤهلة لهم لتأسيس أسر منفردة وكم من شاب تزوج في هذه السن وتفرد ببيت خاص به وكم من فتاة زفت إلى عريسها في مثل هذه السن وأصبحت مهيأة لتلقي أبناء المستقبل وحسن رعايتهم. ولا يخفى أن الأبناء سيكونون أكثر قدرة في التعامل مع أولادهم إذا مروا بما يشبه الدورة التدريبية في بيوت أهاليهم وفي سبيل تحقيق ذلك فإنه على الأبوين أن يأمرا أولادهم الصغار أن يطيعوا أخوتهم الكبار وأن يستمعوا لكلامهم ويلبوا حاجاتهم وطلباتهم كما أنه يوجه الأبناء الكبار كي يكونوا آباء وأمهات لأخواتهم الصغار فيظهرون لهم صنوف الرعاية والعناية والحنان والعطف ويبذلون لهم بعض المال ويقدمون لهم بعض الهدايا ويوجهونهم في سلوكهم في البيت أو خارجه ويساعدونهم في دراستهم ويحاولون إصلاح ما يفسد من علاقة بينهم وبين أخوتهم المقاربين في السن. وبمعنى أدق: إن الابن أو البنت في هذه السن يجب أن يمثلا دور أحد الأبوين أو كليهما ويتم هذا الأمر بمراقبة الوالدين وإشرافهما ومتابعتهما.
وفق الله الجميع للخير وأقام صلاح المجتمع الإسلامي السليم هو نعم المولى ونعم النصير.