إبراهيم الدبيسي
20-03-2005, 08:41 AM
على أي حال ستكون خاتمتنا ؟؟
يقول صاحب القصة وهي قصة عجيبة يقول فيها ، سافرت إلى مدينة جده في مهمة رسمية ،
وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة ، يبدوا أنه وقع لتوّه ، كنتُ أول من وصل إليه ،
أوقفتُ سيارتي واندفعتُ مسرعاً إلى السيارة المصطدمة ، تحسستها في حذر ،
نظرت إلى داخلها ، حدقتُ النظر ، خفقات قلبي تنبض بشدة ، ارتعشت يداي ،
تسمرت قدماي ، خنقتني العبرة ، ترقرقت عيناي بالدموع ، ثم أجهشت في بكاء ،
منظر عجيب ، وصورة تبعث الشجن ، كان قائد السيارة ملقى على مقوَدها جثة هامدة ،
وقد شخص ببصره إلى السماء رافعاً سبابته ، وقد أفتر ثغره عن ابتسامةٍ جميله ،
ووجهه تحيط به لحية كثيفة ، كأنه الشمس في ضحاها والبدر في سناه ،
العجيب ــ والكلام ما يزال له ـــ أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره ،
محيطة بيديها على عنقه ، وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة ، لا إله إلا الله ،
لم أرى مِيتتة كمثلِ هذه الميتة ، طهرٌ وسكينة ووقار ،
صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه ، منظر سبابته التي ماتت توحد الله تعالى ،
جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة حلقت بي بعيداً بعيدا ، تفكرتُ في هذه الخاتمة الحسنة ،
ازدحمت الأفكار في رأسي ، سؤال يتردد صداه في أعماقي ، يطرق بشدة ،
كيف سيكون رحيلي ؟؟ على أي حال ستكون خاتمتي ؟؟
يطرق بشدة ، يمزق حجب الغفلة ، تنهمرُ دموع الخشية ، ويعلوا صوت النحيب ،
من رآني هناك ظن أني أعرف الرجل ، أو أن لي به قرابة ، كنتُ أبكي بكاء الثكلى ،
لم أكن أشعر بمن حولي ، ازدادَ عجبي ، إي والله ، حين انساب صوتها يحمل برودة اليقين ،
لامس سمعي ، ردني إلى شعوري ، يا أخي لا تبكي عليه إنه رجل صالح ، هيا هيا ،
أخرجنا من هناك ، وجزاك الله خيرا ، التفتُ إليها ، فإذا امرأة تقبع في المقعدة الخلفية من السيارة
تضم إلى صدرها طفلين صغيرين ، لم يمسا بسوء ولم يصابا بأذى ،
كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال ، هادئة في مصابها هدوء النسيم ،
لا بكاء ولا صياح ولا عويل ، أخرجناهم جميعاً من السيارة ، من رآني ورآها ،
ظن أني صاحب المصيبة دونها ،
قالت لنا وهي تتفقد حجابها وتستكملُ حشمتها في ثباتِ الراضي بقضاء الله تعالى وقدره :
لو سمحتم احملوا زوجي وطفلتي إلى أقرب مستشفى ، وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن ،
واحملوني وطفلي إلى منزلنا ، جزاكم الله خير الجزاء ،
بادر بعض المحسنين إلى حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى ،
ومن ثم إلى أقرب مقبرة ، بعد إخبار ذويهم ، وأما هي ،
فقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها ،
فردت في حياء وثبات : لا والله لا أركب إلا في سيارة فيها نساء ،
ثم انزوت عنا جانباً وقد أمسكت بطفليها الصغيرين ، ريثما نجد بغيتها ،
وتتحقق أمنيتها ، استجبنا لرغبتها ، وأكبرنا موقفها ،
مر الوقت طويلاً ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة ، في تلك الأرض الخلاء ،
وهي ثابتة ثبات الجبال ، ساعتان كاملتان حتى مرة بنا سيارة فيها رجل وأسرته ،
أوقفناه ، أخبرناه خبر هذه المرأة ، وسألناه أن يحملها إلى منزلها فلم يمانع ،
عدتُ إلى سيارتي وأنا أعجبُ من هذا الثبات العظيم ،
ثبات الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة وأول طريق الآخرة ،
وثبات المرأة على حجابها وعفافها ، في أصعب المواقف وأحلك الظروف ،
ثم صبرها صبر الجبال ، إنه الإيمان ، إنه الإيمان ،
( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويظل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )
يقول صاحب القصة وهي قصة عجيبة يقول فيها ، سافرت إلى مدينة جده في مهمة رسمية ،
وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة ، يبدوا أنه وقع لتوّه ، كنتُ أول من وصل إليه ،
أوقفتُ سيارتي واندفعتُ مسرعاً إلى السيارة المصطدمة ، تحسستها في حذر ،
نظرت إلى داخلها ، حدقتُ النظر ، خفقات قلبي تنبض بشدة ، ارتعشت يداي ،
تسمرت قدماي ، خنقتني العبرة ، ترقرقت عيناي بالدموع ، ثم أجهشت في بكاء ،
منظر عجيب ، وصورة تبعث الشجن ، كان قائد السيارة ملقى على مقوَدها جثة هامدة ،
وقد شخص ببصره إلى السماء رافعاً سبابته ، وقد أفتر ثغره عن ابتسامةٍ جميله ،
ووجهه تحيط به لحية كثيفة ، كأنه الشمس في ضحاها والبدر في سناه ،
العجيب ــ والكلام ما يزال له ـــ أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره ،
محيطة بيديها على عنقه ، وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة ، لا إله إلا الله ،
لم أرى مِيتتة كمثلِ هذه الميتة ، طهرٌ وسكينة ووقار ،
صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه ، منظر سبابته التي ماتت توحد الله تعالى ،
جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة حلقت بي بعيداً بعيدا ، تفكرتُ في هذه الخاتمة الحسنة ،
ازدحمت الأفكار في رأسي ، سؤال يتردد صداه في أعماقي ، يطرق بشدة ،
كيف سيكون رحيلي ؟؟ على أي حال ستكون خاتمتي ؟؟
يطرق بشدة ، يمزق حجب الغفلة ، تنهمرُ دموع الخشية ، ويعلوا صوت النحيب ،
من رآني هناك ظن أني أعرف الرجل ، أو أن لي به قرابة ، كنتُ أبكي بكاء الثكلى ،
لم أكن أشعر بمن حولي ، ازدادَ عجبي ، إي والله ، حين انساب صوتها يحمل برودة اليقين ،
لامس سمعي ، ردني إلى شعوري ، يا أخي لا تبكي عليه إنه رجل صالح ، هيا هيا ،
أخرجنا من هناك ، وجزاك الله خيرا ، التفتُ إليها ، فإذا امرأة تقبع في المقعدة الخلفية من السيارة
تضم إلى صدرها طفلين صغيرين ، لم يمسا بسوء ولم يصابا بأذى ،
كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال ، هادئة في مصابها هدوء النسيم ،
لا بكاء ولا صياح ولا عويل ، أخرجناهم جميعاً من السيارة ، من رآني ورآها ،
ظن أني صاحب المصيبة دونها ،
قالت لنا وهي تتفقد حجابها وتستكملُ حشمتها في ثباتِ الراضي بقضاء الله تعالى وقدره :
لو سمحتم احملوا زوجي وطفلتي إلى أقرب مستشفى ، وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن ،
واحملوني وطفلي إلى منزلنا ، جزاكم الله خير الجزاء ،
بادر بعض المحسنين إلى حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى ،
ومن ثم إلى أقرب مقبرة ، بعد إخبار ذويهم ، وأما هي ،
فقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها ،
فردت في حياء وثبات : لا والله لا أركب إلا في سيارة فيها نساء ،
ثم انزوت عنا جانباً وقد أمسكت بطفليها الصغيرين ، ريثما نجد بغيتها ،
وتتحقق أمنيتها ، استجبنا لرغبتها ، وأكبرنا موقفها ،
مر الوقت طويلاً ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة ، في تلك الأرض الخلاء ،
وهي ثابتة ثبات الجبال ، ساعتان كاملتان حتى مرة بنا سيارة فيها رجل وأسرته ،
أوقفناه ، أخبرناه خبر هذه المرأة ، وسألناه أن يحملها إلى منزلها فلم يمانع ،
عدتُ إلى سيارتي وأنا أعجبُ من هذا الثبات العظيم ،
ثبات الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة وأول طريق الآخرة ،
وثبات المرأة على حجابها وعفافها ، في أصعب المواقف وأحلك الظروف ،
ثم صبرها صبر الجبال ، إنه الإيمان ، إنه الإيمان ،
( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويظل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )