المتخصص
11-02-2005, 02:10 PM
حكاية كسرة
رؤية: د. مدني شاكر الشريف
الرديح لعبة شعبية لها عشاقها ومحبوها وقد استطاعت هذه اللعبة ان تحافظ على بقائها ليتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد. ولعل من العوامل المساعدة على استمرارية هذه اللعبة رغم انقراض الكثير من ألعابنا الشعبية شعراءها المجيدين الذين ابدعوا في محاوراتهم وجعلوا فن الكسرة فنا يتميز بتنوع مواضيعه وأغراضه اضافة لكون الكسرة كصياغة شعرية تبنى على عمق المعنى وجزالة اللفظ وجمال العبارة. وتعد ينبع مهد هذا الفن التي شهدت ترعرعه وظهوره كفن شعبي جميل وان كنت لم أجد من أرخ له ربما لقلة المؤرخين والباحثين المهتمين بهذا النوع من التراث. ومع محافظة الرديح وبقائه كتراث شعبي الا انه كحضور جماهيري لم يعد في وقتنا الحاضر كما كنا نسمع عنه حيث كانت تشد له الرحال في زمن كان يصعب فيه الترحال. وبجانب ان لعبة الرديح وكأي لعبة لها قواعدها وأصولها التي تبنى على القول والرد بين المتحاورين الا ان لبعض كسراته حكايات تستنبط من خلال مضمون تلك الكسرات ويدركها أصحاب الخبرة الملمون بخفايا هذا النوع من الفن. يحكى ان أحد شعراء الرديح المعدودين خطب فتاة من والدها وكان هذا الشاعر ذا مكانة مرموقة الا ان والد الفتاة رفض تزويجها له وربما له ما يبرر هذا الرفض لان الأب يرى في قضية الزواج ما لا يرى غيره لحرصه على سعادة ابنته واختيار الزوج المناسب لها فقد يرفض صاحب المال والجاه ويقبل من هو أدنى في نظر الآخرين ولا شك ان نظرة الأب أعمق في اختيار الأفضل لابنته من بين المتقدمين لها. وتقدم لتلك الفتاة شاب يعمل حطابا فوافق الأب، والعمل في جمع الحطب وبيعه مهنة شريفة من المهن السائدة في ذلك الوقت وينتسب لهذه المهنة الكثير من الأسر فقد كان الانتساب إلى المهن يغلب في كثير من الأحيان على النسب فيقال بيت الصائغ والنجار والحطاب والقطان والسقا إلى غير ذلك. وعلم الشاعر بان الفتاة التي خطبها ستتزوج الحطاب فأخذ في نفسه على الأب والزوج وكانت حفلات الزواج تحيا بالرديح فحضر الشاعر وصديق له من شعراء الرديح أيضا حفل زواج تلك الفتاة وقال الشاعر الذي لم يقبله الأب زوجا لابنته:
ذاع الخبر من وكالة تاس= الورد بالحيل متأسي
ضيع عبيره كليخ الفاس= انا اشهد ان الزمن قاسي
انظر إلى جمال اللفظ ودقة التصوير وتوظيف القواعد البلاغية لخدمة النص فقد جعل عدم رضا الفتاة عن هذا الزواج خبرا مشاعا عرفه الجميع لانه منسوب إلى وكالة أنباء وما يرد من وكالات الأنباء يتناقله الناس فلم يعد الأمر سرا. وهناك تشبيه بلاغبي جميل فقد شبه الفتاة بالورد وجعله الناطق بلسان حالها. وعبر الزوج بمهنته كما يرى ان الفتاة ظلمت بهذا الزوج وعبر عن ذلك بقسوة الزمن عليها. وكان الرد من الشاعر الآخر فقال:
ذاع الخبر في وكالة واس =والمحكمة صدقت واسي
مير السبب راعي الاغراس =اللي على غرسته داسي
وهذه الكسرة لا تقل جمالا عن سابقتها فقد ذكر الشاعر المتعاطف مع صديقه ان أمر الزواج قد انتهى وحصل لكنه يرى ان السبب هو الاب الذي عبر عنه (براعي الاغراس) فقد داس على غرسته أي ابنته بزواجها من ذلك الحطاب غير المناسب لها في نظر الشاعرين. ويبقى شعر الكسرة جميلا وشاهدا في كل مرحلة زمنية مر بها على رؤى وأفكار من يقولونه ومن يتناقلونه ليكون مرآة صادقة عن العصر الذي يقال فيه.
يا أبو مديدة بلا تأخير
حميد عبدالعزيز الجدعاني
هذا المشتكى مخصوص للأخ العزيز ماجد أبو مديدة:
أبعث سلامي مع التقدير= لماجد فأحلى جرايدنا
وابقى افاده مع التنوير= تهّون علينا مصايبنا
فجأة صفانا انقلب تعكير= من القيل والقال والفتنا
جات المشاكل لنا بتدبير =من شخص همه يفرقنا
ويابو مديدة بلا تأخير= أبعث لنا ردود تنصفنا
بين شاعرين
- المشتكى / ضمن عواد السناني
ما كـنـت أظن اختلاف الرأي= فالود يفسـد قضيتنا
لين اتضح لي خطا ممشاي= يوم انكشف وجه صحبتنا
- الـرد / طلال دخيل الله السناني
خليك عما حصل نساي= كل اللي مشغلك متعبنا
لا تقول ياضمن مايمداي= دمح الخطا عن محبتنا
معذور لو كان ما يقدر
وجه الشاعر غازي السريحي الكسرة التالية إلى الشعراء عواد الوافي ومحمد علي الطيار وعبدالرحمن الوافي:
صابر على الهم عشر سنين =والمشكلة برضها تكبر
تعبان مع ناس مرتاحين =كيف ازرع الخير وأحصد شر
وقد أجاب الشاعران محمد علي الطيار وعواد الوافي بهذه الكسرة:
الشرع يحكم ما بين اثنين= ويورد الحكم ويصدر
وان كان تبغى خلاص الدين= ساير عميلك عليه اصبر
فاجابهما غازي السريحي:
شكيت صبري على الغالين= قالوا لي تحتاج صبر
أكثر مع احترامي لهم مخطين= المر ما يحتفى بالمر
لكن على الرد مشكورين =من قدم الرد ما قصر
واللي تأخر له أسبوعين= معذور لو كان ما يقدر
استوطن القلب
حمد عبدالله العياشي
استوطن القلب ماضى عاد= شيد مبانيه وحصونه
واجتاح بأمره على وساد =وتملك الحس وشؤونه
وطب الأطباء معي ما فاد= وجميع منهم يداوونه
وأصبحت مثل الضرير انقاد= ماسور في غيهب سجونه
نظرة
صلاح غانم العنمي
أنا جعلت النظر حساس =يترجم القلب نظراته
ولما رسم في فؤادي ساس= صعبت عليه ملاغاته
أكبر خسارة
صالح الشريف
أكبر خسارة خسارة يوم=اقضيه مع غير أحبابي
العين تأبى لذيذ النوم= والسعد ما دق أبوابي
على شانك
أحمد عيد الذبياني
مهما تماديت في صدك= وازداد بعدك وهجرانك
مازال قلبي على ودك =اموت واحيا على شانك
رؤية: د. مدني شاكر الشريف
الرديح لعبة شعبية لها عشاقها ومحبوها وقد استطاعت هذه اللعبة ان تحافظ على بقائها ليتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد. ولعل من العوامل المساعدة على استمرارية هذه اللعبة رغم انقراض الكثير من ألعابنا الشعبية شعراءها المجيدين الذين ابدعوا في محاوراتهم وجعلوا فن الكسرة فنا يتميز بتنوع مواضيعه وأغراضه اضافة لكون الكسرة كصياغة شعرية تبنى على عمق المعنى وجزالة اللفظ وجمال العبارة. وتعد ينبع مهد هذا الفن التي شهدت ترعرعه وظهوره كفن شعبي جميل وان كنت لم أجد من أرخ له ربما لقلة المؤرخين والباحثين المهتمين بهذا النوع من التراث. ومع محافظة الرديح وبقائه كتراث شعبي الا انه كحضور جماهيري لم يعد في وقتنا الحاضر كما كنا نسمع عنه حيث كانت تشد له الرحال في زمن كان يصعب فيه الترحال. وبجانب ان لعبة الرديح وكأي لعبة لها قواعدها وأصولها التي تبنى على القول والرد بين المتحاورين الا ان لبعض كسراته حكايات تستنبط من خلال مضمون تلك الكسرات ويدركها أصحاب الخبرة الملمون بخفايا هذا النوع من الفن. يحكى ان أحد شعراء الرديح المعدودين خطب فتاة من والدها وكان هذا الشاعر ذا مكانة مرموقة الا ان والد الفتاة رفض تزويجها له وربما له ما يبرر هذا الرفض لان الأب يرى في قضية الزواج ما لا يرى غيره لحرصه على سعادة ابنته واختيار الزوج المناسب لها فقد يرفض صاحب المال والجاه ويقبل من هو أدنى في نظر الآخرين ولا شك ان نظرة الأب أعمق في اختيار الأفضل لابنته من بين المتقدمين لها. وتقدم لتلك الفتاة شاب يعمل حطابا فوافق الأب، والعمل في جمع الحطب وبيعه مهنة شريفة من المهن السائدة في ذلك الوقت وينتسب لهذه المهنة الكثير من الأسر فقد كان الانتساب إلى المهن يغلب في كثير من الأحيان على النسب فيقال بيت الصائغ والنجار والحطاب والقطان والسقا إلى غير ذلك. وعلم الشاعر بان الفتاة التي خطبها ستتزوج الحطاب فأخذ في نفسه على الأب والزوج وكانت حفلات الزواج تحيا بالرديح فحضر الشاعر وصديق له من شعراء الرديح أيضا حفل زواج تلك الفتاة وقال الشاعر الذي لم يقبله الأب زوجا لابنته:
ذاع الخبر من وكالة تاس= الورد بالحيل متأسي
ضيع عبيره كليخ الفاس= انا اشهد ان الزمن قاسي
انظر إلى جمال اللفظ ودقة التصوير وتوظيف القواعد البلاغية لخدمة النص فقد جعل عدم رضا الفتاة عن هذا الزواج خبرا مشاعا عرفه الجميع لانه منسوب إلى وكالة أنباء وما يرد من وكالات الأنباء يتناقله الناس فلم يعد الأمر سرا. وهناك تشبيه بلاغبي جميل فقد شبه الفتاة بالورد وجعله الناطق بلسان حالها. وعبر الزوج بمهنته كما يرى ان الفتاة ظلمت بهذا الزوج وعبر عن ذلك بقسوة الزمن عليها. وكان الرد من الشاعر الآخر فقال:
ذاع الخبر في وكالة واس =والمحكمة صدقت واسي
مير السبب راعي الاغراس =اللي على غرسته داسي
وهذه الكسرة لا تقل جمالا عن سابقتها فقد ذكر الشاعر المتعاطف مع صديقه ان أمر الزواج قد انتهى وحصل لكنه يرى ان السبب هو الاب الذي عبر عنه (براعي الاغراس) فقد داس على غرسته أي ابنته بزواجها من ذلك الحطاب غير المناسب لها في نظر الشاعرين. ويبقى شعر الكسرة جميلا وشاهدا في كل مرحلة زمنية مر بها على رؤى وأفكار من يقولونه ومن يتناقلونه ليكون مرآة صادقة عن العصر الذي يقال فيه.
يا أبو مديدة بلا تأخير
حميد عبدالعزيز الجدعاني
هذا المشتكى مخصوص للأخ العزيز ماجد أبو مديدة:
أبعث سلامي مع التقدير= لماجد فأحلى جرايدنا
وابقى افاده مع التنوير= تهّون علينا مصايبنا
فجأة صفانا انقلب تعكير= من القيل والقال والفتنا
جات المشاكل لنا بتدبير =من شخص همه يفرقنا
ويابو مديدة بلا تأخير= أبعث لنا ردود تنصفنا
بين شاعرين
- المشتكى / ضمن عواد السناني
ما كـنـت أظن اختلاف الرأي= فالود يفسـد قضيتنا
لين اتضح لي خطا ممشاي= يوم انكشف وجه صحبتنا
- الـرد / طلال دخيل الله السناني
خليك عما حصل نساي= كل اللي مشغلك متعبنا
لا تقول ياضمن مايمداي= دمح الخطا عن محبتنا
معذور لو كان ما يقدر
وجه الشاعر غازي السريحي الكسرة التالية إلى الشعراء عواد الوافي ومحمد علي الطيار وعبدالرحمن الوافي:
صابر على الهم عشر سنين =والمشكلة برضها تكبر
تعبان مع ناس مرتاحين =كيف ازرع الخير وأحصد شر
وقد أجاب الشاعران محمد علي الطيار وعواد الوافي بهذه الكسرة:
الشرع يحكم ما بين اثنين= ويورد الحكم ويصدر
وان كان تبغى خلاص الدين= ساير عميلك عليه اصبر
فاجابهما غازي السريحي:
شكيت صبري على الغالين= قالوا لي تحتاج صبر
أكثر مع احترامي لهم مخطين= المر ما يحتفى بالمر
لكن على الرد مشكورين =من قدم الرد ما قصر
واللي تأخر له أسبوعين= معذور لو كان ما يقدر
استوطن القلب
حمد عبدالله العياشي
استوطن القلب ماضى عاد= شيد مبانيه وحصونه
واجتاح بأمره على وساد =وتملك الحس وشؤونه
وطب الأطباء معي ما فاد= وجميع منهم يداوونه
وأصبحت مثل الضرير انقاد= ماسور في غيهب سجونه
نظرة
صلاح غانم العنمي
أنا جعلت النظر حساس =يترجم القلب نظراته
ولما رسم في فؤادي ساس= صعبت عليه ملاغاته
أكبر خسارة
صالح الشريف
أكبر خسارة خسارة يوم=اقضيه مع غير أحبابي
العين تأبى لذيذ النوم= والسعد ما دق أبوابي
على شانك
أحمد عيد الذبياني
مهما تماديت في صدك= وازداد بعدك وهجرانك
مازال قلبي على ودك =اموت واحيا على شانك