المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايات الأمهات لأبنائهن .. قبل النوم.. قضيه تستحق النقاش



ابو الهنوف
22-01-2005, 04:14 PM
حكايات الأمهات لأبنائهن .. قبل النوم.. قضيه تستحق النقاش بل تتطلبه بالحاح ذلك ان جزءأ غير يسير من شخصيه الابناء تشكله هذه " الحواديث " التي تستمد الأم معظم مادتها من تاريخها الشخصي ايام طفولتها البعيده, بسلبياته وايجابياته.. بمخاوفه وحرماناته بافراحه واتراحه التي استقرت في اللاوعي عند الأم.وهنا فان عقل الابناء يصبح ساحه رحبه ترتع فيها الأم بمكبوتاتها اللاواعيه اثناء الحدوثه - ثم يختزن الطفل هذه الخبرات وينام ... وهنا يكمن الخطر ...
ويتفق علماء النفس على ان هناك جزءأ كبيرأ من الخوف يتعلمه الابناء من امهاتهم في طفولتهم الاولى. الخوف من الاشخاص والحيوانات والاشياء ... ففزع الأم من الثعبان مثلأ اما طفلها يعلمه ان يخاف هذا الكائن بدون ان يبحث عن اسباب ذلك الخوف ... يكفيه ان الأم قد خافت منه , بينما ابناء الحواة - الذين يروضون الثعابين ويصطادونها - لا يخافونها- بحكم عدم خوف الأمهات منها ومثل ذلك يقال عن اطفال البحاره الذين لايخافون البحر بينما يخافه ابناء المدن الداخليه - وهكذا -
وعندما تدور حكايات الأم للابناء قبل نومهم ... في معظمها - عن الوحش والساحره الشريره والعجوز الشمطاء وامنا ( الغوله ) ثم تختم حكايتها بالقول ( احلام سعيده وتصبحون على خير )
فان لنا ان نتسأل عن ذلك الخير وتلك السعاده التي نرجوها بعد هذه الحواديث ... المخيفه ... التي اضافت اليها بملامح وجهها المعبره ووتيرة صوتها المتناغم مايقابل جو احداث الحدوثه.. بينما اسبغ عليها الليل بوحشته وسكونه وظلامه غلالات من الرعب القاتل ..
لقد اضطرتني الظروف ان اتولى مهمه ان احكي حكايات المساء لابنائي في غياب امهم على السرير في احدا المستشفيات , بحثت وفتشت في دفتر طفولتي وأعياني البحث .. لأن اكثر ماوجدته يقع في دائرة المحظور الذي ذكرته لتوي ... فتفتق ذهني عن حيلة للخلاص من ورطتي المفضوحه اما عيون ابنائي المترقبه ... فقلت لهم ... ليحك كل واحد منكم حكايته واتركوا لي ان احكم ايها ابرع والطف... تبادل جميعهم النظرات التي - اسوا الظن - تتهمني بالجهل وانعدام الثقافه ... واحسن الظن ... تدعو الله ان يعيد امهم على خير حتى تنقذهم من هذا الاب الذي لايعرف يحكي حكايته ... وبعد ماذهبت سكرة المفاجأه تسابقت الاصابع امام عيني تعلن الرغبه في البدء ... اصغيت لحاياتهم تباعأ.
مره كان فيه واحد...صلوا على النبي... حدث ذات مره .. يحكي انه ... ثم تنتهي كل حكايه بالعباره التقليديه .. توته.. توته...
اطريت حكاياتهم انتقدت بذكاء بعض ماورد فيها من افكار ملغوظه ... طبعت قبلاتي على كل واحد منهم واستودعتهم الله وغادرتهم الى نفسي وخلوت...
ماهذا الذي سمعته؟ كيف فاتنا - انا وامهم - ان نتعرف على مافي اذهانهم من افكار مخيفه او مقلقه ..
لقد حكى الولد الكبير ( ابن اخي ) عن مجموعه من الاصدقاء اجتمعوا على اضطهاد زميل لهم ... بنتي حكت عن اب لايحب ابنته ... ومن هذا القبيل ..
لقد تكشف لي الكثير مما كنت اجهله من مخاوف ابنائي وصراعاتهم ومظاهر النقص في شخصياتهم وتكونت لدي في الايام التاليه التي حملت المزيد من حكاياتهم - صفحه نفسيه عن كل ابن من ابنائي ... كشفت عن ظرورة اعادة النظر في اسلوب تعاملنا معهم والتحفظ في عقاب البعض واغداق المزيد من الحنان على بعضهم واشباع بعض الحرمانات لدي البعض حسبما تكشف في حكايات كل منهم ... والاهم من ذلك كله اعادة النظر فيما تتضمنه حكاياتنا لهم ... قبل النوم ... حتى لاتستقر مكبوتاتنا القديمه في افكارهم العضه من دون ان ندري ...
عدت زوجتي في مستشفاها وانست وجدتها ببعض الذي حدث ... فاذا بسخونة الحوار بيننا ترتفع ويرتفع معها .. ضغظي بالطبع .. وقد بذلت جهدأ لاقناعها باللاسلوب الجديد لحكايات الابناء واقتنعت - وادعوا الله الا يكون على مضض ولكنها حسمت النقاش بسؤال لم يكن في حسباني: ومتى نروي لهم اذا افكارنا وثقافاتنا وقيمنا وما نريده لهم ان يتعلموه ... قدحت زناد فكري المنهك من جراء المناقشه.. وقلت لها .. ليكن المساء لهم ولحكاياتهم اما حكاياتنا فلتكن بعد طعام الغداء حتى اذا ماأحتوت بعضأ من مخاوفنا او مكبوتاتنا فما زال بينهما وبين الليل وقت يكفي لتساولاتهم وبتادل وجهات النظر فيما بينهم , علهم يجرون كحاياتنا من سلبياتها ومما لا يتفق ومنطق الاشياء... ثم ياتي المساء فيحكون هم ونتعرف على ماقر في عقولهم من خبرات يومهم وافكار حكاياتنا لنعيد حكايات الغد اصلاح ما افسدناه بالامس حتى لا نكون الاخسرين عمالأ ...
قال تعالى ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صعنأ ) ...
رمتني زوجتي بنظره لم اتوصل - حتى كتابة هذه السطور - الى معناها ... عساها نظره رضا...