ماذا يدور في غرفة معلمي ثانوية معاوية بن أبي سفيان

[أبو تركي]

غرفة المعلمين .. في كل مدرسة لها خصوصية ، والأحاديث التي تدور فيها تأخذ أحياناً الطابع الجدّي وأحياناً أخرى الطابع الهزلي وأحياناً نادرة الطابع الصامت .
ولكن ما يدور في غرفة معلمي ثانوية معاوية بن أبي سفيان شئ مختلف جداً ، لا يهمني إن نقلته لكم هنا في المنتدى لأني صاحب القرار في ذلك ، وسأنقله لكم على شكل حلقات في ملفات مضغوطة .


الحلقة الأولى

( بيني ... وبين الأستاذ / محمود عبدالجليل )

[أبو رامي]

أهلا بأستاذنا أبو تركي ، بعد هذا الانقطاع الذي خلته دهرا رغم أنني أعرف أسبابه ومسبباته .. وأهلا بهذه العودة الميمونة ، وهذه المشاركات النافعة ، و ( ما يدور في غرفة معلمي ثانوية معاوية بن أبي سفيان ) مشاركة جيدة الفكرة والمضمون ـ كعادتك دائما في كل مشاركاتك ـ وأتوقع أنها سوف تنقل لنا بعض التجارب التربوية والهموم التعليمية بسرد قصصي شيق وجميل .
ولكن .. مالداعي لإدراجها على شكل ملف مضغوط ؟ لم لا تدرج مباشرة حتى لا ينقطع تسلسل الأفكار في الخروج من المنتدى والعودة إليه .
أرجو ذلك ، وما زلنا ننتظر ما يدور في غرفة المعلمين بينك وبين الأستاذ / محمود عبدالجليل أو غيره من المعلمين .. وليتنا نطلع على ما يدور في غرف المعلمين في جميع المدارس .

[أبو تركي]

الأستاذ القدير والمربي الفاضل / أبو رامي

تحية عطرة لشخصكم الكريم ، وقد أسعدني مرورك على موضوعي وتشجيعك لي كعادتك مع من هم مثلي .
أستاذي العزيز .... الإخوة الأعزاء جميعاً
كانت هذه الفكرة تدور في رأسي قبيل شهر رمضان المنصرم وذلك بعد أن إطلعت على موضوع في مجلة المعرفة يدور حول شجون المعلمين وحديثهم في غرفتهم ، حيث أثبتت الدراسات أن 90 % من حديث المعلمين يدور حول الأحداث الجارية و 7 % حول الأمور الاقتصادية و 2 % حول إدارة المدرسة و 1 % حول تطوير العمل التربوي والتعليمي ، فقلت في نفسي لماذا لا أجبر المعلمين عن الحديث حول الأمور التربوية والتعليمية بطريقة تجعلني كبش فداء في سبيل المصلحة العامة فكانت هذه السلسلة من المقالات المختومة بسؤال استفامي وحث للمعلمين على الإدلاء بآرائهم حول القضية المطروحة .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن رسالة التعليم لا تعني أن يقوم المعلم بنقل ما في الكتاب المدرسي للطلاب حتى إذا أزفت نهاية أخر حصة في اليوم الدراسي كان ذلك أخر عهد للمعلم برسالته ، بل إنها يجب أن تكون قضية كل من له علاقة بالتعليم تخطيطاً وتنفيذاً وتقييماً وتقويماً ، ومن ذلك حل المشاكل ذات الصلة بتلك الرسالة والاستفادة من المصادر والمراجع والمواقف اليومية والخبرات المكتسبة وتبادلها بين الزملاء لتعود بالنفع والفائدة للدين والوطن والمجتمع من خلال تعميق المفاهيم والمعلومات ومخاطبة عقول وشعور أبنائنا الطلاب .

بيني ... وبين الأستاذ محمود عبدالجليل


إن الحوار مع أستاذ فاضل وقدير أكتسب خبرة عريضة ودراية واسعة بحجم الأستاذ محمود عبد الجليل حوار لا يمل ولا يكل ، فقد تطرقنا أثناء حديثنا في غرفة المعلمين عن الأبعاد التربوية لإخراج الطالب من حجرة الدراسة بغرض تأديبه كعقاب له على سوء سلوك أو تأخر عن دخول الحصة أو نحو ذلك ، فبينما كنت مؤيداً لتلك الطريقة على أنها من أنجع الطرق لكبح جماح الطالب المهمل الغير مبالي بذلك التصرف إذ بالأستاذ محمود يرفع راية الاختلاف في وجهة نظره مبيناً أن تلك الطريقة لا تمت للتربية بصلة ، وأن من يتخذها وسيلةً له يعتبر قليل الخبرة لا يسعى لمصلحة الطالب بقدر ما يسعى لراحته أثناء عملية تدريسه لمنهجه ، ولا أخفيكم سراً بأني في تلك اللحظة تحديداً تعصبت لفكرتي ليس لأنه ذكر بأن من يتخذها قليل الخبرة وليس لأنه خالفني الرأي ولكن تلك هي طريقتي التي سلكتها منذ فترة طويلة ولم أسعى في يومٍ ما لأن أغيرها ، فبادرته السؤال ... كيف ذلك يا أستاذ محمود ؟!!
وبكل أريحية وسعة صدر أجاب الأستاذ محمود ... بأن ذلك التصرف يسئ لسمعة المعلم من خلال تنقل الطالب بين ردهات المدرسة وحجراتها فيلقاه المعلم والوكيل والمدير ويسأله .. لماذا أنت هنا ؟ ويجيبه على الفور بأن ذلك المعلم أخرجه من فصله ، هذا فضلاً عن التصرفات السيئة التي قد يفعلها ذلك الطالب من تشويش على حصة زميل لك بطرقه باب الفصل أو القيام بأعمال تخريبية في المدرسة وممتلكاتها أو حتى الهروب من المدرسة في ظل انشغال الإدارة بأعمالها والمعلمين بحصصهم ، أضف إلى ذلك أن هذا الطالب لا يعرف مصلحته جيداً بحكم بلوغه مرحلة المراهقة وأنت تعلم بتصرفات من يصلون لهذه المرحلة ولذلك ستحرمه بطريقة غير مباشرة من تلقي معلومة ينتفع بها أو حتى مفهوماً بسيطاً ولكنه سيبقى غامضاً لديه لأنك وضحت ذلك المفهوم لزملائه أثناء غيابه عن الحصة .
ولا تنسى بأن جميع الطلاب سيعرفون طريقتك وسيتعمدون إغاضتك والتحرش بك بنفس أسلوب ذلك الطالب لأنهم يدركون تصرفك وهو إخراجهم من الفصل لحاجة في نفوسهم قد تكون ما ذكرنا سابقاً وقد تكون أمراً أخر حتى ولو تناول السجائر في دورات المياه أثناء حصتك والفضل في ذلك يعود لتصرفك وطريقتك والتي أنصحك بأن تجرب غيرها ولو لفترة بسيطة كسجل متابعة الطلاب أو حل المشكلة داخل الفصل ودون تدخل من أحد .
وبعد كل ما ذكره الأستاذ محمود عن سلبيات تلك الطريقة ما زلت متردداً في تغييرها ، فقلت في نفسي لماذا لا أشرك معي اخوتي المعلمين ليدلوني إن كنت على صواب أم خطأ ، وهل هذه السلبيات فعلاً تحدث أثناء إخراجي الطالب من فصله ؟ !!!

[أبو تركي]

كثيراً ما تصادفنا المشاكل في حياتنا اليومية ولكوننا عجولين أولاً ولأننا ننشد الراحة ثانياً فإننا نحاول التخلص من تلك المشاكل بأي طريقة كانت بحيث لا تؤثر على مسيرة حياتنا اليومية غاضين النظر عما تسببه تلك المشاكل من تراكمات وتأثيرات على حياتنا المستقبلية وغافلين عن الأساليب العلمية لحل المشاكل ، وبذلك نحرم أنفسنا من الاستفادة من هذه المشاكل في تجريب ما اكتسبناه من علوم ومعارف وصياغتها حلاً لما يعيقنا وكذلك نحرم أنفسنا من اكتساب خبرات جديدة من خلال حل مثل هذه المشاكل .


الأستاذ حميد .. ينتقدني !!!


لا يخفى على الجميع ما يعانيه المعلم من ضغوط أثناء تأدية عمله نظراً لكثرة الواجبات الملقاة على عاتقه وأنا أحد هؤلاء المعلمين إلاّ أن يوم الأحد تحديداً تزداد معاناتي نظراً لتكليفي بالإشراف على الدور الثاني مع وجود خمس حصص سمان ، وبينما كنت خارجاً من أحد الفصول إذ بطالبين يتخاصمان ويكيلان التهديد لبعضهما فلم أعرهما اهتماماً لإيماني بالمثل الشعبي المعاصر ( طنش ... تعش ) وبعد مروري من أمامهما متوجهاً لغرفة المعلمين سمعت صوت الأستاذ / حميد الفزي وهو يهدئ من وضعهما ، وأكملت طريقي حتى جلوسي على المقعد لأنفض عن كاهلي عناء تلك الحصة وأخذ قسطاً من الراحة خاصة وأن الغرفة هادئة لعدم وجود أي زميل فيها ، وما هي إلاّ لحظات وإذ بالأستاذ / حميد الفزي يضج الغرفة بسحبه أحد المقاعد ليجلس أمامي ويؤنبني على فعلتي وينتقدني على موقفي السلبي مع الطالبين ، وأنه كان متوقعاً مني أن أحل ذلك الخلاف و... و... و قاطعته قائلاً : ماذا تقول يا أستاذ ألا تعلم بأن عندي في هذا اليوم خمس حصص بالإضافة إلى الإشراف وأني منهك القوى وليس عندي الوقت لحل تلك المشكلة الصغيرة ، ثم أن ذلك ليس من شؤوني فإين المرشد الطلابي عنها وأين الوكيل وأين المدير ؟
وبكل هدوء قال الأستاذ / حميد ... دقيقتين في حل مشكلة لأحد الطلاب تعني أنك اكتسبت خبرة طويلة فيما لو وقعت نفس هذه المشكلة مرة أخرى ولن يضيرك ذلك شئ ، ثم ما يدريك لعل الطالبين لا توجد بينهما أي مشكلة ولكنها إحدى طرق الطلاب للكشف عن شخصية المعلم وكيفية تصرفه ، ثم أن حدوث مثل تلك المشاكل يسئ لنا كمعلمين ويجب أن نقف صفاً واحداً ونعتبر أنفسنا وكلاء ومديرين ومرشدين للمدرسة ، لا أن نغض الطرف عمّا يحدث من الطلاب حتى إذا زادت مشاكلهم وساءت سمعة مدرستنا لمنا أنفسنا على عدم حزمنا معهم ، يا أستاذ عبد الله اعتقد بأنه لا يخفى عليك بأن حلك لتلك المشكلة هو من صميم عملك التربوي واسمح لي بأن أقول لك أن استخدامك لإسلوب غض النظر عن تلك المشكلة سيزيد الوضع سوءً فيما لو سلك المعلمون طريقك ، ولكن ولله الحمد إن مثل تلك المشاكل أو حتى غيرها تجد الحزم من المعلمين حتى لو قاموا بتحويل الطالبين للمرشد أو الوكيل .
أخوتي المعلمين ... حقيقة لا أخفيكم بأني خجلت من نفسي وقررت من ذلك اليوم بأن أغير من منهجي في حل المشاكل التي تحدث من الطلاب وبين الطلاب داخل المدرسة لئلاّ يلوك الغير مدرستنا بألسنتهم ولتزداد خبرتي في حل المشاكل وتقوى شخصيتي حتى مع نفسي ، وأنصحكم بأن لا تسلكوا طريقتي السابقة ولا اعتقد بأنكم تفعلون لأنكم تدركون عواقبها ....... فهل استمر على نفس النهج أم لكم حديث أخر ؟

[أبو سفيان]

الأخ العزيز / أبو تركي لا أريد أن أقطع عليك هذه السلسلة التربوية
الرائعة .. ولكن حتى لا تفوتني فرصة التعقيب أحببتُ أن أشيد بالمبدأ الذي
تنتهجه في هذه القصص التي تبدو أنها واقعية ..
وما أريد أن ألفت إليه هو شجاعتك بأن تضع نفسك في الموقف المتواضع
من خــلال ما قرأنا ه سواء مع الأستاذ/ محمود عبد الجليل أو في هــذا الموقف مع الأستاذ/ حميد الفـزي..
وهــذا الموقف لعمري هو شجاعة أغبطك عليها إذ أنّ المعلم الواثق من نفسه وقدراته لا تعيبه مثل هذه المواقف حتى وهو يعرف أنه سيطلع عليها أحد
طلابه أو أي من آباء الطلاب أو الزملاء في مــدارس أخرى ..

لأن من يريد تطوير قدراتــه ويسعى للأفضل والأحسن فلا يستنكف من
استشارة زملائه أو الاقتــداء بأحسنهم أو التراجع عن موقف معين
كان يعتقد أنه الأمثـل وذلك عندما يجد ضالته في حسن التصرف وتمام المعرفة
لك تحياتي وننتظر المزيد من هذه القصص.

[الخل الوفي]

* استذنا القدير / أبو تركي

كل كم نكتشف مواهب جيده في شخصكم

الله يعطيك العااافية


* رائعة هذه السلسلة من حيث مضمونها

وأسلوب عرضها واختصارها في سطور قليلة

فهي تجذب القارئ ولا تجعله يمل


* نحن ننتظر بشغف باااااقي السلسلة

أتمنى تثبيت الموضوع فهو مرجع لكل معلم



ذكرتي بكتاب ( تمر وجمر ) للكاتب الراحل محمد حسين زيدان


:) :) :)