النادر
22-11-2004, 03:37 PM
الرحمن علّم القرآن خلق الإنسان علّمه البيان.
إن التواصل بين البشر له عدة أشكال، أبرزها استخدام اللغة كسبيل للتفاهم مع أبناء المجتمع الواحد ووصف مشاعرهم وعرض أفكارهم، وتلخيص المعاني المعقدة لكثير من الحالات والمواقف والمشاعر التي تجول بخاطرهم؛ لذلك يلجأ الأطفال في الأشهر الأولى من أعمارهم الندية إلى انتهاج الصراخ والحركات المعبرة والإيماءات كوسيلة للتعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم، أو اللجوء إلى البكاء الذي ينطوي على الكثير من التفسيرات، وسرعان ما تتقدم بهم أعمارهم النضرة ليكتسبوا لغة آبائهم ومجتمعهم كوسيلة للتعبير أو التفاهم.
إن الأطفال في الأشهر الأولى لحياتهم يتنغمون بالاستماع إلى الأصوات، ثم يبدأون بالانتباه إلى الكلمات والتفكير بها قبل أن يستخدموها. وذلك يعتمد على الإشارات والحركات وأساليب الإثارة المصاحبة للعبارات التي يوجهها الأب أو الأم إلى الوليد الصغير مباشرة، وقد أكدت بحوث ودراسات تربية الطفل أن الأطفال يصبحون أكثر مهارة عند تحدث الوالدين إليهم مباشرة، وترك الفرصة المناسبة للأطفال ومساعدتهم على الإجابة، لا سيما أن الحياة اليومية مع الأطفال مليئة بفرص التواصل والتكلم معهم، وبخاصة في توجيه الأسئلة والأوامر والنواهي، وتعطي نموذجاً مناسباً لعرض العديد من المواضيع بعدة أشكال، كما يجب مراعاة عدم حدوث ضوضاء أو تداخل كلام مجموعة أشخاص آخرين أثناء محادثة الأطفال لما لها من تأثير واضح على عدم انتباه الأطفال وقلة إصغائهم للمتكلم. وعند التحدث مع الأطفال بدون وجود ضوضاء، نلاحظ كيف يتتبع الأطفال حركات شفاه المتكلم وحرصهم على التركيز بدقة على نغمة صوت الشخص وحركاته والإصغاء إلى الكلمات ومن هنا يتعلم الأطفال الكلام.
الاستماع والانتباه:
إن المقدرة السمعية عند الطفل تبدأ خلال أشهر الحمل الأخيرة وهو في رحم الأم، فيستطيع بذلك بعد الولادة أن يميز صوت أمه من بين مجموعة من الأصوات، حيث أن الطفل يقفز ويصرخ عند سماع الأصوات المفاجئة، بينما يظهر الطفل استمتاعه بالأصوات المنغمة والمألوفة لديه، فنلاحظ انتباهه إلى صوت الأم برغم سماعه الكثير من الأصوات الأخرى. ومن أجل ذلك ننصح الأم المسلمة والتي تدين بالولاء للرسول الأكرم (ص) وأهل بيته الطاهرين(ع) أن تستغل هذه المقدرة السمعية للطفل بأن تقرأ خلال فترة الحمل كتاب الله المجيد بصوت مسموع وأن تكثر سماع القرآن وترديد الشهادتين قدر الاستطاعة؛ لتتعطر أسماع طفلها بأنشودة المتقين فتعمه البركة وترافقه العناية الإلهية بإذن الخالق.
بداية الكلام:
إن الأطفال حديثي الولادة عادة تكون لديهم أشكال بكاء مختلفة التعبير عن احتياجاتهم وأحاسيسهم، وكلما زادت شدة بكاء الطفل كلما تيقن الأطباء من أن صحة المولود ممتازة، لأن البكاء عند الأطفال يدل على أن مركز التنفس وعضلات التنفس والرئتين والحنجرة والحبال الصوتية تعمل بتوافق، كما تستطيع الأم بعد الولادة غالباً أن تميز صوت طفلها بين أصوات الأطفال الآخرين.
وخلال الشهر والنصف الأول من عمر الطفل يبدأ بالاستجابة إلى الابتسامة والحديث وعادة ما تكون الابتسامة والحركات السريعة لأطراف الطفل دليلاً على سعادته وطريقة للتعبير عنها. أما في الشهر الثاني فيبدأ الطفل بإضافة بعض الأصوات الخاصة به.
وفي الشهر الثالث من عمر الورد يبدأ الطفل بتمييز الابتسامة عن الكلام أو الحديث معه فيطلق أصوات المناغاة، ويعد هذا العمر من أسعد الأوقات المشتركة بين الأم وطفلها لممارسة المناغاة والتي تعتبر بداية الطريق لتعليم الطفل أخذ الأدوار في الحديث لأن الأطفال في هذا العمر لا يحاولون إصدار الأصوات إلا بالتحدث المباشر إليهم، أما عند إكمال الطفل النصف الأول من السنة الأولى، فيكون قد بدأ بربط الأصوات ببعضها كمحاولة لمزجها عن طريق المناغاة وبالتمرين المستمر للطفل تصبح الأصوات أكثر تعقيداً أو تطوراً.
أما في الشهر الثامن فأغلبية الأطفال يمتلئون سروراً بالحديث حتى ولو لم يكن موجهاً إليهم، فلو لاحظنا عند تحدث شخصين بالغين في موضوع معين أثناء وجود طفل صغير بالعمر المذكور آنفاً بينهما، فإن الطفل يلتفت برأسه نحو الشخص المتكلم بالتوالي كأنه كرة تنس، والتركيز بعينه على حركات شفاههم بينما إذا مضت فترة من الزمن ولم يشركوه في الحديث أو النظر فإنه سيستخدم لغته الخاصة أو إطلاق صرخة للتنبيه بوجوده.
خلال الشهر التاسع يبدأ الطفل بإعادة الكلمات المألوفة بطريقة تساعده على تعلم العلاقة بين الصوت والشيء أو العمل؛ لذلك لا بد من استخدام جمل قصيرة أو عبارات مختصرة مع التلفظ الواضح والتوقف عند الكلمة عدة مرات.
فالإعادة والتكرار مهمان جداً في هذه المرحلة، لا سيما ربط الكلمة بمدلولها، وحتى الشهر العاشر، عادة يتعلم الأطفال الطبيعيون بعض الكلمات البسيطة والتي تثير اهتمامه لخطوة أولى للكلام.
تقليد اللغة:
إن مرحلة بدء الأطفال في تقليد اللغة تبدأ في الشهر الثامن عشر إلى ثلاث سنوات؛ فنجد الأطفال حينها يحاكون ألفاظاً أكثر تعقيداً لتكوين عبارات من كلمتين، وهذه محاولات ممتازة تعكس مقدرة الأطفال على إيصال أفكارهم، فالأطفال مقلدون جيدون، وهذه المهارة تزداد بتعلم الكلام، فعادة ما يحاول الأطفال خلال هذا العمر الثرثرة مع أنفسهم أو مع ألعابهم؛ لذا يجب عدم مقاطعة هذه الثرثرة، لما لها من تأثير في تطور مقدرتهم على الكلام خلال هذا العمر الذي يميزهم بحدة الانتباه.
الطفل الأول في العائلة عادة ما يتكلم أسرع من الذين يأتون بعده؛ وذلك لتركيز اهتمام الوالدين والأقارب على الطفل بصورة كبيرة، فيكون بذلك خزين الكلمات لدى الطفل البكر ممتازاً؛ مما يساعده على النطق المبكر.
ومن الطبيعي جداً للطفل الثنائي اللغة في المراحل الأولى لكلامه أن يمزج بين اللغتين ويكون بطيئاً في الفصل بينهما.
اسباب تأخر النطق:
على الرغم من أن معظم الأطفال في العام الثاني من العمر لديهم المقدرة على نطق الكلمات أو الجمل البسيطة، إلا أن البعض منهم قد يتأخر عن النطق للأسباب التالية:
1- الأمر قد يتصل بطبيعة العائلة، فقد يكون تأخر كلام الطفل حتى بلوغه العامين أو أكثر أمراً طبيعياً بالنسبة لأشقائه الآخرين.
2- وجود نقص في خلايا الدماغ نتيجة للعوامل الوراثية أو عوامل مرضية مثل التهاب السحايا والتهاب المخ، فيقل بذلك مستوى ذكاء الطفل عن الحدود الاعتيادية وبذلك يتأخر الكلام وقد تصاب الأم أثناء فترة الحمل بالحصبة الألمانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى والتي تؤدي إلى نقص الأوكسجين لدى الطفل وتتلف خلايا مخه، وقد يكون سبب نقص خلايا الدماغ عند الطفل يعود إلى سوء تغذية الأم الحامل حيث أن الفواكه والخضراوات الحاوية على فيتامين B تعتبر العلاج القطعي للكنة اللسان، والأم التي تتناول هذا الفيتامين أيام حملها فإن جنينها يأخذ بالتكلم مبكراً ولا يصاب باللكنة.
3- الصمم أي عدم قدرة الطفل على سماع الكلام.
فلكي يتعلم الطفل الكلام لا بد أن يكون سمعه طبيعياً، وإذا كانت درجة الصمم عند الطفل شديدة، لم يستطع النطق بتاتاً حتى لو كان ذكاؤه طبيعياً أو أعلى من الحد الطبيعي.
4- عدم قدرة الطفل على تحريك لسانه بسبب وجود رباط عضلي يربط لسان الطفل بقاعدة الفك السفلي من الفم مما يمنع حركة اللسان بحرية.
5- تضخم اللوزتين والزوائد الأنفية، والتهابها، لأن المستوى السمعي للطفل يتضائل في مثل هذه الحالات.
علاج تأخر الكلام:
إن العامل المهم والمتحكم في علاج مشكلة تأخر النطق عند الأطفال هو درجة الذكاء إذا كانت ضمن المستوى الطبيعي أو دونه. فإذا كان الطفل ذا مستوى ذكاء طبيعي، فالأولى بالآباء والمربيين أن لا يعيروا أمر تأخر النطق عند الأطفال الكثير من الاهتمام؛ لأن الأمر قد يكون اعتيادياً بالنسبة للعائلة الواحدة.
أما العامل المهم الآخر فهو المقدرة السمعية لدى الطفل ويتم التأكد من سلامتها بمراجعة الطبيب، إضافة إلى التأكد من سلامة اللسان وعدم وجود رباط بينه وبين الفك السفلي للفم، وإلا فلابد للجراحة من التدخل في هذه المسألة، وذلك بقطع الوتر الماسك بمقدمة اللسان وتأتي بعد ذلك المعالجة الصعبة، إذا كانت درجة ذكاء الطفل دون المستوى الطبيعي، أو وجود نقص في المخ، فلا بد عندها من عرض الطفل على الأطباء لإعطائه جرعات منشطة للمخ والغدة الدرقية، ومثل هؤلاء الأطفال لا يستطيعون التعلم في المدارس العادية للأطفال بل الواجب التحاقهم بالمدارس الخاصة لرعايتهم.
و إذا كان تضخم اللوزتين أو الزوائد الأنفية المزمن سبباً في تأخر النطق وجبت المعالجة، ومثل هؤلاء الأطفال لا يستطيعون النوم إلا وأفواههم مفتوحة.
اضطرابات النطق:
قد يعاني الطفل ما بين العام الثالث والعاشر من العمر وربما بعد ذلك، صعوبة في نطق بعض الكلمات أو تكراره الكلمة الواحدة لعدة مرات قبل النطق بها، أي التلعثم في الكلام، وقد يصاحب هذا النوع من النطق حركات غير إرادية في الأطراف إضافة إلى احمرار الوجه والنطق بصوت مرتفع.
الحقيقة أن تلك الاضطرابات تعتبر حدثاً طبيعياً عند عدد غير قليل من الأطفال والذي ننصح به كل المهتمين بعالم الطفل أن لا يعيروا هذه الاضطرابات المؤقتة في الكلام أي أهمية تذكر، ومن واجبهم أن لا يشعروا الطفل الصغير بتاتاً بحديث اللعثمة في الكلام، لأن هذا الإشعار ضار جداً على الوضع النفسي للطفل مما يؤلم مشاعره ويجرح إحساسه المرهف إضافة إلى استمرار اللعثمة لمدة طويلة.
كذلك ننصح الأخوة الكبار أو التلاميذ في المدارس أن لا يجعلوا من التلعثم عند بعض الأطفال سبباً للضحك أو المزاح، لتأثيرها السلبي في نفس الطفل.
في الواقع لا يوجد طفل مضطرب وإنما هنالك عائلة مضطربة وهذا صحيح في 99% من حالات اضطراب الكلام عند الأطفال؛ فعلى الأسرة عدم التشديد على هذه الحالة إضافة إلى محاولات تلطيف الأوضاع التي أدت إلى العصاب.
ومن الأمور الهامة في هذا المضمار هو نصح الآباء والأمهات بالحنان على الطفل والعطف عليه في حدود المعقول، وعدم تأنيبه لأتفه الأسباب؛ إذ لا بد أن تكون العلاقة بين الطفل والمجتمع المحيط به علاقة ودية وطيبة للغاية حتى تنمو عواطف الطفل ومشاعره على أنبل ما يكون، وبذلك تزول جميع اضطرابات النطق عند الأطفال بفترة وجيزة.
إن التواصل بين البشر له عدة أشكال، أبرزها استخدام اللغة كسبيل للتفاهم مع أبناء المجتمع الواحد ووصف مشاعرهم وعرض أفكارهم، وتلخيص المعاني المعقدة لكثير من الحالات والمواقف والمشاعر التي تجول بخاطرهم؛ لذلك يلجأ الأطفال في الأشهر الأولى من أعمارهم الندية إلى انتهاج الصراخ والحركات المعبرة والإيماءات كوسيلة للتعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم، أو اللجوء إلى البكاء الذي ينطوي على الكثير من التفسيرات، وسرعان ما تتقدم بهم أعمارهم النضرة ليكتسبوا لغة آبائهم ومجتمعهم كوسيلة للتعبير أو التفاهم.
إن الأطفال في الأشهر الأولى لحياتهم يتنغمون بالاستماع إلى الأصوات، ثم يبدأون بالانتباه إلى الكلمات والتفكير بها قبل أن يستخدموها. وذلك يعتمد على الإشارات والحركات وأساليب الإثارة المصاحبة للعبارات التي يوجهها الأب أو الأم إلى الوليد الصغير مباشرة، وقد أكدت بحوث ودراسات تربية الطفل أن الأطفال يصبحون أكثر مهارة عند تحدث الوالدين إليهم مباشرة، وترك الفرصة المناسبة للأطفال ومساعدتهم على الإجابة، لا سيما أن الحياة اليومية مع الأطفال مليئة بفرص التواصل والتكلم معهم، وبخاصة في توجيه الأسئلة والأوامر والنواهي، وتعطي نموذجاً مناسباً لعرض العديد من المواضيع بعدة أشكال، كما يجب مراعاة عدم حدوث ضوضاء أو تداخل كلام مجموعة أشخاص آخرين أثناء محادثة الأطفال لما لها من تأثير واضح على عدم انتباه الأطفال وقلة إصغائهم للمتكلم. وعند التحدث مع الأطفال بدون وجود ضوضاء، نلاحظ كيف يتتبع الأطفال حركات شفاه المتكلم وحرصهم على التركيز بدقة على نغمة صوت الشخص وحركاته والإصغاء إلى الكلمات ومن هنا يتعلم الأطفال الكلام.
الاستماع والانتباه:
إن المقدرة السمعية عند الطفل تبدأ خلال أشهر الحمل الأخيرة وهو في رحم الأم، فيستطيع بذلك بعد الولادة أن يميز صوت أمه من بين مجموعة من الأصوات، حيث أن الطفل يقفز ويصرخ عند سماع الأصوات المفاجئة، بينما يظهر الطفل استمتاعه بالأصوات المنغمة والمألوفة لديه، فنلاحظ انتباهه إلى صوت الأم برغم سماعه الكثير من الأصوات الأخرى. ومن أجل ذلك ننصح الأم المسلمة والتي تدين بالولاء للرسول الأكرم (ص) وأهل بيته الطاهرين(ع) أن تستغل هذه المقدرة السمعية للطفل بأن تقرأ خلال فترة الحمل كتاب الله المجيد بصوت مسموع وأن تكثر سماع القرآن وترديد الشهادتين قدر الاستطاعة؛ لتتعطر أسماع طفلها بأنشودة المتقين فتعمه البركة وترافقه العناية الإلهية بإذن الخالق.
بداية الكلام:
إن الأطفال حديثي الولادة عادة تكون لديهم أشكال بكاء مختلفة التعبير عن احتياجاتهم وأحاسيسهم، وكلما زادت شدة بكاء الطفل كلما تيقن الأطباء من أن صحة المولود ممتازة، لأن البكاء عند الأطفال يدل على أن مركز التنفس وعضلات التنفس والرئتين والحنجرة والحبال الصوتية تعمل بتوافق، كما تستطيع الأم بعد الولادة غالباً أن تميز صوت طفلها بين أصوات الأطفال الآخرين.
وخلال الشهر والنصف الأول من عمر الطفل يبدأ بالاستجابة إلى الابتسامة والحديث وعادة ما تكون الابتسامة والحركات السريعة لأطراف الطفل دليلاً على سعادته وطريقة للتعبير عنها. أما في الشهر الثاني فيبدأ الطفل بإضافة بعض الأصوات الخاصة به.
وفي الشهر الثالث من عمر الورد يبدأ الطفل بتمييز الابتسامة عن الكلام أو الحديث معه فيطلق أصوات المناغاة، ويعد هذا العمر من أسعد الأوقات المشتركة بين الأم وطفلها لممارسة المناغاة والتي تعتبر بداية الطريق لتعليم الطفل أخذ الأدوار في الحديث لأن الأطفال في هذا العمر لا يحاولون إصدار الأصوات إلا بالتحدث المباشر إليهم، أما عند إكمال الطفل النصف الأول من السنة الأولى، فيكون قد بدأ بربط الأصوات ببعضها كمحاولة لمزجها عن طريق المناغاة وبالتمرين المستمر للطفل تصبح الأصوات أكثر تعقيداً أو تطوراً.
أما في الشهر الثامن فأغلبية الأطفال يمتلئون سروراً بالحديث حتى ولو لم يكن موجهاً إليهم، فلو لاحظنا عند تحدث شخصين بالغين في موضوع معين أثناء وجود طفل صغير بالعمر المذكور آنفاً بينهما، فإن الطفل يلتفت برأسه نحو الشخص المتكلم بالتوالي كأنه كرة تنس، والتركيز بعينه على حركات شفاههم بينما إذا مضت فترة من الزمن ولم يشركوه في الحديث أو النظر فإنه سيستخدم لغته الخاصة أو إطلاق صرخة للتنبيه بوجوده.
خلال الشهر التاسع يبدأ الطفل بإعادة الكلمات المألوفة بطريقة تساعده على تعلم العلاقة بين الصوت والشيء أو العمل؛ لذلك لا بد من استخدام جمل قصيرة أو عبارات مختصرة مع التلفظ الواضح والتوقف عند الكلمة عدة مرات.
فالإعادة والتكرار مهمان جداً في هذه المرحلة، لا سيما ربط الكلمة بمدلولها، وحتى الشهر العاشر، عادة يتعلم الأطفال الطبيعيون بعض الكلمات البسيطة والتي تثير اهتمامه لخطوة أولى للكلام.
تقليد اللغة:
إن مرحلة بدء الأطفال في تقليد اللغة تبدأ في الشهر الثامن عشر إلى ثلاث سنوات؛ فنجد الأطفال حينها يحاكون ألفاظاً أكثر تعقيداً لتكوين عبارات من كلمتين، وهذه محاولات ممتازة تعكس مقدرة الأطفال على إيصال أفكارهم، فالأطفال مقلدون جيدون، وهذه المهارة تزداد بتعلم الكلام، فعادة ما يحاول الأطفال خلال هذا العمر الثرثرة مع أنفسهم أو مع ألعابهم؛ لذا يجب عدم مقاطعة هذه الثرثرة، لما لها من تأثير في تطور مقدرتهم على الكلام خلال هذا العمر الذي يميزهم بحدة الانتباه.
الطفل الأول في العائلة عادة ما يتكلم أسرع من الذين يأتون بعده؛ وذلك لتركيز اهتمام الوالدين والأقارب على الطفل بصورة كبيرة، فيكون بذلك خزين الكلمات لدى الطفل البكر ممتازاً؛ مما يساعده على النطق المبكر.
ومن الطبيعي جداً للطفل الثنائي اللغة في المراحل الأولى لكلامه أن يمزج بين اللغتين ويكون بطيئاً في الفصل بينهما.
اسباب تأخر النطق:
على الرغم من أن معظم الأطفال في العام الثاني من العمر لديهم المقدرة على نطق الكلمات أو الجمل البسيطة، إلا أن البعض منهم قد يتأخر عن النطق للأسباب التالية:
1- الأمر قد يتصل بطبيعة العائلة، فقد يكون تأخر كلام الطفل حتى بلوغه العامين أو أكثر أمراً طبيعياً بالنسبة لأشقائه الآخرين.
2- وجود نقص في خلايا الدماغ نتيجة للعوامل الوراثية أو عوامل مرضية مثل التهاب السحايا والتهاب المخ، فيقل بذلك مستوى ذكاء الطفل عن الحدود الاعتيادية وبذلك يتأخر الكلام وقد تصاب الأم أثناء فترة الحمل بالحصبة الألمانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى والتي تؤدي إلى نقص الأوكسجين لدى الطفل وتتلف خلايا مخه، وقد يكون سبب نقص خلايا الدماغ عند الطفل يعود إلى سوء تغذية الأم الحامل حيث أن الفواكه والخضراوات الحاوية على فيتامين B تعتبر العلاج القطعي للكنة اللسان، والأم التي تتناول هذا الفيتامين أيام حملها فإن جنينها يأخذ بالتكلم مبكراً ولا يصاب باللكنة.
3- الصمم أي عدم قدرة الطفل على سماع الكلام.
فلكي يتعلم الطفل الكلام لا بد أن يكون سمعه طبيعياً، وإذا كانت درجة الصمم عند الطفل شديدة، لم يستطع النطق بتاتاً حتى لو كان ذكاؤه طبيعياً أو أعلى من الحد الطبيعي.
4- عدم قدرة الطفل على تحريك لسانه بسبب وجود رباط عضلي يربط لسان الطفل بقاعدة الفك السفلي من الفم مما يمنع حركة اللسان بحرية.
5- تضخم اللوزتين والزوائد الأنفية، والتهابها، لأن المستوى السمعي للطفل يتضائل في مثل هذه الحالات.
علاج تأخر الكلام:
إن العامل المهم والمتحكم في علاج مشكلة تأخر النطق عند الأطفال هو درجة الذكاء إذا كانت ضمن المستوى الطبيعي أو دونه. فإذا كان الطفل ذا مستوى ذكاء طبيعي، فالأولى بالآباء والمربيين أن لا يعيروا أمر تأخر النطق عند الأطفال الكثير من الاهتمام؛ لأن الأمر قد يكون اعتيادياً بالنسبة للعائلة الواحدة.
أما العامل المهم الآخر فهو المقدرة السمعية لدى الطفل ويتم التأكد من سلامتها بمراجعة الطبيب، إضافة إلى التأكد من سلامة اللسان وعدم وجود رباط بينه وبين الفك السفلي للفم، وإلا فلابد للجراحة من التدخل في هذه المسألة، وذلك بقطع الوتر الماسك بمقدمة اللسان وتأتي بعد ذلك المعالجة الصعبة، إذا كانت درجة ذكاء الطفل دون المستوى الطبيعي، أو وجود نقص في المخ، فلا بد عندها من عرض الطفل على الأطباء لإعطائه جرعات منشطة للمخ والغدة الدرقية، ومثل هؤلاء الأطفال لا يستطيعون التعلم في المدارس العادية للأطفال بل الواجب التحاقهم بالمدارس الخاصة لرعايتهم.
و إذا كان تضخم اللوزتين أو الزوائد الأنفية المزمن سبباً في تأخر النطق وجبت المعالجة، ومثل هؤلاء الأطفال لا يستطيعون النوم إلا وأفواههم مفتوحة.
اضطرابات النطق:
قد يعاني الطفل ما بين العام الثالث والعاشر من العمر وربما بعد ذلك، صعوبة في نطق بعض الكلمات أو تكراره الكلمة الواحدة لعدة مرات قبل النطق بها، أي التلعثم في الكلام، وقد يصاحب هذا النوع من النطق حركات غير إرادية في الأطراف إضافة إلى احمرار الوجه والنطق بصوت مرتفع.
الحقيقة أن تلك الاضطرابات تعتبر حدثاً طبيعياً عند عدد غير قليل من الأطفال والذي ننصح به كل المهتمين بعالم الطفل أن لا يعيروا هذه الاضطرابات المؤقتة في الكلام أي أهمية تذكر، ومن واجبهم أن لا يشعروا الطفل الصغير بتاتاً بحديث اللعثمة في الكلام، لأن هذا الإشعار ضار جداً على الوضع النفسي للطفل مما يؤلم مشاعره ويجرح إحساسه المرهف إضافة إلى استمرار اللعثمة لمدة طويلة.
كذلك ننصح الأخوة الكبار أو التلاميذ في المدارس أن لا يجعلوا من التلعثم عند بعض الأطفال سبباً للضحك أو المزاح، لتأثيرها السلبي في نفس الطفل.
في الواقع لا يوجد طفل مضطرب وإنما هنالك عائلة مضطربة وهذا صحيح في 99% من حالات اضطراب الكلام عند الأطفال؛ فعلى الأسرة عدم التشديد على هذه الحالة إضافة إلى محاولات تلطيف الأوضاع التي أدت إلى العصاب.
ومن الأمور الهامة في هذا المضمار هو نصح الآباء والأمهات بالحنان على الطفل والعطف عليه في حدود المعقول، وعدم تأنيبه لأتفه الأسباب؛ إذ لا بد أن تكون العلاقة بين الطفل والمجتمع المحيط به علاقة ودية وطيبة للغاية حتى تنمو عواطف الطفل ومشاعره على أنبل ما يكون، وبذلك تزول جميع اضطرابات النطق عند الأطفال بفترة وجيزة.