المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في القطار



ابوعاصم
27-10-2004, 12:30 PM
في القطار

سعد راشد الدوسري



ركب شاب سعودي القطار في رحلة من بوسطن إلى واشنطن بالولايات المتحدة ورغب في تغيير مقعده!! فبحث حتى وجد مقعدا به بعض الحقائب فجلس بجانبه، ودون التأكد ان كان هذا المقعد يخص شخصا آخر أو أنه محجوز!! وبعد لحظات اتاه صاحب المقعد وكان أمريكيا يرتدي ملابس رسمية فقال له: (سيدي المكان الذي تجلس فيه مقعدي ولكن ان رغبت فبإمكانك استخدام المقعد الذي بجواري والذي وضعت به حقائبي لأنه فارغ وبالفعل قام ذلك الأمريكي برفع حقائبه ووضع بعضها أسفل المقعد وبعضها في الأدراج العلوية وجلس في مقعده وانهمك في العمل، ما بين طباعة على جهاز الكمبيوتر المحمول واجراء اتصالات هاتفية بالنقال وتصفح بعض الملفات في حقيبته واستمر على هذ الحال لمدة ساعتين وبدأ صاحبنا السعودي يتململ فهو يريد أن يتحدث، وما أن اتضح له أن الجار الأمريكي قد انتهى من أعماله حتى أمطره بوابل من الأسئلة عن الأماكن والمناظر التي يمر بها القطار من سهول ووديان وجبال وقرى ومدن... الخ، وكان هذا الأمريكي يجيبه بالتفصيل وبكل أريحية ولطف وأدب وفي نهاية الرحلة سأل صاحبنا ذلك الأمريكي (أين تعمل).. فرد عليه (أعمل لدى بوش) فقال له صاحبنا (بوش مين) (بوش حقنا ما غيره).. فرد عليه (نعم بوش رئيس أمريكا) (طيب ما هي طبيعة عملك عنده؟).. (أنا وزير الاسكان) وهنا اعتدل صاحبنا في جلسته وعدل ربطة عنقه فهذا وزير في أكبر وأقوى دولة في العالم، ليس رئيس بلدية عندنا، يرفع خشمه عندما يحدثك كأنك حشرة أمامه.. استمر الحديث، فسأله صاحبنا.. (وأين تسكن).. قال الوزير: (في بوسطن ولكن عملي في واشنطن).. فقال صاحبنا: (عندما تعود لبوسطن، آمل أن تقبل دعوتي للعشاء.. فقال الوزير: بكل سرور وسأعود بعد أسبوعين ويشرفني قبول دعوتك ونتعشى معا).. انظر كيف قبل الوزير الدعوة مباشرة دون افتعال الأعذار رغم مشاغله.. فقال له صاحبنا: (ولكني سأكون قد سافرت للسعودية قبل ذلك حيث انني مسافر بعد عشرة أيام).. فرد عليه الوزير: (إذا نكون على اتصال وتشرفت بمعرفتك). وبعد اسبوع وقبل أن يغادر صاحبنا للسعودية، وصله طرد بريدي من الوزير عبارة عن هدية مكونة من كبكات ورسالة شخصية تعبر عن أسف الوزير لانشغاله وعدم تمكنه من الاتصال بصاحبنا وكتب في أسفل الرسالة أرقامه الخاصة والمباشرة.
وصدق الشاعر عندما قال: (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا) وقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم).. هذه من الأسس التي لا نذكرها عن سر تفوق القوم.
لست أروج هنا للنموذج الأمريكي كما قد يتبادر الى ذهن البعض وأعرف ان ماضينا مليء بأنبل وأعظم وأبهى وأجمل من هذه القصة وغيرها وحاضرنا كذلك به نماذج كثيرة ومشرفة ولكن السؤال: ما احتمالات أن تقابل مديرا عاما لدينا (يعطيك وجه)، دع عنك وكيل وزارة أو وزير؟
أعرف رجل أعمال لا يناولك كرته الشخصي بيده وانما يعطيك اياه مساعده فهو يترفع عن ذلك!!



http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=11436&P=4

النادر
27-10-2004, 01:07 PM
اخى العزيز ابو عاصم
ان جميع مايجب على المسلم ان يتحلي به من اخلاق اندثر مع الزمن
وضل جميع ذلك ومازال لدى الغرب المسيح
وبحكم اني لدي بعض العلاقات مع البعض منهم فلديهم التزامات بالمواعيد
والاحترام لاتشاهدها الابمن رحم ربي من المسلمين

أبو سفيان
28-10-2004, 03:06 PM
أخي العزيز / أبو عاصم
تكرمت ـ مشكورا ـ واخترتَ لنا هذه الواقعة التي تستحق الوقوف والتأمـل بل والتشريح أيضا ؛ لأن لها خلفيات موغلة في الصميم وفي قضيتنا الحياتية والاجتماعية وهذا الذي حدث بين الوزير والمواطن الذي دعاه نحن ننظرإليه بدهشة وهم يعتبرونه أمرا عاديا وهــذا هو السر الخفي الذي يحتـّـم علينا أن نغير الكثير من سلوكياتنا لا لتقليد الغرب ولكن لأن الغرب أخذوا محاسن ما نملك من مقومات ومثاليات يحث عليها ديننا ونحن أصبحنا من العازفين لها ..

أخي الكريم :
إنّ أكبر مأزق وقعنا فيه هو التعالي النابع من إحساس قاتل بالدونية وحتى عندما نستحسن مثل هذه الوقائع ونجد من يبدي رأيا إيجابيا تجاهها ؛؛ تأخذنا العزة بالإثـم ونتهم هؤلاء بأنهم يقلدون النموذج الأمريكي مع شديد الأسف ...
ولكن : هل عرفنا لماذا قبل الوزير دعوة المواطن دون تــردد ؟؟
لأنه تـربى ونشأ على البساطة وعدم الكلفة وأن تقدير الشخص ليس بملء بطنه وهو متأكد أن مضيفه لن يقدم له إلا ما تعود عليه .. صحن كيك وحبتين بيتـزا وكأس عصير ....
أما لو كانت الدعوة هنا لوزير من الوزراء وقبل الدعوة فحدث ولا حــرج .. سوف تقوم الدنيا وتقعد ولابد من الاستعانة بالأصحاب والأقارب وأهل الخبرة في شراء الطليان الحري وعملية الطبخ وهل تكون تبريكة أو أرباع وهذه يتولاها المختصون ...
أما المسؤولون عن القهوة ولوازمها ومباشرتها فهم يقدمون طلباتهم ويجهزون محتوياتهم ..
وهناك أشخاص مهمتهم البخــور والمبخرة وشراء أجود أنواع العـود ، ولابد من وضع ترتيبات معينـة وطقوس تعودنا عليها :
من يستقبل الوزير ومن يسلم عليه أولا ثم من يقول له ( حياك الله على ما وفق الله)
وحتى الشارع الذي سيمر منه الوزير يتم التشييك عليه وربما الاتصال بالبلدية لترقيعه إن أمكن .. إضافة لتجهيز كشف بالمدعوين من علية القوم ...

واللستة كبيرة يا أبو عاصم ...والآثــار المترتبة عليها مدمرة للنفوس والفلوس أما النتائج فهي هزيلة جــدا أهمها :
( والله عزومة فلان للوزير ما يجي بعـدها ) هـــذي العزومة وبس !!!!

لذلك فإن الوزير لدينا عندما يتردد في قبول الدعوة الموجهة إليه فهو يعرف هذا المسلسل .. بل إن عامة الناس هم أيضا يترددون في قبول دعوات بعضهم حتى لو كانوا جيرانا أو أقارب ؛؛؛ لأن الهم الأول هو التكلف والمغالاة واختفاء الجوهـر بعد أن طغت المظاهرعلى كل شؤون الحياة لدينا وأصبحت عاداتنا مسلمات الويل لمن يخرقها أو حتى ينتقدها ..
فما أحوجنا لأن نترسم طريق الواقعية في قضايانا وأن نتلمس الأحجار في القاع عند عبور النهر كما يقول الصينيون في أمثالهم ..

ابوعاصم
30-10-2004, 11:24 AM
الاخ الكريم ابوسفيان وفقه الله لكل خير.
اعتذر عن الرد المتاخر على الموضوع لسفري.
اشكرك على اقتطاع جزء من وقتك الثمين للوقوف على المقال واستخلاص بعض العبر منه.
واوافقك جداً استاذي الفاضل ان كثيراً من المظهرية الجوفاء احاطت بنا احاطة السوار بالمعصم واخلت بالجوهر واصبحت هي الاساس والمعول لكثير من انشطتنا اليومية وتحتاج منا الى نظرة تقويمية شاملة تصحح اوضاعنا وكل له دور في هذا الامر.
استاذي الفاضل والاخوة الكرام ان المثال الذي ورد بالمقال هو ليس فريداً من نوعه بل هو الواقع لكثير من احوال الناس هناك كبيرهم قبل صغيرهم ولست مطبلاً ولامبجلاً لهم ولكنها دعوة لنفسي ولأخوتي ان نراجع انفسنا وتعاملنا اليومي لنحققق الخيرية التي اتصفنا بها كخير امة اخرجت للناس والحكمة ضالة المؤمن.
اشكرك استاذي الغالي ابوسفيان مرة اخرى داعياً الله للجميع بأن يرزقنا الاخلاص والقبول وكل عام وانتم بخير.
أخوكم: ابوعاصم

السيار
30-10-2004, 05:10 PM
الاخ العزيز ابو عاصم لقد وضع المفكر الاسلامى الشهيد سيد قطب هذا بمقولته الرائعه لقد وجدت اسلاما بلا مسلمين ولدينا مسلمين بلا اسلام فالدين المعامله المعامله المعامله ياقوم وليست طقوس اعتدنا عليها فاصبحت اقرب للعاده منها للعباده والله المستعان ودمتم بخير