المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين يدي محافظ ينبع الجديد سعد مرزوق السحيمي



أبو رامي
05-01-2018, 02:03 PM
بين يدي محافظ ينبع الجديد سعد مرزوق السحيمي

أتقدم بخالص التهنئة وصادق التبريكات بمناسبة تعيين الأستاذ سعد مرزوق السحيمي محافظا لمدينة ينبع وأسأل الله أن يوفقه في منصبه الجديد وأن يعينه في عمله لما فيه مصلحة دينه ومليكه ووطنه

ولقد طارت بي الذكريات وعادت بي السنون إلى ماقبل خمسين سنة كنت حينها معلما في مدينة الصويدرة لمدة ثلاثة أعوام اختلطت فيها بأهل هذه القرية الطيبة وعرفت طيب أخلاقهم ورقة قلوبهم وحسن معشرهم وكانت تربطني بأميرها الشيخ مرزوق بن راشد السحيمي صداقة قوية نشأت منذ أن وطأت قدماي أرض الصويدرة ،

مرزوق بن راشد بن رشيد السحيمي

وقد عرفته رجلا مهيب الطلعة ممشوق القوام عريض المنكبين ذا بنية جسدية متناسقة وجسم رياضي يميل إلى الطول قليلا ، يزين وجهه شارب دقيق وذقن أنيقة نبتت بطريقة طبيعية لم يتعمد تربيتها ، إذ لايوجد في عارضيه شعر . ويرتدي حين القراءة نظارة طبية بيضاء تزيده مهابة وجلالا

كان لطيف المعشر حلو الحديث بارعا في المناقشة والإقناع ، واسع الاطلاع ، يستقي ثقافته في الغالب من الراديو ثم من مجالسة العلماء والمثقفين ، وبعضها من القراءة ، يبهرك حينما يتحدث في السياسة والاجتماع ، أذكر أننا تعرفنا في أحد مواسم الحج على أستاذة مصرية تحمل الدكتوراة في الفلسفة ضمن وفد من جامعة الكويت وكان الحجاج يمكثون في الصويدرة يوما أو يومين ، وفوجئنا بها في اليوم التالي تقوم بزيارتنا في المدرسة ، كما فوجئنا بعدها بمجئ الشيخ مرزوق ، لا أدري إن كان ذلك صدفة أم عن علم منه مسبق ، ودار النقاش بين الشيخ والدكتورة في جميع مناحي الحياة ثم عرجا على السياسة التي يتبعها جمال عبد الناصر في المنطقة ، ولا أخفيكم أننا أشفقنا على الشيخ حينها أن يزج بنفسه في حوار غير متكافئ مع دكتورة متخصصة ، ولكننا بعد ذلك أشفقنا على الدكتورة فقد أسكتها بما يمتلكه من معلومات وما يسرده من تسلسل للوقائع وتحليل للأحداث ، وقد خرجت من عندنا وهي مبهورة بما سمعته منه ، بعد أن أخذت اسمه وعنوانه وأبدت إعجابها برزانته وثقافته . ووعدت بأن ترسل له بعض الكتب

أما علاقتي به فقد نشأت بسبب إعجابه بحسن خطي ، وبما أنه لا يوجد كاتب في الأمارة حينها فإنه كان يستعين بي في تحرير الخطابات الصادرة ، وكان يستدعيني حين حصول بعض الحوادث و أذهب معه للتحقيق فيها ، وكنت أتعجب من طريقته في صياغة الأسئلة وحسن سبكها ، وقدرته على توليد السؤال من الجواب ، فكان لا يترك القضية حتى يصل إلى سرها كأبرع محقق عرفته ، ورغم أنه لا يجيد الكتابة إلا أنه قارئ جيد ، كنت أستفيد من توجيهاته في طريقة صياغة الجمل والعبارات ، وقد تكونت لدي فكرة جيدة عن الأعمال الإدارية من خلال عملي معه ، وكان كثيرا ما يطلب مني نقل خدماتي إلى الأمارة ولكني كنت أمانع ، بسبب رغبتي في النقل إلى بلدي ، وقد وصل به الأمر أن استصدر الموافقة على نقلي من مقام أمارة المدينة المنورة ، دون أن أدري وأبلغني هذه الموافقة الشيخ محمد سعيد الزليباني أثناء زيارته للصويدرة ، وأخذ يحرضني على ذلك ويبين لي مزاياها بإيعاز من الشيخ مرزوق طبعا . وحتى زملائي كانوا يرون أنها فرصة لا ينبغي لي أن أفرط فيها

و للشيخ مرزوق علاقات طيبة مع سمو الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز رحمه الله أمير منطقة المدينة المنورة في ذلك الوقت ، الذي كان يقيم مخيما في الصويدرة كل عام يمكث فيه شهرا كاملا وترجع هذه العلاقات المميزة إلى قصة طريفة حدثت بين الإثنين عاصرت بعض فصولها ، ولا مانع من أن أرويها لكم

حصل أن أصدر سمو الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز أمرا بإقالة الشيخ مرزوق بن راشد من أمارة الصويدرة ، وقد استقبل المواطنون هذا الأمر بالانزعاج فهم قد خبروا هذا الأمير ووثقوا فيه ،ولا يرتضون بغيره وبخاصة أنهم لا يدرون من هو الذي سيأتي بعده . وبدأت المشاورات واستقر الرأي على أن يذهب وفد لمقابلة الأمير ومناشدته بالعدول عن هذا القرار
.
استدعاني حينها الشيخ مرزوق إلى منزله ، وليس إلى مكتبه كالعادة ،وعجبت حين وجدته هادئا رزينا غير عابئ بما حدث واثقا مما سيفعله ، وأحضر لي شنطة متوسطة الحجم تحوي أوراقا ووثائق ومستندات ، وقال لي ابحث معي هنا عن أمر ملكي من الملك عبد العزيز يقضي بتعييني أميرا على الصويدرة ، وفعلا وجدت ورقة قد كتب فيها أمرا ملكيا بتوقيع الملك عبد العزيز بأن المنطقة المحدودة من الجبل الفلاني إلى الجبل الفلاني ( الصويدرة ) هي تحت إمارة راشد السحيمي وأبنائه من بعده لا ينازعهم فيها منازع .. أخذ الورقة وذهب لملاقاة الأمير عبد المحسن ، ولم يعد إلا بعد إلغاء القرار وتثبيته في إمارة الصويدرة بل وترفيعه إلى طارفة ، وكان هذا الخبر مصدر سعادة الأهالي ، وبداية علاقة مميزة مع سمو الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز رحمه الله

الشيخ راشد بن رشيد بن مهنا السحيمي

وكان والده الشيخ راشد بن رشيد بن مهنا السحيمي أحد الفرسان المعدودين في الجزيرة العربية وأحد حملة الألوية مع الملك عبد العزيز في موقعة أبرق الرغامة في جدة وكان هو الذي أشار عليه بتغيير موقع خيمته لأنها في مرمى المدفعية وقد نزل الملك عبد العزيز عند مشورته وقيل أن إحدى القذائف بعد ذلك وقعت في مكان الخيمة فحفظ الملك عبد العزيز ذلك له .. و زاره في الصويدرة بعد استسلام مدينة جدة كعادته رحمه الله في تقدير من يعمل معه وكتب له ذلك الأمر في هذه الزيارة

وقد رأيت البيرق الذي كان يحمله في مكتب الأمير مرزوق وكان يفتخر به كثيرا .

رحم الله الشيخ مرزوق رحمة واسعة فقد كان يمثل لي في ذلك الوقت وقد كنت في بداية الطريق الوالد والصديق ، وكان يمازحني كلما اقتربت الإجازة بقوله سوف تتركنا يا أحمد ؟؟ وعند عودتي كان يخبرني ببعض ما حدث في أثناء غيابي ويقول لي لقد افتقتدك كثيرا ، ولو كانت لدي طائرة لأرسلتها لك في ينبع

وكان يشرح لي بعض العادات ويوجهني إلى بعض السلوكيات ، ويرشدني إلى بعض العبارات المستخدمة بطريقة لبقة ، وكأنه كان يعدني للعمل معه باستمرار ، ولا أبالغ إن قلت أنه ساهم في تكوين جزءا من شخصيتي على نحو ما

اللهم ارحمه واغفر له وأكرم نزله ووسع مدخله ، واحفظ أبناءه ووفقهم لكل خير ، فقد سرني حقيقة ما وصلوا إليه من مراكز ، وما حققوه من نجاح وأسال الله لهم المزيد

أكبر أبنائه الأستاذ سلطان وقد درسته في تلك الفترة أما البقية فكانوا صغارا وهم

الدكتور عبد الله مرزوق السحيمي وهو شيخ القبيلة ورئيس مركز الصويدرة وقد اجتمعت به وتحدثت معه في كثير من الذكريات بمناسبة زواج ابن العميد بجاد السحيمي

الأستاذ سعد مرزوق السحيمي محافظ ينبع الجديد

الأستاذ حسين مرزوق السحيمي وهو ذو رتبة عسكرية فنية كبيرة وبيني وبينه تواصل وأيضا هو شاعر مجيد

الأستاذ عبد العزيز مرزوق السحيمي (أبو يزيد ) اجتمعت به أيضا وأعطاني رقم هاتفه ولكنه فقد مني

الأستاذ فهد مرزوق السحيمي

وجميعهم من خيرة الرجال الذين جمعوا فضائل الأجداد فكانوا خير الأحفاد في طريق الأمجاد
وخير الناس ذو مجد قديم .... أضاف لنفسه مجدا جديدا

أبو سفيان
06-01-2018, 12:23 PM
ذكريات جميلة جدا سطرتـَها اخي أبو رامي وأبدعت في سردها بأسلوبك الرائع الممتع وهي تعتبر من المذكرات التي يجب ان تسجل في الأوراق حتى لا تفقد من الذاكرة ؛ لأنها تمثل حقبة من حياة الانسان الذي عاشها وعايشها والجميل فيها انك ما شاء الله ما زلت تحتفظ بالاسماء ودقائق الاحداث على الرغم من مرور عشرات السنين عليها وقد استمتعنا بقراءتها والرجوع بالذاكرة الى تلك السنين والأيام ،،
ويخطئ من يعتبر الذكريات قد أصبحت صفحات قديمه عفى عليها الزمن فالحنين يأخذنا للوراء للخوض في ذكريات قد مرت ومضت كانت لها طابعها في شريط حياتنا ولمساتنا فما اجمل الابحار بالذاكرة لأن الذكريات لا تجد منفذا تنفذ منه الا بهذه الطريقة لاسترجاعها وصياغة احداثها بهذا الأسلوب الشيق ،، وكما قال شوقي
والذكريات صدى السنين الحاكي ،، أو كالذي قال:
الـذكريات الجميلــة كــسرب مـن الطيـور لا يمكنك الإمســاك بهــا.. ولكـن يمكنك الاستمتاع بمرورها أمــامك والتحدث بها . فشكرا لك على هذا السرد الجميل ومتعك الله بتمام الصحة والعافية .

الشاهين
08-01-2018, 11:54 PM
فعلا استاذنا الغالي ابا رامي مثل هذه الذكريات حري بك ان تدونها في كتاب ماذا لو حمل مسمى حديث الذكريات لكي تصل الفائدة للاجيال ففيها الكثير من المعاني التي تحتذا وانت خير من يصيغ مثل هذا المؤلف .

العنيني
28-02-2018, 03:07 PM
المشكلة خوفنا من اختفاء هذه الذكريات وذلك لعدم التوثيق خصوصا مع الاجيال السابقة كون حياتهم مليئة بالذكريات المتناصفة بين الحلوة والمرة وبين مر الزمن وحلاوته بتلك الفترة وهو مختلف عن هذا الزمن الزاخر برغد العيش والملاهي التي تجبر البعض على العرلة حتى ان البعض ينسى ما مر عليه بالامس
وحقيقة الاخ ابورامي حباه الله بقبول الناس وزد على ذلك نعم كثيرة على سبيل المثال لا الحصر حسن وجمال الخط بانواعه فلديه موهبة جديرة بالاهتمام اسأل الله له طول العمر في طاعة الله