المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر " الجهني " ابن عساف وثقافة البحر



أبو سفيان
11-04-2016, 10:47 PM
أحاديث في الأدب الشعبي

ابن عساف (ابن ماجد) البحر الأحمر وثقافة البحر

http://s.alriyadh.com/2007/11/14/img/131623.jpg


عبد الرحيم الأحمدي ـ الرياض


يعد الشاعر مرزوق بن إبراهيم بن عساف الجهني من عمالقة رجال البحر وخبرائه، بل لعله ابن ماجد البحر الأحمر، لما كان عليه من معرفة بعلوم البحر وخبرة واتصال بالموانئ على شاطئ البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب والخليج العربي، مما سنلاحظ في النماذج المختارة من شعره، والأخبار التي تضمنتها هذه الأشعار، مما أورده الأستاذ محمد حامد السناني في كتابه: "شعراء من الحوراء"، تلك المنطقة الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأحمر فيما بين "ينبع" و"أملج" وما حولها. وفي تلك الأبيات تتجلى خبرة ابن عساف وسعة اطلاعه، وثقافته البحرية وأدبه الجم، مما بهر معاصريه والمطلعين على أشعاره وأخباره، ثقافة ما كان يتوقع أن يكون عليها شاعر شعبي شغل طوال حياته بالمعاناة القاسية في طلب الرزق، ولم يؤت مع ذلك من الشهرة ما لقيه ابن ماجد الذي كان لاحتكاكه ببحارة المستعمرين الذين كانوا يمخرون عباب المحيط الهندي وبحر العرب والخليج العربي تواصلاً مع مستعمراتهم في المنطقة أثر كبير في شعوره ومعاصريه بأهمية التدوين.
ولد ابن عساف في "أملج" التي كانت من أهم الموانئ على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر، وأصبحت اليوم مدينة عصرية كبيرة، وكان البحارة في زمنه يعيشون حياة البحر شهور سكونه، وحياة البادية والقرية شهور العواصف البحرية التي كثيراً ما تحبسهم في موانئ بعيدة شهوراً مديدة.
وابن عساف اسم يطلق على كل من ينتمي إلى هذه الأسرة حتى أن أخبارهم وأشعارهم ربما اختلطت فلا يعرف بالتأكيد من هو المعني منهم بما يروى من ذلك، لاسيما وأن الرقة كانت صفة مشتركة بينهم، فكما هو معروف قديماً أن أبناء الأسر يشبون صحبة آبائهم فيتعلمون عنهم مهنهم ويتوارثونها بعدهم، ومن ذلك أن إبراهيم بن عساف والد شاعرنا ذهب إلى بورت سودان بصحبة والده في إحدى رحلاته البحرية، وحدث أن أرسله إلى السوق لشراء بعض الأطعمة، فتأخر في العودة وكانوا على أهبة الاقلاع، فذهب أحدهم يبحث عنه فوجده مشدوها بالنظر إلى فتاة إنجليزية شقراء، مبهوراً بجمالها، مستغرباً أن يكون للكفار حظ من الجمال كهذه الفتاة، فاستحثه على العودة. وفي المساء صدح الفتى بالأبيات التالية:


الليلة امسيت انا ما بين مالي والتفاكير
من حيث مالدّت الاعيان شافت ما شقاني
ليلة خرج من بحر بورت ومن كثر الخنازير
أحمدك يا اللي خلق في الكفر زين البهرجان
العود خوط القنا ونهود في صدره زوابير
يامثل بلور مسلوب الحشا زين المثاني
عز الله انه من الطيب وجسمه عود الاكسير
يسقي من الورد وانا بت ظامى ما سقاني
قفّوا وقفّيت ودموعي على خدي مقاطير
يامن يعذل الدموع اللي كما جر السواني

إنها بدايات تلاها ما تلاها من جيد الشعر.


أما شاعرنا مرزوق بن عساف فهذا الشبل من ذاك الأسد، فقد شب الفتى مولعاً بالبحر والشعر كأبيه، ولقد ولد الشاعر في مطلع القرن الرابع عشر إن لم يكن في أواخر القرن الثالث عشر من الهجرة وتوفى عام 1375هـ.
كان عمل هؤلاء البحارة هو نقل البضائع والركاب بين الموانئ وجلب البضائع من دول بعيدة كالهند ودول الخليج وجنوب شرق أفريقيا، وقد يتاجرون ببعض البضائع أو يشتغلون في الصيد واستخراج اللآلئ والأصداف.
كان الشاعر متزوجاً من إحدى قريباته، ولكن ظروف البقاء في أحد موانئ جنوب المملكة جعله يتعلق بحب فتاة هناك ولقي في سبيل حبها ولهاً وولعاً كبيرين حين سكن البحر وعاد إلى مدينته "أملج" فقال:


هبّت علينا اليماني في اول الشاتى بنسناس
لا واسعَيد الديار اللي هبايبها يماني
العفو لله من قلب تكالت فيه الاهجاس
الناس متريّحة وانا مشاجينى زمانى
ومنها:
البعد ما همني لو كان اروّح من ورا فاس
إن ساعف الله تودينى مقربة المكاني
لكن قلبي تشقى في هوى واحد من الناس
من يوم ربي خلقني ما اشتقيت بحي ثاني
غير انت ياعنبراَ في حق مطوي طي قرطاس
والله ما غبت عن قلبي وذكرك في لساني
ياضيمران الحمى يافل ياجوهر من الماس
دونك حرس ما تبات الليل مِدركة العواني
حاميك واليك ما يبغى مخالط كل الاجناس
البيت مبنى حجر والباب قفله هندواني
العام مريتكم وليا ان دونك مد حراس
ولياه يرمي على اليسرى وعن جالك حدانى
واقفيت ياسيدى ياعل ما يقفانى الباس
عساك دايم بخير وفي حسينات المباني


في هذه الأبيات كثير من المؤشرات على ثقافته البحرية، ورصد تقاليد عصره. ومواقع اهتمامه بالمرأة المصون والأسر المحافظة، وأدوات التجميل من العطور والحلي، وهذه الفتاة التي أولع بها ليست أية فتاة وإنما هي من كرائم الأسر العريقة كما تظهر الأبيات وقد تزوجها فيما يذكر.

أبو سفيان
12-04-2016, 12:10 AM
وبهذه المناسبة نتذكر القصيدة المشهورة للشاعرابن عساف يرحمه الله وهي لها قصة يعرفها الكثير من سكان أملج وينبع وسببها أن ابن عساف ورده بيت من الشعر يلوم فيه صاحب البيت ابن عساف على حادثة وقعت بينه وبين شخص من قبيلته اسمه " الهفاوي" والبيت هو :
مرزوق سب الهفاوي والهفاوي منقع الجـود
يا مـوتة المـرهـفــات اللي يـعــيـزن الـمــداوي
فرد عليه ابن عساف بقصيدة هجاه فيها ثم أردف بهذه القصيدة للبحث عن الشاعر صاحب البيت الوحيد وأرسل هذا السنبوك إلى إبن أخيه فى ينبع وهو مرزوق بن فيــّان رحمه الله وكان فى نزلة البيضاء جنوب ينبع أي في منطقة ينبع الصناعية حاليا وذلك لأنه يعرف أن ابن أخيه يعرف قائل البيت الوحيد أو قريبا من مسكنه .

...............................................

ياراكـب اللـى جديـد العـود والشلمـان هـودار
ومعلّـمـه رايـقـا عقـلـه وميـزانـه قــرارا
العـود هنـدى يجينـا فالمراكـب مـن مليـبـار
لايـق علـى صنعـة النجـار فالأخـمـاس دارا
ماياكـل القطـن والقلفـاط كلـش جـر منـشـار
من يـوم مـده ليـا مـا صـار مندوبـا وشـارا
زين الوطا فالبحر مرفـوع خمسـه شغـل بيطـار
يشذا كمـا المركـب الحربـى ليامـا شـب نـارا
ومكلّفـه صاحبـه بالأشرعـه وحـبـال قمـبـار
والزاد والماء شـرى لـه مـن دكاكيـن التجـارا
شال البطنطه مع التمكين قام الصبـح مـا احتـار
مـن بنـط سـودان متنـوى يعيـدات الـديـارا
واللى يشوفه صـلاة الصبـح يـوم القلـع ينـدار
عدّاه من تحت سـاق إعنيـب حـدّه مـن يسـارا
واللى يخيله مـع الباحـه سـواة الطيـر لاطـار
مع هبة الأزيـب تقافـا مـع بوابيـر النصـارى
ورجـال بحريتـه ضاريـن بالمشحـا والأسفـار
البعـد ماهمهـم بالليـل لــو ظـلـو سـهـارا
وربان صاحى فطيـن وعـارف الباحـه بمحكـار
بيـن الفـرادق مغيـب يطـوف ليلـه والنـهـارا
وفثالثه شاف رضـوى وانجلـى همـه والأكـدار
تبايـن البرتحـت القلـع مــن ســد الغـبـارا
ويامرسلى شيل فالبيضـاء وفـى منزالـك إختـار
إلفـا مريزيـق بـن فـيّـان فالملـفـا خـيـارا
يقـلّـط الفالـحـه ودلال مجـذيـات بـبـهـار
فطيـن للعلـم مايجفـا الكـبـار ولا الصـغـارا
قله بناخيك فى بـر العجـم فـى يـم الأمصـار
يوحـى بـراع الكـلام وصاحبـه مالـه نـيـارا
مدرى من أهل الشفـا ولا تهامـى بيـن الأقطـار
ولاّ مـن أهـل السواعـى مـن مقاويـم الهـوارا
يعرف لصيد البحر ويطلّـع الحوتـه مـن الغـار
مالـه ومـال الكـلام اللـى مداريجـه اعـسـارا
والله لو كان أعرفـه غيـر أزيـد الـوزن قنطـار
وامشـى معـه حيـث مايبغـى وفالقيـل إنتبـارا
من غير سلم البروج اللـى عليهـن سـد وستـار
لو سلمهـن مـن ذهـب تغنـى صعاليـك الفقـارا
هذا كلامى كمـا ذوب العسـل مـن نـو ألأثمـار
مـدروك سـدّه عـن الشعّـار مثنـى السـتـارا

محدثكم
29-08-2017, 11:44 AM
هذا تاريخ اجدادنا بهذه الطريقة الجميلة نحافظ على الموروث الذي
نعتز به وبشعرائنا المشهورين
شكرا لكم يا مجالسنا المحترمون وقد حفظتها في المفضلة بعد ما شفتها صدفة
من خلال البحث عن موضوع آخر ورب صدفة خير من ميعاد .