المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حامد حسين فايز من ابناء ينبع وأحد رواد الملاحة البحرية



أبو سفيان
15-02-2015, 01:07 AM
حامد فايز ابن "زعيم" الملاحة البحرية الذي بكى يوم تركه للدراسة

هذا اللقاء احتفظ به منذ 7 سنوات واليوم وجدته ضمن قصاصاتي في جريدة الرياض ، ثم استخلصته بالبحث ،، وأنا أحب أن أنشر كل شيء يعلي شأن ينبع ويبرز دور أبنائها في الماضي الحاضر.


http://s.alriyadh.com/2007/06/26/img/266134.jpg


حامد فايز

أجرى الحوار - عمر إدريس: تصوير - محسن سالم ـ الرياض



يروي ل "الرياض" حامد حسين فايز أحد رواد "الملاحة البحرية" قصة عائلة (فايز) مع البحر، وكيف هاجر والده إلى السودان واستقراره في إرتريا وكيف كانوا يسمونه (الزعيم) وتحدث عن نفسه وكيف "بكى" يوم تركه للدراسة في المرحلة الإعدادية ليكون بجوار والده في هذه المهنة، وقال إن عائلة "فايز" هي أول من اتجه إلى ميكنة السفن بعد أن كانت شراعية، ويصف كيف غرقت السفينة المحملة بالفحم الحجري لتشغيل "كنداسة" تحلية المياه في جدة وهي متجهة من السودان إلى الكرداسة وتم تأمين الفحم بواسطة سفينة أخرى، وذكر أن البضائع المنقولة كانت عبارة عن الذرة والدخن والبقول، وكانت سفن "آل فايز" تتجول بين جدة وينبع واملج وضبا والقنفذة وجازان، وكانت قيمة النقل زهيدة وتبلغ نصف ريال أو ريالا، بينما كانت قيمة السفينة تتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف ريال، وتناول قصة شرائه باخرة مصنوعة من الأسمنت المسلح بتسعة آلاف جنيه إسترليني تسدد بأقساط شهرية.
وهنا نص الحوار معه:
@ ما قصة عمل أسرتكم في الملاحة البحرية؟
- أنا من عائلة كلها بحارة، جدي محمد فايز وأعمامي محمود وحامد ومحمد كلهم "نواخذه" يعني رؤساء سفن وبلغة العصر "قبطان"، وكنا جميعاً نسكن في ينبع ونقلنا إلى جدة لأن جدي كان يعمل رئيساً لسفينة حمزة عاشور يرحمه الله الذي كان من أعيان جدة، ثم انتقلوا إلى الرويس لقربها من أعمال البحر ومنطقة التجارة، أما والدي فقد استمر مع الأسرة في نفس السكن ليكون مع العائلة وقد درس القرآن الكريم في كُتَّاب آل باخيضر، وأنا لم أرَ جدي محمد ولكن سمعت عنه الكثير، وأنه ولد في القصير بمصر وعاش فيها وكانت حركة الملاحة في ذلك الوقت من خلال مجرى مائي قبل إنشاء قناة السويس وكان أجدادي يمتلكون أراضي كثيرة هناك، بل مازال مسجدنا في "القصير" مفتوحاً للمصلين ونتولى صيانته وتجديده كل فترة.

ويتابع، كان عمي أحمد "نوخذة" السفينة "المنشية" ويحضرني قصة طريفة عن هذه السفينة فقد كان والدي يعمل عند الشبكشي رحمة الله عليه، وكان جدي كما قلت يشتغل لدى حمزة عاشور مالك "المنشية" الذي أقام حفلاً بها حضرها والدي مع جدي ومن فرط إعجابه بها تمنى من الله أن يرزقه مثلها ويشاء الله أن تصبح هذه السفينة بعد سنوات ملكاً لوالدي وكانت بداية الخير.

وكان الوالد "حسين فايز" يعمل لدى علي الشبكشي الذي كان من أكبر تجار جدة ولديه محل تجاري كبير يشبه السوبر ماركت حالياً وعندما قرر الشبكشي السفر أراد أن يترك هذا المحل أمانة لدي والدي، ويحكي والدي أنه لم يستطع النوم في هذه الليلة، وطلب إعفاءه من هذه المهمة ولكن الشبكشي أصر عليها بل زوجه ابنته، وكان والدي يحب الترحال ويعشق البحر مما دعاه إلى الهجرة من جدة بسبب المعارك الضارية في عهد الشريف الحسين، واتجه إلى السودان وتزوج والدة أخي محمد كامل فايز - يرحمه الله - ثم اتجه إلى أسمرة الذي أحب العيش فيها وكان كريماً عطوفاً على أبناء عشيرته وكان يطلق عليه لقب "كمنجاتوري" أي رئيس الجالية السعودية بلغة العصر، ثم سمي بعد ذلك "الزعيم" وبعد أن انتهت الحروب قرر ألا يعود إلى جدة خلال حكم الشريف الحسين إلا بجواز سفر إيطالي لأن إريتريا كانت مستعمرة إيطالية في ذلك الحين وكان عبدالله علي رضا هو قائمقام جدة، وأصر أن يمنح والدي الجنسية السعودية.

@ كم عدد السفن وقيمتها ونوعية وقيمة البضائع التي كنتم تنقلونها؟

- لقد بدأنا بأربع سفن شراعية أصبحت بعد فترة وجيزة 14سفينة وكانت هذه البواخر تحمل الأرزاق من الذرة والدخن والبقول، وعائلة "فايز" هي أول من أتجه إلى ميكنة السفن بعد أن كانت شراعية، وكانت التجارة بمبالغ بسيطة مقارنة بالوقت الحاضر، وكنا نعمل في نقل الأرزاق وتتحرك سفننا من جدة إلى ينبع وإلى أملج وضبا أو من جدة إلى القنفذة وجازان وكانت قيمة المركب لا تزيد ثمنها عن ألفين أو ثلاثة آلاف ريال وقيمة النقلة بنصف ريال أو ريال.

@ وكيف كانت بدايتك قبل نحو 60عاماً بمهنة "الملاحة البحرية" والاستمرار في توارث مهنة الوالد رحمه الله والصعوبات التي واجهتك..؟ وكيف تغلبت عليها؟

- تركت الدراسة لأكون بجوار والدي ولم أكمل الشهادة الإعدادية ومع أنني كنت من المتفوقين في الدراسة، ولقد بكيت كثيراً عندما قررت أن أترك الدراسة، ولكن حبي لوالدي وحبي للبحر كان أكبر دافع لأن أتعلم من مدرسة الحياة، ولقد ولدت وأخي من زوجة ثانية في يوم واحد، وهذه مصادفة جميلة وأنا واحد من عشرة أشقاء لم يبق على قيد الحياة سواي وأخي غير الشقيق، وتعلمت من والدي الكثير وعشقت البحر والملاحة البحرية ولقد كان هناك الكثير من الصعوبات وخاصة في أيام الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك فإن الصبر هو سمة البحر، وإذا عشت في البحر عشقته وكانت تسعدني الصعوبات وأفرح عند التغلب عليها، وأذكر خلال الحرب العالمية الثانية عندما كانت احدى البواخر تقوم بنقل شحنة من الفحم الحجري لتشغيل "الكنداسة" وهي آلة بدائية لتحلية مياه البحر عن طريق التبخير وعندما كانت متجهة من السودان للكرداسة انكسر الصاري (الجزء الذي يحمل الشراع) مما أدى إلى غرق السفينة ولم نغضب لأن للبحر مشاكله وبالصبر والجلد يمكنك حل جميع المشاكل فقمنا بتأمين الفحم بواسطة سفينة أخرى بل من الطريف أننا بعد عام عثرنا على الصاري المكسور.

@ وهل غرقت لكم بواخر أخرى؟

- أذكر خلال حرب السويس قمنا بنقل شحنة من البطاطس إلى جدة ولكن السفينة غرقت، ولم نحزن ولم يكن هناك نظام للتأمين ولا نؤمن به وبفضل الله لم أكمل العام إلا وعوضني الله بسفينة أفضل منها، وأذكر أنني اشتريت مركب كانت مصنوعة من الأسمنت المسلح وكانت قيمتها في حينه تسعة آلاف جنيه إسترليني وتدفع القيمة على أقساط شهرية قيمتها 750جنيه إسترليني، وللأسف الشديد لم نحتفظ بها مدة طويلة لأنها أصيبت نتيجة شدة الرياح والشعب المرجانية وغرقت في ميناء جدة، وغرقت سفينة شحن مواشي كانت قادمة من بربرة في الصومال في عام 1975م، وكان ذلك نتيجة خطأ "القبطان" في وضع الأغنام في الدور السفلي والجمال في الدور العلوي ونجا من الغرق جميع البحارة ماعدا واحداً منهم قمنا بدفع الدية لأهله وقدرها مائة ألف ريال.

@ ما ذكرياتكم عن العمل التجاري في بداية عملكم، ومن هم التجار الذين كنت تتعامل معهم، وكيف كنتم تتغلبون على الصعوبات التي تواجهكم؟

- التجارة والبحر كانا متلازمين في ذلك الوقت حيث لا توجد الطرق المعبدة أو المجهزة لحركة التجارة، وكان البحر هو الوسيلة المثلى لحركة التجارة، وكنا نعمل جميعاً في جو يسوده الاحترام والكلمة الصادقة والثقة في التعاملات وكنا نعمل مع رجال لهم وزنهم في المجال التجاري، وأذكر منهم الأخ محمد بن حمد، وبكر بغدادي والشريف عبدالإله مهنا، ومحمد صالح باعشن وباجنيد، وسليمان قابل الذي كان رئيس الغرفة التجارية عندما كانت في شارع قابل، وباناجه والكثير من الذين لا تحضرني أسماؤهم من كبار تجار جدة، وكان يسود جدة الترابط الأسري فلو خسر تاجر هب الجميع لشراء البضائع من حساباتهم ويعطونه أرباحها وهذه هي قمة التكافل الاجتماعي، وكنا نحل جميع المشاكل بالتحكيم بين التجار ولا نعرف طريق المحاكم.

@ ما أهم الخطوط الملاحية التي كنتم تتعاملون معها، وما نوعية البضائع المصدرة للخارج؟

- عملنا في جميع الخطوط الملاحية في البحر الأحمر، كانت رحلاتنا إلى القنفذة والقحمة وجازان والحديدة وعدن وينبع والوجه وضباء والسويس وكنا نصدر "الفحم الطبيعي" إلى مصر وكانت سلعة مهمة بالنسبة للمصريين فإذا تأخرت سفننا ترتبك الحياة ويلجأ المصريون لاستخدام الأبواب الخشبية القديمة كبديل للوقود حتى تصل الشحنات، ولقد تعاملنا في نقل الذرة والأرز والسمسم وكافة أنواع البقول وكانت الخيرات كثيرة.

@ هل ترى أن الجيل الجديد من رجال الأعمال بحاجة للخبرة أو للصبر والتحمل والمجاهدة التي كانت موجودة في جيلكم؟

- من المؤكد أن الجيل الجديد بحاجة للخبرة والصبر والتحمل والمجاهدة التي كان يتحلى بها جيلنا، ولكن يجب أن ننصف هذا الجيل فإننا اليوم في عصر العلم والتقنية المتطورة مما طبع ذلك على الأجيال الحالية والتي بفضل الله لديهم المعلومات المتطورة وبإمكانهم الحصول على المعلومة بسرعة وأكثر دقة وهو جيل مثقف ينقصه الصبر ولكننا بدأنا من الصفر وكنا نجهل كل شيء وعلمنا أنفسنا بأنفسنا بل نحتنا في الصخر كما يقولون والحمد لله.

@ ما ضرورة الاتجاه نحو المزيد من الاندماجات بين الشركات السعودية في المرحلة المقبلة؟ وتحول الشركات العائلية إلى مساهمة؟

- الواقع أن الزمن تغير وكثرت الشركات المساهمة ولكنني أرى أن اندماج الشركات المماثلة سوف يطور هذه الشركات ويساعدها على التوسع وبالتالي تنحصر المنافسة في الجودة، أما عن فكرة تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة فإنني لا أفضله وبصراحة شديدة فإن الشركات العائلية المكونة من الإخوان والأولاد تدعو لمزيد من الانضباط والحفاظ على الترابط الأسري وتساعد على المنافسة الشريفة ودعم الثقة بين المساهمين ممثلة في الأسرة الواحدة.

@ ما مقترحاتك لتطوير مهنة الملاحة البحرية؟

- هناك نقص شديد جداً ونحتاج إلى أضعاف من البواخر في جميع الخطوط سواء البضائع أو الركاب وإذا قمنا بعمل إحصائية لذلك سنجد أن حوالي 70% حجم سوق الملاحة البحرية هو بواخر أجنبية ولا توجد سفن ركاب سعودية وفق حجم السوق، ولك أن تتخيل الزحام الشديد في مواسم الإجازات والعمرة والحج لذلك أدعو رجال الأعمال أن يوجهوا جزءاً من استثماراتهم في الملاحة البحرية.

@ كيف تقضي وقتك حالياً، وما هواياتك القديمة والجديدة؟

- كنت أحب المشي بل كنت أمشي عشرة كيلومترات يومياً أما الآن فإن الصحة لا تساعد ولكن الحمد لله أقضي وقتي في قراءة القرآن والكتب الدينية والصحف اليومية ولكني أحب البرامج الرياضية وخاصة كرة القدم والمصارعة والأفلام الحركية.

العنيني
15-02-2015, 06:25 AM
حديث ممتع وذكريات جميلة وهي رواية لأحد عمالقة هذا البلد وهذا من الشواهد على قدم حضارة هذا البلد ورصيده من الزخم التاريخي الكبير احسنت ابو سفيان وَبَارِكْ فيك