المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «سوق الليل».. ملاذ الحالمين بالثراء في ينبع



مراسل المجالس
13-10-2013, 06:33 PM
«سوق الليل».. ملاذ الحالمين بالثراء في ينبع


http://www.aawsat.com/01common/pix/Asharq-alawsat-logo.jpg
عمرها تجاوز 500 سنة.. لكن فيها قرابة 17 وكالة تجارية بالمفهوم الحديث



http://www.aawsat.com/2013/09/21/images/daily1.744186.jpg


أسهمت السوق بشكل مباشر في رفع القيمة الاقتصادية لينبع وكانت هدفا للقادمين من خارج الحدود للعيش فيها والبحث عما توفره من فرص تجارية (تصوير: بشرى خميس الرديهي)ينبع: سعيد الأبيض

اكتسبت ينبع، بشقيها «البحر - النخل»، الواقعة في الشق الغربي للسعودية، زخما تاريخيا قبل الميلاد، بحسب الكثير من الروايات وما تبقى من آثار شامخة في المنطقة، التي يتناثر عليها عشرات المنازل المحاطة «بصور» كما ينطقه سكان ينبع «سور». هذا السور كان بمثابة الحصن للسكان من أي عدوان، فيما تناقلت كتب التاريخ دور المدينة التاريخية مع مطلع القرن السادس الهجري.
لا تحتاج إلى من يرشدك إلى التراث والتاريخ الذي يلف المدينة، فالعمق ساكن على السطح، هنا وهناك، والبيوت القديمة في المنطقة التاريخية التي شيدت بما يتوافر من عطاء الطبيعة «كحجارة كلسية وطين»، وهما أساس البناء في تلك الحقبة، ويجري تحسين المنزل من الداخل بطبقة مكونة من مادة «الجص»، وتشبه أبنية ينبع في طابعها كثيرا المدن المطلة على السواحل في البحر الأحمر، والبحر الأبيض المتوسط.
وتتمركز المباني القديمة في ينبع داخل الأحياء، منها «الصور، القاد، المنجارة»، وغيرها من الأحياء التي ظهرت في حقب زمنية مختلفة، وكان البناء لا يقف عند حاجز الطابقين، ففي كثير من الأبنية تجاوز البناء ثلاثة طوابق.
وتشتهر ينبع بكثرة قلاعها التي تزيد على خمس قلاع، لا يوجد لها أثر في وقتنا الحاضر، ومن تلك القلاع ما جرى إنشاؤه على مدخل ينبع، وقلعة أبو منقار، وقلعة خارج أسوار ينبع في شرق المدينة، وقلعة شرق المقبرة، وقلعة غرب سور ينبع، فيما كان يمتهن سكانها الصيد، وصناعة السفن والزوارق، والسكاكين والفؤوس وأدوات الحفر، والأدوات الزراعية، والسقالات التي ترسو عليها السفن الآتية للميناء.
وفي ينبع يبحث الزائر عن «سوق الليل» وآثارها التي شيدت قبل 500 عام ونيف، واكتسبت هذا الاسم، كونها السوق الوحيدة في تلك الحقبة التاريخية، التي يرتادها المتسوقون ليلا، فيما تتميز السوق بقربها من الميناء البحري وتطل على البحر مباشرة، ويباع في هذه السوق الشعبية السمك المجفف، وأنواع مختلفة من الكائنات البحرية التي يطلق عليها «البصر والزرنباك»، إضافة إلى السمن والعسل والتمر، وبعض المنتجات النحاسية التي كان سكان ينبع يقومون بصناعتها.
وتأخذ السوق شكلا شبه بيضاوي، وتطل عليها مجموعة من المباني المرتفعة ذات الطابع التقليدي في البناء، وتكون غالبية المحال متراصة على خط متعرج، لها مدخل للقادمين من داخل المدينة، وآخر للقادمين من البحر، وهذه المداخل ضيقة في المساحة، إلا أنها تتسع شيئا فشيئا نحو السوق.
وتقول الروايات إن السوق اكتسبت قيمة اقتصادية منذ القدم، حيث يوجد بها قرابة 17 وكالة تجارية بالمفهوم الحديث، ويقوم التجار بتخزين ما لديهم من بضائع ومنتجات في أبنية تقع في قلب سوق الليل، ويجري تداولها عبر المحال التجارية التي لا تزيد على 23 محلا، تبيع المنتجات والمواد الاستهلاكية كافة.
وأسهمت السوق بشكل مباشر في رفع القيمة الاقتصادية للمدينة، أو ما يعرف في حينها بـ«الطرفة»، لما تمتلكه المدينة من مقومات اقتصادية شملت «الصناعة، الصيد، والزراعة»، وكانت هدفا للقادمين من خارج الحدود للعيش فيها، والبحث عما توفره المدينة من فرص تجارية.
وفي هذا الصدد، عملت الهيئة العامة للسياحة والآثار السعودية على تطوير السوق، ضمن استراتيجية التنمية السياحية لمحور البحر الأحمر، مع إحياء مراكز المدن التاريخية بمشروع تطوير مراكز المدن التاريخية بشمال البحر الأحمر في ضباء، أملج، الوجه، وينبع، الذي تقوم عليه الهيئة.
وقال يوسف الوهيب أمين عام السياحة في ينبع، إن هناك اهتماما كبيرا بالسوق والمنطقة التاريخية على وجه الخصوص، من قبل الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة، وجرت ترسية مشروع توسعة السوق بعد فتح المظاريف على إحدى الشركات التي ستقوم بتوسعتها وزيادة أعداد المحال التجارية من 23 إلى 44 محللا تجاريا.
وأضاف الوهيب أن هناك توجها لإنشاء فندق تراثي بالقرب من السوق في المنطقة التاريخية، يستقبل فيه زوار محافظة ينبع الباحثون عن التراث والإقامة في فنادق تحمل الطابع التقليدي والأثري، لافتا إلى أن هذا الفندق مع الترميم للسوق القديمة، سيسهم في تدفق الزوار والسياح للمحافظة بنسب مرتفعة عما كانت عليه في الأعوام الماضية.
وأردف أمين عام السياحة في ينبع أن هناك توجها لإعادة السوق إلى ما كانت عليه في تلك الحقبة، يتمثل في قربها من البحر، ويجري العمل الآن على التواصل مع الجهات التي تمتلك الحق في الأراضي الواقعة بين الميناء والسوق، وفي حال جرت هذه الخطوة ستعطي السوق طابعا فريدا من الناحية التاريخية والجمالية.
وبالعودة إلى سوق الليل التي كانت تستقبل القوافل القادمة من القصيم، والتي كانت تنيخ في منطقة يطلقون عليها «الموقفة » القريبة من السوق، لشراء كميات من العسل والسمن، وبعض المستلزمات، وبيع ما لديهم من تجارة داخل السوق، فإن السوق عرفت أنها الوحيدة المشيدة بصورة جمالية، حيث تمتلك المخارج والمداخل التي تسهل على المرتادين عمليات التبضع والشراء.
من جهته، يقول عواد الصبحي رئيس «لجنة أصدقاء التراث» في ينبع: «إن اهتمام الهيئة بسوق ينبع القديمة سيكون له مردود إيجابي في الفترة المقبلة في رفع معدل الزوار والسياح لمدينة ينبع»، موضحا أن «السوق خدمت بشكل مباشر الصيادين في المدينة، الذين كانوا يغادرون الميناء أو أثناء عودتهم ليلا، فكانوا يعمدون إلى الشراء لتوفير احتياجاتهم البحرية أو المنزلية».ويتذكر الصبحي ما كتب قبل 150 عاما من أبيات شعرية في سوق الليل، للشاعر المصري «حسن القفطي» عندما قدم لينبع واستقر بها قرابة 10 أعوام، حين قال:
«أهوى وقوفي لدى باب الحديد لكي
أرى مصابيح سوق الليل كالشهب»
وهي دلالة على أن السوق كانت تباشر أعمالها لساعات متأخرة من الليل، ويفد إليها المتسوقون للبحث عن حاجياتهم.

المعلم
13-10-2013, 06:48 PM
شكرا لكم