المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «التغريبة الينبعاوية» بقلم / هاني الظاهري



ذيب جهينة
04-06-2013, 09:15 AM
«التغريبة الينبعاوية»
هاني الظاهري
الثلاثاء ٤ يونيو ٢٠١٣
ليس من عادتي أن أتطرق في مقالي لسرد حكاياتي وتجاربي الشخصية مع الأماكن والمدن التي أزورها أو أقيم فيها، لكني اليوم سأكسر هذا الحاجز وأتحدث عن «التغريبة الينبعاوية»، وهي تغريبة ذاتية تماماً لا علاقة لها بـ«التغريبة الهلالية» الشهيرة.
بدأت تغريبتي الخاصة لمهمة عمل قبل نحو ثلاثة أعوام، حين حزمت حقائبي في منزلي في الرياض، مودعاً زحام شوارعها وصيفها الحارق باتجاه «ينبع»، المدينة الصغيرة الغافية على ضفاف البحر الأحمر... هذا تقريباً أهم ما كنت أعرفه عنها، (الجغرافيا)، إضافة إلى بعض المعلومات البسيطة من هنا وهناك عن مجتمعها الصغير ومصانعها ونخيلها وعيونها التي جففها الزمن، بدأتُ تغريبتي وأنا عازم على ألا تتجاوز سنة واحدة مهما حدث، وربما لهذا السبب أمضيت الأشهر الأولى فيها متنقلاً بشكل أسبوعي بين مكتبي والمطار متجهاً إلى العاصمة، من دون أي رغبة أو حرص على إقامة علاقات اجتماعية أو صداقات، كنت أحاول أن أهرب من أي رابط يربطني روحياً بمدينة غير الرياض التي تحضن ذكرياتي ووجوه أحبتي وأقاربي وأصدقائي، ويمكنني أن أقول اليوم بكل صراحة إنني فشلت في ذلك، وها أنا أكتب كلماتي هذه بجوار البحر في «ينبع البحر».
عندما دخلت «ينبع» للمرة الأولى صُعقت من ضعف الخدمات البلدية والبنية التحتية للمدينة التي يمتد تاريخها لمئات السنين، كنت أقارنها بمدن أخرى حديثة النشأة وأستغرب بشدة من البون الشاسع الذي تنتجه المقارنة، الأغرب من ذلك مقارنة «ينبع البحر» بالمدينة الصناعية التي لا تبعد منها سوى بضعة كيلومترات، وهي مسافة يمكن وصفها بالفاصلة بين زمنين مختلفين.
كغيرها من المدن التي تحيط بها عشرات القرى خلقت هجرات أهالي الأرياف لـ«ينبع» حالاً خاصة يمكن وصفها بـ«ترييف المدينة»، وهو عكس ما يحدث في أماكن أخرى من «تمدين الريف»، ولذلك فإن طبائع سكان «ينبع» الطيبين أقرب إلى طبائع سكان الريف من سكان المدن من ناحية قوة المحافظة على التقاليد والأعراف والتعصب لها، وعلى عكس ما كنت أسمع عن الفلكلور الينبعاوي الشهير والألحان الموسيقية التي شدا بها أشهر الفنانين العرب، وجدت نفسي في مدينة لا فن ولا موسيقى بين جنباتها اليوم لاعتبارات عدة من أهمها عدم وجود فرع لجمعية الثقافة والفنون فيها، بجانب خلوها من أي مؤسسة أدبية أو ثقافية، فأقرب نادٍ أدبي يبعد عنها أكثر من 200كم.
الحقيقة أنني أكتب عن «ينبع البحر» وفي الحلق غصة، ولن أستطيع أن أسرد كل شيء عنها في هذه المساحة الضيقة، وهو ما يدعوني للتفكير جدياً في إصدار كتاب يحمل عنوان هذا المقال نفسه، لكنني مع ذلك متفائل بمستقبلها كثيراً، فخلال الأشهر القليلة الماضية بدا لي أن هناك توجهاً حكومياً واضحاً يرعاه أمير منطقة المدينة المنورة للرقي بها وتحويلها إلى مركز جذب سياحي إقليمي منافس لمراكز الجذب السياحية الأخرى في الخليج، كما أن «ينبع» المتطلعة للمستقبل حظيت أخيراً بمحافظ جديد هو المهندس «مساعد السليم»، الذي عُرِف بنشاطه وتميزه في الرقي بمحافظة عنيزة وتحويلها لوجهة سياحية حافلة بالمهرجانات والفعاليات قبل أعوام قليلة، ولا أعرف حتى الآن إن كانت الأقدار ستمكنني من مشاهدة التغيير والتطوير في هذه المدينة قبل أن أنهي مهمتي فيها أم لا، لكني بالتأكيد سأحافظ على الرابط الروحي الذي غرسته في داخلي طوال ثلاثة أعوام من دون أن أشعر.

أبو رامي
04-06-2013, 01:25 PM
أخي ذيب جهينة
أشكرك على نقل هذا المقال للأستاذ هاني الظاهري واطلاعنا عليه

والأستاذ هاني الظاهري أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بينبع رجل ودود يتمتع بالسماحة والطيبة وحسن المعشر وهو ممن يألف الناس ويألفونه . ولذلك أستنكر ممن هذه صفاته أن يفتعل الحواجز بينه وبين أهالي ينبع ويهرب من أي رابط يربطه بهم ! وأخشى ما أخشاه أن تكون بعض المعلومات البسيطة التي استقاها من هنا وهناك هي التي ساهمت في هذا النفور فما آفة الأخبار إلا رواتها !

فأهالي ينبع معروفون بطيبتهم وتسامحهم ومد أيديهم للغريب قبل القريب وقل أن يأتي إليها أحد من خارجها دون أن يحبها ويرتبط بعلاقات قوية مع أهلها وحتى العلاقات بين أهلها تتميز بالقوة والمتانة وخاصة إذا ما جمعتهم الغربة خارجها فتجدهم يجتمعون ويتزاورون ويتفقد بعضهم بعضا بشكل قل أن تجد له نظيرا

والحمد لله أن ينبع استطاعت أن ترد الأستاذ هاني إلى أن يأتلف معها ويتعرف على مميزاتها عن كثب وما كتابته عنها إلا مؤشر جيد لعلاقة جديدة تدفعنا لأن ننتظر إصداره المزمع عنها بشوق . فقلم مثل قلمه جدير بأن يناقش شؤونها وشجونها بشئ من الموضوعية بشرط أن يغير عنوان الكتاب من التغريبة الينبعاوية إلى التقريبة الينبعاوية
والله الموفق

الشاهين
04-06-2013, 04:46 PM
بعد انتهائي من قراءة المقال وجدتني ابحث عن إكمال القصة او الحكاية فمن المؤكد ان الرجل لديه تكملة لحكايته او قصته مع ينبع والا لما سرد تلك المقدمة وكانه يقول كنت لا اعشق غير الرياض ولا أظن ان يأتي يوم ويعشق ويحب غيره ( وهو معذور بذلك فكل منا يهوى مسقط رأسه ويعشقه ) وكان من شدة تعلقه في ديرته لايود ان يخالط اناس غير اهله وأحبته لتبقى صورتهم بدون مزاحمة وكأنه ( يقول لا ارعى حول الحمى خوفا من الوقوع او الدخول إليه )وأيضا اعذره بذلك ( لأنني قد أكون مررت بهذه التجربة ) ولكن يتضح ايضا انه فشل في تلك المهمة ووقع بالحمى من حيث يدري او لا يدري فشارك عشقه للرياض بلد آخر هو ينبع ....
ما كتبت أعلاه وجهة نظر واستنتاج قد أكون على صواب او خطأ ....

المعلم
04-06-2013, 06:47 PM
شكرا أخي هاني الظاهري
ويسعدنا تواجدك بيننا
دمت بخير

أبو سفيان
05-06-2013, 05:56 PM
http://alhayat.com/Content/ResizedImages/184/167/outside/120513084059966.jpg

هاني الظاهري

عزيزنا الأستاذ الفاضل / هاني الظاهري المستشار الإعلامي وكاتب الرأي في صحيفة الحياة ؛؛ كانت «التغريبة الينبعاوية» التي نشرتها يوم الثلاثاء 4 يونيو 2013 في الحياة وقلت بأنها تغريبة ذاتية لا علاقة لها بـ«التغريبة الهلالية» ولكن هي في الحقيقة تغريبة تلتقي مع السيرة الهلالية في أنها قراءة لفهم الذات والآخر مع اختلاف الرؤى والأحداث وإن كان لنا من تعليق عليها فإن تغريبتك كانت في البداية مليئة بالنوايا المسبقة على طريقة " من يتزوج بنية الطلاق " عندما قلت بأنك عازم على ألا تتجاوز سنة واحدة مهما حدث ؛ أي بقاؤك في ينبع ، وهذا يتضح أيضا في أنه لم تكن لديك رغبة أو حرص على إقامة علاقات اجتماعية أو صداقات،وأكدت ذلك بمحاولتك الهروب من أي رابط يربطك روحياً بمدينة غير الرياض ،، النقطة الثانية أنك وضعت يدك على الجرح فيما يخص واقع الخدمات البلدية المتردية في ينبع وهي نظرة قد لا يدركها تمام الإدراك إلا من يأتي للمدينة قادما لأول مرة ، وكانت مقارنتك صادقة جدا بين أوضاع «ينبع البحر»والمدينة الصناعية التي لا تبعد عنها سوى بضعة كيلومترات ، وذيلتها بعبارة رائعة تختصر واقع الحال بقولك " هي مسافة يمكن وصفها بالفاصلة بين زمنين مختلفين" والمأخذ الذي لا نجاملك فيه كان المنتظر أن يكون اندماجك في المجتمع أكثر، فأنت لا تنقصك هذه المهارة ولك قبول كما يبدو في أوساط الغرفة التجارية ومهرجاناتها فكان عليك أن تحضر للمناسبات الشعبية وتتغلغل في الأوساط الملائمة لتعرف أن الفلوكلوروالفن الينبعاوي ما زال قائما وان كان ليس كما نريد وحتى مع ما عللت به من عدم وجود فرع للثقافة والفنون . وعندما قلت
" وها أنا أكتب كلماتي هذه بجوار البحر في «ينبع البحر" خشيت أن تتغشاك لحظة من طلاسم الشاعر / ايليا أبو ماضي عندما قال :


أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا
وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا
وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا
ما الذي الأمواج قالت حين ثارت؟
لست أدري!
أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك
أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك
أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك
فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..
لست أدري!

ولكن الله سلم فأجرى على لسانك تباشير التفاؤل والمستقبل الأفضل ،، فكان فشلك الذي أعلنت عنه نجاحا تهديه إلينا ، أما الغصّة التي في حلقك كما وصفتها وأنت تكتب عن ينبع فهي يا أستاذنا الكريم غصة في حلوقنا جميعا ، وعلامات الحسرة تعلو الوجوه ، كأننا مجبرون على تأجيل الأحلام الى زمن آخر ، فلعلنا نتحرر من ربقة هذه الغصة الخانقة بما يبثه أمثالك من ” تغريدات " وليس تغريبات تعطينا مزيدا من الأمل وننتظر منك المساحة الأوسع التي أعلنت عنها بإصدار كتاب يحمل عنوان هذا المقال آخذين من تفاؤلك ما يبدد الغصات ويزيح عن كواهلنا الأسى والحسرات مستبشرين بأمير شاب نشيط ومحافظ قوي أمين ، داعين لك بطيب الاقامة بل ومؤملين أن تدوم اقامتك لنسعد بهذه الخواطر الصادقة من انسان صدوق .

أبو رامي
05-06-2013, 06:51 PM
شكرا أبا سفيان .. أنت أديب ينبع بحق

المحايد
06-06-2013, 02:39 PM
الحديث عن ينبع يحرك المشاعر وكلام الأستاذ : الظاهري أمين غرفة ينبع التجارية دليل حب وعشق لينبع وقد قيل من زمان ينبع تجبر الناس على حبها حتى وان كانوا من غير اهلها وتعليق الاستاذ ابو رامي والاستاذ ابو سفيان والاخ الشاهين جاء في محله ليكون المستقبل زاهرا في عيون المحبين لينبع شكرا للاستاذ هاني على ان جعل لينبع مكانا في قلبه الابيض بياض الثلج الذي لا ينصهر مع ريح السموم .