المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( يا بُني ... ما بغيت منك شي ))



عمير المحلاوي
11-12-2012, 10:52 AM
رنات قلب الذهب
بقلم/ عمير بن عواد المحلاوي
(( يا بُني ... ما بغيت منك شي ))


أخواني وأخواتي الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمات أوقفتني حينما سمعتها من ذلك الأب أو بمعنى أصح ذلك ( الشيبة ) ، وأبكتني بحرقة لأننا في زمن العلم والعلماء ونتناسى أمر كهذا ، رغم مصير كل واحد منا إليه لكن للأسف لم نجهز له ولم نتعلم كيفية التعامل مع كبار السن.
أتعلمون ماذا قال ذلك الوالد
{ عمره ما قال هذه الهدية لك يا أبوي }.لم ندرك بأن من نتعامل معهم اليوم سوف يُتعامل بنا بالمثل فلم نغرس تلك المبادئ و الكلمات في نفوس أبنائنا وبناتنا ونعلمهم إياها ونطبقها لهم على أرض الواقع حتى يطبقونها علينا غداً ولنطرد ذلك الجحود التي تراه أعيننا لنتأقلم مع الضيف المعتاد.
يقول المولى في كتابة الكريم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم * بسم الله الرحمن الرحيم { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } {الإسراء/23-24}.
ويقول المصطفى صلوات ربي وسلامه علية عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه { ليسَ منَّا منْ لمْ يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا ! و يعرفْ لعالِمِنَا حقَّهُ } ، وعن موسى الأشعري رضي الله عنه قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم { إنَّ من إجلالِ اللَّهِ تعالى إكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنهُ وإكرامَ ذي السُّلطانِ المقسِطِ }.
أحبائي وأخواني:
من يعايش كبار السن والعجزة ويتعامل معهم بشكل يومي ومستمر يلتمس ما أقوله وما أشير إليه.
و أن تلك الفئة الغالية على قلوبنا و البركة لأعمارنا وريح عطورنا المتنفس لهم تعامل خاص لا يمكن لأي شخص أن يتقنها بفن وروح عالية و بابتسامة جميلة وبمزاح المداعبة وغزل شفاف وما هو منتشر بمزاح الزواج سواء لتلك العجوز او لذلك الشيبة.


وينبغي علينا أن درك قبل كل هذا الكلمة جميلة والتعامل معهم بلطف ولو أسترجعنا للآية الكريمة لقولة تعالى { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا }.
فتعامل كبار السن أحياناً يتطلب منك اخي الكريم وأختي الكريمة أن تتعامل معهم كأطفال صغار و الحنان إليهم أكثر من حنان الزوج لزوجته والعكس فهم يعيشون بوقت يملئه الملل لم يشعرون به من قبل.
اما عن شعورهم بالتقصير وإنكار الجميل تجاه أبنائهم وغير ذلك فهذا أمر ليس مستبعد عليهم فإحساس يحس به كل كبار السن خاصة إذ تأخر أو نسي ذلك الأبن أو تلك البنت هدية إحدى العيدين أو المصروف الشخصي لذوي الدخل المحدود أو تجاهل البعض لهدية بسيطة لأحدهم.وكل ما كتبته قد يهون الأمر عند فئة من الناس والذين ممن أودعوا أحد والديهم في دور المسنين أو الرعاية لظروف الله وأعلم بها ولكن غالباً ما يكونوا للفقراء أغناهم الله بفضلة والعذر لهم بأنهم مشغلون بالسعي وراء لقمة عيشهم ولعائلتهم فكيف بتحملهم طاقة أحد الوالدين فمن وجهة نظري أرحم بكثير من ذلك الغني الذي يعرف بين الناس بكثرة ماله وعماراته و للأسف والده أو والدته في دار المسنين فأي قلب تحمله يا هذا.
والمؤلم في ذلك حينما يحس ذلك المسن أو تلك العجوز بأنهم أصبحوا مكروهين من أبنائهم وبناتهم وأن حملهم أصبح ثقيل وخدمتهم أصبحت مرهقة فدائما ما تجد منهم من يدعي في كل صلاة بأن يعجل الله بأخذه روحه ليُريح ويتستريح.


أحبائي الكرام:-
ذكرت الشيخوخة في القران الكريم على انها نهاية مطاف الانسان في مرحلة تطوره على هذه الارض تمهيدا لرحلته الابدية الى العالم الاخر ، فيقول رب العالمين وأرحم الراحمين في القران الكريم بالآية الـ54 من سورة الروم { الله خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير }.
وفي أية أخرى يقول المولى جل جلاله في الآية الخامسة من سورة الحج { يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا }.
وأود هنا أن أختصر عليكم بعض من أساليب التعامل التي ينبغي علينا مراعاتها عند التعامل مع كبار السن و هي:-
1- مبادرة المسن بالتحية والسلام والمصافحة: ويضاف اليه تقبيل الرأس واليد لاسيما إن كان ابا أو اما او عالما
2- رفع الروح المعنوية لديه وذلك بحسن استقباله والترحيب به والدعاء له وإظهار البشر بقدومه والتبسم في وجهه فهذا يشعره بحب المجتمع له وفرحه بوجوده وأنه غير منبوذ أو مكروه في مجتمعه.
3- سؤال المسن عن ماضيه وذكرياته وانجازاته والإصغاء إليه وعدم مقاطعته وينبغي أن يدرك من يتعامل معه أن المسن تظل ذكرياته الماضية حية ماثلة أمامه فهو يتذكر جيدا أعماله التي قدمها في شبابه ويرغب في الحديث عنها بنفسه أو التحدث عنها مع غيره.
4- إبراز جهود وانجازات المسن والحديث عن ما قدمه من خدمات لمجتمعه والدعوة إلى الاقتداء به والدعاء له ذو اثر ايجابي عليه وإشعاره بأهميته وخاصة في اللقاءات والمناسبات العائلية فشعور المسن أنه قد أنجز أعمالا باهرة وانه قد كافح بعصا ميتة حتى نال ما نال هذا الشعور يولد نعيما لا ينضب من السعادة النفسية وزادا لا ينفذ لراحته العاطفية وأن أيامه أيام خير وجيله جيل أعمال ورجال.
5- الحذر من الاستئثار بالحديث في حضرتهم أو تجاهلهم دون منحهم فرصة لتعبير عن مشاعرهم أو ذكر شيء من آراءه وخبراته.
6- عدم التبرم والضجر من تعصب المسن لماضيه لان تعصب المسن لماضيه يمثل بالنسبة له القوة والنشاط والمكانة الاجتماعية والانجازات التي قدمها فينبغي تلمس العذر له وتفهم حاله.
7- ضرورة الاقتراب من المسن لاسيما أقربائه وأصدقائه:
ففي هذه المرحلة من العمر يزداد الشعور بالوحدة والغربة ويشعر المسن بانسحاب الأقارب والأصدقاء عنه وعدم السؤال عن أحواله أو الاتصال به أو الحديث معه وهذا الوضع قد يزيد الخيبة والحسرة لديه ويدهور شخصية المسن ويزيد الشعور بالأمراض والآلام.
8- مساعدة المسن على المشاركة الاجتماعية وحضور المناسبات والعزائم والتكيف مع وضعه الجديد.
9- إشغال المسن بما ينفعه من أمور دنياه وآخرته إما بتكوين علاقات جديدة وصدقات أخرى مع أنداده في السن أو المشاركة في حلقات تحفيظ لكبار السن وقراءة القران وملازمة المساجد والجماعة.
10- مراعاة التغيرات العضوية والنفسية والعقلية عند المسن حيث يصبح غالبا عرضة لكثير من التغييرات الجسمية والنفسية.
وأساليب أخرى كثيرة لا يمكننا إدراجها.

(( ومضة قلب ))

كبار السن نعمة من نعم الله تتجلى خدمتهم في معرفتنا لقوة صبرنا في أنفسنا ومع أبنائنا و طاقة تحملنا في أداء هذا الواجب العظيم فإن لم نستطيع تحمل أقرب الناس إلينا فلا نندم إذ رأينا ذلك بأعيننا ولم نجد من يحملنا(( فكما تدين تُدان )) والله المستعان.
وأما من أفتقدهم قلوبنا فلا نملك إلا الدعاء لهم بأن الله يجمعنا وأياهم و جميع المسلمين مع الحبيب المصطفى في جنات النعيم.
(( وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم )).

عواد الجهني
11-12-2012, 11:08 AM
اسطر في غاية الاهمية نفعنا الله واياكم بها --- معجب بما تكتب لك شكري وامتناني

العنيني
11-12-2012, 11:36 AM
الاخ عمير المحلاوي تحية تقدير ,نلمس في خط قلمك قمة الابداع أفتخر كثيراً بتألق أي ابن من أبناء ينبع

أتابع بشغف كل ماتكتبه أمنيتى أن تعرج على هموم ينبع . كم هي محتاجة لنا جميعاً

المعلم
11-12-2012, 12:06 PM
جزاك الله خيرا وبارك فيك
جعله الله في ميزان حسناتك

*أبو موسى محلاوي*
11-12-2012, 08:29 PM
جزاك الله خيرا وبارك فيك
جعله الله في ميزان حسناتك

أبو حنين
11-12-2012, 08:34 PM
شكرا لك
جزاك الله خيرا

أبو سفيان
11-12-2012, 08:41 PM
شكرا لك يا عمير موضوع جميل ومفيد ،،
وفيما يخص التهادي قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ تَهَادُوا فِإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَسُلُّ السَّخِيمَةَ ، وَتُورِثُ الْمَوَدَّةَ ، وَاللَّهِ لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كِرَاعٌ لَقَبِلْتُ ، وَلَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ لأَجَبْتُ " .!
تسل السخيمة أي تزيل البغضاء والضغينة من النفوس

وملاحظتي على الموضوع الإسهاب فليتك تختصر الموضوعات
فذلك يكون أدعى للمتابعة وعدم الملل حفظك الله ووفقك لكل خير .