المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوراق من صفحات شاعر .. ليلة رحيل الشاعر بنية العروي ..!



وريث الرمل
13-07-2002, 06:47 PM
ورقة أولى :

هاتفني صديق قال لي : لقد رحل الشاعر بنية العروي ...!!
قلت له : هل أنت متأكد من الخبر ؟.. لعلّ من نقله لك ممن ينطبق عليهم قوله :
ظالم خفي روج المكذوب
............................ وأشعل فتيله بنيرانه
قلوب ذابت عليها قلوب
......................... وعيون ناحت وحزنانه
هدأت نفسي قليلاً وغفوتُ أستعذب قوله وأجدُ فيه مناخًا نفسيًّا ألوذ به من هول الفاجعة .. لكنني استيقظتُ على حقيقة رحيله .. ولم لا ؟! فالموت الحقيقة الأعظم والأوجع ..
إذًا رحل العملاق بنيان العروي .. لم تربطني به علاقة مباشرة برغم انشغالي بالكسرة وهو فارسها الذي لايشق له غبار ربما إلا في السنوات الأخيرة حين صرنا نلتقي بين فترةٍ وأخرى وفي مناسبات عامة يبادلني فيها الحديث بحنو الأب الصادق مع ابنه .. والشاعر المتمكن من أدواته والواثق من نفسه في كل حوارٍ يخوضه .. إذًا هوى صرحٌ من صروح الكسرة وعمودٌ صلبٌ من أعمدة الرديح الذي قام عليها لأكثر من أربعين عامًا .. قامت منه وبه ليالٍ خلدها التاريخ وسجلتها الكسرة حروفًا ذهبية تتوشح بها كلما برزت لساحة الشعر عامةً جاعلاً خدمة هذا الموروث غاية تهون من أجلها المتاعب والصعاب :
أليس هو القائل ؟ :
لولا الوفا وانشراح الناس
........................... ماكان رحنا ولا جينا
نكسب مع الطيبين احساس
........................ على مدى العمر يكفينا
لكنه رحل ليبني الحزن كوخه على شفاهنا وقد نقش على مدخله قوله :
انظر معي فالزمان وشــــــوف
................................. مايفعله في محبينه
أعظم من الوصف والموصوف
.................................. اللي نحسه ومخفينه

ورقة ثانية :

كان الشاعر بنيه العروي .. عملاق الصف وفارسه .. سيد الموقف دائمًا .. هو شعراء في شاعر وأجيالٌ في فرد .. واحدٌ من أكبر عمالقة الرديح الذين وقفوا في صف (جدة ) أو ينبع النخل .. أيًّا كانت التسمية .. وأحيا مع الشاعر الكرنب ورفقائه أروع الليالي وأعذبها ..

يقول عنه الشاعر ( المغفور له بإذن الله ) ذيبان الفايدي في حديثٍ عابرٍ جمعني به ذات مساء
( كنَّا نذهب من هنا نحن شعراء ينبع يتقدمنا كبيرنا الكرنب إلى جدة .. نلتقي هناك ببنية العروي ورفقائه فتقام ليلة لابدَّ أن يتواتر صداها لمدة طويلة ... إنه الكفء والند والشاعر الذي كان يقارع الكرنب الحجة بالحجة ويشاطره الروعة وحسن الإبداع برجاحة عقلٍ واتزان وحكمة لم نشهد لها مثيل ... )
شكَّل الراحل بنيه العروي ثنائيًّا رائعًا مع الشاعر حمود الشطيري وشهد اجتماعهما معًا ــ إضافة إلى رفقائهم أبو مازن وبشيبش وغيرهم ــ ليالٍ صاخبة لاتزال عالقة بالأذهان منقوشة على جبين تاريخ الكسرة .. ولعلَّ اللحن الرائع الذي مازال يردده الكثيرون والذي منه :
شتى الوسايل بذلناها
......................... في منهج الطيب والتقدير
والعاقبة ماعرفناها
..................... بعد الذي صار كيف يصير
واجهة مشرقة لهذه الثنائية التي تندَّت بها معاني كثيرة ونماذج رائعة في أذهان عشاق الكسرة وجمهور الرديح ..
لكنَّ الشطيري اعتزل وافتقده العروي كثيرًا رغم وجود رفقائه بجواره فقد كان بينهما انسجامٌ كبير يلمسه كل متذوقٍ لفن الكسرة وكل مستقرئٍ لمسيرة الرديح شعريًّا لذلك بدأ وهج الرديح عند العروي يتضاءل تدريجيًّا رغم بقائه بعد اعتزال الشطيري لأكثر من عشرين عامًا .. كان اعتزاله هادئًا لم تصاحبه ضجة إعلامية توازي مكانته الشعرية وكان كما أشرت تدريجيًّا وربما يعود ذلك إلى حكمة الراحل ونبل خلقه
ومجاملته للجميع ولأنه كان يدرك تمامًا أن كرم أخلاقه لابدَّ أن يعيده إلى ساحة الرديح يومًا .. وبالفعل كانت العودة في الرديح الذي أقيم بمناسبة زفاف ابن الشاعر أحمد الدبيش وكان اللحن الرائع الذي شاع وذاع وتردد في الأسماع وأعاد للرديح مكانته عند الكثيرين وبرز منه قوله يرحمه الله :
عمرك سمعت الحبيب يبوق
............................... يغدر بروحه ويغدرنا
ويطشنا في لهيب الشوق
..................................... يرتاح واحنا يكدرنا

ورقة ثالثة :

( هي ورقة ننقلها من كتاب أهل الكسرة للأستاذ عبد الرحيم الأحمدي كترجمة لحياة الشاعر الفقيد )
( بنيان ( بنيه ) أحمد العروي .. ( 1351 ـــ 1419هـ )
من مواليد عام 1351 هـ في ينبع النخل وفي عام 1379هـ انتقل إلى جدة وعاش هناك حتى توفي فجر الاثنين الموافق 15/10/1419هـ
من الشعراء الرواد في مجال الكسرة وملاعب الرديح شارك كبار الشعراء ، وشهدت ملاعب الرديح ليالي رائعة كان العروي من فرسانها البارزين ، وله مراسلات مع شعراء الكسرة وفي الصحافة وندوات الشعر الشعبي ، وإلى جانب شعر الكسرة يكتب الشعر الشعبي ، وله أسلوب مهذب لبق في معالجة الردود والمعاناة ، إنه أسلوب الرواد الذين يزنون معانيهم قبل إطلاقها ، كانت محاولاته الأولى في الرديح مصاحبًا لرواده وبخاصة دخيل الله أبو مازن الذي كان يشجعه ويفسح له المجال للرد ثم بعد تجربة ناجحة وأثر انتقاله إلى جدة استقل متخذًا له مكانًا بين شعراء الرد في الرديح وأول كسرة أبدعها قوله :
يرضيك ياهاجري دمعي
........................... من المسا للصباح يصب
أغضبت في ودكم ربعي
......................... وفراق ودك عليه صعب )

ورقة أخيرة :

إذًا هاهو العيد أيضًا يحمل فاجعة أخرى للكسرة وعشاقها .. فقد حمل لنا قبل أكثر من عقدٍ ونصف نبأ رحيل العملاق أحمد الكرنب .. واليوم يحمل لنا فاجعة رحيل العملاق الآخر بنيه العروي .. وربما كان عظم الفاجعة يكمن في كونه واحدٌ من القلائل الذين قام بهم الرديح وصمد رغم المتغيرات الاجتماعية الكثيرة نتيجة حرصه على هذا الموروث ولوي أعناق الناس له من خلال الإبداع المفرط المتكئ في الأساس على الإبداع العفوي التلقائي والحماس الواعي المتحضر الذي هذبته الحكمة والاتزان والقدرة على ضبط النفس وجلد الذات بما يخدم هذا الموروث وإفساح المجال لتوالد أجيالٍ تحمل لواء الرديح فكان من ثمار ذلك بروز الشاعر الشاب عطية الله الفدعاني الذي يعد بحق الآن من المبدعين القلائل الذين يسيرون على نهج بنية والكرنب وغيرهم من الرعيل البكر المميز ...
رحم الله أباخالد وأسكنه فسيح جناته .. ...

الردادي
13-07-2002, 11:16 PM
الله يرحمه ويدخله أوسع جناته فإننا بالفعل أفتقدنا إلى شاعر كبير ومخضرم عاش مع كبار الشعار . ولكن هذا هو أمر الله عز وجل .

أبو سفيان
14-07-2002, 12:27 AM
لقد عبرت عن مشاعر الجميع ممن يعرفون الشاعر ( بنية العروي) عليه رحمة الله ، والذين يعرفونه كثر والذين يعشقون شعره وإبداعه أكثر 00 بالفعل فقد كان المرحوم عملاقا من العمالقة إن كان في شعره أو في أخلاقه أو أدبه وحسن تعامله ورقة مشاعره ولا نملك إلا أن نترحم عليه وندعو له بالمغفرة وحسن المآب وجزاك الله خيرا أخي الوريث على أن دعوتنا لنذكره بمحاسنه وطيب أفعاله 0