أبو تركي
18-02-2004, 03:22 PM
لم أكتب الرسالة وإنما قرأتها هذا اليوم
التعليم ليس حقول تجارب
لا يكاد يمر يوم من ايام العام الدراسي الا وتتلقى معاقل التعليم ودور التربية (المدارس) سيلاً من التعاميم, وكماً هائلاً من التوجيهات, تتلاقى أحياناً وتتعارض أحياناً كثيرة وكلها -دون شك- تحاول أن تصلح الواقع وتصحح الخطأ وتقوم الاعوجاج, ومع هذا تظل العملية التربوية تزحف وئيدة الخُطَى, ان لم تكن تراوح مكانها أو تسير في الاتجاه المعاكس دون وعي من القائمين عليها.
يقال: ان انجلترا حينما ارادت ان تكوّن فكرة صحيحة عن افضل الوسائل والمبادئ المثلى للتربية والتعليم جندت اكفأ رجالها من مختلف التخصصات من ساسة وادباء ونقاد وعلماء نفس وصناع وتجار وفلاسفة ثم منحتهم ثماني سنوات ليطلعوا على كل مناهج الدنيا, وبعدها قدم لها هؤلاء قراراً وليس توصية في عشرين مجلداً ضخماً جاء العمل به في الشهر التالي من تقديمه.
أما نحن فنرقع تربيتنا وتعليمنا بمعالجات جزئية واجتهادات فردية أضرّت أكثر مما نفعت ولعل من أهم اسباب ذلك ما يأتي:
أولاً: الاستعجال في اصلاح الخلل الذي أبصرناه فجأة بعد ان اتسع وكبر.
ثانياً: عدم وجود قيادات تربوية خبيرة تتبنى مطالب التربية, بل لدينا قيادات تعليمية مخلصة والاخلاص المجرد من الخبرة لا يكفي, فقد اضحت ادارات التعليم ومراكز الاشراف التربوي تتخبط في المحاولات.
ثالثاً: ادى الاستعجال في اصلاح الخلل وتراكم التوجيهات والتعميمات الى ان لبسنا غير ثوبنا فظهر العوار وانكشف المخبأ وبان الخلل, لأننا لم نعرف واقعنا ونصوغ تربية تلائم طبيعة مجتمعنا, فترتبت على هذا مضاعفة الخلل وبدلاً من أن نعالج القصور في التربية واصلاح المناهج اصبحنا نعالج معهما الترقيعات المستفادة من التجارب الخارجية التي اسقطت دون وعي على مدارسنا.
انني لا استطيع اتمام الاسباب لضيق المساحة ولمعرفتها لدى المعنيين, ولكن أريد التأكيد على أن التعليم لا يصلح بمعالجات متفرقة وتعاميم متتابعة وترقيعات مجزأة, كما ان اصلاح المنهج لا ينتج طالباً نافعاً من غير اصلاح معلمه ومن غير تربيته تربية لا تقوم على اخضاعه للتشريح وتحويله الى حقل تجارب فالخلل كبير ولهذا استميح التربويين عذراً في ان اقسم غير حانث انهم لن يصلحوا طالباً واحداً الا باصلاح معلمه ومدرسته ومنهجه, فالطالب الذي يرى مناهجه تعلم الصدق والشجاعة والكرم وقول الحق والعفة والرحمة والصبر والحلم وغيرها من المثاليات ويرى استاذه يكذب ومديره يحقد وأباه يخادع أمه وهو رأى الطالب لا ينجو من العقاب المدرسي الا بالكذب, ويرى معلمه بخيلاً خائفاً من مديره أو المشرف التربوي منافقاً مع الموجه ضيق الصدر مع طلابه وغير ذلك من العقد التي تبقى لا شعورياً مستورة داخل صدر الطالب يقذفها للحياة في أية لحظة يخلع فيها قيود المدرسة ويكسر سلاسل التعليم.
فليكن تطوير التعليم تكاملياً ولا تدفعكم عجلة الزمن وظروف الواقع الى صياغة مناهج وخطط تخرج لنا طالباً مختلاً أو معتلاً فيكفينا الواقع الآسن الذي نتلوى فيه.
وفق الله الجميع لكل خير.
د. عبدالله بن عويقل السلمي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز- كلية الآداب
التعليم ليس حقول تجارب
لا يكاد يمر يوم من ايام العام الدراسي الا وتتلقى معاقل التعليم ودور التربية (المدارس) سيلاً من التعاميم, وكماً هائلاً من التوجيهات, تتلاقى أحياناً وتتعارض أحياناً كثيرة وكلها -دون شك- تحاول أن تصلح الواقع وتصحح الخطأ وتقوم الاعوجاج, ومع هذا تظل العملية التربوية تزحف وئيدة الخُطَى, ان لم تكن تراوح مكانها أو تسير في الاتجاه المعاكس دون وعي من القائمين عليها.
يقال: ان انجلترا حينما ارادت ان تكوّن فكرة صحيحة عن افضل الوسائل والمبادئ المثلى للتربية والتعليم جندت اكفأ رجالها من مختلف التخصصات من ساسة وادباء ونقاد وعلماء نفس وصناع وتجار وفلاسفة ثم منحتهم ثماني سنوات ليطلعوا على كل مناهج الدنيا, وبعدها قدم لها هؤلاء قراراً وليس توصية في عشرين مجلداً ضخماً جاء العمل به في الشهر التالي من تقديمه.
أما نحن فنرقع تربيتنا وتعليمنا بمعالجات جزئية واجتهادات فردية أضرّت أكثر مما نفعت ولعل من أهم اسباب ذلك ما يأتي:
أولاً: الاستعجال في اصلاح الخلل الذي أبصرناه فجأة بعد ان اتسع وكبر.
ثانياً: عدم وجود قيادات تربوية خبيرة تتبنى مطالب التربية, بل لدينا قيادات تعليمية مخلصة والاخلاص المجرد من الخبرة لا يكفي, فقد اضحت ادارات التعليم ومراكز الاشراف التربوي تتخبط في المحاولات.
ثالثاً: ادى الاستعجال في اصلاح الخلل وتراكم التوجيهات والتعميمات الى ان لبسنا غير ثوبنا فظهر العوار وانكشف المخبأ وبان الخلل, لأننا لم نعرف واقعنا ونصوغ تربية تلائم طبيعة مجتمعنا, فترتبت على هذا مضاعفة الخلل وبدلاً من أن نعالج القصور في التربية واصلاح المناهج اصبحنا نعالج معهما الترقيعات المستفادة من التجارب الخارجية التي اسقطت دون وعي على مدارسنا.
انني لا استطيع اتمام الاسباب لضيق المساحة ولمعرفتها لدى المعنيين, ولكن أريد التأكيد على أن التعليم لا يصلح بمعالجات متفرقة وتعاميم متتابعة وترقيعات مجزأة, كما ان اصلاح المنهج لا ينتج طالباً نافعاً من غير اصلاح معلمه ومن غير تربيته تربية لا تقوم على اخضاعه للتشريح وتحويله الى حقل تجارب فالخلل كبير ولهذا استميح التربويين عذراً في ان اقسم غير حانث انهم لن يصلحوا طالباً واحداً الا باصلاح معلمه ومدرسته ومنهجه, فالطالب الذي يرى مناهجه تعلم الصدق والشجاعة والكرم وقول الحق والعفة والرحمة والصبر والحلم وغيرها من المثاليات ويرى استاذه يكذب ومديره يحقد وأباه يخادع أمه وهو رأى الطالب لا ينجو من العقاب المدرسي الا بالكذب, ويرى معلمه بخيلاً خائفاً من مديره أو المشرف التربوي منافقاً مع الموجه ضيق الصدر مع طلابه وغير ذلك من العقد التي تبقى لا شعورياً مستورة داخل صدر الطالب يقذفها للحياة في أية لحظة يخلع فيها قيود المدرسة ويكسر سلاسل التعليم.
فليكن تطوير التعليم تكاملياً ولا تدفعكم عجلة الزمن وظروف الواقع الى صياغة مناهج وخطط تخرج لنا طالباً مختلاً أو معتلاً فيكفينا الواقع الآسن الذي نتلوى فيه.
وفق الله الجميع لكل خير.
د. عبدالله بن عويقل السلمي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز- كلية الآداب