المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال جميل لابن العم عواد الصبحي وجدته في أحد المنتديات( تجديد الكسرة)



فرج الصبحي
24-11-2010, 05:32 PM
رؤية - عواد الصبحي ماحدث في الوجه

--------------------------------------------------------------------------------

لن ينتعش الرديح ولن يتجدد ، إلا بكسرة متجددة وموضوعات متنوعة ، تساير الواقع وتجذب المستمع ، والكسرة بطبيعتها تبحث عن المعنى الجديد ومنها يسمو الشاعر بخياله ويبعد عن الرتابة والتكرار . ولولا هذه السمة التي تتفرد بها الكسرة عن سائر ألوان الشعر الشعبي لما اصبح للرديح عشاقه الذين يبحثون عن الجديد ويتداولون اخر ما قيل من كسرات ومراديد ، ولما احتاج الرديح إلى شعراء يقودون الصفوف ، ولكم أن تتخيلوا لعبة رديح يردد فيها المغنون كسرات قديمة ( لابو مدهون ، وابن بلال ، وابو حمرون ) قيلت قبل مئة سنة أو اكثر ... لا اعتقد أن أحدا سيأتي لمشاهدة هذه اللعبة ، أو يكلف نفسه العناء لمتابعتها والتحمس لها . وفي موضوع سابق طرحه الأخ / ضمن السناني هنا .... اجمع المشاركون فيه بلا تردد على أهمية التجديد في شعر الكسرة بل انه اصبح واقعا نعايشه في كسرات جيل الشباب هذه الأيام ، أذن ما بالنا لا نساير هذا التوجه من تجديد حاصل في الألفاظ وفي الصور الشعرية ، وذلك لكي نجدد في مجريات الطرح وأساليب العرض أيضا ، ونخرج الرديح نفسه من دائرته الضيقة إلى مجال ارحب تقوم على نبرة التحدي التي تنعش الصفوف وتبتعد بنا عن المتهالك والمألوف . وقد اصبح من غير الممكن أن تجد شخصا ، ولو كان من عشاق الرديح أن يضيّع ساعات من وقته أو ليلة من لياليه ليستمع إلى أغصان مكررة ومعادة ، وتبادل لعبارات المدح والثناء التي ألفنا ترديدها من عشرات السنين : يا طيب الاهل والمعدن خابرك مخلص وحقاني *** ترحيب مثل العسل محلاه يا اللي المواقف تقدرها *** جانا جواب الوفا مشهود منكم لنا ما حصل تقصير كل هذه الأساليب عفا عليها الدهر وما عادت تجذب للرديح عاشقا ولا تغري بالوقوف خلف الصفوف . وإنني لا اعلم سبباً يجعل بعض المهتمين والمتابعين يعتبرون أن الاتجاه بالرديح إلى قمة الانتعاش ونبرة التحدي ، يعتبرونه خروجاً عن المالوف ، وتمرداًَ على الاصول بينما الامثلة والشواهد كثيرة جداً ممن سبقوا ، تثبتُ ان هذه النبرة كانت تصل الى حد عسكرة الرديح وتجيش الصفوف وكأنهم في حرب حقيقية .... لعلنا نتذكر قول الشاعر الكرنب يرحمه الله : بجنود عسكر وقايد حرب لمهاجمات الصفا ناوين وعندها يرد عليه الشاعر حجيج وابو شعيب رحمهما الله : ذا صمد عاصي مطوع صعب منتى على مقاومه قاوين أو كما يرد ابو مازن يرحمه الله على الكرنب : ذا صمد عاصي من الجهنان ياكم ضيع مساكينا ما هو كما الطالع اللي بان سكّانه البنط والمينا أريد أن اضرب مثالاً ، وأسال سؤالاً : لماذا ؟؟ نجد أن كسرات المراسلات غدت متنفساً ارحب للشعراء من كسرات ومشتكيات الرديح ؟ الجواب بلا تردد : لأنها اكثر تحرراً من هذه القيود ويستطيع المرسل أن يصوغ كسرته في أي شان من شؤونه الحياتية ومشاكله الاجتماعية من زواج وصد وهجران ، وما يلاقيه من عناد وتكبر وامتهان ، أو ما يصادفه من تحيز وتجبر من فلان وعلان 0ألم تقرؤوا ما سطره الشاعر الفذ / عبدالله الطلحي وهو يحذرنا ويحذر شعراء الكسرة الذين ما زالوا جامدين في أماكنهم لا يقبلون التغيير ولا يحسنون التعبير .... يقول الطلحي لا فض فوه : الناس تسعى ورا التغيير وين انت يا شاعر الكسره يا شاعر الفن والتصوير خاطرك ما ودنا كسره لكن !! هذا زمان ... الغير ما عاد لك سوق يا حسره ضاعت همومك في جوف البير ما بين تكره وما تكره لذا فإنني أقول : إلى كل المنزعجين مما يحصل هنا وهناك من خروج يظنونه ، أو طمس لمبدأ يتوهمونه ( نقدر حرصكم وحبكم للرديح وأهله ) لكن صدقوني انه أمر عادي جدا وهذه حلاوة المحاورات الشعرية كما نعرفها في الشعر النبطي وعند الختام يحبون خشوم بعضهم ولن يتعدى الكلام ساحة اللعب بأي حال من الأحوال . لا تنزعجوا أبدا واطمئنوا ... فهؤلاء الشعراء قادة الصفوف رجال يعرفون قدر بعضهم ويحترمون ما بينهم من علاقات ومودات راسخة لا يمكن أن تذهب بكل سهولة ولن تحلو ساحة الشعر إلا بالإثارة والندية والتشويق .. أقول هذا تعليقاً على ما دار في رديح " الوجه " مؤخراً ولن اعتبر ما دار فيه وصمة كما يتصور !!! ولكنه في الحقيقة لا يخرج عن العتاب بين الشعراء وهذا هو الذي يجب أن يكون في ساحة الرديح وليس في المجالس الخلفية حيث يتناقله الناقلون ، ويفرح به الفتّانون .. فقط الذي نريده الابتعاد عن بعض الألفاظ الجارحة ، والكلمات النابية قياساً لما يحدث من مهاترات وممنوعات لا يستسيغها المجتمع أحيانا في بعض محاورات الشعر الشعبي ... لقد مللنا من موضوعات " السهر والغرام والصد والهجر والرموز الغامضة " التي أصبحت عبئاً على شعر الكسرة وحشره في زاوية ضيقة .. والرديح لعبة شعبية لها عشاقها وشعر الكسرة له متذوقون ويجب أن يحاكي أوضاعنا التي نعيشها من عتاب واعتراض ولوم ومحاسبة وكل السلوكيات الاجتماعية بكل حرية ودون قيود فالشعر اكثر ما ينخر فيه هذه القيود ، وبما يكتنفه من محذور وحدود ... يجب " أن ما يقال في مجالسنا هو ما نعبر به في ساحة الرديح حتى نصدق مع أنفسنا " . وقد سمعت الكثيرين ممن يباركون هذه الخطوة الجريئة التى بدأها شعراء صف ينبع واهنئ شعراء صف املج على نجاحهم في التهيئة لهذا الوضع وتقبله ومجاراته بكل اقتدار وصلابة وندية .. وليس هناك خروج عن دائرة الأدب المتعارف عليه ، وان نقتنع أن هذه الأمور تكون نسبية في تقبل البعض لها ، ولكن بالتحليل الهادئ ، نتأكد الا خوف يعترينا فالصفوف متلازمة بين ينبع واملج والود ثابت والتواصل لن ينقطع .. دعونا نخوض مجالا في الرديح اكثر تشويقا وانجح وسيلة لمعالجة بعض ما ينتاب مجتمعنا من صراعات ، وعوداً على بدء أريد أن اذكر فقط بهذه الكسرات القديمة بعض المتشائمين حتى لا يدور بخلدهم أن ما حدث في رديح الوجه هو انقلاب ومصيبة كبيرة ليست لها سابقة ، وليس هناك ابلغ من نبرة التحدي التي كان يستخدمها المرحوم الشاعر / احمد الكرنب .. كلما سنحت له الفرصة وهنا نتذكر ما قاله في ليلة من ليالي جدة عندما كان وحيداً في صف ينبع وكان يقابله مجموعة من الشعراء على رأسهم الشاعر / بنيه العروي يرحمه الله فكان لا بد من أن يثبت الكرنب تحديه مبتدئاً اللحن دون ذكر السلام فقال : جينا لكم محتمين القيل وجنود في مّارس الميدان عن كل خطوة مشينا ميل والان وقت الملاقا حان ويقول الكرنب أيضا للشاعر المقابل في رديح آخر بينبع : من عادتي ما تبع الصفصاف ولا استمع جابة اخطابه لان غزره قليل وجاف ماهو كما العد يُروي به ويقول القريشي للكرنب: كُب العند والكلام الجاف خليك دايم طري لسان وهذا الشريف عبدالله رضا وعبدالرحمن قاضي يردان على الكرنب في ليلة من ليالي الرديح القديمة : انا احسب انك رجل هودار لما عليك المثل عديت اتريك ما تعرف المقدار تخطي وانا ما عليك اخطيت وهناك الكثير من الشواهد والأمثلة ، فان ساحة الرديح بحاجة لمثل هذه الهزات لتحرك الراكد ، وتبعث في الرديح العنفوان والنشوة .. اكرر لا تنزعجوا ولا تتشاءموا وهذه حلاوة المحاورات الشعرية .. نعم " للإثارة والتحدي والصراحة والنّدية والمقارعة بالحجة " ولا ... " للملل والرتابة والموضوعات المتهالكة والعبارات التقليدية " مع حفظ الود وحسن التخاطب وغض الطرف عن التجاوزات التي يحكمها قانون التنافس الشريف .