الدكة
07-11-2010, 11:35 PM
(لا يوجد مواطن بلا سكن)... الحق الطبيعي الذي أشار إليه ابن حزم: حق كل فرد في داخل الدولة الإسلامية في مسكن يليق به، وعلى الدولة الإسلامية أن توفر له ذلك إن عجزت موارده: "...فرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائه ويجبرهم السلطان على ذلك، إن لم تقم الزكوات بهم ولا في سائر أموال المسلمين بهم، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك وبمسكن يكنهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة" (المحلي 156/1).
حتى إنه لو قدر أن إنسانا اضطر إلى السكن في بيت لا يملكه ولم يجد مكانا آخر غير هذا البيت يأوي إليه هو وصغاره، فمذهب أحمد يميل في وجوب بذل ذلك البيت لهم مجاناً! ولابن تيمية آراء حقوقية معاصرة في أن الإسلام يكفل لكل فرد ـ في داخل الدولة ـ مسكنا يقيه حر الصيف وبرد الشتاء، ويمنع عنه أعين المارة محافظة على كرامته وحفظا لأسراره في داخل بيته.
ويصر ابن تيمية على أن الدولة ملتزمة بتوفير المسكن من مواردها العادية، كالزكاة وغيرها...فإذا لم تكف الموارد العادية لذلك، فرض ولي أمر المسلمين من الضرائب ما يقوم بذلك، بل إن ابن تيمية يرى التنازل عن المنازل التي تزيد عن حاجة الفرد...مقابل أجرة المثل لكفل المسلم الذين يعيش هو وأطفاله في العراء! (ابن تيمية: الحسبة ص 35).
والنظم الدولية الحديثة اليوم تؤكد أيضاً على أن: (الحق في سكن مناسب...هو حق لكل فرد..كل طفل...كل امرأة ورجل وفى أي مكان). واعترفت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أن السكن أساس لحفظ الكرامة الإنسانية، وهو حق طبيعي من حقوق الإنسان، (المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948).
وقد تم الإشارة إلى هذا الحق في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، حيث أكد أن لكل فرد الحق في سكن ملائم وفي مستوى معيشي كاف له ولأسرته ليوفروا ما يفي بحاجاتهم من الكساء والغذاء والمأوى واتخاذ التدابير اللازمة لضمان تكافؤ الفرص للجميع في إمكانية وصولهم إلى الموارد الأساسية والتعليم، ومن ضمنها السكن.
كيف تحول اليوم هذا الحق (حق السكن) إلى مقابر في بعض البلدان العربية؟ هل يوجد إهدار للكرامة الإنسانية أعظم من أن يضطر الإنسان للعيش في مقبرة؟! في مقبرة؟! حتى في بلداننا! بلداننا... التي تبيع من النفط يومياً ما يجاوز 10 ملايين برميل، بسعر متوسط يتراوح بين 70 و75 دولار، يئن أفرادها من العيش على قارعة الطريق بنسبة تصل إلى 45%!... وترك الوطن (نصف شعبه) من الأطفال واليتامى والأرامل... بلا مأوى!
نصف الشعب تقريباً يفتقد السكن...الشباب، الأسر متوسطة و محدودة الدخل غير قادرة اليوم على كلفة الحصول على (مسكن صغير في وطن عريض) يطمئن إليه ويأمن به على أولاده من بعده.
50 بالمائة من رواتب الأفراد ـ في الدول العربية ـ تذهب في دفع إيجارات فاحشة، وهناك أسر تتنقل من منزل إلى آخر ـ أقل مستوى وخدمات ـ فقط من أجل توفير مسكن رخيص! لقد انهارت أسر كثيرة بسبب أقساط السكن التي يدفعها رب الأسرة إلى مالك المنزل، ووصل الحد ببعض الأسر إلى الانفصال تحت وطء انهيار المعيل عن سداد الإيجار...تأخر الكثير من الشباب وتوقفوا عن مشروع الزواج والاقتران ليس لشيء...فقط هم لا يملكون بضعة أشبار في وطنهم!
بضعة أشبار يحلم بها الإنسان العربي (المسكين) مقابل بيع أراضى الدولة (مساحات بآلاف الكيلومترات) لصالح فئات محدودة جداً من رجال الأعمال وبعض المسئولين الحكوميين المستفيدين. قرى ومدن كاملة تابعه للدولة تؤخذ ثم تمنح للتجار، للمضاربة بها، هكذا صراحة وبلا مواربة...جريمة منظمه في حق الإنسان وقرصنة حكومية بامتياز.
ما قيمة الوطن...والفرد فيه يحرم من (سكن)؟! أي وطن هذا...وهو لا يسعى إلى تنمية أفراده والارتقاء بمستوى معيشتهم. نعم، الارتقاء بمستوى المعيشة...الحق الطبيعي المكتسب لكل مواطن، بلا استثناء.
يوجد في الغرب اليوم العشرات من الجمعيات، مهمتها الدفاع عن فكرة المأوى للفرد، معتبرة ذلك من حقوق الإنسان الأساسية، وهي ما تعرف بـ"جمعيات الحق في السكن." وقد أينعت وأثمرت مجهوداتهم وتضحياتهم الباسلة في دفع حكوماتهم للتحرك بوتيرة أسرع وأعلى لتأمين السكن للمعدمين والمشردين.
ولن يتعزز حق السكن في النفوس ويُبعث من جديد في منطقتنا إلا عبر تنظيم حملات مكثفه مشابهه، لتشكيل "رأى عام متماسك"، يدعم حق الفرد في سكن مناسب خاصة للفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، الفقراء، الأطفال، المعوقين، الأرامل والأيتام.
ولن يتأتى ذلك إلا بضغط جمعيات حقوقية متخصصة تتخذ من السكن "قضيه مركزية لها"...تعمل عليه بشكل دؤوب وتتبناه من منطلق حقوقي صرف...ليس باعتباره حقا يجب الدفاع عنه فقط، ولكن باعتباره أيضاً حقا أصيلا يجب المطالبة به ومن الدولة نفسها عن طريق تقديم مساعدة قانونية للمتروكين بلا مأوى...حتى لو اضطررنا للجوء للقضاء لرفع قضايا حقوقية ومقاضاة الحكومة (المؤسسات والوزارات ذات العلاقة) أو الجهة المسئولة عن ذلك واحراجها أمام الرأي العام محليا ودولياً.
حتى إنه لو قدر أن إنسانا اضطر إلى السكن في بيت لا يملكه ولم يجد مكانا آخر غير هذا البيت يأوي إليه هو وصغاره، فمذهب أحمد يميل في وجوب بذل ذلك البيت لهم مجاناً! ولابن تيمية آراء حقوقية معاصرة في أن الإسلام يكفل لكل فرد ـ في داخل الدولة ـ مسكنا يقيه حر الصيف وبرد الشتاء، ويمنع عنه أعين المارة محافظة على كرامته وحفظا لأسراره في داخل بيته.
ويصر ابن تيمية على أن الدولة ملتزمة بتوفير المسكن من مواردها العادية، كالزكاة وغيرها...فإذا لم تكف الموارد العادية لذلك، فرض ولي أمر المسلمين من الضرائب ما يقوم بذلك، بل إن ابن تيمية يرى التنازل عن المنازل التي تزيد عن حاجة الفرد...مقابل أجرة المثل لكفل المسلم الذين يعيش هو وأطفاله في العراء! (ابن تيمية: الحسبة ص 35).
والنظم الدولية الحديثة اليوم تؤكد أيضاً على أن: (الحق في سكن مناسب...هو حق لكل فرد..كل طفل...كل امرأة ورجل وفى أي مكان). واعترفت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أن السكن أساس لحفظ الكرامة الإنسانية، وهو حق طبيعي من حقوق الإنسان، (المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948).
وقد تم الإشارة إلى هذا الحق في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966)، حيث أكد أن لكل فرد الحق في سكن ملائم وفي مستوى معيشي كاف له ولأسرته ليوفروا ما يفي بحاجاتهم من الكساء والغذاء والمأوى واتخاذ التدابير اللازمة لضمان تكافؤ الفرص للجميع في إمكانية وصولهم إلى الموارد الأساسية والتعليم، ومن ضمنها السكن.
كيف تحول اليوم هذا الحق (حق السكن) إلى مقابر في بعض البلدان العربية؟ هل يوجد إهدار للكرامة الإنسانية أعظم من أن يضطر الإنسان للعيش في مقبرة؟! في مقبرة؟! حتى في بلداننا! بلداننا... التي تبيع من النفط يومياً ما يجاوز 10 ملايين برميل، بسعر متوسط يتراوح بين 70 و75 دولار، يئن أفرادها من العيش على قارعة الطريق بنسبة تصل إلى 45%!... وترك الوطن (نصف شعبه) من الأطفال واليتامى والأرامل... بلا مأوى!
نصف الشعب تقريباً يفتقد السكن...الشباب، الأسر متوسطة و محدودة الدخل غير قادرة اليوم على كلفة الحصول على (مسكن صغير في وطن عريض) يطمئن إليه ويأمن به على أولاده من بعده.
50 بالمائة من رواتب الأفراد ـ في الدول العربية ـ تذهب في دفع إيجارات فاحشة، وهناك أسر تتنقل من منزل إلى آخر ـ أقل مستوى وخدمات ـ فقط من أجل توفير مسكن رخيص! لقد انهارت أسر كثيرة بسبب أقساط السكن التي يدفعها رب الأسرة إلى مالك المنزل، ووصل الحد ببعض الأسر إلى الانفصال تحت وطء انهيار المعيل عن سداد الإيجار...تأخر الكثير من الشباب وتوقفوا عن مشروع الزواج والاقتران ليس لشيء...فقط هم لا يملكون بضعة أشبار في وطنهم!
بضعة أشبار يحلم بها الإنسان العربي (المسكين) مقابل بيع أراضى الدولة (مساحات بآلاف الكيلومترات) لصالح فئات محدودة جداً من رجال الأعمال وبعض المسئولين الحكوميين المستفيدين. قرى ومدن كاملة تابعه للدولة تؤخذ ثم تمنح للتجار، للمضاربة بها، هكذا صراحة وبلا مواربة...جريمة منظمه في حق الإنسان وقرصنة حكومية بامتياز.
ما قيمة الوطن...والفرد فيه يحرم من (سكن)؟! أي وطن هذا...وهو لا يسعى إلى تنمية أفراده والارتقاء بمستوى معيشتهم. نعم، الارتقاء بمستوى المعيشة...الحق الطبيعي المكتسب لكل مواطن، بلا استثناء.
يوجد في الغرب اليوم العشرات من الجمعيات، مهمتها الدفاع عن فكرة المأوى للفرد، معتبرة ذلك من حقوق الإنسان الأساسية، وهي ما تعرف بـ"جمعيات الحق في السكن." وقد أينعت وأثمرت مجهوداتهم وتضحياتهم الباسلة في دفع حكوماتهم للتحرك بوتيرة أسرع وأعلى لتأمين السكن للمعدمين والمشردين.
ولن يتعزز حق السكن في النفوس ويُبعث من جديد في منطقتنا إلا عبر تنظيم حملات مكثفه مشابهه، لتشكيل "رأى عام متماسك"، يدعم حق الفرد في سكن مناسب خاصة للفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، الفقراء، الأطفال، المعوقين، الأرامل والأيتام.
ولن يتأتى ذلك إلا بضغط جمعيات حقوقية متخصصة تتخذ من السكن "قضيه مركزية لها"...تعمل عليه بشكل دؤوب وتتبناه من منطلق حقوقي صرف...ليس باعتباره حقا يجب الدفاع عنه فقط، ولكن باعتباره أيضاً حقا أصيلا يجب المطالبة به ومن الدولة نفسها عن طريق تقديم مساعدة قانونية للمتروكين بلا مأوى...حتى لو اضطررنا للجوء للقضاء لرفع قضايا حقوقية ومقاضاة الحكومة (المؤسسات والوزارات ذات العلاقة) أو الجهة المسئولة عن ذلك واحراجها أمام الرأي العام محليا ودولياً.