المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القصيدة الهائية



الخل الوفي
22-10-2003, 12:56 AM
القصيدة الهائية

ما بال نفسي تطيل شكواها إلى الورى وهي ترتجي الله

يفســــــــــــــــــد إخلاصها شكايتها ذاك الذي راعها وأرداها

لـــــو انها من مليكها اقـــــــتربت واخلصت ودّهـــا لأدناها

لكنهــــــــــــا آثرت بريته عليه جهــــــــــــــلا به فأقصــــــــــــــاها

أفقرها للورى ولو لــــجأت إليه من دونهم لأغنـــــــــــــــاها

تشكو إلى خلقه كأنهم قـــــــــــــد ملكوا نفعها وضـــــراها

لو فوضت أمـــــــرها لخالقها وصححت صدقها وتكلاها

عوضها من همومها فـــــــــرجا ولم يدعها بطول غمـــاها

تسخطه في رضـــــــــــــــــــــــــا بريته تباً لها ما اجل بلواهـــــــــا

لو أنها للعبـــــــــــــــــــــــاد مسخطة مرضية ربها لأرضــــــــاها

لدي نفس أحب أنعتها لتعرفــــــــــــوا نعتها وأسمــــــــــــــاها

فاسمع صفاتي لها لعلك أن تفهم ذا اللب سر معناها

تسعى إلى اللهو وهو غايتها ياويلها ما أضر مسعــــاها

أزجـــــــــــرها وهي لي مخالفة كأنني لســــت من اوداها

تنظر في عيب غــــــيرها سفهاً وكم عيوب لها فتنساها

قد ظلمتني بسوء عشرتها ولم تدع لي تقوى ولا جاها

كثـــيرة اللغو في مجالسها قليلة الذكر في مصلاها

قليلة الشكر عنـــد نعمتها ضعيفة الصبر عند بلواها

بطيئة السعي في مصالحها سريعة الجري في بلاياها

كثــــيرة المطل في مواعدها كذوبة في جميع دعواها

بصــــــــيرة بالهوى وفتنته عميــــــــة عن امـــــور اخــــــــراها

نشيطة عند وقت لذتها كاسلة عنــــــــد وقت ذكـــراها

نؤومة العين عن عبادة من أتقن تصويرها فســــــــــــــواها

كثيرة الأمن عند صحتها عظيمة الخوف عند ضراها

حليفة الكبر والرياء فقد أفسدها كـــــبرها وأطغاها

عظيمة المدح والثنــــــاء لمن يرفع مقــــــدارها ومثـــــــواها

مطيلة الذم بالقبيح لمن عرفها قــــــــدرها وطغيــــــــــــاها

تفرح في أكلها ومشربها وحبها للمنام أغـــــــــــــــــــــــراها

ذاكرة للورى مساويهم ناسية ما جناه كفـــــــــــــــــراها

كم بين نفسي وبين نفس فتى طهرها بالتقى ونقاها

علمها رشــــــــــــدها وبصرها ثم بقوت الحــــــــلال غذاها

أقامها في الدجى على قدم فانهملت بالدموع عيناها

إذا اشتهت شهوة يعودها بخوف معبودها فســـــــــــــلاها

وراضها بالصيام فانقمعت بالرغم من غيها ومغراها

ذاكرة للإله شاكرة مخلصة ســــــــــــــــرها ونجـــواها

لله نفس امـــــــــــرىء موفقة آوت إلى ربها فـــــــــــــــآواها

شرفها ربها وكرمها ومن ميـــــــــــــــــــــاه اليقين أرواها

سمت إليه بحسن فكرتها ثم صافي ودادها فصفاها

تلك التي إن دعت لحاجتها أجابها مسرعاً ولباها

إن بليت بالخطوب صبرها أو سألت ما يريد أعطاها

ليست كنفسي لدي عاصية آمرها جاهداً وأنهاها

وهي لأمر الإله عاصية ويلي لما قــــــــــــــــد جنت وويلاها

كيف إلى ربها تنوب وقد ذلت لشيطانها فأغــراها

فكلما قلت يانفسي ازدجري وراقبي في أمــورك الله

صمتت عن الحق وهي سامعة كأنني ما اريد إياها

لو علمت بعض ما له خلقت أحزنها علمها وأبكاها

لو تعرف الله حق معــــــرفة لصححت برها وتقــواها

لكنها جهلهـــــا بخالقها أغفلها رشـــــــــــــــدها والهاها

ياويح نفسي والويح حق لها إن صدها ربها وأرداها

تغرها لذة الحياة وما تدري إلى ما يكون عقبـــــــــاها

قد ضقت ذرعاً بها واحبسها لم أك أعصي الإله لولاها

إن أنا حاولت طاعة فترت وأظهرت وحشة وإكراها

صرت مع النفس في محاربة تأمرني بالهوى وأنهاها

نحن كقرنين في معاركة أدرع الصبر عند لقيــاها

وهي بجند الهوى مبارزتي وأي صبر يطيق هيجـاها

إن جبنت بالقتال شجعها أو ضعفت في اللقاء قواها

أصرعها تارة وتصرعني لكن لها السبق حين ألقاها

أحبها وهي لي معادية كأنني لست من احبـــــــــــــــــاها

عدوة لا أطيق أبغضها ياليتني استطيع انســــــــــــــــــاها

سابحة في بحار فتنتها جانبة في سدول ظلمــــــــــــــــــاها

احسبها إن أبت موافقتي خاسرة دينها ودنيـــــــــــــــــــاها

يارب عجل لها بتوبتها واغسل بماء التقى خطاياها

إن تك ياسيدي معذبها من ذا الذي يرتجي لرحماها

فألطف بها واغتفر خطيئتها إنك خلاقها ومولاها



من كتاب معارج القدس في مدارج معرفة النفس