المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المتسولين عند إشارات المرور



اهلاوي2009
08-12-2009, 11:22 AM
http://admins.20at.com/aly/motasawel.JPG (http://admins.20at.com/aly/motasawel.JPG)
إذا افترضنا أن نظام العمرة في السعودية ناجح بكل المقاييس التي يصفها المسؤولون في وزارة الحج، لأنهم يطبقون تعليمات صارمة ضد شركات العمرة ووكلائها في الخارج، فضلاً عن العقوبات المالية وإلغاء التراخيص والوكالات، نتيجة المخالفات التي تحدث من هؤلاء، فإن جيش المتسولين الذين ينتشرون في شوارع مكة المكرمة وجدة وينبع والمدينه وبعض المدن السعودية، أقول بالتأكيد إن هؤلاء ليسوا معتمرين، وإلا لكانت جميع مكاتب العمرة تعرضت للإغلاق أو المعاقبة المالية، كما تفعلها دائماً وزارة الحج مع مكاتب العمرة حينما يتخلف احد من المعتمرين، ولا يغادر البلاد.

إذاً من أين أتوا هؤلاء؟ وما نوعية التأشيرة التي حصلوا عليها؟! هل من المعقول أن يكونوا قد حصلوا على تأشيرة متسول، أو تأشيرة زيارة الأقارب، أو حتى تأشيرة رجال أعمال؟! وإذا افترضنا أنهم حصلوا على تأشيرة عمرة، أليست هناك مكاتب عمرة ووكلاء لهم في الخارج يتحملون مسؤولية تأخير مغادرتهم؟

المنظر المؤلم ما يشاهده الزائر لمكة المكرمة والمدينة المنورة، وحتى في جدة هذا الجيش من المتسولين عند إشارات المرور وساحات الحرمين وغيرها من الأماكن، ينطلقون كالنحل عندما تضيء الإشارات الحمراء، إلى السيارات، بعضهم مقطوعة يده، والآخر يزحف على ركبتيه، أو كفيف، وطرق أخرى مختلفة من بينها حمل الأطفال أو روشتة دواء بحثاً عن المساعدة.

ونحن على مقربة من موسم الحج، بالتأكيد فإن المشهد سيتكرر، ومع ذلك لن يحرك هذا الموضوع ساكناً.

إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية، تشير إلى أن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم هم من الأجانب، إذ تتراوح نسبة السعوديين من المتسولين بين 17- 38 في المئة، بينما تتراوح نسبة الأجانب من المتسولين بين 62- 83 في المئة في إشارة واضحة للنسبة العالية التي يمثلها المتسولون الأجانب، إذ يستغلون التكافل والبر والرحمة التي يحض عليها الدين الإسلامي في استدرار العطف.

ونعود للتساؤل من جديد، هل هؤلاء إذاً حجاج قدموا بتأشيرة حج ولم يغادروا؟ ومرة أخرى يعود الاتهام إلى وزارة الحج المعنية بالموضوع، فمؤسسات الطوافة، لا تصرف مستحقاتها المالية، ما لم تثبت أن جميع حجاجها غادروا البلاد، فهل مؤسسات الطوافة لا تزال غير قادرة على كبح تدفق المتسولين؟

إذا كان لا هذا ولا ذاك، بالله عليكم أليس هذا الموضوع مثيراً للقلق؟ فمن أين أتى هؤلاء؟ هل يعقل أن يكونوا مخالفين لنظام الإقامة والكفالة، أو أولئك الذين هربوا من كفلائهم؟ لا أظن ذلك، فالمتسولون الذين نراهم في الشوارع والطرقات، أحوالهم بالفعل مزرية، أطفال معوقون ومشردون، ورجال مصابون بالإعاقة، ونساء بالفعل أحوالهن سيئة، وإذا كان بالفعل هؤلاء هاربون من كفلائهم، فأظن أنها كارثة، عظمى، لأن القطاع الخاص يحجم عن توظيف الشباب المعوقين السعوديين، فكيف الأصحاء منهم؟ وترتفع أصواتهم بالشكاوى حينما يطالبون بتوظيف السعوديين، فهل يعقل أن يكون هؤلاء أصلاً يعملون في منازل أو مؤسسات؟!

هناك مشكلة، ليس فقط في المتسولين، ولكن في التسيب، فكما نرى متسولين في كل مكان، فإن المنظر يتكرر في الباعة المتجولين، ومغسلي السيارات، وعمال المهن الحرة المنتشرين في الشوارع، لا ألوم أجهزة الجوازات السعودية أنها مقصرة في هذا الموضوع، أو المكاتب الثمانية لمكافحة التسول، فهذه القطاعات والعاملين فيها، ربما قد ملوا من الملاحقة المستمرة، فكلما قبضوا على مجموعة وفرحوا بهم، وهلل الناس أنهم قد تخلصوا من المتسولين أو عمالة غير نظامية، تظهر أعشاش وبيوت واستراحات يقيم فيها هؤلاء، ومن جديد ينتشر المتسولون في اليوم التالي في الشوارع والطرقات.

دعوني أسأل، ما يجمعه هؤلاء من مبالغ أو حاجيات كيف يحولونها إلى الخارج كسيولة مادية؟ وكم هي المبالغ؟! وما الطرق التي يسلكونها؟ ألستم معي أن الموضوع شائك ليس فقط متسولين وعمالة غير نظامية، أو هاربين من كفلائهم، فالموضوع اقتصادي بحت.

حسب دراسات اقتصادية فإن تحويلات العمالة الرسمية، وأقصد هنا التي لديها إقامة ويعملون في المؤسسات، يقارب سبعة ملايين عامل، تقدر بنحو 20 بليون دولار، ترى كم يحول هؤلاء المتسولون وغير النظاميين، هل يصل المبلغ إلى بليون أو أكثر أو أقل؟ لا نعلم! ومع ذلك فإن هذا الموضوع لا يزال يقلق الاقتصاديين والمراقبين، بالفعل مبلغ كبير، ويخرج بطريقة غير مشروعة.

كنت أظن أن هذا الموضوع قد يكون مهماً لوزارة المالية والاقتصاد الوطني، أو لوزارة التخطيط، أكثر من أن يكون مهماً لوزارة الشؤون الاجتماعية، أو إدارة الجوازات. بطئنا في التعامل معه أو معالجته، سيجعلنا نخسر الكثير ليس فقط اجتماعياً، ولكن أخلاقياً وأمنياً وحتى بالنسبة إلى سوق العمل، وإلا فإن الطريقة الوحيدة التي دخل بها هؤلاء، بعيداً عن المنافذ البرية والبحرية والجوية، هو أن العفاريت والجن قد أحضرتهم إلى هذه البلاد، مثلما يسارع الكثير من رجال الأعمال السعوديين إلى الاستعانة بالزئبق الأحمر وحراس الجن لزيادة أموالهم، إلا أن محاولتهم فشلت، وطار الجن بالمبالغ التي دفعوها، وعوضونا بدلاً منها بمتسولين وعمالة غير شرعية.